المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المسح على الجرموق - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ١

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌[سَبَبُ وُجُوب الطَّهَارَةُ]

- ‌[أَحْكَام الْوُضُوء]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[أَرْكَانُ الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءُ]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[أَحْكَام الْغُسْل]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْل]

- ‌ آدَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[الْغُسْل الْمُسِنُّونَ]

- ‌[الْغُسْل الواجب]

- ‌[أَحْكَام الْمِيَاه]

- ‌[الْوُضُوء بِمَاءِ السَّمَاءِ]

- ‌[الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ وَلَوْ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ]

- ‌[مَوْتُ حَيَوَانٍ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ]

- ‌ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ

- ‌[صِفَةَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[حُكْم الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]

- ‌[الطَّهَارَة بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْد الْفِيل إذَا دُبِغَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[طَهَارَة سُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[سُؤْرُ الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ]

- ‌ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِ مَا سُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ كَالْهِرَّةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم]

- ‌[شَرَائِط التَّيَمُّم]

- ‌كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ

- ‌سُنَنُ التَّيَمُّمِ

- ‌[نَوَاقِض التَّيَمُّم]

- ‌ التَّيَمُّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ عِيدٍ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ

- ‌[رَجُلٌ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ]

- ‌ بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ]

- ‌[بَيَان مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مَحَلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَمْنَع الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَنْقُضُ الْمَسْحَ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةُ الْقُرْحَةِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْبُرْقُعُ وَالْقُفَّازُ]

- ‌[الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَعَ الْغَسْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ]

- ‌[مَا يَمْنَعهُ الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْض]

- ‌[الْمُحَيِّرَةِ فِي الْحَيْض]

- ‌[الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[حَيْض الْمُبْتَدَأَة وَنِفَاسهَا]

- ‌[أَحْكَام النِّفَاسُ]

- ‌ أَقَلَّ النِّفَاسِ

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌[التَّطْهِيرُ بِالدُّهْنِ]

- ‌جِلْدَةُ آدَمِيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ

- ‌[طَهَارَة دَمُ السَّمَكِ وَلُعَابُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ]

- ‌النَّجَسُ الْمَرْئِيُّ يَطْهُرُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ

- ‌[الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ مُنْقٍ]

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[آدَاب دُخُولَ الْخَلَاءِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّلَاة]

- ‌[أَوْقَات الصَّلَاة]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْفَجْرِ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعَصْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْمَغْرِبُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الظُّهْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِشَاءُ]

- ‌[الْأَوْقَات المنهي عَنْ الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ)

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[التَّنَفُّلِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَة بِالْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ

- ‌[جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌[أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌ أَذَانُ الْعَبْدِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَابِيِّ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ)

- ‌[تَرْكُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاة]

- ‌ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

- ‌[الْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَكْبِير الْعِيدَيْنِ]

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ مِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ)

- ‌[شَرَائِطِ صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[صِفَة الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[إمَامَةُ الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيِّ وَالْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَالْأَعْمَى وَوَلَدِ الزِّنَا]

- ‌[جَمَاعَةُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[وُقُوف الْمَأْمُومِينَ فِي الصَّلَاة خَلْف الْإِمَام]

- ‌[حُضُور النِّسَاء الْجَمَاعَاتِ ومَجَالِسِ الْوَعْظِ]

- ‌[اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِإِمَامٍ مُتَنَفِّلٍ أَوْ بِإِمَامٍ يُصَلِّي فَرْضًا غَيْرَ فَرْضِ الْمُقْتَدِي

- ‌ اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ)

- ‌[اقْتِدَاء غَاسِلٍ بِمَاسِحٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضِ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ

- ‌(بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[سَبَقَهُ حَدَثٌ وَكَانَ إمَامًا فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَأَى الْإِمَام المُتَيَمِّمٌ مَاءً]

- ‌[اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ فِي الصَّلَاة]

الفصل: ‌ المسح على الجرموق

الصَّلَاةِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ، وَهُوَ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فِي حَقِّ الْمَسْحِ مُقِيمٌ فِي حَقِّ إتْمَامِ الصَّلَاةِ كَذَا فِي إيضَاحِ الصَّيْرَفِيِّ. اهـ.

