المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3 - باب آداب السفر - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٤

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌10 - باب عشرةِ النِّساءِ وما لكلِّ واحدةِ من الحقوقِ

- ‌11 - باب الخُلعِ والطلاقِ

- ‌12 - باب المُطلَّقَةِ ثلاثًا

- ‌فصل

- ‌13 - باب اللِّعَانِ

- ‌14 - باب العِدَّة

- ‌15 - باب الاستبراء

- ‌16 - باب النَّفقاتِ وحَقّ المَملوكِ

- ‌17 - باب بلوغِ الصَّغيرِ وحضانتهِ في الصِّغَرِ

- ‌13 - كِتابُ العِتِقْ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب إعتاقِ العَبْدِ المُشتَرَك وشراءِ القريبِ والعتقِ في المَرَضِ

- ‌3 - باب الأيمانِ والنذورِ

- ‌فصل في النُّذورِ

- ‌14 - كِتَابُ القِصَاص

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب الدِّيَاتِ

- ‌3 - باب ما لا يُضْمَنُ من الجنايات

- ‌4 - باب القَسامة

- ‌5 - باب قتلِ أهل الرِّدةِ والسّعاةِ بالفسادِ

- ‌15 - كتاب الحدود

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب قطع السرقة

- ‌3 - باب الشَّفاعةِ في الحُدودِ

- ‌4 - باب حدَّ الخمرِ

- ‌5 - باب لا يُدْعى على المَحدودِ

- ‌6 - باب التَّعْزيرِ

- ‌7 - باب بيانِ الخَمْرِ ووعيدِ شاربها

- ‌16 - كِتابُ الإِمَارَة وَالقَضَاءِ

- ‌1 - باب مِنَ الصِّحَاحِ:

- ‌2 - باب ما على الوُلاةِ من التيسيرِ

- ‌3 - باب العَملِ في القضاءِ والخَوفِ منهُ

- ‌4 - باب رزقِ الوُلاةِ وهداياهم

- ‌5 - باب الأقضيةِ والشَّهاداتِ

- ‌17 - كِتابُ الجِهَاد

- ‌2 - باب إعدادِ آلةِ الجِهادِ

- ‌3 - باب آدابِ السَّفَرِ

- ‌4 - باب الكتابِ إلى الكُفَّارِ ودعائِهم إلى الإسلامِ

- ‌5 - باب القِتالِ في الجهادِ

- ‌6 - باب حُكْمِ الأُسارىَ

- ‌7 - باب الأمانِ

- ‌8 - باب قِسْمَةِ الغنائمِ والغُلولِ فيها

- ‌9 - باب الجزية

- ‌10 - باب الصُّلحِ

- ‌11 - باب الجلاء: إخراجِ اليهودِ من جزيرةِ العَرَبِ

- ‌12 - باب الفَيْء

- ‌18 - كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِح

- ‌2 - باب (باب ذكر الكلب)

- ‌3 - باب ما يحلّ أكلُه وما يحرُمُ

- ‌4 - باب العقِيقةِ

- ‌19 - كِتابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌2 - باب الضيافَةِ

- ‌فصل

- ‌3 - باب الأشرِبةِ

- ‌4 - باب النَّقيعِ والأنبذةِ

- ‌5 - باب تغطيةِ الأواني وغيرِها

الفصل: ‌3 - باب آداب السفر

"عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة ولِوَاؤُهُ أبيض".

* * *

‌3 - باب آدابِ السَّفَرِ

(باب آداب السفر)

مِنَ الصِّحَاحِ:

2943 -

عن كعبِ بن مالكٍ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرجَ يومَ الخميسِ في غزوةِ تبوكَ، وكانَ بُحِبُّ أنْ يَخرُجَ يومَ الخميسِ.

"من الصحاح":

" عن كعب بن مالك - رضي الله تعالى عنه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الخميس في غزوة تبوك": هو تَفْعُل من البَوْك، وهو تَثْوِيْرُ الماء بعُوْدٍ ونحوه؛ ليخرج من الأرض، وبه سميت غزوة تبوك، فإنهم كانوا يَبُوْكون عَيْنَ تَبُوك بقِدْح، ولما رآهم صلى الله عليه وسلم كذلك قال:"وما زلتم تَبُوكونها".

