المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سبقه حدث وكان إماما في الصلاة] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ١

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌[سَبَبُ وُجُوب الطَّهَارَةُ]

- ‌[أَحْكَام الْوُضُوء]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[أَرْكَانُ الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءُ]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[أَحْكَام الْغُسْل]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْل]

- ‌ آدَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[الْغُسْل الْمُسِنُّونَ]

- ‌[الْغُسْل الواجب]

- ‌[أَحْكَام الْمِيَاه]

- ‌[الْوُضُوء بِمَاءِ السَّمَاءِ]

- ‌[الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ وَلَوْ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ]

- ‌[مَوْتُ حَيَوَانٍ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ]

- ‌ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ

- ‌[صِفَةَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[حُكْم الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]

- ‌[الطَّهَارَة بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْد الْفِيل إذَا دُبِغَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[طَهَارَة سُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[سُؤْرُ الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ]

- ‌ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِ مَا سُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ كَالْهِرَّةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم]

- ‌[شَرَائِط التَّيَمُّم]

- ‌كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ

- ‌سُنَنُ التَّيَمُّمِ

- ‌[نَوَاقِض التَّيَمُّم]

- ‌ التَّيَمُّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ عِيدٍ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ

- ‌[رَجُلٌ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ]

- ‌ بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ]

- ‌[بَيَان مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مَحَلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَمْنَع الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَنْقُضُ الْمَسْحَ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةُ الْقُرْحَةِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْبُرْقُعُ وَالْقُفَّازُ]

- ‌[الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَعَ الْغَسْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ]

- ‌[مَا يَمْنَعهُ الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْض]

- ‌[الْمُحَيِّرَةِ فِي الْحَيْض]

- ‌[الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[حَيْض الْمُبْتَدَأَة وَنِفَاسهَا]

- ‌[أَحْكَام النِّفَاسُ]

- ‌ أَقَلَّ النِّفَاسِ

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌[التَّطْهِيرُ بِالدُّهْنِ]

- ‌جِلْدَةُ آدَمِيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ

- ‌[طَهَارَة دَمُ السَّمَكِ وَلُعَابُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ]

- ‌النَّجَسُ الْمَرْئِيُّ يَطْهُرُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ

- ‌[الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ مُنْقٍ]

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[آدَاب دُخُولَ الْخَلَاءِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّلَاة]

- ‌[أَوْقَات الصَّلَاة]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْفَجْرِ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعَصْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْمَغْرِبُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الظُّهْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِشَاءُ]

- ‌[الْأَوْقَات المنهي عَنْ الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ)

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[التَّنَفُّلِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَة بِالْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ

- ‌[جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌[أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌ أَذَانُ الْعَبْدِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَابِيِّ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ)

- ‌[تَرْكُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاة]

- ‌ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

- ‌[الْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَكْبِير الْعِيدَيْنِ]

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ مِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ)

- ‌[شَرَائِطِ صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[صِفَة الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[إمَامَةُ الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيِّ وَالْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَالْأَعْمَى وَوَلَدِ الزِّنَا]

- ‌[جَمَاعَةُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[وُقُوف الْمَأْمُومِينَ فِي الصَّلَاة خَلْف الْإِمَام]

- ‌[حُضُور النِّسَاء الْجَمَاعَاتِ ومَجَالِسِ الْوَعْظِ]

- ‌[اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِإِمَامٍ مُتَنَفِّلٍ أَوْ بِإِمَامٍ يُصَلِّي فَرْضًا غَيْرَ فَرْضِ الْمُقْتَدِي

- ‌ اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ)

- ‌[اقْتِدَاء غَاسِلٍ بِمَاسِحٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضِ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ

- ‌(بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[سَبَقَهُ حَدَثٌ وَكَانَ إمَامًا فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَأَى الْإِمَام المُتَيَمِّمٌ مَاءً]

- ‌[اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ فِي الصَّلَاة]

الفصل: ‌[سبقه حدث وكان إماما في الصلاة]

الصَّحِيحُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْهُ لَمْ تَفْسُدْ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا احْتَاجَتْ إلَى الْبِنَاءِ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ عَوْرَتَهَا وَأَعْضَاءَهَا فِي الْوُضُوءِ وَتَغْسِلَ إذَا لَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ. اهـ.

وَيَتَوَضَّأُ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَيَسْتَوْعِبُ رَأْسَهُ بِالْمَسْحِ وَيَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَيَأْتِي بِسَائِرَ السُّنَنِ وَقِيلَ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً مَرَّةً، وَإِنْ زَادَ فَسَدَتْ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَقُومُ بِالْكُلِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَلَوْ غَسَلَ نَجَاسَةً مَانِعَةً أَصَابَتْهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ سَبْقِ الْحَدَثِ بَنَى، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَارِجٍ لَا يَبْنِي، وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُمَا لَا يَبْنِي، وَلَوْ أَلْقَى الثَّوْبَ الْمُتَنَجِّسَ مِنْ غَيْرِ حَدَثِهِ وَعَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ الثِّيَابِ أَجْزَأَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ لِلصَّلَاةِ فَلَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامِ النَّاسِ بَعْدَ الْحَدَثِ فَسَدَتْ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ طَلَبَ الْمَاءَ بِالْإِشَارَةِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِالتَّعَاطِي فَسَدَتْ.

السَّادِسُ: أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ سَاعَتِهِ فَلَوْ مَكَثَ قَدْرَ أَدَاءِ رُكْنٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَسَدَتْ، وَلَوْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا كَمَا لَوْ أَحْدَثَ بِالنَّوْمِ وَمَكَثَ سَاعَةً، ثُمَّ انْتَبَهَ فَإِنَّهُ يَبْنِي أَوْ مَكَثَ لِعُذْرِ الزَّحْمَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الْمُنْتَقَى إنْ لَمْ يَنْوِ بِمَقَامِهِ الصَّلَاةَ لَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ قُلْنَا هُوَ فِي حُرْمَتِهَا فَمَا وُجِدَ مِنْهُ صَالِحًا لِكَوْنِهِ جُزْءًا مِنْهَا انْصَرَفَ إلَى ذَلِكَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْقَصْدِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ أَخَذَهُ الرُّعَافُ وَلَمْ يَنْقَطِعْ يَمْكُثُ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي.

