المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(30) - (1108) - باب: في الهدي إذا عطب - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب المناسك

- ‌(1) - (1079) - بَابُ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ

- ‌(2) - (1080) - بَابُ الذَّبْحِ

- ‌(3) - (1081) - بَابُ مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ

- ‌(4) - (1082) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ

- ‌(5) - (1083) - بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌فائدة

- ‌(6) - (1084) - بَابُ زِيَارَةِ الْبَيْتِ

- ‌(7) - (1085) - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ زَمْزَمَ

- ‌(8) - (1086) - بَابُ دُخُولِ الْكَعْبَةِ

- ‌(9) - (1087) - بَابُ الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنىً

- ‌(10) - (1088) - بَابُ نُزُولِ الْمُحَصَّبِ

- ‌(11) - (1089) - بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌(12) - (1090) - بَابُ الْحَائِضِ تَنْفِرُ قَبْلَ أَنْ تُوَدِّعَ

- ‌(13) - (1091) - بَابُ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(14) - (1092) - بَابُ الْمُحْصَرِ

- ‌(15) - (1093) - بَابُ فِدْيَةِ الْمُحْصَرِ

- ‌(16) - (1094) - بَابُ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌تتمة

- ‌(17) - (1095) - بَابُ مَا يَدَّهِنُ بِهِ الْمُحْرِمُ

- ‌(18) - (1096) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَمُوتُ

- ‌(19) - (1097) - بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ

- ‌(20) - (1098) - بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ

- ‌(21) - (1099) - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ

- ‌تتمة

- ‌(22) - (1100) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُصَدْ لَهُ

- ‌(23) - (1101) - بَابُ تَقْلِيدِ الْبُدْنِ

- ‌(24) - (1102) - بَابُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ

- ‌(25) - (1103) - بَابُ إِشْعَارِ الْبُدْنِ

- ‌(26) - (1104) - بَابُ مَنْ جَلَّلَ الْبَدَنَةَ

- ‌(27) - (1105) - بَابُ الْهَدْيِ مِنَ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ

- ‌(28) - (1106) - بَابُ الْهَدْيِ يُسَاقُ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ

- ‌(29) - (1107) - بَابُ رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(30) - (1108) - بَابٌ: فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ

- ‌(31) - (1109) - بَابُ أَجْرِ بُيُوتِ مَكَّةَ

- ‌(32) - (1110) - بَابُ فَضْلِ مَكَّةَ

- ‌(33) - (1111) - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌فائدة

- ‌(34) - (1112) - بَابُ مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(35) - (1113) - بَابُ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ

- ‌(36) - (1114) - بَابُ الطَّوَافِ فِي مَطَرٍ

- ‌(37) - (1115) - بَابُ الْحَجِّ مَاشِيًا

- ‌كتابُ الأضاحي

- ‌(38) - (1116) - بَابُ أَضَاحِيِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(39) - (1117) - بَاب: الْأَضَاحِيُّ وَاجِبَةٌ هِيَ أَمْ لَا

- ‌(40) - (1118) - بَابُ ثَوَابِ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(41) - (1119) - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْأَضَاحِيِّ

- ‌ملحقة

- ‌(42) - (1120) - بَابٌ: عَنْ كمْ تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ

- ‌(43) - (1121) - بَاب: كَمْ تُجْزِئُ مِنَ الْغَنَمِ عَنِ الْبَدَنَةِ

- ‌فائدة

- ‌(44) - (1122) - بَابُ مَا تُجْزِئُ مِنَ الْأَضَاحِي

- ‌(45) - (1123) - بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُضَحَّى بِهِ

- ‌(46) - (1124) - بَابُ مَنِ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً صَحِيحَةً فَأَصَابَهَا عِنْدَهُ شَيءٌ

- ‌(47) - (1125) - بَابُ مَنْ ضَحَّى بِشَاةٍ عَنْ أَهْلِهِ

- ‌(48) - (1126) - بَاب: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ .. فَلَا يَأْخُذُ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارهِ

- ‌(49) - (1127) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ

- ‌(50) - (1128) - بَابُ مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ

- ‌(51) - (1129) - بَابُ جُلُودِ الْأَضَاحِيِّ

- ‌(52) - (1130) - بَابُ الْأَكْلِ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ

- ‌(53) - (1131) - بَابُ ادِّخَارِ لُحُومِ الضَّحَايَا

- ‌(54) - (1132) - بَابُ الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى

- ‌كتابُ الذّبائح

- ‌(55) - (1133) - بَابُ الْعَقِيقَةِ

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(56) - (1134) - بَابُ الْفَرَعَةِ وَالْعَتِيرَةِ

- ‌مستظرفة

- ‌(57) - (1135) - بَابُ إِذَا ذَبَحْتُمْ .. فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ

- ‌(58) - (1136) - بَابُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ

- ‌(59) - (1137) - بَابُ مَا يُذَكَّى بِهِ

- ‌مذيلة

- ‌(60) - (1138) - بَابُ السَّلْخِ

- ‌(61) - (1139) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ

- ‌(62) - (1140) - بَابُ ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ

- ‌(63) - (1141) - بَابُ ذَكَاةِ النَّادِّ مِنَ الْبَهَائِمِ

- ‌(64) - (1142) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ صبْرِ الْبَهَائِمِ وَعَنِ الْمُثْلَةِ

- ‌(65) - (1143) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ

- ‌(66) - (1144) - بَابُ لُحُومِ الْخَيْلِ

- ‌(67) - (1145) - بَابُ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ

- ‌(68) - (1146) - بَابُ لُحُومِ الْبِغَالِ

- ‌(69) - (1147) - بَابٌ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ

الفصل: ‌(30) - (1108) - باب: في الهدي إذا عطب

(30) - (1108) - بَابٌ: فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ

(58)

- 3052 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سِنَانِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذُؤَيْبًا الْخُزَاعِيَّ حَدَّثَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

===

(30)

- (1108) - (باب: في الهدي إذا عطب)

(58)

- 3052 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن بشر) بن الفرافصة (العبدي) الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري، ثقة، من السادسة، مات سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).

(عن قتادة) بن دعامة، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن سنان بن سلمة) بن المُحَبّق الهذلي البصري، ولد يوم حنين، فله رؤية، مات في آخر إمارة الحجاج. يروي عنه:(م د س ق).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

(أن ذؤيبًا) بن حلحلة - بمهملتين وسكون اللام الأولى - ابن عمرو بن كليب (الخزاعي) والد قبيصة الصحابيَّ المشهور رضي الله تعالى عنهما، مات في خلافة معاوية، وقيل: مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. يروي عنه: (م ت ق).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم أي: حدث وأخبر ذؤيب لابنِ عباس

ص: 255

كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: "إِذَا عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا .. فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ صَفْحَتَهَا وَلَا تَطْعَمْ مِنْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ".

===

أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يبعث) ويرسل (معه) أي: مع ذؤيب (بالبدن) أي: ببدنه وهداياه التي ساقها من ذي الحليفة في حجة الوداع إلى مكة (ثم يقول) رسول الله صلى الله عليه وسلم لذؤيب: (إذا عطب) من باب فرح وتعب؛ أي: إذا عجز وأعيا (منها) أي: من هذه البدن (شيء) أي: واحد منها فأكثر؛ والعطب - بوزن التعب -: الهلاك؛ والمراد: إن قارب الهلاك والموت شيء منها بقرينة قوله: (فخشيت عليه موتًا) أي: فخفت عليه موتًا .. (فانحرها) أي: فانحر تلك البدنة التي خشيت عليها الموت (ثم اغمس) وأدخل (نعلها) المعلق بعنقها؛ لتكون علامةً على كونها هديًا؛ أي: ألق نعلها (في دمها) الذي يسيل منها؛ كيلا ينتفع بشيء منها، حتى لا تؤخذ نعلها؛ ليقلد بها غيرها.

(ثم) بعدما ألقيت نعلها في دمها .. خذه و (اضرب) به؛ أي: بنعلها (صفحتها) أي: اجعله على جانب عنقها؛ ليحترز عن أكلها الغني، ويعرف أنها هدي (ولا تطعم منها) أي: من تلك البدنة (أنت) يا ذؤيب (ولا أحد من أهل رفقتك) أي: لا تأكل أنت من لحمها، ولا واحد من رفقتك؛ أي: من أصحابك الذين رافقتهم في السفر، وهذا محمول - كما قال النووي - على سد الذرائع؛ حتى لا يتساهل فينحر قبل أوانه.

قال الخطابي: ويشبه أن يكون ذاك؛ ليقطع عنهم باب التهمة، وقال السندي: ويحتمل أنهم كانوا أغنياء.

والرفقة - بضمة الراء وكسرها، وقيل: مثلثة وسكون الفاء: جماعة ترافقهم في سفرك.

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولفظ: (الأهل) مقحم. انتهى، أو الإضافة فيه بيانية، وفي "القاموس": الرفقة - مثلثة الراء - أي: أحد من رفقائك. انتهى.

قال الطيبي: سواء كان فقيرًا أو غنيًّا، وإنما منعوا ذلك؛ قطعًا لأطماعهم؛ لئلا ينحرها أحد ويتعلل بالعطب، قال المازري: نهاه عن ذلك؛ حماية أن يتساهل فينحره قبل أوانه بذلك.

وقال القرطبي: قوله: "ثم اجعلها على صفحتها" يعني: النعل الذي قلدها به يجعله على صفحة عنقها، وإنما أمره بذلك؛ ليكون ذلك علامة على أنه هدي، فيمتنع منه كل من لا يحل له أكله.