"وكان يحبُّ أن يخرج يوم الخميس": اختياره صلى الله عليه وسلم للسفر؛ لأنه يوم مبارك ترفع فيه الأعمال إلى السماء، فأحبَّ أن يرفع له عمل فيه؛ إذ كانت أسفاره لله تعالى.

* * *

2944 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلمُ النَّاسُ ما في الوَحْدَةِ ما أَعْلَمُ، ما سارَ راكِبٌ بليلٍ وَحْدَهٌ".

"وعن عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله

ص: 357

صلى الله تعالى عليه وسلم: لو يعلَمُ الناس ما في الوَحْدَةِ ما أَعْلَمُ" من المضرَّة الدينية والدنيوية كحرمانه من ثواب الصلاة بالجماعة، وعدم مَنْ يعينه في حوائجه، (ما) فيهما موصولة، والثانية بدل من الأولى.

"ما سَارَ راكبٌ بليل وحدَهُ": (ما) هذه نافية، كان الظاهر أن يقول: ما سار أحد، وفيه نهي عن التَّفرد بالسفر راكباً كان أو رَاجِلاً، إنما قيد بالراكب وبالليل؛ لأن الخطر في الليل أكثر لاسيما إذا كان راكباً لنفور مركوبه من أدنى شيء.

* * *

2945 -

وقال: "لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقةً فيها كلبٌ ولا جَرَسٌ".

"عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا تصْحَبُ الملائكة رِفْقَةً": وهي الجماعة المرافقة في السفر.

"فيها كلْبٌ ولا جَرَسٌ"، قيل: سبب نفرتهم عن الجرس أنه شبيه بالنَّاقوس، وقيل: كراهة صوته.

قال العلماء: جرس الدواب منهيٌ عنه إذا اتُّخذ للهو، وأما إذا كان فيه منفعة فلا بأس به.

* * *

2946 -

وقال: "الجَرَسُ مَزاميرُ الشَّيطانِ".

"وعنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الجرس مَزَامير الشيطان": جمع مِزْمَار، أخبر عن المفرد بالجمع؛ لإرادة الجنس، [و] أضاف إلى الشيطان؛ لأن صوته شاغل عن الذِّكْرِ والفكر.

* * *

ص: 358

2947 -

عن أبي بشيرٍ الأنصاريِّ: أنه كانَ مع رسولِ الله في بعضِ أسفارِهِ فأرسلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رسولاً: "لا يُبْقَيَنَّ في رقبةِ بعيرٍ قِلادةٌ مِن وَتَرٍ، أو قِلادةٌ إلا قُطِعَت".

"عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه: أنه كان مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رسولاً فقال: لا يَبْقَينَّ" بفتح القاف: من الإبقاء.

"في رقبةِ بعيْرٍ قلادة من وَتَرٍ" بفتحتين: واحد أوتار القوس.

"أو قِلادة": شكٌّ من الراوي.

"إلا قُطِعَتْ"، قيل: سبب النَّهي: خوف اختناق البعير بها عند شدَّة الركض، أو عند تشبث الوتر بالشجر.

* * *

2948 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سافرْتُم في الخِصْبِ فأعطُوا الإِبلَ حَظَّها مِن الأرضِ، وإذا سافرْتُم في السَّنَةِ فأسرِعُوا عليها السَّيْرَ، وإذا عرَّسْتُم بالليل فاجتنِبُوا الطَّريقَ، فإنها طُرُقُ الدَّوابِّ ومَأْوَى الهوامِّ بالليلِ".

وفي روايةٍ: "وإذا سافرتُم في السَّنةِ فبادِرُوا بها نِقْيَها".

"وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سافرتم في الخِصْبِ" بكسر الخاء المعجمة: زمان كثرة العَلَفِ والنبات.

