المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الحدث في الصلاة) - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ١

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌[سَبَبُ وُجُوب الطَّهَارَةُ]

- ‌[أَحْكَام الْوُضُوء]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[أَرْكَانُ الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءُ]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[أَحْكَام الْغُسْل]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْل]

- ‌ آدَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[الْغُسْل الْمُسِنُّونَ]

- ‌[الْغُسْل الواجب]

- ‌[أَحْكَام الْمِيَاه]

- ‌[الْوُضُوء بِمَاءِ السَّمَاءِ]

- ‌[الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ وَلَوْ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ]

- ‌[مَوْتُ حَيَوَانٍ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ]

- ‌ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ

- ‌[صِفَةَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[حُكْم الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]

- ‌[الطَّهَارَة بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْد الْفِيل إذَا دُبِغَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[طَهَارَة سُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[سُؤْرُ الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ]

- ‌ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِ مَا سُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ كَالْهِرَّةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم]

- ‌[شَرَائِط التَّيَمُّم]

- ‌كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ

- ‌سُنَنُ التَّيَمُّمِ

- ‌[نَوَاقِض التَّيَمُّم]

- ‌ التَّيَمُّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ عِيدٍ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ

- ‌[رَجُلٌ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ]

- ‌ بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ]

- ‌[بَيَان مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مَحَلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَمْنَع الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَنْقُضُ الْمَسْحَ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةُ الْقُرْحَةِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْبُرْقُعُ وَالْقُفَّازُ]

- ‌[الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَعَ الْغَسْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ]

- ‌[مَا يَمْنَعهُ الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْض]

- ‌[الْمُحَيِّرَةِ فِي الْحَيْض]

- ‌[الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[حَيْض الْمُبْتَدَأَة وَنِفَاسهَا]

- ‌[أَحْكَام النِّفَاسُ]

- ‌ أَقَلَّ النِّفَاسِ

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌[التَّطْهِيرُ بِالدُّهْنِ]

- ‌جِلْدَةُ آدَمِيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ

- ‌[طَهَارَة دَمُ السَّمَكِ وَلُعَابُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ]

- ‌النَّجَسُ الْمَرْئِيُّ يَطْهُرُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ

- ‌[الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ مُنْقٍ]

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[آدَاب دُخُولَ الْخَلَاءِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّلَاة]

- ‌[أَوْقَات الصَّلَاة]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْفَجْرِ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعَصْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْمَغْرِبُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الظُّهْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِشَاءُ]

- ‌[الْأَوْقَات المنهي عَنْ الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ)

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[التَّنَفُّلِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَة بِالْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ

- ‌[جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌[أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌ أَذَانُ الْعَبْدِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَابِيِّ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ)

- ‌[تَرْكُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاة]

- ‌ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

- ‌[الْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَكْبِير الْعِيدَيْنِ]

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ مِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ)

- ‌[شَرَائِطِ صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[صِفَة الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[إمَامَةُ الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيِّ وَالْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَالْأَعْمَى وَوَلَدِ الزِّنَا]

- ‌[جَمَاعَةُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[وُقُوف الْمَأْمُومِينَ فِي الصَّلَاة خَلْف الْإِمَام]

- ‌[حُضُور النِّسَاء الْجَمَاعَاتِ ومَجَالِسِ الْوَعْظِ]

- ‌[اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِإِمَامٍ مُتَنَفِّلٍ أَوْ بِإِمَامٍ يُصَلِّي فَرْضًا غَيْرَ فَرْضِ الْمُقْتَدِي

- ‌ اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ)

- ‌[اقْتِدَاء غَاسِلٍ بِمَاسِحٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضِ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ

- ‌(بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[سَبَقَهُ حَدَثٌ وَكَانَ إمَامًا فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَأَى الْإِمَام المُتَيَمِّمٌ مَاءً]

- ‌[اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ فِي الصَّلَاة]

الفصل: ‌(باب الحدث في الصلاة)

شَرَعَ فِي صَلَاةِ الْأُمِّيِّ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَلَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ كَنَذْرِ صَلَاةٍ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لَا تَلْزَمُهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَصَحَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ عَدَمَ صِحَّةِ شُرُوعِهِ، وَفَائِدَتُهُ تَظْهَرُ فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِالْقَهْقَهَةِ وَأَطْلَقَ فَشَمِلَ مَا إذَا عَلِمَ الْأُمِّيُّ أَنَّ خَلْفَهُ قَارِئًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ لَا يَخْتَلِفُ فِيهَا الْحَالُ بَيْنَ الْجَهْلِ وَالْعِلْمِ وَشَمِلَ مَا إذَا نَوَى الْأُمِّيُّ إمَامَةَ الْقَارِئِ أَوْ لَمْ يَنْوِ؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ تَرْكُ الْفَرْضِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ ظُهُورِ الرَّغْبَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ يُوجِبُ الْفَسَادَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ الْقَارِئَ وَالْأَخْرَسَ إذَا اقْتَدَيَا بِالْأَخْرَسِ فَهُوَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ شُرُوعُ الْقَارِئِ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الِاسْتِوَاءِ فِي التَّحْرِيمَةِ، وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ أَمَّ مَنْ يَقْرَأُ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ الْقَارِئِينَ جَازَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا، وَالْأَخْرَسُ إذَا أَمَّ خُرْسَانًا جَازَتْ صَلَاتُهُمْ بِالِاتِّفَاقِ، وَفِي إمَامَةِ الْأَخْرَسِ الْأُمِّيَّ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ اهـ

فَالْحَاصِلُ أَنَّ إمَامَةَ الْإِنْسَانِ لِمُمَاثِلِهِ صَحِيحَةٌ إلَّا إمَامَةَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالضَّالَّةِ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لِمِثْلِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَلِمَنْ دُونَهُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا وَلِمَنْ فَوْقَهُ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ لِتَأَدِّي فَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَلَنَا أَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ فَلَا تَخْلُو عَنْ الْقِرَاءَةِ إمَّا تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا وَلَا تَقْدِيرَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ لِانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ فَقَدْ اسْتَحْلَفَ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ. أَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَلِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا قَدَّمَهُ فِي التَّشَهُّدِ أَيْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ أَمَّا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِهِ وَقِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي مَسَائِلِ الْأُمِّيِّ قُدْرَةَ الْغَيْرِ مَعَ أَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْقَادِرَ بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ لَيْسَ بِقَادِرٍ؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا تَعَلَّقَ بِاخْتِيَارِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَمَّا هُنَا الْأُمِّيُّ قَادِرٌ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْقَارِئِ فَيُنَزَّلُ قَادِرًا عَلَى الْقِرَاءَةِ، وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ تَحَرَّمَ نَاوِيًا أَنْ يَؤُمَّ أَحَدًا فَائْتَمَّ بِهِ رَجُلٌ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ، وَفِي الْمُغْرِبِ الْأُمِّيُّ فِي اللُّغَةِ مَنْسُوبٌ إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ وَهِيَ لَمْ تَكُنْ تَكْتُبُ وَلَا تَقْرَأُ فَاسْتُعِيرَ لِكُلِّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَالْقِرَاءَةَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأُمِّيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ كُلُّ الِاجْتِهَادِ فِي تَعَلُّمِ مَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ وَإِلَّا فَهُوَ آثِمٌ وَقَدَّمْنَا نَحْوَهُ فِي إخْرَاجِ الْحَرْفِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ وَسُئِلَ ظَهِيرُ الدِّينِ عَنْ الْقِيَامِ هَلْ يَتَقَدَّرُ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ لَا، وَكَذَلِكَ ذُكِرَ فِي اللَّاحِقِ فِي الشَّافِي اهـ.

أَيْ فِي الْكِتَابِ الْمُسَمَّى بِالشَّافِي لِلْبَيْهَقِيِّ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَإِمَامَةُ الْأَلْثَغِ لِغَيْرِهِ ذَكَرَ الْفُضَيْلِيُّ أَنَّهَا جَائِزَةٌ وَصَحَّحَ فِي الْمُجْتَبَى عَدَمَ الْجَوَازِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

(بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الْعَوَارِضِ وَهُوَ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ فَقَدَّمَهُ عَلَى مَا يُفْسِدُهَا وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْحَدَثَ مَانِعِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِالْأَعْضَاءِ إلَى غَايَةِ اسْتِعْمَالِ الْمُزِيلِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ تَوَضَّأَ وَبَنَى) وَالْقِيَاسُ فَسَادُهَا؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ يُنَافِيهَا وَالْمَشْيُ وَالِانْحِرَافُ يُفْسِدَانِهَا فَأَشْبَهَ الْحَدَثُ الْعَمْدَ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمْذَى فَلْيَنْصَرِفْ وَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ» وَلَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهِ مُرْسَلًا وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَذْهَبُنَا ثَابِتٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً فَوَجَبَ تَرْكُ الْقِيَاسِ بِهِ وَالْبَلْوَى فِيمَا يَسْبِقُ دُونَ مَا يَتَعَمَّدُهُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ، ثُمَّ لِجَوَازِ الْبِنَاءِ شُرُوطٌ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ سَمَاوِيًّا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالسَّبْقِ وَهُوَ مَا لَا اخْتِيَارَ لِلْعَبْدِ

ــ

[منحة الخالق]

قَالَ فِي الشرنبلالية فِيهِ مُخَالَفَةٌ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ التَّصْحِيحِ اهـ.

أَيْ لِأَنَّ تَعْلِيلَ الْهِدَايَةِ يَقْتَضِي الصِّحَّةَ مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْمُخَالَفَةِ فِي الْفَتْحِ وَحَرَّرْنَا الْمَقَامَ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى شَرْحِ التَّنْوِيرِ فَرَاجِعْهُ.

[بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ]

(قَوْلُهُ مَانِعِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا تَعْرِيفٌ بِالْحُكْمِ وَعَرَّفَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّهُ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ يَحِلُّ فِي الْأَعْضَاءِ يُزِيلُ الطَّهَارَةَ. قَالَ وَحُكْمُهُ الْمَانِعِيَّةُ لِمَا جُعِلَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا لَهُ وَهُوَ الْمَنْوِيُّ رَفْعُهُ عِنْدَ الْوُضُوءِ دُونَ الْمَعْذُورِ وَالْمُتَيَمِّمِ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفُ مَنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ تَوَضَّأَ وَبَنَى) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: يَعْنِي تَوَضَّأَ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ تَيَمَّمَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَوْ عِيدَ وَلَوْ بِنَاءً، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ فِيهِ تَيَمَّمَ لِبُعْدِهِ مِيلًا إلَخْ اهـ.

أَقُولُ: وَفِي الذَّخِيرَةِ سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ مَحْمُودٌ الْأُوزْجَنْدِيُّ عَمَّنْ أَحْدَثَ فِي صَلَاتِهِ فَذَهَبَ لِيَتَوَضَّأَ فَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ فَتَيَمَّمَ وَانْصَرَفَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ قَالَ لَا. قِيلَ لِلذَّهَابِ وَالْمَجِيءِ حُكْمُ الصَّلَاةِ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا فِي الصَّلَاةِ. قِيلَ لِمَ لَا تَفْسُدُ بِالضَّرْبَةِ لِلتَّيَمُّمِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ قَالَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ مُفِيدًا اهـ.

ص: 389

فِيهِ وَلَا فِي سَبَبِهِ فَلَا يَبْنِي بِشَجَّةٍ وَعَضَّةٍ، وَلَوْ مِنْهُ لِنَفْسِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ طُوبَةٌ مِنْ سَطْحٍ أَوْ سَفَرْجَلَةٌ مِنْ شَجَرٍ أَوْ تَعَثَّرَ فِي شَيْءٍ مَوْضُوعٍ فِي الْمَسْجِدِ فَأَدْمَاهُ وَصَحَّحُوا عَدَمَ الْبِنَاءِ فِيمَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ مِنْ عُطَاسِهِ أَوْ تَنَحْنُحِهِ، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ الْمَرْأَةِ كُرْسُفُهَا مَبْلُولًا بِغَيْرِ صُنْعِهَا بَنَتْ وَبِتَحْرِيكِهَا لَا تَبْنِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْحَدَثُ مُوجِبًا لِلْوُضُوءِ فَلَا يَبْنِي مَنْ نَامَ فَاحْتَلَمَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَنْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ حَدَثٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ بَدَنِهِ أَوْ مِنْ خَارِجٍ.

الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْحَدَثُ يَنْدُرُ وُجُودُهُ فَلَا يَبْنِي بِإِغْمَاءٍ وَقَهْقَهَةٍ وَهَذَا وَالثَّانِي سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَإِدْخَالُ الْكَلَامِ هُنَا كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ لَا حَدَثٌ لِكَوْنِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ بَعْدَهُ.

الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فَلَوْ فَعَلَهُ اسْتَقْبَلَ كَمَا لَوْ اسْتَقَى الْمَاءَ مِنْ الْبِئْرِ عَلَى الْمُخْتَارِ أَوْ كَانَ دَلْوُهُ مُتَخَرِّقًا فَخَرَزَهُ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ مَاءً لِلْوُضُوءِ فَذَهَبَ إلَى مَاءٍ أَبْعَدَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرِ النِّسْيَانِ وَنَحْوِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ الْقَرِيبُ فِي بِئْرٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَإِلَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا قَدْرَ صَفَّيْنِ كَمَا إذَا وَجَدَ مَشْرَعَةً مِنْ الْمَاءِ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إلَى أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي، وَكَذَا لَوْ رَدَّ الْبَابَ عَلَيْهِ بِالْيَدَيْنِ لَا لِقَصْدِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَلَوْ كَانَ لَهُ لَا تَفْسُدُ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ حَمَلَ آنِيَةً لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِيَدَيْهِ فَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا، وَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ وَرَجَعَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ نَسِيَ شَيْئًا فَذَهَبَ وَأَخَذَهُ فَسَدَتْ، وَلَوْ كَشَفَ عَوْرَتَهُ لِلِاسْتِنْجَاءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَكَذَا إذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا لِلْوُضُوءِ وَهُوَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْهُ لِنَفْسِهِ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوْلَى وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ لَهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ طُوبَةٌ إلَخْ) ، وَكَذَا إذَا مَسَّ قُرُوحَهُ شَيْءٌ فَسَالَتْ أَوْ دَخَلَ الشَّوْكُ رِجْلَهُ أَوْ جَبْهَتَهُ فَسَالَ مِنْهَا الدَّمُ أَوْ رَمَاهُ إنْسَانٌ بِحَجَرٍ فَشَجَّهُ فَفِي هَذَا كُلِّهِ يَسْتَأْنِفُ عِنْدَهُمَا وَلَا يَبْنِي وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْنِي كَمَا فِي السِّرَاجِ، وَنَحْوُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْمُحِيطِ وَإِنْ أَصَابَ الْمُصَلِّي حَدَثٌ بِغَيْرِ فِعْلِهِ بِأَنْ شَجَّهُ إنْسَانٌ اسْتَقْبَلَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَبْنِي، وَقَالَ النَّاطِفِيُّ فِي هِدَايَتِهِ رَأَيْت فِي صَلَاةِ الْأَثَرِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الرَّجُلِ تُصِيبُهُ بُنْدُقَةٌ أَوْ حَجَرٌ فِي صَلَاتِهِ فَشَجَّهُ فَغَسَلَهُ يَبْنِي فَصَارَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ إسْمَاعِيلُ قَالَ الرَّمْلِيُّ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ. وَلَوْ سَقَطَ مِنْ السَّطْحِ مَدَرٌ فَشَجَّ رَأْسَهُ إنْ كَانَ بِمُرُورِ الْمَارِّ فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ وَإِنْ كَانَ لَا بِمُرُورِ الْمَارِّ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ يَبْنِي بِلَا خِلَافٍ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ عَلَى الْخِلَافِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.

