الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا تَقْدِيرًا لِلْمَسْحِ بِثَلَاثِ أَصَابِعِ الْيَدِ اهـ.
وَهَكَذَا ذَكَرَ الْأَقْطَعُ وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى بِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَغْسِلُ خُفَّيْهِ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَمَا يَكْفِيك مَسْحُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ» . اهـ.
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْمَقْصُودِ وَفِي قَوْلِهِ مَرَّةً إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَكْرَارُهُ كَمَسْحِ الرَّأْسِ عَمَلًا بِمَا وَرَدَ «أَنَّهُ عليه السلام مَسْحٌ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ» بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ إذْ الْخُطُوطُ إنَّمَا تَكُونُ إذَا مَسَحَ مَرَّةً كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْخُطُوطَ لِلْإِشَارَةِ إلَى الرَّدِّ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهَا فَرْضٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُجْتَبَى، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ إظْهَارَ الْخُطُوطِ فِي الْمَسْحِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ خُطُوطًا بِالْأَصَابِعِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ نَعَمْ إظْهَارُ الْخُطُوطِ شَرْطُ السُّنِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِثَلَاثِ أَصَابِعَ) بَيَانٌ لِمِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ بِطَرِيقِ الْمَنْطُوقِ وَلِبَيَانِ قَدْرِ الْمَمْسُوحِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَأَرَادَ أَصَابِعَ الْيَدِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَصْفَى كَذَا أَطْلَقَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ وَعَزَاهُ فِي الْخُلَاصَةِ إلَى أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيّ وَفِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ إلَى مُحَمَّدٍ رحمه الله وَقَيَّدَهَا قَاضِي خَانْ بِكَوْنِهَا مِنْ أَصْغَرِ أَصَابِعِ الْيَدِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ ثَلَاثُ أَصَابِعَ مِنْ أَصَابِعِ الرِّجْلِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ آلَةُ الْمَسْحِ وَالثَّلَاثَةُ أَكْثَرُ أَصَابِعِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ مِنْ السُّنَّةِ مِنْ الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ أَنَّ الثَّلَاثَ فَرْضُ الْمَسْحِ وَنَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَمُرَادُهُمْ بِهِ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْفَرْضِ التَّقْدِيرَ دُونَ الْفَرْضِ الِاصْطِلَاحِيِّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَابِتًا بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ؛ وَلِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَذَا فِي التَّوْشِيحِ لَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا؛ لِأَنَّ مَشَايِخَنَا يُطْلِقُونَ أَصْلَ الْفَرْضِ عَلَى مَا ثَبَتَ بِظَنِّيٍّ إذَا كَانَ الْجَوَازُ يَفُوتُ بِفَوْتِهِ كَغَسْلِ الْمَرَافِقِ وَالْكَعْبَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ هُنَاكَ وَفِي تَقْدِيرِ الْفَرْضِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ إحْدَى رِجْلَيْهِ وَبَقِيَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْهُ أَوْ بَقِيَ ثَلَاثُ أَصَابِعَ لَكِنْ مِنْ الْعَقِبِ لَا مِنْ مَوْضِعِ الْمَسْحِ فَلَبِسَ عَلَى الصَّحِيحَةِ أَوْ الْمَقْطُوعَةِ لَا يَمْسَحُ لِوُجُوبِ غَسْلِ ذَلِكَ الْبَاقِي كَمَا لَوْ قُطِعَتْ مِنْ الْكَعْبِ حَيْثُ يَجِبُ غَسْلُ الْجَمِيعِ وَلَا يَمْسَحُ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي كُلِّ رِجْلٍ فَلَوْ مَسَحَ عَلَى رِجْلِ أُصْبُعَيْنِ، وَعَلَى الْأُخْرَى قَدْرَ خَمْسَةٍ لَمْ يَجُزْ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ وَمَدَّهَا حَتَّى بَلَغَ مِقْدَارَ الثَّلَاثِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَ مَاءً جَدِيدًا لَا يَجُوزُ وَلَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَخَذَ لِكُلِّ مَرَّةٍ مَاءً جَازَ إنْ مَسَحَ كُلَّ مَرَّةٍ غَيْرَ الْمَوْضِعِ الَّذِي مَسَحَهُ كَأَنَّهُ مَسَحَ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ
وَلَوْ مَسَحَ بِالْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ إنْ كَانَتَا مَفْتُوحَتَيْنِ جَازَ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا مِقْدَارُ أُصْبُعٍ وَلَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ بِجَوَانِبِهَا الْأَرْبَعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ، فَإِنَّ فِيهِ اخْتِلَافًا فَصَحَّحَ فِي الْهِدَايَةِ الْجَوَازَ بِنَاءً عَلَى التَّقْدِيرِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ وَصَحَّحَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ عَدَمَ الْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى التَّقْدِيرِ بِالرُّبْعِ وَهُنَا لَمَّا اتَّفَقُوا فِي الْأَصَحِّ عَلَى الثَّلَاثِ كَانَ الْإِجْزَاءُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الِاتِّفَاقَ بِالْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ فِي الْكَافِي قَالَ وَالْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ فَمَنْ شَرَطَ ثَمَّةَ الرُّبْعِ شَرَطَ الرُّبْعَ هُنَا وَمَنْ شَرَطَ الْأَدْنَى شَرَطَهُ هُنَا اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الرَّاجِحُ الرُّبْعُ وَهُنَا الرَّاجِحُ الثَّلَاثُ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَلَوْ مَسَحَ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَجَافَى أُصُولَ الْأَصَابِعِ الْكَفَّ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ مَسَحَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا أَوْ لَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمَا فِي الْمُنْيَةِ أَوْلَى مِمَّا فِي الْخُلَاصَةِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَفِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ مَنْصُوبَةٍ غَيْرَ مَوْضُوعَةٍ وَلَا مَمْدُودَةٍ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَلَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْمَسْحِ مَاءٌ أَوْ مَطَرٌ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ جَازَ وَكَذَا لَوْ مَشَى فِي حَشِيشٍ مُبْتَلٍّ بِالْمَطَرِ وَلَوْ كَانَ مُبْتَلًّا بِالطَّلِّ وَأَصَابَ الْخُفَّ طَلٌّ قَدْرَ الْوَاجِبِ قِيلَ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ نَفْسُ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ يَجْذِبُهُ الْهَوَاءُ
ــ
[منحة الخالق]
[بَيَان مِقْدَارِ آلَةِ الْمَسْحِ عَلَيَّ الْخُفَّيْنِ]
(قَوْلُهُ: وَأَرَادَ أَصَابِعَ الْيَدِ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَمْ يُضِفْهَا إلَى اللَّابِسِ إيمَاءً إلَى أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ مَنْ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ فَفَعَلَ صَحَّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ مَسَحَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ إلَخْ) رَأَيْت فِي هَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ الْبَحْرِ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسَائِلِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَوْ مَسَحَ بِرُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَجَافَى أُصُولَ الْأَصَابِعِ وَالْكَفِّ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ مَا ابْتَلَّ مِنْ الْخُفِّ مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ. اهـ.
وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْهَا فَمَذْكُورٌ فِي مَسَائِلِ مَسْحِ الرَّأْسِ لَكِنْ لَمْ يُتِمَّ الْعِبَارَةَ وَالْعِبَارَةُ بِتَمَامِهَا وَلَوْ مَسَحَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا أَوْ لَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ بُرْهَانُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَا يَجُوزُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ. فَلْيُرَاجَعْ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ مَسَحَ بِظَاهِرِ كَفِّهِ جَازَ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ بِبَاطِنِ كَفِّهِ. اهـ.
وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ بَاطِنَ الْكَفِّ وَالْأَصَابِعَ وَلَوْ قَالَ بِبَاطِنِ الْيَدِ لَكَانَ أَوْلَى كَذَا فِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْخُلَاصَةِ نَقَلَ أَنَّهُ إنْ وَضَعَ الْكَفَّ وَمَدَّهَا أَوْ وَضَعَ الْكَفَّ مَعَ الْأَصَابِعِ وَمَدَّهَا كِلَاهُمَا حَسَنٌ وَالْأَحْسَنُ الثَّانِي اهـ.
