المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌5 - باب القتال في الجهاد - شرح المصابيح لابن الملك - جـ ٤

[ابن الملك]

فهرس الكتاب

- ‌10 - باب عشرةِ النِّساءِ وما لكلِّ واحدةِ من الحقوقِ

- ‌11 - باب الخُلعِ والطلاقِ

- ‌12 - باب المُطلَّقَةِ ثلاثًا

- ‌فصل

- ‌13 - باب اللِّعَانِ

- ‌14 - باب العِدَّة

- ‌15 - باب الاستبراء

- ‌16 - باب النَّفقاتِ وحَقّ المَملوكِ

- ‌17 - باب بلوغِ الصَّغيرِ وحضانتهِ في الصِّغَرِ

- ‌13 - كِتابُ العِتِقْ

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب إعتاقِ العَبْدِ المُشتَرَك وشراءِ القريبِ والعتقِ في المَرَضِ

- ‌3 - باب الأيمانِ والنذورِ

- ‌فصل في النُّذورِ

- ‌14 - كِتَابُ القِصَاص

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب الدِّيَاتِ

- ‌3 - باب ما لا يُضْمَنُ من الجنايات

- ‌4 - باب القَسامة

- ‌5 - باب قتلِ أهل الرِّدةِ والسّعاةِ بالفسادِ

- ‌15 - كتاب الحدود

- ‌1 - باب

- ‌2 - باب قطع السرقة

- ‌3 - باب الشَّفاعةِ في الحُدودِ

- ‌4 - باب حدَّ الخمرِ

- ‌5 - باب لا يُدْعى على المَحدودِ

- ‌6 - باب التَّعْزيرِ

- ‌7 - باب بيانِ الخَمْرِ ووعيدِ شاربها

- ‌16 - كِتابُ الإِمَارَة وَالقَضَاءِ

- ‌1 - باب مِنَ الصِّحَاحِ:

- ‌2 - باب ما على الوُلاةِ من التيسيرِ

- ‌3 - باب العَملِ في القضاءِ والخَوفِ منهُ

- ‌4 - باب رزقِ الوُلاةِ وهداياهم

- ‌5 - باب الأقضيةِ والشَّهاداتِ

- ‌17 - كِتابُ الجِهَاد

- ‌2 - باب إعدادِ آلةِ الجِهادِ

- ‌3 - باب آدابِ السَّفَرِ

- ‌4 - باب الكتابِ إلى الكُفَّارِ ودعائِهم إلى الإسلامِ

- ‌5 - باب القِتالِ في الجهادِ

- ‌6 - باب حُكْمِ الأُسارىَ

- ‌7 - باب الأمانِ

- ‌8 - باب قِسْمَةِ الغنائمِ والغُلولِ فيها

- ‌9 - باب الجزية

- ‌10 - باب الصُّلحِ

- ‌11 - باب الجلاء: إخراجِ اليهودِ من جزيرةِ العَرَبِ

- ‌12 - باب الفَيْء

- ‌18 - كِتَابُ الصَّيْدِ والذَّبَائِح

- ‌2 - باب (باب ذكر الكلب)

- ‌3 - باب ما يحلّ أكلُه وما يحرُمُ

- ‌4 - باب العقِيقةِ

- ‌19 - كِتابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌2 - باب الضيافَةِ

- ‌فصل

- ‌3 - باب الأشرِبةِ

- ‌4 - باب النَّقيعِ والأنبذةِ

- ‌5 - باب تغطيةِ الأواني وغيرِها

الفصل: ‌5 - باب القتال في الجهاد

تزول الشَّمس، فإذا زالَتْ الشَّمس قاتل حتى العصر، ثم أمسك حتى يصلي العصر، ثم يقاتل، قال قتادة: كان يقال: عند ذلك تَهِيجُ رياح النَّصر"؛ أي: تجيء رياح النصرة؛ لأن الله تعالى أجرى العادة أن الرِّياح تهب من قِبَل المنصور في وقت الزوال.

"ويدعوا المؤمنون لجيوشهم في صلاتهم".

* * *

2982 -

عن عصامٍ المُزَنيِّ قال: بَعَثَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيَّةٍ فقال: "إذا رأيتُم مَسجداً أو سمعْتُمْ مُؤَذِّناً فلا تقتُلوا أَحَداً".

"عن عصام المُزَني قال: بعثنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في سَرِيَّة فقال: إذا رأيتم مسجداً، أو سمعتم مؤذِّناً فلا تقتلوا أحداً"؛ يعني: إذا كان شيء من ذلك في دار الدِّين فأمسكوا عن القتال، فيه دليل على أن إظهار شعار الإسلام في القتال والغارة يحقِنُ الدَّم.

* * *

‌5 - باب القِتالِ في الجهادِ

(باب القتال في الجهاد)

مِنَ الصِّحَاحِ:

2983 -

عن جابرٍ قال: قالَ رجلٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ أُحُدٍ: أرأيتَ إنْ قُتِلْتُ فأينَ أنا؟ قال: "في الجَنَّةِ"، فأَلْقَى تَمَراتٍ في يدِهِ، ثم قاتَلَ حتى قُتِلَ.

ص: 386

"من الصحاح":

" عن جابر - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رجل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم أُحُد: أرأيت"؛ أي: أخبرني.

"إن قُتِلْتُ فأينَ أنا؟ "؛ يعني: إِنْ قُتِلْتُ شهيداً في أيِّ منزل أكون، أفي الجنة أم في النار؟

"قال: في الجنة، فألقى تمرات في يده": صفة (تمرات)، "ثم قاتل حتى قُتِلَ".

* * *

2984 -

قال كعبُ بن مالكٍ: لم يكنْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يريدُ غزوةً إلا وَرَّى بغيرِها، حتى كانَتْ تلكَ الغَزْوةُ - يعني: غزوةَ تبوكَ - غزاهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حَرٍّ شديدٍ، واستقبلَ سَفَراً بعيداً ومَفَازاً، وعَدُوًّا كثيراً، فجلَّى للمُسلمينَ أمرَهم ليتأهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِم، فأَخبرَهم بوَجْهِه الذي يريد.

"قال كعب بن مالك: لم يكن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يريد غَزْوَةً إلا وَرَّى"؛ أي: سترها "بغيرها": وأظهَرَ أنه يريد غيرها لما فيه من الحزم، وإغفال العدو، والأمن من جاسوس يطَّلع على ذلك، فيخبر به العدو، وتوريته صلى الله عليه وسلم كان تعريضاً بأن يريد مثلاً غَزْوَ مكة، فيسألُ الناسَ عن حال خيبر، وكيفيَّة سبيلها، لا تصريحاً بأن يقول: أني أريد غَزْوَ أهل الموضع الفلاني وهو يريد غيرهم؛ لأنَّ هذا كَذِبٌ غير جائز.

"حتى كانت تلك الغزوة، يعني: غزوة تبوك": اسم ناحية في البَرِّيَّةِ قِبَل الروم قيل: بينها وبين المدينة قدر مسيرة شهر.

"غزاها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في حرٍّ شديد واستقبل سفراً

ص: 387

بعيداً ومفازاً": وهي البَرِّيَّة القَفْر.

"وعدواً كثيراً، فجلَّى للمسلمين أمرهم"؛ أي: أظهر الأمر لهم.

"ليتأهَّبوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ فأخبرهم بوجهه الذي يريد".

* * *

2985 -

وقال جابرٌ: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "الحربُ خُدْعَةٌ".

"قال جابر رضي الله عنه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحربُ خَدْعَةٌ": - بفتح الخاء وسكون الدال - للمرة؛ يعني: إذا خدع المقاتل مرة لا تعاد هي ثانية.

ورويت: - بضم الخاء - أيضًا، وهي الاسم من الخِدَاع، - وبالضم وفتح الدال - يعني: الحرب كثيرة الخداع.

* * *

2986 -

وقال أنسٌ: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يغزُو بأُمِّ سُلَيمٍ ونِسْوَةٍ من الأنصارِ مَعَه إذا غَزَا، فيَسْقينَ الماءَ، ويُدَاوينَ الجَرْحَى.

"وقال أنس: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يغزو بأُمِّ سُلَيم": هي أم أنس.

"ونِسْوَةٌ من الأنصار معه إذا غزا، فيَسْقِيْنَ الماء ويُدَاويْنَ الجرحى": جمع المجروح.

* * *

2987 -

وقالت أمُّ عطِيَّةَ: غَزَوْتُ معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم سبعَ غَزَوَاتٍ: أَخْلُفُهم في رِحالِهم فأَصنعُ لهم الطَّعامَ، وأُداوي الجرحَى، وأَقومُ على المَرْضى.

ص: 388

"وقالت أمُّ عطية: غزوْتُ مع رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، أَخْلُفُهُم في رِحَالهم"؛ أي: أقوم مقامَهُم وأحفظ متاعهم.

"فأصنع لهم الطَّعام، وأداوي الجرحى، وأقوم على المرضى".

* * *

2988 -

وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هَلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقونَ إلا بضُعفائِكم".

"وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: هل تُنْصَرُون وتُرْزَقون"؛ يعني: لا تنصرون ولا ترزقون.

"إلا بضُعفائكم"؛ أي: بدعائهم لكم بالنصرة، وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك لئلا يقع في نفوس المجاهدين شيء من تقاعد أولئك وتخلفهم عن الجهاد، فأعلمهم صلى الله عليه وسلم بأنهم معذورون لضعفهم، وبأنهم منصورون ببركة دعائهم.

* * *

2989 -

وعن عبدِ الله بن عمرَ رضي الله عنهما قال: "نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن قتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ".

"عن عبد الله بن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله تعالى وسلم عن قَتْلِ النساء والصبيان"؛ يعني: لا تُقْتَلُ النساء والصبيان، ولكن تُسْبَى ويُرَق.

* * *

2990 -

عن الصَّعْبِ بن جَثَامَةَ قال: سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن أهلِ الدَّارِ يُبَيَّتونَ مِن المُشركينَ، فيُصابُ مِن نسائِهم وذَرَارِيهم، فقال:"هُم منهم".

وفي روايةٍ: "هُم مِن آبائهم".

"عن الصَّعب بن جَثَامة قال: سُئِل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم

ص: 389

عن أهل الدَّار": المراد بـ (الدّار): كل قبيلة اجتمعت في مَحِلَّةٍ باعتبار أنها تجمعهم وتدور حولهم.

"يُبَيَّتون": على صيغة المجهول؛ أي: يُقْصَدون في الليل بالقتل.

"من المشركين": بيان (أهل الدار).

"فيُصَاب من نسائهم وذراريهم"؛ أي: يُقْتَلُ نساؤهم وذراريهم.

"فقال: هم منهم"؛ أي: النِّساء والصبيان من المشركين، في أنه لا بأس بقتلهما عند تَبْييتهم؛ لأن الغازي لا يقدر على التَّمييز بينهما وبين الرِّجال في الليل، وإنما المنهيُّ قتلهما نهاراً لإمكان التمييز.

"وفي رواية: هم من آبائهم"؛ يعني: حكمهم حكم آبائهم؛ لأنهم في هذه الصورة تَبَعُ لآبائهم.

* * *

2991 -

وعن البراءِ بن عازبٍ قال: بعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رَهْطاً من الأنصارِ إلى أبي رافِعٍ، فدخلَ عليهِ عبدُ الله بن عَتِيكَ بيتَه لَيْلاً فقتَلَهُ وهو نائمٌ.

"وعن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رَهْطًا"؛ أي: جماعة.

"من الأنصار إلى أبي رافع": هو ابن أبي الحُقَيْق، أحد بني النَّضير، وهو أمير من اليهود، وكان قد عاهد النبي صلى الله عليه وسلم فنقض العهد وأبدى الخبث.

"فدخل عليه عبد الله بن عَتِيك": وهو أمير الرَّهْط.

"بيته ليلاً فقتَلَهُ وهو نائم": وهذا يدلُّ على جواز قتل الحربي بأي طريقٍ كان ليلاً أو نهاراً.

ص: 390

2992 -

عن ابن عمرَ: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نخلَ بني النَّضيرِ وحَرَّقَ، ولها يقولُ حسانٌ رضي الله عنه:

وهَانَ على سَرَاةِ بني لُؤَيٍّ. . . حَريقٌ بالبُوَيرةِ مُستَطِيرُ

وفي ذلكَ نزَلَت: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} ".

"وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قطع نخل بني النَّضير وحَرَّق"؛ لأنهم نقضوا العهد وهمُّوا بقتله صلى الله عليه وسلم حين أتاهم يستعين منهم في دية رجلين من بني عامر، فأعلمه الله ما هَمُّوا به بالوحي فقام من مجلسه، ولم يشعروا به حتى أتى مسجد المدينة، فبعث إليهم محمد بن سَلَمَة: أن اخرجوا من المدينة ولا تساكنوني، فإنكم هممْتُمْ بقتلي ونقضتُمْ عهدي، فبعث إليهم الخبيث ابن أُبَيٍّ: لا تخرجوا فإنيِّ معكم، وبنو قريظة معكم، فأتاهم صلى الله عليه وسلم وحاصروهم خمسة عشر يوماً فقذَفَ الله في قلوبهم الرُّعْبَ فصالحوا على حَقْنِ دمائهم، فخرجوا إلى قرى خيبر وإلى غيرها مما لم يفتح من البلاد، وذلك في السنة الرابعة من الهجرة.

والحديث يدل على جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها، وتحريق بيوتهم وأموالهم إذلالاً لهم.

"ولها"؛ أي: لتلك الواقعة أو لنخلهم.

"يقول حسان" بن ثابت، شاعر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:

"وهَان" أي: سهل.

"على سَرَاة بني لُؤَيٍّ"؛ أي: على سادات بني قريش، ولؤي بن غالب من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، وهُمْ مِنْ قريش.

"حريق"؛ أي: مُحْرِقٌ.

ص: 391

"بالبُويرَةِ": اسم موضع من بلد بني النَّضير.

"مُسْتَطِير": صفة حريق؛ أي: متفرِّق كثير.

"وفي ذلك نزلَتْ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} "؛ أي: من شجر نخل.

{أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} ؛ أي: لم تقطعوها.

{فَبِإِذْنِ اللَّهِ} أي: لا بأس عليكم بما قطعتم من النَّخيل وبما تركتم قَطْعَهُ.

* * *

2993 -

عن عبدِ الله بن عَوْنٍ: أن نافِعًا كتبَ إليه يُخْبرُهُ، أن ابن عمرَ أخبَرَهُ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أَغَارَ على بني المُصْطَلَقِ غَارِّينَ في نعَمِهِم بالمُرَيْسيعِ، فقتَلَ المُقاتِلة وسَبَى الذُّرِّيَّةَ.

"عن عبد الله بن عون: أن نافعاً كتَبَ إليه يُخْبرُهُ أن ابن عمر أخبره: أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق غارِّين": حال من (بني المصطلق)؛ أي: غافلين.

"في نَعَمِهم"؛ أي: مواشيهم.

"بالمُرَيْسِيع" بضم الميم وفتح الراء المهملة: اسم ماء لهم.

"فقتل المُقَاتِلة": جمع مُقَاتل، والتَّاء للتأنيث على تأويل الجماعة، والمراد بها هنا: مَنْ يصلح للقتال، وهو الرجل البالغ العاقل.

"وسبى الذُّرية": وهذا يدل على جواز قتل الكفار وأخذ أموالهم حال كونهم غافلين.

* * *

2994 -

وعن أبي أُسَيْدٍ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لنا يومَ بدرٍ حينَ صَفَفْنَا لقُرَيشٍ

ص: 392

وصَفُّوا لنا: "إذا أَكْثَبُوكُمْ فعليكم بالنَّبْلِ".

وفي روايةٍ: "إذا أكْثَبوكم فارمُوهم، واسْتَبْقُوا نَبْلَكم".

"عن أبي أُسَيْدٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لنا يوم بدر حين صَفَفْنَا لقريش"؛ أي: لمحاربتهم.

"وصَفُّوا لنا: إذا أَكْثَبُوكم"؛ أي: قاربوا منكم بحيث تصل إليهم سهامُكم.

"فعليكم بالنَّبْل"؛ أي: ارموهم بالنَّبْل وهو السِّهام، ولا ترموهم على بُعْدِ.

