الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(44) - (1122) - بَابُ مَا تُجْزِئُ مِنَ الْأَضَاحِي
(91)
- 3085 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْر، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ غَنَمًا، فَقَسَمَهَا عَلَيَّ أَصْحَابِهِ ضَحَايَا
===
(44)
- (1122) - (باب ما تجزئ من الأضاحي)
(91)
- 3085 - (1)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة حجة، من السابعة، مات سنة ست أو سبع وسبعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن يزيد بن أبي حبيب) سويد المصري، واختلف في ولائه، ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله اليزني - بفتح التحتانية والزاي ثم بعدها نون - المصري، ثقة فقيه، من الثالثة، مات قبل المئة سنة تسعين (90 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عقبة بن عامر الجهني) الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، الفقيه الفاضل، مات قرب ستين (60 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه) أي: أعطى عقبة وسلم إليه (غنمًا) يقسمها على أصحابه صلى الله عليه وسلم ويوزعها عليهم؛ ليضحوا بها (فقسمها) أي: فقسم عقبة تلك الغنم (على أصحابه) ليضحوا بها (ضحايا)
فَبَقِيَ عَتُودٌ، فَذَكَرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:"ضَحِّ بِهِ أَنْتَ".
===
والغنم يشمل الضأن والمعز، ويحتمل أن تكون من مال النبي صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن تكون من الغنيمة، ومال القرطبي إلى الثاني من الاحتمالين.
والضمير في (فقسمها) يحتمل أن يكون عائدًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى عقبة.
قلت: ورجح العيني الأول.
قوله: (فقسمها ضحايا) قال ابن المنير: يحتمل أن يكون المراد: أنه أطلق عليها ضحايا؛ باعتبار ما يؤول إليه الأمر.
ويحتمل أن يكونَ عيَّنها لِلأُضْحِيَة، ثم قسَمَها بينهم؛ ليحوز كل واحد نصيبه، فيؤخذ منه جواز قسمة لحم الأضحية بين الورثة، ولا يكون ذلك بيعًا، وهي مسألة خلاف عند المالكية، كذا في "فتح الباري"(10/ 5).
(فبقي) بعد قسمها بينهم في يد عقبة (عتود) والعتود - بفتح العين -: صغير ولد المعز، وهو في سن الجذع، وفي الحديث الآتي تصريح بكونه جذعًا، وفي "النهاية": العتود - بفتح العين المهملة -: الصغير من أولاد المعز إذا قوي وأتى عليه حول، وعلى هذا؛ تضحيته به موافق لمذهب الحنفية، كذا في "المرقاة".
ولكن زاد البيهقي في روايته بهذا الحديث: (ولا رُخْصَةَ لِأَحد فيها بَعْدَك) وهي تشعر بأنه لم يبلغ سن الإجزاء، فعلى هذا؛ يختص بعقبة، والله أعلم.
(فذكره) أي: فذكر عقبة ذلك العتود الباقي (لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة: (ضح به) أي: بذلك العتود (أنت) يا عقبة؛ أي: اذبحه أضحيةً لك، وكانت هذه رخصة لعقبة بن
(92)
- 3086 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى
===
عامر؛ كما كان مثلها رخصةً لأبي بردة بن نيار المذكور في حديث البراء بن عازب.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأضاحي، باب أضحية النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، ومسلم في كتاب الأضحية، باب سن الأضحية، وأبو داوود في كتاب الضحايا، باب ما يجوز من السن في الضحايا، عن زيد بن خالدٍ الجهني، والنسائي في كتاب الضحايا، باب المسنة والجذعة عن بعجة عن عقبة بن عامر، والترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في الجذع من الضأن، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عقبة بن عامر بحديث هلال بن أبي هلال الأسلمي رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(92)
- 3086 - (2)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم (الدمشقي) لقبه دحيم - مصغرًا - ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).
(حدثنا أنس بن عياض) بن ضمرة الليثي أبو ضمرة المدني، ثقة، من الثامنة، مات سنة مئتين (200 هـ)، وله ست وتسعون سنة. يروي عنه:(ع).
(حدثني محمد بن أبي يحيى) المدني أبو عبد الله الأسلمي (مولى
الْأَسْلَمِيِّينَ، عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ بِلَالٍ بِنْتُ هِلَالٍ عَنْ أَبِيهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "يَجُوزُ الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ
===
الأسلميين) واسم أبي يحيى سمعان، صدوق، من الخامسة، مات سنة سبع وأربعين ومئة (147 هـ). يروي عنه:(د س ق)، وأنس بن عياض، قال العجلي: ثقة مدني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الخليل: ثقة.