قوله: "أنت ولا أحد من رفقتك" يعني برفقته: المرافقين له في سوق الهدي ومن يتعلق به.

وإنما منعه النبي صلى الله عليه وسلم ورفقته من أكلها؛ سدًّا للذريعة؛ لأنه لو لم يمنعهم من ذلك .. لأمكن أن يبادروا إلى نحرها، أو يتسببوا إلى ذلك ليأكلوها، فلما منعهم من المحذور المتوقع .. انسد ذلك الباب عليهم. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الحج، باب ما يفعل بالهدي إذا عطب في الطريق، وأحمد في "المسند"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث ذؤيب الخزاعي بحديث ناجية الخزاعي رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 257

(59)

- 3053 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، عَنْ نَاجِيَةَ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ عَمْرٌ وفِي حَدِيثِهِ: وَكَانَ صاحِبَ بُدْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ كَيْفَ أَصْنَعُ بِمَا عَطِبَ مِنَ الْبُدْنِ؟ قَالَ: "انْحَرْهُ وَاغْمِسْ نَعْلَهُ

===

(59)

- 3053 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) الطنافسي (وعمرو بن عبد الله) بن حنش - بفتحتين آخره معجمة - الأودي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(ق).

(قالوا) أي: قال كل من الثلاثة: (حدثنا وكيع) بن الجراح.

(عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير.

(عن ناجية) بن كعب بن جندب، ويقال: ابن عمير بن معمر الأسلمي (الخزاعي) الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه. يروي عنه: (عم).

(قال عمرو) بن عبد الله (في حديثه) أي: في روايته: (وكان) ناجية (صاحب بدن النبي صلى الله عليه وسلم في سوقها إلى مكة في حجة الوداع.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

قوله: (صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله أميرًا على ست عشرة بدنة يسوقها إلى مكة؛ لينحرها بمكة؛ كما في رواية مسلم.

(قال) ناجية ابن جندب: فـ (قلت: يا رسول الله؛ كيف أصنع) وأفعل (بما عطب) وعجز وانقطع عن السير في الطريق (من) هذه (البدن) التي أمرتني عليها؟ فـ (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انحره) أي: انحر ما عجز في الطريق واذبحه (واغمس نعله) أي: نعل ما عجز منها؛ أي: ألق نعله

ص: 258

فِي دَمِه، ثُمَّ اضْرِبْ صَفْحَتَهُ وَخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَلْيَأْكُلُوهُ".

===

المعلق في عنقه؛ ليكون علامةً على كونه هديًا؛ فالمراد بنعله: ما علق بعنقه من الأمدسة - جمع مداس على غير القياس -؛ ليكون علامةً على كونه هديًا، لا نعل رجله.

والنعل: اسم لما وقيت به القدم من الأرض، ليس خاصًّا بما وقي به حافر البدنة؛ أي: اغمسه واطرحه (في دمه) الذي سال منه عند النحر (ثم اضرب) واجعل ذلك النعل الملطخ بدمه وضعه على (صفحته) أي: على جانب سنامه؛ لئلا يأكل منها الأغنياء؛ أي: ليعلم من مر به أنه هدي، فيأكله من يستحقه من الفقراء، ويتركه من لا يستحقه من الأغنياء، وقيل: على صفحة عنقه؛ كما قاله القرطبي فيما مر.

(وخل بينه) أي: واخرج من بين ذلك الهدي الذي نحرته (وبين الناس، فليأكلوه) أي: لا تمنعهم عن أكله، ولا تأكل أنت ورفقتك منها شيئًا.

وبظاهر هذا النهي قال ابن عباس، واختاره ابن المنذر، فقالا: لا يأكل منه سائقه ولا أحد من أهل رفقته.

وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي ومن تبعهم: لا يأكل منه سائقه، ويخلي بينه وبين الناس يأكلونه، وروي عن ابن عمر: أنه كان يرى الأكل منه، وعلى قول المانعين؛ فإن أكل منه .. ضمنه عند مالك وغيره. انتهى من "المفهم" باختصار.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الحج، باب ما يفعل بالهدي إذا عطب في الطريق، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب في الهدي إذا عطب في الطريق قبل أن يبلغ محله، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء إذا عطب الهدي ماذا يصنع به.

ص: 259

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال أبو عيسى: حديث ناجية حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم؛ قالوا في هدي التطوع: إذا عطب .. لا يأكل هو ولا أحد من أهل رفقته، ويخلي بينه وبين الناس يأكلوه، وقد أجزأ، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقالوا: إن أكل منه شيئًا .. غرم بقدر ما أكل منه.

وقال بعض أهل العلم: إذا أكل من هدي التطوع شيئًا .. فقد ضمن الذي أكل.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 260