وَقَدْ عَلِمْت فِيمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الصَّحِيحَ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ وَمَسْأَلَةُ الْإِتْمَامِ الْمَذْكُورَةِ مَذْكُورَةٌ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ بَابِ الْمُسَافِرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ الْمُسَافِرُ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ نَزَعَ، وَإِلَّا يُتِمَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً) ؛ لِأَنَّ رُخْصَةَ السَّفَرِ لَا تَبْقَى بِدُونِهِ وَالشَّافِعِيُّ يُوَافِقُنَا فِي هَذِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ عَلَى الْجُرْمُوقِ) أَيْ جَازَ‌

‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ شَرَعَ فِي الْجُرْمُوقِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِمَا فَنَقُولُ ذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ ثُمَّ الْخُفُّ الَّذِي يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ صَالِحًا لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ وَالْمَشْيِ الْمُتَتَابِعِ عَادَةً وَيَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ وَمَا تَحْتَهُمَا وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي يَكُونُ مِنْ اللِّبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنَعَّلًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ بِهِ وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَأَمَّا الْمَسْحُ عَلَى الْخِفَافِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ حَتَّى يَكُونَ الْأَدِيمُ عَلَى أَصَابِعِ الرِّجْلِ وَظَاهِرُ الْقَدَمَيْنِ اهـ.

فَلَوْ اتَّخَذَ خُفًّا مِنْ زُجَاجٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ بِغَيْرِ عَصَا، وَأَمَّا الْجُرْمُوقُ فَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مَا يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ وَسَاقُهُ أَقْصَرُ مِنْ الْخُفِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْخُفَّ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ فَلَوْ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ لَصَارَ بَدَلًا عَنْ الْخُفِّ وَالْخُفُّ لَا بَدَلَ لَهُ وَلَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ عَلَى الْمُوقَيْنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ وَابْنِ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَصَحَّحَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ وَلِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْخُفِّ اسْتِعْمَالًا مِنْ حَيْثُ الْمَشْيُ وَالْقِيَامُ وَالْقُعُودُ وَغَرَضًا، فَإِنَّ الْخُفَّ وِقَايَةٌ لِلرِّجْلِ فَكَذَا الْجُرْمُوقُ وِقَايَةٌ لِلْخُفِّ تَبَعًا لَهُ وَكِلَاهُمَا تَبَعٌ لِلرِّجْلِ فَصَارَ كَخُفٍّ ذِي طَاقَيْنِ، وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ لَا عَنْ الْخُفِّ لَا يُقَالُ كَيْفَ بَطَلَ الْمَسْحُ بِنَزْعِ الْجُرْمُوقِ وَلَمْ يَبْطُلْ بِنَزْعِ أَحَدِ طَاقَيْ الْخُفِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بِالْمَسْحِ ظَهَرَتْ أَصَالَةُ الْجُرْمُوقِ فَصَارَ نَزْعُهُ كَنَزْعِ الْخُفِّ بِخِلَافِ نَزْعِ أَحَدِ طَاقَيْ فِي الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْخُفِّ لَمْ يَأْخُذْ الْأَصَالَةَ أَصْلًا كَمَا إذَا غَسَلَ رِجْلَهُ ثُمَّ أَزَالَ جِلْدَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَسْلُهَا ثَانِيًا وَلَا يُقَالُ أَيْضًا لَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ الرِّجْلِ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بِنَزْعِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْخُفُّ لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلْمَسْحِ حَالَ قِيَامِ الْجُرْمُوقِ فَإِذَا زَالَ صَارَ مَحَلًّا لِلْمَسْحِ وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ الْجُرْمُوقَ هُوَ الْخُفُّ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ كَالْجَوْهَرِيِّ وَالْمُطَرِّزِيِّ، فَإِنَّهُمَا قَالَا إنَّ الْجُرْمُوقَ وَالْمُوقَ يُلْبَسَانِ فَوْقَ الْخُفِّ فَعُلِمَ أَنَّهُمَا غَيْرُ الْخُفِّ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ مَمْنُوعٌ وَمُنَاقِضٌ لِمَذْهَبِهِمْ فِي الْخُفِّ مِنْ الزُّجَاجِ أَوْ الْحَدِيدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ

ــ

[منحة الخالق]

[الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ]

(قَوْلُهُ: مَا يَكُونُ صَالِحًا لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ وَالْمَشْيِ الْمُتَتَابِعِ عَادَةً) أَقُولُ: لِيُنْظَرَ مَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ هَلْ الْمُعْتَبَرُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ بِالْخُفِّ نَفْسِهِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِذَلِكَ بِدُونِ لُبْسِهِ فِي الْمُكَعَّبِ أَوْ مَا هُوَ الْمُعْتَادُ لَنَا مِنْ لُبْسِهِ فِي الْمُكَعَّبِ تَوَقَّفْنَا مِنْ قَدِيمٍ فِي ذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ فِيهِ نَقْلًا مَعَ التَّفْتِيشِ وَالتَّنْقِيرِ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي تَعَالِيلِهِمْ وَأَدِلَّتِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا يَصْلُحُ لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ فِيهِ نَفْسُهُ فَعَلَى هَذَا فَالْوَاجِبُ عَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَتَفَقَّدَ خُفَّهُ، فَإِنَّهُ قَدْ يَرِقُّ أَسْفَلُهُ وَيَمْشِي عَلَيْهِ بِالْمُكَعَّبِ أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلَا يُنْقَبُ وَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُ لَوْ مَشَى بِهِ وَحْدَهُ يَتَخَرَّقُ فِي دُونِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهِ وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ، فَإِنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَمْسَحُونَ حَتَّى يَتَخَرَّقَ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مَعَ أَنَّهُ قَبْلَ هَذَا قَدْ لَا يُمْكِنُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فَعَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَعْتَبِرَ ذَلِكَ قَبْلَ الْخَرْقِ وَبَعْدَهُ لِئَلَّا يُصَلِّيَ بِلَا طَهَارَةٍ فَلْيُحْفَظْ.

(قَوْلُهُ: فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ عَلَى الْخُفِّ الْمُتَّخَذِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ وَتَمَامُ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ وَيَمْسَحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ فَوْقَ الْخُفِّ عِنْدَنَا، فَإِنْ لَبِسَهُمَا وَحْدَهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَجُوزُ اهـ.

وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَبِسَهُمَا أَيْ الْخُفَّيْنِ الْمُتَّخَذَيْنِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ وَعَلَيْك أَنْ تَتَأَمَّلَ فِي عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ اهـ.

أَقُولُ: فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَقْطٌ أَوْ إيجَازُ مَحَلٍّ، فَإِنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخِفَافِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ اللُّبُودِ التُّرْكِيَّةِ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُنْيَةِ مُعَلِّلًا بِإِمْكَانِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ بِهَا قَالَ شَارِحُهَا الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ حَتَّى قَالُوا لَوْ شَاهَدَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله صَلَابَتَهَا لَأَفْتَى بِالْجَوَازِ لِشِدَّةِ دَلْكِهَا وَتَدَاخُلِ أَجْزَائِهَا بِذَلِكَ حَتَّى صَارَتْ كَالْجِلْدِ الْغَلِيظِ وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ اهـ.

فَقَوْلُ الْخُلَاصَةِ عَلَى الصَّحِيحِ إشَارَةٌ إلَى خِلَافِ الْإِمَامِ فِي اشْتِرَاطِ النَّعْلِ وَقَوْلُ الْحَلَبِيِّ وَأَجْمَعُوا إلَخْ بِنَاءً عَلَى رُجُوعِهِ إلَى قَوْلِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْأَدِيمُ عَلَى أَصَابِعِ الرِّجْلِ وَظَاهِرِ الْقَدَمِ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْخُلَاصَةِ، فَإِنْ لَبِسَهُمَا أَيْ الْجُرْمُوقَيْنِ لَا كَمَا قَالَ الرَّمْلِيُّ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ حَتَّى يَكُونَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهَا لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ مُرَاجَعَةِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ فَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ إلَخْ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ إلَخْ) قَالَ فِي السِّرَاجِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُفِّ حَدَثٌ

