الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(66)
- 3060 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ
===
فائدة
قال الدميري: زيارة النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الطاعات، وأعظم القربات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"من زار قبري .. وجبت له شفاعتي". رواه الدارقطني وغيره، وصححه عبد الحق.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: "من جاءني زائرًا لا تحمله حاجة أخرى إلا زيارتي .. كان حقًّا علي أن أكون له شفيعًا يوم القيامة". رواه الجماعة؛ منهم: الحافظ أبو علي بن السكن في كتابه المسمى بـ "السنن الصحاح".
فهذان إمامان صححا هذين الحديثين، وقولهما أولى من قول من طعن في ذلك. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب المناقب، باب فضل المدينة، وابن حبان في "الموارد"، في كتاب الحج، باب فضل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبغوي في "شرح السنة"، وأحمد في "المسند"، والبيهقي.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث أيوب السختياني.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له رضي الله تعالى عنه، فقال:
(66)
- 3060 - (3)(حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان) بن خالد
الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمن، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "اللَّهُمَّ؛ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ، وَإنَّكَ حَرَّمْتَ مَكَّةَ عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ،
===
الأموي (العثماني) المدني نزيل مكة، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(س ق)، ووثقه أبو حاتم، وقال صالح بن محمد الأسدي: ثقة صدوق إلا أنه يروي عن أبيه المناكير، وقال ابن حبان في "الثقات": يخطئ ويخالف، وقال الحاكم: في حديثه المناكير، فهو مختلف فيه.
(حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم) سلمة بن دينار المدني، صدوق فقيه، من الثامنة، مات سنة أربع وثمانين ومئة (184 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن العلاء بن عبد الرحمن) بن يعقوب الحُرَقي أبي شبل المدني، صدوق ربما وهم، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين ومئة (133 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني، مولى الحرقة - بضم المهملة وفتح الراء بعدها قاف - ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه محمد بن عثمان العثماني، وهو مختلف فيه.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم، إن إبراهيم خليلك ونبيك)(خليلك) بالرفع خبر (إن) و (نبيك) معطوف عليه (وإنك حرمت مكة) أي: أظهرت تحريمها وتعظيمها (على لسان إبراهيم) عليه السلام
اللَّهُمَّ؛ وَأَنَا عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا"، قَالَ أَبُو مَرْوَانَ: لَابَتَيْهَا: حَرَّتَيِ الْمَدِينَةِ.
===
(اللهم؛ وأنا عبدك ونبيك، وإني أحرم ما بين لابتيها) أي: أريد أن أحرم ما بين لابتي المدينة، فحرمها على لساني؛ كما حرمت مكة على لسان إبراهيم خليلك. انتهى.
قال المؤلف: (قال) لنا (أبو مروان) شيخنا: معنى (لابتيها: حرتي المدينة)؛ الحرة - بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء -: أرض ذات حجارة سود، وللمدينة لابتان؛ شرقية وغربية، قيل: المراد: تحريم اللابتين وما بينهما، والجمهور على هذا الحديث، وخلافه غير قوي، والله تعالى أعلم.
قوله: (وإنك حرمت مكة على لسان إبراهيم) أي: بلغ إبراهيم تحريمها؛ لأن تحريم مكة سماوي من الخلقة، فإسناد التحريم إلى إبراهيم مِن حيثُ التبليغُ والإظهارُ، وبيانُ جهة التحريم مِن كونها لا يُنفَّر صيدُها ولا يُعضد شجرها مثلًا.
قوله: "وإني أحرم ما بين لابتيها" أي: إني أريد أن أجعل ما بين لابتيها حرمًا لا يُراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح لقتال، ولا تُخبط فيها شجرة إلا لِعلَف، ولا ينفر فيها صيد.