السَّابِعُ: أَنْ لَا يُؤَدِّيَ رُكْنًا مَعَ الْحَدَثِ فَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي سُجُودِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ قَاصِدًا الْأَدَاءَ اسْتَقْبَلَ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَ فِي ذَهَابِهِ لَا إنْ سَبَّحَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَجْزَاءِ، وَفِي الْمُجْتَبَى أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ لَا يَرْفَعُ مُسْتَوِيًا فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بَلْ يَتَأَخَّرُ مُحْدَوْدِبًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ اهـ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ قَصْدِ الْأَدَاءِ.

الثَّامِنُ: أَنْ لَا يُؤَدِّيَ رُكْنًا مَعَ الْمَشْيِ فِي حَالَةِ الرُّجُوعِ فَلَوْ قَرَأَ بَعْدَ الْوُضُوءِ اسْتَقْبَلَ.

التَّاسِعُ: أَنْ لَا يَظْهَرَ حَدَثُهُ السَّابِقُ بَعْدَ الْحَدَثِ السَّمَاوِيِّ فَلَوْ سَبَقَهُ حَدَثٌ فَذَهَبَ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ أَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا فَرَأَى الْمَاءَ أَوْ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً فَخَرَجَ الْوَقْتُ اسْتَقْبَلَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.

الْعَاشِرُ: إذَا كَانَ مُقْتَدِيًا أَنْ يَعُودَ إلَى الْإِمَامِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَرَغَ الْإِمَامُ وَكَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُ جَوَازَ الِاقْتِدَاءِ فَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا خُيِّرَ بَيْنَ الْعَوْدِ وَالْإِتْمَامِ فِي مَكَانِ الْوُضُوءِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ، وَلَوْ كَانَ مُقْتَدِيًا فَرَغَ إمَامُهُ فَلَا يَعُودُ فَلَوْ عَادَ اخْتَلَفُوا فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَانِعٌ فَلَهُ الِاقْتِدَاءُ مِنْ مَكَانِهِ مِنْ غَيْرِ عَوْدٍ.

الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنْ لَا يَتَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَدَثِ السَّمَاوِيِّ وَهُوَ صَاحِبُ تَرْتِيبٍ.

الثَّانِيَ عَشَرَ إذَا كَانَ إمَامًا لَا يَسْتَخْلِفُ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ فَلَوْ اسْتَخْلَفَ امْرَأَةً اسْتَقْبَلَ.

(قَوْلُهُ وَاسْتَخْلَفَ لَوْ إمَامًا) مَعْطُوفٌ عَلَى تَوَضَّأَ أَيْ مَنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ وَكَانَ إمَامًا فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ رَجُلًا مَكَانَهُ يَأْخُذُ بِثَوْبِ رَجُلٍ إلَى الْمِحْرَابِ أَوْ يُشِيرُ إلَيْهِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْعَلَهُ مُحْدَوْدِبَ الظَّهْرِ وَاضِعًا يَدَهُ فِي أَنْفِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ قَدْ رَعَفَ لِيَنْقَطِعَ عَنْهُ كَلَامُ النَّاسِ، وَلَوْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ، وَلَوْ تَرَكَ رُكُوعًا يُشِيرُ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ سُجُودًا يُشِيرُ بِوَضْعِهَا عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ قِرَاءَةً يُشِيرُ بِوَضْعِهَا عَلَى فَمِهِ، وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ وَاحِدَةٌ يُشِيرُ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ فَبِأُصْبُعَيْنِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْخَلِيفَةُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ وَلِسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِوَضْعِ أُصْبُعِهِ عَلَى الْجَبْهَةِ وَاللِّسَانِ وَلِلسَّهْوِ عَلَى صَدْرِهِ وَقِيلَ يُحَوِّلُ رَأْسَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، ثُمَّ الِاسْتِخْلَافُ لَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي وَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِخْلَافِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْجِدِ فَالْأَفْضَلُ الِاسْتِخْلَافُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْإِمَامِ وَالْمُقْتَدِي الْبِنَاءُ صِيَانَةً لِلْجَمَاعَةِ وَلِلْمُنْفَرِدِ الِاسْتِقْبَالُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ إلَخْ) قَالَ قَاضِي خَانْ هُوَ الصَّحِيحُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ كُشِفَتْ الْعَوْرَةَ فِي الصَّلَاةِ ابْتِدَاءً كَذَا فِي الشرنبلالية (قَوْلُهُ لَوْ طَلَبَ الْمَاءَ بِالْإِشَارَةِ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَالسِّرَاجِ اهـ.

وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الشرنبلالية بِمَسْأَلَةِ دَرْءِ الْمَارِّ بِالْإِشَارَةِ وَبِمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ عَنْ الْغَايَةِ طُلِبَ مِنْ الْمُصَلِّي شَيْءٌ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ أَوْ بِلَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّهُ لَوْ رَدَّ السَّلَامَ بِيَدِهِ فَسَدَتْ قَالَ وَالْحَقُّ مَا ذَكَرَهُ الْحَلَبِيُّ أَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَهُ بَعْضُهُمْ مِمَّا فِي الظَّهِيرِيَّةِ صَافَحَ الْمُصَلِّي إنْسَانًا بِنِيَّةِ السَّلَامِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ قَالَ فَعَلَى هَذَا تَفْسُدُ أَيْضًا إذَا رَدَّ بِالْإِشَارَةِ إلَى آخِرِ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ الْفَسَادِ بِالْإِشَارَةِ قَالَ فِي الشرنبلالية فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ عَدَمُ فَسَادِ الصَّلَاةِ بِطَلَبِ الْمَاءِ بِالْإِشَارَةِ كَرَدِّ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ بِالْإِشَارَةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَرَأَ فِي ذَهَابِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالْقِرَاءَةِ وَلَوْ كَانَ سَبَقَ الْحَدَثُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِيَامِ مَعَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَكُونُ رُكْنًا إلَّا فِي الْقِيَامِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِعْرَاجِ قَالَ وَفِي الْمُجْتَبَى أَحْدَثَ فِي قِيَامِهِ فَسَبَّحَ ذَاهِبًا أَوْ جَائِيًا لَمْ تَفْسُدْ وَلَوْ قَرَأَ فَسَدَتْ وَقِيلَ إنَّمَا تَفْسُدُ إذَا قَرَأَ ذَاهِبًا وَقِيلَ عَلَى الْعَكْسِ، وَالْمُخْتَارُ مَا قُلْنَا وَلَوْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ لَا تَفْسُدُ بِالْقِرَاءَةِ اهـ. .

[سَبَقَهُ حَدَثٌ وَكَانَ إمَامًا فِي الصَّلَاة]

(قَوْلُهُ صِيَانَةً لِلْجَمَاعَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَقَيَّدَهُ فِي السِّرَاجِ بِمَا إذَا كَانَ لَا يَجِدُ جَمَاعَةً أُخْرَى وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَيَنْبَغِي وُجُوبُهُ عِنْدَ الضِّيقِ

ص: 391

تَحَرُّزًا عَنْ الْخِلَافِ وَصَحَّحَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتُونِ أَنَّ الِاسْتِئْنَافَ أَفْضَلُ فِي حَقِّ الْكُلِّ فَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلَكِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الِاسْتِخْلَافُ صِيَانَةً لِصَلَاةِ الْقَوْمِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَإِذَا اسْتَخْلَفَ لَا يَخْرُجُ الْإِمَامُ عَنْ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِهِ، وَلِهَذَا لَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ إنَّ الْإِمَامَ لَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ وَخَلِيفَتُهُ قَائِمٌ فِي الْمِحْرَابِ وَلَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ الْخَلِيفَةُ وَيَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ

وَلَوْ خَرَجَ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمَسْجِدِ وَخَلِيفَتُهُ لَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا فَالْإِمَامُ هُوَ الثَّانِي، ثُمَّ الِاسْتِخْلَافُ حَقِيقِيٌّ وَحُكْمِيٌّ فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَالثَّانِي أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْ الْقَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ جَائِزَةٌ، وَلَوْ تَقَدَّمَ رَجُلَانِ فَأَيُّهُمَا سَبَقَ إلَى مَكَانِ الْإِمَامِ فَهُوَ أَوْلَى، وَلَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا وَالْقَوْمُ رَجُلًا فَمَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ فَهُوَ أَوْلَى، وَإِنْ نَوَيَا مَعًا الْإِمَامَةَ جَازَ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِخَلِيفَةِ الْإِمَامِ وَفَسَدَتْ عَلَى الْمُقْتَدِي بِخَلِيفَةِ الْقَوْمِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَ خَلِيفَةَ الْإِمَامِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ خَلِيفَةَ الْقَوْمِ فَاقْتَدَوْا بِهِ ثُمَّ نَوَى الْآخَرُ فَاقْتَدَى بِهِ الْبَعْضُ جَازَ صَلَاةُ الْأَوَّلِينَ دُونَ الْآخَرِينَ، وَلَوْ قَدَّمَ بَعْضُ الْقَوْمِ رَجُلًا وَالْبَعْضُ رَجُلًا فَالْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ، وَلَوْ اسْتَوَيَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مِنْ آخِرِ الصُّفُوفِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إنْ نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ صَارَ إمَامًا فَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ كَانَ مُتَقَدِّمَهُ دُونَ صَلَاتِهِ وَصَلَاةَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَمَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فِي صَفِّهِ وَمَنْ خَلْفَهُ

وَإِنْ نَوَى أَنْ يَكُونَ إمَامًا إذَا قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ وَخَرَجَ الْأَوَّلُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى مَكَانِهِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ، وَشَرْطُ جَوَازِ صَلَاةِ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى الْمِحْرَابِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ عَنْ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مُحَمَّدٌ حَالَ الْإِمَامِ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاسِدَةٌ أَيْضًا، وَذَكَرَ أَبُو عِصْمَةَ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ فِي الْمَسْجِدِ وَاسْتَخْلَفَ مِنْ الرَّحْبَةِ، وَفِيهَا قَوْمٌ جَازَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ إذَا كَانَتْ الرَّحْبَةُ مُتَّصِلَةً بِالْمَسْجِدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِذَا اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ رَجُلًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ لِلْإِمَامَةِ إنْ قَامَ مَقَامَ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِذَا قَامَ الْخَلِيفَةُ مَقَامَهُ صَارَ الْأَوَّلُ مُقْتَدِيًا بِهِ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً أَوْ تَكَلَّمَ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْقَوْمِ وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُقْتَدِيًا بِالْخَلِيفَةِ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَلِلْخَلِيفَةِ الِاسْتِخْلَافُ إذَا أَحْدَثَ فَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْخَلِيفَةُ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ إنْ قَدَّمَهُ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ فِي مَكَانِ الْإِمَامَةِ وَالْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ جَازَ، وَلَوْ تَذَكَّرَ الْخَلِيفَةُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَقَدَّمَ آخَرَ وَلَمْ يُقِمْ فِي مَوْضِعِ الْإِمَامَةِ جَازَ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ أَحْدَثَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ مَا قَامَ فِي مَوْضِعِ الْإِمَامَةِ فَانْصَرَفَ فَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ دَخَلَ الْأَوَّلُ مُتَوَضِّئًا فَقَدَّمَهُ جَازَ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ الْخَلِيفَةُ فِي مَوْضِعِ الْإِمَامَةِ حَتَّى أَحْدَثَ فَدَخَلَ الْأَوَّلُ فَقَدَّمَهُ لَمْ يَجُزْ وَالْمَسْأَلَةُ مُتَأَوَّلَةٌ وَتَأْوِيلُهَا إذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ رَجُلٌ آخَرُ سِوَاهُ، وَلَوْ كَبَّرَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى النِّيَّةِ فَإِنَّ كَلَامَ الْمُتُونِ فِي الِاسْتِئْنَافِ وَكَلَامَ شَرْحِ الْمَجْمَعِ فِي الِاسْتِخْلَافِ فَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ الِاسْتِئْنَافُ مَعْنَاهُ إذَا اسْتَخْلَفَ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ صَلَاتَهُ وَلَا يَبْنِيَ عَلَى مَا صَلَّى فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الِاسْتِخْلَافِ وَاجِبًا. نَعَمْ يُنَافِيهِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُسْتَصْفَى مِنْ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ أَفْضَلُ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ إلَّا أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ فَيَنْبَغِي الْوُجُوبُ لِئَلَّا تَفُوتَ الْجَمَاعَةُ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ) هَذَا رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا نَوَى الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ مِنْ سَاعَتِهِ أَيْ لَمْ يَنْوِ تَأْخِيرَ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى الْمِحْرَابِ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ سَاعَتِهِ أَنَّهُ نَوَى حِينَ الِاسْتِخْلَافِ فَلَا يُتَصَوَّرُ خُرُوجُ الْإِمَامِ مِنْ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ إلَخْ لَا فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَشَرْطُ جَوَازِ صَلَاةِ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ أَنْ يَصِلَ الْخَلِيفَةُ إلَى الْمِحْرَابِ إلَخْ) يَعْنِي أَوْ يَنْوِيَ الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ حِينَ الِاسْتِخْلَافِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مِنْ آخِرِ الصُّفُوفِ إلَخْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ بِقِيَامِهِ مَقَامَهُ يَصِيرُ إمَامًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَسَيَأْتِي الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إمَامًا مَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ

(قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ عَنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ أَوْ يُجَاوِزَ الصُّفُوفَ فِي الصَّحْرَاءِ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنْ لَا يَصِيرَ مُقْتَدِيًا إلَخْ) الَّذِي قَدَّمَهُ هُوَ قَوْلُهُ وَإِذَا اسْتَخْلَفَ لَا يَخْرُجُ الْإِمَامُ عَنْ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُؤَدِّ الْخَلِيفَةُ رُكْنًا يَبْقَى عَلَى إمَامَتِهِ لَكِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقُمْ الْخَلِيفَةُ مَقَامَهُ نَاوِيًا الْإِمَامَةَ اهـ.

