المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌16 - باب النفقات وحق المملوك - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٤

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌10 - باب عشرةِ النِّساءِ وما لكلِّ واحدةِ من الحقوقِ

- ‌11 - باب الخُلعِ والطلاقِ

- ‌12 - باب المُطلَّقَةِ ثلاثًا

- ‌فصل

- ‌13 - باب اللِّعَانِ

- ‌14 - باب العِدَّة

- ‌15 - باب الاستبراء

- ‌16 - باب النَّفقاتِ وحَقّ المَملوكِ

- ‌17 - باب بلوغِ الصَّغيرِ وحضانتهِ في الصِّغَرِ

- ‌13 - كِتابُ العِتِقْ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب إعتاقِ العَبْدِ المُشتَرَك وشراءِ القريبِ والعتقِ في المَرَضِ

- ‌3 - باب الأيمانِ والنذورِ

- ‌فصل في النُّذورِ

- ‌14 - كِتَابُ القِصَاص

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب الدِّيَاتِ

- ‌3 - باب ما لا يُضْمَنُ من الجنايات

- ‌4 - باب القَسامة

- ‌5 - باب قتلِ أهل الرِّدةِ والسّعاةِ بالفسادِ

- ‌15 - كتاب الحدود

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب قطع السرقة

- ‌3 - باب الشَّفاعةِ في الحُدودِ

- ‌4 - باب حدَّ الخمرِ

- ‌5 - باب لا يُدْعى على المَحدودِ

- ‌6 - باب التَّعْزيرِ

- ‌7 - باب بيانِ الخَمْرِ ووعيدِ شاربها

- ‌16 - كِتابُ الإِمَارَة وَالقَضَاءِ

- ‌1 - باب مِنَ الصِّحَاحِ:

- ‌2 - باب ما على الوُلاةِ من التيسيرِ

- ‌3 - باب العَملِ في القضاءِ والخَوفِ منهُ

- ‌4 - باب رزقِ الوُلاةِ وهداياهم

- ‌5 - باب الأقضيةِ والشَّهاداتِ

- ‌17 - كِتابُ الجِهَاد

- ‌2 - باب إعدادِ آلةِ الجِهادِ

- ‌3 - باب آدابِ السَّفَرِ

- ‌4 - باب الكتابِ إلى الكُفَّارِ ودعائِهم إلى الإسلامِ

- ‌5 - باب القِتالِ في الجهادِ

- ‌6 - باب حُكْمِ الأُسارىَ

- ‌7 - باب الأمانِ

- ‌8 - باب قِسْمَةِ الغنائمِ والغُلولِ فيها

- ‌9 - باب الجزية

- ‌10 - باب الصُّلحِ

- ‌11 - باب الجلاء: إخراجِ اليهودِ من جزيرةِ العَرَبِ

- ‌12 - باب الفَيْء

- ‌18 - كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِح

- ‌2 - باب (باب ذكر الكلب)

- ‌3 - باب ما يحلّ أكلُه وما يحرُمُ

- ‌4 - باب العقِيقةِ

- ‌19 - كِتابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌2 - باب الضيافَةِ

- ‌فصل

- ‌3 - باب الأشرِبةِ

- ‌4 - باب النَّقيعِ والأنبذةِ

- ‌5 - باب تغطيةِ الأواني وغيرِها

الفصل: ‌16 - باب النفقات وحق المملوك

السَّبْيِ حتى يستبرِئَها، ولا يَحِلُّ لامرئٍ يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ أنْ يَبيعَ مَغْنمًا حتى يُقْسَمَ".

"وعن رويفع بن ثابت الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين: لا يحل لامرئ يؤمن بالله" صفة لـ (امرئ)، "واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره؛ يعني: إتيان الحبالى" شبه عليه السلام الولد إذا علق بالرحم بالزرع إذا نبت ورسَخ في الأرض.

"ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي"؛ أي: يجامعها "حتى يستبرأها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنمًا"؟ أي: شيئًا من الغنيمة "حتى يقسم".

* * *

‌16 - باب النَّفقاتِ وحَقّ المَملوكِ

مِنَ الصِّحَاحِ:

2496 -

عن عائشةَ رضي الله عنها: أن هِندًا بنتَ عتبةَ قالت: يا رسولَ الله! إنَّ أَبا سُفيانَ رجلٌ شَحِيحٌ، وليسَ يُعطيني ما يَكفيني وولدي إلا ما أَخذتُ منه وهوَ لا يَعلم، فقال:"خُذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ".

(باب النفقات وحق المملوك)

"من الصحاح":

" عن عائشة: أن هندًا بنت عتبة قالت: يا رسول الله عليه السلام إن أبا سفيان رجل شحيح" من الشح وهو البخل مع حرص "وليس يعطيني ما

ص: 62

يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم" فيه دليل على جواز ذكر المرء ببعض ما فيه من العيوب للحاجة، "فقال: خذي ما يكفيك وولدك"؛ أي: قدر نفقتك ونفقة ولدك "بالمعروف" وهو ما يعرفه الشرع ويأمر به، فيه دليل على أن النفقة بقدر الكفاية.

* * *

2497 -

وقال: "إذا أَعْطَى الله أحدكم خيرًا فليَبدَأْ بنفسِه وأهلِ بيتِهِ".

"عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعطى الله أحدكم خيرًا"؛ أي: مالًا "فليبدأ بنفسه" بالإنفاق، فلينفق عليها من ذلك الخير "وأهل بيته" من زوجته وأولاده.

* * *

2498 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "للمَمْلوكِ طَعامُه وكِسوتُه، ولا يُكلَّفُ مِن العملِ إلا ما يُطيقُ".

"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: للمملوك طعامه"؛ أي: يجب على السيد نفقة رقيقه قدر ما يكفيه "وكسوته" بقدر حاجته، "ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق"؛ أي: لا يأمره بالأعمال الشاقة إلا ما يطيق الدوام عليه لا ما يطيق يومين أو ثلاثة ثم يعجز.

* * *

2499 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إخوانُكم خَوَلُكُم، جَعلَهم الله تحتَ أيديكُم، فمن جَعلَ الله أخاهُ تحتَ يديهِ فليُطعِمْهُ مما يأكلُ، وليُلبسْهُ مما يلبَسُ، ولا يُكلِّفُهُ من العملِ ما يَغلِبُه، فإنْ كلَّفَه ما يَغلِبُه فلْيُعِنْهُ عليهِ".

ص: 63

"عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إخوانكم"؛ أي: مماليككم إخوانكم "جعلهم الله تحت أيديكم"؛ أي: محكومين لكم، "فمن جعل الله أخاه تحت يديه فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس"، وهذا خطاب مع العرب الذين لبوس عامتهم وأطعمتهم متقاربة يأكلون الخشن ويلبسون الخشن، فأما من خالف معاشه معاشهم ومعاش السلف بأن أكل رقيق الطعام ولبس جيد الثياب، فلو أسني رقيقه كان أحسن، وإلا فليس عليه إلا ما هو المعروف من نفقة أرقاء بلده وكسوتهم، "ولا يكلفه من العمل ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه عليه".

* * *

2500 -

وعن عبد الله بن عَمرٍو رضي الله عنهما: جاءه قَهْرَمانٌ له، فقالَ: أَعطيتَ الرَّقيقَ قوتَهم؟ قال: لا، قال: فانطلِقْ فأَعطِهم فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "كَفَى بالمرءِ إثمًا أنْ يَحبسَ عَمَّن يملكُ قُوْتَه".

وفي روايةٍ: "كفى بالمرءِ إثمًا أنْ يُضَيعَ مَن يَقُوتُ".

"عن عبد الله بن عمرو: جاءه قهرمان له" وهو فارسي معرب معناه: القائم بأمور الرجل كوكيله وخازنه وحافظ تحت يده "فقال له: أعطيت الرقيق قوتهم قال: لا، قال فانطلق فأعطهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوته"؛ أي: يعطي قوته، والمراد: من يلزمه نفقته، وهذا يدل على أنه لا يتصدق بما لا يفضل عن قوت الأهل يلتمس به الثواب لأنه ينقلب إثمًا، ويحتمل أن يراد به: أن يضيع أمر من يقوته وهو الباري تعالى الذي يقوت الخلائق.

"وفي رواية: كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته" نصب بـ (يحبس)، والضمير فيه لـ (من)، معناه: لو لم يكن له إثم إلا إثم منع القوت

ص: 64

عن المماليك والعيال أو تأخير قوتهم عن وقت حاجتهم = لكفاه ذلك الإثم.

* * *

2501 -

وقال: "إذا صنعَ لأحدِكم خادِمُهُ طعامَه ثم جاءَه بهِ، وقد وَليَ حَرَّهُ ودُخانَه فليُقعِدْه معَه فليأكلْ، فإنْ كانَ الطَّعامُ مَشفُوهًا قليلًا، فليَضَعْ في يدِه منهُ أُكْلةً أو أُكُلَتَيْنِ".

"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صنع"؛ أي: فعل "لأحدكم خادمه طعامًا ثم جاءه به"؛ أي: بذلك الطعام "وقد ولي" أي: قرب، أو بمعنى تولى "حره ودخانه" في طبخ ذلك الطعام، "فليقعده معه فيأكل، فإن كان الطعام مشفوهًا" وهو الطعام الذي كثرت عليه الأيدي "قليلًا" بيان لقلة الطعام "فليضع في يده منه أكلة" بضم الهمزة؛ أي: لقمة، "أو أكلتين"؛ أي: لقمتين.

* * *

2502 -

وقال: "إنَّ العبدَ إذا نَصَحَ لسيدِه وأحسنَ عبادَةَ الله فلهُ أجرُهُ مَرَّتينِ"

"وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا نصح لسيده"؛ أي: أراد له خيرًا، "وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين" مرة لطاعة ربه ومرة لطاعة سيده.

* * *

2503 -

وقال: "نِعِمَّا للمَمْلوكِ أنْ يَتَوفَّاهُ الله يُحْسِنُ عبادَةَ ربه وطاعةَ سيدهِ نِعِمَّا لهُ".

ص: 65

"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعما" أصله: نعم ما فأدغم وكسر العين للساكنين، وفاعل (نعم) مستتر فيه، و (ما) بمعنى: شيئًا مسفر للفاعل نصب على التمييز؛ أي: نعم الشيء شيئًا "للمملوك" والمخصوص بالمدح التوفي في قوله: "أن يتوفاه الله" يقال: توفاه؛ أي: قبض روحه "يحسن عبادة ربه " جملة حالية عن الضمير المنصوب في (يتوفاه)؛ يعني: موته في حال حسن عبادة ربه، "وطاعة سيده نعما له" كرر للمبالغة.

* * *

2504 -

وقال: "أيُّما عبدٍ أَبَقَ فقد بَرِئَتْ منهُ الذِّمَّةُ".

"وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أبق العبد" من مولاه "لم تقبل له صلاة"؛ يعني: كمال صلاته.

* * *

2505 -

وقال: "أيُّما عبدٍ أَبَقَ من مواليهِ فقدْ كَفَرَ حتى يرجعَ إليهم".

"وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما عبد أبق": (أيما) للشرط مبتدأ و (ما) زائدة للتأكيد و (أبق) خبره، وجواب الشرط قوله:"ففد برئت منه الذمة"؛ أي: ذمة الإيمان وعهده، فيحمل الحديث على كونه مستحلًا للإباق، ويجوز أن يراد بها الحرمة؛ يعني: يخرج العبد الآبق عن احترام المسلمين فلا يجعل أحد بينه وبين سيده في عقوبته الجائزة على إباقه.

* * *

2506 -

وقال: "إذا أَبَقَ العبدُ لم تُقبَلْ له صلاةٌ".

"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر" أي:

ص: 66

كفران نعمة المولى "حتى يرجع إليهم".

* * *

2507 -

وقال: "مَن قَذَفَ مَملوكَهُ وهو بريءٌ مما قالَ، جُلِدَ يومَ القيامَةِ، إلا أنْ يكونْ كما قال".

"وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قذف مملوكه"؛ أي: رماه بالزنا "وهو" الواو فيه للحال؛ أي: المملوك "بريء مما قال" ضمير الفاعل راجع إلى من "جلد يوم القيامة"؛ أي: ضرب حده في الآخرة.

"إلا أن يكون"؛ أي: المملوك "كما قال" فلا يجلد في الآخرة، قال الطِّيبي: هذا الاستثناء مشكل لأن قوله: (وهو بريء) يأباه، اللهم إلا أن يؤول ويقال: وهو بريء؛ أي: في اعتقاده.

* * *

2508 -

وقال: "مَن ضَرَبَ غلامًا له حدًّا لم يَأْتِهِ، أو لَطَمَه، فإنَّ كفَّارتَه أنْ يُعتِقَهُ".

"وقال ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ضرب غلامًا له حدًا" مفعول له "لم يأته"؛ أي: لم يأت موجب ذلك الحد، "أو لطمه"؛ أي: ضرب وجهه بباطن الكف، "فإن كفارته أن يعتقه"؛ يعني: إثم ذلك الضرب يمحو بإعتاقه.

* * *

2509 -

عن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال: كنتُ أَضرِبُ غلامًا لي فسمعتُ مِن خلفي صَوْتًا: "اعلمْ أَبا مسعودٍ! لَلَّهُ أَقْدَرُ عليكَ منكَ عليهِ"،

ص: 67

فالتَفَتُّ، فإذا هوَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقلتُ: يا رسولَ الله! هوَ حُرٌّ لوجهِ الله، فقالَ:"أَما لَو لَمْ تفعلْ للفَحَتْكَ النارُ، أَوْ لَمَسَّتْكَ النارُ".

"عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: كنت أضرب غلامًا لي، فسمعت من خلفي صوتًا: اعلم أبا مسعود"؛ أي: يا أبا مسعود "لله" مبتدأ للام الابتداء وخبره "أقدر عليك منك عليه"؛ يعني: قدرة الله عليك أتم وأبلغ وأشد من قدرتك على عبدك.

"فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! هو حر لوجه الله تعالى، فقال: أما" حرف تنبيه "لو لم تفعل" ذلك التحرير كفارة لضربك "للفحتك النار"؛ أي: أحرقتك، "أو لمستك النار" شك من الراوي.

* * *

مِنَ الحِسَان:

2510 -

عن عمروِ بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجلٌ فقال: إنَّ لي مالًا وإنَّ والِدي يحتاجُ إلى مالي، فقال:"أنتَ ومالُكَ لوالِدِكَ، إنَّ أَولادكم مِن أطيبِ كَسبكم، كُلوا مِن كسبِ أولادِكم".

"من الحسان":

" عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي مالًا، وإن والدي يحتاج إلى مالي، فقال: أنت ومالك لوالدك"، وفي بعض:"لأبيك" لأنه أصل وجودك، وأنت خلقت من مائه، فحينئذ يجب عليك نفقته.

"إن أولادكم من أطيب"؛ أي: أحلى "كسبكم" من الطيب وهو الحلال، "كلوا من كسب أولادكم"، وهذا يدل على أنه إذا لم يكن للولد مال وله كسب:

ص: 68

يلزمه الكسب للإنفاق على والده، وقيل: يده مبسوطة في مال ولده يأخذ منه ما شاء، والعامة على أنه لا يأخذ إلا لحاجة.

* * *

2511 -

وعن عمروِ بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: أن رَجُلًا أتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقيرٌ وليسَ لي شيءٌ، وَلي يتيمٌ، فقال:"كُلْ مِن مالِ يتيمِكَ غيرَ مُسرِفٍ، وَلا مُبادِرٍ، ولا مُتَأثِّلٍ".

"عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلًا أتى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم"؛ أي: عندي، أو أضافه إلى نفسه لأنه كان قيمه، "فقال: كل من مال يتيمك غير مسرف"؛ أي: غير مفرط في الإنفاق على نفسك، "ولا مبادر"؛ أي: غير مسرع في أكل ماله مخافة أن يبلغ فيلزمه تسليمه، قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء: 6]، "ولا متأثل"؛ أي: جامع مالًا من مال اليتيم فيتخذه أصل ماله، وأثلة الشيء: أصله.

* * *

2512 -

عن أمِّ سلمَةَ: عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه كَانَ يقولُ في مرضه: "الصَّلاةَ وما مَلَكَت أَيْمانُكم".

"عن أم سلمة، عن النبي عليه الصلاة والسلام: أنه كان يقول في مرضه: الصلاة" نصب بمقدر؛ أي: احفظوا الصلاة بالمواظبة عليها، "وما ملكت أيمانكم" عطف عليها؛ أي: احفظوا المماليك بحسن المملكة والقيام بما يحتاجون به من الطعام والكسوة، أو التقدير: احذروا الصلاة وما ملكت أيمانكم أن تضيعوها، وفي حذف الفعل تعظيم لشأن هذا الأمر وتفخيم له، قَرَنَ

ص: 69

أمر المماليك بأمر الصلاة إشارة إلى أن حقوق المماليك واجبة على السادات وجوبَ الصلاة.

* * *

2513 -

وقال: "لا يدخلُ الجنَّةَ سَيئُ المَلَكَةِ".

"وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة سيئ الملكة"؛ أي: الذي يسيء صحبة المماليك، وهذا تهديد ووعيد في ترك حقوقهم.

* * *

2514 -

عن رافِع بن مَكِيثٍ رضي الله عنه: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "حُسْنُ المَلَكَةِ يُمْنٌ، وسوءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ، والصَّدقةُ تمنعُ مِيتةَ السوءِ والبرُّ زيادةٌ للعُمُرِ".

"عن رافع بن مكيث: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: حسن الملكة"؛ أي: الذي يحسن الصنيع بمماليكه "يمن"؛ أي: بركة وزيادة، فإن من أحسن إليهم يبارك له فيما ملك لإحسانه.

"وسوء الخلق شؤم" وهذا ضد الحسن، "والصدقة تمنع ميتة السوء" بكسر الميم بناء: نوع من الموت؛ يعني: الصدقة تدفع موت الفجاءة، فإنه موت يسيء لإتيانه بغتة لا يقدر المرء معه على التوبة.

"والبر"؛ أي: الإحسان "زيادة في العمر"؛ أي: بركة فيه، فإن الذي بورك في عمره يتدارك في يوم أو في ساعة بتوفيق الله من الطاعة ما لا يتدارك غيره في سنة، أو المراد يجعل الله ذلك سببًا لزيادة العمر، كما جعل التداوي سببًا للصحة والطاعة سببًا لنيل الدرجات.

* * *

ص: 70

2515 -

وقال: "إذا ضربَ أحدكم خادِمَه فذَكَرَ الله فليُمْسِك".

"عن أبي سعيد الخدري: أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ضرب أحدكم خادمه فذكره"؛ أي: الخادم "الله" بأن يقول عند وقوع الضرب عليه: لله لله، "فليمسك"؛ أي: فليترك ضربه تعظيمًا لاسم الله تعالى.

* * *

2516 -

وقال: "مَن فَرَّقَ بينَ والدةٍ وولدِها، فرَّقَ الله بينَهُ وبينَ أَحِبَتِهِ يومَ القيامَةِ".

"وعن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من فرق بين والدة وولدها"؛ يعني: من فرق بين الجارية وولدها ببيع أو هبة أو نحوهما وذلك في الصغر وهو دون سبع سنين، "فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة"، وهذا يدل على حرمة التفريق بينهما، وكذا حكم الجدة والأب والجد.

