المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب صفة الصلاة] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ١

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌[سَبَبُ وُجُوب الطَّهَارَةُ]

- ‌[أَحْكَام الْوُضُوء]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[أَرْكَانُ الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءُ]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[أَحْكَام الْغُسْل]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْل]

- ‌ آدَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[الْغُسْل الْمُسِنُّونَ]

- ‌[الْغُسْل الواجب]

- ‌[أَحْكَام الْمِيَاه]

- ‌[الْوُضُوء بِمَاءِ السَّمَاءِ]

- ‌[الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ وَلَوْ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ]

- ‌[مَوْتُ حَيَوَانٍ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ]

- ‌ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ

- ‌[صِفَةَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[حُكْم الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]

- ‌[الطَّهَارَة بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْد الْفِيل إذَا دُبِغَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[طَهَارَة سُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[سُؤْرُ الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ]

- ‌ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِ مَا سُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ كَالْهِرَّةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم]

- ‌[شَرَائِط التَّيَمُّم]

- ‌كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ

- ‌سُنَنُ التَّيَمُّمِ

- ‌[نَوَاقِض التَّيَمُّم]

- ‌ التَّيَمُّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ عِيدٍ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ

- ‌[رَجُلٌ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ]

- ‌ بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ]

- ‌[بَيَان مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مَحَلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَمْنَع الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَنْقُضُ الْمَسْحَ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةُ الْقُرْحَةِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْبُرْقُعُ وَالْقُفَّازُ]

- ‌[الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَعَ الْغَسْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ]

- ‌[مَا يَمْنَعهُ الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْض]

- ‌[الْمُحَيِّرَةِ فِي الْحَيْض]

- ‌[الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[حَيْض الْمُبْتَدَأَة وَنِفَاسهَا]

- ‌[أَحْكَام النِّفَاسُ]

- ‌ أَقَلَّ النِّفَاسِ

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌[التَّطْهِيرُ بِالدُّهْنِ]

- ‌جِلْدَةُ آدَمِيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ

- ‌[طَهَارَة دَمُ السَّمَكِ وَلُعَابُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ]

- ‌النَّجَسُ الْمَرْئِيُّ يَطْهُرُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ

- ‌[الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ مُنْقٍ]

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[آدَاب دُخُولَ الْخَلَاءِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّلَاة]

- ‌[أَوْقَات الصَّلَاة]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْفَجْرِ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعَصْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْمَغْرِبُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الظُّهْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِشَاءُ]

- ‌[الْأَوْقَات المنهي عَنْ الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ)

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[التَّنَفُّلِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَة بِالْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ

- ‌[جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌[أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌ أَذَانُ الْعَبْدِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَابِيِّ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ)

- ‌[تَرْكُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاة]

- ‌ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

- ‌[الْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَكْبِير الْعِيدَيْنِ]

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ مِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ)

- ‌[شَرَائِطِ صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[صِفَة الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[إمَامَةُ الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيِّ وَالْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَالْأَعْمَى وَوَلَدِ الزِّنَا]

- ‌[جَمَاعَةُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[وُقُوف الْمَأْمُومِينَ فِي الصَّلَاة خَلْف الْإِمَام]

- ‌[حُضُور النِّسَاء الْجَمَاعَاتِ ومَجَالِسِ الْوَعْظِ]

- ‌[اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِإِمَامٍ مُتَنَفِّلٍ أَوْ بِإِمَامٍ يُصَلِّي فَرْضًا غَيْرَ فَرْضِ الْمُقْتَدِي

- ‌ اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ)

- ‌[اقْتِدَاء غَاسِلٍ بِمَاسِحٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضِ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ

- ‌(بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[سَبَقَهُ حَدَثٌ وَكَانَ إمَامًا فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَأَى الْإِمَام المُتَيَمِّمٌ مَاءً]

- ‌[اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ فِي الصَّلَاة]

الفصل: ‌[باب صفة الصلاة]