(عن أمه) أي: أم محمد بن أبي يحيى الأسلمي، لم يعرف اسمها، ولكن لم أر من تكلم فيها بجرح ولا تعديل. روت عن: أم بلال بنت هلال، وسهل بن سعد، ويروي عنها: ابنها محمد بن أبي يحيى، و (ق)، وفي التقريب: مقبولة من الخامسة. انتهى.
(قالت) أم محمد بن أبي يحيى: (حدثتني أم بلال بنت هلال) بن أبي هلال الأسلمية المدنية، قال العجلي: تابعية ثقة، ويقال: لها صحبة، من الثانية، روت عن أبيها هلال بن أبي هلال حديث:(يجوز الجذع من الضأن في الأضحية) وهو هذا الحديث، روى محمد بن أبي يحيى الأسلمي عن أمه عنها. يروي عنها:(ق).
قلت: روى أحمد في "مسنده" وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري والبيهقي حديثًا من روايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر أبيها، وذُكِر كذالك في الصحابة. انتهى من "التهذيب".
(عن أبيها) هلال بن أبي هلال الأسلمي مولاهم الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، له هذا الحديث. يروي عنه:(ق)، وليس لهلال عند ابن ماجه إلا هذا الحديث، وليس له رواية في شيء من الأصول الخمسة.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يجوز الجذع من الضأن) أن يذبح
أُضْحِيَّةً".
===
(أضحيةً) والجذع - بفتحتين -: ما تم له سنة من الضأن، وقيل: ما أجذع؛ أي: أسقط السن.
وقوله: "من الضأن" أي: لا من المعز، فلا يجوز الجذع من المعز في الأضحية؛ كما مر آنفًا في حديث عقبة بن عامر، وهذا الحديث من الزوائد، ولم يتعرض في "الزوائد" لإسناده حكمًا.
وقال الدميري: قال ابن حزم: إنه حديث ساقط؛ لجهالة أم محمد بن أبي يحيى، وأم بلال أيضًا مجهولة لا ندري أنها صحابية أم لا، كذا قال، فأصاب في الأول، وأخطأ في الثاني؛ فقد ذكر أم بلال في الصحابة ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر، ثم قال الذهبي في "الميزان": إنها لا تعرف، ووثقها العجلي. انتهى.
قلت: وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه أم محمد بن أبي يحيى، وهي مستورة مهملة، لم أر من تكلم فيها بجرح ولا تعديل، وباقي رجال الإسناد ثقات.
ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح بغيره؛ لأن له شاهدًا من حديث زيد بن خالد الجهني رواه أبو داوود، ورواه الترمذي من حديث أبي هريرة، قال: وفي الباب عن ابن عباس وأم بلال ابنة هلال عن أبيها وجابر وعقبة بن عامر ورجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه أحمد في "المسند"، والبخاري في "التاريخ الكبير".
وانفرد به ابن ماجه عن أصحاب الأمهات الخمس، فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح المتن بغيره، حسن السند؛ لما تقدم آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عقبة بن عامر.
* * *
(93)
- 3087 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ: مُجَاشِعٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ،
===
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عقبة بن عامر بحديث مجاشع السلمي رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(93)
- 3087 - (3)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني الحميري، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنبأنا) سفيان بن سعيد (الثوري) الكوفي، ثقة حجة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عاصم بن كليب) - مصغرًا - ابن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، صدوق رمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين ومئة (133 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن أبيه) كليب بن شهاب، صدوق، من الثانية، ووهم من ذكره في الصحابة. يروي عنه:(عم).
(قال) كليب: (كنا مع رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: ممن يلازمه (يقال له) أي: لذلك الرجل الصحابي: (مجاشع) - بضم أوله وتخفيف الجيم وبشين معجمة مكسورة - ابن مسعود بن ثعلبة بن وهب السلمي الصحابي الفاضل (من بني سليم) رضي الله تعالى عنه، قتل يوم الجمل سنة ست وثلاثين (36 هـ). يروي عنه:(خ م د ق).
فَعَزَّتِ الْغَنَمُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ:"إِنَّ الْجَذَعَ يُوفِي مِمَّا تُوفِي مِنْهُ الثَّنِيَّةُ".
===
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
قال مجاشع: (فَعزَّتْ) أي: قَلَّتِ (الغنمُ) المجزئة في الأضحية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأمر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (مناديًا) ينادي في الناس (فنادى) ذلك المنادي في ندائه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إن الجذع) - بفتحتين - من الضأن؛ وهو ما تم له سنة وإن لم يسقط مقدم أسنانه، أو أسقط وتم له نصف سنة (يوفي) أي: يجزئ (مما توفي منه) أي في كل ما توفي وتجزئ فيه (الثنية) من الأضحية والهدي والعقيقة، فالثنية والثني من الضأن والمعز عند الحنابلة والحنفية: ما تمت لها سنة، وعند الشافعية وأكثر أهل اللغة: ما استكمل سنتين ودخل في السنة الثالثة. ويسمى الداخل فيها: تيسًا إن كان معزًا، وكبشًا إن كان ضأنًا.
