الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِمَا تَحْتَهُ؛ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ مَسْحٌ فَلَا يَكُونُ بَدَلًا عَنْ مَسْحٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْ غَسْلٍ وَالرَّأْسُ مَمْسُوحٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ التَّيَمُّمُ فِي الرَّأْسِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ
بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ
لِهَذَا زِيَادَةُ تَحْقِيقٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْقُنْيَةِ مُسَافِرَانِ انْتَهَيَا إلَى مَاءِ فَزَعَمَ أَحَدُهُمَا نَجَاسَتَهُ فَتَيَمَّمَ وَزَعَمَ الْآخَرُ طَهَارَتَهُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ مُتَوَضِّئٌ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ وَأَمَّهُمَا ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي صَلَاتِهِ فَذَهَبَ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ وَأَتَمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَلَاةَ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْتَدِ بِصَاحِبِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ صَاحِبَهُ مُحْدِثٌ، وَبِهِ أَفْتَى أَئِمَّةُ بَلْخٍ، وَهُوَ حَسَنٌ. اهـ.
(بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ) ذَكَرَهُ بَعْدَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا طَهَارَةُ مَسْحٍ وَقَدَّمَهُ عَلَيْهِ لِثُبُوتِهِ بِالْكِتَابِ، وَهَذَا ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمَسْحُ لُغَةً إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ وَاصْطِلَاحًا عِبَارَةٌ عَنْ رُخْصَةٍ مُقَدَّرَةٍ جُعِلَتْ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا وَالْخُفُّ فِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِلْمُتَّخَذِ مِنْ الْجِلْدِ السَّاتِرِ لِلْكَعْبَيْنِ فَصَاعِدًا وَمَا أُلْحِقَ بِهِ وَسُمِّيَ الْخُفُّ خُفًّا مِنْ الْخِفَّةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ خَفَّ بِهِ مِنْ الْغَسْلِ إلَى الْمَسْحِ ثُمَّ يَحْتَاجُ هُنَا إلَى مَعْرِفَةِ سِتَّةِ أَشْيَاءَ:
أَحَدُهُمَا: أَصْلُ الْمَسْحِ.
وَالثَّانِي: مَعْرِفَةُ مُدَّتِهِ.
وَالثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ الْخُفِّ الَّذِي يَجُوزُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ.
وَالرَّابِعُ: مَعْرِفَةُ مَا يَنْتَقِضُ بِهِ الْمَسْحُ.
وَالْخَامِسُ: مَعْرِفَةُ حُكْمِهِ إذَا انْتَقَضَ.
وَالسَّادِسُ: مَعْرِفَةُ صُورَتِهِ.
وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (صَحَّ) أَيْ جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالصِّحَّةُ فِي الْعِبَادَاتِ عَلَى مَا فِي التَّوْضِيحِ كَوْنُهَا بِحَيْثُ تُوجِبُ تَفْرِيغَ الذِّمَّةِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي مَفْهُومِهَا اعْتِبَارًا أَوَّلِيًّا إنَّمَا هُوَ الْمَقْصُودُ الدُّنْيَوِيُّ، وَهُوَ تَفْرِيغُ الذِّمَّةِ، وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهَا الثَّوَابُ مَثَلًا، وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأُخْرَوِيُّ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي مَفْهُومِهِ اعْتِبَارًا أَوَّلِيًّا وَالْوُجُوبُ كَوْنُ الْفِعْلِ بِحَيْثُ لَوْ أَتَى بِهِ يُثَابُ وَلَوْ تَرَكَهُ يُعَاقَبُ فَالْمُعْتَبَرُ فِي مَفْهُومِهِ اعْتِبَارًا أَوَّلِيًّا هُوَ الْمَقْصُودُ الْأُخْرَوِيُّ، وَإِنْ كَانَ يَتْبَعُهُ الْمَقْصُودُ الدُّنْيَوِيُّ كَتَفْرِيغِ الذِّمَّةِ وَنَحْوِهِ اهـ.
وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا هَلْ جَوَازُهُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ أَوْ بِالسُّنَّةِ فَقِيلَ بِالْكِتَابِ عَمَلًا بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ، فَإِنَّهَا لَمَّا عَارَضَتْ قِرَاءَةَ النَّصْبِ حُمِلَتْ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُتَخَفِّفًا وَحُمِلَتْ قِرَاءَةُ النَّصْبِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَخَفِّفًا وَاخْتَارَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ: لَمْ يَثْبُتْ بِالْكِتَابِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ جَوَازَهُ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْمَاسِحَ عَلَى الْخُفِّ لَيْسَ مَاسِحًا عَلَى الرِّجْلِ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا؛ لِأَنَّ الْخُفَّ اُعْتُبِرَ مَانِعًا سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَمَا حَلَّ بِالْخُفِّ أُزِيلَ بِالْمَسْحِ فَهُوَ عَلَى الْخُفِّ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَحَمَلُوا قِرَاءَةَ الْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمَغْسُولِ وَالْجَرُّ لِلْمُجَاوَرَةِ وَقَدْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِجَوَازِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا حَتَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا قُلْت بِالْمَسْحِ حَتَّى جَاءَنِي فِيهِ مِثْلُ ضَوْءِ النَّهَارِ وَعَنْهُ أَخَافُ الْكُفْرَ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْآثَارَ الَّتِي جَاءَتْ فِيهِ فِي حَيِّزِ التَّوَاتُرِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ خَبَرُ الْمَسْحِ يَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِهِ لِشُهْرَتِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ لَيْسَ فِي قَلْبِي شَيْءٌ مِنْ الْمَسْحِ فِيهِ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا رَفَعُوا وَمَا وَقَفُوا وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَدْرَكْت سَبْعِينَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرَوْنَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَمَنْ لَمْ يَرَ الْمَسْحَ عَلَيْهِمَا جَائِزًا مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَدْ صَحَّ رُجُوعُهُمْ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مُنْكِرَ الْمَسْحِ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ مَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ سُئِلَ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَقَالَ هُوَ أَنْ تُفَضِّلَ الشَّيْخَيْنِ وَتُحِبَّ الْخَتَنَيْنِ وَتَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ وَاجِبًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ كَذَا قَالُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَسْحُ وَاجِبًا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَوْ غَسَلَ بِهِ رِجْلَيْهِ لَا يَكْفِي وُضُوءَهُ وَلَوْ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ يَكْفِيهِ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ وَمِنْهَا مَا لَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَمْسَحُ وَمِنْهَا إذَا خَافَ فَوْتَ الْوُقُوفِ
ــ
[منحة الخالق]
[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]
(قَوْلُهُ: وَاصْطِلَاحًا عِبَارَةٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هُوَ إصَابَةُ الْيَدِ الْمُبْتَلَّةِ الْخُفَّ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا فِي الْمَوْضِعِ الْمَخْصُوصِ فِي الْمُدَّةِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: هُوَ أَنْ تُفَضِّلَ الشَّيْخَيْنِ وَتُحِبَّ الْخَتَنَيْنِ) الْمُرَادُ مِنْ الشَّيْخَيْنِ سَيِّدُنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمِنْ الْخَتَنَيْنِ سَيِّدُنَا عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ
بِعَرَفَةَ لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذَا مِنْ أَئِمَّتِنَا لَكِنِّي رَأَيْته فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَقَوَاعِدِنَا لَا تَأْبَاهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَمْ يَجْعَلْهُ مُسْتَحَبًّا؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ كَانَ أَفْضَلَ لِإِتْيَانِهِ بِالْغَسْلِ إذْ هُوَ أَشَقُّ عَلَى الْبَدَنِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَيْضًا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَالْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الرُّسْتُغَفْنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَسْحَ أَفْضَلُ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَمَّا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الرَّوَافِضَ وَالْخَوَارِجَ لَا يَرَوْنَهُ، وَأَمَّا لِلْعَمَلِ بِقِرَاءَةِ النَّصْبِ وَالْجَرِّ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْمُنْذِرِ احْتَجَّ مَنْ فَضَّلَ الْمَسْحَ بِقَوْلِهِ عليه السلام فِي حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بِهَذَا أَمَرَنِي رَبِّي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَالْأَمْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوُجُوبِ كَانَ لِلنَّدْبِ وَلَنَا حَدِيثُ عَلِيٍّ قَالَ رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ صَفْوَانَ ذِكْرُ الرُّخْصَةِ وَالْأَخْذِ بِالْعَزِيمَةِ أَوْلَى، فَإِنْ قِيلَ فَهَذِهِ رُخْصَةٌ إسْقَاطٌ لِمَا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَشْرُوعًا وَلَا يُثَابَ عَلَى إتْيَانِ الْعَزِيمَةِ هَاهُنَا إذْ لَا تَبْقَى الْعَزِيمَةُ مَشْرُوعَةً إذَا كَانَتْ الرُّخْصَةُ لِلْإِسْقَاطِ كَمَا فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ قُلْنَا الْعَزِيمَةُ لَمْ تَبْقَ مَشْرُوعَةً مَا دَامَ مُتَخَفِّفًا أَيْضًا وَالثَّوَابُ بِاعْتِبَارِ النَّزْعِ وَالْغَسْلِ، وَإِذَا نَزَعَ صَارَتْ مَشْرُوعَةً وَسَقَطَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ فِي حَقِّهِ أَيْضًا فَكَانَ هَذَا نَظِيرَ مَنْ تَرَكَ السَّفَرَ سَقَطَ عَنْهُ سَبَبُ رُخْصَةِ سُقُوطِ الْقَصْرِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ تَارِكَ السَّفَرِ آثِمٌ اهـ.
