الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الْمَاءِ بِإِخْبَارِهِ وَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ، وَلَوْ قَالَ وَبَطَلَتْ إنْ رَأَى مُتَيَمِّمٌ أَوْ الْمُقْتَدَى بِهِ مَاءً لَشَمِلَ الْكُلَّ اهـ.
وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ بِالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى مَاءً لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي لَمْ تَبْطُلْ أَصْلًا وَإِنَّمَا بَطَلَ وَصْفُهَا وَهُوَ الْفَرْضِيَّةُ وَكَلَامُهُ فِي بُطْلَانِ أَصْلِهَا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ، وَلِهَذَا صَرَّحَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ خَلْفَ الْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ أَوْ كَانَ عَلَى الْإِمَامِ فَائِتَةٌ لَا يَذْكُرُهَا وَالْمُؤْتَمُّ يَذْكُرُهَا أَوْ كَانَ الْإِمَامُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ وَالْمُؤْتَمُّ يَعْلَمُهُ فَقَهْقَهَ الْمُؤْتَمُّ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْضِيَّةَ مَتَى فَسَدَتْ لَا تَنْقَطِعُ التَّحْرِيمَةُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ اهـ وَأَيْضًا نَفْيُ الْفَائِدَةِ مُطْلَقًا مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الْمُتَوَضِّئَ إذَا رَأَى مَاءً لَا يَضُرُّهُ فَقَدْ أَفَادَ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ مَسْحِهِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّهُ لَوْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَاءَ يَمْضِي عَلَى الْأَصَحِّ فِي صَلَاتِهِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي النَّزْعِ؛ لِأَنَّهُ لِلْغَسْلِ وَلَا مَاءَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ تَفْسُدُ. اهـ.
وَاخْتَارَ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ) بِأَنْ كَانَا وَاسِعَيْنِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِمَا إلَى الْمُعَالَجَةِ فِي النَّزْعِ قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْكَثِيرَ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الصَّلَاةِ فَتَتِمُّ صَلَاتُهُ حِينَئِذٍ اتِّفَاقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ الْخُفِّ بِلَفْظِ الْمُثَنَّى اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي الْخُفِّ الْوَاحِدِ لِمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهِ مِنْ أَنَّ نَزْعَ الْخُفِّ نَاقِضٌ لِلْمَسْحِ وَلِذَا أَفْرَدَهُ فِي الْمَجْمَعِ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً) وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ وَهِيَ الْأُمَّةُ الْخَالِيَةُ عَنْ الْعِلْمِ وَالْكِتَابَةِ وَالْقِرَاءَةِ فَاسْتُعِيرَ لِمَنْ لَا يَعْرِفُ الْكِتَابَةَ وَالْقِرَاءَةَ وَالْمُرَادُ بِالتَّعَلُّمِ تَذَكُّرُهُ إيَّاهَا بَعْدَ النِّسْيَانِ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّمَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّعْلِيمِ وَذَلِكَ فِعْلٌ يُنَافِي الصَّلَاةَ فَتَتِمُّ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا وَقِيلَ سَمِعَهُ بِلَا اخْتِيَارٍ وَحَفِظَهُ بِلَا صُنْعٍ بِأَنْ سَمِعَ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ مَثَلًا مِنْ قَارِئٍ فَحَفِظَهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى التَّلَبُّسِ بِمَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ مِنْ عَمَلٍ كَثِيرٍ كَذَا قَالُوا وَقَوْلُهُ سُورَةً وَقَعَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْآيَةَ تَكْفِي وَهُمَا وَإِنْ قَالَا بِافْتِرَاضِ ثَلَاثِ آيَاتٍ لَمْ يَشْتَرِطَا السُّورَةَ وَأَطْلَقَ فَشَمِلَ كُلَّ مُصَلٍّ، وَفِيمَا إذَا كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ قَارِئٍ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهَا تَفْسُدُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ بِالْقِرَاءَةِ حَقِيقَةً فَوْقَ الصَّلَاة بِالْقِرَاءَةِ حُكْمًا فَلَا يُمْكِنُهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَصَحَّحَهُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ الْأُمِّيُّ إذَا تَعَلَّمَ سُورَةً خَلْفَ الْقَارِئِ فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
وَوَجْهُهُ أَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ قِرَاءَةٌ لَهُ فَقَدْ تَكَامَلَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ وَآخِرَهَا وَبِنَاءُ الْكَامِلِ عَلَى الْكَامِلِ جَائِزٌ. قَالَ أَبُو اللَّيْثِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا وَبِهِ نَأْخُذُ.
(قَوْلُهُ أَوْ وَجَدَ عَارٍ ثَوْبًا) أَيْ ثَوْبًا تَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ كَانَتْ فِيهِ وَعِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ أَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَلَكِنَّ رُبُعَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ طَاهِرٌ وَهُوَ سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ قَدَرَ مُومٍ) أَيْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ آخِرَ صَلَاتِهِ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ أَوْ تَذَكَّرَ فَائِتَةً) أَيْ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى إمَامِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ بَعْدُ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ
ــ
[منحة الخالق]
[رَأَى الْإِمَام المُتَيَمِّمٌ مَاءً]
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ الْبُطْلَانَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَعْنِي إعْدَامَ الْفَرْضِ فَبَقِيَ الْأَصْلُ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُقْتَدِي بِمُتَيَمِّمٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا خِلَافُ زُفَرَ وَلَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ لَيْسَ فِيهَا إلَّا قَوْلُ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ اهـ.
وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ بِأَنَّهُ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى مُخْتَارِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا فَسَدَ الِاقْتِدَاءُ لِفَقْدِ شَرْطٍ كَطَاهِرٍ بِمَعْذُورٍ لَمْ تَنْعَقِدْ أَصْلًا وَإِنْ كَانَ لِاخْتِلَافِ الصَّلَاتَيْنِ تَنْعَقِدُ نَفْلًا غَيْرَ مَضْمُونٍ فَهُنَا لَمَّا فُقِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ الْوُضُوءُ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي مِنْ أَصْلِهَا، لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْمُحِيطِ، وَقَدْ يُقَالُ مَا فِي الْمُحِيطِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ غَيْرُ جَائِزَةٍ فِي اعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي فَكَيْفَ تَنْتَقِضُ طَهَارَتُهُ بِقَهْقَهَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَسَادِ اقْتِدَائِهِ عَدَمُ بَقَاءِ تَحْرِيمَتِهِ فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ عَدَمُ صِحَّةِ صَلَاةِ إمَامِهِ فَسَدَ اقْتِدَاؤُهُ فَبَقِيَ شَارِعًا فِي صَلَاةِ نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى خِلَافِ مُخْتَارِ الزَّيْلَعِيِّ لَكِنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحِيطِ أَنَّ الَّذِي فَسَدَ هُوَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ الِاقْتِدَاءِ مُتَنَفِّلًا فَبَقِيَ كَلَامُهُ مُشْكِلًا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ إذَا رَأَى مَاءً لَا يَضُرُّهُ فَقَدْ أَفَادَ) يَعْنِي أَنَّهُ يُفِيدُ الِاحْتِرَازَ عَمَّا لَوْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَرَأَى الْمَاءَ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ (قَوْلُهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ) وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْحَدَثِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ قَالَ فِي النَّهْرِ وَصَحَّحَ الشَّارِحُ وَالْحَدَّادِيُّ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا سَبَقَ عَنْ الْمُحِيطِ فِي الْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ بَعْدَ مَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ (قَوْلُهُ كَذَا قَالُوا) كَأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ لِبُعْدِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي التَّعَلُّمِ دَائِمًا وَمَنْ هُوَ كَذَلِكَ يَبْعُدُ عَادَةً تَعَلُّمُهُ بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ) قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَلْوَالِجِيِّ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ فَارِقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِأَنَّ عَلَيْهِ سَتْرَهَا بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَصَرَّحَ بِمِثْلِ مَا هُنَا فِي خِزَانَةِ السُّرُوجِيِّ وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَا تَبْطُلُ إجْمَاعًا
الْمَأْمُومَ إذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَى إمَامِهِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْهَا الْإِمَامُ فَسَدَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ لَا أَصْلُهَا، وَكَذَا إذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً عَلَيْهِ فَإِنَّ أَصْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْطُلْ، وَإِنَّمَا انْقَلَبَتْ نَفْلًا لِمَا عُرِفَ أَنَّ بُطْلَانَ الْوَصْفِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْأَصْلِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، ثُمَّ هَذِهِ الصَّلَاةُ لَا تَبْطُلُ قَطْعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَلْ تَبْقَى مَوْقُوفَةً إنْ صَلَّى بَعْدَهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ وَهُوَ يَذْكُرُ الْفَائِتَةَ فَإِنَّهَا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً اهـ.