وأما الجذع من الضأن .. فيجزئ في الأضحية؛ لأنه يوفي ما توفي الثنية، والجذع من المعز لا يجزئ فيها.
والحاصل: أن الجذع من الضأن يجزئ في كل القربات؛ لهذا الحديث، ولحديث جابر الآتي، ولحديث معاذ بن عبد الله بن حبيب عن عقبة بن عامر:(ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بجذاع من الضأن) أخرجه النسائي، قال الحافظ: سنده قوي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الضحايا، باب ما يجوز في السن في الضحايا، إسناده صحيح، والنسائي في كتاب الأضاحي، باب المسنة والجذعة، وأحمد في "المسند".
(94)
- 3088 - (4) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَّنِ بْنُ عَبْدِ الله، أَنْبَأَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرٍ
===
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عقبة.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عقبة بن عامر بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(94)
- 3088 - (4)(حدثنا هارون) بن موسى (بن حيان) التميمي أبو موسى القزويني، وقد ينسب لجده، ثقة عالم، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وأربعين ومئتين (248 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله) بن سعد بن عثمان، وقد ينسب إلى جده الدَّشْتَكي - بفتح المهملة وسكون المعجمة وفتح المثناة - أبو محمد الرازي المقرئ، ثقة، من العاشرة، مات سنة بضع عشرة ومئتين (213 هـ). يروي عنه:(عم).
(أنبأنا زهير) بن معاوية بن حُدَيج أبو خيثمة الجعفي الكوفي نزيل الجزيرة، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة اثنتين أو ثلاث أو أربع وسبعين ومئة (174 هـ)، وكان مولده سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري المدني رضي الله تعالى عنهما، مات بعد السبعين. يروي عنه:(ع)
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَذْبَحُوا إِلَا مُسِنَّةً إِلَّا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ".
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) جابر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تذبحوا) أيها الناس في الأضحية، وكذا في الهدي (إلا مسنة) قال العلماء: المسنة: هي الثنية من كل شيء؛ من الإبل والبقر والغنم؛ أي: إلا ثنية فما فوقها، وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال. انتهى "نووي".
قال ابن الملك: الثنية من الضأن والمعز: بنت سنة، ومن البقر: بنت سنتين، ومن الإبل: بنت خمس سنين. انتهى.
وقال في "الأزهار": النهي في قوله: "لا تذبحوا" للتحريم في الإجزاء، وللتنزيه في العدول إلى الأدنى، وهو المقصود في الحديث؛ بدليل قوله:(إلا أن يعسر) ويشق (عليكم) ذبح المسنة، والعسر قد يكون لغلاء ثمنها، وقد يكون لفقدها وعزتها. انتهى من "المرقاة".
(فـ) إن عسر عليكم حسًّا أو شرعًا ذبح مسنة من الضأن .. فـ (تذبحوا) أي: فاذبحوا (جذعة من الضأن) وقد أجمع الفقهاء على أن الجذع إنما يجزئ من الضأن، ولا يجزئ من المعز والبقر والإبل، وإنما يجزئ منها الثني لا غير.
وقال إبراهيم الحربي: إنما أجزأ الجذع من الضأن دون الجذع من المعز؛ لأنه ينزو فيلقح، وأما الجذع من المعز .. فلا يلقح حتى يكون ثنيًا، حكاه ابن قدامة في "المغني"(8/ 623).
ثم اختلف الفقهاء في تفسير الجذع والثني: فالجذع من الضأن والمعز عند الحنفية والحنابلة: ابن ستة أشهر، والثني منهما: ما تم له سنة ودخل في الثانية، وأما عند الشافعي .. فالجذع من الضأن والمعز: ما استكمل سنة وطعن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
في الثانية، ولو أجذع قبل تمام السنة؛ أي: سقطت أسنانه .. أجزأ؛ كما في "الإقناع" للخطيب الشربيني (2/ 259)، والثني عند الشافعية: ما تمَّ له سنتان ودخل في الثالثة.
وما ذهب إليه الشافعي في تفسير الجذع .. هو المشهور عند المالكية؛ كما في "شرح الأبي"(5/ 294).
وأما الجذع والثني من البقر والإبل .. فلا خلاف فيهما؛ فالثني من البقر: ما تم له سنتان، ومن الإبل: ما تم له خمس سنين، وما دون ذلك فيهما: جذع.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الأضاحي، باب سن الأضحية عن جابر، وأبو داوود في كتاب الضحايا، باب ما يجوز من السن في الضحايا، والنسائي في كتاب الضحايا، باب المسنة والجذعة عن عاصم بن كليب عن أبيه.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم