الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - باب الصيام
نفتتحه بمقدمات:
الأولى: في حقيقة الصيام لغة وشرعاً: وهو في اللغة: الإِمساك.
وفي الشرع: إمساك مخصوص، من شخص مخصوص، عن شيء مخصوص، في زمن مخصوص.
[الثانية](1): كان فرض رمضان في شعبان في السنة الثانية من الهجرة فصام عليه الصلاة والسلام تسع رمضانات، وأكثرها تسع وعشرون يوماً، كما جاء في [رواية](2) أبي داود (3) من حديث ابن مسعود.
الثالثة: اختلف في اشتقاق رمضان.
فقيل: إنه كان يوافق زمن الحر والقيظ مشتق من الرمضاء وهي
(1) في ن ب د (ثانيها)
…
إلخ المقدمات.
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
أبو داود (2225) في الصيام، باب: الشهر يكون تسعاً وعشرين، والترمذي (689).
الحجارة الحارة، لأن الجاهلية كانت تلبس في كل ثلاث سنين شهر، فيجعلون المحرم صفراً حتى لا تختلف شهورها في الحر والبرد، وذلك هو النسيء الذي حرم الله -تعالى- (1) وكذا ربيع في زمان الربيع، وجمادى في جمود الماء، فلما حرم النسيء اختلفت المشهور في ذلك.
[وقيل: لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها، وفيه حديث مرفوع عن أنس (2).
وقيل: غير ذلك] (3) وله عدة أسماء. وفي البزار (4) "سيد
(1) انظر: تفسير الطبري (14/ 240).
(2)
من رواية أنس: "تدرون لم يسمى شعبان؟ لأنه يتشعب فيه لرمضان خير كثير، وإنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب". قال ابن حجر: فيه أبو محمد حبان عن أنس وأسنده من وجه آخر يذكر رمضان فقط وفيه زيادات في ذكر ليلة القدر. اهـ. وعزاه في تنزيه الشريعة (2/ 160) لأبي الشيخ في "الثواب"، عن أنس قال: وفيه زياد بن ميمون.
وقد ورد أيضاً من رواية أبي سعيد في فردوس الأخبار (2/ 502): وقال ابن حجر في تسديد القوس: "أشده عن أبي سعيد"، وذكره العجلوني في كشف الخفاء (2/ 13)، وفي مختصر الترغيب والترهيب للقسطلاني (68)، ورواه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وعنه أحمد بن خلف، وعنه أبو منصور في كتابه مسند الفردوس، وقال: متصل الإِسناد.
(3)
في ن ب ساقطة.
(4)
كشف الأستار (1/ 457). قال البزار: يزيد فيه لين، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/ 140) مثله، والديلمي في الفردوس (2/ 462)، والبيهقي في شعب الإِيمان (7/ 242)، وقال: في إسناده ضعف. فضائل =
المشهور شهر رمضان، وأعظمها حرمة ذو الحجة".
[الرابع](1): اختلف في ابتداء فرض الصيام على ثلاثة أقوال:
أحدها: عاشوراء (2) قال البيهقي في كتابه فضائل الأوقات (3): والأصح أنه لم يجب قط.
وثانيها: أيام البيض (4) لقوله -تعالى-: {أَيَّامًا
= الأوقات له (335)، وانظر: المقاصد الحسنة (576)، وتمييز الطيب من الخبيث (724)، وكشف الخفاء (1504)، والشذرة (1/ 335)، وفيض القدير (4/ 122)، وضعيف الجامع (3/ 231).
(1)
في ن ب د (رابعها).
(2)
قال النحاس في الناسخ والمنسوخ (1/ 488): على آية الصيام، البقرة آية (186)، وفي هذه الآية خمسة أقوال. قال جابر بن سمرة:"وهي ناسخة لصوم يوم عاشوراء" ذهب إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصيام يوم عاشوراء، فلما فرض صيام رمضان نُسخ ذلك، فمن شاء صام يوم عاشوراء ومن شاء أفطره. اهـ. وحديثه في مسلم (1128)، وابن أبي شيبة (3/ 55)، والطحاوي (3/ 87)، والبيهقى في الصيام، باب: من زعم أن صوم يوم عاشوراء كان واجباً ثم نسخ وجوبه (4/ 287).
(3)
فضائل الأوقات (445).
(4)
لم يرد أنها أيام البيض حسب الكتب الي اطلعت عليها. وإنما ورد ثلاثة أيام بدون تقييد. قال النحاس في الناسخ والمنسوخ (1/ 489): وقال عطاء: "كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم" كتب عليكم صيام ثلاثة أيام من كل شهر، قال أبو جعفر: فهذان قولان على أن الآية ناسخة. اهـ. وقد ذكر الطبري في تفسيره (3/ 414) على قوله -تعالى-: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} ثم ساق أثر عطاء هذا إلى أن قال: وقال =
مَعْدُودَاتٍ} ثم نسخ بقوله -تعالي-: {شَهْرُ رَمَضَانَ} إلى قوله: {فَلْيَصُمْهُ} والأصح أن المراد بالمعدودات: أيام شهر رمضان لما في قوله -تعالى-: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} من الإِطلاق والإِبهام فتخصص وتبين بقوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ} فتكون الآية على هذا منسوخة.
وقيل: أول ما فرض الصوم كان المطيق مخيراً بين أن يصوم أو يهدي، والصوم أفضل، وذلك في قوله -تعالى-:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} (1)، ثم نسخ التخيير بقوله -تعالى-:
= آخرون: بل الأيام الثلاثة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومها قل أن يفرض رمضان، كان تطوعاً صومهن، وإنما عنى الله عز وجل بقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} أيام شهر رمضان، لا الأيام التي كان يصومهن قبل وُجوب فرض صوم شهر رمضان. اهـ.
وهذا اختيار المؤلف، وقد حقق الطبري القول في ذلك.
قال الطبري في تفسيره (3/ 417): وأولى الأقوال عندي بالصواب قول من قال: عنى الله -جل ثناؤه- بقوله: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} ، أيام شهر رمضان، وذلك أنه لم يأت خبر، تقوم به حجة، بأن صوماً فُرِض على أهل الإِسلام غير صوم رمضان، ثم نسخ بصوم شهر رضان، وأن الله -تعالى- قد بين في سياق الآية، أن الصيام الذي أوجبه -جل ثناؤه- علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات، بإبانته عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومها، بقوله:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} .اهـ.
(1)
قال الطبري في تفسيره (3/ 418): على قوله -تعالى-: {وَعَلَى الَّذِينَ =
{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} إذا تقررت هذه المقدمات فلنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول: ذكر المصنف رحمه الله في الباب ثمانية أحاديث:
…
= يُطِيقُونَهُ} في معناه، فقال بعضهم: كان ذلك في أول ما فرض الصوم، وكان من أطاقه من المقيمين صامه إن شاء، وإن شاء أفطره، وافتدى، فأطعم لكل يوم أفطره مسكيناً، حتى نُسخ ذلك. ثم ساق الأقوال في ذلك. اهـ.