الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5) - (1083) - بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ
(10)
- 3004 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَص، عَنْ أَبيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ أَلَا
===
(5)
- (1083) - (باب الخطبة يوم النحر)
(10)
- 3004 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهناد بن السري) بن مصعب التميمي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ). يروي عنه:(م عم).
(قالا: حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي، ثقة متقن صاحب حديث، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن شبيب بن غرقدة) - بمعجمة وقاف مفتوحتين بينهما راء ساكنة - السلمي الكوفي، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(ع).
(عن سليمان بن عمرو بن الأحوص) الجشمي - بضم الجيم وفتح المعجمة - الكوفي مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(عم).
(عن أبيه) عمرو بن الأحوص الجشمي الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، له حديث واحد وهو هذا الحديث في حجة الوداع. يروي عنه:(عم).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عمرو بن الأحوص: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: يا أيها الناس؛ ألا) - بفتح الهمزة - حرف استفتاح وتنبيه؛ أي:
أَيُّ يَوْمٍ أَحْرَمُ؟ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالُوا: يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَر، قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ
===
انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (أي يوم) من أيام الدنيا (أحرم؟ ) أي: أشد حرمة وأكثر، وعبارة "التحفة": أي: أعظم حرمة؟ كما في حديث جابر عند أحمد. انتهى.
قال هذا السؤال (ثلاث مرات، قالوا) أي: قال الناس في جواب سؤاله صلى الله عليه وسلم: هو؛ أي: أحرم الأيام وأعظمها حرمة (يوم الحج الأكبر) قيل: هو يوم عرفة، وقيل: يوم النحر؛ كما في حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر، فقال: يوم النحر)، وفيه دليل لمن يقول: إن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، ولحديث علي هذا شاهد من حديث ابن عمر عند أبي داوود وابن ماجه، وذكره البخاري تعليقًا، وقد وردت في ذلك أحاديث أخرى ذكرها الحافظ ابن كثير وغيره، واختاره ابن جرير، وهو قول مالك والشافعي والجمهور.
وقال آخرون - منهم عمر وابن عباس وطاووس -: إنه يوم عرفة، والأول أرجح، وحديث علي هذا .. قد تقدم مرفوعًا وموقوفًا في أواخر أبواب الحج من الترمذي، وأخرجه أيضًا ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. انتهى من "تحفة الأحوذي".
فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن دماءكم) أيها المسلمون؛ أي: إراقتها بلا استحقاق (وأموالكم) أي: أخذها بظلم (وأعراضكم) أي: طعنها بلا استحقاق، جمع عرض؛ وهو موضع الذم والمدح من الإنسان؛ أي: تعرضها (بينكم) أي: عليكم؛ كما في رواية الترمذي، وهذا احتراز عن الحقوق الشرعية؛ كما في "التحفة".
حَرَامٌ؛ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِه،
===
(حرام) أي: محرم ليس لبعضكم أن يتعرض لبعض آخر، فيريق دمه أو يسلب ماله أو ينال من عرضه. انتهى من "التحفة".
وعبارة السندي: قوله: (ألا) بالتخفيف استفتاحية (أي يوم أحرم؟ ) أي: أي يوم أشد حرمة وأكثر احترامًا؟ (فإن دماءكم) أراد أن دم كل واحد حرام عليه وعلى غيره، وأما في المال .. فالمراد أن مال كل واحد حرام على غيره لا عليه إلا في الباطل؛ فقد يصير حرامًا عليه أن يصرفه فيه. انتهى منه.
(كحرمة يومكم هذا) أي: يوم النحر؛ يعني: تعرض بعضكم دماء بعض وأمواله وأعراضه في غير هذا اليوم .. كحرمة التعرض لها في هذا اليوم (في شهركم هذا) أي: ذي الحجة (في بلدكم هذا) أي: مكة أو الحرم المحترم (ألا) أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول (لا يجني جان إلا على نفسه) أي: لا يرجع وبال جنايته وعقوبتها؛ من الإثم والقصاص إلا إلى نفسه.
قال في "التحفة": قوله في أول الحديث: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع) أي: في يوم النحر، والوداع - بفتح الواو - اسم مصدر لودَّعَ الرباعي؛ يقال: ودعَّ توديعًا ووداعًا؛ كسلَّم تسليمًا وسلامًا، وكلم تكليمًا وكلامًا، وقيل: بكسر الواو، فيكون مصدرَ وَادَع وِداعًا وموادعة؛ كقاتل قتالًا ومقاتلة، سمي بذالك؛ إِما لوداعه الناسَ، أو الحرمَ في تلك الحجة؛ وهي بفتح الحاء وكسرها، قال الشمني: لم يسمع في حاء (ذي الحجة) إلا الكسر، قال صاحب "الصحاح": الحجة: المرة الواحدة، وهو من الشواذ؛ لأن القياس الفتح. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قوله: (قالوا: يوم الحج الأكبر) أي: يوم العيد؛ لأن فيه تمام الحج ومعظم أفعاله، ولأن فيه إعلامًا من الله إلى الناس ببراءته وبراءة رسوله من المشركين، ولما روي أنه صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر عند الجمرات في حجة الوداع، فقال:"هذا يوم الحج الأكبر"، وقيل: يوم عرفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة".
ووصف الحج بالأكبر؛ لأن العمرة هي الحج الأصغر، أو لأن المراد بالحج: ما يقع في ذلك اليوم من أعماله؛ لأنه أكبر من باقي الأعمال، أو لأن ذلك الحج اجتمع فيه المسلمون والمشركون ووافق عيده أعياد أهل الكتاب، أو لأنه ظهر فيه عز المسلمين وذل المشركين. انتهى.
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هو يوم عرفة؛ إذ من أدرك عرفة .. فقد أدرك الحج، ثم قولهم:(يوم الحج الأكبر) بظاهره ينافي جوابهم السابق في حديث أبي بكرة بقولهم: (الله ورسوله أعلم)، ولعل هذا في يوم آخر من أيام النحر، أو أحد الجوابين صدر من بعضهم، كذا في "المرقاة".
قوله: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم) أي: تعرضكم لبعضكم في دمائهم وأموالهم وأعراضهم؛ والعرض - بالكسر -: موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سلفه.
وقوله: (بينكم) احتراز عن الحقوق الشرعية (حرام) أي: محرم ممنوع (كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا) يعني: تعرض بعضكم دماء بعض وأمواله وأعراضه في غير هذه الأيام .. كحرمة التعرض لها في هذا اليوم.
وَلَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِه، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِه، أَلَا إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ
===
وإنما شبهها في الحرمة بهذه الأشياء؛ لأنهم كانوا لا يرون استباحة تلك الأشياء وانتهاك حرمتها بحال.
قوله: (ألا) للتنبيه (لا يجني جان إلا على نفسه) قال في "النهاية": الجناية: الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العذاب أو القصاص في الدنيا والآخرة؛ والمعنى: أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهما جناية .. لا يعاقب بها الآخر؛ كقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1). انتهى.
(ولا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده) يحتمل أن يكون المراد: النهي عن الجناية؛ لاختصاصها بمزيد قبح، وأن يكون المراد تأكيد قوله:"لا يجني جان إلا على نفسه" فإن عادتهم جرت بأنهم يأخذون أقارب الشخص بجنايته.
والحاصل: أن هذا ظلم يؤدي إلى ظلم آخر، والأظهر أن هذا نفي، فيوافق قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، وإنما خص الولد والوالد؛ لأنهما أقرب الأقارب، فإذا لم يؤاخذ بفعله .. فغيرهما أولى، وفي رواية:"لا يؤاخذ الرجل بجريمة أبيه" وضبط بالوجهين.
(ألا إن الشيطان) وهو إبليس الرئيس، أو الجنس الخسيس (قد أيس) أي: قنط من (أن يعبد) قال القاري: أي: من أن يطاع في عبادة غير الله تعالى؛ لأنه لم يُعْرَف أنه عبده أحد من الكفار. انتهى، وقيل معناه: إن
(1) سورة الأنعام: (164).
فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا، وَلكِنْ سَيَكُونُ لَهُ طَاعَةٌ فِي بَعْضِ مَا تَحْتَقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَيَرْضَى بِهَا،
===
الشيطان أيس أن يعود أحد من المؤمنين إلى عبادة الصنم، ولا يرد على هذا؛ مثل أصحاب مسيلمة ومانعي الزكاة وغيرهم ممن ارتد؛ لأنهم لم يعبدوا الصنم.
ويحتمل معنى آخر: وهو أنه أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن المصلين من أمتي لا يجمعون بين الصلاة وعبادة الشيطان؛ كما فعلته اليهود والنصارى.
ولك أن تقول: معنى الحديث: إن الشيطان أيس من أن يتبدل دين الإسلام، ويظهر الإشراك ويستمر ويصير الأمر كما كان من قبل، ولا ينافيه ارتداد من ارتد، بل لو عبد الأصنام أيضًا .. لم يضر في المقصود، فافهم، كذا في "اللمعات" مع زيادة؛ أي: أيس أن يعبد (في بلدكم هذا أبدًا) أي: في الأزمنة المستقبلة، وفي رواية الترمذي:(في بلدكم هذه) أي: مكة وما حولها من جزيرة العرب (ولكن سيكون له) أي: للشيطان (طاعة) أي: امتثال وموافقة (في بعض ما تحتقرون) أي: في بعض ما تعدونه حقيرًا وخفيفًا ويسيرًا (من أعمالكم) أي: دون الكفر؛ من القتل والنهب ونحوهما من الكبائر وتحقير الصغائر.
(فيرضى) الشيطان بالبناء للفاعل (بها) أي: بطاعتكم له في بعض أعمالكم مما تعدونه حقيرًا؛ حيث لم يحصل له منكم الذنب الأكبر، ولهذا ترى المعاصي - من الكذب والخيانة ونحوهما - توجد كثيرًا في المسلمين، وقليلًا في الكافرين؛ لأنه قد رضي من الكفار بالكفر، فلا يوسوس لهم في الجزئيات، وحيث لا يرضى من المسلمين بالكفر، فيرميهم في المعاصي،
أَلَا وَكُلُّ دَمٍ مِنْ دِمَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ مَا أَضَعُ مِنْهَا دَمُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؛
===
وروي عن علي رضي الله عنه: (الصلاة التي ليس لها وسوسة .. إنما هي صلاة اليهود والنصارى)، ومن الأمثال:(لا يدخل اللص في بيت إلا وفيه متاع نفيس).
قال الطيبي رحمه الله: (قوله: فيما تحتقرون) أي: يتهجس في خواطركم وتتفوهون عن هناتكم وصغائر ذنوبكم، فيؤدي ذلك إلى هيج الفتن والحروب؛ كقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الشيطان قد يئس من أن يعبده المسلمون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم".
(ألا) حرف تنبيه (وكل دم من دماء الجاهلية) أي: أريق في زمن الجاهلية قبل الإسلام (موضوع) أي: متروك باطل هدر لا يطالب بدية ولا قصاص؛ أي: كالشيء الموضوع تحت القدم؛ لأن الإسلام يجب ما قبله.
قال النووي: المراد بالوضع: الرد والإبطال (وأول ما أضع) وأبطل وأهدر (منها) أي: من دماء الجاهلية (دم الحارث بن عبد المطلب) قال الخطابي: هكذا روى أبو داوود وكذا ابن ماجه، وإنما هو في سائر الروايات:(دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب)، وحدثني عبد الله بن محمد المكي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد قال: أخبرني ابن الكلبي أن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لم يقتل، وقد عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زمن عمر، وإنما قتل ابن له صغير في الجاهلية، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه فيما أهدر، ونسب الدم إليه؛ لأنه ولي الدم. انتهى.
وفي الحديث: أن ما أدركه الإسلام من أحكام الجاهلية .. فإنه يلقاه بالرد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والنكير، وأن الكافر إذا أربى في كفره، ثم لم يقبض المال حتى أسلم .. فإنه يأخذ رأس ماله، ويضع الربا، فأما ما كان قد مضى من أحكامهم .. فإن الإسلام يلقاه بالعفو، فلا يعترض لهم في ذلك. قاله الخطابي. انتهى من "العون".
ولفظ "مسلم" مع "الكوكب": (ألا) - بالفتح والتخفيف - للتنبيه؛ أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم (كل شيء من أمر الجاهلية) يعني به: الأمور التي أحدثوها، والشرائع التي كانوا شرعوها في الحج وغيره (تحت قدميَّ) - بتشديد الياء - مثنى قدم؛ أي: تحت قدمي هاتين (موضوع) أي: مردود وباطل حتى صار كالشيء الموضوع تحت القدمين؛ أي: لا اعتبار له ولا حكم؛ قد أبطلته (ودماء الجاهلية موضوعة) أي: متروكة هدرة لا قصاص ولا دية ولا كفارة فيها، قال القاري: أعادها مع دخولها فيما قبلها؛ للاهتمام بها، أو ليبني عليه ما بعده من الكلام.
وقال الولي العراقي: يمكن أنه من عطف الخاص على العام؛ لاندراج دمائها في أمرها، ويمكن أنه لا يندرج؛ لحمل أمورها على ما ابتدعوه وشرعوه، وإيجاب القصاص على القاتل ليس مما ابتدعوه، وإنما أريد قطع النزاع بإبطال ذلك؛ لأن منها ما هو حق، ومنها ما هو باطل، وما يثبت وما لا يثبت. انتهى.
