المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث 199/ 3/ 37 - عن أبي هريرة رضي الله - الإعلام بفوائد عمدة الأحكام - جـ ٥

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الزكاة

- ‌33 - باب الزكاة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌34 - باب صدقة الفطر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كتاب الصيام

- ‌35 - باب الصيام

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌36 - باب الصوم في السفر [وغيره]

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌37 - باب فضل الصيام وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌38 - باب ليلة القدر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌39 - باب الاعتكاف

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث 199/ 3/ 37 - عن أبي هريرة رضي الله

‌الحديث الثالث

199/ 3/ 37 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلات: "صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام"(1).

الكلام عليه من وجوه:

أحدها: قوله صيام هو مخفوض، وكذا ما بعده على البدل من ثلاث، ويجوز الرفع على إضمار المبتدأ، والأول أولى.

ثانيها: قوله: "أوصاني خليلي" هو إضافة تشريف، وقد سلف الكلام عليها في آخر كتاب الطهارة فراجعه.

ثالثها: فيه الحث على هذه الخصال الثلاث لقرينة الإِيصاء

(1) البخاري (1178، 1981)، ومسلم (721)، والطيالسي (2392)، والبيهقي (3/ 36، 47)(4/ 293)، وابن خزيمة (1222، 1223)، وأحمد (2/ 459)، والدارمي (2/ 18)، والنسائي (3/ 229)(4/ 218)، ووقع فيها رواية شاذة، وهي في طريق الحسن البصري "غسل الجمعة بدل صلاة الضحى". انظر: إرواء الغليل (4/ 101)، وأبو داود (1432) في الصلاة، باب: الوتر قبل النوم.

ص: 348

بها، وفي البخاري:"لا أدعهن"، ووصى عليه الصلاة والسلام[بها](1) أيضاً أبا الدرداء، كما أخرجه مسلم (2)، وأبا ذر، كما أخرجه النسائي (3)، وفي المحافظة عليها التمرين للنفس على النوافل المعينة من الصوم والصلاة، لكي يدخل في الواجب [منها](4) بانشراح واسترواح، ولينجبر بها ما يقع فيه من نقص. وفيه أيضاً إذهاب السيئات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وتضعيف الحسنات كما نبه عليه في الحديث السابق. فكأن صومها يعدل صيام [الدهر](5)، ولعل الحكمة فيه تحصيل العلم بالفرق بين أن يصوم الشهر تقديراً وتحقيقاً.

رابعها: اختلف في تعيين هذه الأيام الثلاثة، ففسره جماعة من الصحابة والتابعين بأيام البيض، منهم عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وأبو ذر، وبه قال أصحاب الشافعي، كما حكاه عنهم النووي في "شرح مسلم"(6).

لكن قال الروياني في "البحر": وإن صام ثلاثة غير أيام البيض فمستحب أيضاً، وهو كما قال.

واختار النخعي: آخر الشهر.

(1) في ن ب (بهذا).

(2)

مسلم (722).

(3)

النسائي (4/ 218)، وأحمد (5/ 173).

(4)

في ن ب د (منهما).

(5)

في ن ب د (الشهر).

(6)

شرح مسلم (8/ 52).

ص: 349

واختار آخرون: ثلاثة أيام من أوله منهم الحسن، و [اختارت] (1) عائشة وآخرون: صيام السبت والأحد والأثنين من شهر، ثم الثلاثاء والأربعاء، والخميس من الشهر الذي بعده.

واختار آخرون: الاثنين والخميس وفي حديث رفعه ابن عمر أول اثنين في الشهر وخميسان [بعده](2)، وعن أم سلمة أول خميس، والاثنان بعده ثم الاثنان.

وقيل: أول يوم من الشهر والعاشر والعشرون، وبه عمل أبو داود، وروي أنه صيام مالك بن أنس.

وروي عنه: كراهة صوم أيام البيض.

وقال ابن شعبان: أول يوم من الشهر والحادي عشر والحادي والعشرون.

خامسها: قوله "وركعتي الضحى"(3) فيه دلالة على استحبابها،

(1) في ن ب (واختار).

(2)

زيادة من ن ب د.

(3)

إنها تجزىء عن الصدقة، قال صلى الله عليه وسلم:"يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة إلى أن قال: ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى".

وأيضاً أنها من الغنائم الباردة وأن وقت فعلها غالباً ما يكون الناس في غفلة عن العبادة ولذا فإن فاعلها ينتصر على نفسه وشيطانه ويفوز برضى ربه. قال عبد الله بن عمرو بن العاص: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغنموا وأسرعوا الرجعة، فتحدث الناس بقرب مغزاهم، وكثرة غنيمتهم، وسرعة رجعتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة، وأوشك رجعة؟ من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى، =

ص: 350

وهو إجماع، وإنما نقل التوقف فيها عن ابن مسعود (1)، وابن عمر (2)، وقد جاء في الحث عليها أحاديث كثيرة قد أفردها

= فهو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة". أخرجه أحمد (2/ 175)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1/ 277).

