المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[استعمال جلد الخنزير والآدمي بالدباغ] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ١

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌[سَبَبُ وُجُوب الطَّهَارَةُ]

- ‌[أَحْكَام الْوُضُوء]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[أَرْكَانُ الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءُ]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[أَحْكَام الْغُسْل]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْل]

- ‌ آدَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[الْغُسْل الْمُسِنُّونَ]

- ‌[الْغُسْل الواجب]

- ‌[أَحْكَام الْمِيَاه]

- ‌[الْوُضُوء بِمَاءِ السَّمَاءِ]

- ‌[الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ وَلَوْ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ]

- ‌[مَوْتُ حَيَوَانٍ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ]

- ‌ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ

- ‌[صِفَةَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[حُكْم الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]

- ‌[الطَّهَارَة بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْد الْفِيل إذَا دُبِغَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[طَهَارَة سُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[سُؤْرُ الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ]

- ‌ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِ مَا سُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ كَالْهِرَّةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم]

- ‌[شَرَائِط التَّيَمُّم]

- ‌كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ

- ‌سُنَنُ التَّيَمُّمِ

- ‌[نَوَاقِض التَّيَمُّم]

- ‌ التَّيَمُّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ عِيدٍ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ

- ‌[رَجُلٌ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ]

- ‌ بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ]

- ‌[بَيَان مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مَحَلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَمْنَع الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَنْقُضُ الْمَسْحَ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةُ الْقُرْحَةِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْبُرْقُعُ وَالْقُفَّازُ]

- ‌[الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَعَ الْغَسْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ]

- ‌[مَا يَمْنَعهُ الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْض]

- ‌[الْمُحَيِّرَةِ فِي الْحَيْض]

- ‌[الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[حَيْض الْمُبْتَدَأَة وَنِفَاسهَا]

- ‌[أَحْكَام النِّفَاسُ]

- ‌ أَقَلَّ النِّفَاسِ

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌[التَّطْهِيرُ بِالدُّهْنِ]

- ‌جِلْدَةُ آدَمِيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ

- ‌[طَهَارَة دَمُ السَّمَكِ وَلُعَابُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ]

- ‌النَّجَسُ الْمَرْئِيُّ يَطْهُرُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ

- ‌[الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ مُنْقٍ]

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[آدَاب دُخُولَ الْخَلَاءِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّلَاة]

- ‌[أَوْقَات الصَّلَاة]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْفَجْرِ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعَصْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْمَغْرِبُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الظُّهْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِشَاءُ]

- ‌[الْأَوْقَات المنهي عَنْ الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ)

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[التَّنَفُّلِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَة بِالْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ

- ‌[جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌[أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌ أَذَانُ الْعَبْدِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَابِيِّ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ)

- ‌[تَرْكُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاة]

- ‌ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

- ‌[الْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَكْبِير الْعِيدَيْنِ]

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ مِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ)

- ‌[شَرَائِطِ صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[صِفَة الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[إمَامَةُ الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيِّ وَالْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَالْأَعْمَى وَوَلَدِ الزِّنَا]

- ‌[جَمَاعَةُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[وُقُوف الْمَأْمُومِينَ فِي الصَّلَاة خَلْف الْإِمَام]

- ‌[حُضُور النِّسَاء الْجَمَاعَاتِ ومَجَالِسِ الْوَعْظِ]

- ‌[اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِإِمَامٍ مُتَنَفِّلٍ أَوْ بِإِمَامٍ يُصَلِّي فَرْضًا غَيْرَ فَرْضِ الْمُقْتَدِي

- ‌ اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ)

- ‌[اقْتِدَاء غَاسِلٍ بِمَاسِحٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضِ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ

- ‌(بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[سَبَقَهُ حَدَثٌ وَكَانَ إمَامًا فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَأَى الْإِمَام المُتَيَمِّمٌ مَاءً]

- ‌[اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ فِي الصَّلَاة]

الفصل: ‌[استعمال جلد الخنزير والآدمي بالدباغ]

يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ لَا عَلَى الصَّحِيحِ فَارْجِعْ إلَيْهِ تَجِدْ لَك فَرَجًا كَبِيرًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ قَوْلَهُمْ بِنَجَاسَةِ مَاءِ الْآبَارِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلَهُمْ بِنَجَاسَةِ مَاءِ الْبِئْرِ إذَا نَزَلَ لِلِاغْتِسَالِ عِنْدَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَنْ نَزَلَ فِي الْبِئْرِ، وَهُوَ جُنُبٌ كَانَ الْمَاءُ نَجِسًا وَالرَّجُلُ نَجِسٌ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَنْهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَذَكَرَ هَذِهِ الْفُرُوعَ بَعْدَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُفَرَّعَةٌ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ عَنْهُ أَنَّ الرَّجُلَ بِحَالِهِ وَالْمَاءُ بِحَالِهِ وَاَللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ.

