الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِصِحَّتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا فِي النَّوَادِرِ وَلَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ بَلْ الْمُعْتَمَدُ اشْتِرَاطُ نِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ هِيَ مَا قَدَّمْنَاهُ لَكِنْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الصَّعِيدِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْمَسْحُ فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا غَيْرَ النِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ قَصْدُ الصَّعِيدِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ {فَلَمْ تَجِدُوا} [النساء: 43] فَفِيهِ الْإِنْبَاءُ عَنْ الْمَشْرُوطِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ يُرِيدُ بِهِ الْوُضُوءَ أَجْزَأَهُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ نَصًّا كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّجْنِيسِ
وَذَكَرَ الْجَصَّاصُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى نِيَّةِ التَّطْهِيرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَهُمْ يَقَعُ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُمَيِّزُ بِالنِّيَّةِ كَصَلَوَاتِ الْفَرَائِضِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ لِيَقَعَ التَّيَمُّمُ طَهَارَةً فَإِذَا وَقَعَ طَهَارَةً جَازَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا شَاءَ؛ لِأَنَّ الشُّرُوطَ يُرَاعَى وُجُودُهَا لَا غَيْرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلْعَصْرِ يَجُوزُ أَدَاءُ الظُّهْرِ بِهِ بِخِلَافِ الصَّلَوَاتِ كَذَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ يُرِيدَ بِهِ الْوُضُوءَ مَعْنَاهُ يُرِيدُ بِهِ طَهَارَةَ الْوُضُوءِ لِمَا عَلِمْت مِنْ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ التَّطْهِيرِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ قَوْلِهِ بَقِيَ عَلَى جَسَدِ الْجُنُبِ لُمْعَةٌ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَيَمَّمَ لَهُمَا جَازَ وَيَنْوِي لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا نَوَى لِأَحَدِهِمَا يَبْقَى الْآخَرُ بِلَا نِيَّةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الْجَصَّاصِ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: فَلَغَا تَيَمُّمُ كَافِرٍ لَا وُضُوءُهُ) يَعْنِي فَلِأَجْلِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ الْمَخْصُوصَةِ فِي التَّيَمُّمِ بَطَلَ تَيَمُّمُ كَافِرٍ وَلِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ لَا يَبْطُلُ وُضُوءُهُ أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطُ وُقُوعِ التَّيَمُّمِ صَحِيحًا عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا تَيَمَّمَ يَنْوِي الْإِسْلَامَ جَازَ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ الْعَامَّةِ، وَعَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَيَمُّمَ الْكَافِرِ غَيْرُ صَحِيحٍ مُطْلَقًا لِلصَّلَاةِ وَالْإِسْلَامِ، عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ صَحِيحٌ لِلْإِسْلَامِ لَا لِلصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى قُرْبَةً مَقْصُودَةً تَصِحُّ مِنْهُ فِي الْحَالِ وَلَنَا أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلنِّيَّةِ فَمَا يَفْتَقِرُ إلَيْهَا لَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ تُصَيِّرُ الْفِعْلَ مُنْتَهِضًا مُسَبِّبًا لِلثَّوَابِ وَلَا فِعْلَ يَقَعُ مِنْ الْكَافِرِ كَذَلِكَ حَالُ الْكُفْرِ؛ وَلِذَا صَحَّحْنَا وُضُوءَهُ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى النِّيَّةِ، وَلَمْ يُصَحِّحْهُ الشَّافِعِيُّ لِمَا افْتَقَرَ إلَيْهَا عِنْدَهُ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ.
[نَوَاقِض التَّيَمُّم]
(قَوْلُهُ: وَلَا تَنْقُضُهُ رِدَّةٌ) أَيْ لَا يَنْقُضُ التَّيَمُّمَ رِدَّةٌ لِمَا بَيَّنَ أَنَّ الْإِسْلَامَ عِنْدَنَا شَرْطُ وُقُوعِ التَّيَمُّمِ صَحِيحًا بَيَّنَ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ شَرْطَ بَقَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ الْمُسْلِمُ ثُمَّ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ثُمَّ أَسْلَمَ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ وَقَعَ طَهَارَةً صَحِيحَةً فَلَا يَبْطُلُ بِالرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ أَثَرَهَا فِي إبْطَالِ الْعِبَادَاتِ وَالتَّيَمُّمُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ عِنْدَنَا لَكِنَّهُ طَهُورٌ، وَهِيَ لَا تُبْطِلُ صِفَةَ الطَّهُورِيَّةِ كَمَا لَا تُبْطِلُ الْوُضُوءَ وَاحْتِمَالُ الْحَاجَةِ بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالثَّابِتُ بِيَقِينٍ يَبْقَى لِوَهْمِ الْفَائِدَةِ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ طَهَارَةً مَعَ الْكُفْرِ؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ طَهَارَةً لِلْحَاجَةِ وَالْحَاجَةُ زَائِلَةٌ لِلْحَالِ بِيَقِينٍ وَغَيْرُ الثَّابِتِ بِيَقِينٍ لَا يَثْبُتُ لِوَهْمِ الْفَائِدَةِ لِمَا أَنَّ رَجَاءَ الْإِسْلَامِ مِنْهُ عَلَى مُوجِبِ دِيَانَتِهِ وَاعْتِقَادِهِ مُنْقَطِعٌ وَالْجَبْرُ عَلَى الْإِسْلَامِ مُنْعَدِمٌ فَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالْبَقَاءِ كَذَا قَرَّرَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ نَفْسُهُ لَا يُنَافِيهِ الْكُفْرُ، وَإِنَّمَا يُنَافِي شَرْطَهُ، وَهُوَ النِّيَّةُ الْمَشْرُوطَةُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَقَدْ تَحَقَّقَتْ وَتَحَقَّقَ التَّيَمُّمُ كَذَلِكَ فَالصِّفَةُ الْبَاقِيَةُ بَعْدَهُ لَوْ اُعْتُبِرَتْ كَنَفْسِهِ لَا يَرْفَعُهَا الْكُفْرُ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ حِينَئِذٍ حُكْمًا لَيْسَ هُوَ النِّيَّةَ بَلْ الطَّهَارَةَ تَنْبِيهٌ مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا تَوَضَّأَ أَوْ تَيَمَّمَ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِهِ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْإِحْرَامِ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَحْرَمَ لِلْحَجِّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَجَدَّدَ الْإِحْرَامَ
ــ
[منحة الخالق]
فَقَالَ إنَّ قَوْلَ الْمُبْتَغَى مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْمَاءَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ أَوْ دَاخِلُهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَهُوَ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ عِبَارَتِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَكَذَا لِلنَّوْمِ فِيهِ. اهـ.
وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا لِلنَّوْمِ فِيهِ مَعْنَاهُ إذَا احْتَلَمَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْخُرُوجُ يَتَيَمَّمُ لِلنَّوْمِ فِيهِ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِيمَا إذَا كَانَ الْمَاءُ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَالثَّانِيَةُ فِيمَا إذَا كَانَ خَارِجَهُ وَقَدْ مَرَّتْ الْمَسْأَلَتَانِ عَنْ الْمُحِيطِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا إلَخْ وَحِينَئِذٍ فَمَا ادَّعَاهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ جَوَازِ التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ فِي كُلِّ مَا لَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّا يَفُوتُ إلَى خَلَفٍ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُبْتَغَى مُحْتَمِلَةٌ كَمَا عَلِمْت وَكَيْفَ وَأَصْلُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ بِالنَّصِّ وَمَا يَخَافُ فَوْتَهُ لَا إلَى بَدَلٍ فِيهِ مَعْنَى فَقْدِ الْمَاءِ حُكْمًا أَمَّا مَا سِوَاهُ فَلَا فَقْدَ فِيهِ أَصْلًا فَلَا يَجُوزُ فِعْلُهُ قَالَ فِي الْمُنْيَةِ وَلَوْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ أَوْ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فَذَلِكَ التَّيَمُّمُ لَيْسَ بِشَيْءٍ قَالَ الْبُرْهَانُ إبْرَاهِيمُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهَا: لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يَجُوزُ وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّرْعِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَتَحْقِيقُهُ) أَيْ تَحْقِيقُ مَا قَرَّرَهُ فِي الْبَدَائِعِ، وَهَذَا التَّقْرِيرُ أَحْسَنُ مِمَّا أَجَابَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ ثَوَابَ الْعَمَلِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ زَوَالَ الْحَدَثِ كَمَنْ تَوَضَّأَ رِيَاءً، فَإِنَّ الْحَدَثَ يَزُولُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُثَابُ عَلَى وُضُوئِهِ. اهـ.
لِأَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ مَنْ صَلَّى ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ يُعِيدُهَا وَلَوْ حَبَطَ الثَّوَابُ لَا الْعَمَلُ لَمَا أَعَادَ الصَّلَاةَ إذْ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ صَلَاتِهِ وَوُضُوئِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ مَا هُوَ عِبَادَةٌ لَا غَيْرُ
يَجُوزُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ مُسْلِمًا بِالْإِحْرَامِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ مَا إذَا لَبَّى وَلَمْ يَشْهَدْ الْمَنَاسِكَ أَمَّا إذَا لَبَّى وَشَهِدَ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْكَافِرَ مَتَى فَعَلَ عِبَادَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي سَائِرِ الْأَدْيَانِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِهِ مُسْلِمًا كَالصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ الَّذِي لَيْسَ بِكَامِلٍ وَالصَّدَقَةِ وَمَتَى فَعَلَ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِشَرِيعَتِنَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَسَائِلِ كَالتَّيَمُّمِ لَا يَكُونُ بِهِ مُسْلِمًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَقَاصِدِ أَوْ مِنْ الشَّعَائِرِ كَالصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ وَالْحَجِّ عَلَى الْهَيْئَةِ الْكَامِلَةِ وَالْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِهِ مُسْلِمًا إلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ نَاقِضُ الْوُضُوءِ) أَيْ بَلْ يَنْقُضُهُ نَاقِضُ الْوُضُوءِ الْحَقِيقِيُّ وَالْحُكْمِيُّ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ خَلَفٌ عَنْ الْوُضُوءِ وَلَا شَكَّ أَنَّ حَالَ الْخَلَفِ دُونَ حَالِ الْأَصْلِ فَمَا كَانَ مُبْطِلًا لِلْأَعْلَى فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُبْطِلًا لِلْأَدْنَى وَمَا وَقَعَ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ مِنْ أَنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ وَيَنْقُضُهُ نَاقِضُ الْأَصْلِ وُضُوءًا كَانَ أَوْ غُسْلًا فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ نَقَضَ الْغُسْلَ نَقَضَ الْوُضُوءَ فَالْعِبَارَتَانِ عَلَى السَّوَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ عَنْ جَنَابَةٍ وَأَحْدَثَ حَدَثًا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، فَإِنَّ تَيَمُّمَهُ يَنْتَقِضُ بِاعْتِبَارِ الْحَدَثِ فَتَثْبُتُ أَحْكَامُ الْحَدَثِ لَا أَحْكَامُ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّهُ مُحْدِثٌ وَلَيْسَ بِجُنُبٍ.
(قَوْلُهُ: وَقُدْرَةُ مَاءٍ فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) أَيْ وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا الْقُدْرَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْكَافِي الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَتِهِ قَيَّدْنَا بِالْكَافِي؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فَلَوْ وَجَدَ الْمُتَيَمِّمُ مَاءً فَتَوَضَّأَ بِهِ فَنَقَصَ عَنْ إحْدَى رِجْلَيْهِ إنْ كَانَ غَسَلَ كُلَّ عُضْوٍ ثَلَاثًا أَوْ مَرَّتَيْنِ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَوْ مَرَّةً لَا يَنْتَقِضُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ وَجَدَ مَاءً يَكْفِيهِ إذْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَرَّةِ كَفَاهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَقَيَّدْنَا بِالْفَاضِلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فَاضِلًا عَنْهَا فَهُوَ مَشْغُولٌ بِهَا، وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ كَمَا بَيَّنَّاهُ وَفِي قَوْلِهِ وَقُدْرَةُ مَاءٍ إشَارَتَانِ الْأُولَى إفَادَةُ أَنَّ الْوُجُودَ الْمَذْكُورَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ الْوُجُودِ الْمَذْكُورِ فِي الْكَفَّارَاتِ، فَإِنَّهُ بِمَعْنَى الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ أُبِيحَ لَهُ الْمَاءُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ لِلْقُدْرَةِ وَلَوْ عُرِضَ عَلَى الْمُعْسِرِ الْحَانِثِ الرَّقَبَةُ يَجُوزُ لَهُ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ الْإِعْتَاقِ الثَّانِيَةِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْقُدْرَةِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ الْمَشْرُوطَةِ بِالْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ كَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَإِنَّ الْمَرِيضَ إذَا تَيَمَّمَ لِلْمَرَضِ ثُمَّ زَالَ مَرَضُهُ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَمَنْ تَيَمَّمَ لِلْبَرْدِ ثُمَّ زَالَ الْبَرْدُ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُبْتَغَى
فَإِذَا تَيَمَّمَ لِلْمَرَضِ أَوْ لِلْبَرْدِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ ثُمَّ فَقَدَ الْمَاءَ ثُمَّ زَالَ الْمَرَضُ أَوْ الْبَرْدُ يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مَوْجُودًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا مَنَعَ وُجُودُهُ التَّيَمُّمَ نَقَضَ وُجُودُهُ التَّيَمُّمَ وَمَا لَا فَلَا فَلَوْ قَالُوا وَيَنْقُضُهُ زَوَالُ مَا أَبَاحَ التَّيَمُّمُ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ وَإِسْنَادُ النَّقْضِ إلَى زَوَالِ مَا أَبَاحَ التَّيَمُّمَ إسْنَادٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّ النَّاقِضَ حَقِيقَةٌ إنَّمَا هُوَ الْحَدَثُ السَّابِقُ بِخُرُوجِ النَّجَسِ وَزَوَالُ الْمُبِيحِ شَرْطٌ لِعَمَلِ الْحَدَثِ السَّابِقِ عَمَلُهُ عِنْدَهُ وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إلَى عَشْرِ حِجَجٍ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ خُرُوجُ ذَلِكَ التُّرَابِ الَّذِي تَيَمَّمَ بِهِ مِنْ الطَّهُورِيَّةِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَيَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ أَثَرِهِ، وَهُوَ طَهَارَةُ الْمُتَيَمِّمِ لَكِنْ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ قَطْعَ الِاعْتِبَارِ الشَّرْعِيِّ طَهُورِيَّةُ التُّرَابِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ مُقْتَصِرًا، فَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذْ لَوْ اسْتَنَدَ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَوَاتِ السَّابِقَةِ وَمَا قِيلَ إنَّهُ وَصْفٌ يَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ فَيَسْتَوِي فِيهِ الِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ لَا يُفِيدُ دَفْعًا وَلَا يَمَسُّهُ وَالْأَوْجَهُ الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ فَإِذَا وَجَدَهُ فَلْيَمَسَّهُ بَشَرَتَهُ وَفِي إطْلَاقِهِ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِ تَخْصِيصِ النَّاقِضِيَّةِ بِالْوِجْدَانِ خَارِجَ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ اهـ.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يُفِيدُ إلَّا انْتِهَاءَ الطَّهُورِيَّةِ بِوَجْدِ الْمَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِهَاءِ الطَّهُورِيَّةِ انْتِهَاءُ الطَّهَارَةِ الْحَاصِلَةِ بِهِ كَالْمَاءِ تَزُولُ عَنْهُ الطَّهُورِيَّةُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَتَبْقَى الطَّهَارَةُ
ــ
[منحة الخالق]
وَالصَّلَاةُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ فَحَبَطَتْ ثَوَابًا وَعَمَلًا فَيَلْزَمُ إعَادَتُهَا، وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَطَهَارَةٌ مَخْصُوصَةٌ شُرِطَتْ لِاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ مَحْضَةٍ لَكِنَّهُ يَصِيرُ عِبَادَةً بِالنِّيَّةِ فَالرِّدَّةُ تُحْبِطُ كَوْنَ الْوُضُوءِ عِبَادَةً لَا كَوْنَهُ طَهَارَةً فَيَبْقَى الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا طَهَارَتَانِ تَصِحُّ بِهِمَا الصَّلَاةُ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. فَوَائِدُ.