لَكِنْ يُنَافِيهِ عِبَارَةُ الظَّهِيرِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ السَّابِقَةُ هُنَاكَ فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْإِمَامَةِ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْخَلِيفَةُ رُكْنًا وَإِنْ كَانَ قَائِمًا مَقَامَهُ نَاوِيًا الْإِمَامَةَ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ تِلْكَ الْعِبَارَةُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ الْخَلِيفَةُ الْإِمَامَةَ وَإِنْ كَانَ قَامَ مَقَامَهُ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا قَامَ مَقَامَهُ وَنَوَى الْإِمَامَةَ لِمَا فِي الدِّرَايَةِ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ لَا يَكُونُ إمَامًا مَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ لِخُلُوِّ مَقَامِ الْإِمَامِ

ص: 392

الْخَلِيفَةُ يَنْوِي الِاسْتِقْبَالَ جَازَتْ صَلَاةُ مَنْ اسْتَقْبَلَ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ، وَكَذَا صَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ تَفْسُدُ إنْ بَنَى عَلَى صَلَاةِ نَفْسِهِ

وَفِي الْخُلَاصَةِ، فَإِنْ نَوَى الثَّانِي بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ إلَى الْمِحْرَابِ أَنْ لَا يَكُونَ خَلِيفَةً لِلْأَوَّلِ وَيُصَلِّيَ صَلَاةَ نَفْسِهِ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ صَلَاةَ مَنْ اقْتَدَى بِهِ، وَفِي الْمُجْتَبَى وَالْإِمَامُ الْمُحْدِثُ عَلَى إمَامَتِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ يَقُومُ خَلِيفَتُهُ مَقَامَهُ أَوْ يَسْتَخْلِفُ الْقَوْمُ غَيْرَهُ أَوْ يَتَقَدَّمُ بِنَفْسِهِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلَانِ وَجَدَا فِي السَّفَرِ مَاءً قَلِيلًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا هُوَ نَجِسٌ وَقَالَ الْآخَرُ هُوَ طَاهِرٌ فَتَوَضَّأَ أَحَدُهُمَا وَتَيَمَّمَ الْآخَرُ، ثُمَّ أَمَّهُمَا مَنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ، ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ يُصَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقْتَدِيَيْنِ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْآخَرِ فَلَوْ رَجَعَ الْإِمَامُ بَعْدَ مَا تَوَضَّأَ يَقْتَدِي بِمَنْ يَظُنُّهُ طَاهِرًا اهـ.

ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ خَرَجَ عَنْ الْإِمَامَةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمَا إمَامٌ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُقْتَدِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ رَجُلٌ أَمَّ رَجُلًا فَأَحْدَثَا مَعًا وَخَرَجَا مِنْ الْمَسْجِدِ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ إمَامٌ فِي الْمَسْجِدِ اهـ.

فَبَقَاؤُهُمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ إمَامٍ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إنْ تَقَدَّمَ فَفِي اعْتِقَادِ الْمُتَوَضِّئِ أَنَّ تَيَمُّمَهُ بَاطِلٌ لِطَهَارَةِ الْمَاءِ عِنْدَهُ

وَإِنْ تَقَدَّمَ الْمُتَوَضِّئُ فَفِي اعْتِقَادِ الْمُتَيَمِّمِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجِسٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ، وَفِي الْمُجْتَبَى، وَفِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ.

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ حَصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ) أَيْ جَازَ لِمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ الِاسْتِخْلَافُ إذَا كَانَ إمَامًا كَمَا جَازَ لِلْإِمَامِ الِاسْتِخْلَافُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَحَصِرَ بِوَزْنِ تَعِبَ فِعْلًا وَمَصْدَرًا الْعِيُّ وَضِيقُ الصَّدْرِ وَيُقَالُ حَصِرَ يَحْصَرُ حِصْرًا مِنْ بَابِ عَلِمَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَصَرَ فِعْلُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ مِنْ حَصَرَهُ إذَا حَبَسَهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَمَعْنَاهُ مُنِعَ وَحُبِسَ عَنْ الْقِرَاءَةِ بِسَبَبِ خَجَلٍ أَوْ خَوْفٍ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَبِالْوَجْهَيْنِ حَصَلَ لِي السَّمَاعُ، وَقَدْ وَرَدَتْ اللُّغَتَانِ بِهِمَا فِي كُتُبِ اللُّغَةِ كَالصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْكَارُ الْمُطَرِّزِيُّ ضَمَّ الْحَاءِ فَهُوَ فِي مَكْسُورِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَجِيءُ لَهُ مَفْعُولٌ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ لَا فِي مَفْتُوحِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ يَجُوزُ بِنَاءُ الْفِعْلِ مِنْهُ لِلْمَفْعُولِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ الْإِمَامُ عَلَى الْقِرَاءَةِ لِأَجْلِ خَجَلٍ يَعْتَرِيهِ أَمَّا إذَا نَسِيَ الْقِرَاءَةَ أَصْلًا لَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أُمِّيًّا وَاسْتِخْلَافُ الْأُمِّيِّ لَا يَجُوزُ هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَنْدُرُ وُجُودُهُ وَلَهُ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ فِي الْحَدَثِ بِعِلَّةِ الْعَجْزِ وَهُوَ هُنَا أَلْزَمُ وَالْعَجْزُ عَنْ الْقِرَاءَةِ غَيْرُ نَادِرٍ وَأَشَارَ بِالْمَنْعِ عَنْ الْقِرَاءَةِ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ مِقْدَارَ الْفَرْضِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ إجْمَاعًا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ

وَذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ بِصِيغَةِ قِيلَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِطْلَاقُ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِمَا صَرَّحُوا فِي فَتْحِ الْمُصَلِّي عَلَى إمَامِهِ بِأَنَّهَا لَا تَفْسُدُ عَلَى الصَّحِيحِ سَوَاءٌ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ يُصَلِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقْتَدِيَيْنِ وَحْدَهُ) لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ أَنَّ صَاحِبَهُ مُحْدِثٌ بِهِ، أَفْتَى أَئِمَّةُ بَلْخٍ كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ تَيَمُّمِ الْقُنْيَةِ قَالَ فَإِطْلَاقُ فَسَادِ صَلَاةِ الْقَوْمِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذَا وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمَّ صَبِيًّا وَامْرَأَةً ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَذَهَبَ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ وَأَتَمَّ كُلٌّ صَلَاةَ نَفْسِهِ أَنْ يَصِحَّ بِجَامِعٍ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ غَيْرُ صَالِحٍ لِلْإِمَامَةِ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ ضَعِيفٌ بَلْ صَلَاتُهُمَا فَاسِدَةٌ لِخُلُوِّ مَكَانِ الْإِمَامِ وَلِذَا أَطْلَقَهُ الْكَثِيرُ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَقُولُ: الْقِيَاسُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ صَلَاتُهُ لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهَا مِنْ حَيْثُ نَفْسُ الْأَمْرِ، وَأَمَّا الْمُتَوَضِّئُ وَالْمُتَيَمِّمُ فَلَا يَخْلُو أَمْرُهُمَا مِنْ أَحَدِ شَيْئَيْنِ: إمَّا نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَالتَّيَمُّمُ صَحِيحٌ وَالْوُضُوءُ بَاطِلٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْمُقْتَدِي بِالنَّظَرِ إلَى نَفْسِ الْأَمْرِ وَاحِدٌ وَاعْتِقَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَإِذَا كَانَ وَاحِدًا فَحُكْمُهُ الِانْفِرَادُ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي صُورَةِ الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ فَذَهَبَ قَبْلَ الِاسْتِخْلَافِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَيْسَ غَيْرَهُمَا فَبِهِمَا لَا يَتَأَتَّى الِاسْتِخْلَافُ وَمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الضَّعْفِ ضَعِيفٌ لِعَدَمِ مُلَاحَظَةِ الْمُدْرِكِ فَلْيُتَدَبَّرْ اهـ.

وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَحُكْمُهُ الِانْفِرَادُ أَيْ الِاسْتِقْلَالُ بِالِاسْتِخْلَافِ كَمَا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مَتْنًا. قُلْتُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ تَنْحَلُّ عُرَا الْإِشْكَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (قَوْلُهُ يَقْتَدِي بِمَنْ ظَنَّهُ طَاهِرًا) أَيْ يَقْتَدِي الْإِمَامُ بِمَنْ ظَنَّهُ مِنْهُمَا أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَنَّهُ مُتَطَهِّرًا تَكُونُ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً فِي زَعْمِهِ فَيَقْتَدِي بِهِ لِتَعَيُّنِهِ لِلِاسْتِخْلَافِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ بِالْإِجْمَاعِ إلَخْ) أَقُولُ: لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ صَلَاةِ الْقَوْمِ وَلَا حُكْمَ صَلَاتِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ إمَامَهُمْ صَارَ أُمِّيًّا وَهُوَ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا، وَأَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ فَقَدْ رَأَيْت فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْقَارِئَ إذَا صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ فَنَسِيَ الْقِرَاءَةَ وَصَارَ أُمِّيًّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَسْتَقْبِلُهَا وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا تَفْسُدُ وَيَبْنِي عَلَيْهَا اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ اهـ

ص: 393

قَرَأَ الْإِمَامُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ أَوْ لَا، فَكَذَلِكَ هُنَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ مُطْلَقًا وَقَيَّدَ بِالْمَنْعِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَصَابَ الْإِمَامَ وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا لَمْ يَجُزْ فَلَوْ قَعَدَ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ جَازَ، وَلَوْ صَارَ الْإِمَامُ حَاقِنًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْمُضِيُّ فَذَكَرَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِيِّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَهُ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَصْرِ فِي الْقِرَاءَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْحَاقِنُ الَّذِي لَهُ بَوْلٌ كَثِيرٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ، ثُمَّ عِنْدَهُمَا إذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ يُتِمُّ صَلَاتَهُ بِلَا قِرَاءَةٍ إلْحَاقًا لَهُ بِالْأُمِّيِّ وَهَذَا سَهْوٌ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُمَا أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَبِهِ صَرَّحَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّ الْحَصْرَ لَمَّا كَانَ نَادِرًا أَشْبَهَ الْجَنَابَةَ وَبِهَا لَا تَتِمُّ الصَّلَاةُ فَكَذَا بِالْحَصْرِ اهـ.

وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِ أَنَّهُ جَعَلَ الْحَصْرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ كَالْجَنَابَةِ وَنُقِلَ عَنْهُمَا أَنَّهُ يُتِمُّهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ، وَكَذَا الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْبَائِعِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ وَهُوَ شَاهِدٌ لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَنْهُمَا رِوَايَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِظَنِّ الْحَدَثِ أَوْ جُنَّ أَوْ احْتَلَمَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ اسْتَقْبَلَ) أَمَّا فَسَادُهَا بِالْخَرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ لِتَوَهُّمِ الْحَدَثِ وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فَلِوُجُودِ الْمُنَافِي مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَالْقِيَاسُ فَسَادُهَا بِالِانْحِرَافِ عَنْ الْقِبْلَةِ مُطْلَقًا لِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ اسْتَحْسَنُوا بَقَاءَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْخُرُوجِ؛ لِأَنَّهُ انْصَرَفَ عَلَى قَصْدِ الْإِصْلَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ مَا تَوَهَّمَهُ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ فَأُلْحِقَ قَصْدُ الْإِصْلَاحِ بِحَقِيقَتِهِ مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَكَانُ بِالْخُرُوجِ، وَقَدْ فَهِمَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّ الْمُصَلِّي إذَا حَوَّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِفَسَادِهَا أَلْيَقُ بِقَوْلِهِمَا وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ إنَّمَا قَالَ بِعَدَمِ فَسَادِ صَلَاتِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْخُرُوجِ لِأَجْلِ أَنَّهُ مَعْذُورٌ بِتَوَهُّمِ الْحَدَثِ، وَأَمَّا مَنْ حَوَّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ فَهُوَ مُتَمَرِّدٌ عَاصٍ لَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ فَالْقَوْلُ بِالْفَسَادِ أَلْيَقُ بِقَوْلِ الْكُلِّ كَمَا لَا يَخْفَى، قَيَّدَ بِظَنِّ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ افْتَتَحَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ كَانَ مَاسِحًا عَلَى الْخُفَّيْنِ فَظَنَّ أَنَّ مُدَّةَ مَسْحِهِ قَدْ انْقَضَتْ أَوْ كَانَ مُتَيَمِّمًا فَرَأَى سَرَابًا فَظَنَّهُ مَاءً أَوْ كَانَ فِي الظُّهْرِ فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ أَوْ رَأَى حُمْرَةً فِي ثَوْبِهِ فَظَنَّ أَنَّهَا نَجَاسَةٌ فَانْصَرَفَ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الِانْصِرَافَ عَلَى سَبِيلِ الرَّفْضِ، وَلِهَذَا لَوْ تَحَقَّقَ مَا تَوَهَّمَهُ يَسْتَقْبِلُ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَالِاسْتِخْلَافُ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ فَيُبْطِلُهَا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالظَّنِّ دُونَ التَّوَهُّمِ؛ لِأَنَّهُ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ وَالْوَهْمُ هُوَ الطَّرَفُ الْمَرْجُوحُ وَصَوَّرَ مَسْأَلَةَ الظَّنِّ الشُّمُنِّيُّ بِأَنْ خَرَجَ شَيْءٌ مِنْ أَنْفِهِ فَظَنَّ أَنَّهُ رَعْفٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّنِّ دَلِيلٌ بِأَنْ شَكَّ فِي خُرُوجِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ هُنَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ عَدَمَ الْفَسَادِ فِي الْفَتْحِ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ الْآتِي وَالْفَسَادُ هُنَا لِلْعَمَلِ الْكَثِيرِ بِلَا حَاجَةٍ اهـ.