وَهَكَذَا أَجَابَ النَّسَفِيُّ وَشُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ وَمَبْنَى السُّؤَالِ عَلَى أَنَّهُ رُخْصَةُ إسْقَاطٍ وَمَنَعَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ رحمه الله وَخَطَّأَهُمْ فِي تَمْثِيلِهِمْ بِهِ فِي الْأُصُولِ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ لَوْ خَاضَ مَاءً بِخُفِّهِ فَانْغَسَلَ أَكْثَرُ قَدَمَيْهِ بَطَلَ الْمَسْحُ وَكَذَا لَوْ تَكَلَّفَ غَسْلُهُمَا مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ أَجْزَأَهُ عَنْ الْغَسْلِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْعَزِيمَةَ مَشْرُوعَةٌ مَعَ الْخُفِّ اهـ.
وَدَفَعَهُ الْمُحَقِّقُ الْعَلَّامَةُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّ مَبْنَى هَذِهِ التَّخْطِئَةِ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْفَرْعِ، وَهُوَ مَنْقُولٌ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ لَكِنْ فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ كَلِمَتَهُمْ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الْخُفَّ اُعْتُبِرَ شَرْعًا مَانِعًا سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ فَتَبْقَى الْقَدَمُ عَلَى طَهَارَتِهَا وَيَحِلُّ الْحَدَثُ بِالْخُفِّ فَيُزَالُ بِالْمَسْحِ وَبَنَوْا عَلَيْهِ مَنْعَ الْمَسْحِ لِلْمُتَيَمِّمِ وَالْمَعْذُورِينَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِيَّاتِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ غَسْلَ الرِّجْلِ فِي الْخُفِّ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ إذَا لَمْ يَبْتَلَّ مَعَهُ ظَاهِرُ الْخُفِّ فِي أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ بِهِ الْحَدَثُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى مَعَ حَدَثٍ وَاجِبِ الرَّفْعِ إذْ لَوْ لَمْ يَجِبْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الرِّجْلِ جَازَتْ الصَّلَاةُ بِلَا غَسْلٍ وَلَا مَسْحٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَرَكَ ذِرَاعَيْهِ وَغَسَلَ مَحَلًّا غَيْرَ وَاجِبِ الْغَسْلِ كَالْفَخِذِ وَوِزَانُهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِلَا فَرْقٍ لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْجُرْمُوقَيْنِ فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَذَكَرَ فِيهَا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مَشْرُوعًا) أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ الْغَسْلُ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ (قَوْلُهُ مَا دَامَ مُتَخَفِّفًا أَيْضًا) لَفْظُ أَيْضًا مُسْتَدْرَكٌ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَوِزَانُهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِلَا فَرْقٍ) قَالَ فِي الشرنبلالية يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ نَفْيَ الْفَرْقِ فِيهِ تَأَمُّلٌ، وَإِنَّ الْأَوْجَهِيَّةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى مَا إذَا خَاضَ الْمَاءَ لَا عَلَى مَا إذَا تَكَلَّفَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ دَاخِلَهُ وَلَمْ يَحْكُمْ ذَلِكَ الْفَرْعُ بِالْإِجْزَاءِ بِالْخَوْضِ فِيمَا ذُكِرَ صَرِيحًا بِبُطْلَانِ الْمَسْحِ وَوَجْهُ التَّأَمُّلِ هُوَ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ أَنَّهُ لَمْ يَرْتَفِعْ الْحَدَثُ بِغَسْلِ الرِّجْلِ دَاخِلَ الْخُفِّ لِكَوْنِهِ كَغَسْلِ مَا لَمْ يَجِبْ فَلَمْ يَقَعْ مُعْتَدًّا بِهِ ثُمَّ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَلَمْ يُوجِبْ النَّزْعَ لِحُصُولِ الْغَسْلِ دَاخِلَ الْخُفِّ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ ثُبُوتَ الْفَرْقِ اهـ.
وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ فِي دَفْعِ الْأَوْجَهِيَّةِ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ ذَكَرَ الْإِجْزَاءَ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ تَكَلَّفَ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَا لَوْ خَاضَ فَقَالَ فِيهَا بَطَلَ الْمَسْحُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِجْزَاءَ فِيهَا وَيَرُدُّ عَلَى الْمُحَقِّقِ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ بِهِ لِابْتِلَالِ ظَاهِرِ الْخُفِّ لَا لِغَسْلِ الرِّجْلِ، وَهَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ ثُمَّ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ إلَخْ وَاعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ أَيْضًا أَوْ لَا بِأَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى تَقْدِيرِ انْغِسَالِ الرِّجْلَيْنِ كِلْتَيْهِمَا عَلَى التَّمَامِ مَعَ ابْتِلَالِ قَدْرِ الْفَرْضِ مِنْ ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ مَعَ عَدَمِ بُطْلَانِ الْمَسْحِ وَالْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ الْفَرْعِ انْغِسَالُ أَكْثَرِ الرِّجْلِ وَبُطْلَانُ الْمَسْحِ وَوُجُوبُ نَزْعِ الْخُفَّيْنِ وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ وَفِي قَاضِي خَانْ انْغِسَالُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ وَبُطْلَانُ الْمَسْحِ كَذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ يُنَافِي مَا قَالَهُ وَثَانِيًا بِأَنَّا نُفَرِّقُ بَيْنَ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ مَعَ بَقَاءِ التَّخَفُّفِ وَمَسْحِ الْخُفِّ مَعَ بَقَاءِ الْجُرْمُوقِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ الْغَسْلُ فِي الْأَوَّلِ وَبَطَلَ مَسْحُ الْخُفِّ بِهِ وَلَمْ يُعْتَبَرْ الْمَسْحُ فِي الثَّانِي بِأَنَّ مَسْحَ الْخُفِّ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ وَلَا بَقَاءَ لِلْبَدَلِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ وَمَسْحُ الْجُرْمُوقِ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ مَسْحِ الْخُفِّ بَلْ هُوَ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ أَيْضًا فَعِنْدَ تَقَرُّرِ الْوَظِيفَةِ لَا يُعْتَبَرُ الْبَدَلُ الْآخَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ وِزَانُ الْأَوَّلِ وِزَانَ الثَّانِي اهـ.
وَاعْتَرَضَهُ أَيْضًا فَقَالَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَقَوْلُهُ إذَا لَوْ لَمْ يَجِبْ إلَخْ قُلْنَا عَدَمُ وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلِ عَيْنًا لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الْمَسْحِ عَيْنًا لِجَوَازِ كَوْنِ الْوَاجِبِ أَحَدَهُمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ الْمُخَيَّرَةِ وَتَشْبِيهُهُ بِتَرْكِ الذِّرَاعَيْنِ وَغَسْلِ الْفَخِذِ غَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى مَا لَا يَخْفَى، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ إنَّ كَلِمَتَهُمْ مُتَّفِقَةٌ إلَخْ فَهُوَ أَنَّ الْخُفَّ إنَّمَا اُعْتُبِرَ مَانِعًا سِرَايَةَ الْحَدَثِ تَرْخِيصًا لِدَفْعِ الْحَرَجِ اللَّازِمِ بِإِيجَابِ الْغَسْلِ عَيْنًا فَإِذَا حَصَلَ الْغَسْلُ زَالَ التَّرَخُّصُ لِزَوَالِ سَبَبِهِ الْمُخْتَصِّ هُوَ بِهِ فَقَدْرُ حُلُولِ الْحَدَثِ قَبِيلَ الْغَسْلِ مَحَلُّ الْغَسْلِ فِي مَحَلِّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَلَا مَحِيصَ حِينَئِذٍ عَنْ إشْكَالِ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى أَهْلِ الْأُصُولِ، وَأَمَّا اعْتِرَاضُهُ
أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ وَلَيْسَ إلَّا؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحَدَثِ وَالْأَوْجَهُ فِي ذَلِكَ الْفَرْعِ كَوْنُ الْأَجْزَاءِ إذَا خَاضَ النَّهْرَ لِابْتِلَالِ الْخُفِّ ثُمَّ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ إنَّمَا لَا يَتَقَيَّدُ بِهَا لِحُصُولِ الْغَسْلِ بِالْخَوْضِ وَالنَّزْعُ إنَّمَا وَجَبَ لِلْغَسْلِ وَقَدْ حَصَلَ اهـ.
وَظَاهِرُهُ تَسْلِيمُ التَّخْطِئَةِ لَوْ صَحَّ الْفَرْعُ وَقَدْ رَدَّ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ التَّخْطِئَةَ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْفَرْعِ أَيْضًا بِأَنَّ هَذَا سَهْوٌ وَقَعَ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْمَشْرُوعِيَّةِ الْجَوَازُ فِي نَظَرِ الشَّارِعِ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ لَا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَنْظِيرُهُمْ بِقَصْرِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ أَتَى بِالْعَزِيمَةِ بِأَنْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَعَدَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ يَأْثَمُ مَعَ أَنَّ فَرْضَهُ يَتِمُّ وَتَحْقِيقُ جَوَابِهِ أَنَّ الْمُتَرَخِّصَ مَا دَامَ مُتَرَخِّصًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَمَلُ بِالْعَزِيمَةِ فَإِذَا زَالَ التَّرَخُّصُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُسَافِرَ مَا دَامَ مُسَافِرًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِتْمَامُ حَتَّى إذَا افْتَتَحَهَا بِنِيَّةِ الْأَرْبَعِ يَجِبُ قَطْعُهَا وَالِافْتِتَاحُ بِالرَّكْعَتَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ فَإِذَا افْتَتَحَهَا بِنِيَّةِ ثِنْتَيْنِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ تَحَوَّلَتْ إلَى الْأَرْبَعِ فَالْمُتَخَفِّفُ مَا دَامَ مُتَخَفِّفًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْغَسْلُ حَتَّى إذَا تَكَلَّفَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ أَثِمَ، وَإِنْ أَجْزَأَهُ عَنْ الْغَسْلِ
وَإِذَا نَزَعَ الْخُفَّ وَزَالَ التَّرَخُّصُ صَارَ الْغَسْلُ مَشْرُوعًا يُثَابُ عَلَيْهِ وَالْعَجَبُ أَنَّ هَذَا مَعَ وُضُوحِهِ لِمَنْ تَدَرَّبَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ كَيْفَ خَفَى عَلَى فَحْلٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْفُحُولِ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَزِيمَةَ مَا كَانَ حُكْمًا أَصْلِيًّا غَيْرَ مَبْنِيٍّ عَلَى أَعْذَارِ الْعِبَادِ وَالرُّخْصَةُ مَا بُنِيَ عَلَى أَعْذَارِ الْعِبَادِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي تَعْرِيفِهِمَا عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ كَمَا عُرِفَ فِيهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ إذَا ابْتَلَّ قَدَمُهُ لَا يَنْتَقِضُ مَسْحُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَ الْقَدَمِ بِالْخُفِّ يَمْنَعُ سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الرِّجْلِ فَلَا يَقَعُ هَذَا غَسْلًا مُعْتَبَرًا فَلَا يُوجِبُ بُطْلَانَ
ــ
[منحة الخالق]
عَلَى الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّمَا يَتِمُّ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ تَمْثِيلِهِمْ وَعَدَمِ صِحَّةِ اعْتِرَاضِهِ عَلَيْهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: وَتَحْقِيقُ جَوَابِهِ) أَيْ جَوَابُ صَاحِبِ الْكَافِي الْإِمَامِ النَّسَفِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الدُّرَرِ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُؤَلَّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ حَيْثُ لَمْ يَنْقُلْ الْعِبَارَةَ بِعَيْنِهَا كَمَا قَالَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ وَلَمْ يَقُلْ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ (قَوْلُهُ: أَثِمَ) قَالَ فِي الشرنبلالية فِي تَأْثِيمِهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: وَالْعَجَبُ إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا سَبَقَ عَنْ صَاحِبِ الدُّرَرِ أَقُولُ: مَا قَالَهُ مِنْ الْمُرَادِ بِالْمَشْرُوعِيَّةِ، وَهُوَ الْجَوَازُ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَإِنَّ أَئِمَّتَنَا إنَّمَا يُرِيدُونَ بِمَشْرُوعِيَّةِ الْفِعْلِ الْجَوَازَ بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ غَيْرَ أَنَّ الثَّوَابَ مِنْ جُمْلَةِ أَحْكَامِ الْفِعْلِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْعِبَادَةُ فَغَسْلُ الرِّجْلِ حَالَ التَّخَفُّفِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا لَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ مِنْ جَوَازِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ وَاسْتِدْلَالُهُ بِتَنْظِيرِهِ مِنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّ الْمُسَافِرَ إذَا صَلَّى أَرْبَعًا وَقَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْعَزِيمَةِ وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ رَكْعَتَانِ لَا يُطِيقُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِمَا فَرْضًا كَمَا لَا يُطِيقُ الْمُقِيمُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْأَرْبَعِ فَرْضًا، وَإِنَّمَا يُتِمُّ فَرْضَهُ رَكْعَتَيْنِ فَحَسْبُ وَأَثِمَ لِبِنَاءِ النَّفْلِ، وَهُوَ الرَّكْعَتَانِ الْأُخْرَيَانِ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْفَرْضِ لَا؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْعَزِيمَةِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِهَا وَإِبَاحَتِهَا لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَخَفِّفِ الَّذِي انْغَسَلَ أَكْثَرُ رِجْلِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ الْغَسْلُ شَرْعًا وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَهُوَ بُطْلَانُ الْمَسْحِ وَلُزُومُ نَزْعِ الْخُفِّ لِإِتْمَامِ الْغَسْلِ وَلَوْ قَدَرَ أَنَّهُ غَسَلَ كِلْتَا الرِّجْلَيْنِ مُتَخَفِّفًا لَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ بِتَمَامِ الْمُدَّةِ وَلَا بِنَزْعِ الْخُفِّ مَعَ جَوَازِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُشْتَرَطُ لَهَا الطَّهَارَةُ بِهِ فَثَبَتَ مَشْرُوعِيَّةُ الْغَسْلِ حَالَ التَّخَفُّفِ بِمَعْنَى تَصَوَّرَ وُجُودُهُ شَرْعًا وَتَحَقُّقُهُ بِخِلَافِ الْإِتْمَامِ وَاعْتِرَاضُ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى أَهْلِ الْأُصُولِ مُقَرَّرٌ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ الْفَرْعِ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَهُوَ مَنْقُولٌ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا اهـ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَحَاصِلُهُ مَنْعُ كَوْنِ الْمَسْحِ رُخْصَةَ إسْقَاطٍ وَإِثْبَاتُ أَنَّهُ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ الرُّخْصَةِ، وَهُوَ مَا يُرَخَّصُ مَعَ قِيَامِ السَّبَبِ كَفِطْرِ الْمُسَافِرِ وَفِي هَذَا النَّوْعِ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْعَزِيمَةِ مَعَ وُجُودِ التَّرَخُّصِ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصُومَ فِي حَالِ السَّفَرِ وَيُثَابَ عَلَيْهِ فَالْمُتَخَفِّفُ إذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَالَ التَّخَفُّفِ يَكُونُ مَشْرُوعًا وَيُثَابُ عَلَيْهِ إذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا لَمَا بَطَلَ مَسْحُهُ إذَا خَاضَ الْمَاءَ وَدَخَلَ فِي الْخُفِّ وَلَمَّا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْمُحَقِّقِ كَمَالِ الدِّينِ وَكَلَامَ صَاحِبِ الدُّرَرِ عَلِمْت أَنَّ تَنْظِيرَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي إشْكَالِ الزَّيْلَعِيِّ بِمَلْحَظٍ غَيْرِ مَلْحَظِ الْآخَرِ فَمُحَصَّلُ مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُ مَنْعُ صِحَّةِ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَمَنْعُ صِحَّةِ الْفَرْعِ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ وَمُحَصَّلُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ صِحَّةُ كَلَامِهِ فِي ذَاتِهِ وَمَنْعُ وُرُودِهِ عَلَى النَّسَفِيِّ وَالْعَلَّامَةِ الْحَلَبِيِّ مَنَعَ مَنْعَهُ وَأَثْبَتَ وُرُودَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ وَرَدَّ كَلَامَ الْمُحَقِّقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ. مُلَخَّصًا.
لَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَالْحَلَبِيِّ مِنْ نَفْيِ رُخْصَةِ الْإِسْقَاطِ وَادِّعَاءِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي، فَإِنَّ حُكْمَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْعَزِيمَةِ أَوْلَى كَفِطْرِ الْمُسَافِرِ وَالْغَسْلُ حَالَ التَّخَفُّفِ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ وَلَيْسَ مِنْ رُخْصَةِ التَّرْفِيهِ فِي شَيْءٍ إذْ الْمَعْنَى رُخْصَةٌ مُخَفَّفَةٌ لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ عَنْ وَقْتِهِ لِلْعُذْرِ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُؤَخِّرَ كَقَصْرِ الْمُسَافِرِ فَلَوْ كَانَ مِنْهَا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ غَسْلُ الْمُتَخَفِّفِ أَفْضَلَ مِنْ مَسْحِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْمَقَامِ مِنْ الْكَلَامِ الْوَافِي لِتَحْقِيقِ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي فَمَنْ قَالَ إنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةُ تَرْفِيهٍ عِنْدَهُمَا فَقَدْ دَلَّ كَلَامُهُ عَلَى بُعْدٍ مِنْ فَهْمِ كَلَامِ الْفُحُولِ كَمَا
الْمَسْحِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ فِي سِيَاقِ نَقْلِهِ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْعِيَاضِيِّ لَا يَنْتَقِضُ، وَإِنْ بَلَغَ الْمَاءُ الرُّكْبَةَ. اهـ.
لَكِنْ ذَكَرَ فِي خَيْرِ مَطْلُوبٍ لَبِسَ خُفَّيْهِ عَلَى الطَّهَارَةِ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا فَدَخَلَ الْمَاءُ إحْدَاهُمَا إنْ وَصَلَ الْكَعْبَ حَتَّى صَارَ جَمِيعُ الرِّجْلِ مَغْسُولًا يَجِبُ غَسْلُ الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْكَعْبَ لَا يَنْتَقِضُ مَسْحُهُ
وَإِنْ أَصَابَ الْمَاءُ أَكْثَرَ إحْدَى رِجْلَيْهِ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقَدْ عَلِمْت صِحَّةَ مَا بَحَثَهُ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ غَيْرَ أَنَّهُ أَقَرَّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ رِجْلَيْهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَتَعَقَّبَهُ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُ رِجْلَيْهِ ثَانِيًا إذَا نَزَعَهُمَا أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْدِثٍ؛ لِأَنَّ عِنْدَ النَّزْعِ أَوْ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ يَعْمَلُ ذَلِكَ الْحَدَثُ السَّابِقُ عَمَلَهُ مِنْ السِّرَايَةِ إلَى الرِّجْلَيْنِ وَقْتَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إلَى مُزِيلٍ لَهُ عَنْهُمَا حِينَئِذٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُزِيلَ لَا يَظْهَرُ عَمَلُهُ فِي حَدَثٍ طَارِئٍ بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ امْرَأَةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَاسِحُ امْرَأَةً لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْخِطَابَ الْوَارِدَ فِي أَحَدِهِمَا يَكُونُ وَارِدًا فِي حَقِّ الْآخَرِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى التَّخْصِيصِ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاجَّةِ وَلِغَيْرِهَا سَفَرًا وَحَضَرًا.
(قَوْلُهُ: لَا جُنُبًا) أَيْ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ النَّفْيِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْوِيرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَجْنَبَ وَقَدْ لَبِسَ عَلَى وُضُوءٍ وَجَبَ نَزْعُ خُفَّيْهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْجَنَابَةَ أَلْزَمَتْهُ غُسْلَ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَمَعَ الْخُفِّ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ وَفِي الْكِفَايَةِ صُورَتُهُ تَوَضَّأَ وَلَبِسَ جَوْرَبَيْنِ مُجَلَّدَيْنِ ثُمَّ أَجْنَبَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشُدَّهُمَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ مُضْطَجِعًا وَيَمْسَحَ عَلَيْهِ اهـ.
وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا فِي النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاغْتِسَالُ مَعَ وُجُودِ الْخُفِّ مَلْبُوسًا وَقِيلَ صُورَتُهُ مُسَافِرٌ أَجْنَبَ وَلَا مَاءَ عِنْدَهُ فَتَيَمَّمَ وَلَبِسَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَوَجَدَ مَاءً يَكْفِي وُضُوءَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ سَرَتْ إلَى الْقَدَمَيْنِ وَالتَّيَمُّمُ لَيْسَ بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ إذَا لَبِسَهُمَا عَلَى طَهَارَتِهِ فَيَنْزِعُهُمَا وَيَغْسِلُهُمَا فَإِذَا فَعَلَ وَلَبِسَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَعِنْدَهُ مَاءٌ يَكْفِي لِلْوُضُوءِ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدَثَ يَمْنَعُهُ الْخُفُّ السِّرَايَةَ لِوُجُودِهِ بَعْدَ اللُّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَلَوْ مَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَاءٍ كَثِيرٍ عَادَ جُنُبًا فَإِذَا لَمْ يَغْتَسِلْ حَتَّى فَقَدَهُ تَيَمَّمَ لَهُ فَإِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ مَاءٌ يَكْفِي لِلْوُضُوءِ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ جُنُبًا، فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ مَاءٌ لِلْوُضُوءِ فَقَطْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ وَعَلَى هَذَا تَجْرِي الْمَسَائِلُ وَقَدْ ذَكَرَ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ أَنَّ هَذَا تَكَلُّفٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ
وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ كَوْنُ اللُّبْسِ عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ لَا طَهَارَةِ التَّيَمُّمِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ طَهَارَةَ التَّيَمُّمِ لَيْسَتْ بِطَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، فَإِنْ أُرِيدَ بِعَدَمِ كَمَالِهَا عَدَمُ الرَّفْعِ عَنْ الرِّجْلَيْنِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ إصَابَةِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوَظِيفَةِ حِسًّا فَيَمْنَعُ تَأْثِيرُهُ فِي نَفْيِ الْكَمَالِ الْمُعْتَبَرِ فِي الطَّهَارَةِ الَّتِي يَعْقُبُهَا اللُّبْسُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ الْحُكْمُ الْمَذْكُورَ بِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى طَهَارَةِ الْمَاءِ وَلَمْ يُرِدْ مِنْ قَوْلِهِ مَا يُوَسِّعُ مَوْرِدَهُ فَيَلْزَمُ فِيهِ الْمَاءُ قَصْرًا عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ وَحَدِيثُ صَفْوَانَ صَرِيحٌ فِي مَنْعِهِ لِلْجَنَابَةِ. اهـ.
وَهُوَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ خُزَيْمَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
ــ
[منحة الخالق]
دَلَّ عَلَى قِصَرِ بَاعِهِ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَقَدْ عَلِمْت صِحَّةَ مَا بَحَثَهُ الْمُحَقِّقُ إلَخْ) قَالَ فِي الشرنبلالية قُلْت لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ فَرْعٍ يُخَالِفُ فَرْعًا غَيْرَهُ بُطْلَانُهُ كَيْفَ وَقَدْ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ بِقَوْلِهِ مَاسِحُ الْخُفِّ إذَا دَخَلَ الْمَاءُ خُفَّهُ وَابْتَلَّ مِنْ رِجْلِهِ قَدْرَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ أَوْ أَقَلَّ لَا يَبْطُلُ مَسْحُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يُجْزِئُ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلِ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ حُكْمُ الْمَسْحِ، وَإِنْ ابْتَلَّ بِهِ جَمِيعُ الْقَدَمِ وَبَلَغَ الْكَعْبَ بَطَلَ الْمَسْحُ مَرْوِيٌّ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله اهـ.
وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي التَّتَارْخَانِيَّة ثُمَّ قَالَ وَيَجِبُ غَسْلُ الرِّجْلِ الْأُخْرَى ذَكَرَهُ فِي حَيْرَةِ الْفُقَهَاءِ وَعَنْ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ إذَا أَصَابَ الْمَاءُ أَكْثَرَ إحْدَى رِجْلَيْهِ يُنْقَضُ مَسْحُهُ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْغَسْلِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَفِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ م وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا لَا يَنْتَقِضُ الْمَسْحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي نَوَاقِضِ الْمَسْحِ وَذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّ غَسْلَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ يَنْقُضُهُ فِي الْأَصَحِّ اهـ.
فَهَذَا نَصٌّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْفَرْعِ وَضَعُفَ مَا يُقَابِلُهُ اهـ. كَلَامُهُ.
(قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ تِلْمِيذُهُ إلَخْ) قَالَ فِي الشرنبلالية أَجَابَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْمُحِبِّيُّ أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْعَهُ عَنْ هَذَا مُنِعَ بِأَنَّ صِحَّةَ الْغَسْلِ دَاخِلَ الْخُفِّ الْآنَ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمَانِعِ فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَمِلَ الْمُقْتَضَى عَمَلُهُ لِحُصُولِهِ بَعْدَ الْحَدَثِ فِي الْحَقِيقَةِ حَالَ التَّخْفِيفِ فَإِذَا نَزَعَ وَتَمَّتْ الْمُدَّةُ لَا يَجِبُ الْغَسْلُ لِظُهُورِ عَمَلِ الْمُقْتَضَى الْآنَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ جُنُبًا) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الرِّجْلَ بَعْدَ غَسْلِهَا إذْ ذَاكَ لَا تَعُودُ جَنَابَتُهَا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ وَلَا يَلْزَمُ غَسْلُهَا مَرَّةً أُخْرَى لِأَجْلِ