الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمِسَلَّةُ
وَأَمَّا مَا دُونَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ إلْحَاقًا بِمَوَاضِعِ الْخَرْزِ ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ وَالِانْكِشَافِ) أَيْ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ الْمُتَفَرِّقَةِ حَيْثُ تُجْمَعُ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي خُفَّيْهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَان أَوْ فِي الْمَجْمُوعِ وَبِخِلَافِ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ الْمُتَفَرِّقِ كَانْكِشَافِ شَيْءٍ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَشَيْءٍ مِنْ ظَهْرِهَا وَشَيْءٍ مِنْ فَخِذِهَا وَشَيْءٍ مِنْ سَاقِهَا حَيْثُ يُجْمَعُ لِمَنْعِ جَوَازِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ فِي الْعَوْرَةِ انْكِشَافُ الْقَدْرِ الْمَانِعِ وَفِي النَّجَاسَةِ هُوَ كَوْنُهُ حَامِلًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ الْمَانِعِ وَقَدْ وُجِدَ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْخُرُوقُ فِي الْخُفِّ، فَإِنَّمَا مُنِعَ لِامْتِنَاعِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ مَعَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ خُفٍّ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ إلَيْهِ أَشَارَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ كَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ وَمَا فِيهِ هَذَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ النَّجَاسَةَ لَوْ كَانَتْ فِي ثَوْبِ الْمُصَلِّي أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَتَحْتَ قَدَمَيْهِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَكِنْ لَوْ جُمِعَ بَلَغَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا يُجْمَعُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا وَالْخَرْقُ فِي أُذْنَيْ الْأُضْحِيَّةِ هَلْ يُجْمَعُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَأَعْلَامُ الثَّوْبِ تُجْمَعُ اهـ.
يَعْنِي: إذَا كَانَ فِي الثَّوْبِ أَعْلَامٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَكَانَتْ إذَا جُمِعَتْ بَلَغَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ، فَإِنَّهَا تُجْمَعُ وَلَا يَجُوزُ لُبْسُهُ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَيَنْقُضُهُ نَاقِضُ الْوُضُوءِ) أَيْ وَيَنْقُضُ الْمَسْحَ كُلُّ شَيْءٍ نَقَضَ الْوُضُوءَ حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ بَعْضُ الْوُضُوءِ فَمَا نَقَضَ الْكُلَّ نَقَضَ الْبَعْضَ وَعَلَّلَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ بِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ فَيَنْقُضُهُ نَاقِضُ أَصْلِهِ كَالتَّيَمُّمِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ بِبَدَلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ لَا يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ وَالْمَسْحُ يَجُوزُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ بَلْ التَّحْقِيقُ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ وَالْمَسْحَ خَلَفٌ (قَوْلُهُ: وَنَزْعُ خُفٍّ) أَيْ وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا نَزْعُ خُفٍّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ سَرَى إلَى الْقَدَمَيْنِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ الرَّأْسَ ثُمَّ حَلَقَ الشَّعْرَ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ الرَّأْسِ خِلْقَةً فَالْمَسْحُ عَلَيْهِ مَسْحٌ عَلَى الرَّأْسِ كَمَا لَوْ مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ ثُمَّ حَكَّهُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ) أَيْ وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا مُضِيُّ الْمُدَّةِ لِلْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّأْقِيتِ
وَاعْلَمْ أَنَّ نَزْعَ الْخُفِّ وَمُضِيَّ الْمُدَّةِ غَيْرُ نَاقِضٍ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا النَّاقِضُ لَهُ الْحَدَثُ السَّابِقُ لَكِنَّ الْحَدَثَ يَظْهَرُ عِنْدَ وُجُودِهِمَا فَأُضِيفَ النَّقْضُ إلَيْهِمَا مَجَازًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ، فَإِنْ قِيلَ لَا حَدَثَ لِيَسْرِيَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ حَلَّ بِالْخُفِّ ثُمَّ زَالَ بِالْمَسْحِ فَلَا يَعُودُ إلَّا بِسَبَبِهِ مِنْ الْخَارِجِ النَّجَسِ وَنَحْوِهِ قُلْنَا جَازَ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّرْعُ ارْتِفَاعَ الْحَدَثِ بِمَسْحِ الْخُفِّ مُقَيَّدًا بِمُدَّةِ مَنْعِهِ ثُمَّ عَلِمْنَا وُقُوعَ مِثْلِهِ فِي التَّيَمُّمِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي ارْتِفَاعِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ الصَّعِيدَ تَقْيِيدَهُ بِمُدَّةِ اعْتِبَارِهِ عَامِلًا أَعْنِي مُدَّةَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ وَيُنَاسِبُ ذَلِكَ لِوَصْفِ الْبَدَلِيَّةِ، وَهُوَ فِي الْمَسْحِ ثَابِتٌ بَلْ هُوَ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَإِنَّ الْمَسْحَ، وَإِنْ كَانَ بِالْمَاءِ لَكِنَّهُ يَدُلُّ عَنْ وَظِيفَةِ الْغَسْلِ وَالْخُفِّ عَنْ الرِّجْلِ فَوَجَبَ تَقْيِيدُ الِارْتِفَاعِ فِيهِ بِمُدَّةٍ اعْتِبَارُهُ بَدَلًا يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ الْأَصْلُ كَمَا تَقَيَّدَ فِي التَّيَمُّمِ بِمُدَّةِ كَوْنِهِ بَدَلًا يُفِيدُ مَا يُفِيدُهُ الْأَصْلُ مَعَ أَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الِاحْتِيَاطِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ ذَهَابَ رِجْلِهِ مِنْ الْبَرْدِ) أَيْ يَنْقُضُهُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخَافَ عَلَى رِجْلِهِ الْعَطَبَ بِالنَّزْعِ وَمَفْهُومٌ أَنَّهُ إذَا خَافَ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ بِمُدَّةٍ إلَى أَنْ يَزُولَ هَذَا الْخَوْفُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ عِنْدَ الْخَوْفِ وَتَعَقَّبَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ خَوْفَ الْبَرْدِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي مَنْعِ السِّرَايَةِ كَمَا أَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُهَا فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ لَكِنْ لَا يَمْسَحُ بَلْ يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ الْبَرْدِ وَعَنْ هَذَا نَقَلَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ تَأْوِيلَ الْمَسْحِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ مَسْحُ جَبِيرَةٍ لَا كَمَسْحِ الْخُفِّ فَعَلَى هَذَا يَسْتَوْعِبُ الْخُفَّ عَلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى أَوْ أَكْثَرُهُ، وَهُوَ غَيْرُ الْمَفْهُومِ مِنْ اللَّفْظِ الْمُؤَوَّلِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُتِمُّ إذَا كَانَ مُسَمَّى الْجَبِيرَةِ يَصْدُقُ عَلَى سَاتِرٍ لَيْسَ تَحْتَهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ) قَالَ فِي الْمِنَحِ قُلْت يَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْجَمْعِ احْتِيَاطًا فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ.
[مَا يَنْقُضُ الْمَسْحَ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ بِبَدَلٍ) سَيَأْتِي قَرِيبًا تَقْرِيرُهُ لِخِلَافِهِ وَكَذَا يَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ بَانِيًا عَلَيْهِ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَبِيرَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْمَسْحِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ إعَادَةُ الشَّعْرِ وَالصَّوَابُ الْمَسْحُ (قَوْلُهُ: لِوَصْفِ الْبَدَلِيَّةِ) مُنَافٍ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ بِبَدَلٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ الْمَفْهُومِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَيْ التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ
مَحَلُّ وَجَعٍ بَلْ عُضْوٌ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ يَخَافُ مِنْ كَشْفِهِ حُدُوثُ الْمَرَضِ لِلْبَرْدِ وَيَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ كُلِّيَّةِ مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ عَلَى عُضْوٍ أَوْ اسْوِدَادِهِ وَيَقْتَضِي أَيْضًا عَلَى ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ جَوَازَ تَرْكِهِ رَأْسًا، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ إعْطَاؤُهُمْ حُكْمَ الْمَسْأَلَةِ اهـ.
وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَلَوْ مَضَتْ، وَهُوَ يَخَافُ الْبَرْدَ عَلَى رِجْلِهِ بِالنَّزْعِ يَسْتَوْعِبُ بِالْمَسْحِ كَالْجَبَائِرِ اهـ فَأَفَادَ الِاسْتِيعَابَ وَأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَبَائِرِ لَا جَبِيرَةً حَقِيقَةً
وَأَمَّا كُلِّيَّةُ مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ فَمَخْصُوصَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَبِيرَةٌ أَوْ مَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهَا، وَأَمَّا جَوَازُ تَرْكِهِ رَأْسًا فَالْمُفْتَى بِهِ عَدَمُهُ فِي الْجَبِيرَةِ كَمَا سَيَأْتِي فَكَذَا فِي الْمُلْحَقِ بِهَا وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَاءَ يَمْضِي عَلَى الْأَصَحِّ فِي صَلَاتِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي النَّزْعِ؛ لِأَنَّهُ لِلْغَسْلِ وَلَا مَاءَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ تَفْسُدُ اهـ.
وَفِي التَّبْيِينِ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ أَشْبَهُ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الرِّجْلِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لَهُ وَيُصَلِّي كَمَا لَوْ بَقِيَ مِنْ أَعْضَائِهِ لُمْعَةٌ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُهَا بِهِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَكَذَا هَذَا اهـ.
وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُمَا غَسْلُ رِجْلَيْهِ فَقَطْ) أَيْ بَعْدَ النَّزْعِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ غَسْلُ رِجْلَيْهِ فَقَطْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ إذَا كَانَ عَلَى وُضُوءٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ هُوَ الَّذِي حَلَّ بِقَدَمِهِ وَقَدْ غَسَلَ بَعْدَهُ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ وَبَقِيَتْ الْقَدَمَانِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا غَسْلُهُمَا وَلَا مَعْنَى لِغَسْلِ الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَنَا وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمَاسِحَ عَلَى الْخُفِّ إذَا أَحْدَثَ فَانْصَرَفَ لِيَتَوَضَّأَ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ
(قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ أَكْثَرِ الْقَدَمِ نَزْعٌ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْهُ بِخُرُوجِ نِصْفِهِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَعْنِي ثَلَاثَةَ أَصَابِعِ الْيَدِ طُولًا لَا يَنْتَقِضُ، وَإِلَّا اُنْتُقِضَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْكَافِي وَالْمِعْرَاجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النِّصَابِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ خَرَجَ أَكْثَرُ الْعَقِبِ يَعْنِي إذَا أَخْرَجَهُ قَاصِدًا إخْرَاجَ الرِّجْلِ بَطَلَ الْمَسْحُ حَتَّى لَوْ بَدَا لَهُ إعَادَتُهَا فَأَعَادَهَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَعْرَجَ يَمْشِي عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَقَدْ ارْتَفَعَ عَقِبُهُ عَنْ مَوْضِعِ عَقِبِ الْخُفِّ إلَى السَّاقِ لَا يَمْسَحُ أَمَّا لَوْ كَانَ الْخُفُّ وَاسِعًا يَرْتَفِعُ الْعَقِبُ بِرَفْعِ الرِّجْلِ إلَى السَّاقِ وَيَعُودُ بِوَضْعِهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ يَبْقَى فِيهِ مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ وَفِي الْبَدَائِعِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: فَأَفَادَ الِاسْتِيعَابَ وَأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَبَائِرِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْفَتْحِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَإِمَّا كُلِّيَّةً إلَخْ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَيَسْتَلْزِمُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا جَوَازُ تَرْكِهِ رَأْسًا إلَخْ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَيَقْتَضِي إلَخْ قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ مِنْ التَّكَلُّفِ. اهـ.
(وَأَجَابَ) بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ مَسْأَلَةِ كُلِّيَّةِ التَّيَمُّمِ بِأَنَّ مَسْأَلَةَ التَّيَمُّمِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ مُقَيَّدَةٌ بِالْجُنُبِ، وَأَمَّا الْمُحْدِثُ الْخَائِفُ مِنْ الْبَرْدِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ خَوْفِ الْبَرْدِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فَهِيَ فِي الْمُحْدِثِ إذْ الْجُنُبُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ كَمَا لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: وَفِي التَّبْيِينِ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ أَشْبَهُ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا حَظَّ لِلرِّجْلَيْنِ فِيهِ بَلْ هُوَ طَهَارَةٌ لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ، وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ عُضْوَيْنِ كَمَا أَنَّ الْوُضُوءَ طَهَارَةٌ لِجَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهُ أَرْبَعَةَ أَعْضَاءٍ وَكَذَا لَوْ خَافَ إنْ نَزَعَهُمَا ذَهَابُ رِجْلَيْهِ مِنْ الْبَرْدِ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَلَى مَا حَقَّقَهُ الشَّيْخُ كَمَالُ الدِّينِ بْنُ الْهُمَامِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الشَّرْحِ اهـ.
أَيْ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لَهَا وَأَقُولُ: ظَاهِرُ الْمُتُونِ كَالْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا الْمَسْحُ لَا التَّيَمُّمُ فِي مَسْأَلَةِ خَوْفِ ذَهَابِ رِجْلَيْهِ وَلَيْسَ التَّرْجِيحُ بِالْهَيِّنِ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ وَازْدَدْ نَقْلًا فِي كَلَامِهِمْ يَظْهَرُ لَك الرَّاجِحُ مِنْ الْمَرْجُوحِ اهـ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ نَعَمْ ظَاهِرُ الْمُتُونِ الْمَسْحُ لَكِنْ يُرَادُ بِالْمَسْحِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى جَمِيعِهِ كَالْجَبِيرَةِ وَلَا يَتَوَقَّتُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِي غَيْرِ كِتَابٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى، فَإِنْ مَضَتْ، وَهُوَ يَخَافُ الْبَرْدَ عَلَى رِجْلَيْهِ بِالنَّزْعِ يَسْتَوْعِبُ الْمَسْحَ كَالْجَبَائِرِ وَيُصَلِّي وَكَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْإِيضَاحِ وَالْحَاوِي وَمُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ اهـ.
قُلْت وَكَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَإِمْدَادِ الْفَتَّاحِ وَشَرْحَيْ الْعَلَّامَةِ الْحَصْكَفِيِّ عَلَى الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ فَعُلِمَ بِهَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ الرَّاجِحَ الْمَسْحُ لَا التَّيَمُّمُ وَنَقَلَهُ فِي السِّرَاجِ عَنْ الْمُشْكِلِ وَمُنْلَا خُسْرو وَعَنْ الْكَافِي وَعُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَفِي الْفَتْحِ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَالْمُحِيطِ وَلَمْ يَذْكُرُوا التَّيَمُّمَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْوُضُوءِ) قَالَ بَعْضُ مُحَشِّي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ.
اعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ غَسْلُ الْبَاقِي أَيْضًا مُرَاعَاةً لِلسُّنَّةِ أَعْنِي الْوَلَاءَ وَلَكِنَّ عِبَارَتَهُ لَا تُفِيدُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَدَبَّرْ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ بَقِيَّةِ الْوُضُوءِ كَمَا هُوَ عِبَارَةُ الْهِدَايَةِ يُشِيرُ إلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا غَسْلُهُمَا، وَهُوَ صَادِقٌ بِسُنِّيَّةِ غَسْلِ الْبَاقِي مُرَاعَاةً لِسُنِّيَّةِ الْمُوَالَاةِ بِاسْتِحْبَابِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ تَأَمَّلْ
وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: يَسْتَمْشِي، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْمَشْيُ الْمُعْتَادُ يَبْقَى الْمَسْحُ، وَإِلَّا يَنْتَقِضُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْقَدَمِ وَلَا بَأْسَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ لُبْسِ الْخُفِّ هُوَ الْمَشْيُ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْمَشْيُ عُدِمَ اللُّبْسُ فِيمَا قُصِدَ لَهُ؛ وَلِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ. اهـ.
وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِتَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ بِهِ جَدِيرٌ، فَإِنَّ الْحُكْمَ إذَا كَانَ دَائِرًا مَعَ الْأَصْلِ وُجُودًا وَعَدَمًا كَانَ الِاعْتِبَارُ لَهُ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ صَحِيحٌ مُتَّجَهٌ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعَقِبِ أَوْ أَكْثَرِهَا فِي السَّاقِ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ مِقْدَارُ مَا يَقْطَعُ بِهِ الْمَسَافَةَ بِوَاسِطَةِ مَا فِيهِ مِنْ الدَّوْسِ عَلَى نَفْسِ السَّاقِ
وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ بِنَزْعِ أَحَدِهِمَا يَجِبُ نَزْعُ الْآخَرِ لِئَلَّا يَكُونَ جِمَاعًا بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْخَلَفِ كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَهَلْ يَنْتَقِضُ أَيْضًا بِغَسْلِ الرِّجْلِ أَوْ أَكْثَرِهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِغَسْلِ الْأَكْثَرِ وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ الْمَسْحُ بِغَسْلِ الرِّجْلِ أَصْلًا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. اهـ.
وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْبَحْثِ فَارْجِعْ إلَيْهِ وَإِلَى هُنَا صَارَ نَوَاقِضُ الْمَسْحِ أَرْبَعَةً وَزَادَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ خَامِسًا، وَهُوَ خُرُوجُ الْوَقْتِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْعُذْرِ وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَسَحَ مُقِيمٌ فَسَافَرَ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَسَحَ ثَلَاثًا) سَوَاءٌ سَافَرَ قَبْلَ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ كَمَالِ مُدَّةِ الْمُقِيمِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مُدَّتَهُ تَتَحَوَّلُ إلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي خِلَافُ الشَّافِعِيِّ لَنَا الْعَمَلُ بِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ الْحَدِيثُ، وَهَذَا مُسَافِرٌ فَيَمْسَحُهَا بِخِلَافِ مَا بَعْدَ كَمَالِ مُدَّةِ الْمُقِيمِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ قَدْ سَرَى إلَى الْقَدَمِ، وَإِنَّمَا يَمْسَحُ عَلَى خُفِّ رَجُلٍ لَا حَدَثَ فِيهَا إجْمَاعًا.
وَأَمَّا مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ هَذِهِ عِبَادَةٌ ابْتَدَأَتْ حَالَةَ الْإِقَامَةِ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا حَالَةُ الِابْتِدَاءِ كَصَلَاةٍ ابْتَدَأَهَا مُقِيمًا فِي سَفِينَةٍ فَسَافَرَتْ وَصَوْمٍ شَرَعَ فِيهِ مُقِيمًا فَسَافَرَ حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهِ حُكْمُ الْإِقَامَةِ فَغَنِيَ عَنْ تَكَلُّفِ الْفَرْقِ لِعَدَمِ ظُهُورِ وَجْهِ الْجَمْعِ بِالْمُشْتَرَكِ الْمُؤَثِّرِ فِي الْحُكْمِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَبَيَانُهُ أَنَّ أَئِمَّتَنَا لَا يَرَوْنَ الْعِبَادَةَ وَصْفًا لَازِمًا لِلْمَسْحِ بَلْ إذَا كَانَ الْوُضُوءُ مَنْوِيًّا وَالنِّيَّةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهِ عِنْدَ هُمْ؛ وَلِأَنَّ الْمَسَحَاتِ فِي الْمُدَّةِ بِمَنْزِلَةِ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ لَا بِمَنْزِلَةِ صَوْمِ الْيَوْمِ بِدَلَالَةِ أَنَّ فَسَادَ بَعْضِ الْمَسَحَاتِ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْبَعْضِ الْآخَرِ كَمَا فِي صِيَامِ أَيَّامِ رَمَضَانَ وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ سَافَرَ فِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ يَسْقُطُ عَنْهُ وُجُوبُ الْأَدَاءِ فِيمَا بَقِيَ مَا دَامَ مُسَافِرًا وَلَا يَمْنَعُ كَوْنُهُ مُقِيمًا فِي أَوَّلِهِ مِنْ تَرَخُّصِهِ بِتَرْكِ أَدَاءِ الصَّوْمِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَكَذَا كَوْنُ الْمَاسِحِ مُقِيمًا فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَرَخُّصِهِ رُخْصَةَ الْمُسَافِرِ بِالْمَسْحِ إذَا كَانَ فِي آخِرِهَا مُسَافِرًا قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا جَاوَزَ الْعُمْرَانَ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِيهَا وَعَادَ إلَى مِصْرِهِ لِيَتَوَضَّأَ فَمَضَى يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَى مُصَلَّاهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَادَ إلَى مِصْرِهِ فَقَدْ صَارَ مُقِيمًا وَقَدْ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَفَسَدَتْ إلَّا أَنَّ الصَّدْرَ الشَّهِيدَ ذَكَرَ فِي الْوَاقِعَاتِ أَنَّ الْمَاسِحَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، وَهُوَ فِي حَالِ انْصِرَافِهِ مَعَ الْحَدَثِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ اسْتِحْسَانًا
وَلَوْ عَادَ إلَى مُصَلَّاهُ فِي مَسْأَلَتِنَا قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ انْتَقَلَتْ مُدَّتُهُ إلَى السَّفَرِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِتْمَامُ فِي هَذِهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ) حَيْثُ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْبَاقِي بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ فِيهِ كَذَلِكَ لَا يَنْتَقِضُ، وَهَذَا فِي التَّحْقِيقِ هُوَ مَرْمِيٌّ نَظَرًا لِكُلٍّ فَمَنْ نَقَضَ بِخُرُوجِ الْعَقِبِ لَيْسَ إلَّا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَعَ حُلُولِ الْعَقِبِ فِي السَّاقِ لَا يُمْكِنُهُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ فِيهِ وَقَطْعُ الْمَسَافَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ تَعُودُ إلَى مَحَلِّهَا عِنْدَ الْوَضْعِ وَمَنْ قَالَ الْأَكْثَرُ فَلِظَنِّهِ أَنَّ الِامْتِنَاعَ مَنُوطٌ بِهِ وَكَذَا مَنْ قَالَ يَكُونُ الْبَاقِي قَدْرَ الْفَرْضِ وَهَذِهِ الْأُمُورُ إنَّمَا تُبْنَى عَلَى الْمُشَاهَدَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعَقِبِ فِي السَّاقِ يُعِيقُ عَنْ مُدَاوَمَةِ الْمَشْيِ دَوْسًا عَلَى السَّاقِ نَفْسِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَزَادَ فِي السِّرَاجِ خَامِسًا إلَخْ) قَالَ الْعَارِفُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ رُبَّمَا يُقَالُ خُرُوجُ الْوَقْتِ عَلَى الْمَعْذُورِ نَاقِضٌ لِوُضُوئِهِ كُلِّهِ لَا لِمَسْحِ الْخُفِّ فَقَطْ فَيَدْخُلُ ذَلِكَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ سَافَرَ قَبْلَ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْتَرَضَهُمَا فِي النَّهْرِ بِأَنَّ قَوْلَهُ مَسَحَ لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ سَافَرَ قَبْلَ انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ مَسْحِهِ سَبْقُ حَدَثٍ لِجَوَازِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءًا عَلَى وُضُوءٍ وَيَمْسَحُ فِي الثَّانِي قُلْت هَذَا مَعَ بُعْدِهِ مُفَوِّتٌ لِتَقْيِيدِ مَحَلِّ الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْقُدُورِيِّ وَمَنْ ابْتَدَأَ مُدَّةَ الْمَسْحِ فَسَافَرَ يَدْفَعُ هَذَا لِمَا أَنَّ ابْتِدَاءَهَا مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي خِلَافُ الشَّافِعِيِّ رحمه الله) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ قُلْت خِلَافُ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا سَافَرَ بَعْدَ الْحَدَثِ وَالْمَسْحُ قَبْلَ كَمَالِ مُدَّةِ الْمُقِيمِ، وَأَمَّا إذَا سَافَرَ بَعْدَ الْحَدَثِ وَمَسَحَ فِي السَّفَرِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ فِي الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَسْحَ مُسَافِرٍ مِنْ حِينِ أَحْدَثَ فِي الْحَضَرِ؛ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْعِبَادَةِ فِي السَّفَرِ فَثَبَتَ لَهُ رُخْصَةُ السَّفَرِ كَذَا فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ لِلنَّوَوِيِّ اهـ.
قُلْت: وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِلْقَاضِي زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ أَيْضًا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ مَسْحَ مُقِيمٍ فَسَافَرَ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.