وهذا الحديثُ انفرد به ابن ماجه؛ ولكن له شاهد من حديث عليِّ بن أبي طالب، رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، ومسلم في كتاب الحج، باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لَأْوَائِها، والترمذي أيضًا في كتاب الدعوات، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، وأحمد في "المسند"، وغيرهم.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن بغيره من الشواهد المذكورة، حسن
(67)
- 3061 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَرَادَ
===
السند؛ لأن في سنده محمد بن عثمان العثماني، فهو مختلف فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له رضي الله تعالى عنه، فقال:
(67)
- 3061 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة مصنف، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا عبدة بن سليمان) الكِلابي أبو محمد الكوفي، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عمرو) بن علقمة بن وقاص الليثي المدني، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة خمس وأربعين ومئة على الصحيح (145 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أراد) وقصد
أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ .. أَذَابَهُ اللهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ".
(68)
- 3062 - (5) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،
===
(أهل المدينة) وسُكَّانَها (بسوء) أي: بِشَرٍّ في الأنْفُس؛ كالقتال، أو في الأموال؛ كأخذ أموالهم بالنَّهْبِ أو الغصبِ أو السرقةِ .. (أذابه الله) تعالى؛ أذاب الله قَلْبَهُ وجِسْمَهُ معنىً بإِلقاءِ الرعب والخوف في قلبه (كما يذوب الملح) المطروحُ (في الماء) فلا يَتِمُّ له مرادُه ولا قصدُه، وكفاهم الله تعالى من شر من قصدهم؛ كما ألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان، وفي قلوب المشركين حين قصدوا استئصال أهل المدينة بعد غزوة أحد بالرجوع إليهم من طريق مكة بعد وصولهم حمراء الأسد.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رابعًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث أنس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(68)
- 3062 - (5)(حدثنا هناد بن السري) - بكسر الراء الخفيفة - ابن مصعب التميمي أبو السري الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا عبدة) بن سليمان الكلابي أبو محمد الكوفي، ثقة ثبت، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني إمام المغازي،
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مِكْنَفٍ
===
صدوق يدلس ورمي بالتشيع والقدر، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم). انتهى "تقريب".
وفي "التهذيب": قال البخاري: رأيت علي بن عبد الله، يحتج بحديث ابن إسحاق، قال: وقال علي: ما رأيت أحدًا يتهم ابن إسحاق، وقال شعبة: ابن إسحاق أمير المؤمنين لحفظه، وقال أبو زرعة الدمشقي: ابن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ منه، وقد اختبره أهل الحديث، فرأوه صدقًا وخيرًا مع مدح ابن شهاب له، وقال ابن المديني: ثقة، لم يضعه عندي إلا روايته عن أهل الكتاب، وقال ابن حبان: ولم يكن بالمدينة أحد يقارب ابن إسحاق في علمه ولا يوازنه في جمعه، وهو من أحسن الناس سياقًا للأخبار
…
إلى أن قال: وكان يكتب عمن فوقه، ومثله، ودونه، فلو كان ممن يستحل الكذب .. لم يحتج إلى النُّزُول، فهذا يدلك على صدقه، قال الحاكم: وذكر عن البُوشَنْجِي أنه قال: هو عندنا ثقة ثقة. انتهى من "التهذيب" باختصار.
قلت: فهو ثقة ثقة إمام المغازي حجة في كل علم.
(عن عبد الله بن مِكْنَفٍ) - بكسر الميم وسكون الكاف بعدها نون مفتوحة، بوزن منبر - الأنصاري المدني. روى عن أنس، ويروي عنه محمد بن إسحاق والمسور بن رفاعة، وقال البخاري: في حديثه نظر، وقال ابن حبان: لا أعلم له سماعًا من أنس، ولا يجوز الاحتجاج به، وذكره ابن عدي، وقال: لا يحدِّث عنه غيرُ ابن إسحاق، كذا قال.
قلت: قد صرح عبد الله بن مكنف في رواية ابن ماجه هذه بسماعه من أنس، فزال ما كنا نخشاه من قول ابن حبان:"لا أعلم له سماعًا من أنس".
قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أُحُدًا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، وَهُوَ عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّة، وَعَيْرٌ عَلَى تُزعَةٍ مِنْ تُرَعِ النَّارِ".