(قَوْلُهُ وَكُلُّ إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ) لَمَّا كَانَ يَتَعَلَّقُ بِدِبَاغِ الْإِهَابِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ طَهَارَتُهُ، وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ الصَّيْدِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ، وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِكِتَابِ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءُ مِنْهُ بِأَنْ يُجْعَلَ قُرْبَةً، وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِالْمِيَاهِ ذُكِرَ فِي بَحْثِ الْمِيَاهِ لِإِفَادَةِ جَوَازِ الْوُضُوءِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِطْرَادِ فَانْدَفَعَ بِهَذَا مَا قِيلَ إنَّ هَذَا الْوَضْعَ لَيْسَ لِبَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْإِهَابُ الْجِلْدُ غَيْرُ الْمَدْبُوغِ وَالْجَمْعُ أُهُبٌ بِضَمَّتَيْنِ وَبِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ لَهُ، وَأَمَّا الْأَدِيمُ فَهُوَ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ وَجَمْعُهُ أَدَمٌ بِفَتْحَتَيْنِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَكَذَا يُسَمَّى صِرْمًا وَجِرَابًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَقَوْلُهُ كُلُّ إهَابٍ يَتَنَاوَلُ كُلَّ جِلْدٍ يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَةَ لَا مَا لَا يَحْتَمِلُهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا ذَكَرَهُ الْهِنْدِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ جِلْدِ الْحَيَّةِ فَلَا يَطْهُرُ جِلْدُ الْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ بِهِ كَاللَّحْمِ، وَكَذَا لَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ إنَّمَا تُقَامُ مَقَامَ الدِّبَاغِ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَفِيهِ إذَا أَصْلَحَ أَمْعَاءَ شَاةٍ مَيِّتَةٍ فَصَلَّى، وَهِيَ مَعَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّخَذُ مِنْهَا الْأَوْتَارُ، وَهُوَ كَالدِّبَاغِ وَكَذَلِكَ الْعَقِبُ وَالْعَصَبُ وَكَذَا لَوْ دَبَغَ الْمَثَانَةَ فَجُعِلَ فِيهَا لَبَنٌ جَازَ وَلَا يَفْسُدُ اللَّبَنُ وَكَذَلِكَ الْكَرِشُ إنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إصْلَاحِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ إنَّ الْكَرِشَ لَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّهُ كَاللَّحْمِ. اهـ.

وَأَمَّا قَمِيصُ الْحَيَّةِ فَهُوَ طَاهِرٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ثُمَّ الدِّبَاغُ هُوَ مَا يَمْتَنِعُ عَوْدُ الْفَسَادِ إلَى الْجِلْدِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَاءِ فِيهِ وَالدِّبَاغُ عَلَى ضَرْبَيْنِ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ هُوَ أَنْ يُدْبَغَ بِشَيْءٍ لَهُ قِيمَةٌ كَالشَّبِّ وَالْقَرَظِ وَالْعَفْصِ وَقُشُورِ الرُّمَّانِ وَلِحَى الشَّجَرِ وَالْمِلْحِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَضَبَطَ بَعْضُهُمْ الشَّبَّ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَذَكَرَ الْأَزْهَرِيُّ أَنَّ غَيْرَهُ تَصْحِيفٌ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَهُوَ نَبْتٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ مُرُّ الطَّعْمِ يُدْبَغُ بِهِ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ وَبِأَيِّهِمَا كَانَ فَالدِّبَاغُ بِهِ جَائِزٌ، وَأَمَّا الْقَرَظُ فَهُوَ بِالظَّاءِ لَا بِالضَّادِ وَرَقُ شَجَرِ السَّلَمِ بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ وَمِنْهُ أَدِيمٌ مَقْرُوظٌ أَيْ مَدْبُوغٌ لَا لِقَرَظٍ قَالُوا وَالْقَرَظُ نَبْتٌ بِنَوَاحِي تِهَامَةَ كَذَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مُصَحَّفًا فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ وَيُقْرَأُ بِالضَّادِ وَالْحُكْمِيُّ أَنْ يُدْبَغَ بِالتَّشْمِيسِ وَالتَّتْرِيبِ وَالْإِلْقَاءِ فِي الرِّيحِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّجْفِيفِ وَالنَّوْعَانِ مُسْتَوِيَانِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ بَعْدَ الدِّبَاغِ الْحَقِيقِيِّ لَا يَعُودُ نَجِسًا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَبَعْدَ الْحَمْيِ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُخْتَارَةِ مَعَ نَظَائِرِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ) يَعْنِي كُلَّ إهَابٍ دُبِغَ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ وَجِلْدَ الْآدَمِيِّ لِكَرَامَتِهِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الطَّهَارَةِ نَجَاسَةٌ، وَهَذَا فِي جِلْدِ الْخِنْزِيرِ مُسَلَّمٌ، فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ وَأَمَّا جِلْدُ

ــ

[منحة الخالق]

[الطَّهَارَة بِالدِّبَاغِ]

(قَوْلُهُ: وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُخْتَارَةِ مَعَ نَظَائِرِهَا) قَالَ الرَّمْلِيُّ الَّذِي يَأْتِي تَرْجِيحُ عَدَمِ الْعَوْدِ.

[اسْتِعْمَال جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ بِالدِّبَاغِ]

(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا قِيلَ) أَيْ مَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْوُقَايَةِ، وَهَذَا التَّقْرِيرُ لِبَعْضِ مُحَشِّي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ قَالَ الْفَاضِلُ قَاضِي زَادَهْ ثُمَّ أَنَّهُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَاسْتِثْنَاءُ الْآدَمِيِّ مَعَ الْخِنْزِيرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إذَا دُبِغَ طَهُرَ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ بِهِ الِانْتِفَاعُ لِسَائِرِ أَجْزَائِهِ وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْوُقَايَةِ: وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الطَّهَارَةِ نَجَاسَةٌ، وَهَذَا فِي جِلْدِ الْخِنْزِيرِ مُسَلَّمٌ، فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَأَمَّا جِلْدُ الْآدَمِيِّ فَفِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا دُبِغَ طَهُرَ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ وَقَصَدَ الْمُحَشِّيُّ يَعْقُوبُ بَاشَا أَنْ يُصَحِّحَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ فَقَالَ يَعْنِي جَازَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ لِنَجَاسَتِهِ وَجِلْدَ الْآدَمِيِّ لِكَرَامَتِهِ ثُمَّ قَالَ فَلَا يَرِدُ مَا قِيلَ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الطَّهَارَةِ نَجَاسَةٌ، وَهَذَا فِي جِلْدِ الْخِنْزِيرِ مُسَلَّمٌ، فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَأَمَّا جِلْدُ الْآدَمِيِّ فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا دُبِغَ طَهُرَ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ قُلْت فِيهِ خَلَلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُوَ مَعْنًى جَازَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ طَهُرَ يَسْتَلْزِمُ مَعْنًى جَازَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا فَيَتَعَلَّقُ الِاسْتِثْنَاءُ بِذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُنْفَهِمِ مِنْ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ الْتِزَامًا لَا بِصَرِيحِ مَعْنَى الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ فَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنَّظَرِ إلَى الْآدَمِيِّ أَيْضًا لِعَدَمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا كَعَدَمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْخِنْزِيرِ، وَإِنْ كَانَتْ عِلَّةُ جَوَازِ الِاسْتِعْمَالِ مُخْتَلِفَةً فِيهِمَا قُلْنَا يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يَبْقَى صَرِيحُ مَعْنَى الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ عَلَى كُلِّيَّتِهِ بِلَا اسْتِثْنَاءِ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ لَا يَطْهُرُ جِلْدُ الْخِنْزِيرِ بِالدِّبَاغِ فَلَا صِحَّةَ لِلْكُلِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُقَالُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ بِقَوْلِهِ فَقَدْ طَهُرَ مَعْنًى فَقَدْ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا مَجَازًا بِطَرِيقِ ذِكْرِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ وَيُجْعَلُ اسْتِثْنَاءُ الْآدَمِيِّ قَرِينَةً عَلَيْهِ فَلَا يُرَادُ حَقِيقَةُ قَوْلِهِ فَقَدْ طَهُرَ.

ص: 105

الْآدَمِيِّ فَقَدْ ذُكِرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّهُ إذَا دُبِغَ طَهُرَ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ وَقِيلَ جِلْدُ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ لَا يَقْبَلَانِ الدِّبَاغَ؛ لِأَنَّ لَهُمَا جُلُودًا مُتَرَادِفَةً بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى الْجِلْدَ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْإِهَابَ مَعَ كَوْنِهِ مُنَاسِبًا لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ كُلُّ إهَابٍ دُبِغَ لِمَا أَنَّ الْإِهَابَ هُوَ الْجِلْدُ قَبْلَ أَنْ يُدْبَغَ فَكَانَ مُهَيَّأً لِلدِّبَاغِ يُقَالُ تَأَهَّبَ لِكَذَا إذَا تَهَيَّأَ لَهُ، وَاسْتَعَدَّ وَجِلْدُ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ لَا يَتَهَيَّآنِ لِلدَّبْغِ؛ فَلِذَا اسْتَثْنَى بِلَفْظِ الْجِلْدِ دُونَ الْإِهَابِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الْخِنْزِيرَ عَلَى الْآدَمِيِّ فِي الذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ إهَانَةٍ لِكَوْنِهِ فِي بَيَانِ النَّجَاسَةِ وَتَأْخِيرُ الْآدَمِيِّ فِي ذَلِكَ أَكْمَلُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ إنَّمَا لَا يَطْهُرُ جِلْدُ الْخِنْزِيرِ بِالدِّبَاغِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْدَبِغُ؛ لِأَنَّ شَعْرَهُ يَنْبُتُ مِنْ لَحْمِهِ، وَلَوْ تُصُوِّرَ دَبْغُهُ لَطَهُرَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَطْهُرُ، وَإِنْ انْدَبَغَ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمُ الْعَيْنِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَفِي الْمَبْسُوطِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَطْهُرُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَ أَوْ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ نَجِسٌ. اهـ.

وَأَمَّا الْآدَمِيُّ فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ جِلْدَهُ لَا يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَةَ حَتَّى لَوْ قَبِلَهَا طَهُرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَحِسِ الْعَيْنِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ دَبْغُهُ احْتِرَامًا لَهُ، وَعَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ جِلْدَهُ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغَةِ أَصْلًا احْتِرَامًا لَهُ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ طَهَارَةِ جِلْدِهِ تَعْظِيمٌ لَهُ حَتَّى لَا يَتَجَرَّأَ أَحَدٌ عَلَى سَلْخِهِ وَدَبْغِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ

وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ كُلُّ إهَابٍ جِلْدُ الْفِيلِ فَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي قَوْلِهِ إنَّ الْفِيلَ نَجِسُ الْعَيْنِ وَعِنْدَهُمَا هُوَ كَسَائِرِ السِّبَاعِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ بَابِ الْحَدَثِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشْتَرَى لِفَاطِمَةَ سِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ» فَظَهَرَ اسْتِعْمَالُ النَّاسِ الْعَاجَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَدَلَّ عَلَى طَهَارَتِهِ اهـ.

وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَمَشَّطُ بِمُشْطٍ مِنْ عَاجٍ» قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْعَاجُ عَظْمُ الْفِيلِ قَالَ الْعَلَّامَةُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هَذَا الْحَدِيثُ يُبْطِلُ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِنَجَاسَةِ عَيْنِ الْفِيلِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي عَظْمِ الْمَيْتَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَدْخُلُ أَيْضًا فِي عُمُومِ قَوْلِهِ كُلُّ إهَابٍ جِلْدُ الْكَلْبِ فَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ رِوَايَاتُ الْمَبْسُوطِ فِيهِ فَذُكِرَ فِي بَيَانِ سُؤْرِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّ عَيْنَ الْكَلْبِ نَجِسٌ إلَيْهِ يُشِيرُ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ، وَلَيْسَ الْمَيِّتُ بِأَنْجَسَ مِنْ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ ثُمَّ قَالَ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ عَيْنُهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَيْهِ بِطَهَارَةِ جِلْدِهِ بِالدِّبَاغِ وَقَالَ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَجِلْدُ الْكَلْبِ يَطْهُرُ عِنْدَنَا بِالدِّبَاغِ خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ نَجِسٌ عِنْدَهُمَا وَلَكِنَّا نَقُولُ: الِانْتِفَاعُ بِهِ مُبَاحٌ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فَلَوْ كَانَ عَيْنُهُ نَجِسَةً لَمَا أُبِيحَ الِانْتِفَاعُ بِهِ.