"وفي رواية: إذا أَكْثَبوكم فارموهم واسْتَبْقُوا نَبْلَكُم"؛ يعني: لا ترموهم بجميعها بل اتركوا شيئاً منها؛ لئلا يغلبوا عليكم.

* * *

مِنَ الحِسَان:

2995 -

رُوِيَ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَستَفتِحُ بصَعَالِيكِ المُهاجرينَ.

"من الحسان":

" عن أُميَّة بن خالد بن عبد الله بن أسيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَسْتَفْتِحُ"؛ أي: يطلب الفتح والظَّفر على الكفار من الله.

"بصَعَالِيك المهاجرين"؛ أي: بفقرائهم، يعني: ببركة دعائهم بأن يقول: اللهم انصرنا على الأعداء بحقِّ عبادك الفقراء المهاجرين، وهذا يدل على تعظيم الفقراء والرغبة إلى دعائهم والتَّبرك (1) بوجودهم.

(1) في "ت": "البركة".

ص: 393

2996 -

عن أبي الدَّرداءَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"ابغوني في ضُعَفائكم فَإنَّمَا تُرْزَقُون وتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ".

"وعن أبي الدَّرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم ابغوني في ضُعَفائكم"؛ أي: اطلبوني في حفظ حقوقهم، وجَبْرِ قلوبهم، تجدوني هنالك فإنيِّ معهم بالصورة في بعض الأوقات، وبالقلب في جمعيها لما أعلم من شرفهم وعظم منزلتهم عند الله.

"فإنَّما تُرْزَقون وتُنْصَرون بضعفائكم".

* * *

2997 -

قال عبدُ الرَّحمن بن عَوْفٍ: عَبَّأَنَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم ببدرٍ ليلاً.

"قال عبد الرحمن بن عوف: عَبَّأَنَا النبي صلى الله عليه وسلم "؛ أي: رتَّبنا في مواضعنا وهيأنا للحرب؛ يعني: سوَّى الصفوف وأقام كُلاً مقاماً يصلح له "ببدر ليلاً".

* * *

2998 -

ورُوِيَ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنْ بَيَّتكُم العدوُّ فليكنْ شِعَارُكم: (حم لا يُنْصَرُون) ".

"وروي أنّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: إن بَيَّتكُم العدو"؛ أي: قصدَكُم ليلاً للقتال.

"فليكن شعاركم" أي: علامتكم التي يَعرِفُ بها بعضكم بعضاً؛ ليتميز بها عن الكفار قول كل منكم إذا لقي أحداً: "حم لا ينصرون"؛ معناه: اللهم لا ينصرون، خبر لا دعاء وإلا لجزم، وقيل: السور التي أوائلها {حم} لها شأن، فنبَّه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يستظهره به على استنزال النَّصر من الله، و (لا ينصرون) كلام مستأنف كأنه قيل: ماذا يكون إذا قلنا {حم} فقال: لا ينصرون.

ص: 394

وعن ابن عباس: أنه اسم من أسماء الله، فكأنه يُقْسِم به أنهم لا ينصرون.

* * *

2999 -

وعن سَمُرَة بن جُنْدَب! قال: كان شِعارُ المهاجرين: (عبد الله) وشعارُ الأنصارِ: (عبدُ الرحمن).

"عن سَمُرَة بن جُنْدَب قال: كان شِعَار المهاجرين: عبد الله، وشِعار الأنصار: عبد الرحمن".

* * *

3000 -

قال سلَمةُ بن الأكوعِ: غَزَوْنَا مع أبي بكرٍ زمنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَبَيَّتنَاهُم نقتُلُهم، وكانَ شِعارُنا تِلكَ الليلَةِ:(أَمِتْ، أَمِت) ".

"وقال سَلَمَة بن الأكوع: غزوْنَا مع أبي بكر في زَمَنِ النبي صلى الله عليه وسلم فَبَيَّتنَاهُم"؛ أي: قصدناهم ليلاً للقتال.

"نقتلهم، وكان شعارنا تلك الليلة: أَمِتْ أَمِتْ": أمر مخاطب؛ أي: أَمِتِ العدوَّ اللهم، والتكرير للتأكيد، كأنهم إنما اختاروا هذه الكلمة للقتال بالنصرة.