دُونَ الثَّانِي، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَحَرَّى قَوْمٌ جِهَاتٍ وَجَهِلُوا حَالَ إمَامِهِمْ يُجْزِئُهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْقِبْلَةَ فِي حَقِّهِمْ جِهَةُ التَّحَرِّي وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ كَمَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ لَوْ جَعَلَ بَعْضُ الْقَوْمِ ظَهْرَهُ إلَى ظَهْرِ الْإِمَامِ صَحَّ قَيَّدَ بِجَهْلِهِمْ إذْ لَوْ عَلِمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَالَ إمَامِهِ حَالَةَ الْأَدَاءِ وَخَالَفَ جِهَتَهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ اعْتَقَدَ إمَامَهُ عَلَى الْخَطَأِ بِخِلَافِ جَوْفِ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَا اعْتَقَدَ إمَامَهُ مُخْطِئًا إذْ الْكُلُّ قَبِلَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ تَقَدُّمِ أَحَدٍ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى إمَامِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَمَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ لِتَرْكِهِ فَرْضَ الْمَقَامِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهِيَ فِي كِتَابِ الْأَصْلِ أَتَمُّ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ أَنَّ جَمَاعَةً صَلَّوْا فِي الْمَفَازَةِ عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ بِالتَّحَرِّي وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا إلَى جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ مَنْ تَيَقَّنَ مُخَالَفَةَ إمَامِهِ فِي الْجِهَةِ حَالَةَ الْأَدَاءِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَنَّهُ يُخَالِفُ إمَامَهُ فِي الْجِهَةِ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فَشُرِطَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَفَازَةِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّحَرِّيَ لَا يَجُوزُ فِي الْقَرْيَةِ وَالْمِصْرِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، وَقَدْ أَسْلَفْنَاهُ وَأَفَادَ أَنَّ عِلْمَهُ بِالْمُخَالَفَةِ بَعْدَ الْأَدَاءِ لَا يَضُرُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

شُرُوعٌ فِي الْمَقْصُودِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ. قِيلَ: الصِّفَةُ وَالْوَصْفُ فِي اللُّغَةِ وَاحِدٌ وَفِي عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِخِلَافِهِ، وَالتَّحْرِيرُ أَنَّ الْوَصْفَ لُغَةً ذِكْرُ مَا فِي الْمَوْصُوفِ مِنْ الصِّفَةِ، وَالصِّفَةُ هِيَ مَا فِيهِ وَلَا يُنْكَرُ أَنَّهُ يُطْلَقُ الْوَصْفُ وَيُرَادُ الصِّفَةُ وَبِهَذَا لَا يَلْزَمُ الِاتِّحَادُ لُغَةً إذْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْوَصْفَ مَصْدَرُ وَصَفَهُ إذَا ذَكَرَ مَا فِيهِ، ثُمَّ الْمُرَادُ هُنَا بِصِفَةِ الصَّلَاةِ الْأَوْصَافُ النَّفْسِيَّةُ لَهَا وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الْعَقْلِيَّةُ الصَّادِقَةُ عَلَى الْخَارِجِيَّةِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْهُوِيَّةِ مِنْ الْقِيَامِ الْجُزْئِيِّ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ قِيَامِ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ لَهَا حُكْمُ الْجَوَاهِرِ، وَلِهَذَا تُوصَفُ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ وَالْفَسْخِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ الشَّيْءِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ: الْعَيْنُ وَهِيَ مَاهِيَّةُ الشَّيْءِ وَالرُّكْنُ وَهُوَ جُزْءُ الْمَاهِيَّةِ وَالْحُكْمُ وَهُوَ الْأَثَرُ الثَّابِتُ بِالشَّيْءِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَشَرْطُهُ وَسَبَبُهُ فَلَا يَكُونُ الشَّيْءُ ثَابِتًا إلَّا بِوُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ، فَالْعَيْنُ هُنَا الصَّلَاةُ، وَالرُّكْنُ الْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ، وَالْمَحَلُّ لِلشَّيْءِ هُوَ الْآدَمِيُّ الْمُكَلَّفُ، وَالشَّرْطُ هُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْحُكْمُ جَوَازُ الشَّيْءِ وَفَسَادُهُ وَثَوَابُهُ، وَالسَّبَبُ الْأَوْقَاتُ، وَمَعْنَى صِفَةِ الصَّلَاةِ أَيْ مَاهِيَّةُ الصَّلَاةِ

(قَوْلُهُ فَرْضُهَا التَّحْرِيمَةُ) أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهَا فَإِنَّ الْفَرْضَ شَرْعًا مَا لَزِمَ فِعْلُهُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا أَوْ رُكْنًا وَالتَّحْرِيمُ جَعْلُ الشَّيْءِ مُحَرَّمًا وَخُصَّتْ التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى بِهَا؛ لِأَنَّهَا تُحَرِّمُ الْأَشْيَاءَ الْمُبَاحَةَ قَبْلَ الشُّرُوعِ بِخِلَافِ سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ وَالدَّلِيلُ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا قَوْله تَعَالَى {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] جَاءَ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ) .

(قَوْلُهُ: قِيلَ الصِّفَةُ وَالْوَصْفُ فِي اللُّغَةِ وَاحِدٌ) قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ ثُمَّ الْوَصْفُ وَالصِّفَةُ مَصْدَرَانِ كَالْوَعْظِ وَالْعِظَةِ وَالْوَعْدِ وَالْعِدَةِ وَالْوَزْنِ وَالزِّنَةِ، وَفِي الصِّحَاحِ وَصَفَ الشَّيْءَ وَصْفًا وَصِفَةً فَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنْ الْوَاوِ كَمَا فِي الْوَعْدِ وَالْعِدَةِ، وَفِي اصْطِلَاحِ وَهُوَ قَوْلُهُ زَيْدٌ عَالِمٌ، وَالصِّفَةُ مَا قَامَ بِالْمَوْصُوفِ اهـ.

وَنَحْوُهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ، وَفِي الْقَامُوسِ وَصَفَهُ يَصِفُهُ وَصْفًا وَصِفَةً نَعَتَهُ فَاتَّصَفَ وَالصِّفَةُ كَالْعِلْمِ وَالسَّوَادِ اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْعَيْنِيِّ وَالصِّفَةُ وَالْوَصْفُ مَصْدَرَانِ مِنْ وَصَفَ وَالصِّفَةُ الْأَمَارَةُ اللَّازِمَةُ لِلشَّيْءِ، ثُمَّ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُتَكَلِّمِينَ بِقَوْلِهِ وَلَيْتَ شِعْرِي مِنْ أَيْنَ التَّخْصِيصُ اهـ.

وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الصِّفَةَ تَكُونُ مَصْدَرًا كَالْوَصْفِ وَتَكُونُ اسْمًا لِمَا قَامَ بِالْمَوْصُوفِ كَالْعِلْمِ مَثَلًا وَحِينَئِذٍ فَمُخَالَفَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ حَيْثُ تَخْصِيصُ الصِّفَةِ بِاسْتِعْمَالِهِمْ إيَّاهَا اسْمًا بِمَعْنَى الْأَمَارَةِ اللَّازِمَةِ مَعَ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرًا وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ الْإِمَامُ الْعَيْنِيُّ أَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ وَلَا مُشَاحَّةَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَالتَّحْرِيرُ إلَخْ) كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ مَيْلٌ إلَى مَا قَالَهُ الْمُتَكَلِّمُونَ مِنْ التَّفْرِقَةِ وَرَدٌّ عَلَى الشُّرَّاحِ النَّاقِلِينَ لِمَا يُفْهَمُ مِنْهُ الِاتِّحَادُ بَيْنَهُمَا هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. أَقُولُ: قَدْ عَلِمْت مِمَّا سَبَقَ أَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي أَنَّ الصِّفَةَ خَاصَّةٌ بِالْأَمَارَةِ اللَّازِمَةِ أَمْ لَا فَالْمُتَكَلِّمُونَ عَلَى الْأَوَّلِ وَاللُّغَوِيُّونَ عَلَى الثَّانِي، فَإِنَّهَا تُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُمْ اسْمًا وَمَصْدَرًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْقَامُوسِ وَكَلَامِ الْعَيْنِيِّ، وَأَمَّا أَنَّ الْوَصْفَ قَدْ يُرَادُ بِهِ الصِّفَةُ فَلَيْسَ مِمَّا النِّزَاعُ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَيْضًا بَعْدَ نَقْلِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَصْفِ وَالصِّفَةِ مَصْدَرَانِ لِوَصْفٍ كَيْفَ يَسُوغُ مَنْعُهُ بِدُونِ نَقْلٍ عَنْ الْعَرَبِ أَوْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ الرَّدُّ عَلَى الْقَائِلِ بِأَنَّهُمَا وَاحِدٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِهِمَا إطْلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ وَعَلَى مَا قَامَ فِي الْمَوْصُوفِ، وَأَنَّ إطْلَاقَهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ ثَابِتٌ، وَأَمَّا إطْلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا قَامَ فِي الْمَوْصُوفِ فَغَيْرُ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ إطْلَاقُ الصِّفَةِ عَلَيْهِ دُونَ الْوَصْفِ نَعَمْ لَا يُنْكَرُ أَنْ يُطْلَقَ الْوَصْفُ وَيُرَادُ بِهِ الصِّفَةُ الْقَائِمَةُ بِالْمَوْصُوفِ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُهُمَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِطْلَاقِ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً (قَوْلُهُ أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ) تَفْسِيرٌ لِلْفَرْضِ

ص: 306

التَّفْسِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ تَكْبِيرَةُ الِافْتِتَاحِ وَلِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِيجَابِ وَمَا وَرَاءَهَا لَيْسَ بِفَرْضٍ فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ مُرَادَةً لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْطِيلِ النَّصِّ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ؟ فَفِي الْحَاوِي هِيَ شَرْطٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَعَلَهُ فِي الْبَدَائِعِ قَوْلَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ مَشَايِخِنَا، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَوْلَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَاخْتَارَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا مِنْهُمْ عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ وَالطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا رُكْنٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا ذِكْرٌ مَفْرُوضٌ فِي الْقِيَامِ فَكَانَ رُكْنًا كَالْقِرَاءَةِ، وَلِهَذَا شَرَطَ لَهَا مَا شَرَطَ لِسَائِرِ الْأَرْكَانِ مِنْ الطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ، وَوَجْهُ الْأَصَحِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَطْفُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] وَمُقْتَضَى الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ وَالْمُغَايَرَةُ وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً عَلَى الْقَوْلِ بِرُكْنِيَّتِهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ بَابِ عَطْفِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَهُوَ نَظِيرُ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَكِنَّ جَوَازَهُ لِنُكْتَةٍ بَلَاغِيَّةٍ، وَهِيَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ هُنَا فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ التَّكْبِيرُ مِنْهَا فَهُوَ شَرْطٌ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَمُرَاعَاةُ الشَّرَائِطِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ لَهَا بَلْ لِلْقِيَامِ الْمُتَّصِلِ بِهَا وَهُوَ رُكْنٌ إنْ سَلَّمْنَا مُرَاعَاتَهَا وَإِلَّا فَهُوَ مَمْنُوعٌ فَتَقْدِيمُ الْمَنْعِ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوْلَى كَذَا فِي التَّلْوِيحِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَا نُسَلِّمُ مُرَاعَاتَهَا فَإِنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ إلَى آخِرِهِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا فَهِيَ لَيْسَ لَهَا بَلْ إلَى آخِرِهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ فَأَلْقَاهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَاسْتَقْبَلَهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَوْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ فَسَتَرَهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّكْبِيرِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ أَوْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّوَالِ، ثُمَّ ظَهَرَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا جَازَ، وَفِي الْحَاوِي وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُ أَنَّهَا شَرْطٌ انْعِقَادُ الْجُمُعَةِ مَعَ عَدَمِ مُشَارَكَةِ الْقَوْمِ الْإِمَامَ فِيهَا.

وَثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ تَظْهَرُ فِي بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْفَرْضِ فَيَجُوزُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالشَّرْطِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالرُّكْنِيَّةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِالرُّكْنِيَّةِ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يُجَوِّزُونَهُ، وَأَمَّا بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَى الْفَرْضِ أَوْ عَلَى النَّفْلِ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ صَدْرِ الْإِسْلَامِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهَا شَرْطٌ كَالطَّهَارَةِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَالنِّيَّةِ لَيْسَتْ مِنْ الْأَرْكَانِ وَمَعَ هَذَا لَا يَجُوزُ أَدَاءُ صَلَاةٍ بِنِيَّةِ صَلَاةٍ أُخْرَى إجْمَاعًا، وَأَمَّا أَدَاءُ النَّفْلِ بِتَحْرِيمَةِ النَّفْلِ فَلَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ اتِّفَاقًا لِمَا أَنَّ الْكُلَّ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْقُعُودَ لَا يُفْتَرَضُ إلَّا فِي آخِرِهَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ، لَا يُعَارِضُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي أَحْكَامٍ دُونَ أُخْرَى، وَفِي الْمُحِيطِ الْأَخْرَسُ وَالْأُمِّيُّ افْتَتَحَا بِالنِّيَّةِ أَجْزَأَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا أَتَيَا بِأَقْصَى مَا فِي وُسْعِهِمَا، وَفِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا تَحْرِيكُ اللِّسَانِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَمَا وَرَاءَهَا) أَيْ وَرَاءَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُ أَنَّهَا شَرْطٌ إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ رُكْنًا لَوَجَبَ مُشَارَكَةُ الْقَوْمِ فِيهَا فِي الْجُمُعَةِ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مُشَارَكَةُ الْقَوْمِ لَهُ فِيهَا فِي جَمِيعِ الْأَرْكَانِ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَحْرَمُوا وَهُوَ رَاكِعٌ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُشَارِكُوهُ فِي الْقِيَامِ حَقِيقَةً مَعَ أَنَّهُ رُكْنٌ، وَكَذَا لَوْ نَفَرُوا بَعْدَ سُجُودِهِ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ إلَخْ) دَفَعَ النَّظَرَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مُرَادَهُ إجْمَاعُ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا شَرْطٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ صَدْرِ الْإِسْلَامِ) ظَاهِرُ مَا فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَنَّ الْجَائِزَ عِنْدَ صَدْرِ الْإِسْلَامِ هُوَ الْأَوَّلُ فَقَطْ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمِعْرَاجِ: قَدْ ذُكِرَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ: أَنَّ بِنَاءَ الْفَرْضِ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْفَرْضِ، قِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَقَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ رحمه الله: يَجُوزُ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت: بَقِيَ حُكْمُ بِنَاءِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ رِوَايَةً، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ: أَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْأَسْرَارِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَى تَحْرِيمَةِ فَرْضٍ آخَرَ، وَهُوَ مِثْلُهُ فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ بِنَاءُ الْفَرْضِ عَلَى مَا دُونَهُ أَوْلَى، وَأَمَّا عَلَى اخْتِيَارِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ بِنَاءَ الْمِثْلِ فَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى تَجْوِيزِهِ بِنَاءَ الْأَقْوَى عَلَى الْأَدْنَى، ثُمَّ الْمَعْنَى أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَسْتَتْبِعُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَفِي بِنَاءِ الْفَرْضِ عَلَى النَّفْلِ جَعْلُ النَّفْلِ مُسْتَتْبِعًا لِلْفَرْضِ لِأَنَّ الْمَبْنِيَّ تَبَعٌ لِلْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. اهـ.

وَقَدْ نَبَّهَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ، ثُمَّ قَالَ: وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي التَّبْيِينِ عَلَى صُورَةِ الْفَرْضِ عَلَى الْفَرْضِ فِي النَّقْلِ عَنْهُ اهـ.

وَبِهَذَا ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ مَا فِي النَّهْرِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى النَّفْلِ وَالْفَرْضِ عَلَيْهِ فَتَنَبَّهْ.

(قَوْلُهُ: كَالنِّيَّةِ لَيْسَتْ مِنْ الْأَرْكَانِ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ بَيْنَ كَوْنِ التَّحْرِيمَةِ شَرْطًا وَجَوَازِ الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَرْكَانِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَدَاءُ صَلَاةٍ بِالْبِنَاءِ عَلَى نِيَّةِ صَلَاةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ: الْأَخْرَسُ وَالْأُمِّيُّ افْتَتَحَا بِالنِّيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الْقِيَامُ فِي نِيَّتِهِمَا لِقِيَامِهَا مَقَامَ التَّحْرِيمَةِ وَأَنَّ تَقْدِيمَهَا لَا يَصِحُّ وَلَمْ أَرَهُ لَهُمْ.

(قَوْلُهُ: فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا تَحْرِيكُ اللِّسَانِ) أَيْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ، وَأَمَّا بَاقِي التَّكْبِيرَاتِ فَفِي النَّهْرِ عَنْ إطْلَاقِ الْفَتْحِ أَنَّهُ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ بِهَا، قَالَ: وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لَهَا خَلَفٌ، وَهُوَ النِّيَّةُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا اهـ أَقُولُ: يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُسَنُّ أَيْضًا تَحْرِيكُ اللِّسَانِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ تَأَمَّلْ.

ص: 307