المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(47) - (1125) - باب من ضحى بشاة عن أهله - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب المناسك

- ‌(1) - (1079) - بَابُ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ

- ‌(2) - (1080) - بَابُ الذَّبْحِ

- ‌(3) - (1081) - بَابُ مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ

- ‌(4) - (1082) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ

- ‌(5) - (1083) - بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌فائدة

- ‌(6) - (1084) - بَابُ زِيَارَةِ الْبَيْتِ

- ‌(7) - (1085) - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ زَمْزَمَ

- ‌(8) - (1086) - بَابُ دُخُولِ الْكَعْبَةِ

- ‌(9) - (1087) - بَابُ الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنىً

- ‌(10) - (1088) - بَابُ نُزُولِ الْمُحَصَّبِ

- ‌(11) - (1089) - بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌(12) - (1090) - بَابُ الْحَائِضِ تَنْفِرُ قَبْلَ أَنْ تُوَدِّعَ

- ‌(13) - (1091) - بَابُ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(14) - (1092) - بَابُ الْمُحْصَرِ

- ‌(15) - (1093) - بَابُ فِدْيَةِ الْمُحْصَرِ

- ‌(16) - (1094) - بَابُ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌تتمة

- ‌(17) - (1095) - بَابُ مَا يَدَّهِنُ بِهِ الْمُحْرِمُ

- ‌(18) - (1096) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَمُوتُ

- ‌(19) - (1097) - بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ

- ‌(20) - (1098) - بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ

- ‌(21) - (1099) - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ

- ‌تتمة

- ‌(22) - (1100) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُصَدْ لَهُ

- ‌(23) - (1101) - بَابُ تَقْلِيدِ الْبُدْنِ

- ‌(24) - (1102) - بَابُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ

- ‌(25) - (1103) - بَابُ إِشْعَارِ الْبُدْنِ

- ‌(26) - (1104) - بَابُ مَنْ جَلَّلَ الْبَدَنَةَ

- ‌(27) - (1105) - بَابُ الْهَدْيِ مِنَ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ

- ‌(28) - (1106) - بَابُ الْهَدْيِ يُسَاقُ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ

- ‌(29) - (1107) - بَابُ رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(30) - (1108) - بَابٌ: فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ

- ‌(31) - (1109) - بَابُ أَجْرِ بُيُوتِ مَكَّةَ

- ‌(32) - (1110) - بَابُ فَضْلِ مَكَّةَ

- ‌(33) - (1111) - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌فائدة

- ‌(34) - (1112) - بَابُ مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(35) - (1113) - بَابُ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ

- ‌(36) - (1114) - بَابُ الطَّوَافِ فِي مَطَرٍ

- ‌(37) - (1115) - بَابُ الْحَجِّ مَاشِيًا

- ‌كتابُ الأضاحي

- ‌(38) - (1116) - بَابُ أَضَاحِيِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(39) - (1117) - بَاب: الْأَضَاحِيُّ وَاجِبَةٌ هِيَ أَمْ لَا

- ‌(40) - (1118) - بَابُ ثَوَابِ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(41) - (1119) - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْأَضَاحِيِّ

- ‌ملحقة

- ‌(42) - (1120) - بَابٌ: عَنْ كمْ تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ

- ‌(43) - (1121) - بَاب: كَمْ تُجْزِئُ مِنَ الْغَنَمِ عَنِ الْبَدَنَةِ

- ‌فائدة

- ‌(44) - (1122) - بَابُ مَا تُجْزِئُ مِنَ الْأَضَاحِي

- ‌(45) - (1123) - بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُضَحَّى بِهِ

- ‌(46) - (1124) - بَابُ مَنِ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً صَحِيحَةً فَأَصَابَهَا عِنْدَهُ شَيءٌ

- ‌(47) - (1125) - بَابُ مَنْ ضَحَّى بِشَاةٍ عَنْ أَهْلِهِ

- ‌(48) - (1126) - بَاب: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ .. فَلَا يَأْخُذُ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارهِ

- ‌(49) - (1127) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ

- ‌(50) - (1128) - بَابُ مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ

- ‌(51) - (1129) - بَابُ جُلُودِ الْأَضَاحِيِّ

- ‌(52) - (1130) - بَابُ الْأَكْلِ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ

- ‌(53) - (1131) - بَابُ ادِّخَارِ لُحُومِ الضَّحَايَا

- ‌(54) - (1132) - بَابُ الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى

- ‌كتابُ الذّبائح

- ‌(55) - (1133) - بَابُ الْعَقِيقَةِ

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(56) - (1134) - بَابُ الْفَرَعَةِ وَالْعَتِيرَةِ

- ‌مستظرفة

- ‌(57) - (1135) - بَابُ إِذَا ذَبَحْتُمْ .. فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ

- ‌(58) - (1136) - بَابُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ

- ‌(59) - (1137) - بَابُ مَا يُذَكَّى بِهِ

- ‌مذيلة

- ‌(60) - (1138) - بَابُ السَّلْخِ

- ‌(61) - (1139) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ

- ‌(62) - (1140) - بَابُ ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ

- ‌(63) - (1141) - بَابُ ذَكَاةِ النَّادِّ مِنَ الْبَهَائِمِ

- ‌(64) - (1142) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ صبْرِ الْبَهَائِمِ وَعَنِ الْمُثْلَةِ

- ‌(65) - (1143) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ

- ‌(66) - (1144) - بَابُ لُحُومِ الْخَيْلِ

- ‌(67) - (1145) - بَابُ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ

- ‌(68) - (1146) - بَابُ لُحُومِ الْبِغَالِ

- ‌(69) - (1147) - بَابٌ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ

الفصل: ‌(47) - (1125) - باب من ضحى بشاة عن أهله

(47) - (1125) - بَابُ مَنْ ضَحَّى بِشَاةٍ عَنْ أَهْلِهِ

(100)

- 3094 - (1) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَّنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْك، حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيَّادٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ

===

(47)

- (1125) - (باب من ضحى بشاة عن أهله)

(100)

- 3094 - (1)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم الدمشقي، لقبه دحيم، ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثنا) محمد بن إسماعيل بن مسلم (بن أبي فديك) - بالفاء مصغرًا - اسمه دينار الديلي مولاهم المدني، صدوق، من صغار الثامنة، مات سنة مئتين (200 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(حدثني الضحاك بن عثمان) بن عبد الله بن خالد بن حزام الأسدي الحزامي - بكسر أوله وبالزاي - أبو عثمان المدني، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن عمارة بن عبد الله بن صياد) أبي أيوب المدني، ثقة فاضل، من الرابعة، مات بعد الثلاثين ومئة (130 هـ). يروي عنه:(ت ق).

(عن عطاء بن يسار) الهلالي أبي محمد المدني، مولى ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، من صغار الثانية، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(قال) عطاء: (سألت أبا أيوب الأنصاري) خالد بن زيد بن كليب، من كبار الصحابة رضي الله تعالى عنه، شهد بدرًا، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم

ص: 375

كَيْفَ كَانَتِ الضَّحَايَا فِيكُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُضَحِّي بِالشَّاةِ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ فَصَارَ كَمَا تَرَى.

===

حين قدم المدينة عليه، مات غازيًا بالروم سنة خمسين (50 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

أي: سألته (كيف كانت الضحايا فيكم) معاشر الصحابة (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان الرجل) منا (في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة) الواحدة (عنه) أي: عن نفسه (وعن أهل بيته).

وفي رواية مالك في "الموطأ": (كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته).

(فيأكلون) أي: فيأكل أهل بيته من تلك الشاة (ويطعمون) غيرهم من أهل الجيران من الإطعام (ثم) بعد ذلك العهد (تباهى الناس) وتفاخروا؛ لغناهم بكثرة ضحاياهم على ضحايا غيرهم (فصار) شأنهم الآن (كما ترى) من المباهاة والمفاخرة بكثرتها.

وفي رواية مالك: (ثم تباهى الناس بعد) أي: بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية في "موطئه":(ثم تباهى الناس بعد ذلك) أي: بعد ذلك العهد.

(فصارت) الضحايا (كما ترى) أي: يكثرون الضحايا، ويفتخرون بها، وفي رواية مالك:(فصارت مباهاة).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت.

ص: 376

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق، واحتجا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه ضَحَّى بكبش، فقال:"هذا عمن لم يضح من أمتي".

وقال بعض أهل العلم: لا تجزئ الشاة إلا عن نفس واحدة؛ وهو قول عبد الله بن المبارك وغيره من أهل العلم، هذا آخر كلام الترمذي في "جامعه".

قال العيني في "البناية" - بعدما ذكر حديث عبد الله بن هشام قال -: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي الشاة الواحدة عن جميع أهله)، وحديث:(أنه ذبح كبشًا عن أمته)، وبهذه الأخبار ذهب مالك وأحمد والليث والأوزاعي إلى جواز الشاة عن أكثر من واحد، كذا في "التعليق الممجد".

وقال مالك في "الموطأ": أحسن ما سمعت في البدنة والبقرة والشاة الواحدة أن الرجل ينحر عنه وعن أهل بيته البدنة، ويذبح البقر والشاة هو يملكها ويذبحها عنهم، ويشركهم فيها. انتهى.

واحتج هؤلاء الأئمة بحديث أبي أيوب المذكور في هذا الباب، وهو نص صريح في أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته، وإن كانوا كثيرين، وهو الحق.

قال الحافظ ابن القيم في "زاد المعاد": وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن الشاة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته، ولو كثر عددهم؛ كما قال عطاء بن يسار: سألت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: إن كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.

واستدلوا أيضًا بحديث أبي سريحة المذكور للمؤلف بعد هذا الحديث.

ص: 377

(101)

- 3095 - (2) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ

===

فدرجة حديث أبي أيوب: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي أيوب بحديث أبي سريحة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(101)

- 3095 - (2)(حدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج التميمي المروزي، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة إحدى وخمسين ومئتين (251 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).

(أنبأنا عبد الرحمن بن مهدي) بن حسان العنبري مولاهم البصري، ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث، قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(ومحمد بن يوسف) بن واقد بن عثمان الضبي مولاهم الفريابي - بكسر الفاء وسكون الراء بعدها تحتانية وبعد الألف موحدة - نزيل قيسارية من ساحل الشام، ثقة فاضل، من التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة ومئتين (212 هـ). يروي عنه:(ع).

(ح وحدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي النيسابوري، ثقة حافظ فاضل، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 378

جَمِيعًا، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ بَيَانٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ قَالَ: حَمَلَنِي أَهْلِي عَلَى الْجَفَاءِ بَعْدَمَا عَلِمْتُ مِنَ السُّنَّةِ؛

===

(جميعًا) أي: روى كل من عبد الرحمن ومحمد بن يوسف وعبد الرزاق (عن سفيان) بن سعيد (الثوري) الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن بيان) بن بشر الأحمسي - بمهملتين - أبي بشر الكوفي، ثقة ثبت، من الخامسة. يروي عنه:(ع).

(عن الشعبي) عامر بن شراحيل الحميري الكوفي أبي عمرو، ثقة مشهور فقيه فاضل، من الثالثة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سريحة) - بفتح أوله - الغفاري حذيفة بن أسيد - بفتح الهمزة - صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله تعالى عنه، من أصحاب الشجرة، مات سنة اثنتين وأربعين (42 هـ). يروي عنه:(م عم).

وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات.

(قال) أبو سريحة: (حملني) أي: حثني وحضني (أهلي على الجفاء) والبخل وأمروني بتخصيص الشاة الواحدة بنفسي، وبترك قصد الإشراك لأهلي معي في الشاة الواحدة (بعدما علمت من السنة) المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قصد إشراك الأهل في الشاة الواحدة؛ حيث قال في تضحيته بكبش واحد:"اللهم؛ تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد" كما في "صحيح مسلم".

وقوله: (كان أهل البيت

) إلى آخره .. بيان للسنة، و (من) الجارة فيه مؤخرة؛ والتقدير: حملوني على الجفاء والبخل بعدما علمت السنة المطهرة

ص: 379

كَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ يُضَحُّونَ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْن، وَالآنَ يُبَخِّلُنَا جِيرَانُنَا.

===

من أنه (كان أهل البيت) الواحد (يضحون) أي: يقصدون التضحية (بالشاة) الواحدة (والشاتين) مثلًا، فيجزئ ذلك عن كلهم (والآن) بعد عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (يبخلنا) أي: ينسبوننا إلى البخل والشح إن اكتفينا بالواحدة وبالاثنتين (جيراننا) فيقولون: لا تكفي الشاة الواحدة، ولا تجزئ إلا عن الرجل الواحد الذي ذبحها، والسنة المطهرة وردت بترك البخل وقصد الإشراك.

قال الشوكاني في "النيل": وحديث أبي سريحة إسناده في "سنن ابن ماجه" إسناد صحيح، وقال: والحق أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت وإن كانوا مئة نفس أو أكثر؛ كما قضت بذلك السنة. انتهى.

واستدلوا أيضًا بما أخرج الحاكم عن أبي عقيل زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام - وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فمسح رأسه ودعا له - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله.

وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وهو خلاف من يقول: إنها لا تجزئ إلا عن النفس الواحدة. انتهى كذا في "تخريج الهداية" للزيلعي.

وقال الزيلعي قبل هذا: ويشكل على المذهب - يعني: مذهب الحنفية - أيضًا في منعهم الشاة لأكثر من واحد .. الأحاديث المتقدمة أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبش عنه وعن أمته. وأخرج الحاكم عن أبي عقيل زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام

إلى آخره.

واستدلوا أيضًا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر في سواد،

ص: 380

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فأتي به؛ ليضحي به، قال:"يا عائشة؛ هلمي المدية"، ثم قال:"اشحذيها بحجر"، ففعلت، ثم أخذها، وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال:"باسم الله، اللهم؛ تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد"، ثم ضحى به. رواه مسلم في "صحيحه".

فإن قلت: هذه الأحاديث منسوخة أو مخصوصة لا يجوز العمل بها؛ كما قال الطحاوي في "شرح الآثار".

قلت: تضحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمته وإشراكهم في أضحيته مخصوص به صلى الله عليه وسلم، وأما تضحيته عن نفسه وآله .. فليس بمخصوص به صلى الله عليه وسلم ولا منسوخًا.

والدليل على ذلك أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يضحون الشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته؛ كما عرفت، ولم يثبت عن أحد من الصحابة التضحية عن الأمة وإشراكهم في أضحيته البتة، وأما ما ادعاه الطحاوي .. فليس عليه دليل.

فإن قلت: حديث أبي أيوب المذكور في أول هذا الباب محمول على ما إذا كان الرجل محتاجًا إلى اللحم، وفقيرًا لا يجب عليه الأضحية، فيذبح الشاة الواحدة عن نفسه، ويطعم اللحم أهل بيته، أو يشركهم في الثواب، فذلك جائز، وأما الاشتراك في الشاة الواحدة في الأضحية .. فلا؛ فإن الاشتراك خلاف القياس، وإنما جوز في الإبل والبقر؛ لورود النص أنهم اشتركوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البقر والإبل، ولا نص في الشاة، كذا في "التعليق الممجد" نقلًا عن "البناية" للعيني.

قلت: كما ورد النص أنهم اشتركوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإبل والبقر .. كذلك ورد النص أنهم اشتركوا في الشاة الواحدة، إلا أنه قد

ص: 381

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ثبت الاشتراك في الإبل والبقر من أهل أبيات شتى، وثبت الاشتراك في الشاة من أهل بيت واحد؛ كما قد عرفت، فالقول بأن الاشتراك في الشاة خلاف القياس، وأنه لا نص فيه .. باطل.

وأما حملهم حديث أبي أيوب المذكور على ما إذا كان الرجل محتاجًا إلى اللحم، أو فقيرًا لا يجب عليه الأضحية .. فلا دليل عليه، ولم يثبت أن من كان من الصحابة يجد سعة .. يضحي الشاة عن نفسه فقط ولا يشترك فيها أهله، ومن كان منهم لا يجد سعة .. يضحي الشاة الواحدة عن نفسه وعن أهله ويشركهم فيها، ولما لم يثبت هذا التفريق .. بطل حمل الحديث عليه.

والحاصل: أن أبا سريحة كان ذا سعة، ولم يكن فقيرًا، ومع هذا كان يضحي الشاة الواحدة عن أهل بيته؛ فإنه لو كان فقيرًا .. لم يحمله أهله على الجفاء، ولم يبخله جيرانه. انتهى من "تحفة الأحوذي".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث أبي أيوب الأنصاري المذكور قبله في "ابن ماجه"، وذكره الترمذي في "الجامع"، وقال: حديث حسن صحيح.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي أيوب.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 382