الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع
192/ 7/ 36 - عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه"(1)، وأخرجه أبو داود وقال: هذا في النذر، وهو قول أحمد بن حنبل.
الكلام عليه من وجوه:
[الأول](2): وقع في شرح الشيخ تقي الدين (3) أمر غريب لا يليق بجلالته وهو أنه قال: ليس هذا الحديث مما اتفق الشيخان على إخراجه (4)، وتبعه على ذلك الفاكهي فقال: هذا الحديث ليس من شرط المصنف، إذ لم يتفق الشيخان على إخراجه، وإنما أخرجه مسلم، وأوقعه في ذلك كلام الشيخ المتقدم. والعجب أن البخاري
(1) البخاري (1952)، ومسلم (1147)، وأبو داود (2400) في الصوم، باب: فيمن مات وعليه صيام، وفي الأيمان والنذور (3311)، والبغوي (1773)، وأحمد (6/ 69)، والدارقطني (2/ 195)، والبيهقي (4/ 255)، والنسائي في الكبرى (2/ 175).
(2)
في ن ب د (أحدها).
(3)
في ن د (حاشية كنى عنه الشيخ تقي الدين ببعض الفضلاء المتأخرين).
(4)
انظر: إحكام الأحكام (3/ 377).
أخرجه في الباب المذكور باللفظ، وترجم عليه "باب من مات وعليه صيام"(1)، والظاهر أن هذا الوهم من الناقل عن الشيخ [فقد قال: هو في إلمامه، وقد أخرجه بلفظ:"من مات وعليه صوم صام عنه وليه"، متفق عليه، واللفظ للبخاري. والذي رأيته في البخاري "صيام" بدل "صوم"] (2).
الثاني: الولي: أصله من الوَلْي بسكون اللام وهو القرب والمختار أن المراد به هنا كل قريب.
وقيل: الوارث.
قال الرافعي: وهو الأشبه.
وقيل: العاصب ويبطله الحديث الآتي: "صومي عن أمك"(3) وهو يبطل احتمال ولاية المال أيضاً.
الثالث: أخذ بظاهر هذا الحديث جماعة منهم إسحاق، وأبو ثور (4)، وأهل الظاهر (5)، وحُكِيَ عن الحسن وطاوس والزهري وقتادة أيضاً، وهو أحد [قولي](6) ............
(1) فتح الباري (4/ 192)، وانظر أيضاً: حاشية العمدة للصنعاني (3/ 377)، وتصحيح العمدة للزركشي (103)، من مجلة الجامعة الإِسلامية عدد (75، 76).
(2)
زيادة من ن ب د.
(3)
سيأتي تخريجه.
(4)
انظر: فقه الإِمام أبي ثور (332).
(5)
المحلى (6/ 413).
(6)
في ن ب (قول).
الشافعي (1)، وحمله على النذر أحمد (2)، والليث، وأبو عبيد وإسحاق في رواية عنه، والمشهور من قولي الشافعي، وإليه ذهب الجمهور كما حكاه القاضي وغيره أنه لا [يصام](3) عن ميت لا نذر ولا غيره وهو الجديد من مذهبه، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر، وابن عباس وعائشة ورواية عن الحسن والزهري، وبه قال مالك وأبو حنيفة (4).
(1) المجموع (6/ 428).
(2)
المغني (3/ 143) للاطلاع على رأي ابن عباس رضي الله عنه وأحمد والليث وأبو عبيد وإسحاق.
(3)
في ن ب (يصوم).
(4)
قال ابن القيم -رحمنا الله وإياه- في تهذيب السنن (3/ 279): وعن ابن عباس قال: "إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يصح، أطعم عنه، ولم يكن عليه قضاء. وإن نذر قضى عنه وليه". وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ فقال: أرأيت لو كان على أمك دين قضيته، أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت: نعم. قال: فصومي عن أمك"، هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري نحوه.
وفي الصحيحين عنه أيضاً: "أن امرأة جاءت فقالت: يا رسول الله، إن أختي ماتت وعليها صيام شهرين متتابعين"، وذكر الحديث بنحوه. وفي صحيح مسلم عن بريدة قال:"كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة، فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية، وإنها ماتت: قال: وجب أجرك، وردها عيك الميراث. قالت: يا رسول الله، إنه كان عليها صوم شهر. أفأصوم عنها؟ قال: صومي عنها. قالت: يا رسول الله، إنها لم تحج، أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال البيهقي: فثبت بهذه الأحاديث جواز الصوم عن الميت. وقال الشافعي في القديم: قد ورد في الصوم عن الميت شيء، فإن كان ثابتاً صم عنه، كما يحج عنه. وقال في الجديد: فإن قيل: فهل روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحداً أن يصوم عن أحد؟ قيل: نعم، روي عن ابن عباس. فإن قيل: لم لا تأخذ به؟ قيل: حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: "نذر نذراً"، ولم يسمه، مع حفظ الزهري، وطول مجالسة عبيد الله لابن عباس، فلما جاء غيره: عن رجل عن ابن عباس بغير ما في حديث عبيد الله أشبه أن لا يكون محفوظاً.
وأراد الشافعي ما روى مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله: "أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إن أمي ماتت وعليها نذر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اقضه عنها"، وهذا حديث متفق عليه من حديث مالك وغيره عن الزهري، إلَّا أن في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس: "أن امرأة سألت"، وكذلك رواه الحكم بن عتيبة وسلمة بن كهيل عن مجاهد عن ابن عباس، وفي رواية عن مجاهد، وعطاء وسعيد بن جبير عن ابن عباس: "أن امرأة سألت"، ورواه عكرمة عن ابن عباس. ثم رواه بريدة بن حصيب عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فالأشبه أن تكون هذه القصة التي وقع فيها السؤال نصًّا غير قصة سعد بن عبادة التي وقع السؤال فيها عن النذر مطلقاً، كيف؟ وقد روي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح: النص على جواز الصوم عن الميت، قال: وقد رأيت بعض أصحابنا يضعف حديث ابن عباس، لما روي عن يزيد بن زريع عن حجاج الأحول عن أيوب بن موسى عن عطاء، عن ابن عباس أنه قال:"لا يصوم أحد عن أحد، ويطعم"، وما روي عنه في الإِطعام عمن مات، وعليه صيام شهر رمضان، وصيام شهر النذر. وضعف حديث عائشة بما روي عنها في امرأة ماتت وعليها الصوم. قالت:"يطعم عنها"، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي رواية عنها: "لا تصوموا عن موتاكم، وأطعموا عنهم" قال: وليس فيما ذكروا ما يوجد للحديث ضعفاً: فمن يجوز الصيام عن الميت يجوز الإِطعام عنه.
وفيما روي عنها في النهي عن الصوم عن الميت نظر، والأحاديث المرفوعة أصح إسناداً، وأشهر رجالاً. وقد أودعها صاحبا الصحيح كتابيهما، ولو وقف الشافعي على جميع طرقها وتظاهرها، لم يخالفها إن شاء الله.
وممن رأى جواز الصيام عن الميت: طاوس والحسن البصري والزهري وقتادة. آخر كلام البيهقي.
وقد اختلف أهل العلم فيمن مات وعليه صوم هل يقضي عنه على ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يقضي عنه بحال، لا في النذر ولا في الواجب الأصلي. وهذا ظاهر مذهب الشافعي، ومذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابه.
الثاني: أنه يصام عنه فيهما. وهذا قول أبي ثور، وأحد قولي الشافعي.
الثالث: يصام عنه النذر دون الفرض الأصلي. وهذا مذهب أحمد المنصوص عنه، وقول أبي عبيد والليث بن سعد، وهو المنصوص عن ابن عباس. روى الأثرم عنه أنه:"سئل عنها"، إنما هو في الفرض لا في النذر، لأن الثابت عن عائشة فيمن مات، وعليه صيام رمضان:"أنه يطعم عنه في قضاء رمضان، ولا يصام"، فالمنقول عنها كالمنقول عن ابن عباس سواء، فلا تعارض بين رأيها وروايتها. وبهذا يظهر اتفاق الروايات في هذا الباب، وموافقة فتاوى الصحابة لها، وهو مقتضى الدليل والقياس، لأن النذر ليس واجباً بأصل الشرع، وإنما أوجبه العبد على نفسه، فصار بمنزلة الدين الذي استدانه، ولهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم بالدين في حديث ابن عباس. والمسؤول عنه فيه: أنه كان صوم نذر، والدين تدخله =
وأجاب: المانعون عن الحديث بأوجه:
أحدها: أن مالكاً لم يجد عمل المدينة عليه، وهذا خاص بقاعدة مالك في ذلك.
ثانيها: أنه اختلف في إسناده واضطرب. قاله القرطبي والقاضي عياض: (1) إنما قاله في حديث ابن عباس الآتي وهو عذر
= النيابة. وأما الصوم الذي فرضه الله عليه ابتداء فهو أحد أركان الإِسلام. فلا يدخله النيابة بحال، كما لا يدخل الصلاة والشهادتين. فإن المقصود منها طاعة العبد بنفسه، وقيامه بحق العبودية التي خلق لها وأمر بها. وهذا لا يؤديه عنه غيره، كما لا يسلم عنه غيره، ولا يصلي عنه غيره. وهكذا من ترك الحج عمداً مع القدرة عليه حتى مات، أو ترك الزكاة فلم يخرجها حتى مات. فإن مقتضى الدليل وقواعد الشرع: أن فعلهما عنه بعد الموت لا يبرىء ذمته. ولا يقبل منه. والحق أحق أن يتبع.
وسر الفرق: أن النذر التزام المكلف لما شغل به ذمته، لا أن الشارع ألزمه به ابتداء، فهو أخف حكماً مما جعله الشارع حقّاً له عليه، شاء أم أبى، والذمة تسع المقدور عليه والمعجوز عنه. ولهذا تقبل أن يشغلها المكلف بما لا قدر له عليه، بخلاف واجبات الشرع. فإنها على قدره طاقة البدن، لا تجب على عاجز. فواجب الذمة أوسع من واجب الشرع الأصلي، لأن المكلف متمكن من إيجاب واجبات كثيرة على نفسه لم يوجبها عليه الشارع، والذمة واسعة، وطريق أداء واجبها أوسع من طريق أداء واجب الشرع، فلا يلزم من دخول النيابة في واجبها بعد الموت دخولها في واجب الشرع. وهذا يبين أن الصحابة أفقه الخلق، وأعمقهم علماً، وأعرفهم بأسرار الشرع ومقاصده وحكمه، وبالله التوفيق.
(1)
في ن ب زيادة (من).
باطل، كما سيأتي في الحديث بعده، وليس في الحديث اضطراب، وإنما فيه اختلاف يجمع بينه كما سيأتي.
ثالثها: أن البزار (1) رواه، وقال في آخره:"لمن شاء"، وهذا يدفع الوجوب الذي قالوا. قاله القرطبي: وقد نقل البغوي (2) والجويني من أصحابنا الاتفاق على عدم الوجوب، وإنما الخلاف في الجواز.
قال الشيخ تقي الدين (3): وفي هذا بحث، وهو أن الصيغة صيغة [خبر](4)، أعني "صام" فيمتنع الحمل على ظاهره، فينصرف إلى الأمر، ويبقى النظر في أن الوجوب متوقف على صيغة الأمر المعينة، وهي:"أفعل" مثلاً، أو يعمها مع ما يقوم مقامها، واعترض الفاكهي على القرطبي أيضاً فقال: إنما يعد هذا عذراً لمالك لو كان يجيز ذلك أعني الصوم عن الغير، وهو لا يصح عنده فلا ينبغي عده.
رابعها: أنه معارض قوله -تعالى-: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (5)، وبقوله -تعالى-: {وَأَنْ لَيْسَ
(1) كشف الاستار عن زوائد البزار (1/ 481). قال الهيثمي في الزوائد (3/ 179): هو في الصحيح خلا قوله: "إن شاء"، رواه البزار وإسناده حسن، والمؤلف قال:"لمن شاء"، ولفظه:"إن شاء".
(2)
انظر: شرح السنة (6/ 327).
(3)
انظر: إحكام الأحكام (3/).
(4)
في ن ب (غير)، وهو تصحيف.
(5)
سورة الأنعام: آية 164.
لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39)} (1) وفي هذه الآية أقوال من جملتها أنها منسوخة.
وخامسها: أنه معارض لحديث النسائي (2) عن ابن عباس مرفوعاً: "لا يصلِّ أحدٌ عن أحدٍ ولا يصوم أحدٌ عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مدًّا من حنطة"، وينظر في صحته.
وسادسها: أنه معارض للقياس الجلي، وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا يفعل عن من [وجب](3) عليه كالصلاة، ولا ينقض هذا بالحج لأن للمال فيه مدخلاً.
(1) سورة النجم: آية 39.
(2)
النسائي في الكبرى (2/ 175)، وذكره البيهقي في سننه (4/ 257) تعليقاً بقوله: وقد رأيت بعض أصحابنا يضعف حديث ابن عباس
…
إلخ. وقال صاحب الجوهر النقي في نفس الصفحة من السنن: إسناده على شرط الشيخين، إلَّا محمد بن عبد الأعلى فإنه على شرط مسلم. اهـ.
وقال الزيلعي في نصب الراية (2/ 463) بعد سياقه للحديث: قلت: غريب مرفوعاً، وروي موقوفاً على ابن عباس وابن عمر، ثم ساق المتن والإِسناد لكل واحد منهما.
قال ابن حجر في الفتح (4/ 194) بعد سياقه: إلَّا أن الآثار المذكورة عن عائشة وابن عباس فيها مقال. اهـ.
وقال أيضاً (11/ 584): أورده ابن عبد البر من طريقه موقوفاً ثم قال: والنقل في هذا عن ابن عباس مضطرب. اهـ.
وقال في تلخيص الحبير (2/ 209) بعد ما ذكر حديث ابن عباس: والحديث الصحيح أولى بالاتباع. اهـ.
(3)
في ن ب د (وجبت).
وسابعها: أنه مؤول على معنى إطعام الحي عن وليه إذا مات، وقد فرط في [الصوم، فيكون الإِطعام قائماً مقام الصيام، وهذا تأويل الماوردي (1) من أصحابنا](2) أن المراد "بالصيام""الإِطعام"، وقد جاء مثل ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام:"الصعيد الطيب وضوء المسلم"(3)، فسمي التراب وهو بدل باسم مبدله وهو الوضوء، ولا يخفى ما في ذلك، والأحاديث مصرحة بصيام الولي عنه، والحديث الوارد بالإِطعام عنه ضعيف (4)، فتعين القول بالصيام عنه (5)،
(1) الحاوي (40/ 314، 315). قال النووي -رحمنا الله وإياه- في المجموع (6/ 371)، وأما تأويل "الصيام""بالأطعام" فتأويل باطل يرده باقي الحديث.
(2)
في ن ب ساقطة.
(3)
سبق تخريجه في التيمم.
(4)
جاء من رواية ابن عمر رضي الله عنهما ولفظه: "من مات وعليه صوم رمضان، فليطعم عن كل يوم مسكيناً". أخرجه الترمذي (718)، وقال: حديث ابن عمر لا نعرفه مرفرعاً إلا من هذا الوجه، والصحيح عن ابن عمر أنه موقوف. البيهقي (4/ 254)، وقال: هذا هو الصحيح أنه موقوف على ابن عمر، وابن ماجه (1757)، والدارقطني (2/ 196)، والنووي في المجموع (6/ 367). قال: الصحيح أنه موقوف على ابن عمر. وأيضاً: جاء من رواية ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لا يصوم أحد عن أحد ويطعم عنه". وقد ضعفه النووي في المجموع (6/ 370)، ونقل تضعيف البيهقي له (4/ 257).
(5)
وهو قول البيهقي في السنن (4/ 257)، والنووي في المجموع (6/ 370).