* * *

3001 -

عن قيسِ بن عُبَادٍ قال: كَانَ أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يَكرهُونَ الصَّوتَ عندَ القتالِ.

"عن قيس بن عُبَاد (1) قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون الصَّوت عند القتال": لأن رفع الصَّوت من عادة الأبطال لتعظيم نفسه، أو لتخويف عدوِّه، أو

(1) في "ت" و"غ": "عبادة".

ص: 395

لإظهار الشجاعة، والصحابة كرهوه؛ إذ لا تقرب إليه تعالى في شيء من ذلك.

* * *

3002 -

عن الحسنِ، عن سَمُرَةَ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"اقتلوا شيوخَ المُشركينَ، واستَحْيوا شَرْخَهُم"، أي: صِبيانَهم.

"عن الحسن عن سَمُرَة رضي الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال: اقتلوا شُيُوخ المشركين": جمع شيخ، وهو المُسِنُّ الأشيب، قيل: المراد بهم هنا: الشُّبان الذين لهم جَلَدٌ وقوَّة على القتال، والأولى أن يراد بهم: أصحاب الرأي وذو الفتنة.

"واستَحْيوا شَرْخَهُم؛ أي: صبيانهم": تفسير من المؤلف؛ يعني: استبقوهم أحياء للاسترقاق والاستخدام.

* * *

3003 -

قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأسامَة: "أَغِرْ على أُبنى صباحاً وحَرِّقْ".

"وعن عُرْوَة بن الزُّبير قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأيامَةَ: أَغِرْ": بصيغة الأمر من الإغارة.

"على أُبنى" بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة وفتح النون: اسم موضع من فلسطين بين عَسْقَلان والرَّمْلَة، وقيل: من بلاد جهينة، وهذا أقرب، إذ لم تبلغ غزواته صلى الله عليه وسلم إلى بلاد الشام في حياته.

"صباحاً وحرِّق".

* * *

3004 -

عن أبي أُسَيْدٍ قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ بَدْرٍ: "إذا أَكْثَبُوكم

ص: 396

فارمُوهم، ولا تَسُلُّوا السُّيوفَ حتى يَغْشَوْكُم".

"عن أبي أُسَيْد قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم بدر: إذا أَكْثَبُوكُمْ فارمُوْهم ولا تَسُلُّوا السُّيوف"؛ أي: لا تُخْرِجُوها من غِمْدِها.

"حتى يَغْشَوْكُم"؛ أي: حتى يقربوا منكم بحيث تَصِلُ إليهم سيوفكم.

* * *

3005 -

عن رباحِ بن الربيعِ قال: كنّا معَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ، فَرَأَى الناسَ مجتمعين على شيءٍ، فبعثَ رَجُلاً فقال:"انظرْ عَلَامَ اجتمَع هؤلاءَ؟ " فجاءَ فقالَ: امرأةٌ قتيلٌ، فقال:"ما كانَتْ هذه لِتُقَاتِلَ"، وعلى المُقَدِّمَةِ خالدُ بن الوليدِ، فبعثَ رجلاً وقال:"قُلْ لخالدٍ: لا تقتلْ امرأةً ولا عَسِيفاً".

"عن رباح بن ربيع - رضي الله تعالى عنه - قال: كنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في غَزْوَة، فرأى الناس مجتمعين على شيء، فبعث رجلاً فقال: انظر عَلَامَ اجتمع هؤلاء؟ فجاء فقال: امرأةٌ قتيل": يستوي فيه المذكر والمؤنث.

"فقال: ما كانت هذه لِتُقَاتل" اللام لتأكيد النفي؛ يعني: إنما ينبغي أن يُقْتَلَ الكافر المحارب، وهذه ما كانت مِنَ المحاربين.

"وعلى المقدمة" وهي الجماعة المتقدِّمة على الجيش.

"خالد بن الوليد، فبعث رجلاً فقال: قُلْ لخالد: لا تقتُلْ امرأة ولا عَسِيفاً" أي: أجيراً؛ يعني: لا تقتل خدَّام الكفار إذا لم يحاربوا كرعاة دوابهم.