* * *

2517 -

وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: وهبَ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غُلامَينِ أَخَوينِ فبعْتُ أحدَهُما، فقال لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما فعلَ غُلامُك؟ " فأَخبرتُه فقال: "رُدَّهُ، رُدَّهُ".

"وعن علي رضي الله عنه أنه قال: وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين أخوين فبعت أحدهما، فقال لي رسول الله: ما فعل غلامك، فأخبرته، فقال: رده رده"؛ أي: البيع، مَنَعَ بعضٌ بهذا تفرقة الأخوين، وحمله الأكثر على الاستحباب.

* * *

ص: 71

2518 -

ورُوِيَ عن عليٍّ رضي الله عنه: أنه فرَّقَ بينَ جاريةٍ وولدِها، فنهاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن ذلكَ، فَرَدَّ البيعَ. منقطع.

"عن علي رضي الله عنه: أنه فرق بين جارية وولدها، فنهاه النبي عليه الصلاة السلام عن ذلك فرد البيع""منقطع".

* * *

2519 -

عن جابرٍ رضي الله عنه، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاث مَن كُنَّ فيه يَسَّرَ الله حَتْفَهُ وأدخَلَهُ جَنَّتَهُ: رِفْقٌ بالضَّعيفِ، وشَفَقَةٌ على الوالدينِ، والإحسانُ إلى المَمْلوكِ"، غريب.

"عن جابر رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ثلاث من كن فيه يسر الله عليه حتفه"؛ أي: هون الله موته وأزال عنه سكراته، قيل: مات بغير آفة حلت به؛ كقتل ونحوه، "وأدخله جنته رفق"؛ أي: مداراة "بالضعيف، وشفقة على الوالدين، والإحسان إلى المملوك". "غريب".

* * *

2520 -

عن أبي أُمامةَ رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهَبَ لعليٍّ غُلامًا فقال: "لا تضربْه، فإني نُهيتُ عن ضَرْبِ أهلِ الصَّلاةِ، وقد رأيتُه يُصلي".

"عن أبي أمامة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهب لعلي غلامًا فقال: لا تضربه فإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة وقد رأيته يصلي"، وذلك لأن المصلي غالبًا لا يأتي بما يستحق الضرب لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء.

* * *

ص: 72

2521 -

عن عبد الله بن عُمرَ رضي الله عنهما قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يا رسولَ الله! كَمْ نعفو عن الخادِمِ؟ فَسَكَت، ثم أعادَ عليهِ الكلامَ، فصمتَ، فلمَّا كانت الثالثةُ قال:"اُعفُوا عنه كلَّ يومٍ سبعينَ مرةً".

"عن عبد الله بن عمر قال: جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله! كم نعفو عن الخادم"؛ أي: كم مرة نعفو عن المماليك، "فسكت"؛ أي: النبي عليه الصلاة والسلام، "ثم أعاد عليه"؛ أي: الرجل على النبي عليه الصلاة والسلام "الكلام، فصمت، فلما كانت الثالثة قال: اعفو عنه كل يوم سبعين مرة".

* * *

2522 -

عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن لاءَمَكم مِن مَملُوكِيكُم فأَطعِمُوه ممَّا تأكلونَ، واكسُوهُ مما تكْتَسون، ومَن لم يُلائِمْكُم مِنهم فبيعوهُ، ولا تُعذِّبوا خَلْقَ الله".

"وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لاءمكم"؛ أي: وافقكم وصلح لكم "من مملوكيكم فأطعموه مما تأكلون، واكسوه مما تكسون، ومن لا يلائمكم منهم"؛ أي: لا يوافقكم لإساءته أو تقصير في الخدمة "فبيعوه، ولا تعذبوا خلق الله".

* * *

2523 -

عن سهلِ بن الحَنْظَليَّة قال: مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ببعيرٍ قد لَحِقَ ظَهْرُهُ ببطنهِ فقال: "اتقوا الله في هذهِ البهائمِ المُعجَمةِ، فاركَبُوها صالحةً، وكُلُوها صالحةً".

ص: 73