الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(25) - (1103) - بَابُ إِشْعَارِ الْبُدْنِ
(50)
- 3044 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتَوَائيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي حَسَّانَ الْأَعْرَج، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
===
(25)
- (1103) - (باب إشعار البدن)
(50)
- 3044 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد).
كلاهما (قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن هشام) بن أبي عبد الله سنبر - بوزن جعفر - المعروف بـ (الدستوائي) نسب إلى الدستواء؛ لأنه كان يبيع الثياب التي تجلب من دستواء قرية بالشام، فنسب إليها، أبي بكر الربعي البصري، ثقة ثبت، من كبار السابعة رمي بالقدر، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن قتادة) بن دعامة السدوسي، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي حسان الأعرج) البصري مشهور بكنيته، اسمه مسلم بن عبد الله، صدوق رمي برأي الخوارج، قتل سنة ثلاثين ومئة (130 هـ) من الرابعة. يروي عنه:(م عم).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَشْعَرَ الْهَدْيَ فِي السَّنَامِ الْأَيْمَنِ وَأَمَاطَ عَنْهُ الدَّمَ، وَقَالَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ: بِذِي الْحُلَيْفَة، وَقَلَّدَ نَعْلَيْنِ.
===
(أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر الهدي) أي: أعلم جنس الهدي الذي أراد سوقه إلى مكة في حجة الوداع؛ أي: أشعره بذي الحليفة (في) جانب (السنام) وهو أكمة في ظهر الإبل.
وقوله: (الأيمن) بالجر صفة للجانب المحذوف من بين الجار والمجرور؛ أي: أشعره في جانب السنام الأيمن ذلك الجانب، لا الأيسر؛ أي: شق وطعن في الجانب الأيمن من سنامه (وأماط) أي: أزال ومسح (عنه) أي: عن ذلك الهدي (الدم) السائل من محل الطعن.
(وقال علي) بن محمد؛ أي: زاد علي على أبي بكر (في حديثه) أي: في روايته لفظة: أشعر الهدي (بذي الحليفة، وقلَّدَ) هُ؛ أي: علق في عنقه (نعلين) وجملة (قلد) معطوفة على (أشعر).
وقال الحافظ: اتفق من قال بالإشعار على إلحاق البقر في ذلك بالإبل، إلا سعيد بن جبير.
واتفقوا على أن الغنم لا تُشعَر؛ لضعفها، ولكون صوفها وشعرها يستر موضع الإشعار، وأما على ما نقل من مالك - كما سيأتي - .. فلكونها ليست ذات أسنمة، والله تعالى أعلم. انتهى.
وإشعار البدنة: هو أن يشق أحد جانبي سنامها حتى يسيل دمها، ويجعل ذلك علامة لها تعرف بها أنها هدي. انتهى "نهاية".
أي: فلا يتعرض لها، وإذا ضلت .. ردت، وإن اختلطت بغيرها .. تميزت؛ والسنام - بفتح السين -: أعلى ظهر الإبل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال ملا علي في "شرح مشكاة المصابيح": وكان الإشعار عادةً في الجاهلية، فقرره الشارع؛ بناءً على صحة الأغراض المتعلقة به.
وقيل: الإشعار بدعة؛ لأنه مثلة، ويرده الأحاديث الصحيحة، بل هو بمنزلة الفصد والحجامة.
وقد كره أبو حنيفة رحمه الله تعالى الإشعار، وأولوه بأنه إنما كره إشعار أهل زمانه؛ فإنهم كانوا يبالغون فيه حتى يخاف منه السراية. انتهى باختصار.
وفي "الأبي": الأظهر أنه صلى الله عليه وسلم ولي ذلك بيده الشريفة؛ كما نحر ثلاثًا وستين بدنة بيده المباركة، وإنما كان ذلك؛ لأن الأصل في الكلمة الحقيقة، ومعنى (أمر غيره به) مجاز. انتهى منه.
قال الحافظ رحمه الله تعالى: فيه مشروعية الإشعار، وفائدته: الإعلام بأنها صارت هديًا ليتبعها من يحتاج إلى ذلك، حتى لو اختلطت بغيرها .. تميزت، أو ضلت .. عرفت، أو عطبت .. عرفها المساكين بالعلامة فأكلوها، مع ما في ذلك من تعظيم شعار الشرع، وحث الغير عليه، وأبعد من منع الإشعار، واعتل أنه كان مشروعًا قبل النهي عن المثلة؛ فإن النسخ لا يصار إليه بالاحتمال، بل وقع الإشعار في حجة الوداع، وذلك بعد النهي عن المثلة بزمان، ثم قال: والإشعار: هو أن يكشط جلد البدنة حتى يسيل دم ثم يسلته، فيكون ذلك علامة على كونها هديًا، وبذلك قال الجمهور من السلف والخلف.
وذكر الطحاوي في اختلاف العلماء كراهته عن أبي حنيفة، وذهب غيره إلى استحبابه؛ للاتباع، حتى صاحباه أبو يوسف ومحمد، فقالا: هو حسن،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال مالك: يختص الإشعار بما له سنام؛ كما سيأتي، قال الطحاوي: ثبت عن عائشة وابن عباس التخيير في الإشعار وتركه، فدل على أنه ليس بنسك، لكنه غير مكروه؛ لثبوت فعله عن النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى باختصار.
قوله: (وقلد نعلين) والتقليد: أن يعلق في عنق الهدي شيء يعرف به أنه هدي، والأفضل النعلان، وأجاز مالك: النعل الواحدة، وأجاز الثوري: فم القربة وشبهها، والأفضل عنده النعل.
وفي "الفتح": ثم قيل: الحكمة في تقليد النعل: أن فيه إشارة إلى السفر والجد فيه، فعلى هذا يتعين، والله أعلم.
وقال ابن المنير في "الحاشية": الحكمة فيه أن العرب تعتد النعل مركوبةً؛ لكونها تقي عن صاحبها ما يؤذيه من الشوك مثلًا، وتحمل عنه وعر الطريق، وقد كنى بعض الشعراء عنها بـ (الناقة)، فكأن الذي أهدى .. خرج عن مركوبه لله تعالى حيوانًا أو غيره؛ كما خرج حين أحرم عن ملبوسه، ومن ثم استحب تقليد نعلين لا واحدة. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الحج، باب تقليد الهدي وإشعاره، وأبو داوود في كتاب الحج، باب في الإشعار، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في إشعار البدن، والنسائي في كتاب المناسك، باب سلت الدم عن البدن.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
(51)
- 3045 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَفْلَحَ، عَنِ الْقَاسِم، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَلَّدَ وَأَشْعَرَ
===
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(51)
- 3045 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حماد بن خالد) الخياط القرشي أبو عبد الله البصري نزيل بغداد، ثقة أمي، من التاسعة. يروي عنه:(م عم).
(عن أفلح) بن حميد بن نافع الأنصاري المدني، يكنى أبا عبد الرحمن، يقال له: ابن صفيراء، ثقة، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(خ م د س ق).
(عن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني، ثقة أحد الفقهاء بالمدينة، قال أيوب: ما رأيت أفضل منه، من كبار الثالثة، مات سنة ست ومئة (106 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).
(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قلد) هداياه؛ أي: علق في عنقها خيوطًا مفتولة (وأشعر) ها؛ أي: أعلمها بطعنها جنب سنامها، ومسح الدم عليها؛ ففيه استحباب التقليد والإشعار في الإبل والبقر.
قال النووي: وفيه أنه إذا أرسل هديه .. أشعره وقلده من بلده، ولو أخذها معه .. أخر الإشعار والتقليد إلى حين يحرم من الميقات، أو من غيره. انتهى.
وَأَرْسَلَ بِهَا وَلَمْ يَجْتَنِبْ مَا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ.
===
(وأرسل) أي: بعث (بها) إلى البيت؛ كما في "مسلم" أي: إلى الكعبة وأقام بنفسه المدينة؛ كما في "مسلم"(ولم يجتنب) أي: لم يبتعد بعدما أرسلها عن (ما يجتنب) منه (المحرم) من استعمال الطيب والمخيط ومباشرة النساء.
قال النووي: فيه دليل على استحباب بعث الهدي إلى الحرم، وأن من لم يذهب إليه .. يستحب له بعثه مع غيره.
وفيه: أن من يبعث هديه .. لا يصير محرمًا، ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم، وهو مذهب كافة العلماء إلا رواية حكيت عن ابن عباس وابن عمر وعطاء وسعيد بن جبير أنه إذا فعل ذلك .. اجتنب ما يجتنبه المحرم، ولا يصير محرمًا بغير نية الإحرام، والصحيح ما قاله الجمهور؛ لهذه الأحاديث الصحيحة.
وسبب هذا القول من عائشة: أنه بلغها فتيا بعض الصحابة فيمن بعث هديًا إلى مكة أنه يحرم عليه ما يحرم على الحاج؛ من لبس المخيط وغيره حتى ينحر هديه بمكة، فقالت ذلك ردًّا عليه. انتهى من "العون".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، ومسلم في كتاب الحج، باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم لمن لا يريد الذهاب بنفسه، واستحباب تقليده
…
إلى آخره، وأبو داوود في كتاب الحج، باب من بعث بهديه وأقام، والنسائي في كتاب المناسك، باب إشعار الهدي.
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم