المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - باب العمل في القضاء والخوف منه - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٤

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌10 - باب عشرةِ النِّساءِ وما لكلِّ واحدةِ من الحقوقِ

- ‌11 - باب الخُلعِ والطلاقِ

- ‌12 - باب المُطلَّقَةِ ثلاثًا

- ‌فصل

- ‌13 - باب اللِّعَانِ

- ‌14 - باب العِدَّة

- ‌15 - باب الاستبراء

- ‌16 - باب النَّفقاتِ وحَقّ المَملوكِ

- ‌17 - باب بلوغِ الصَّغيرِ وحضانتهِ في الصِّغَرِ

- ‌13 - كِتابُ العِتِقْ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب إعتاقِ العَبْدِ المُشتَرَك وشراءِ القريبِ والعتقِ في المَرَضِ

- ‌3 - باب الأيمانِ والنذورِ

- ‌فصل في النُّذورِ

- ‌14 - كِتَابُ القِصَاص

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب الدِّيَاتِ

- ‌3 - باب ما لا يُضْمَنُ من الجنايات

- ‌4 - باب القَسامة

- ‌5 - باب قتلِ أهل الرِّدةِ والسّعاةِ بالفسادِ

- ‌15 - كتاب الحدود

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب قطع السرقة

- ‌3 - باب الشَّفاعةِ في الحُدودِ

- ‌4 - باب حدَّ الخمرِ

- ‌5 - باب لا يُدْعى على المَحدودِ

- ‌6 - باب التَّعْزيرِ

- ‌7 - باب بيانِ الخَمْرِ ووعيدِ شاربها

- ‌16 - كِتابُ الإِمَارَة وَالقَضَاءِ

- ‌1 - باب مِنَ الصِّحَاحِ:

- ‌2 - باب ما على الوُلاةِ من التيسيرِ

- ‌3 - باب العَملِ في القضاءِ والخَوفِ منهُ

- ‌4 - باب رزقِ الوُلاةِ وهداياهم

- ‌5 - باب الأقضيةِ والشَّهاداتِ

- ‌17 - كِتابُ الجِهَاد

- ‌2 - باب إعدادِ آلةِ الجِهادِ

- ‌3 - باب آدابِ السَّفَرِ

- ‌4 - باب الكتابِ إلى الكُفَّارِ ودعائِهم إلى الإسلامِ

- ‌5 - باب القِتالِ في الجهادِ

- ‌6 - باب حُكْمِ الأُسارىَ

- ‌7 - باب الأمانِ

- ‌8 - باب قِسْمَةِ الغنائمِ والغُلولِ فيها

- ‌9 - باب الجزية

- ‌10 - باب الصُّلحِ

- ‌11 - باب الجلاء: إخراجِ اليهودِ من جزيرةِ العَرَبِ

- ‌12 - باب الفَيْء

- ‌18 - كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِح

- ‌2 - باب (باب ذكر الكلب)

- ‌3 - باب ما يحلّ أكلُه وما يحرُمُ

- ‌4 - باب العقِيقةِ

- ‌19 - كِتابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌2 - باب الضيافَةِ

- ‌فصل

- ‌3 - باب الأشرِبةِ

- ‌4 - باب النَّقيعِ والأنبذةِ

- ‌5 - باب تغطيةِ الأواني وغيرِها

الفصل: ‌3 - باب العمل في القضاء والخوف منه

إما على وجه التأكيد، وإما لأنه أراد بالأولى ما هو أخفُّ مؤونةً من الثانية، وبالثانية ما هو أضعفُ، وعلى هذا الثالثة.

"وفي رواية: أغلق الله أبواب السماء دون خلَّته وحاجته ومسكنته".

* * *

‌3 - باب العَملِ في القضاءِ والخَوفِ منهُ

(باب العمل في القضاء والخوف منه)

مِنَ الصِّحَاحِ:

2808 -

عن أبي بَكْرَةَ قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَقْضيَنَّ حَكَمٌ بيْنَ اثنينِ وهو غَضبانُ".

"من الصحاح":

" عن أبي بكرة أنه قال: سمعت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: لا يقضين حكم (1) بين اثنين وهو غضبان": لأنه لا يقدر على الاجتهاد والتفكير في مسألة الخصمين.

* * *

2809 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حَكَمَ الحاكمُ فاجْتَهَدَ فأصابَ فلهُ أجرانِ، وإذا حكمَ فاجتَهَدَ فأَخطأَ فلهُ أَجْرٌ واحدٌ".

"عن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:

(1) في "ت": "أحدكم".

ص: 273

إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب"؛ أي: وقع اجتهادُه موافقاً لحكم الله.

"فله أجران" أجر الإصابة، وأجر الاجتهاد.

"وإذا حكم فاجتهد فاخطأ فله أجر واحد" وهو أجر الاجتهاد، وإنما يؤجَر المجتهد المخطئ على اجتهاده في طلب الحق؛ لأن اجتهاده عبادة، وليس عليه مع خطئه إثم.

وهذا في جامعٍ لشرائط الاجتهاد المذكورة في الأصول، وأما غيرُه فغيرُ معذورِ الخطأ، بل يُخاف عليه أعظم الإثم.

* * *

مِنَ الحِسَان:

2810 -

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن جُعِلَ قاضياً بينَ النَّاسِ فقد ذُبحَ بغيرِ سِكِّينٍ".

"من الحسان":

" عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من جُعل قاضياً بين الناس فقد ذُبح بغير سكين" وإنما عدل عن الذبح بالسكين إلى غيره؛ ليعلم الصرف عن الظاهر من هلاك المرء في دينه دون بدنه، أو المراد أنه كالمذبوح بغير سكين في التعذيب مبالغةً في التحذير من الحكومة، إذ الذبحُ بغيرها أشدُّ تعباً ومشقة.

ويمكن أن يقال: المراد منه: أن مَن جُعل قاضياً فينبغي أن يموت جميع دواعيه الخبيثة، وشهواته الردية، فهو مذبوحٌ بغير سكين، فالقضاء على هذا الوجه مرغوبٌ فيه، وعلى الوجهين الأولين تحذيرٌ عن الحرص عليه لمَا فيه من الأخطار الردية.

* * *

ص: 274

2811 -

وقال: "مَن ابتغَى القضاءَ وسألَهُ وُكِلَ إلى نَفْسِه، ومَن أُكْرِهَ عليهِ أَنزَلَ الله عليهِ ملَكاً يُسدِّدُه".

"عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من ابتغى"؛ أي: طلب "القضاء وسأل": بميل نفسِه إلى المنصب.

"وُكل إلى نفسه"؛ أي: لم يعنه الله؛ لأنه اتَّبع هوى نفسه.

"ومن كره عليه أنزل الله عليه ملكاً يسدِّده"؛ أي: يحمله على الصواب.

* * *

2812 -

وقال: "القضاةُ ثلاثةٌ: واحدٌ في الجنَّةِ، واثنانِ في النَّارِ، فأمَّا الذي في الجنَّةِ: فرَجُلٌ عَرَفَ الحقَّ فقَضَى بهِ، ورَجُلٌ عرفَ الحقَّ فَجارَ في الحُكْم فهوَ في النَّارِ، ورَجُلٌ قضَى للنَّاسِ على جهل فهوَ في النَّارِ".

"عن أبي بردة الأسلمي - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: القضاة ثلاثةً واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار"؛ أي: ظلم "في الحكم، فهو في النار، ورجلٌ قضى للناس على جهلٍ فهو في النار".

* * *

2813 -

وقال: "مَن طلَبَ قضاءَ المسلمينَ حتى ينالَهُ، ثم غلبَ عدلُه جَوْرَهُ فلهُ الجنَّةُ، ومَن غلبَ جَوْرُهُ عدلَهُ فلهُ النَّارُ".

"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب"؛ أي: قوي.

ص: 275

"عدلُه جورَه" بحيث منعه عن الجور؛ أي: الظلم في الحكم.

"فله الجنة، ومن غلب جورُه عدلَه" بحيث يمنعه عن العدل "فله النار".

فإن قيل: قوله: (حتى يناله) غايةٌ للطلب يُفهم منه أنه بالَغَ في الطلب ثم ناله، فمثلُ هذا موكلٌ إلى نفسه ولا ينزل عليه ملكٌ يسدده، فكيف يغلب عدلُه جورَه؟

يمكن أن يقال: بأن الطالب قد يكون مؤيَّداً بتأييد الله كالصحابة والتابعين، فمَن طلب منهم بحقه لا يكون موكلاً إلى نفسه، وهو يقضي بالحق، وقد لا يكون مؤيَّداً، وهو الذي يكون موكلاً إلى نفسه ويغلبُ جورُه عدلَه.

* * *

2814 -

عن معاذِ بن جَبلٍ رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا بعثَهُ إلى اليمنِ قال: "كيفَ تقضي إذا عَرضَ لكَ قضاءٌ؟ "، قال: أقضي بكتابِ الله، قال:"فإنْ لم تَجدْ في كتابِ الله؟ "، قال: فبسُنَّةِ رسولِ الله، قال:"فإنْ لم تَجدْ في سُنَّةِ رسولِ الله؟ "، قال: أَجتهِدُ رأيي ولا آلو، قال: فضربَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على صدرِهِ وقال: "الحمدُ للهِ الذي وَفَّقَ رسولَ رسولِ الله لِما يُرضي رسولَ الله".

"عن معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه -: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال: كيف تقضي إذا عرض عليك قضاءٌ؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسُنَّة رسول الله، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي"؛ أي: أطلب تلك الواقعة بالقياس على المسائل التي جاء فيها نصٌّ، فإن وجدتُ مشابهةً بين تلك الواقعة وبين المسألة التي جاء فيها نصٌّ، أَحْكُمُ فيها بمثل المسألة التي جاء فيها نص لمَا بينهما من المشابهة.

ص: 276

"ولا آلو"؛ أي: لا أقصِّر في الاجتهاد وبلوغِ الوسع منه في طلب الحق.

"قال: فضرب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم " وهذا يدل على جواز الاجتهاد وحُجِّية القياس.

* * *

2815 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما أقضي بينَكم برَأْيي فِيمَا لم يُنْزَلْ عليَّ فيهِ".

"وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل عليَّ فيه" وهذا يدل على جواز الاجتهاد للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم.

* * *

2816 -

وقال عليٌّ رضي الله عنه: بَعثَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمنِ قاضياً، فقلتُ: يا رسولَ الله! تُرسِلُني وأنا حديثُ السنِّ ولا عِلْمَ لي بالقضاء! فقال: "إنَّ الله تعالى سيَهدي قلبَكَ وَيُثَبتَ لِسانَك، إذا تَقاضَى إليكَ رجلانِ فلا تَقْضِ للأولِ حتى تسمعَ كلامَ الآخَرِ، فإنَّه أَحْرَى أنْ يتبيَّنَ لكَ القضاءُ"، قال: فما شكَكْتُ في قضاءٍ بَعْدَهُ.

"عن علي - كرم الله وجهه - أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى اليمن قاضياً، فقلت: يا رسول الله! ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء؟ " لا يريد به نفي العلم مطلقاً؛ لأن علياً كان كثير العلم، بل المراد أنه لم يكن تُرفع إليه القضايا والأحكام، ولم يكن مشتغلاً بفصل الخصومات وكيفية دفع كلام الخصمين؛ لأنه ربما يَمكُر أحدهما الآخر بكلام أو

ص: 277