وَفِيهِ أَنَّ الْحَاجَةَ لِلْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ أَوْ الْمَسْنُونِ بَاقِيَةٌ وَلِذَا أَيَّدَ فِي الشرنبلالية كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّهُ كَتَبَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ نَفْسَ الْفَتْحِ لَا يُفْسِدُ فَلَا يُفْسِدُ أَيْضًا هُنَا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ لَيْسَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ فَلَوْ أَفْسَدَ إنَّمَا يُفْسِدُ لَا لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ لَكِنْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَهُنَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَلَا يُفْسِدُ اهـ.

وَالِاحْتِيَاجُ لِمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ وَالْحَاقِنُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مَنْ يُدَافِعُ الْغَائِطَ وَبِالزَّايِ مَنْ يُدَافِعُهُمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْحَاذِقُ مَنْ يَدْفَعُ وَمَنْ أَثْبَتَهُ فِي الْبَوْلِ فَفِيهِمَا أَوْ فِي الْغَائِطِ أَوْلَى (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْ) أَيْ مَنْ حُصِرَ عَنْ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ) هُوَ الْإِمَامُ السِّغْنَاقِيُّ صَاحِبُ النِّهَايَةِ، وَكَذَا قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ (قَوْلُهُ وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحِ إلَخْ) وَذَلِكَ أَنَّ فِي كَلَامِهِ تَدَافُعًا قَالَ فِي النَّهْرِ إذْ تَمَامُهَا بِلَا قِرَاءَةٍ يُؤْذِنُ بِصِحَّتِهَا وَكَوْنُهُ كَالْجَنَابَةِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَنْهُمَا رِوَايَتَيْنِ) وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَالْجَنَابَةِ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ إلَى مُجَرَّدِ النُّدُورِ فَقَطْ وَيَكُونُ قَوْلُهُ أَنَّهُ يُتِمُّهَا مَبْنِيًّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَيَصِحُّ كَلَامُهُ

(قَوْلُهُ وَالِاسْتِخْلَافُ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَخْ) قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَخْلَفَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ لِوُجُودِ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَقَّقَ مَا تَوَهَّمَهُ فَإِنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِقِيَامِ الْعُذْرِ فَكَانَ الِاسْتِخْلَافُ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَحْتَاجُ لِصِحَّتِهِ عَلَى قَصْدِ الْإِصْلَاحِ وَقِيَامِ الْعُذْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلظَّنِّ دَلِيلٌ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي التَّوَهُّمِ بِالْأَوْلَى مَعَ أَنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِخِلَافِهِ وَلَفْظُهُ إمَامٌ تَوَهَّمَ أَنَّهُ رَعَفَ فَاسْتَخْلَفَ الْغَيْرَ فَقَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ مِنْ الْمَسْجِدِ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَاءً وَلَمْ يَكُنْ دَمًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَدَّى رُكْنًا مِنْ الصَّلَاةِ لَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامَةَ مَرَّةً ثَانِيَةً وَلَكِنَّهُ يَقْتَدِي بِالْخَلِيفَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى رُكْنًا لَكِنَّهُ قَامَ فِي الْمِحْرَابِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا بَحَثَهُ لَا يُسَاعِدُهُ هَذَا الْمَنْقُولُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ صُورَةُ

ص: 394

رِيحٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ مُطْلَقًا بِالِانْحِرَافِ عَمَلًا بِمَا هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنِّي لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَإِنَّمَا فِي التَّجْنِيسِ لَوْ شَكَّ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ فَاسْتَخْلَفَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ

وَلَوْ خَافَ سَبْقَ الْحَدَثِ فَانْصَرَفَ، ثُمَّ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَالِاسْتِئْنَافُ لَازِمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ، وَالدَّارُ وَمُصَلَّى الْجِنَازَةِ وَالْجَبَّانَةُ كَالْمَسْجِدِ إذْ لَهُ حُكْمُ الْبُقْعَةِ الْوَاحِدَةِ كَذَا قَالُوا إلَّا فِي الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا إنْ خَرَجَتْ عَنْ مُصَلَّاهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهَا وَلَيْسَ الْبَيْتُ لَهَا كَالْمَسْجِدِ لِلرَّجُلِ، وَقَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهَا وَالْبَيْتُ لَهَا كَالْمَسْجِدِ لِلرَّجُلِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَإِنْ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ فَمِقْدَارُ الصُّفُوفِ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ إنْ مَشَى يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً أَوْ خَلْفًا، وَإِنْ مَشَى أَمَامَهُ وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَالصَّحِيحُ هُوَ التَّقْدِيرُ بِمَوْضِعِ السُّجُودِ، وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ فَمَسْجِدُهُ مَوْضِعُ سُجُودِهِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ إلَّا إذَا مَشَى أَمَامَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَيُعْطَى لِدَاخِلِهَا حُكْمُ الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْجَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ سُتْرَةٌ أَنْ يُعْتَبَرَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَالْمُنْفَرِدُ حُكْمُهُ ذَلِكَ اهـ.