أَقُولُ: عُلِمَ بِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْبِنَاءِ مُطْلَقًا وَأَقُولُ: يُقَاسُ عَلَيْهِ وُقُوعُ السَّفَرْجَلَةِ، فَإِنْ كَانَ بِهَزِّهَا فَعَلَى الْخِلَافِ وَإِلَّا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَبْنِي بِلَا خِلَافٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَصَحَّحُوا عَدَمَ الْبِنَاءِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ذُكِرَ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِلْحَلَبِيِّ مَسْأَلَةُ الْعُطَاسِ وَالتَّنَحْنُحِ وَالْخِلَافُ فِيهَا ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْنِي يَعْنِي فِي مَسْأَلَةِ الْعُطَاسِ لِكَوْنِهِ سَمَاوِيًّا وَإِنْ أَحْدَثَ بِتَنَحْنُحِهِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَبْنِي.

(قَوْلُهُ وَإِدْخَالُ الْكَلَامِ هُنَا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا وَقَعَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حَيْثُ ذَكَرَ الْكَلَامَ وَالْقَهْقَهَةَ فِي هَذَا الْمَحِلِّ فَقَالَ وَلَا يَبْنِي لِقَهْقَهَةٍ وَكَلَامٍ وَاحْتِلَامٍ فَإِنَّ كَلَامَنَا فِي الْحَدَثِ وَالْكَلَامُ مُفْسِدٌ لَا حَدَثٌ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ مَعَ الْقَهْقَهَةِ لِكَوْنِ مِنْ شُرُوطِ الْبِنَاءِ أَيْضًا أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ بَعْدَ الْحَدَثِ فَلِذَا ذَكَرَهُ هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ كَمَا فَعَلَ الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ شَرْطَ الْبِنَاءِ كَوْنُهُ حَدَثًا سَمَاوِيًّا مِنْ الْبَدَنِ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْغُسْلِ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ وَلَا فِي سَبَبِهِ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَهُ مُنَافٍ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ ثُمَّ أَخَذَ الْمُحْتَرَزَاتِ فَقَالَ فَلَا يَبْنِي بِشَجَّةٍ وَعَضَّةٍ إلَى أَنْ قَالَ وَلَا لِقَهْقَهَةٍ وَكَلَامٍ وَاحْتِلَامٍ، فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْكَلَامَ وَمَا مَعَهُ مِنْ وَادٍ وَاحِدٍ بَلْ ذَكَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا لِلِاحْتِرَازِ وَلِبَيَانِ فَائِدَةِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَقَى) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الصُّورَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا تَحْتَ الشَّرْطِ الْخَامِسِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي السِّرَاجِ مِنْ شُرُوطِ جَوَازِ الْبِنَاءِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ الْكَلَامِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ لَهُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ الْبِئْرِ وَيَبْنِيَ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَاءٌ آخَرُ، وَقَالَ الْكَرْخِيُّ لَا يَبْنِي مَعَ الِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بَعِيدًا وَبِقُرْبِهِ بِئْرُ مَاءٍ يَتْرُكُ الْبِئْرَ؛ لِأَنَّ النَّزْعَ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ عَلَى الْمُخْتَارِ وَقِيلَ لَا يَمْنَعُ إنْ عَدِمَ غَيْرَهُ. اهـ.

وَإِنَّمَا كَانَ الْمُنَاسِبُ مَا قُلْنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ حُمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى غَيْرِهِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ عِبَارَتِهِ اقْتَضَى بِمَفْهُومِهِ جَوَازَ الِاسْتِقَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ عِبَارَةِ السِّرَاجِ حَيْثُ جَعَلَهُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمُخَالِفٌ لِمَا هُوَ الْمُخْتَارُ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا كَمَا عَلِمْت وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى ذَلِكَ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ اخْتَارَ خِلَافَ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَرْغِينَانِيِّ (قَوْلُهُ لَا لِقَصْدِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ) كَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تُبْطِلُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا كَشَفَتْ الْمَرْأَةُ ذِرَاعَيْهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ الْمَرْأَةُ إذَا سَبَقَهَا الْحَدَثُ فَكَشَفَتْ ذِرَاعَيْهَا عِنْدَ غَسْلِ الْيَدَيْنِ جَازَ لَهَا الْبِنَاءُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رحمه الله هُوَ الْمُخْتَارُ.

ص: 390