وقد قال الشافعي: إن صح الحديث بالصوم قلت به، وقد صح كما بسطه البيهقي ولله الحمد، فلا محيد عنه. وهي لا تقتضي التخصيص بالنذر، كما قاله أحمد وغيره، بل هي عامة في كل صوم قضاءً وأداءً ونذراً، وقد ورد في بعض الروايات ما يقتضي الأذن عن من مات وعليه نذر يصوم، وليس ذلك بمقتضى للتخصيص بصورة النذر، وعلى تقدير ثبوت الإِطعام عنه فلا تنافي بينه وبين الأمر بالصوم، لأن من يقول به يجوّز الآخر. فالولي مخير بينهما.
الرابع: قد يؤخذ من الحديث أنه لا يصوم عنه الأجنبي، إما لأجل التخصيص في مناسبة الولاية لذلك أو لأن أصل عدم جواز النيابة في الصوم لكونه عبادة بدنية لا يدخلها النيابة في الحياة، فلا يدخلها بعد الموت كالصلاة، وإذا كان الأصل عدم [جواز](1) النيابة وجب أن يقتصر فيه على ما ورد في الحديث، ويجري في الباقي على العباس، وقد قال أصحاب الشافعي: لو أمر الولي أجنبيّاً بأن يصوم عنه بأجرة أو بغيرها جاز، كما في الحج فلو استقل به الأجنبي فالأصح المنع (2).
خاتمة: نقل القاضي عياض وغيره الإِجماع على أنه لا يصلى
(1) في ن ب (الجواز).
(2)
البخاري. الفتح (4/ 192): ذكر عن الحسن البصري أنه يجزئه. المجموع (6/ 371).
[عن](1) الميت، وأنه لا يصام عن الحي، وإنما الخلاف في الميت (2).
قلت: وفي الصلاة وجه غريب حكاه الجيلي، نعم في البخاري (3):"من مات وعليه نذر": "أن ابن عمر أمر من ماتت أمها وعليها صلاة أن تصلي [عنها] (4) "(5).
(1) في ن ب (على).
(2)
إكمال إكمال المعلم (3/ 262)، والمجموع (6/ 371).
(3)
البخاري: كتاب الأيمان والنذور، باب: من مات وعليه نذر (11/ 583).
(4)
في الأصل (عليها)، وما أثبت من ن ب د.
(5)
ومن رواية ابن عباس أيضاً وصله مالك في الموطأ (2/ 472). قال ابن حجر في الفتح (11/ 584).
تنبيه: ذكر الكرماني أنه وقع في بعض النسخ: "قال صلِّ عليها"، ووجه بأن "على" بمعنى "عن" على رأي قال: أو الضمير راجع إلى قباء.
سئل شيخ الإِسلام -رحمنا الله وإياه- (25/ 269): عن الميت في أيام مرضه أدركه شهر رمضان، ولم يكن يقدر على الصيام، وتوفي وعليه صيام شهر رمضان، وكذلك الصلاة مدة مرضه، ووالديه بالحياة، فهل تسقط الصلاة والصيام عنه إذا صاما عنه وصليا؟ إذا أوصى، أو لم يوص؟
فأجاب: إذا اتصل به المرض، ولم يمكنه القضاء، فليس على ورثته إلَّا الإِطعام عنه. وأما الصلاة المكتوبة، فلا يصلَّ أحد عن أحد، ولكن إذا صلى عن الميت واحد منهما تطوعاً، وأهداه له، أو صام عنه تطوعاً وأهداه له، نفعه ذلك، والله أعلم.
وقال ابن أبي عصرون (1): ليس في الحديث ما يدل على أن ثوابها لا يصل إليه، ولا في القياس ما يمنع منه. وروي في الصلاة عن الوالدين أخبار لم تشتهر.
…
(1) هو عبد الله بن محمد بن هبة الله أبو سعيد التميمي الموصلي وكان مولده في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة، وتوفي في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمسمائة، الروضتين (2/ 673)، والكامل (12/ 42)، والدارس (1/ 399، 403).