وَهَذَا الْبَحْثُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ فَمِقْدَارُ الصُّفُوفِ خَلْفَهُ ضَعِيفٌ

وَأَمَّا فَسَادُهَا بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالِاحْتِلَامِ فَلِأَنَّهُ يَنْدُرُ وُجُودُ هَذِهِ الْعَوَارِضِ فَلَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ مِنْ الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَهْقَهَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ وَهُوَ قَاطِعٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «وَلْيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ» ، وَكَذَا لَوْ نَظَرَ إلَى امْرَأَةٍ فَأَنْزَلَ. وَمَحَلُّ الْفَسَادِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا لِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّ تَعَمُّدَ الْحَدَثِ بَعْدَهُ لَا يُفْسِدُهَا فَهَذَا أَوْلَى، وَلَا يَخْلُو الْمَوْصُوفُ بِهَا عَنْ اضْطِرَابٍ أَوْ مُكْثٍ وَكَيْفَمَا كَانَ فَالصُّنْعُ مِنْهُ مَوْجُودٌ عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِهِ لِلْخُرُوجِ، أَمَّا فِي الِاضْطِرَابِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْمُكْثِ فَلِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهِ مُؤَدِّيًا جُزْءًا مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ وَالْأَدَاءُ صُنْعٌ مِنْهُ، وَفِي الْعِنَايَةِ وَإِنَّمَا قَالَ أَوْ نَامَ فَاحْتَلَمَ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ بِانْفِرَادِهِ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ، وَكَذَا الِاحْتِلَامُ الْمُنْفَرِدُ عَنْ النَّوْمِ وَهُوَ الْبُلُوغُ بِالسِّنِّ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بَيَانًا لِلْمُرَادِ اهـ.

فَعَلَى هَذَا الِاحْتِلَامُ هُوَ الْبُلُوغُ أَعَمُّ مِنْ الْإِنْزَالِ أَوْ السِّنِّ فَالْمُرَادُ فِي الْمُخْتَصَرِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمُصَلِّي إذَا نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ فَاضْطَجَعَ قِيلَ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ فَيَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَا تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ اهـ.

وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالِاسْتِقْبَالِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَغَيْرِهِ دُونَ الْفَسَادِ لِمَا أَنَّ الْفَسَادَ فِيهَا لَيْسَ مَقْصُودًا فَيُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَفْسَدَهَا قَصْدًا فَإِنَّهُ لَا ثَوَابَ لَهُ فِيمَا أَدَّاهُ بَلْ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّ قَطْعَهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرَامٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ سَبَقَهُ حَدَثٌ بَعْدَ التَّشَهُّدِ تَوَضَّأَ وَسَلَّمَ) ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَاجِبٌ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْوُضُوءِ لِيَأْتِيَ بِهِ فَالْوُضُوءُ وَالسَّلَامُ وَاجِبَانِ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ كُرِهَ تَحْرِيمًا.

وَالشُّرُوطُ الَّتِي

ــ

[منحة الخالق]

الشَّكِّ بِالْأَوْلَى مَعَ تَعْبِيرِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الظَّنِّ ثَانِيًا بِالتَّوَهُّمِ، وَأَمَّا مَا فِي التَّجْنِيسِ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ ظَاهِرِهِ وَهُوَ الشَّكُّ فِي ذَاتِهَا لِيَكُونَ اسْتِخْلَافُهُ نَاشِئًا عَنْ الرَّفْضِ فَلَا يَصِحُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.

كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ أَقُولُ: مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُحِيطِ هُوَ ظَنٌّ لَا تَوَهُّمٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ مَاءً وَلَمْ يَكُنْ دَمًا فَالتَّوَهُّمُ فِي عِبَارَةِ الْمُحِيطِ بِمَعْنَى الظَّنِّ الْمَبْنِيِّ عَلَى دَلِيلٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الشُّمُنِّيِّ (قَوْلُهُ فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْهِدَايَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: أَغْلَبُ الْكُتُبِ عَلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ حَتَّى قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَإِنْ تَقَدَّمَ إمَامُهُ وَلَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِنَاءٌ وَلَا سُتْرَةٌ، فَإِنْ تَقَدَّمَ مِقْدَارَ مَا لَوْ تَأَخَّرَ جَاوَزَ الصُّفُوفَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَفْسُدُ وَصَلَّى مَا بَقِيَ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ حَائِطٌ أَوْ سُتْرَةٌ، فَإِنْ جَاوَزَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَذَكَرَ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ حَتَّى يَتَقَدَّمَ مِثْلَ مَا لَوْ تَأَخَّرَ خَرَجَ عَنْ الصُّفُوفِ وَجَاوَزَ أَصْحَابَهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةٌ اهـ فَكَيْفَ يَكُونُ مَا فِي الْهِدَايَةِ ضَعِيفًا وَأَغْلَبُ الْكُتُبِ عَلَى اعْتِمَادِهِ فَرَاجِعْ الْكُتُبَ يَظْهَرُ لَك ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي الْبِدَايَةِ الَّتِي هِيَ مَتْنُ الْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّوْمَ بِانْفِرَادِهِ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَقْوَالًا وَاخْتِلَافَ تَصْحِيحٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ فِي نَوْمِ الْمُضْطَجِعِ وَالْمَرِيضِ فِي الصَّلَاةِ اخْتِلَافًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُنْقَضُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ فِي النَّوْمِ مُضْطَجِعًا الْحَالُ لَا يَخْلُو إنْ غَلَبَتْ عَيْنَاهُ فَنَامَ ثُمَّ اضْطَجَعَ فِي حَالَةِ نَوْمِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي وَلَوْ تَعَمَّدَ النَّوْمَ فِي الصَّلَاةِ مُضْطَجِعًا فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ هَكَذَا حُكِيَ عَنْ مَشَايِخِنَا اهـ

فَرَاجِعْ الْمَنْقُولَ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا أَطْلَقَهُ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا الِاحْتِلَامُ هُوَ الْبُلُوغُ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ الِاحْتِلَامُ اسْمٌ لِمَا يَرَاهُ النَّائِمُ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنْ خَاصٍّ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ نَفْسَ الْبُلُوغِ لَكَانَ قَوْلُ الْقُدُورِيِّ وَغَيْرِهِ بُلُوغُ الصَّبِيِّ بِالِاحْتِلَامِ وَالْإِحْبَالِ وَالْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَحَتَّى يَتِمَّ لَهُ ثَمَانِيَ عَشَرَةَ سَنَةً غَيْرُ وَاقِعٍ فِي مَحِلِّهِ وَكَأَنَّ الدَّاعِيَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ ذِكْرُ النَّوْمِ مَعَهُ وَلَا يَكُونُ تَصْرِيحًا بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ وَلَا سِيَّمَا وَالْكِتَابُ أَلَّفَهُ لِوَلَدِهِ اهـ.

قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ أَشَارَ إلَى نَحْوِهِ فِي الْمُغْرِبِ بِقَوْلِهِ

ص: 395

قَدَّمْنَاهَا لِصِحَّةِ الْبِنَاءِ لَا بُدَّ مِنْهَا لِلسَّلَامِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَتَوَضَّأْ فَوْرًا أَوْ أَتَى بِمُنَافٍ بَعْدَهُ فَاتَهُ السَّلَامُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا لِإِقَامَةِ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ إمَامًا اسْتَخْلَفَ مَنْ يُسَلِّمُ بِالْقَوْمِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ أَوْ تَكَلَّمَ تَمَّتْ صَلَاتُهُ) أَيْ تَعَمَّدَ الْحَدَثَ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَحْدَثَ يَعْنِي الرَّجُلَ، وَقَدْ جَلَسَ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ فَقَدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ» وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ تَمَّتْ فَرَائِضُهَا، وَلِهَذَا لَمْ تَفْسُدْ بِفِعْلِ الْمُنَافِي وَإِلَّا فَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَمْ تَتِمَّ بِسَائِرِ مَا يُنْسَبُ إلَيْهَا مِنْ الْوَاجِبَاتِ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ بِلَفْظِ السَّلَامِ وَهُوَ وَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ حَتَّى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ تَكُونُ مُؤَدَّاةً عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ فَتُعَادُ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فِي أَنَّ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ بَعْدَهُ يَتَوَضَّأُ وَيُسَلِّمُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَوَضَّأْ حَتَّى أَتَى بِمُنَافٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ وَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ عِنْدَهُمَا اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَكَادُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُنَافٍ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا بِصُنْعِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ، وَكَذَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، ثُمَّ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَإِنَّمَا ثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا خَرَجَ مِنْهَا لَا بِصُنْعِهِ كَالْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةِ كَمَا سَنُقَرِّرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَشَمِلَ تَعَمُّدُ الْحَدَثِ الْقَهْقَهَةَ عَمْدًا فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَبَطَلَ وُضُوءُهُ لِوُجُودِهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَصَارَ كَنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَكَذَا لَوْ قَهْقَهَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ، وَإِنْ قَهْقَهَ الْإِمَامُ أَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا ثُمَّ قَهْقَهَ الْقَوْمُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ دُونَهُمْ لِخُرُوجِهِمْ مِنْهَا بِحَدَثِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ قَهْقَهَتِهِمْ بَعْدَ سَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا بِسَلَامَةٍ فَبَطَلَتْ طَهَارَتُهُمْ، وَإِنْ قَهْقَهُوا مَعًا أَوْ الْقَوْمُ ثُمَّ الْإِمَامُ فَعَلَيْهِمْ الْوُضُوءُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الصَّلَاةِ بِحَدَثِ الْإِمَامِ عَمْدًا اتِّفَاقًا، وَلِهَذَا لَا يُسَلِّمُونَ وَلَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا بِسَلَامِهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَأَمَّا بِكَلَامِهِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَالسَّلَامِ فَيُسَلِّمُونَ وَتَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُمْ بِالْقَهْقَهَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ كَالْحَدَثِ الْعَمْدُ فَلَا سَلَامَ وَلَا نَقْضَ بِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ وَبَطَلَتْ إنْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ مَاءً) أَيْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَلَا عِبْرَةَ بِالرُّؤْيَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْقُدْرَةِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهِ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ شَرْطٌ فِي الِابْتِدَاءِ فَكَانَ شَرْطُ الْبَقَاءِ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَكَالْمُكَفِّرِ بِالصَّوْمِ إذَا أَيْسَرَ لَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّهُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ ظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ السَّابِقِ فَكَأَنَّهُ شَرَعَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ بِوُضُوءٍ تَامٍّ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا رَأَى الْمُتَيَمِّمُ قَبْلَ سَبْقِ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْبُطْلَانُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَاخْتَارَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ يَبْنِي دُونَ فَسَادٍ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَسْبَابَ الْمُتَعَاقِبَةَ كَالْبَوْلِ ثُمَّ الرُّعَافِ ثُمَّ الْقَيْءِ إذَا أَوْجَبَتْ أَحْدَاثًا مُتَعَاقِبَةً يُجْزِئُهُ عَنْهَا وُضُوءٌ وَاحِدٌ فَالْأَوْجَهُ مَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الرُّعَافِ فَبَالَ، ثُمَّ رَعَفَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ أَنَّهُ يَحْنَثُ

وَإِنْ قُلْنَا لَا يُوجِبُ كَمَا قَدَّمْنَا النَّظَرَ فِيهِ فِي بَابِ الْغُسْلِ فَالْأَوْجَهُ مَا فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ الْحَقُّ فِي اعْتِقَادِي لَكِنَّ كَلَامَ النِّهَايَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي بَابِ الْغُسْلِ فَلَا تَتَفَرَّغُ مَسْأَلَةُ التَّيَمُّمِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ اهـ.

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا الْفَرْعِ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا الِاسْتِقْبَالَ بِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَ الْحَدَثُ السَّابِقُ تَبَيَّنَ كَوْنُهُ شَرَعَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا تُوجِبُ أَحْدَاثًا أَوْ حَدَثًا كَمَا لَا يَخْفَى، وَذَكَرَ الشَّارِحُ وَتَقْيِيدُهُ بِالْمُتَيَمِّمِ لِبُطْلَانِ الصَّلَاةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُتَوَضِّئٌ يُصَلِّي خَلْفَ مُتَيَمِّمٍ فَرَأَى الْمُؤْتَمُّ الْمَاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعِلْمِهِ أَنَّ إمَامَهُ قَادِرٌ

ــ

[منحة الخالق]

وَالْحَالِمُ الْمُحْتَلِمُ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ عَمَّ فَقِيلَ لِمَنْ بَلَغَ مَبْلَغَ الرِّجَالِ حَالِمٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ خُذْ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ.

ص: 396