* * *

3006 -

عن أنسٍ رضي الله عنه: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "انطلِقُوا باسم الله، وبالله،

ص: 397

وعلى مِلَّةِ رسولِ الله، لا تَقتلُوا شَيْخاً فانِياً، ولا طِفْلاً، ولا صغيراً، ولا امرأةً، ولا تَغُلُّوا، وضُمُّوا غنائِمَكم، وأَصْلِحُوا، وأَحْسِنُوا فإنَّ الله يُحِبُّ المحسنين".

"عن أنس - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: انطلقوا باسم الله" أي: سيروا متبركين وملابسين ومعتصمين باسمه تعالى.

"وبالله، وعلى ملَّة رسول الله، لا تقتلوا شيخاً فانياً" أي: ضعيفاً من غلبة الكبر.

"ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأة، ولا تَغُلُّوا" أي: لا تسرقوا من الغنيمة شيئاً.

"وضُمُّوا" أي: اجمعوا.

"غنائِمَكُمْ" ولا تأخذوا شيئاً قبل القِسْمَة.

"وأصلحوا" أي: أموركم.

"وأحسنوا": إلى الناس "فإن الله يحبُّ المحسنين".

* * *

3007 -

قال عليٌّ رضي الله عنه: تقدَّمَ عُتْبَةُ بن ربيعةَ، وتَبعَهُ ابنهُ وأخوهُ، فنادَى: مَن يبارِزُ؟ فانتدبَ له شبابٌ مِن الأنصارِ فقالَ: مَن أنتم؟ فأَخبرُوه، فقال: لا حاجةَ لنا فيكم، إنَّما أردْنَا بني عَمِّنا، فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"قُمْ يا حمزةُ! قُمْ يا عليُّ! قُمْ يا عُبيدةُ بن الحارثِ! " فأقبلَ حمزةُ إلى عتبةَ، وأقبَلْتُ إلى شيبةَ، واختلفَ بينَ عُبيدةَ والوليدِ ضربتانِ، فأَثْخَنَ كلُّ واحدٍ منهما صاحِبَهُ، ثم مِلْنَا على الوليدِ فَقَتَلْنَاهُ، واحْتَمَلْنَا عُبَيْدة.

"قال علي - رضي الله تعالى عنه -: تقدَّم عُتْبَةُ بن ربيعة" يوم بدر.

ص: 398

"وتبعه ابنه"؛ يعني: الوليد.

"وأخوه"؛ يعني: شَيْبَة.

"فنادى" أي: عتبة: "مَنْ يُبَارز؟ " أي: مَنْ يخرج إلى المحاربة؟

"فانْتَدَبَ" أي: أجاب.

"له شُبَّان": جمع شاب.

"من الأنصار فقال: مَنْ أنتم؟ فأخبروه" أي: قالوا: نحن شُبَّان من المدينة.

"فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا" أي: القرشيين.

"فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: قُمْ يا حمزة، قُمْ يا عليُّ، قُمْ يا عبيدة بن الحارث، فأقبل حمزة إلى عتبة فقتَلَهُ، وأقبلْتُ إلى شَيْبَةَ فقتلتُهُ، واختلف" أي: تردَّد.

"بين عُبَيدة والوليد ضربتان، فَأَثْخَنَ" أي: أَوْهَنَ وأَضْعَفَ من الجراحة "كلُّ واحد منهما صاحبه، ثم مِلْنَا على الوليد فقتلناه، واحتملناه" أي: حملنا "عبيدة"، وفيه جواز المعونة عند الضَّعف أو العَجْز عن القرن.

* * *

3008 -

عن ابن عمرَ قال: بعَثَنَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سَرِيةٍ، فحاصَ الناسُ حَيْصةً، فَأَتَيْنَا المدينةَ فاختَفَيْنَا بها، وقلنا: هَلَكْنا، ثم أَتينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقلْنَا: يا رسولَ الله! نحنُ الفرَّارونَ؟ قال: "بل أنتَمْ العَكَّارُونَ، وأنا فِئَتُكم".

وفي روايةٍ قال: "لا، بل أنتم العَكَّارون"، قال: فَدَنَوْنَا فقبَّلْنَا يَدَهُ فقال: "أنا فِئَةُ المُسلمين".

"وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: بعثَنَا رسولُ الله صلى الله

ص: 399