فَوَضْعُ الْكَفِّ وَحْدَهَا دُونَ الْأَصَابِعِ مُسْتَحَبٌّ حَسَنٌ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْأَصَابِعِ أَحْسَنَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِبِلَّةٍ بَقِيَتْ عَلَى كَفَّيْهِ بَعْدَ الْغَسْلِ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْبِلَّةُ قَاطِرَةً أَوْ لَمْ تَكُنْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهَا وَصَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ الصَّحِيحُ وَلَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ مَسَحَ خُفَّيْهِ بِبِلَّةٍ بَقِيَتْ عَلَى كَفَّيْهِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا بِمَاءٍ أَخَذَهُ مِنْ لِحْيَتِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَلَ إذَا بَقِيَ فِي كَفَّيْهِ بَعْدَ غَسْلِ عُضْوٍ مِنْ الْمَغْسُولَاتِ جَازَ الْمَسْحُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْإِنَاءِ، وَإِذَا بَقِيَ فِي يَدِهِ بَعْدَ مَسْحِ عُضْوٍ مَمْسُوحٍ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِهِ مَغْسُولًا كَانَ ذَلِكَ الْعُضْوُ أَوْ مَمْسُوحًا؛ لِأَنَّهُ مَسَحَ بِبِلَّةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ بِبِلَّةٍ بَقِيَتْ بَعْدَ مَسْحِ الرَّأْسِ بَلْ سُنَّةٌ عِنْدَنَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْأُصْبُعُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ.
(قَوْلُهُ: يَبْدَأُ مِنْ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ) بَيَانٌ لِلسُّنَّةِ حَتَّى لَوْ بَدَأَ مِنْ السَّاقِ إلَى الْأَصَابِعِ أَوْ مَسَحَ عَلَيْهِ عَرْضًا جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ إلَّا أَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ وَكَيْفِيَّتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنْ يَضَعَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مُقَدَّمِ خُفِّهِ الْأَيْمَنِ وَأَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى مُقَدَّمِ خُفِّهِ الْأَيْسَرِ مِنْ قِبَلِ الْأَصَابِعِ فَإِذَا تَمَكَّنَتْ الْأَصَابِعُ يَمُدُّهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَصْلِ السَّاقِ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَعْبَيْنِ يَلْحَقُهُمَا فَرْضُ الْغَسْلِ وَيَلْحَقُهُمَا سُنَّةُ الْمَسْحِ، وَإِنْ وَضَعَ الْكَفَّ مَعَ الْأَصَابِعِ كَانَ أَحْسَنَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ.
وَيَدُلُّ لِلْأَحْسَنِيَّةِ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْمَنِ وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى خُفِّهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ مَسَحَ أَعْلَاهُمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً الْحَدِيثُ وَلَمْ يَقُلْ وَضَعَ كَفَّهُ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ وَغَيْرِهِمَا: وَتَفْسِيرُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ وَيُفَرِّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَلِيلًا. اهـ.
وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَصَابِعَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمَحَلِّيَّةِ وَمَا فِي الْكِتَابِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ يُفِيدُ دُخُولَهَا وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ يَدَهُ عَلَى أَصَابِعِ كُلِّ رِجْلٍ دُونَ الْقَدَمِ فَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ يَجُوزُ لِوُجُودِ الْمَحَلِّيَّةِ وَعَلَى مَا فِي أَكْثَرِ الْفَتَاوَى لَا يَجُوزُ لِعَدَمِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ رَجُلٌ لَهُ خُفٌّ وَاسِعُ السَّاقِ إنْ بَقِيَ مِنْ قَدَمِهِ خَارِجَ السَّاقِ فِي الْخُفِّ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ سِوَى أَصَابِعِ الرِّجْلِ جَازَ مَسْحُهُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْ قَدَمِهِ خَارِجَ السَّاقِ فِي الْخُفِّ مِقْدَارَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ بَعْضُهُ مِنْ الْقَدَمِ وَبَعْضُهُ مِنْ الْأَصَابِعِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ كُلِّهَا مِنْ الْقَدَمِ وَلَا اعْتِبَارَ لِلْأَصَابِعِ اهـ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
(قَوْلُهُ: وَالْخَرْقُ الْكَبِيرُ يَمْنَعُهُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُسْتَصْفَى يَجُوزُ بِالْبَاءِ بِنُقْطَةٍ مِنْ تَحْتُ وَالثَّاءُ بِثَلَاثٍ مِنْ فَوْقُ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْأَوَّلَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْكَمْيَّةِ الْمُتَّصِلَةِ وَالثَّانِي فِي الْمُنْفَصِلَةِ وَالثَّانِي مَنْقُولٌ عَنْ الْعَالِمِ الْكَبِيرِ بَدْرِ الدِّينِ اهـ.
وَفِي الْمُغْرِبِ أَنَّ الْكَثْرَةَ خِلَافُ الْقِلَّةِ وَتُجْعَلُ عِبَارَةً عَنْ السَّعَةِ وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ الْخَرْقُ الْكَثِيرُ اهـ.
فَأَفَادَ أَنَّ الْكَثِيرَ يُسْتَعْمَلُ لِلْكَمْيَّةِ الْمُنْفَصِلَةِ أَيْضًا وَصَحَّحَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ رِوَايَةَ الْمُثَلَّثَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ وَفِي شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي عَنْ خُوَاهَرْ زَادَهْ الصَّحِيحُ الرِّوَايَةُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْكَمِّ الْمُنْفَصِلِ تُسْتَعْمَلُ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ وَفِي الْكَمِّ الْمُتَّصِلِ يُسْتَعْمَلُ الْكِبَرُ وَالصِّغَرُ وَالْخُفُّ كَمٌّ مُتَّصِلٌ فَلَا يُذْكَرُ إلَّا الْكَبِيرُ لَا الْكَثِيرُ اهـ.
وَقَدْ عَلِمْت عَنْ الْمُغْرِبِ اسْتِعْمَالُ الْكَثِيرِ لَهُمَا وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ أَقُولُ: الْكَلَامُ فِي الْأَحْسَنِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَصَابِعَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمَحَلِّيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا وَهْمٌ إذْ مَا فِي الْخُلَاصَةِ إنَّمَا يُفِيدُ دُخُولَهَا فِي الْمَسْحِ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَهَا أَوْ آخِرَهَا يُوَافِقُ مَا مَرَّ عَنْ الْمُبْتَغَى أَيْ مِنْ قَوْلِهِ ظَهْرُ الْقَدَمِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى مَعْقِدِ الشِّرَاكِ وَقَوْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَمَوْضِعُ الْمَسْحِ ظَهْرُ الْقَدَمِ إنَّمَا يُحْتَرَزُ بِذَلِكَ عَنْ بَاطِنِهِ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَا يَدُلُّ لِمَا ذَكَرَهُ بَلْ إنَّمَا لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِمَا أَنَّ خُرُوجَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ نَزْعٌ، وَهَذَا فَوْقَهُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ مَقَالَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَالْمَذْهَبُ اعْتِبَارُ الْأَكْثَرِ فِي الْخُرُوجِ كَمَا سَتَرَاهُ اهـ.
أَقُولُ: مَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْخُلَاصَةِ مُحْتَمَلٌ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَأَمَّا مَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْخَانِيَّةِ فَلَا إذْ لَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ خُرُوجَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ لَمْ يَبْقَ فَرْقٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْخَانِيَّةِ إذْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وُجِدَ خُرُوجُ أَكْثَرِ الْقَدَمِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الْحُكْمِ مَا فِي السِّرَاجِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ أَسْفَلَ الْكَعْبِ إنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ أَكْثَرَ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِثْلُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْغَسْلِ اهـ فَتَدَبَّرْ.