فَذِكْرُ الْمُصَنِّفَ لَهَا فِي سِلْكِ الْبَاطِلِ اعْتِمَادٌ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ فِي بَابِ الْفَوَائِتِ.
(قَوْلُهُ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا) يَعْنِي عِنْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ عَدَمُ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْإِمَامَةِ فِي حَقِّ الْقَارِئِ لَا بِالِاسْتِخْلَافِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ حَتَّى جَازَ اسْتِخْلَافُهُ الْقَارِئَ وَاخْتَارَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا فَسَادَ بِالِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ بِالْإِجْمَاعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَغَايَةِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّ اسْتِخْلَافَ الْأُمِّيِّ فِعْلٌ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُخْرَجًا مِنْهَا وَكَوْنُهُ لَيْسَ بِمُنَافٍ لَهَا إنَّمَا هُوَ فِي مُطْلَقِ الِاسْتِخْلَافِ، وَأَمَّا الِاسْتِخْلَافُ الْمُقَيَّدُ وَهُوَ اسْتِخْلَافُ الْأُمِّيِّ فَهُوَ مُنَافٍ لَهَا (قَوْلُهُ أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِلصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ عَدَمُ فَسَادِهَا بِطُلُوعِهَا تَمَسُّكًا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَهَا» وَلَنَا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ النَّهْيِ عَنْهَا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ بِطَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ الْفَسَادَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَإِذَا تَعَارَضَا قُدِّمَ النَّهْيُ، فَيَجِبُ حَمْلُ مَا رَوَوْا عَلَى مَا قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ فِي الْبُطْلَانِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الدُّخُولَ عِنْدَهُ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا إذَا صَارَ مِثْلَهُ قُلْنَا هَذَا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ وَقْتًا مُهْمَلًا بَيْنَ خُرُوجِ الظُّهْرِ وَدُخُولِ الْعَصْرِ فَإِذَا صَارَ الظِّلُّ مِثْلَهُ يَتَحَقَّقُ الْخُرُوجُ عِنْدَهُمَا وَالصَّلَاةُ تَامَّةٌ وَعِنْدَهُ بَاطِلَةٌ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَلَمْ يَقُولُوا أَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَقِيلَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْعُدَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ مِقْدَارَ مَا صَارَ الظِّلُّ مِثْلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ
وَالظَّاهِرُ فِي الْجَوَابِ مَا نَقَلَهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الْمُسْتَصْفَى بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ أَنَّ هَذَا عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ فَعِنْدَهُمَا إذَا صَارَ الظِّلُّ مِثْلَهُ وَعِنْدَهُ إذَا صَارَ مِثْلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ عَنْ بُرْءٍ أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمَعْذُورِ) قَيَّدَ بِالْبُرْءِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهَا لَا عَنْ بُرْءٍ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ اتِّفَاقًا لِمَا بَيَّنَّاهُ فِي بَابِهِ وَالْمُرَادُ بِزَوَالِ الْعُذْرِ اسْتِمْرَارُ انْقِطَاعِهِ وَقْتًا كَامِلًا فَإِذَا انْقَطَعَ عُذْرُهُ بَعْدَ الْقُعُودِ فَالْأَمْرُ مَوْقُوفٌ، فَإِنْ دَامَ وَقْتًا كَامِلًا بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَوَقَعَ الِانْقِطَاعُ فِيهِ فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ انْقِطَاعٌ هُوَ بُرْءٌ فَيَظْهَرُ الْفَسَادُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَقْضِيهَا وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الِانْقِطَاعِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَادَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فَالصَّلَاةُ الْأُولَى صَحِيحَةٌ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ هُنَا اثْنَيْ عَشَرَ مَسْأَلَةً وَلَقَبُهَا اثْنَا عَشَرِيَّةٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهِيَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَهُمْ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ جَائِرٍ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَى صَدْرِ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ فِي مِثْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَلَمًا عَلَى مَا عُرِفَ فِي فَنِّهِ فَيُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَمًا عَلَى رَجُلٍ أَوْ غَيْرِهِ خَمْسِيٌّ
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى بِهِ وَأُرِيدَ بِهِ الْعَدَدُ فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْجُزْأَيْنِ حِينَئِذٍ مَقْصُودَانِ بِالْمَعْنَى فَلَوْ حُذِفَ أَحَدُهُمَا اخْتَلَّ الْمَعْنَى، وَلَوْ لَمْ يُحْذَفْ اُسْتُثْقِلَ، قَالُوا وَقَدْ زِيدَ عَلَيْهَا مَسَائِلُ فَمِنْهَا إذَا كَانَ يُصَلِّي بِالثَّوْبِ النَّجِسِ فَوَجَدَ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَجَدَ الْعَارِي ثَوْبًا، وَمِنْهَا مَا إذَا كَانَ يُصَلِّي الْقَضَاءَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوْقَاتُ الْمَكْرُوهَةُ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ مَسْأَلَةِ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ، وَمِنْهَا إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ عَلَى الْمَعْذُورِ وَهِيَ تَرْجِعُ إلَى ظُهُورِ الْحَدَثِ السَّابِقِ، وَمِنْهَا الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ تُصَلِّي بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَأُعْتِقَتْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ تَسْتَتِرْ مِنْ سَاعَتِهَا وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِمَّا
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا فَسَادَ بِالِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ) الْأَصْوَبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ شَامِلٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا حُكْمًا لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْلَافَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ وَاَلَّذِي فِيهِ خِلَافُ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ قَالُوا وَقَدْ زِيدَ عَلَيْهَا مَسَائِلُ) الْقَائِلُ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْهُمَامِ وَصَاحِبُ الدُّرَرِ لَكِنَّهُمْ اقْتَصَرُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا وَهِيَ مَا عَدَا الثَّالِثَةَ، وَكَذَا ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ شَعْبَانَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ قَالَ وَنَوَّعَ دُخُولَ الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ عَلَى مُصَلِّي الْقَضَاءِ بِالزَّوَالِ وَتَغَيُّرِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ طُلُوعُهَا وَنَقَلَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَيْضًا عَنْ الذَّخِيرَةِ لَوْ سَلَّمَ الْأُمِّيُّ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سُجُودَ السَّهْوِ فَعَادَ إلَيْهِ فَلَمَّا سَجَدَ تَعَلَّمَ سُورَةً فَسَدَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا عِنْدَهُمَا فَتَصِيرُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةِ وَلَوْ سَلَّمَ ثُمَّ تَعَلَّمَ سُورَةً ثُمَّ تَذَكَّرَ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةِ اهـ كَلَامُ الذَّخِيرَةِ
إذَا وَجَدَ الْعَارِي ثَوْبًا فَفِي التَّحْقِيقِ لَا زِيَادَةَ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَاصِلُهَا يَرْجِعُ إلَى ظُهُورِ الْحَدَثِ السَّابِقِ وَقُوَّةِ حَالِهِ بَعْدَ ضَعْفِهَا وَطُرُوِّ الْوَقْتِ النَّاقِصِ عَلَى الْكَامِلِ، وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا بَطَلَتْ لَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ وَهُوَ مَا إذَا تَذَكَّرَ فَائِتَةً أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي بُطْلَانِهَا بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ الْقُعُودِ وَمَا بَعْدَهُ وَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهَا فِي الْأَوَّلِ
وَأَمَّا فِي حُدُوثِهَا بَعْدَهُ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْبُطْلَانِ، وَقَالَا بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى مُفْسِدٌ لَهَا فَصَارَ كَالْحَدَثِ وَالْكَلَامِ، وَقَدْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّمَامِ فَلَا فَسَادَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَذَهَبَ الْبَرْدَعِيُّ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي فَرْضٌ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إلَّا بِتَرْكِ فَرْضٍ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ سِوَى الْخُرُوجِ بِصُنْعِهِ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعَامَّةُ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَذَهَبَ الْكَرْخِيُّ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْخُرُوجَ بِصُنْعِهِ مِنْهَا لَيْسَ بِفَرْضٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ مَسْعُودٍ «إذَا قُلْتُ: هَذَا أَوْ فَعَلْت هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك، فَإِنْ شِئْت أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْت أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ» وَلَيْسَ فِيهِ نَصٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَهُ الْبَرْدَعِيُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضًا كَمَا زَعَمَهُ لَاخْتَصَّ بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ وَهُوَ السَّلَامُ، وَإِنَّمَا حَكَمَ الْإِمَامُ بِالْبُطْلَانِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذِهِ الْمَعَانِي مُغَيِّرَةٌ لِلْفَرْضِ فَاسْتَوَى فِي حُدُوثِهَا أَوَّلُ الصَّلَاةِ وَآخِرُهَا أَصْلُهُ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ قَالَ الْإِمَامُ الْأَقْطَعُ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُسْتَمِرَّةٌ فِي جَمِيعِ الْمَسَائِلِ إلَّا فِي طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا أَنَّهُ يَقِيسُهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ بِعِلَّةِ أَنَّهُ مَعْنًى مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ حَصَلَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ اهـ.
وَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ بَعْدَ الْفَجْرِ مُغَيِّرٌ لِلْفَرْضِ مِنْ الْفَرْضِ إلَى النَّفْلِ كَرُؤْيَةِ الْمَاءِ فَإِنَّهَا مُغَيِّرَةٌ لِلْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ فَتَغَيَّرَ فَرْضُهُ إلَى الْوُضُوءِ بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى الصَّلَاةِ، وَكَذَا سَائِرُ أَخَوَاتِهَا بِخِلَافِ الْكَلَامِ فَإِنَّهُ قَاطِعٌ لَا مُغَيِّرٌ وَالْحَدَثُ الْعَمْدُ وَالْقَهْقَهَةُ مُبْطِلَةٌ لَا مُغَيِّرَةٌ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَذَكَرَ فِي الْمِعْرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْكَرْخِيُّ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّأْسِيسِ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَجَّحَ الْمُحَقِّقُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ قَوْلَهُمَا بِأَنَّ اقْتِضَاءَ الْحُكْمِ الِاخْتِيَارُ لِيَنْتَفِيَ الْجَبْرُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَقَاصِدِ لَا فِي الْوَسَائِلِ، وَلِهَذَا لَوْ حُمِلَ مُغْمًى عَلَيْهِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ فَفِي التَّحْقِيقِ لَا زِيَادَةَ) نَازَعَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَبَحَثَ فِيمَا أَوَّلَ بِهِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمَسَائِلُ الْبَهِيَّةُ الزَّكِيَّةُ عَلَى الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشَرِيَّةِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ نَجِسَةٌ يَلْزَمُهُ السَّتْرُ بِهِ عِنْدَ فَقْدِ غَيْرِهِ وَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ عِنْدَ السَّلَامِ كَانَ الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ حِينَئِذٍ لَا لِتَرْكِ السِّتْرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَتِرًا بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ اعْتِبَارُ مَا بِهِ مِنْ النَّجَسِ ثُمَّ لَزِمَ إزَالَتُهُ، وَكَذَا سَتْرُ الرَّأْسِ فِي الْأَمَةِ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ عَلَيْهَا مَعَ وُجُودِ السَّاتِرِ فَلَمَّا أُعْتِقَتْ وَهُوَ مَعَهَا لَزِمَهَا لِزَوَالِ الرِّقِّ لَا لِوُجُودِ مَا كَانَ مُنْعَدِمًا، قَالَ ثُمَّ أَقُولُ: إنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ دُخُولُ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ، وَقَدْ ذُكِرَ مَعْدُودًا وَكَانَ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنْ يَتْرُكَ ذِكْرَهُ مِنْ أَصْلِ الْعَدِّ فَتَرْجِعُ الْمَسَائِلُ إلَى إحْدَى عَشَرَةَ وَهُوَ خِلَافُ الْعَدَدِ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ. اهـ.