ص: 189

أَنْ لَا يُحْدِثَ قَبْلَ لُبْسِهِمَا حَتَّى لَوْ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ لُبْسِ الْجُرْمُوقِ ثُمَّ لَبِسَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ لَبِسَهُ قَبْلَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَدَثِ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ لِحُلُولِ الْحَدَثِ بِهِ فَلَا يُزَالُ بِمَسْحِ غَيْرِهِ وَكَذَا لَوْ لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ قَبْلَ الْحَدَثِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَمَسَحَ خُفَّيْهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحَدَثِ وَلَوْ نَزَعَ أَحَدَ مُوقَيْهِ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا وَجَبَ مَسْحُ الْخُفِّ الْبَادِي وَإِعَادَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْجُرْمُوقِ لِانْتِقَاضِ وَظِيفَتِهِمَا كَنَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ انْتِقَاضَ الْمَسْحِ لَا يَتَجَزَّأُ وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْأَصْلِ يَنْزِعُ الْآخَرَ وَيَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ لَوْ لَبِسَ عَلَى أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْخُفِّ الْآخَرِ فَكَذَا هَذَا وَالْخُفُّ عَلَى الْخُفِّ كَالْجُرْمُوقِ عِنْدَنَا فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا الْخُفُّ فَوْقَ اللِّفَافَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ مَا جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّجْلِ حَائِلٌ جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَخُفٍّ إذَا كَانَ تَحْتَهُ خُفٌّ أَوْ لِفَافَةٌ اهـ.

فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ اللِّفَافَةَ عَلَى الرِّجْلِ لَا تَمْنَعُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ فَوْقَهَا وَوَقَعَ فِي شَرْحِ ابْنِ الْمَلَكِ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ خُفَّاهُ صَالِحَيْنِ لِلْمَسْحِ لِخَرْقِهِمَا يَجُوزُ عَلَى الْمُوقَيْنِ اتِّفَاقًا وَنَقَلَ مِنْ فَتَاوَى الشَّاذِيِّ أَنَّ مَا يُلْبَسُ مِنْ الْكِرْبَاسِ الْمُجَرَّدِ تَحْتَ الْخُفِّ يَمْنَعُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ لِكَوْنِهِ فَاصِلًا

ــ

[منحة الخالق]

كَمَا إذَا لَبِسَ الْخُفَّيْنِ عَلَى طَهَارَةٍ وَلَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَنْتَقِضَ الطَّهَارَةُ الَّتِي لَبِسَ عَلَيْهَا الْخُفَّيْنِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ، وَأَمَّا إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ أَوْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمَسْحِ قَدْ اسْتَقَرَّ عَلَى الْخُفِّ وَكَذَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفِّ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ الْمَسْحِ مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ وَقَدْ انْعَقَدَ ذَلِكَ فِي الْخُفِّ فَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهُ إلَى الْجُرْمُوقِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي أَقُولُ: قَوْلُهُ

وَأَمَّا إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ أَوْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ وَلَوْ قَبْلَ الْحَدَثِ كَمَا لَوْ جَدَّدَ الْوُضُوءَ وَمَسَحَ عَلَى خُفِّهِ ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيُفِيدُ أَنَّ لُبْسَ الْجُرْمُوقِ قَبْلَ الْمَسْحِ شَرْطٌ آخَرُ كَمَا أَنَّ لُبْسَهُ قَبْلَ الْحَدَثِ شَرْطٌ، وَهَذَا بَعِيدٌ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَتْ الشُّرُوطُ ثَلَاثَةً مَعَ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا إنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ وَأَيْضًا، فَإِنَّ حُكْمَ الْمَسْحِ لَا يَسْتَقِرُّ عَلَى الْخُفِّ إلَّا بَعْدَ الْحَدَثِ أَمَّا قَبْلَهُ، فَإِنَّ وُجُودَ الْخُفِّ كَعَدَمِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَسَحَ عَلَيْهِمَا بِمَعْنَى الْوَاوِ إنْ لَمْ تَكُنْ الْهَمْزَةُ مِنْ زِيَادَةِ النُّسَّاخِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَكَذَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفِّ فَيَكُونُ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ فِيمَا إذَا لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَبَعْدَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَكَلَامُهُ الثَّانِي فِيمَا إذَا لَبِسَهُمَا بَعْدَ الْحَدَثِ وَقَبْلَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي لُبْسِ الْجُرْمُوقَيْنِ بَعْدَ الْحَدَثِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ أَوْ قَبْلَهُ فَفِي الصُّورَتَيْنِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ لِلْعِلَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَهَذَا مَا فَهِمَهُ الْمُؤَلِّفُ حَيْثُ قَالَ سَوَاءٌ لَبِسَهُ قَبْلَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُعَيِّنُ أَنَّ عَدَمَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ شَرْطٌ آخَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ السِّرَاجِ فَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِهِمَا ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَوْقَ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِلْخُفِّ اهـ.

وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنَّفِهِ وَنَصُّهُ وَنُجِيزُهُ عَلَى الْمُوقَيْنِ إذَا لَبِسَ الْمُوقَيْنِ فَوْقَ الْخُفَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ حَتَّى لَبِسَهُمَا وَلَا أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ خِلَافَ الشَّافِعِيِّ وَالْجَوَابُ عَنْ دَلِيلِهِ هَذَا إذَا ابْتَدَأَ مَسْحَهُمَا أَمَّا إذَا كَانَ قَدْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثُمَّ لَبِسَهُمَا لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا حَيْثُ ظَهَرَ التَّغَايُرُ بَيْنَهُمَا صُورَةً وَمَعْنًى اهـ.

وَكَذَا قَالَ فِي مَتْنِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَمَنْ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ فَوْقَ الْخُفِّ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفِّ مَسَحَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ اهـ.

قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي شَرْحِهِ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ أَيْضًا وَقَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ

(قَوْلُهُ: وَنَقَلَ مِنْ فَتَاوَى الشَّاذِيِّ إلَخْ) قَالَ الْعَلَّامَةُ إبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ شَارِحُ الْمُنْيَةِ ثُمَّ تَعْلِيلُ أَئِمَّتِنَا هَاهُنَا بِأَنَّ الْجُرْمُوقَ بَدَلٌ عَنْ الرِّجْلِ إلَخْ يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى خُفٍّ لُبِسَ فَوْقَ مَخِيطٍ مِنْ كِرْبَاسَ أَوْ جُوخٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ الْجُرْمُوقَ إذَا كَانَ بَدَلًا عَنْ الرِّجْلِ وَجُعِلَ الْخُفُّ مَعَ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ فَلَأَنْ يَكُونَ الْخُفُّ بَدَلًا عَنْ الرِّجْلِ وَيُجْعَلُ مَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ أَوْلَى كَمَا فِي اللِّفَافَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِمَامَ الْغَزَالِيَّ فِي الْوَجِيزِ وَالرَّافِعِيِّ فِي شَرْحِهِ لَهُ مَعَ الْتِزَامِهِمَا ذَكَرَ خِلَافَ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْرَدَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي صُورَةِ الِاتِّفَاقِ، وَكَانَ مَشَايِخُنَا إنَّمَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ فِيمَا اُشْتُهِرَ مِنْ كُتُبِهِمْ اكْتِفَاءً بِمَا قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْجُرْمُوقِ مِنْ كَوْنِهِ خَلَفًا عَنْ الرَّجُلِ كَذَا أَفَادَهُ الْمَوْلَى خُسْرو فِي الدُّرَرِ شَرْحُ الْغَرَرِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا نُقِلَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ عَنْ فَتَاوَى الشَّاذِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَ ذَلِكَ الْمَلْبُوسَ تَحْتَ الْخُفِّ؛ لِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ الْفِقْهِ خَارِجٌ عَنْ الْأُصُولِ؛ لِأَنَّ قَطْعَهُ إنْ كَانَ لِيَصِيرَ كَالْخُفِّ الْمَخْرُوقِ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ بِدُونِ خَرْقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ

ص: 190