ــ

[منحة الخالق]

لِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فَلَا تَكُونُ الْكُلِّيَّةُ إلَّا فِي جَوَازِ الِاسْتِعْمَالِ، وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ طَهَارَةُ الشَّيْءِ حَقِيقَةٌ لَا تَسْتَلْزِمُ جَوَازَ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا أَلَا يُرَى أَنَّ جِلْدَ الْآدَمِيِّ إذَا دُبِغَ طَهُرَ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا احْتِرَامًا لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا شَعْرُ الْإِنْسَانِ وَعَظْمُهُ طَاهِرَانِ عِنْدَنَا وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا لِكَرَامَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ قَاطِبَةً فَلَمْ تَتَحَقَّقْ عَلَاقَةُ اللُّزُومِ بَيْنَ طَهُرَ وَبَيْنَ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا حَتَّى يَصِحَّ حَمْلُ قَوْلِهِ فَقَدْ طَهُرَ عَلَى مَعْنَى فَقَدْ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا مَجَازًا بِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ وَأَيْضًا قَوْلُهُ وَكُلُّ إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ لَيْسَ عِبَارَتُهُ فَقَطْ بَلْ هُوَ كَلَامُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِهِ لَيْسَ مُجَرَّدَ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا بَلْ بَيَانُ طَهَارَتِهِ حَقِيقَةً، وَإِلَّا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بَيَانُ طَهَارَتِهِ حَقِيقَةً مَتْرُوكًا بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ كَوْنِهِ أَمْرًا مُهِمًّا يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ مِنْهَا إذَا وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الْقَلِيلِ لَا يُنَجِّسُهُ وَمِنْهَا إذَا وَقَعَ مِنْهُ فِي بَدَنِ الْمُصَلِّي أَوْ فِي ثَوْبِهِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَأَيْضًا قَدْ اسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ عليه السلام «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ طَهُرَ» وَلَمْ يُنَازِعْ أَحَدٌ فِي كَوْنِ الْمُرَادِ بِالطَّهَارَةِ فِيهِ هُوَ الطَّهَارَةُ حَقِيقَةً اهـ.

مَا ذَكَرَهُ الْفَاضِلُ قَاضِي زَادَهْ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَا تَنْحَصِرُ الْعَلَاقَةُ فِي اللُّزُومِ فَلْيَكُنْ طَهُرَ مَجَازًا عَنْ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ شَرْعًا بِعَلَاقَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا عَلَاقَةَ السَّبَبِيَّةِ والمسببية مُتَحَقِّقَةٌ لَا تُنْكَرُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَلَاقَةُ اللُّزُومِ. اهـ.

أَقُولُ: يَعْنِي أَنَّ السَّبَبِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُطَّرِدَةً؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ جِلْدِ الْإِنْسَانِ وَعَظْمِهِ وَشَعْرِهِ لَيْسَتْ سَبَبًا لِجَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا كَمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مَلْزُومَةً لَهَا، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ أَوْ يُقَالُ عَبَّرَ عَنْ عَدَمِ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ شَرْعًا بِجِلْدِ الْآدَمِيِّ بِعَدَمِ طَهَارَتِهِ مُشَاكَلَةً لِذِكْرِهِ مَعَ الْخِنْزِيرِ الَّذِي لَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ حَقِيقَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْخِنْزِيرُ) أَيْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ إهَانَةٍ أَوْ لِأَنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى كَمَالِ عَدَمِ قَابِلِيَّةِ الطَّهَارَةِ فِي الْخِنْزِيرِ وَالتَّأْخِيرُ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ يُفِيدُ التَّعْظِيمَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ} [الحج: 40] وَالْمُصَنِّفُ قَدَّمَ الْآدَمِيَّ نَظَرًا إلَى كَرَامَتِهِ وَذُكِرَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخِنْزِيرَ إذَا ذُبِحَ يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص: 106