المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(3) - (1081) - باب من قدم نسكا قبل نسك - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٨

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تتمة كتاب المناسك

- ‌(1) - (1079) - بَابُ مَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ

- ‌(2) - (1080) - بَابُ الذَّبْحِ

- ‌(3) - (1081) - بَابُ مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ

- ‌(4) - (1082) - بَابُ رَمْيِ الْجِمَارِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ

- ‌(5) - (1083) - بَابُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ

- ‌فائدة

- ‌(6) - (1084) - بَابُ زِيَارَةِ الْبَيْتِ

- ‌(7) - (1085) - بَابُ الشُّرْبِ مِنْ زَمْزَمَ

- ‌(8) - (1086) - بَابُ دُخُولِ الْكَعْبَةِ

- ‌(9) - (1087) - بَابُ الْبَيْتُوتَةِ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنىً

- ‌(10) - (1088) - بَابُ نُزُولِ الْمُحَصَّبِ

- ‌(11) - (1089) - بَابُ طَوَافِ الْوَدَاعِ

- ‌(12) - (1090) - بَابُ الْحَائِضِ تَنْفِرُ قَبْلَ أَنْ تُوَدِّعَ

- ‌(13) - (1091) - بَابُ حَجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(14) - (1092) - بَابُ الْمُحْصَرِ

- ‌(15) - (1093) - بَابُ فِدْيَةِ الْمُحْصَرِ

- ‌(16) - (1094) - بَابُ الْحِجَامَةِ لِلْمُحْرِمِ

- ‌تتمة

- ‌(17) - (1095) - بَابُ مَا يَدَّهِنُ بِهِ الْمُحْرِمُ

- ‌(18) - (1096) - بَابُ الْمُحْرِمِ يَمُوتُ

- ‌(19) - (1097) - بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ

- ‌(20) - (1098) - بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ

- ‌(21) - (1099) - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْهُ الْمُحْرِمُ مِنَ الصَّيْدِ

- ‌تتمة

- ‌(22) - (1100) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ إِذَا لَمْ يُصَدْ لَهُ

- ‌(23) - (1101) - بَابُ تَقْلِيدِ الْبُدْنِ

- ‌(24) - (1102) - بَابُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ

- ‌(25) - (1103) - بَابُ إِشْعَارِ الْبُدْنِ

- ‌(26) - (1104) - بَابُ مَنْ جَلَّلَ الْبَدَنَةَ

- ‌(27) - (1105) - بَابُ الْهَدْيِ مِنَ الْإِنَاثِ وَالذُّكُورِ

- ‌(28) - (1106) - بَابُ الْهَدْيِ يُسَاقُ مِنْ دُونِ الْمِيقَاتِ

- ‌(29) - (1107) - بَابُ رُكُوبِ الْبُدْنِ

- ‌(30) - (1108) - بَابٌ: فِي الْهَدْيِ إِذَا عَطِبَ

- ‌(31) - (1109) - بَابُ أَجْرِ بُيُوتِ مَكَّةَ

- ‌(32) - (1110) - بَابُ فَضْلِ مَكَّةَ

- ‌(33) - (1111) - بَابُ فَضْلِ الْمَدِينَةِ

- ‌فائدة

- ‌(34) - (1112) - بَابُ مَالِ الْكَعْبَةِ

- ‌(35) - (1113) - بَابُ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ

- ‌(36) - (1114) - بَابُ الطَّوَافِ فِي مَطَرٍ

- ‌(37) - (1115) - بَابُ الْحَجِّ مَاشِيًا

- ‌كتابُ الأضاحي

- ‌(38) - (1116) - بَابُ أَضَاحِيِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(39) - (1117) - بَاب: الْأَضَاحِيُّ وَاجِبَةٌ هِيَ أَمْ لَا

- ‌(40) - (1118) - بَابُ ثَوَابِ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌(41) - (1119) - بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْأَضَاحِيِّ

- ‌ملحقة

- ‌(42) - (1120) - بَابٌ: عَنْ كمْ تُجْزِئُ الْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ

- ‌(43) - (1121) - بَاب: كَمْ تُجْزِئُ مِنَ الْغَنَمِ عَنِ الْبَدَنَةِ

- ‌فائدة

- ‌(44) - (1122) - بَابُ مَا تُجْزِئُ مِنَ الْأَضَاحِي

- ‌(45) - (1123) - بَابُ مَا يُكْرَهُ أَنْ يُضَحَّى بِهِ

- ‌(46) - (1124) - بَابُ مَنِ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً صَحِيحَةً فَأَصَابَهَا عِنْدَهُ شَيءٌ

- ‌(47) - (1125) - بَابُ مَنْ ضَحَّى بِشَاةٍ عَنْ أَهْلِهِ

- ‌(48) - (1126) - بَاب: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ .. فَلَا يَأْخُذُ فِي الْعَشْرِ مِنْ شَعْرِهِ وَأَظْفَارهِ

- ‌(49) - (1127) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ

- ‌(50) - (1128) - بَابُ مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ

- ‌(51) - (1129) - بَابُ جُلُودِ الْأَضَاحِيِّ

- ‌(52) - (1130) - بَابُ الْأَكْلِ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ

- ‌(53) - (1131) - بَابُ ادِّخَارِ لُحُومِ الضَّحَايَا

- ‌(54) - (1132) - بَابُ الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى

- ‌كتابُ الذّبائح

- ‌(55) - (1133) - بَابُ الْعَقِيقَةِ

- ‌‌‌فائدة

- ‌فائدة

- ‌تنبيه

- ‌(56) - (1134) - بَابُ الْفَرَعَةِ وَالْعَتِيرَةِ

- ‌مستظرفة

- ‌(57) - (1135) - بَابُ إِذَا ذَبَحْتُمْ .. فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ

- ‌(58) - (1136) - بَابُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ

- ‌(59) - (1137) - بَابُ مَا يُذَكَّى بِهِ

- ‌مذيلة

- ‌(60) - (1138) - بَابُ السَّلْخِ

- ‌(61) - (1139) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ ذَوَاتِ الدَّرِّ

- ‌(62) - (1140) - بَابُ ذَبِيحَةِ الْمَرْأَةِ

- ‌(63) - (1141) - بَابُ ذَكَاةِ النَّادِّ مِنَ الْبَهَائِمِ

- ‌(64) - (1142) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ صبْرِ الْبَهَائِمِ وَعَنِ الْمُثْلَةِ

- ‌(65) - (1143) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ لُحُومِ الْجَلَّالَةِ

- ‌(66) - (1144) - بَابُ لُحُومِ الْخَيْلِ

- ‌(67) - (1145) - بَابُ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ

- ‌(68) - (1146) - بَابُ لُحُومِ الْبِغَالِ

- ‌(69) - (1147) - بَابٌ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ

الفصل: ‌(3) - (1081) - باب من قدم نسكا قبل نسك

(3) - (1081) - بَابُ مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا قَبْلَ نُسُكٍ

(4)

- 2998 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

===

(3)

- (1081) - (باب من قدم نسكًا قبل نسك)

(4)

- 2998 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا سفيان بن عيينة) بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة حافظ فقيه إمام حجة إلا أنه تغير حفظه في آخره، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار، مات في رجب سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ) وله إحدى وتسعون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختياني أبي بكر البصري، ثقة ثبت حجة، من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ)، وله خمس وستون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن عكرمة) البربري الهاشمي مولاهم؛ مولى ابن عباس، ثقة عالم بالتفسير، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) ابن عباس: (ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم منىً

ص: 19

عَمَّنْ قَدَّمَ شَيْئًا قَبْلَ شَيْءٍ إِلَّا يُلْقِي بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِمَا: "لَا حَرَجَ".

===

(عمن قدم شيئًا) من أسباب التحلل الثلاثة: الرمي والحلق والذبح (قبل) فعل (شيء) آخر منها (إلا يلقي) ويرمي ويشير (بيديه كلتيهما) بأن (لا حرج) أي: بأن لا ذنب ولا دم عليه.

وفي رواية: (إلا ألقى) وأشار بيده الشريفة بأن (لا حرج) ولا كلفة عليه، ولفظ البخاري:(حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل في حجته؛ فقال) السائل: (ذبحت قبل أن أرمي) فهل علي شيء؟ (فأومأ) أي: أشار له النبي صلى الله عليه وسلم (بيده) الشريفة (فقال: لا حرج) عليك؛ أي: لا ذنب ولا دم عليك.

وقوله: (فقال): يحتمل أن يكون بيانًا لقوله: (أومأ) ويكون من إطلاق القول على الفعل، ويحتمل أن يكون حالًا؛ والتقدير: فأومأ بيده قائلًا: لا حرج، فجمع بين الإشارة والنطق (وقال: حلقت) يحتمل أن يكون السائل هو الأول، ويحتمل أن يكون غيره، ويكون التقدير: فقال سائل كذا، وقال آخر كذا، وهو الأظهر؛ ليوافق الرواية التي بعده؛ حيث قال: فجاء آخر، فقال:(حلقت قبل أن أذبح، فأومأ بيده) بأن (لا حرج) أي: لا ذنب ولا دم عليك، هكذا لفظ البخاري مع "الفتح".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العلم، باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس، فروايته أوضح وأرجح من رواية المؤلف حيث قال:(إلا يلقي بيديه كلتيهما).

ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ص: 20

(5)

- 2999 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاء، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ يَوْمَ مِنىً

===

ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث آخر له رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(5)

- 2999 - (2)(حدثنا أبو بشر بكر بن خلف) البصري ختن المقرئ، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).

(حدثنا يزيد بن زريع) - بتقديم الزاي مصغرًا - أبو معاوية البصري، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن خالد) بن مهران - بكسر الميم - المجاشعي أبي المنازل - بضم الميم وكسر الزاي - البصري الحافظ (الحذاء) - بفتح الحاء وتشديد الذال المعجمة - قيل له ذلك؛ لأنه كان يجلس بينهم، وقيل: لأنه كان يقول: احْذُ علَى هذا النَّحْوِ، ثقة يرسل، من الخامسة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئة (142 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عكرمة) البربري الهاشمي، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(قال) ابن عباس: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل) بالبناء للمفعول (يوم) اجتماع الناس بـ (منىً) وهو يوم النحر؛ أي: كان الناس يسألونه عن تقديم ما قدم وتأخير ما أخر في أسباب التحلل الثلاثة: الحلق

ص: 21

فَيَقُولُ: "لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ"، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ، قَالَ:"لَا حَرَجَ"، قَالَ: رَمَيْتُ بَعْدَمَا أَمْسَيْتُ، قَالَ:"لَا حَرَجَ".

===

والرمي والذبح (فيقول) صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن ذلك: (لا حرج) أي: لا ذنب ولا دم عليك في التقديم والتأخير فيها، وقوله ثانيًا:(لا حرج) تأكيد للأول.

(فأتاه) صلى الله عليه وسلم (رجل) لم أقف على اسمه (فقال) له صلى الله عليه وسلم: (حلقت) شعري يا رسول الله (قبل أن أذبح) الهدي، و (قال: لا حرج) عليك و (قال) آخر: (رميت بعدما أمسيت) أي: بعدما دخلت في المساء؛ والمساء: من بعد الزوال إلى الغروب، فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا حرج) أي: لا ذنب ولا دم عليك، وخرج بالغروب ما بعده، فلا يكفي الرمي بعده؛ لعدم وروده، كذا صرح به في "الروضة".

واعترض بأنهم قالوا: إذا أخر رمي أي يوم إلى ما بعده من أيام الرمي .. يقع أداءً، وقضيته: أن وقته لا يخرج بالغروب، وأجيب بحمل ما هنا على وقت الاختيار، وهناك على وقت الجواز.

وقد صرح الرافعي بأن وقت الفضيلة لرمي يوم النحر ينتهي بالزوال، فيكون لرميه ثلاثة أوقات: وقت فضيلة، ووقت اختيار، ووقت جواز.

ويبقى وقت الذبح للهدي إلى عصر آخر أيام التشريق؛ كالأضحية، وأما الحلق أو التقصير والطواف .. فلا يؤقتان؛ لأن الأصل عدم التأقيت.

نعم؛ يكره تأخيرهما عن يوم النحر، وتأخيرهما عن أيام التشريق أشد كراهة، وخروجه من مكة قبل فعلهما أشد. انتهى من "إرشاد الساري".

ص: 22

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

واعلم: أن الرجل السائل عن التقديم والتأخير في النحر والحلق ونحوهما لم يسم، ويحتمل تعدده.

ثم إن أعمال يوم النحر في الحج أربعة:

1 -

رمي جمرة العقبة.

2 -

والذبح.

3 -

والحلق أو التقصير.

4 -

والطواف.

وترتيبها على ما ذكر سنة؛ فلو حلق أو قصر قَبْلَ الثلاثةِ الأُخَرِ .. فلا فدية عليه، وإنما لم يجب ترتيبها؛ لما ذكر آنفًا؛ أي: لعدم وروده، ولحديث عبد الله بن عمرو بن العاص في "الصحيحين": سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر في حجة الوداع وهم يسألونه، فقال رجل: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح، فقال:"اذبح ولا حرج"، فجاء آخر فقال: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي، فقال:"ارم ولا حرج".

ولمسلم بن الحجاج أيضًا عنه: سمعت رسول الله، وأتاه رجل يوم النحر وهو واقف عند الجمرة، فقال: يا رسول الله؛ إني حلقت قبل أن أرمي، فقال:"ارم ولا حرج"، وأتاه آخر، فقال: إني ذبحت قبل أن أرمي، فقال:"ارم ولا حرج"، فأتاه آخر، فقال: إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي، فقال:"ارم ولا حرج"، قال: فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر .. إلا قال: "افعل ولا حرج".

وقالت المالكية: يجب الدم إذا قدم الحلق على الرمي؛ لأنه وقع قبل حصول شيء من التحلل، وروى ابن القاسم عن مالك، ومنه أخذ أن في تقديم الإفاضة على الرمي الدم، وحجه مجزئ.

ص: 23

(6)

- 3000 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،

===

وعن مالك: لا يجزئه، وهو كمن لم يفض، وقال أَصْبَغُ: أَحَبُّ إلي أن يُعيد، وذلك في يوم النحر آكد، ولو حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي .. فلا شيء عليه على الأصح. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحج، باب الذبح قبل الحلق، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب الحلق والتقصير، والدارقطني في كتاب الحج، باب المواقيت، والنسائي في "المجتبى" في كتاب المناسك، باب الرمي بعد المساء.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول.

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث ابن عباس الأول بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(6)

- 3000 - (3)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.

(حدثنا سفيان بن عيينة) بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الزهري) محمد بن مسلم ابن شهاب المدني، ثقة إمام الأئمة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

ص: 24

عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍ وأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَمَّنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ أَوْ حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ قَالَ:"لَا حَرَجَ".

===

(عن عيسى بن طلحة) بن عبيد الله التيمي أبي محمد المدني، ثقة فاضل، من كبار الثالثة، مات سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص بن وائل بن هاشم السهمي المدني الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنهما. يروي عنه: (ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل) أي: سأله سائل، ولم أقف على اسم هذا السائل (عمن ذبح) الهدي؛ أي: عن حُكْمِ عَملِ مَنْ ذبح هديه (قبل أن يحلق) رأسه (أو حلق) رأسه (قبل أن يذبح) هديه، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤال السائل:(لا حرج) أي: لا ذنب ولا دم عليك في تقديم ما قدمت وتأخير ما أخرت.

قال الحافظ: حديث عبد الله بن عمرو هذا مِنْ مَخْرجٍ واحدٍ لا يُعرف له طريق إلا طريق الزهري هذه عن عيسى عنه، والاختلاف فيه من أصحاب الزهري، وغايته أن بعضهم ذكر ما لم يذكره الآخر، واجتمع من مرويهم ورواية ابن عباس: أن ذلك كان يوم النحر بعد الزوال وهو على راحلته يخطب عند الجمرة. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة، وفي كتاب الحج، باب الفتيا على الدابة عند الجمرة، ومسلم في كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي، وأبو داوود في كتاب المناسك، باب فيمن قدم شيئًا قبل شيء في حَجِّه، والترمذي في كتاب الحج، باب فيمن حلق قبل أن يذبح، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 25

(7)

- 3001 - (4) حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ:

===

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عباس الأول.

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث ابن عباس الأول بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(7)

- 3001 - (4)(حدثنا هارون بن سعيد) الأيلي - بفتح الهمزة وسكون التحتية - السعدي مولاهم أبو جعفر (المصري) أي: نزيل مصر، ثقة فاضل، من العاشرة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئتين (253 هـ). يروي عنه:(م د س ق).

(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).

(أخبرني أسامة بن زيد) الليثي مولاهم المدني، صدوق يهم، من السابعة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثني عطاء بن أبي رباح) أسلم القرشي مولاهم المكي، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع عشرة ومئة (114 هـ). يروي عنه:(ع).