"فأعطوا الإبل حقها"؛ أي: حظَّها "من الأرض"؛ أي: مِنْ نباتها، وحظُّها: رعيها؛ أي: دعوها ساعة فساعة ترعى.

"وإذا سافرتم في السَّنَة"؛ أي: في زمان القَحْطِ وانعدام نبات الأرض من يبسها.

ص: 359

"فأسرعوا عليها السَّير"؛ لتصل إلى المنزل فتعلف فيه قبل أن يلحقها جوع وعطش في الطريق، فتضعف عن السير.

"وإذا عَرَّسْتُم بالليل"؛ أي: نزلتم في آخر الليل للاستراحة.

"فاجتنبوا الطريق"؛ أي: انحرفوا عن الطريق ولا تنزلوا فيه.

"فإنها طُرُقُ الدَّواب"، قيل: المراد بها: الإنسان الطَّارق بِشَرٍّ كقاطع الطريق ونحوه.

"ومأوى الهوامِّ بالليل": فإنها تمشي بالليل على الطُّرق؛ لسهولتها، ولأنها تجد فيها من الرِّمَّةِ، وتأوي إليها.

"وفي رواية: إذا سافرتم في السَّنَة فبادروا بها"؛ أي: بالإبل.

"نِقْيَها"؛ أي: قبل ذهاب نِقْيها، وهو مخُّها؛ معناه: أسرعوا في السَّير بها؛ لتصلوا إلى المقصد، وفيها بقية من قُوَّتها.

* * *

2949 -

عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ قال: بينما نحنُ في سفرٍ معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءَ رجلٌ على راحلةٍ فجعلَ يضرِبُ يَميناً وشِمالاً، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَن كانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فلْيَعُدْ بهِ على مَن لا ظَهْرَ لهُ، ومَن كانَ لهُ فَضْلُ زاد فلْيَعُدْ بهِ على مَن لا زادَ لهُ، قال: فذكرَ مِن أصنافِ المالِ حتى رأيْتا أنه لا حَقَّ لأحدٍ منا في فَضْلٍ".

"عن أبي سعيد الخدري - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذ جاء رجل على راحلة فجعل"؛ أي: طفق ذلك الرجل.

"يضرِبُ يميناً وشمالاً"؛ أي: يمين راحلته وشمالها لِكَلَالها، وعدم

ص: 360

قدرتها على الشَير لهزالها، أو جعل يسير براحلته يمين الأرض وشمالها؛ لتعبها وعدم قدرتها على السير على نهج واحد، من ضرب في الأرض: سافر فيها.

"فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: مَنْ كان معه فَضْلُ ظَهْرٍ"؛ أي: دابة زائدة على حاجته.

"فلْيَعُدْ به": الباء للتعدية.

"على مَنْ لا ظَهْرَ له"؛ أي: فليحمل عليه مَنْ لا ظَهْرَ له.

"ومن كان معه فَضْلُ زاد فلْيَعُدْ به على مَنْ لا زاد له، قال"؛ أي: الراوي: "فذكر"؛ أي: رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.

"من أصناف المال"؛ أي: التي ينبغي أن تُبْذَل للرفقة.

"حتى رأينا"؛ أي: ظننا.

"أنه لا حقَّ لأحد منا في فَضْل"؛ أي: زيادة هي في يده، يعني: أنه صلى الله عليه وسلم بالغ في مساعدة رفقة السفر إلى هذه الغاية.

* * *

2950 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "السَّفَرُ قِطعةٌ مِن العذابِ، يمنعُ أحدَكم نومَهُ وطَعامَهُ، فإذا قَضَى نَهْمَتَهُ مِن وَجهِهِ فليُعجِّلْ إلى أهلِهِ".

"وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: السَّفر قطعة من العذاب، يمنَعُ": استئنافُ بَيَانٍ لعلَّة الحكم السابق؛ أي: يمنع السفر.

"أحدكم نومه وطعامه وشرابه"؛ المراد منه: منع كمال الْتِذَاذ المسافر بها؛ لكونها مقارنة بالمشقَّة.

"فإذا قضى"؛ أي: أحدكم.