(قَوْلُهُ: فَالْعِبَارَتَانِ عَلَى السَّوَاءِ) فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ نَقَضَ الْوُضُوءَ كُلُّ شَيْءٍ نَقَضَ الْغُسْلَ لَكِنْ لَا يَنْقُضُ الْغُسْلَ كُلُّ مَا نَقَضَ الْوُضُوءَ، فَإِنَّ الْوُضُوءَ يَنْقُضُهُ الْحَدَثُ، وَهُوَ لَا يَنْقُضُ الْغُسْلَ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بِنَفْسِهِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مِنْ قَوْلِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ عَنْ جَنَابَةٍ إلَخْ فَقَدْ نَقَضَ الْوُضُوءَ مَا لَمْ يَنْقُضْ الْجَنَابَةَ فَلَمْ يَقَعْ قَوْلُهُ وَيَنْقُضُهُ أَيْ التَّيَمُّمَ نَاقِضُ الْوُضُوءِ كُلِّيًّا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَظَهَرَ بِهَذَا أَوْلَوِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْأَصْلِ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ لِشُمُولِهِ التَّيَمُّمَ عَنْ الْحَدَثِ وَالْجَنَابَةِ كَذَا فِي الْمِنَحِ وَنَحْوِهِ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالُوا وَيَنْقُضُهُ زَوَالُ مَا أَبَاحَ التَّيَمُّمُ) أَيْ بَدَلُ قَوْلِهِمْ وَقُدْرَةُ مَاءٍ لَكَانَ أَظْهَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ) قَالَ فِي الدُّرَرِ وَعَلَيْهِ لَوْ تَيَمَّمَ لِبُعْدِهِ مِيلًا
الْحَاصِلَةُ بِهِ وَالْجَوَابُ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ التُّرَابَ طَهُورِيَّتُهُ مُؤَقَّتَةٌ بِشَيْءٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِهِ، وَهُوَ وُجُودُ الْمَاءِ فَثَبَتَ بِهِ الطَّهَارَةُ الْمُؤَقَّتَةُ الْحَاصِلَةُ عَلَى صِفَةِ الْمُطَهِّرِ فَإِذَا زَالَتْ طَهُورِيَّتُهُ زَالَتْ طَهَارَتُهُ وَالْمَاءُ لَمَّا كَانَ مُطَهِّرًا وَلَا تَزُولُ طَهُورِيَّتُهُ بِدُونِ شَيْءٍ يَتَّصِلُ بِهِ ثَبَتَ بِهِ الطَّهَارَةُ عَلَى التَّأْبِيدِ؛ لِأَنَّ طَهُورِيَّتَهُ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا شَيْءٌ عَلَى التَّأْبِيدِ إلَيْهِ أَشَارَ فِي الْخَبَّازِيَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَوْقِيتِ الطَّهُورِيَّةِ تَأْقِيتُ الطَّهَارَةِ بَلْ هُوَ عَيْنُ النِّزَاعِ فَالْأَوْجَهُ الِاسْتِدْلَال بِبَقِيَّةِ الْحَدِيثِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ تَبَعًا لِمَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ مَرْوِيٌّ فِي الْمَصَابِيحِ وَالتَّقْيِيدُ بِعَشْرَةِ حِجَجٍ لِبَيَانِ طُولِ الْمُدَّةِ لَا لِلتَّقْيِيدِ بِهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80] ، فَإِنَّهُ لِبَيَانِ الْكَثْرَةِ لَا لِلتَّحْدِيدِ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى
وَقَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ قَوْلُهُمْ إنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ نَاقِضٌ حَقِيقَةً لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عِنْدَهُمَا لَيْسَ بِطَهَارَةٍ ضَرُورِيَّةِ وَلَا خَلَفٌ عَنْ الْوُضُوءِ بَلْ هُوَ أَحَدُ نَوْعَيْ الطَّهَارَةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ عَمَلُ الْحَدَثِ السَّابِقِ عَمَلُهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ شَرْطًا لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَحُصُولِ الطَّهَارَةِ فَعِنْدَ وُجُودِهَا لَمْ يَبْقَ مَشْرُوعًا فَانْتَفَى؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوطِ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْضِ انْتِفَاؤُهُ وَالنَّائِمُ عَلَى صِفَةٍ لَا تُوجِبُ النَّقْضَ كَالنَّائِمِ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا إذَا مَرَّ عَلَى مَاءٍ كَافٍ مَقْدُورِ الِاسْتِعْمَالِ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا أَمَّا النَّائِمُ عَلَى صِفَةٍ تُوجِبُ النَّقْضَ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْخِلَافُ إذْ التَّيَمُّمُ انْتَقَضَ بِالنَّوْمِ؛ وَلِهَذَا صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَجْمَعِ فِي النَّاعِسِ لَكِنْ يُتَصَوَّرُ فِي النَّوْمِ النَّاقِضِ أَيْضًا بِأَنْ كَانَ مُتَيَمِّمًا عَنْ جَنَابَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي التَّوْشِيحِ: وَالْمُخْتَارُ فِي الْفَتَاوَى عَدَمُ الِانْتِقَاضِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ وَبِقُرْبِهِ مَاءٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ جَازَ تَيَمُّمُهُ اتِّفَاقًا اهـ.
وَفِي التَّجْنِيسِ جَعَلَ الِاتِّفَاقَ فِيمَا إذَا كَانَ بِجَنْبِهِ بِئْرٌ، وَلَا يَعْلَمُ بِهَا، وَأَثْبَتَ الْخِلَافَ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ وَصَحَّحَ عَدَمَ الِانْتِقَاضِ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا النَّائِمَ كَالْمُسْتَيْقِظِ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً كَمَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي آخِرِ فَتَاوَاهُ فِي مَسْأَلَةِ النَّائِمِ الْمُتَيَمِّمِ
وَفِي الصَّائِمِ إذَا نَامَ عَلَى قَفَاهُ وَفَمُهُ مَفْتُوحٌ فَوَصَلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ وَفِيمَنْ جَامَعَهَا زَوْجُهَا، وَهِيَ نَائِمَةٌ فَسَدَ صَوْمُهَا وَفِي الْمُحْرِمَةِ إذَا جُومِعَتْ نَائِمَةٌ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ وَفِي الْمُحْرِمِ النَّائِمِ إذَا حَلَقَ رَأْسَهُ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَفِي الْمُحْرِمِ إذَا انْقَلَبَ عَلَى صَيْدٍ وَقَتَلَهُ وَجَبَ الْجَزَاءُ وَفِي الْمَارِّ بِعَرَفَةَ نَائِمًا، فَإِنَّهُ مُدْرِكٌ لِلْحَجِّ وَفِي الصَّيْدِ سِرَايَةِ إلَيْهِ بِالسَّهْمِ إذَا وَقَعَ عِنْدَ نَائِمٍ فَمَاتَ مِنْهَا، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى ذَكَاتِهِ وَفِيمَنْ انْقَلَبَ عَلَى مَالِ إنْسَانٍ فَأَتْلَفَهُ يَضْمَنُ وَفِيمَنْ وَقَعَ عَلَى مُورِثِهِ فَقَتَلَهُ يُحْرَمُ مِنْ الْمِيرَاثِ عَلَى قَوْلٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِيمَنْ رَفَعَ نَائِمًا فَوَضَعَهُ تَحْتَ جِدَارٍ فَسَقَطَ عَلَيْهِ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ وَفِي عَدَمِ صِحَّةِ الْخَلْوَةِ وَمَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ نَائِمٌ وَفِيمَنْ نَامَ فِي بَيْتٍ فَجَاءَتْهُ زَوْجَتُهُ وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ صَحَّتْ الْخَلْوَةُ وَفِي امْرَأَةٍ نَائِمَةٍ دَخَلَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَمَكَثَ سَاعَةً صَحَّتْ الْخَلْوَةُ وَفِي صَغِيرٍ ارْتَضَعَ مِنْ ثَدْيِ نَائِمَةٍ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ وَفِيمَنْ تَكَلَّمَ فِي صَلَاتِهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَفِيمَنْ قَرَأَ فِي صَلَاتِهِ، وَهُوَ نَائِمٌ حَالَةَ الْقِيَامِ تُعْتَبَرُ تِلْكَ الْقِرَاءَةُ فِي رِوَايَةٍ وَفِيمَنْ تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ، وَهُوَ نَائِمٌ فَسَمِعَهُ رَجُلٌ تَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ وَفِيمَنْ قَرَأَ عِنْدَ نَائِمٍ آيَةَ السَّجْدَةِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ أَخْبَرَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي قَوْلٍ وَفِيمَنْ قَرَأَهَا، وَهُوَ نَائِمٌ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ أُخْبِرَ يَلْزَمُ
ــ
[منحة الخالق]
فَسَارَ فَانْتَقَصَ انْتَقَضَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَلَمْ يَجُزْ أَدَاءُ فَرْضَيْنِ بِالتَّيَمُّمِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهَا طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ حِينَئِذٍ بَلْ يُنَاسِبُ قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إنْ كَانَ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا فَلَا يُنَاسِبُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الشَّرْطِ يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوطِ) ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الشَّرْطِ عَدَمٌ وَلَا مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا أُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمَشْرُوطِ اسْتَلْزَمَهُ، وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ لِمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَجَوَازِ التَّيَمُّمِ مُسَاوٍ لِلْآخَرِ تَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي هَذَا الْبَحْثُ فِي كَلَامِهِ مَعَ زِيَادَةٍ وَقَدْ يُقَالُ مَا أَجَابَ بِهِ هَذَا الْفَاضِلُ يُفِيدُ أَنَّهُ عِنْدَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ تَنْتَفِي مَشْرُوعِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاءُ الطَّهَارَةِ الْحَاصِلَةِ بِالتَّيَمُّمِ السَّابِقِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بِتِلْكَ الطَّهَارَةِ بَعْدَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَطْلُوبِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَأَثْبَتَ الْخِلَافُ إلَخْ) قَالَ فِي الشرنبلالية نَقْلًا عَنْ الْبُرْهَانِ تَبَعًا لِلْكَمَالِ إذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله بِجَوَازِهِ لِمُسْتَيْقِظٍ عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَكَيْفَ يَقُولُ بِانْتِقَاضِ تَيَمُّمِ الْمَارِّ بِهِ مَعَ تَحَقُّقِ غَفْلَتِهِ اهـ.
وَأَجَابَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِقَوْلِهِ لَكِنْ رُبَّمَا يُفَرَّقُ لِلْإِمَامِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّوْمَ فِي حَالَةِ السَّفَرِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَشْعُرُ بِالْمَاءِ نَادِرٌ خُصُوصًا عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَخَلَّلُهُ الْيَقِظَةُ الْمُشْعِرَةُ بِالْمَاءِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ نَوْمُهُ فَجُعِلَ كَالْيَقْظَانِ حُكْمًا أَوْ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ وَلَا كَذَلِكَ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِالْمَاءِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْهِدَايَةِ وَالنَّائِمُ قَادِرٌ تَقْدِيرًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ) الْمَذْكُورُ هُنَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ، وَهِيَ كَذَلِكَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ
الْقَارِئَ فِي قَوْلٍ وَفِيمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَجَاءَ الْحَالِفُ وَكَلَّمَهُ، وَهُوَ نَائِمٌ وَلَمْ يَسْتَيْقِظْ الْأَصَحُّ حِنْثُهُ وَفِيمَنْ مَسَّ مُطَلَّقَتَهُ النَّائِمَةَ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُرَاجِعًا وَفِي نَائِمٍ قَبَّلَتْهُ مُطَلَّقَتُهُ الرَّجْعِيَّةُ بِشَهْوَةٍ يَصِيرُ مُرَاجِعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ
وَفِي امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا، وَهُوَ نَائِمٌ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ إذَا عَلِمَ بِفِعْلِهَا وَفِي امْرَأَةٍ قَبَّلَتْ النَّائِمَ بِشَهْوَةٍ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ إذَا صَدَّقَهَا عَلَى الشَّهْوَةِ وَفِي الِاحْتِلَامِ فِي الصَّلَاةِ يُوجِبُ الِاسْتِقْبَالَ وَفِيمَنْ نَامَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ تَصِيرُ الصَّلَاةُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَفِي عَقْدِ النِّكَاحِ بِحَضْرَةِ النَّائِمِينَ يَجُوزُ فِي قَوْلٍ وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ السَّمَاعِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْإِبَاحَةَ كَالْمِلْكِ فِي النَّقْضِ فَلَوْ وَجَدُوا مِقْدَارَ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمْ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ، فَإِنَّ الْأَبَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ لَهُ تَمَلُّكَ مَالَ الِابْنِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَلَوْ وَهَبَ لِجَمَاعَةٍ مَاءً يَكْفِي أَحَدَهُمْ لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُمْ أَمَّا عِنْدَهُ فَلِفَسَادِهَا لِلشُّيُوعِ، وَأَمَّا عِنْدَ هُمَا فَلِلِاشْتِرَاكِ فَلَوْ أَذِنُوا لِوَاحِدٍ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُمْ وَلَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ لِفَسَادِهَا وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ إذْنُهُمْ فَانْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الصَّحِيحُ فَسَادُ التَّيَمُّمِ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ هَذَا مَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَكُونُ مَمْلُوكًا فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمْ فِيهِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَا يَحِلُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ وَلَوْ كَانُوا فِي الصَّلَاةِ فَجَاءَ رَجُلٌ بِكُوزٍ مِنْ مَاءِ وَقَالَ هَذَا لِفُلَانٍ مِنْهُمْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ خَاصَّةً فَإِذَا فَرَغُوا وَسَأَلُوهُ الْمَاءَ، فَإِنْ أَعْطَاهُ لِلْإِمَامِ تَوَضَّأَ وَاسْتَقْبَلُوا مَعَهُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ مَنَعَ تَمَّتْ صَلَاتُهُمْ وَعَلَى مَنْ أَعْطَاهُ الِاسْتِقْبَالُ وَلَوْ قَالَ يَا فُلَانُ خُذْ الْمَاءَ وَتَوَضَّأْ فَظَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ أَنَّهُ يَدْعُوهُ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إذَا رَأَى مَعَ رَجُلٍ مَاءً كَافِيًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ الْإِعْطَاءُ أَوْ عَدَمُهُ أَوْ يَشُكُّ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا إنْ سَأَلَهُ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا إنْ أَعْطَاهُ أَوْ لَا فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، فَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْإِعْطَاءُ قَطَعَ وَطَلَبَ الْمَاءَ، فَإِنْ أَعْطَاهُ تَوَضَّأَ، وَإِلَّا فَتَيَمُّمُهُ بَاقٍ فَلَوْ أَتَمَّهَا ثُمَّ سَأَلَهُ، فَإِنْ أَعْطَاهُ اسْتَأْنَفَ، وَإِنْ أَبَى تَمَّتْ، وَكَذَا إذَا أَبَى ثُمَّ أَعْطَى، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ أَوْ شَكَّ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ، فَإِنْ قَطَعَ وَسَأَلَ، فَإِنْ أَعْطَاهُ تَوَضَّأَ، وَإِلَّا فَتَيَمُّمُهُ بَاقٍ، وَإِنْ أَتَمَّ ثُمَّ سَأَلَ، فَإِنْ أَعْطَاهُ بَطَلَتْ، وَإِنْ أَبَى تَمَّتْ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَا تَجُوزُ عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ، فَإِنْ سَأَلَ بَعْدَهَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ أَعَادَ، وَإِلَّا فَلَا سَوَاءٌ ظَنَّ الْإِعْطَاءَ أَوْ الْمَنْعَ أَوْ الشَّكَّ، وَإِنْ سَأَلَ، فَإِنْ أَعْطَاهُ تَوَضَّأَ، وَإِنْ مَنَعَهُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى، فَإِنْ أَعْطَاهُ بَعْدَهَا لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَيَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ وَلَا يَتَأَتَّى فِي هَذَا الْقِسْمِ الظَّنُّ أَوْ الشَّكُّ
وَهَذَا حَاصِلُ مَا فِي الزِّيَادَاتِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا الضَّبْطُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الْإِعْطَاءُ لَا تَبْطُلُ بَلْ إذَا أَتَمَّهَا وَسَأَلَهُ وَلَمْ يُعْطِهِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ ظَنَّهُ كَانَ خَطَأً كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ بُطْلَانِهَا بِمُجَرَّدِ غَلَبَةِ ظَنِّ الْإِعْطَاءِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ إلَّا أَنَّ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ ذَكَرَ الْبُطْلَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِمُجَرَّدِ الظَّنِّ عَنْ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ فَهِيَ تَمْنَعُ التَّيَمُّمَ وَتَرْفَعُهُ) أَيْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَاءِ تَمْنَعُ جَوَازَ التَّيَمُّمِ ابْتِدَاءً وَتَرْفَعُهُ بَقَاءً، وَهَذَا تَكْرَارٌ مَحْضٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَدَّ الْأَعْذَارَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَلَمَّا قَالَ وَقُدْرَةُ مَاءٍ عُلِمَ أَنَّهُ تَرْفَعُهُ الْقُدْرَةُ وَلَا يَبْقَى إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ ابْتِدَاءً فَلَا فَائِدَةَ بِذِكْرِهِ ثَانِيًا وَلَا يَلِيقُ بِمِثْلِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَحْضٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَدَّ بَعْضَ الْأَعْذَارِ وَلَمْ يَسْتَوْفِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا بَيَّنَّاهُ أَوَّلًا فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ حَصْرُ الْأَعْذَارِ فِي الْمَعْدُودِ وَقَدْ ذَكَرَ ضَابِطًا لَهَا لِتَتِمَّ الْأَعْذَارُ فَكَانَ فِيهِ فَائِدَةٌ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَرَاجِي الْمَاءِ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ) يَعْنِي عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِهِ الْوَافِي وَالْمُرَادُ بِالرَّجَاءِ غَلَبَةُ الظَّنِّ أَيْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَجِدُ الْمَاءَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ، وَهَذَا إذَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ الْأَصَحُّ حِنْثُهُ) هُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُخْتَصَرِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَا يَحِلُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَدَمُ حِلِّ التَّصَرُّفِ إنْ كَانَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُمْ فَمُسَلَّمٌ وَلَا يَضُرُّنَا، وَإِنْ كَانَ لِلْمَأْذُونِ لَهُ فَمَمْنُوعٌ اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَحْضٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا بَعْدَ تَسْلِيمِهِ إنَّمَا يَصْلُحُ جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِ تَمْنَعُ التَّيَمُّمَ وَكَأَنَّ التَّكْرَارَ مُسَلَّمٌ عِنْدَهُ فِي قَوْلِهِ وَتَرْفَعُهُ.
كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَوْضِعٍ يَرْجُوهُ مِيلٌ أَوْ أَكْثَرُ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ لَا يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُوهُ لَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الِانْتِظَارِ احْتِمَالٌ وُجِدَ أَنَّ الْمَاءَ فَيُؤَدِّيهَا بِأَكْمَلِ الطَّهَارَتَيْنِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَجَاءٌ وَطَمَعٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي الِانْتِظَارِ وَأَدَاءُ الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ التَّأْخِيرُ فَضِيلَةً لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ كَتَكْبِيرِ الْجَمَاعَةِ وَلَا يَتَأَتَّى هَذَا فِي حَقِّ مَنْ فِي الْمَفَازَةِ فَكَانَ التَّعْجِيلُ أَوْلَى؛ وَلِهَذَا كَانَ أَوْلَى لِلنِّسَاءِ أَنْ يُصَلِّينَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يَخْرُجْنَ إلَى الْجَمَاعَةِ كَذَا فِي مَبْسُوطَيْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَتَعَقُّبُهُمْ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا سَهْوٌ وَقَعَ مِنْ الشَّارِحِينَ وَلَيْسَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا كَذَلِكَ، فَإِنَّ كَلَامَ أَئِمَّتِنَا صَرِيحٌ فِي اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ جَمَاعَةٍ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّيَمُّمِ مَفْهُومٌ وَالصَّرِيحُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ.
وَأَجَابَ عَنْهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ بِأَنَّ الصَّرِيحَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا تَضَمَّنَ ذَلِكَ فَضِيلَةً كَتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّأْخِيرِ فَائِدَةٌ وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَبًّا وَهَلْ يُؤَخِّرُ عِنْدَ الرَّجَاءِ إلَى وَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ إلَى وَقْتِ الْجَوَازِ أَقْوَالٌ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ عَلَى ثِقَةٍ فَإِلَى آخِرِ وَقْتِ الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى طَمَعٍ فَإِلَى آخِرِ وَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ وَأَصَحُّهَا الْأَوَّلُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالْحَقُّ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي فِي مَبْسُوطِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ لَا يَرْجُو فَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا الْمَعْهُودِ أَيْ عَنْ وَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ أَوَّلُ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ الْوَقْتِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا
أَمَّا إذَا كَانَ يَرْجُو فَالْمُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا عَنْ هَذَا الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ اسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ إذَا كَانَ لَا يَرْجُو، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ الْفِعْلَ فِي أَوَّلِ وَقْتِ الْجَوَازِ حَتَّى يَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَمَعٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي فِي وَقْتٍ مُسْتَحَبٍّ وَلَمْ يَقُلْ يُصَلِّي فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَالَ الْكَرْدَرِيُّ فِي مَنَاقِبِهِ: وَالْأَوْجَهُ أَنْ يَحْمِلَ اسْتِحْبَابَ التَّأْخِيرِ مَعَ الرَّجَاءِ إلَى آخِرِ النِّصْفِ الثَّانِي وَعَدَمَ اسْتِحْبَابِهِ إلَى هَذَا عِنْدَ عَدَمِ الرَّجَاءِ بَلْ الْأَفْضَلُ عِنْدَ عَدَمِ الرَّجَاءِ الْأَدَاءُ فِي أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْفِرَ بِالْفَجْرِ فِي وَقْتٍ يُؤَدِّي الصَّلَاةَ بِالْقِرَاءَةِ الْمَسْنُونَةِ ثُمَّ لَوْ بَدَا لَهُ فِي الصَّلَاةِ الْأُولَى رَيْبٌ يُؤَدِّي الثَّانِيَةَ بِالطَّهَارَةِ وَالتِّلَاوَةِ الْمَسْنُونَةِ أَيْضًا وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا الْمُسَافِرُ إذَا كَانَ عَلَى تَيَقُّنٍ مِنْ وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ غَالِبِ ظَنِّهِ عَلَى ذَلِكَ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَتَيَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَصَلَّى إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ مِقْدَارُ مِيلٍ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ وَلَكِنْ يَخَافُ الْفَوْتَ لَا يَتَيَمَّمُ اهـ.
فَحَاصِلُهُ أَنَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ إلَخْ) أَقُولُ: يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي صَرَّحَ أَئِمَّتُنَا فِيهَا بِاسْتِحْبَابِ التَّأْخِيرِ كُلُّهَا مُتَضَمِّنَةٌ فَضِيلَةً مِنْهَا تَأْخِيرُ الْفَجْرِ إلَى الْإِسْفَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ وَتَوْسِيعِ الْحَالِ عَلَى النَّائِمِ وَالضَّعِيفِ فِي إدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَمِنْهَا الْإِبْرَادُ فِي ظُهْرِ الصَّيْفِ لِمَا فِي التَّعْجِيلِ مِنْ تَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ وَالْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ، فَإِنَّ الْحُرَّ يُؤْذِيهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» وَمِنْهَا تَأْخِيرُ الْعَصْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْسِعَةِ الْوَقْتِ لِصَلَاةِ النَّوَافِلِ وَمِنْهَا تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَى مَا قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَعْدَهَا وَقِيلَ فِي الصَّيْفِ يُعَجِّلُ كَيْ لَا تَتَقَلَّلَ الْجَمَاعَةُ فَهَذِهِ الْعِلَلُ كُلُّهَا مُصَرَّحٌ بِهَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَهِيَ مَفْقُودَةٌ فِي الْمُسَافِرِ، فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا وَعَدَمُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَيُبَاحُ لَهُ السَّمَرُ بَعْدَ الْعِشَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِي تَأْخِيرِهِ فَضِيلَةٌ فَكَانَ الْأَفْضَلُ لَهُ الْمُسَارَعَةَ إلَى الصَّلَاةِ وَقَوْلُ الشُّرَّاحِ كَتَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ لَيْسَ فِيهِ حَصْرُ الْفَضِيلَةِ فِيهَا بَلْ هُوَ تَمْثِيلٌ لَهَا وَذِكْرٌ لِبَعْضِ أَفْرَادِهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ اسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إلَخْ) حَاصِلُهُ تَحْقِيقُ أَنَّ غَيْرَ رَاجِي الْمَاءِ يُؤَخِّرُ أَيْضًا وَلَكِنْ إلَى أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الْوَقْتِ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ مِنْ عَدَمِ تَأْخِيرِهِ أَصْلًا لِتَصْرِيحِهِمْ بِاسْتِحْبَابِ تَأْخِيرِ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ كَالْفَجْرِ إلَى الْأَسْفَارِ وَظُهْرِ الصَّيْفِ وَالْعَصْرِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ وَالْعِشَاءُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ عَلَى أَنَّ مُحَمَّدًا رحمه الله لَمْ يُقَيِّدْ اسْتِحْبَابَ التَّأْخِيرِ بِالرَّاجِي فَشَمَلَ غَيْرَهُ أَيْضًا لَكِنَّ الرَّاجِيَ يُؤَخِّرُ عَنْ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَغَيْرُهُ لَا يُؤَخِّرُ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ عَنْ وَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ) ظَاهِرُ إتْيَانِهِ بِأَيِّ التَّفْسِيرِيَّةِ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مِنْ عِنْدَهُ لَا مِنْ كَلَامِ الْمَبْسُوطِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْمَعْهُودِ ذَلِكَ بَلْ هُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ مَا لَمْ يَتَضَمَّنْ التَّأْخِيرَ فَضِيلَةٌ بَلْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ الْمَعْهُودُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَوَّلَ الْوَقْتِ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الدَّلَالَةِ مِنْ الْخَفَاءِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَيُصَلِّي فِي وَقْتٍ مُسْتَحَبٍّ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يُرَادَ بِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْخَصْمَ قَائِلٌ بِأَنَّهُ وَالْمُسْتَحَبُّ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ التَّأْخِيرُ فَضِيلَةً؛ وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي الْإِسْبِيجَابِيِّ مُشْتَرَكُ