(أنه) أي: أن عطاء (سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري الخزرجي رضي الله تعالى عنهما (يقول).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

ص: 26

قَعَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنىً يَوْمَ النَّحْرِ لِلنَّاس، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ قَالَ: "لَا حَرَجَ"، ثُمَّ جَاءَهُ آخَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنِّي نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، قَالَ:"لَا حَرَجَ"، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ قَبْلَ شَيْءٍ .. إِلَّا قَالَ:"لَا حَرَجَ".

===

قال جابر: (قعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنىً يوم النحر للناس) أي: لأجل أن يسأله الناس عن أمر دينهم وأحكام حجهم؛ أي: قعد على راحلته عند الجمرة بمنىً لأجل أن يساله الناس (فجاءه) صلى الله عليه وسلم (رجل) لم أر من ذكر اسمه بعد البحث الشديد (فقال) ذلك الرجل: (يا رسول الله؛ إني حلقت) شعري (قبل أن أذبح) الهدي، فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذبح الآن (لا حرج) عليك؛ أي: لا ذنب عليك في تقديم ما قدمت وتأخير ما أخرت.

(ثم جاءه) رجل (آخر، فقال) في سؤاله: (يا رسول الله؛ إني نحرت) أي: ذبحت الهدي (قبل أن أرمي) الجمرة، فـ (قال) له: ارم الآن (لا حرج) عليك في تقديم النحر على الرمي.

قال جابر بن عبد الله: (فما سئل) رسول الله صلى الله عليه وسلم (يومئذ) أي: يوم إذ قعد عند الجمرة (عن شيء) من أسباب التحلل الثلاثة ما (قدم) منها (قبل شيء) آخر منها .. (إلا قال) لسائله: افعل ما لم تفعل منها الا حرج) عليك؛ أي: لا ذنب عليك في التقديم ولا في التأخير.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.

واعلم: أن أعمال يوم النحر في الحج أربعة:

1 -

رمي جمرة العقبة.

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

2 -

والذبح.

3 -

والحلق أو التقصير.

4 -

وطواف الإفاضة.

وترتيبها على ما ذكر سنة؛ فلو حلق أو قصر قبل الثلاثة الأخر .. فلا فدية، وإنما لم يجب ترتيبها؛ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص هذا المذكور في "الصحيحين" وغيرهما، وبهذا قال جماعة من السلف وهو مذهبنا، وللشافعي قول ضعيف: إنه إذا قدم الحلق على الرمي والطواف .. لزمه الدم؛ بناء على قوله الضعيف: إن الحلق ليس بنسك، وبهذا القول هنا قال أبو حنيفة ومالك، واتفقوا على أنه لا فرق بين العامد والساهي في ذلك في وجوب الفدية وعدمه، وإنما يختلفان في الإثم في التقديم، والله أعلم، كذا قال النووي.

قال صاحب "المغني": قال الأثرم عن أحمد: إن كان المرء في التقديم والتأخير ناسيًا أو جاهلًا .. فلا شيء عليه، وإن كان عالمًا .. فلا؛ لقوله في الحديث:(لم أشعر)، وأجاب بعض الشافعية بأن الترتيب لو كان واجبًا .. لما سقط بالسهو؛ كالترتيب بين السعي والطواف؛ فإنه لو سعى قبل أن يطوف .. وجب إعادة السعي.

وقال ابن دقيق العيد: ما قاله أحمد قوي من جهة أن الدليل دل على وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في الحج بقوله: "خذوا عني مناسككم"، وهذه الأحاديث المرخصة في تقديم ما وقع عنه تأخيره قد قرنت بقول السائل:(لم أشعر) فيختص الحكم بهذه الحالة، وتبقى حالة العمد على أصل وجوب الاتباع في الحج.

وأيضًا فالحكم إذا رتب على وصف يمكن أن يكون معتبرًا .. لم يجز اطِّراحه،

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ولا شك أن عدم الشعور وصف مناسب لعدم المؤاخذة، وقد علق به الحكم، فلا يمكن اطِّراحه بإلحاق العمد به؛ إذ لا يساويه، وأما التمسك بقول الراوي:(فما سئل عن شيء) فإنه يشعر بان الترتيب مطلقًا غير مراعىً .. فجوابه: أن هذا الإخبار من الراوي يتعلق بما وقع السؤال عنه، وهو مطلق بالنسبة إلى حال السائل، والمطلق لا يدل على أحد الخاصين بعينه، فلا حجة في حال العمد. انتهى "فتح الملهم".

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 29