إنها سبب لكفَّية الله لعبده، قال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه:"إن الله عز وجل يقول: يا ابن آدم اكفني أول النهار بأربع ركعات اكفك بهن آخر يومك". أخرجه أحمد من رواية عقبة بن عامر (4/ 153)، وصححه الألباني في الترغيب (1/ 278)، أن بصلاتها مع انتظار طلوع الشمس في المسجد يدرك الإِنسان فضل حجة وعمرة تامة تامة، كما وردت بذلك الأحاديث.

(1)

روى عبد الرزاق في مصنفه (3/ 80)، أن عبد الله بن مسعود كان لا يصلي الضحى، فعن قيس بن عبد قال:"اختلفت إلى ابن مسعود سنة فما رأيته مصلياً صلاة الضحى". وحكى الإِمام في المجموع (3/ 531)، عنه: أنه كان يرى صلاة الضحى بدعة -وهذا يخالف ما رواه ابن أبي شيبة عنه، أنه رأى قوماً يصلونها فأنكر عليهم، وقال: إن كان ولا بد ففي بيوتكم- فهو بهذا أجازها، ولكن على صفة تخالف ماشاهده هو، وأنكر عليهم بسببه. إما لكونهم يصلونها جماعة، أو غير ذلك. كما سيأتي في التعليق بعده.

(2)

كان ابن عمر إذا سئل عن سبحة الضحى قال: لا آمر بها، ولا أنهي عنها، ولقد أصيب عثمان وما أدري أحداً يصليها، وإنها لمن أحب ما أحدث الناس إليَّ. أخرجه عبد الرزاق (8/ 4868، 4869)، وصححه الحافظ في الفتح (3/ 52).

وأخرج البخاري (1175) عن مورق العجلي، قال: قلت لابن عمر رضي الله عنهما: أتصلي الضحى؟ قال: لا، قلت: فعمر؟ =

ص: 351

بالتصنيف الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وقد قيل: إنها الصلاة الوسطى، كما ذكرته في الحديث الخامس من باب المواقيت، وروى ابن أبي شيبة (1) في هذا الحديث:"وأن أصلي الضحى فإنها صلاة الأوابين"، وقد [ذكرت](2) حديثين في تعيين ما يقرأ فيها من الشرح الصغير لمنهاج النووي فراجعه منه (3).

= قال: لا، قلت: فأبو بكر؟ قال: لا، قلت: فالنبي؟ قال: لا أخاله.

قال ابن حجر في الفتح (3/ 53): وفي الجملة ليس في أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى، لأن نفيه محمول على عدم رؤيته، لا على عدم الوقوع في نفس الأمر، أو الذي نفاه صفة مخصوصة كما سيأتي نحوه في الكلام على حديث عائشة، قال عياض وغيره: إنما أنكر ابن عمر ملازمتها وإظهارها في المساجد وصلاتها جماعة، لا أنها مخالفة للسنة.

(1)

ابن أبي شيبة (2/ 408). وورد بلفظ آخر عنه: "لا يحافظ على صلاة الضحى إلَاّ أواب. قال: وهي صلاة الأوابين". أخرجه ابن خزيمة (2/ 228)، والحاكم (1/ 314) في صحيحهما، ووافقه الذهبي وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 239)، وابن عدي في الكامل (6/ 3205)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 366)، وحسنه المنذري في الترغيب (1/ 466)، والألباني في ابن خزيمة وفي صحيح الجامع (6/ 217)، وورد من رواية علي عند ابن أبي شيبة (2/ 408).

(2)

في ن ب (ذكر).

(3)

قال البيهقي في السنن الصغرى (1/ 488): وفي حديث ابن لهيعة بإسناده عن عقبة بن عامر قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي ركعتي الضحى بسورتيهما، بالشمس وضحاها، والضحى". شعب الإِيمان والدر المنثور (6/ 527)، وفتح الباري (3/ 55)، ذكره وسكت عنه.

ص: 352

وصح أنهما أعني ركعتي الضحى تجزىء عن الصدقات التي تصبح في كل يوم على مفاصل ابن آدم، وهو ثلاثمائة مفصل وستون كما أخرجه مسلم (1)، ولا شك أن عدد ركعات صلاة الضحى له أكثر؟ وأقل وأوسط وأكثره ثمان، وقيل: اثني عشر ركعة (2) ، وبه جزم في "المنهاج" تبعاً "للمحرر"، وهذا الحديث بيان لأقلها، وهو ركعتان والوسط ما بينهما، وله [درجات](3) منها أربع.

ولا شك في سنية صلاة الضحى كما قررناه، وعدم مواظبته عليه الصلاة والسلام لا يدل على عدم استحبابها، فإن الاستحباب بقوم بدلالة القول، وليس من شرط الحكم أن تتضافر عليه الأدلة، بل ما واظب صلى الله عليه وسلم عليه تترجح مرتبته على هذا وعلى ما لم يواظب عليه ظاهر.

نعم قال الماوردي من الشافعية (4): أنه لما صلاها يوم الفتح ثمان ركعات أنه آخر [مما](5) روي عنه من فعلها، وأنه واظب على

(1) مسلم في صلاة المسافرين (722)، وأبو داود في الصلاة، باب: صلاة الضحى (2/ 26، 27)(4/ 362)، وأحمد في المسند (5/ 167، 168).

(2)

انظر: كتاب الصلاة والتهجد لابن الخراط (248)، وتحفة المنهاج إلى أدلة المنهاج لابن الملقن (1/ 411)، والسنن الصغرى (1/ 488)، وفتح الباري (3/ 54).

(3)

زيادة من ن ب د.

(4)

الماوردي في الحاوي الكبير (2/ 286).

(5)

في ن ب د (ما).

ص: 353

ذلك إلى أن مات، وفيما قاله نظر، لأن أبا داود (1) روى عن

(1) مسلم (719)، وأبو داود (1242) في الصلاة، باب: صلاة الضحى، والترمذي (474)، وأخرج أيضاً الحديث (1579، 2734)، وفي الشمائل (156)، وابن ماجه (1379) من رواية عبد الله بن الحارث. انظر: فتح الباري (3/ 56).

وجمع ابن القيم -رحمنا الله وإياه- في زاد المعاد (1/ 336) الأقوال في صلاة الضحى فبلغت ستة:

الأول: مستبحة، واختلف في عددها، فقل: أقلها ركعتان، وأكثرها اثنتا عشرة، وقيل أكثرها ثمان، وقيل كالأول، لكن لا تشرع ستًّا ولا عشرة، وقيل كالثاني لكن لا تشرع ستًّا، وقيل ركعتان فقط، وقيل أربعاً فقط، وقيل لا حد لأكثرها.

القول الثاني: لا تشرع إلَاّ لسبب، واحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلَاّ بسبب، واتفق وقوعها وقت الضحى، وتعددت الأسباب: فحديث أم هانىء في صلاته يوم الفتح كان بسبب الفتح، وأن سنَّة الفتح أن يصلي ثمان ركعات، ونقله الطبري من فعل خالد بن الوليد، لما فتح الحيرة، وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى أنه صلى الله عليه وسلم صلَّى الضحى حين بشر برأس أبي جهل، وهذه صلاة شكر كصلاته يوم الفتح، وصلاته في بيت عتبان إجابة لسؤاله أن يصلي في بيته مكاناً يتخذه مصلى، فاتفق أن جاءه وقت الضحى، فاختصره الراوي فقال:"صلَّى في بيته الضحى"، وكذلك حديث بنحو قصة عتبان مختصراً. قال أنس:"ما رأيته صلَّى الضحى إلَاّ يومئذ"، وحديث عائشة:"لم يكن يصلي الضحى إلَاّ أن يجيء من مغيبه"، لأنه كان ينهي عن الطروق ليلاً فيقدم أول النهار فيبدأ بالسجد فيصلي وقت الضحى.

القول الثالث: لا تستحب أصلاً، وصح عن عبد الرحمن بن عوف أنه لم يصلها وكذلك ابن مسعود. =

ص: 354

عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى غير أم هانىء، فإنها أخبرت بها يوم فتح مكة، ولم يره أحد صلاهن بعد.

سادسها: النوم على الوتر تقدم الكلام عليه في الحديث الثاني من باب الوتر، [وهل](1) يقدمه أو يؤخره؟ وقد صح من حديث جابر الفرق بين من يثق من نفسه القيام آخر الليل فيؤخره وبين من لم يثق فيقدمه، كما أخرجه مسلم في صحيحه، فعلى هذا تكون وصيته عليه الصلاة والسلام هذه مخصوصة بمن حاله كحال

= القول الرابع: يستحب فعلها تارة وتركها تارة بحيث لا يواظب عليها، وهذه إحدى الروايتين عن أحمد، والحجة فيه حديث أبي سعيد:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى لا نقول يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها" أخرجه الحاكم، وعن عكرمة:"كان ابن عباس يصليها عشراً ويدعها عشراً"، وقال الثوري عن منصور:"كانوا يكرهون أن يحافظوا عليها كالمكتوبة"، وعن سعيد بن جبير: إني لأدعها وأنا أحبها مخافة أن أراها حتماً عليَّ.

القول الخامس: تستحب صلاتها والمواظبة عليها في البيوت، أي للأمن من الخشية المذكورة.

القول السادس: أنها بدعة صح ذلك من رواية عروة عن ابن عمر، وسئل أنس عن صلاة الضحى فقال:"الصلوات خمس"، وعن أبي بكرة أنه رأى أناساً يصلون الضحى فقال:"ما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عامة أصحابه".

انظر أيضاً: فتح الباري (3/ 54، 55)، والفتح الرباني (5/ 19، 40).

(1)

في ن ب (وهو).

ص: 355

أبي هريرة ومن وافقه.

سابعها: يؤخذ من الحديث استحباب وصية العالم أصحابه بالمندوبات وفعلها.

ثامنها: فيه شرعية الوتر، وقد سلف في بابه الخلاف في وجوبه، والكلام عليه واضحاً.

***

ص: 356