ص: 361

"نهمَتَهُ"؛ أي: حاجته.

"من وَجْهِهِ"؛ أي: مما توجَّه إليه.

"فليعجِّل إلى أهله": وفيه ترجيح الإقامة على الأسفار غير الواجبة.

* * *

2951 -

عن عبدِ الله بن جَعْفرٍ قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قدِمَ مِن سَفَرٍ تُلُقِّيَ بصِبْيانِ أهلِ بيتِهِ، وإنه قدِمَ مِن سفرٍ فسُبقَ بي إليهِ فحملَني بينَ يديْهِ، ثم جِيءَ بأحدِ ابنيْ فاطمةَ فأردفَهُ خَلفَهُ، قال: فأُدخِلْنا المدينةَ ثلاثةً على دابَّةٍ.

"عن عبد الله بن جعفر": ابن عمِّ رسول الله.

"أنه قال: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا قَدِمَ من سفر تُلُقِّيَ": على صيغة المجهول من التَّلْقِية.

"بصبيان أهل بيته، وإنه قدم من سفر فسُبقَ بي إليه": على صيغة المجهول.

"فحملني بين يديه، ثم جِيء بأحد ابنيْ فاطمة، فَأَرْدَفَهُ"؛ أي: أركبه.

"خلفه، قال فَأُدْخِلْنَا": بصيغة المجهول، وفي بعض النسخ:(فدخلنا).

"المدينة ثلاثةً": نصب على الحال؛ أي: ثلاثة أشخاص.

"على دابَّة": وهذا يدل على أن الإرداف سُنَّة؛ لأن فيه تواضعاً.

* * *

2952 -

عن أنسٍ: أنه أَقبَلَ هو وأبو طلحةَ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم صَفِيَّهُ مُرْدِفَها على راحلتِه.

"عن أنس - رضي الله تعالى عنه - أنه أَقْبَلَ هو وأبو طلحة مع النبي صلى الله عليه وسلم،

ص: 362

ومع النبي صلى الله عليه وسلم صَفِيَّة مُرْدِفَها على راحلته"، وهذا يدل على أن استصحاب الزوجة في السفر سُنَّة.

* * *

2953 -

عن أنسٍ قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لا يَطْرُقُ أهلَهُ، كانَ لا يدخلُ إلا غُدْوةً أو عَشِيَّةً.

"عن أنس: أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يَطْرُقُ أهلَهُ"؛ أي: لا يأتيهم ليلاً، والطَّرْقُ: الدَّقُّ، سمي الآتي ليلاً طارقاً لحاجته إلى دقِّ الباب.

"كان لا يدخل": بدل عن (كان لا يطرق أهله).

"إلا غُدْوة أو عَشِيَّة"، ليبلُغَ خَبَرُ قدومه إلى الزَّوجات فيتهيأْنَ له.

* * *

2954 -

وعن جابرٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أَطالَ أحدُكم الغَيْتَةَ فلا يَطرقْ أهلَهُ ليلاً".

"عن جابر - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إذا أطال أحدكم الغَيْبَة فلا يَطْرُقْ"؛ أي: لا يَأْتِ.

"أهله ليلاً"، قال ابن عباس: فَطَرَقَ رجلان بعد نهيه صلى الله عليه وسلم، فوجد كلٌّ منهما مع امرأته رجلاً.

* * *

2955 -

وعن جابرٍ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخلتَ ليلاً فلا تدخُلْ على أهلِكَ، حتى تَستحِدَّ المُغِيبَةُ، وتَمْتشِطَ الشَّعِثَةُ".

"وعنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخلْتَ ليلاً فلا تدخل على أهلك حتى

ص: 363

تَسْتَحِدَّ المُغِيْبَة": وهي المرأة التي غاب عنها زوجها، والمراد بالاستحداد: معالجة شعر العانة.

"وتَمْتَشِطَ الشَّعِثَة" بكسر العين المهملة؛ أي: التي تفرَّق شعر رأسها.