(وإن أول دم أضعـ) ـه وأهدره (من دمائنا) يا أهل الإسلام؛ أي: أبدأ في وضع الدماء التي يستحق المسلمون ولايتها بدم أهل بيتي.
قال النووي: فيه أن الإمام وغيره ممن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر ينبغي أن يبدأ بنفسه وأهله؛ فهو أقرب إلى قبوله وإلى طيب نفس من قرب
كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ،
===
عهده بالإسلام (دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب) واسم هذا الابن إياس، قاله الجمهور والمحققون، وقيل: اسمه حارثة، وقيل: تمام، وقيل: آدم.
قال القرطبي: هو تصحيف، ولبعض رواة مسلم وأبي داوود:(دم ربيعة) ولابن ماجه: (دم الحارث بن عبد المطلب) وكلاهما وهم؛ لأن ربيعة بن الحارث عاش حتى توفي زمن عمر سنة ثلاث وعشرين، وتأوله: أبو عبيد بأنه نسبه إلى ربيعة؛ لأنه ولي دم ابنه (كان) ذلك الابن (مسترضعًا) - بالفتح على صيغة اسم المفعول ويجوز الكسر على صيغة اسم الفاعل؛ من الاسترضاع، وفي "القاموس": الاسترضاع: طلب المرضعة، ومنه قوله تعالى:{أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ} (1)؛ أي: تطلبوا مراضع لأولادكم. انتهى.
وربيعة بن الحارث هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم؛ الحارث بن عبد المطلب، فاهدر صلى الله عليه وسلم دم ابن عمه، وأبطل الطلب به في الإسلام، ولم يجعل لربيعة في تلك تبعة. انتهى من هامش "مسلم". أي: كان لهذا الابن ظئر ترضعه (في) نساء (بني ليث) وفي رواية مسلم: (في بني سعد)(فقتلته) أي: ذلك الابن (هذيل) - مصغرًا - قال الولي العراقي: ظاهره أنها تعمدت قتله، وذكر الزبير بن بكار أنه كان صغيرًا يحبو بين البيوت، فأصابه حجر في حرب كانت بين بني سعد وبين ليث بن بكر، كذا ذكره عياض والنووي وغيرهما ساكتين عليه، فهو مناف لقوله:(فقتلته هذيل) لأنهم غير بني ليث؛ إذ هذيل ابن مدركة بن إلياس بن مضر، وليث هو ابن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة؛ كما
(1) سورة البقرة: (233).
أَلَا وَإنَّ كُلَّ رِبًا مِنْ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، لَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ، أَلَا يَا أُمَّتَاهْ هَلْ بَلَّغْتُ؟ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "اللَّهُمَّ؛ اشْهَدْ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
===
بينه أبو عبيد القاسم بن سلام في أنسابه. انتهى، كذا في "شرح المواهب"، والله أعلم.
(ألا وإن كل ربًا من ربا الجاهلية) وهو الزائد على رأس المال .. (موضوع) أي: متروك لا يؤخذ بعد اليوم إلا رأس المال؛ كما قال تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} (1)، وهذا إيضاح؛ إذ المقصود مفهوم من لفظ (ربا) فإن وضع الربا معناه: وضع الزيادة، قاله النووي.
قال الولي العراقي: ولا شك أن عطف هذا على أمر الجاهلية من عطف الخاص على العام؛ لأنه من إحداثاتهم الفاسدة. انتهى.
(لكم) أيها المربون (رؤوس أموالكم) أي: أصولها حالة كونكم الا تظلمون) الناس بأخذ زيادة على رؤوس أموالكم، وهو بالبناء للفاعل.
قوله: (ولا تظلمون) بالبناء للمفعول؛ أي: لا تظلمون بنقص عن رؤوس أموالكم (ألا) أي: انتبهوا واستمعوا (يا أمتاه) أي: يا أمتي ما أقول لكم من أمر ربي، ثم قال: ألا (هل بلغت) إليكم أمر ربي (ثلاث مرات) كرره للتأكيد (قالوا) أي: قال الحاضرون عنده: (نعم) بلغت إلينا يا رسول الله ثلاث مرات، ثم (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(اللهم؛ اشهد) لي على اعترافهم لي بالتبليغ إليهم أمرك، قالها وكررها (ثلاث مرات) أي: قال: اللهم؛ اشهد لي ثلاث مرات.
(1) سورة البقرة: (279).