المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الاستنجاء بحجر منق] - البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري - جـ ١

[زين الدين ابن نجيم - ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌(كِتَابُ الطَّهَارَةِ)

- ‌[سَبَبُ وُجُوب الطَّهَارَةُ]

- ‌[أَحْكَام الْوُضُوء]

- ‌[فَرَائِض الْوُضُوء]

- ‌[أَرْكَانُ الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَن الْوُضُوءُ]

- ‌[نَوَاقِض الْوُضُوء]

- ‌[أَحْكَام الْغُسْل]

- ‌[فَرَائِض الْغُسْل]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْل]

- ‌ آدَابُ الْغُسْلِ

- ‌[مُوجِبَات الْغُسْل]

- ‌[الْغُسْل الْمُسِنُّونَ]

- ‌[الْغُسْل الواجب]

- ‌[أَحْكَام الْمِيَاه]

- ‌[الْوُضُوء بِمَاءِ السَّمَاءِ]

- ‌[الْوُضُوءُ بِالْمَاءِ وَلَوْ خَالَطَهُ شَيْءٌ طَاهِرٌ فَغَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ]

- ‌[مَوْتُ حَيَوَانٍ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ]

- ‌ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ

- ‌[صِفَةَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[حُكْم الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ]

- ‌[الطَّهَارَة بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ بِالدِّبَاغِ]

- ‌[اسْتِعْمَال جِلْد الْفِيل إذَا دُبِغَ]

- ‌[التَّدَاوِي بِبَوْلِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[طَهَارَة سُؤْرُ الْآدَمِيِّ وَالْفَرَسِ وَمَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[سُؤْرُ الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ]

- ‌ الصَّلَاةُ مَعَ حَمْلِ مَا سُؤْرُهُ مَكْرُوهٌ كَالْهِرَّةِ

- ‌(بَابُ التَّيَمُّمِ)

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم]

- ‌[شَرَائِط التَّيَمُّم]

- ‌كَيْفِيَّةُ التَّيَمُّمِ

- ‌سُنَنُ التَّيَمُّمِ

- ‌[نَوَاقِض التَّيَمُّم]

- ‌ التَّيَمُّمُ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ عِيدٍ

- ‌ التَّيَمُّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ

- ‌[رَجُلٌ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَمَعَهُ مِنْ الْمَاءِ قَدْرُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ]

- ‌[الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغُسْلِ]

- ‌ بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ]

- ‌[بَيَان مُدَّةِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مَحَلّ الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[بَيَان مِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَمْنَع الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَا يَنْقُضُ الْمَسْحَ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجُرْمُوقِ

- ‌ الْمَسْحُ عَلَى الْجَوْرَبِ

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ وَخِرْقَةُ الْقُرْحَةِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ وَالْبُرْقُعُ وَالْقُفَّازُ]

- ‌[الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ مَعَ الْغَسْلِ]

- ‌[بَابُ الْحَيْضِ]

- ‌[كَيْفِيَّة الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الْحَيْضِ]

- ‌[مَا يَمْنَعهُ الْحَيْض]

- ‌[أَقَلُّ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْض]

- ‌[الْمُحَيِّرَةِ فِي الْحَيْض]

- ‌[الْحُكْمِ فِيمَا لَوْ زَادَ الدَّمُ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ]

- ‌[حَيْض الْمُبْتَدَأَة وَنِفَاسهَا]

- ‌[أَحْكَام النِّفَاسُ]

- ‌ أَقَلَّ النِّفَاسِ

- ‌(بَابُ الْأَنْجَاسِ)

- ‌[التَّطْهِيرُ بِالدُّهْنِ]

- ‌جِلْدَةُ آدَمِيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ

- ‌[طَهَارَة دَمُ السَّمَكِ وَلُعَابُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ]

- ‌النَّجَسُ الْمَرْئِيُّ يَطْهُرُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ

- ‌[الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ مُنْقٍ]

- ‌(كِتَابُ الصَّلَاةِ)

- ‌[آدَاب دُخُولَ الْخَلَاءِ]

- ‌[حُكْمُ الصَّلَاة]

- ‌[أَوْقَات الصَّلَاة]

- ‌[وَقْتُ صَلَاة الْفَجْرِ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعَصْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْمَغْرِبُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الظُّهْرُ]

- ‌[وَقْت صَلَاة الْعِشَاءُ]

- ‌[الْأَوْقَات المنهي عَنْ الصَّلَاة فِيهَا]

- ‌[التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ بِعُذْرٍ)

- ‌[بَابُ الْأَذَانِ]

- ‌[التَّنَفُّلِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ]

- ‌[اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَة بِالْآذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ

- ‌[جُلُوسُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ

- ‌[أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ وَالسَّكْرَانِ]

- ‌ أَذَانُ الْعَبْدِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَابِيِّ)

- ‌(بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ)

- ‌[تَرْكُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌ الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاة]

- ‌ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

- ‌[الْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[تَكْبِير الْعِيدَيْنِ]

- ‌[سُنَنُ الصَّلَاة]

- ‌[فَصْلٌ مَا يَفْعَلهُ مِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاة]

- ‌(بَابُ الْإِمَامَةِ)

- ‌[شَرَائِطِ صِحَّة الْإِمَامَة]

- ‌[صِفَة الْإِمَامَة فِي الصَّلَاة]

- ‌[الْأَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[إمَامَةُ الْعَبْدِ وَالْأَعْرَابِيِّ وَالْفَاسِقِ وَالْمُبْتَدِعِ وَالْأَعْمَى وَوَلَدِ الزِّنَا]

- ‌[جَمَاعَةُ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاة]

- ‌[وُقُوف الْمَأْمُومِينَ فِي الصَّلَاة خَلْف الْإِمَام]

- ‌[حُضُور النِّسَاء الْجَمَاعَاتِ ومَجَالِسِ الْوَعْظِ]

- ‌[اقْتِدَاءُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِإِمَامٍ مُتَنَفِّلٍ أَوْ بِإِمَامٍ يُصَلِّي فَرْضًا غَيْرَ فَرْضِ الْمُقْتَدِي

- ‌ اقْتِدَاءُ مُتَوَضِّئٍ بِمُتَيَمِّمٍ)

- ‌[اقْتِدَاء غَاسِلٍ بِمَاسِحٍ فِي الصَّلَاة]

- ‌[اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضِ فِي الصَّلَاة]

- ‌ اقْتَدَى أُمِّيٌّ وَقَارِئٌ بِأُمِّيٍّ أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ

- ‌(بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌[سَبَقَهُ حَدَثٌ وَكَانَ إمَامًا فِي الصَّلَاة]

- ‌[رَأَى الْإِمَام المُتَيَمِّمٌ مَاءً]

- ‌[اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ فِي الصَّلَاة]

الفصل: ‌[الاستنجاء بحجر منق]

يُغْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلَّ مَرَّةٍ بِمَاءٍ طَاهِرٍ وَيُجَفَّفُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَتَجْفِيفُهُ بِالتَّبْرِيدِ، الْخُبْزُ الَّذِي عُجِنَ بِالْخَمْرِ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ وَلَوْ صُبَّ فِيهِ الْخَلُّ وَذَهَبَ أَثَرُهَا يَطْهُرُ الدُّهْنُ النَّجِسُ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا وَحِيلَتُهُ أَنْ يُصَبَّ الْمَاءُ عَلَيْهِ فَيَعْلُو الدُّهْنُ هَكَذَا يَفْعَلُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ امْرَأَةٌ تَطْبُخُ مَرَقَةً فَجَاءَ زَوْجُهَا سَكْرَانَ وَصَبَّ الْخَمْرَ فِيهَا فَصَبَّتْ الْمَرْأَةُ فِيهَا خَلًّا إنْ صَارَتْ الْمَرَقَةُ كَالْخَلِّ فِي الْحُمُوضَةِ.

طَهُرَتْ، دَجَاجَةٌ شُوِيَتْ وَخَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا شَيْءٌ مِنْ الْحُبُوبِ يَتَنَجَّسُ مَوْضِعُ الْحُبُوبِ وَتَطْهِيرُهُ أَنْ يُطْبَخَ وَيُبَرَّدَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ وَكَذَلِكَ الْبَعْرُ إذَا وُجِدَ فِي حَمَلٍ مَشْوِيٍّ. اهـ.

مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ أُلْقِيَتْ دَجَاجَةٌ حَالَ الْغَلَيَانِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يَشُقَّ بَطْنَهَا لِتُنْتَفَ أَوْ كَرِشٌ قَبْلَ الْغَسْلِ لَا يَطْهُرُ أَبَدًا لَكِنْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ أَنْ يُطَهَّرَ عَلَى قَانُونِ مَا تَقَدَّمَ فِي اللَّحْمِ قُلْتُ: - وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ - هُوَ مُعَلَّلٌ بِتَشَرُّبِهِمَا النَّجَاسَةَ الْمُتَخَلَّلَةَ بِوَاسِطَةِ الْغَلَيَانِ وَعَلَى هَذَا اُشْتُهِرَ أَنَّ اللَّحْمَ السَّمِيطَ بِمِصْرَ نَجَسٌ لَا يَطْهُرُ لَكِنْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَثْبُتُ حَتَّى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى حَدِّ الْغَلَيَانِ وَيَمْكُثَ فِيهِ اللَّحْمُ بَعْدَ ذَلِكَ زَمَانًا يَقَعُ فِي مِثْلِهِ التَّشَرُّبُ وَالدُّخُولُ فِي بَاطِنِ اللَّحْمِ وَكُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي السَّمِيطِ الْوَاقِعِ حَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إلَى حَدِّ الْغَلَيَانِ وَلَا يَتْرُكُ فِيهِ إلَّا مِقْدَارَ مَا تَصِلُ الْحَرَارَةُ إلَى سَطْحِ الْجِلْدِ فَتَنْحَلُ مَسَامُّ السَّطْحِ مِنْ الصُّوفِ بَلْ ذَلِكَ التَّرْكُ يَمْنَعُ مِنْ وُجُودِهِ انْقِلَاعُ الشَّعْرِ فَالْأَوْلَى فِي السَّمِيطِ أَنْ يَطْهُرَ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا لِتَنَجُّسِ سَطْحِ الْجِلْدِ بِذَلِكَ الْمَاءِ فَإِنَّهُمْ لَا يَحْتَرِسُونَ فِيهِ مِنْ الْمُنَجِّسِ، وَقَدْ قَالَ شَرَفُ الْأَئِمَّةِ بِهَذَا فِي الدَّجَاجَةِ وَالْكَرِشِ وَالسَّمِيطُ مِثْلُهُمَا. اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْمُحِيطِ فَصَّلَ فِيمَا لَا يَنْعَصِرُ بَيْنَ مَا لَا يَتَشَرَّبُ فِيهِ النَّجَسُ وَمَا يَتَشَرَّبُ فَالْأَوَّلُ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ تَجْفِيفٍ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى التَّجْفِيفِ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الْمَتْنَ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِيهِ أَيْضًا وَالْمِيَاهُ الثَّلَاثُ نَجِسَةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فَالْأَوَّلُ إذَا أَصَابَ شَيْئًا يَطْهُرُ بِالثَّلَاثِ وَالثَّانِي بِالْمَثْنَى وَالثَّالِثُ بِالْوَاحِدِ وَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي الثَّوْبِ الثَّانِي مِثْلَ حُكْمِهِ فِي الْأَوَّلِ وَإِذَا اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ ثَلَاثًا كَانَ نَجَسًا، وَإِنْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ بَعْدَ الْإِنْقَاءِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا.