* * *

2956 -

وعن جابرٍ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا قدِمَ المدينةَ نحرَ جَزُوراً أو بَقَرةً.

"وعن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قَدِمَ المدينة نَحَرَ جَزُوراً أو بقرة"، وهذا يدل على سُنِّيَّة الضيافة للقدوم بقَدْرِ وُسْعِهِ.

* * *

2957 -

وعن كعبِ بن مالكٍ قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لا يَقْدَمُ مِن سفرٍ إلا نهاراً في الضُّحى، فإذا قَدِمَ بَدَأَ بالمسجدِ فصلَّى فيهِ ركعتينِ، ثم جلسَ فيهِ للناسِ.

"وعن كعب بن مالك - رضي الله تعالى عنه - قال: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لا يَقْدَمُ من سَفَرٍ إلا نهاراً في الضُّحى، فإذا قَدِمَ بدأ بالمسجد"؛ أي: يكون ابتداء نزوله بالمسجد.

"فصلَّى فيه ركعتين، ثم جلس فيه للناس"؛ أي: ليزوره الناس والأصدقاء، ويفرحون بقدومه صلى الله عليه وسلم.

* * *

2958 -

وقال جابرٌ: كنتُ معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فلمَّا قدِمْنا المدينةَ قال لي:"اُدخُل المسجدَ فَصَلِّ ركعتينِ".

ص: 364

"وقال جابر: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلمَّا قدِمْنَا المدينة، قال لي: ادخل المسجد فصلِّ فيه ركعتين"، يدل على أن ذلك سُنَّة.

* * *

مِنَ الحِسَان:

2959 -

عن صَخْرٍ الغامِديِّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ بارِكْ لأِمتي في بُكورِها"، وكانَ إذا بعثَ سريةً أو جيشاً بعثَهم مِن أوَّلِ النَّهارِ.

"من الحسان":

" عن صَخْرٍ الغامِدِي قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: اللهمَّ بارك لأمتي في بُكُورِها": وكان الغامدي الراوي تاجراً يبعث أمواله في أول النهار في الأسفار فكثر ماله لبركة مراعاته للسُّنَّة؛ لأن دعاءه صلى الله عليه وسلم مقبول لا محالة.

"وكان إذا بعث سَرِيَّة، أو جيشاً بعثهم من أوَّل النهار"، وفيه سُنِّيَّة المسافرة في أول النهار.

* * *

2960 -

عن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالدُّلْجَةِ، فإنَّ الأرضَ تُطوَى باللَّيلِ".

"عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: عليكم بالدُّلْجَة"؛ أي: الزموا الدُّلْجَة، وهي السَّير آخر الليل، فإن السَّير فيه أسهل حتى يظن المسافر أنه سار قليلاً وقد سار كثيراً، فكأنه طُوِيَتْ له الأرض.

ص: 365

"فإن الأرض تُطْوَى بالليل": ما لا تُطْوَى بالنَّهار.

* * *

2961 -

وعن عمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "الرَّاكِبُ شيطانٌ، والرَّاكِبانِ شيطانانِ، والثلاثةُ رَكْبٌ".

"عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الرَّاكب شيطان"؛ أي: الانفراد والذَّهاب منفرداً من فعل الشيطان، أو شيء يحمل عليه الشيطان.

"والراكبان شيطانان": لأنَّ كل واحدٍ منهما سَلَكَ مَسْلَكَ الشيطان في اختيار الوحدة والرغبة عن الجماعة.

"والثلاثة رَكْبٌ": جمع راكب؛ أي: جماعة، وهذا حثٌّ على اجتماع الرفقة في السفر؛ لأن ما يحدث في السفر يحتاج إلى كثرة، خصوصاً إن نزل بهم نازل الموت للاحتياج فيه إلى الغسل والصلاة والدَّفن والحفر والوصية بردِّ وديعة ودين ونحوه، قيل: كان هذا في ابتداء الإسلام ثم نُسَخَ.

* * *

2962 -

عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كانَ ثلاثةٌ في سَفَرٍ فليُؤمِّروا أحدَهم".