وَقَدْ تَضَمَّنَ قَوْلُهُ ثُمَّ أَقُولُ: الْجَوَابَ عَمَّا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْجَوَابِ عَمَّا قَالَهُ فِي الثَّالِثَةِ لَكِنَّهُ تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُ أَيْضًا وَيُقَالُ عَلَيْهِ أَيْضًا إنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا مِنْ الْمَسَائِلِ ظُهُورَ الْحَدَثِ السَّابِقِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا رُؤْيَةَ الْمُتَيَمِّمِ الْمَاءَ وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُمْ ذَلِكَ وَمَا يُشْبِهُهُ لَاسْتَغْنَوْا بِذَلِكَ عَنْ مَسْأَلَةِ نَزْعِ الْخُفِّ وَمَسْأَلَةِ سُقُوطِ الْجَبِيرَةِ فَذِكْرُ أَحَدِهَا يُغْنِي عَنْ الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ الْحَدَثِ السَّابِقِ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْهَا عَلَى أَنَّ الْمُؤَلِّفَ نَفْسَهُ ذَكَرَ فِي بَابِ الْعِيدِ أَنَّ حُكْمَهُ كَالْجُمُعَةِ يَبْطُلُ بِخُرُوجِ وَقْتِهِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ وَذَكَرَ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى الْمَسَائِلِ مَعَ أَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى مَسْأَلَةِ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَمَسْأَلَةِ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَعَنْ هَذَا وَنَحْوِهِ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهَا غَيْرُ مَحْصُورَةٍ فِيمَا ذَكَرُوهُ زَادَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ مَسْأَلَةٍ لِوُجُودِ الْأَصْلِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ فِيهَا وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِعْلَ الْمُصَلِّي الَّذِي يُفْسِدُ الصَّلَاةَ بِوُجُودِهِ فِيهَا قَبْلَ الْجُلُوسِ إذَا وُجِدَ بَعْدَ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ لَا يُفْسِدُهَا بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا مِثْلَ الْكَلَامِ وَالْحَدَثِ الْعَمْدِ وَالْقَهْقَهَةِ
وَأَمَّا مَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْمُصَلِّي بَلْ هُوَ عَارِضٌ سَمَاوِيٌّ وَإِذَا اعْتَرَضَ يَكُونُ مُفْسِدًا بِوُجُودِهِ فِي أَثْنَائِهَا فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي بُطْلَانِهَا بِهِ إذَا وُجِدَ بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ فَعِنْدَهُ تَبْطُلُ وَعِنْدَهُمْ لَا، ثُمَّ حَقَّقَ أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى افْتِرَاضِ الْخُرُوجِ بِالصُّنْعِ وَعَدَمِهِ وَأَيَّدَ كَلَامَ الْبَرْدَعِيِّ الْآتِي بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي صِحَّةِ الْعِبَادَاتِ أَصْلٌ أَصِيلٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّهَا تَبْطُلُ فَالْأَخْذُ بِقَوْلِهِ أَوْلَى لِتَبْرَأَ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ بِيَقِينٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الَّتِي زَادَهَا وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَيْهَا فَارْجِعْ إنْ أَرَدْت إلَيْهَا.
(قَوْلُهُ بِأَنَّ اقْتِضَاء الْحُكْمِ الِاخْتِيَارُ إلَخْ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ مَنْعًا لِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ لِلْإِمَامِ بِقَوْلِهِ وَلَهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ صَلَاةٍ أُخْرَى إلَّا بِالْخُرُوجِ عَنْ هَذِهِ وَمَا لَا يُتَوَسَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا اهـ قَالَ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْفَرْضِ إلَّا بِهِ يَكُونُ