(قَوْلُهُ وَسُنَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِنَحْوِ حَجَرٍ مُنَقٍّ) ذَكَرَهُ هُنَا وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ وَهُوَ إزَالَةُ مَا عَلَى السَّبِيلِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَفِي الْمُغْرِبِ الِاسْتِنْجَاءُ مَسْحُ مَوْضِعِ النَّجْوِ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَطْنِ أَوْ غَسْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ السِّينُ لِلطَّلَبِ أَيْ طَلَبُ النَّجْوِ لِيُزِيلَهُ، وَقَدْ عُلِمَ مِنْ تَعْرِيفِهِ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَا يُسَنُّ إلَّا مِنْ حَدَثٍ خَارِجٍ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ غَيْرِ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ بِخُرُوجِ الرِّيحِ لَا يَكُونُ عَلَى السَّبِيلِ شَيْءٌ فَلَا يُسَنُّ مِنْهُ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَلَا مِنْ النَّوْمِ وَالْفَصْدِ إلَيْهِ أَشَارَ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْحَصَى الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ تَحْتَ ضَابِطِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ لَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَأَفَادَ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا سُنَّةً وَصَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَلَا يَكُونُ فَرْضًا وَعَلَى هَذَا فَمَا ذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٌ فَرِيضَةٌ وَوَاحِدٌ سُنَّةٌ فَالْأَوَّلُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ وَإِذَا تَجَاوَزَتْ النَّجَاسَةُ مَخْرَجَهَا وَوَاحِدٌ سُنَّةٌ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ مِقْدَارَ الْمَخْرَجِ فَتُسَامَحُ فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْحَدَثِ إنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ عَلَى الْمَخْرَجِ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ فَهُوَ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ مِنْ الْبَدَنِ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ فَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ شَيْءٌ فَهِيَ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ

وَأَمَّا الرَّابِعُ فَهُوَ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَنْ الْبَدَنِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْقِسْمُ الْمَسْنُونُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مُنَقٍّ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْإِنْقَاءُ وَإِلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِكَيْفِيَّةٍ مِنْ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكُتُبِ نَحْوُ إقْبَالِهِ بِالْحَجَرِ فِي الشِّتَاءِ وَإِدْبَارِهِ بِهِ فِي الصَّيْفِ لِاسْتِرْخَاءِ الْخُصْيَتَيْنِ فِيهِ لَا فِي الشِّتَاءِ وَفِي الْمُجْتَبَى الْمَقْصُودُ الْإِنْقَاءُ فَيَخْتَارُ مَا هُوَ الْأَبْلَغُ وَالْأَسْلَمُ عَنْ زِيَادَةِ التَّلْوِيثِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ إذَا أَصَابَ شَيْئًا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ تَوْجِيهَهُ أَنَّ الْأَوَّلَ يَخْرُجُ بِغَالِبِ النَّجَاسَةِ فَلَا يَغْلِبُ الظَّنُّ بِخُرُوجِهَا إلَّا بِالثَّلَاثِ وَفِي الثَّانِي يَغْلِبُ بِالْمَثْنَى وَفِي الثَّالِثِ بِالْوَاحِدِ تَأَمَّلْ. اهـ.

وَهَكَذَا لَا تَطْهُرُ الْإِجَّانَةُ الْأُولَى إلَّا بِالْغَسْلِ ثَلَاثًا وَالْإِجَّانَةُ الثَّانِيَةُ بِمَرَّتَيْنِ وَالْإِجَّانَةُ الثَّالِثَةُ بِمَرَّةٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ بِرَمْزِ صَلَاةِ الْبَقَّالِيِّ مُعَبِّرًا بِالطَّسْتِ مَكَانَ الْإِجَّانَةِ لَكِنْ فِيهَا أَيْضًا بِرَمْزِ شِهَابِ الْأَئِمَّةِ الْإِمَامِيِّ غَسْلُ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِي الطَّسْتِ فَإِنَّهُ يُغْسَلُ الطَّسْتُ ثَلَاثًا فِي كُلِّ مَرَّةٍ بَعْدَ عَصْرِ الثَّوْبِ وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْخُتَنِيُّ ظَاهِرُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى غَسْلِ الْإِجَّانَةِ كَالرَّشَا وَالدَّلْوِ فِي نَزْحِ الْبِئْرِ اهـ.

[الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ مُنْقٍ]

(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْحَصَى إلَخْ) لَا يَخْفَى عَلَيْك دَفْعُهُ إذْ قَوْلُ السِّرَاجِ لَا يُسَنُّ الِاسْتِنْجَاءُ لَهُ لِكَوْنِهِ لَا يَخْرُجُ مَعَهَا شَيْءٌ يُزَالُ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ ضَابِطِهِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهَا شَيْءٌ فَالِاسْتِنْجَاءُ لِلنَّجَاسَةِ لَا لَهَا فَلَا وُرُودَ عَلَى كُلٍّ وَلِذَا قَالَ فِي النَّهْرِ وَقَعَ فِي الْبَحْرِ هُنَا وَهْمٌ فَاجْتَنِبْهُ اهـ. نَعَمْ يَرِدُ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُغْرِبِ.

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ عَلَى الْمَخْرَجِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْحَقِيقِيَّةِ مَعْنًى وَلِهَذَا فَلَوْ قَالَ وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ فَهِيَ

ص: 252

اهـ.

فَالْأَوْلَى أَنْ يَقْعُدَ مُسْتَرْخِيًا كُلَّ الِاسْتِرْخَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا وَكَانَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَلَا يَتَنَفَّسُ إذَا كَانَ صَائِمًا وَيَحْتَرِزُ مِنْ دُخُولِ الْأُصْبُعِ الْمُبْتَلَّةِ كُلُّ ذَلِكَ يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَفِي كِتَابِ الصَّوْمِ مِنْ الْخُلَاصَةِ إنَّمَا يَفْسُدُ إذَا وَصَلَ إلَى مَوْضِعِ الْمِحْقَنَةِ وَقَلَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ. اهـ.

وَلِلْمَخَافَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُنَشِّفَ الْمَحَلَّ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الصَّائِمِ أَيْضًا حِفْظُ الثَّوْبِ مِنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَبَعْدَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَخْطُوَ قَبْلَهُ خُطُوَاتٍ وَالْمَقْصُودُ أَنْ يَسْتَبْرِئَ وَفِي الْمُبْتَغَى وَالِاسْتِبْرَاءُ وَاجِبٌ وَلَوْ عَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ كَثِيرًا لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ بَلْ يَنْضَحُ فَرْجَهُ بِمَاءٍ أَوْ سَرَاوِيلَهُ حَتَّى إذَا شَكَّ حَمَلَ الْبَلَلَ عَلَى ذَلِكَ النَّضْحِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَهُ وَبِالْمَاءِ الْبَارِدِ فِي الشِّتَاءِ أَفْضَلُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْإِزَالَةِ بِهِ وَلَا يُدْخِلُ الْأُصْبُعَ قِيلَ يُورِثُ الْبَاسُورَ وَالْمَرْأَةُ كَالرِّجْلِ تَغْسِلُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلَوْ غَسَلَتْ الْمَرْأَةُ بِرَاحَتِهَا كَفَاهَا، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ أُصْبُعَهَا فِي قُبُلِهَا لِلِاسْتِنْجَاءِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ

وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالسُّنَّةِ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ تَرَكَهُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ الْقَلِيلَةَ عَفْوٌ عِنْدَنَا وَعُلَمَاؤُنَا فَصَلُوا بَيْنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي عَلَى مَوْضِعِ الْحَدَثِ وَاَلَّتِي عَلَى غَيْرِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْحَدَثِ إذَا تَرَكَهَا يُكْرَهُ وَفِي مَوْضِعِهِ إذَا تَرَكَهَا لَا يُكْرَهُ وَمَا عَنْ أَنَسٍ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ فِي الْمُوَاظَبَةِ بِالْمَاءِ وَمُقْتَضَاهُ كَرَاهَةُ تَرْكِهِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنْ صِيغَةَ كَانَ يَفْعَلُ مُفِيدَةٌ لِلتَّكْرَارِ وَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْمُخْتَارُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ لَفْظَةَ كَانَ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا الدَّوَامُ وَلَا التَّكْرَارُ، وَإِنَّمَا هِيَ فِعْلٌ مَاضٍ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ، فَإِنْ دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى التَّكْرَارِ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا تَقْتَضِيهِ بِوَضْعِهَا، وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها «كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ» وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَحُجَّ بَعْدَ أَنْ صَحِبَتْهُ عَائِشَةُ إلَّا حِجَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ حِجَّةُ الْوَدَاعِ فَاسْتَعْمَلَتْ كَانَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهَا طَيَّبَتْهُ فِي إحْرَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّطَيُّبُ قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْإِجْمَاعِ فَثَبَتَ أَنَّهَا اسْتَعْمَلَتْ كَانَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قَالَ الْأُصُولِيُّونَ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ بَابِ الْوِتْرِ وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُ فِي التَّحْرِيرِ فَإِنَّهُ اخْتَارَ أَنَّ إفَادَتَهَا لِلتَّكْرَارِ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِعْمَالِ لَا مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ لَكِنْ الِاسْتِعْمَالُ مُخْتَلِفٌ كَمَا رَأَيْت، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْإِنْقَاءِ إنَّمَا هُوَ لِحُصُولِ السُّنَّةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُنَقَّ فَإِنَّ السُّنَّةَ قَدْ فَاتَتْ لَا أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْجَوَازِ وَأَطْلَقَ الْخَارِجَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ مُعْتَادًا لِيُفِيدَ أَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ إذَا أَصَابَ الْمَحَلَّ كَالدَّمِ يَطْهُرُ بِالْحِجَارَةِ عَلَى الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ خَارِجًا مِنْهُ أَوْ لَا وَلِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْغَائِطُ رَطْبًا وَلَمْ يَقُمْ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ جَفَّ الْغَائِطُ فَإِنَّ الْحَجَرَ كَافٍ فِيهِ وَالثَّانِي خِلَافٌ ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ

وَأَرَادَ بِنَحْوِ الْحَجَرِ مَا كَانَ عَيْنًا طَاهِرَةً مُزِيلَةً لَا قِيمَةَ لَهُ كَالْمَدَرِ وَالتُّرَابِ وَالْعُودِ وَالْخِرْقَةِ وَالْقُطْنِ وَالْجِلْدِ الْمُمْتَهَنِ فَخَرَجَ الزُّجَاجُ وَالثَّلْجُ وَالْآجُرُّ وَالْخَزَفُ وَالْفَحْمُ.

(قَوْلُهُ: وَمَا سُنَّ فِيهِ عَدَدٌ) أَيْ فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ إنَّمَا هُوَ الْإِنْقَاءُ وَشَرْطُ الشَّافِعِيِّ الثَّلَاثَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ فَرْضٌ وَلَا نَقُولُ بِهِ وَذِكْرُ الثَّلَاثِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ حُصُولُ الْإِنْقَاءِ بِهَا أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَنْجَى بِحَجَرٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ جَازَ عِنْدَهُمْ وَبِدَلِيلِ «أَنَّهُ لَمَّا أَتَى لَهُ عليه الصلاة والسلام بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ أَلْقَى الرَّوْثَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرَيْنِ» كَذَا ذَكَرَ أَئِمَّتُنَا وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي بِأَنَّ الْأَمْرَ أَوَّلًا بِإِتْيَانِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يُغْنِي عَنْ طَلَبِ ثَالِثٍ بَعْدَ إلْقَاءِ الرَّوْثَةِ وَبِأَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ ثَالِثًا وَأَتَى لَهُ بِهِ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّهُ الْمُرَادُ نَفْيُ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا

ــ

[منحة الخالق]

سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ وَحَذَفَ مَا بَيْنَهُمَا لَكَانَ صَوَابًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ اخْتَارَ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهَا حَيْثُ أَفَادَتْ التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِعْمَالِ صَحَّ قَوْلُهُ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمُوَاظَبَةِ، وَعَدَمُ اسْتِلْزَامِهَا التَّكْرَارَ مِنْ جِهَةِ الْوَضْعِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي خِلَافٌ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلِيُفِيدَ إلَخْ وَنَصُّ عِبَارَةِ السِّرَاجِ وَقِيلَ أَيْضًا إنَّمَا يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ إذَا كَانَ الْغَائِطُ رَطْبًا لَمْ يَجِفَّ وَلَمْ يَقُمْ مِنْ مَوْضِعِهِ، أَمَّا إذَا قَامَ مِنْ مَوْضِعِهِ أَوْ جَفَّ الْغَائِطُ فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْمَاءُ؛ لِأَنَّ بِقِيَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِالْحَجَرِ يَزُولُ الْغَائِطُ عَنْ مَوْضِعِهِ وَيَتَجَاوَزُ مَخْرَجَهُ وَبِجَفَافِهِ لَا يُزِيلُهُ الْحَجَرُ فَوَجَبَ الْمَاءُ فِيهِ اهـ.

ص: 253

بِالِاسْتِحْبَابِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.

(قَوْلُهُ وَغَسْلُهُ بِالْمَاءِ أَحَبُّ) أَيْ غَسْلُ الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ قَالِعٌ لِلنَّجَاسَةِ وَالْحَجَرُ مُخَفِّفٌ لَهَا فَكَانَ الْمَاءُ أَوْلَى كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَحَلَّ لَمْ يَطْهُرْ بِالْحَجَرِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ السَّبِيلُ بِإِصَابَةِ الْمَاءِ وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ إذَا جَفَّتْ بَعْدَ التَّنَجُّسِ ثُمَّ أَصَابَهَا مَاءٌ وَكَذَا فِي نَظَائِرِهَا، وَقَدْ اخْتَارُوا فِي الْجَمِيعِ عَدَمَ عَوْدِ النَّجَاسَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُمْ فَلْيَكُنْ كَذَلِكَ هُنَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ أَوْ عَظْمٍ وَقَالَ أَنَّهُمَا لَا يُطَهِّرَانِ» فَعُلِمَ أَنَّ مَا أَطْلَقَ الِاسْتِنْجَاءَ بِهِ يَطْهُرُ إذْ لَوْ لَمْ يُطَهَّرْ لَمْ يُطْلَقْ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَجْمَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ بِالْعَرَقِ حَتَّى لَوْ سَالَ الْعَرَقُ مِنْهُ وَأَصَابَ الثَّوْبَ وَالْبَدَنَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا يَمْنَعُ وَظَاهِرُ مَا فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ مَنْدُوبٌ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَهُ الْحَجَرُ أَوْ لَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْحَجَرِ كَانَ مُقِيمًا لِلسُّنَّةِ وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمَاءِ كَانَ مُقِيمًا لَهَا أَيْضًا وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَوَّلِ وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الْكُلِّ

وَقِيلَ الْجَمْعُ سُنَّةٌ فِي زَمَانِنَا وَقِيلَ سُنَّةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هَذَا وَالنَّظَرُ إلَى مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْفَصْلِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَعَائِشَةَ يُفِيدُ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ لِإِفَادَتِهِ الْمُوَاظَبَةَ وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْبَحْثِ، أَطْلَقَ الْغَسْلَ بِالْمَاءِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَدَدٍ لِيُفِيدَ أَنَّ الصَّحِيحَ تَفْوِيضُهُ إلَى رَأْيِهِ فَيَغْسِلَ حَتَّى يَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ طَهُرَ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ نَقْلِ الْخِلَافِ فَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ الثَّلَاثَ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ السَّبْعَ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ الْعَشَرَةَ وَالْمُرَادُ بِالِاشْتِرَاطِ الِاشْتِرَاطُ فِي حُصُولِ السُّنَّةِ وَإِلَّا فَتَرْكُ الْكُلِّ لَا يَضُرُّهُ عِنْدَهُمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ أَفْضَلُ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى كَشْفِ الْعَوْرَةِ يَسْتَنْجِي بِالْحَجَرِ وَلَا يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ قَالُوا مَنْ كَشَفَ الْعَوْرَةَ لِلِاسْتِنْجَاءِ يَصِيرُ فَاسِقًا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ كَانَ عَلَى شَطِّ نَهْرٍ لَيْسَ فِيهِ سُتْرَةٌ لَوْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ قَالُوا يَفْسُقُ وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْمِصْرِيِّينَ فِي الْمِيضَأَةِ فَضْلًا عَنْ شَاطِئِ النِّيلِ. اهـ.، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْبَابِ.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ إنْ جَاوَزَ النَّجَسُ الْمَخْرَجَ) أَيْ وَيَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ بِالْمَاءِ إنْ تَعَدَّتْ النَّجَاسَةُ الْمَخْرَجَ؛ لِأَنَّ لِلْبَدَنِ حَرَارَةً جَاذِبَةً أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ فَلَا يُزِيلُهَا الْمَسْحُ بِالْحَجَرِ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ إلَّا أَنَّهُ تُرِكَ فِيهِ لِلنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يَتَعَدَّاهُ وَفَسَّرْنَا فَاعِلَ يَجِبُ بِالْغَسْلِ دُونَ الِاسْتِنْجَاءِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ لِمَا أَنَّ غَسْلَ مَا عَدَا الْمَخْرَجَ لَا يُسَمَّى اسْتِنْجَاءً وَلِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا سُنَّةً وَأَرَادَ بِالْمَاءِ هُنَا كُلَّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيلٍ بِقَرِينَةِ تَصْرِيحِهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ الْمُعَيِّنَةِ لِلْمَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكَافِي؛ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا عَلِمْت سَابِقًا وَأَرَادَ بِالْمُجَاوَزَةِ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ الْفَرْضُ. (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ الْقَدْرُ الْمَانِعُ وَرَاءَ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ فِي مَنْعِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ مَعَ سُقُوطِ مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ حَتَّى إذَا كَانَ الْمُجَاوِزُ لِلْمَخْرَجِ مَعَ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ سَاقِطٌ شَرْعًا وَلِهَذَا لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَهُ فَبَقِيَ الْمُجَاوِزُ غَيْرَ مَانِعٍ وَهَذَا عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ عِنْدَهُمَا وَفِي حُكْمِ الظَّاهِرِ عِنْدَهُ

وَهَذَا بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ مَا إذَا كَانَتْ مَقْعَدَتُهُ كَبِيرَةً وَكَانَ فِيهَا نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ الْمَخْرَجَ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُعْفَى عَنْهُ اتِّفَاقًا لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَا عَلَى الْمَقْعَدَةِ سَاقِطٌ، وَإِنَّمَا خِلَافُ مُحَمَّدٍ فِيمَا إذَا جَاوَزَتْ النَّجَاسَةُ الْمَخْرَجَ وَكَانَ قَلِيلًا وَكَانَ لَوْ جُمِعَ مَعَ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ كَانَ كَثِيرًا فَعَلَى هَذَا فَالِاخْتِلَافُ الْمَنْقُولُ فِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ مَنْدُوبٌ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ مَسْنُونٌ وَأَنَّى يَكُونُ الْمُتَسَحَّبُ أَفْضَلَ مِنْ الْمَسْنُونِ. اهـ.

أَيْ لَوْ كَانَ الْمَاءُ مَنْدُوبًا كَيْفَ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ الْحَجَرِ الْمَسْنُونِ (قَوْلُهُ وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُهُ عَوَامُّ الْمُصَلِّينَ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا الْمِصْرِيِّينَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا بِعُمُومِهِ إلَخْ) الْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمَخْرَجِ سَاقِطٌ شَرْعًا فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الدِّرْهَمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ دَلِيلًا لِعَدَمِ مَنْعِ الْمُتَجَاوِزِ الَّذِي فِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ، وَشَأْنُ الدَّلِيلِ أَنْ يَكُونَ مُسَلَّمًا عِنْدَ الْخَصْمِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكْفِيهِ الْحَجَرُ إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّرْهَمِ وَنَقَلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَيْنِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَكْفِي وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ: لَا يَكْفِي فِيهِ الْحَجَرُ وَقِيلَ يَكْفِي وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الصَّحِيحُ

ص: 254

الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ بَيْنَ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ وَبَيْنَ ابْنِ شُجَاعٍ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يُخَصَّ هَذَا الْعُمُومُ بِالْمَقْعَدَةِ الْمُعْتَادَةِ الَّتِي قُدِّرَ بِهَا الدِّرْهَمُ الْكَبِيرُ الْمِثْقَالِيُّ، وَأَمَّا الْكَبِيرَةُ الَّتِي جَاوَزَ مَا عَلَيْهَا الدِّرْهَمَ فَلَيْسَتْ سَاقِطَةً فَلَهُ وَجْهٌ مَعَ بَعْدِهِ وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ هَذَا حُكْمُ الْغَائِطِ إذَا تَجَاوَزَ، وَأَمَّا الْبَوْلُ إذَا تَجَاوَزَ عَنْ رَأْسِ الْإِحْلِيلِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُجْزِئُ فِيهِ الْحَجَرُ إلَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ. اهـ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ أَصَابَ طَرَفَ الْإِحْلِيلِ مِنْ الْبَوْلِ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ.

وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ صَاحِبِ النُّقَايَةِ وَغَيْرِهَا بِالْمَخْرَجِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغَسْلُ بِالْمَاءِ إلَّا إذَا تَجَاوَزَ مَا عَلَى نَفْسِ الْمَخْرَجِ وَمَا حَوْلَهُ مِنْ مَوْضِعِ الشَّرَجِ وَكَانَ الْمُجَاوِزُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَذَكَرَ فِي الْعِنَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْقُنْيَةِ أَنَّهُ إذَا أَصَابَ مَوْضِعَ الِاسْتِنْجَاءِ نَجَاسَةٌ مِنْ الْخَارِجِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَطْهُرُ بِالْحَجَرِ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ إلَّا بِالْغَسْلِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالْحَجَرِ، وَقَدْ نَقَلُوا هَذَا التَّصْحِيحَ هُنَا بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: لَا بِعَظْمٍ وَرَوْثٍ وَطَعَامٍ وَيَمِينٍ) أَيْ لَا يَسْتَنْجِي بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُكْرَهُ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ «ابْغِنِي أَحْجَارًا اسْتَقْضِ بِهَا وَلَا تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلَا بِرَوْثَةٍ قُلْتُ: مَا بَالُ الْعِظَامِ وَالرَّوْثَةِ قَالَ هُمَا مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ» .

وَرَوَى أَصْحَابُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا بَالُ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَإِذَا أَتَى الْخَلَاءَ فَلَا يَتَمَسَّحُ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلَا يَشْرَبْ نَفَسًا وَاحِدًا» وَفِي الْقُنْيَةِ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ جَمَعَ الْحَدِيثُ النَّهْيَ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ وَمَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَلَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِارْتِكَابِ أَحَدِهِمَا فَالصَّوَابُ أَنْ يَأْخُذَ الذَّكَرَ بِشِمَالِهِ فَيُمِرُّهُ عَلَى جِدَارٍ أَوْ مَوْضِعٍ نَاءٍ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ يَقْعُدُ وَيُمْسِكُ الْحَجَرَ بَيْنَ عَقِبَيْهِ فَيُمِرُّ الْعُضْوَ عَلَيْهِ بِشِمَالِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ يَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَلَا يُحَرِّكَهُ وَيُمِرُّ الْعُضْوَ عَلَيْهِ بِشِمَالِهِ قَالَ مَوْلَانَا نَجْمُ الدِّينِ وَفِيمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ إمْسَاكِ الْحَجَرِ بِعَقِبَيْهِ حَرَجٌ وَتَعْسِيرٌ وَتَكَلُّفٌ بَلْ يُسْتَنْجَى بِجِدَارٍ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا يَأْخُذْ الْحَجَرَ بِيَمِينِهِ وَيَسْتَنْجِي بِيَسَارِهِ اهـ.

وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْقَصْرَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَإِنَّ مَا يُكْرَهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ الْعَظْمُ وَالرَّوْثُ وَالرَّجِيعُ وَالْفَحْمُ وَالطَّعَامُ وَالزُّجَاجُ وَالْوَرَقُ وَالْخَزَفُ وَالْقَصَبُ وَالشَّعْرُ وَالْقُطْنُ وَالْخِرْقَةُ وَعَلَفُ الدَّوَابِّ مِثْلُ الْحَشِيشِ وَغَيْرِهِ

فَإِنْ اسْتَنْجَى بِهَا أَجْزَأَهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ، وَالرَّوْثُ وَإِنْ كَانَ نَجَسًا عِنْدَنَا بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فِيهَا رِكْسٌ أَوْ رِجْسٌ» لَكِنْ لَمَّا كَانَ يَابِسًا لَا يَنْفَصِلُ مِنْهُ شَيْءٌ صَحَّ الِاسْتِنْجَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُجَفِّفُ مَا عَلَى الْبَدَنِ مِنْ النَّجَاسَةِ الرَّطْبَةِ وَالرَّجِيعُ الْعَذِرَةُ الْيَابِسَةُ وَقِيلَ الْحَجَرُ الَّذِي قَدْ اُسْتُنْجِيَ بِهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يُجْزِئُهُ الِاسْتِنْجَاءُ بِحَجَرٍ اسْتَنْجَى بِهِ مَرَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَرْفٌ آخَرُ لَمْ يَسْتَنْجِ بِهِ. اهـ.

وَالْوَرَقُ قِيلَ: إنَّهُ وَرَقُ الْكِتَابَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ وَرَقُ الشَّجَرِ وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا الطَّعَامُ فَلِأَنَّهُ إسْرَافٌ وَإِهَانَةٌ، وَإِنَّمَا كَرِهُوا وَضْعَ الْمَمْلَحَةَ عَلَى الْخُبْزِ لِلْإِهَانَةِ فَهَذَا أَوْلَى وَسَوَاءٌ كَانَ مَائِعًا أَوْ لَا كَاللَّحْمِ، وَأَمَّا الْخَزَفُ وَالزُّجَاجُ وَالْفَحْمُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ بِالْمَقْعَدَةِ، وَأَمَّا بِالْيَمِينِ فَلِلنَّهْيِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنْ كَانَ بِالْيُسْرَى عُذْرٌ يَمْنَعُ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا جَازَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِيَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَأَمَّا بَاقِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَقِيلَ إنَّ الِاسْتِنْجَاءَ بِهَا يُورِثُ الْفَقْرَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا سُنَّةً فَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا اسْتَنْجَى بِالْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ مُقِيمًا لِسُنَّةِ الِاسْتِنْجَاءِ أَصْلًا فَقَوْلُهُمْ بِالْإِجْزَاءِ مَعَ الْكَرَاهَةِ تَسَامُحٌ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاجِبِ وَلَيْسَ بِهِ. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.

(فُرُوعٌ) إذَا أَرَادَ الْإِنْسَانُ دُخُولَ الْخَلَاءِ وَهُوَ

ــ

[منحة الخالق]

؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِالْأَحْجَارِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْوَلْوالِجِيَّة أَنَّهُ الْمُخْتَارُ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَوْضِعِ الشَّرَجِ) أَيْ الْحَلْقَةِ.

(قَوْلُهُ فَالصَّوَابُ أَنْ يَأْخُذَ الذَّكَرَ بِشِمَالِهِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَأَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ فَلَمْ أَرَ مِنْ عُلَمَائِنَا مَنْ صَرَّحَ بِكَيْفِيَّةِ أَخْذِهِ وَصَبِّهِ وَرَأَيْت فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَسْتَعِينَ بِيَمِينِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَأْخُذُ الْحَجَرَ بِيَسَارِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَصُبُّهُ بِيَمِينِهِ وَيَغْسِلُ بِيَسَارِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ عِنْدَنَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا كَذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمَعْهُودُ لِلنَّاسِ فَلَعَلَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوهُ لِظُهُورِهِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الضِّيَاءِ الْمَعْنَوِيِّ شَرْحِ مُقَدِّمَةِ الْغَزْنَوِيِّ وَيُفِيضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى فَرْجِهِ وَيُعْلِي الْإِنَاءَ وَيَغْسِلُ فَرْجَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِهَا جَازَ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْيُمْنَى مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ اهـ. فَهُوَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا بَحَثْته.

ص: 255