"عن أبي سعيد الخُدْري - رضي الله تعالى عنه -: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان ثلاثةٌ في سفر فليُؤَمِّروا أحدهم"؛ أي: فليجعلوا أحدهم أميراً عليهم؛ ليجتمع أمرهم ولا يختلفوا فيتعبوا.

* * *

ص: 366

2963 -

عن ابن عبَّاسٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"خيرُ الصَّحابةِ أربعةٌ، وخيرُ السَّرايا أربعُمائةٍ، وخيرُ الجيوشِ أربعةُ آلافٍ، ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَرَ ألفاً مِن قِلَّةٍ"، غريب.

"عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: خير الصحابة"؛ أي: الرفقاء.

"أربعة": لاستئناس كل منهم بآخر، وإذا عَنَّ لهم أمر يُحْتَاج فيه إلى ذهاب أحدهم وافقه آخر معاونة له ومؤانسةً.

"وخير السَّرايا": جمع سرية "أربع مئة"، و (السرية): خيل، مأخوذ من سَرَى يَسْرِي من باب ضرب: إذا سار ليلاً؛ لأنها تسري خفية، أو من الاستِرَاء: الاختيار؛ لأنها جماعة مُسْتراة؛ أي مختارة من الجيش، ولم يَرِدْ في تحديدها نصٌّ.

وقيل: التسعة فما فوقها سرية، والثلاثة والأربعة ونحو ذلك طَلِيْعَة لا سَرِيَّة.

"وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفاً عن قلة"؛ أي: لقلة، يعني: لو غُلبوا لم يكن للقلَّة بل لأمر آخر.

"غريب".

* * *

2964 -

عن جابرٍ قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يتخلَّفُ في السَّيرِ، فيُزْجي الضَّعيفَ، ويُرْدِفُ، وَيدْعُو لهم.

"عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله صلى الله تعالى عليه وسلم يتخلَّف في السَّير"؛ أي: يتأخر ويسير خلف الجيش.

ص: 367

"فُيزْجِي"؛ أي: يسوق "الضعيف" في السَّير، ويعينه ليلحق بالرفقة.

"ويُرْدِفُ"؛ أي: يُرْكِبُ خلفه رديفاً؛ تواضعاً ورحمة منه للخلق.

"ويدعو لهم".

* * *

2965 -

عن أبي ثعلبةَ الخُشَنيِّ قال: كانَ النَّاسُ إذا نزَلوا مَنزِلاً تَفَرَّقوا في الشِّعابِ والأوديةِ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"إنَّ تَفَرُّقَكُم في هذهِ الشِّعابِ والأوديةِ إنما ذلكم مِن الشَّيطانِ"، فلم ينزِلوا بعدَ ذلكَ منزِلاً إلا انضَمَّ بعضُهم إلى بعضٍ، حتى يقالَ: لو بُسِطَ عليهم ثوبٌ لعمَّهم.

"عن أبي ثعلبة الخُشَنيِّ قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرَّقوا في الشِّعاب" بكسر الشين: جمع شِعْبٍ، وهو الطريق بين الجبلين.

"والأودية": جمع الوادي.

"فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إن تَفَرُّقَكُم في هذه الشِّعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان، فلم ينزلوا بعدَ ذلك مَنْزِلاً إلا انضمَّ بعضهم إلى بعض"؛ أي: قرب بعضهم بعضاً واجتمع.

"حتى يُقَال: لو بُسِطَ"؛ أي: فُرِشَ.

"عليهم ثوب لعمَّهم"؛ أي: لكفاهم.

* * *

2966 -

وعن عبدِ الله بن مسعودٍ قال: كنا يومَ بدرٍ كُلُّ ثلاثةٍ على بعيرٍ، فكانَ أبو لُبابَةَ وعليٌّ بن أبي طالبٍ زَميلَيْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكانت إذا جاءَتْ عُقْبَةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قالا: نحنُ نَمشي عنكَ، قال: "ما أنتما بأَقوَى منِّي،

ص: 368

وما أنا بأَغنَى عن الأجرِ منكما".

"عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، فكان أبو لُبَابة وعلي بن أبي طالب زَمِيلَيْ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم"؛ أي: رديفيه.

"قال: فكانت"؛ أي: القصة.

"إذا جاءت عُقْبَةُ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم"؛ أي: نَوْبَةُ نزوله عن الدَّابة ومشيه.

"قالا: نحن نمشي عنك، قال: ما أنتما بأقوى مني"؛ أي: على المشي.

"وما أنا بأغنى عن الأجر منكما"؛ يعني: أنتما تريدان الأجر بالمشي، وأنا أيضاً أطلبه، وهذا تعليم منه صلى الله عليه وسلم للأمة مكارم الأخلاق وطلب الأجر.

* * *

2967 -

عن أبي هريرةَ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَتَّخِذوا ظُهورَ دوابكم منابرَ، فإنَّ الله تعالى إنَّما سخَّرَها لكم لتُبلِّغَكم إلى بلدٍ لم تَكونوا بالِغِيهِ إلا بِشِقِّ الأنفُسِ، وجعلَ لكم الأرضَ، فعليها فاقضُوا حاجاتِكم".

"عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: لا تتَّخذوا ظُهور دوابكم منابرَ"؛ أي: لا تستقرُّوا عليها بدون السَّير، والنَّهي عن الوقوف على ظهر الدَّابة مع ثبوت أنه صلى الله عليه وسلم خطب على راحلته واقفاً يدلُّ على جوازه لا رَيْبَ، وقيل: معناه: لا تركبوا عليها لغير حاجة ومشقَّة في السَّير راجلاً.

"فإن الله تعالى إنما سخَّرها لكم لتبلِّغَكم إلى بلد لم تكونوا بَالِغِيْهِ إلا بِشِقِّ الأنْفُس"؛ أي: بمشقتها.

"وجعل لكم الأرض"؛ أي: خلقها لتسكنوا فيها وتتردَّدوا عليها، كيف

ص: 369

شئتم ومتى شئتم فلا حرج عليكم في التَّردد عليها، بخلاف ركوب الدَّواب فإن ركوبها بلا حاجة منهيٌّ.

"فعليها"؛ أي: فعلى الدَّواب.

"فاقضوا حاجاتكم": من المسافرة راكبين عليها.

* * *

2968 -

قال أنسٌ: كنا إذا نَزَلْنا منزِلاً لا نُسبحُ حتى نَحُلَّ الرَّحالَ أي: لا نُصلِّي الضُّحى.

"قال أنس - رضي الله تعالى عنه - كنا إذا نزلنا منزلاً لا نسبح حتى تحل الرحال"؛ أي: حتى نحط الأحمال عن ظهور الدواب كيلا تتعب بكون الحمل على ظهورها.

"أي: لا نصلي الضحى": تفسير من المؤلف لقوله: "لا نسبح".

* * *

2969 -

عن بُرَيدَةَ قال: بينَما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمشي، إذ جاءَ رجلٌ معَهُ حمارٌ فقال: يا رسولَ الله! اركبْ، وتَأَخَّرَ الرجلُ، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا، أنتَ أَحَقُّ بصدرِ دابَّتِكَ إلا أنْ تجعلَهُ لي"، قال: قد جعلْتُه لكَ، فركِبَ.

"عن بُرَيْدَة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي إذ جاء رجل معه حمار فقال: يا رسول الله! اركب وتأخَّر الرجل، فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: لا، أنْتَ أحقُّ بصَدْرِ دابَّتك"، (صدرها) من ظهرها: ما يلي عنقها.

"لا أن تجعَلَهُ لي": وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لئلا يظنَّ الرجل أن مَنْ هو أكبر قدراً أحقُّ بركوب صَدْرِها مالكاً كان أو غيره، فبيَّن صلى الله عليه وسلم أن المالك أحقُّ بصدر دابته إلا أن يُؤْثِرَ غيره به على نفسه.

ص: 370

"قال"؛ أي: الرجل: "قد جعلته لك، فركب"؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم صَدْرَها.

* * *

2970 -

عن سعيدِ بن أبي هندٍ، عن أبي هُريرةَ قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تكونُ إبلٌ للشَّياطينِ، وبيوتٌ للشَّياطينِ، فأمَّا إبلُ الشَّياطينِ فقد رأيتُها، يخرُج أحدُكم بنجيباتٍ مَعَهُ قد أَسْمَنَها فلا يَعْلو بعيراً منها، وَيمُرُّ بأَخيهِ قد انقطعَ بهِ فلا يحمِلُه، وأمَّا بيوتُ الشَّياطينِ فلم أَرَها" كان سعيدٌ يقولُ: لا أُراها إلا هذهِ الأقفاصَ التي تسترُ الناسَ بالدَّيباجِ.

"عن سعيد بن أبي هِنْدٍ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: تكون إِبلٌ للشياطين": يريد به: المُعَدَّة للتَّفَاخر والتَّكاثر دون قصد أمر مشروع.

"وبيوتٌ للشياطين": قال أبو هريرة - رضي الله تعالى عنه -: "فأما إبل الشياطين فقد رأيتها، يخرج أحدُكُم بنجِيْبَات معه": جمع نجيبة، وهي النَّاقة المختارة.

"قد أسمنها فلا يَعْلو بعيراً منها"؛ أي: لا يركبه.

"ويمرُّ بأخيه"؟ أي: برجل هو أخوه في الدِّين.

"قد انقُطِعَ به": على بناء المجهول؛ أي: كلَّ عن السَّير، فالضَّمير للرجل المنقطع عن الرفقة، و (به) نائب عن الفاعل، والجملة حال.

"فلا يحمله"، وهذا لأنَّ الدَّواب إنما خُلِقَتْ لينتفع بها بالركوب والحمل، فإذا لم يُحْمَل عليها مَنْ أعيى في الطريق، فقد أطاع الشيطان في منع الانتفاع، ومن وافق له فهو من الشيطان.

"وأما بيوت الشياطين فلم أَرَها، كان سعيد يقول: لا أرَاها"؛ أي: لا أظنُّها.

ص: 371

"إلا هذه الأَقْفَاص": جمع القَفَص، وهو المحامل والهوادج التي يجلس فيها النساء على ظهر الدَّابة في الطريق.

"تستر الناس بالدِّيْبَاج"، والنهي عنها ليس لذاتها، بل لتستُّرها بالدِّيباج ونحوه من الثِّياب الأبرسميات.

* * *

2971 -

عن سهلِ بن معاذٍ، عن أبيه، قال: غَزَوْنا معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فضَيَّقَ الناسُ المنازلَ وقطعُوا الطَّريقَ، فبعثَ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم مُنادِياً يُنادي في النَّاسِ:"أن مَن ضيَّقَ منزِلاً أو قطعَ طريقاً فلا جهادَ لهُ".

"عن سهل بن معاذ، عن أبيه أنه قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم فضيَّق الناس المنازل": بسبب أخذِ كلٍّ منهم منزلاً لا حاجة له فيه.

"وقطعوا الطريق" بتضييقها على المارة، وقيل: بالاختلاس من الناس.

"فبعث نبي الله منادياً ينادي في الناس: أن مَنْ ضَيَّقَ منزلاً، أو قطع طريقاً فلا جهاد له"؛ أي: لا كمال لثواب جهاده بإضراره الناس.

* * *

2972 -

عن جابرٍ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"إن أحسنَ ما دخلَ الرجلُ على أهلِهِ إذا قدِمَ مِن سفرٍ أولُ الليلِ".

"عن جابر - رضي الله تعالى عنه - عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إنَّ أحْسَنَ ما دخل الرجل على أهله إذا قدِمَ من سفر أولُ الليل"، يحمل هذا على الدُّخول بالزوجة وقضاء الوطء منها، فإنَّ ذلك في أول الليل أحسن منه نهاراً؛ إذ بالنهار قد يزاحم بالزوَّار فينقطع عما هو فيه، إذ المسافر يقدم غالباً مع

ص: 372