===
وقال في "التقريب": مجهول، من الخامسة. يروي عنه:(ق).
(قال) عبد الله بن مكنف: (سمعت أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عبد الله بن مكنف، وهو مجهول.
أي: سمعت أنسًا حالة كونه (يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحدًا جبل يحبنا ونحبه).
قوله: "إن أحدًا" - بضمتين -: جبل بالمدينة؛ وهو من أعظم جبالها، سمي به؛ لتوحده عن غيره من الجبال بالكبر.
قوله: "يحبنا ونحبه" قال المناوي: نحن نأنس به، وترتاح نفوسنا لرؤيته، وهو سد بيننا وبين ما يؤذينا؛ لعله هو الدجال في آخر الزمان، أو المراد: أهله الذين هم أهل المدينة يحبنا.
ويقابله: جبلٌ في قِبلِيِّ المدينةِ يُسمّى عيرًا - بفتح العين - وهو غير محبوب لنا، وقد ورد في حقه البغض في بعض الأحاديث؛ كما سيذكره المؤلف (وهو) أي: أحد (على ترعة) وباب (من ترع الجنة) وأبوابها.
(وعير): وهو اسم جبل من جبال المدينة؛ أي: وعير هذا (على ترعة) وباب (من ترع النار) أي: على باب من أبواب النار، نبغضه ويبغضنا.
ولفظ حديث "الجامع الصغير": (أحد هذا جبل يحبنا ونحبه، وهو على باب من أبواب الجنة، وعير هذا يبغضنا ونبغضه، وهو على باب من أبواب النار)، والترعة: هي الباب وتطلق على أفواه الجداول.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال السندي: قوله: "يحبنا ونحبه" قيل: هو على حذف مضاف؛ أي: يحبنا أهله ونحب أهله، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وأهله هم أهل المدينة.
وقيل: على حقيقته، وهو الصحيح عند أهل التحقيق؛ إذ لا نستبعد وضع المحبة في الجبل، وفي الجذع اليابس حتى حن إليه.
قوله: "على ترعة" - بضم فسكون - نظير غرفة وغرف، وفي "الصحاح": هي الباب، وفي الحديث:"أن منبري هذا على ترعة من ترع الجنة"، ويقال: الترعة: الروضة، ويقال: هي الدرجة، والترعة أيضًا: أفواه الجداول، حكاه بعضهم، وذكر السيوطي عن "النهاية": أن الترعة في الأصل: الروضة على المكان المرتفع خاصةً، فإذا كانت في المطمئن .. فهي روضة.
قلت: يكون قوله: (على ترعة النار) مجازًا؛ من باب المقابلة والمشاكلة. انتهى.
قوله: "وعير": اسم جبل من جبال المدينة.
ومعنى الحديث ينبغي تفويضه إلى الله تعالى، والمقصود بالإفادة: أن أحدًا جبل ممدوح، وعيرًا بخلافه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث؛ في الجملة الأولى؛ وهي المتعلقة بأحد: البخاري في كتاب المغازي، باب أحد جبل يحبنا ونحبه، ومسلم في كتاب الحج، باب أحد جبل يحبنا ونحبه.
فهذا الحديث في الجملة الأولى: صحيح المتن في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه؛ وغرضه فيها: الاستشهاد، ضعيف السند؛ لما قد علمت.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وروى الجملة الثانية؛ أعني: جملة (العير): الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، والبزار بهذا السند، والسيوطي في "الجامع الصغير".
فهي ضعيفة المتن والسند، وغرضه فيها: الاستئناس وتكملة الحديث.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح الصدر متنًا، ضعيفه سندًا، وضعيف العجز متنًا وسندًا، ومقصود المؤلف من هذا الحديث: الصدر ذَكرَهُ للاستدلال، والعجز إنما ذكره؛ لتمام الحديث على ما رواه بعضهم.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:
الأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد، إلا العجز من الحديث الأخير؛ فالمقصود من ذكره: تكملة الحديث على ما رواه بعضهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم