الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(16) - (40) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ
(47)
- 311 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ،
===
(16)
- (40) - (باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة) أي: العظم.
* * *
(47)
- 311 - (1)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان بن أبي سفيان الجرجرائي -بجيمين ومهملتين الثانية ممدودة وبعدها همزة مكسورة- أبو جعفر التاجر، مولى عمر بن عبد العزيز. روى عن: سفيان بن عيينة، وحفص بن غياث، وجرير، وحاتم بن إسماعيل، ومروان بن معاوية، وهشيم، وخلق، ويروي عنه:(د ق)، وابنه جعفر بن محمد بن الصباح، وأبو زرعة الرازي، وغيرهم.
قال ابن معين: ليس به بأس، وقال أبو زرعة ومحمد بن عبد الله الحضرمي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال في "التقريب": صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ).
(أنبأنا سفيان بن عيينة) ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن عجلان) القرشي المدني، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن القعقاع بن حكيم) ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبي صالح) السمان، ثقة، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، أُعَلِّمُكُمْ إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا"،
===
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما أنا لكم مثل الوالد لولده) أي: إنما أنا ناصح لكم كنصيحة الوالد لولده، ومشفق عليكم كإشفاق الوالدة على ولدها؛ أنا (أُعلِّمكم) مصالحكم في دينكم ودنياكم، فاستمعوا لي واقبلوا مني، وأنا أقول لكم في تعليمكم:(إذا أتيتم الغائط) أي: موضع قضاء الحاجة، والغائط في الأصل: الموضع المنخفض الذي تقضى فيه الحاجة، والمراد هنا: ما هو أعم من ذلك.
قال السندي: قوله: (إنما أنا لكم مثل الوالد لولده) أي: أنا أذكر لكم كل ما يحتاج إليه، ولا أبالي بما يستحيا بذكره؛ وهذا تمهيد لما يبين لهم من آداب الخلاء؛ إذ الإنسان كثيرًا ما يستحيي من ذكره سيما في مجلس الطعام.
قوله: (إذا أتيتم الغائط) هو في الأصل: اسم للمكان المطمئن في الفضاء، ثم اشتهر في نفس الخارج من الإنسان، والمراد ها هنا هو الأول؛ إذ لا يحسن استعمال الإتيان في المعنى الثاني، وأيضًا لا يحسن النهي عن الاستقبال والاستدبار إلا قبل المباشرة بإخراج الخارج؛ وذلك عند المكان لا عند المباشرة بإخراج ذلك، فليتأمل. انتهى منه.
أي: أعلمكم وأقول لكم في التعليم: إذا جئتم المكان الذي تريدون قضاء حاجة الإنسان فيه .. (فلا تستقبلوا القبلة) أي: لا تواجهوا بأوجهكم جهة القبلة؛ إكرامًا لها، (ولا تستدبروها) أي: لا تواجهوا بظهوركم إليها.
وَأَمَرَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، وَنَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ، وَنَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ.
===
قال أبو هريرة: (وأمر) النبي صلى الله عليه وسلم بعد النهي عن الاستقبال والاستدبار أن يمسحوا الخارج (بثلاثة أحجار) أي: أن يكملوا بثلاث مسحات، ولو بحجر واحد إن حصل الإنقاء بها، وإلا .. فيزيد عليها وترًا وترًا إلى أن يحصل الإنقاء.
قال السندي: والأمر بالثلاثة إما لأن المطلوب الإنقاء والإزالة، وهما يحصلان غالبًا بثلاثة أحجار، أو الإنقاء فقط، وهو يحصل بها غالبًا، والنظر في أحاديث الباب يفيد أن المطلوب هو الأول؛ أي: الإنقاء.
(ونهى) صلى الله عليه وسلم أيضًا (عن) الاستنجاء بـ (الروث) وهو رجيع ذوات الحوافر؛ لنجاسته، ذكره صاحب "المحكم" وغيره، وقال ابن العربي: رجيع غير بني آدم.
قلت: والأشبه أن يراد ها هنا: رجيع الحيوان مطلقًا، فيشمل رجيع الإنسان، وذكر بإطلاق اسم الخاص على العام، ويحتمل أن يقال: ترك ذكر رجيع الإنسان؛ لأنه أغلظ، فشمله النهي بالأولى.
(و) نهى أيضًا عن الاستنجاء بـ (الرمة) -بكسر الراء وتشديد الميم-: العظم البالي، ولعل المراد ها هنا: مطلق العظم؛ لأنها طعام الجن، ويحتمل أن يقال: العظم البالي القديم لا يُنتفع به، فإذا مُنع من تلويثه .. فغيره بالأولى. انتهى "سندي".
(ونهى) رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا عن (أن يستطيب) ويستنجي (الرجل بيمينه) بل بيساره؛ لأنها التي خلقت لإزالة القذر.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الوضوء، باب
(48)
-312 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ،
===
الاستتار في الوضوء، رقم (161)، وباب الاستجمار وترًا، رقم (162)، وأبو داوود في كتاب الطهارة، باب (4)، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في المضمضة والاستنشاق، والنسائي في كتاب الطهارة، باب الرخصة في الاستطابة بحجر واحد، وباب الأمر بالاستتار، وباب النهي عن الاستطابة بالروث، وأحمد، والدارمي.
فدرجة هذا الحديث: أنه حسن صحيح، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث ابن مسعود رضي الله عنهما، فقال:
(48)
-312 - (2)(حدثنا أبو بكر) محمد (بن خلاد) بن كثير (الباهلي) نسبة إلى باهلة؛ اسم قبيلة، الحافظ البصري. روى عن: يحيى القطان، وابن عيينة، ومعتمر بن سليمان، وابن فضيل، وغيرهم، ويروي عنه:(م د س ق)، وأبو حاتم الرازي، وعبد الله بن أحمد، وبقي بن مخلد، وعمرو بن شبة، وآخرون.
قال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ) على الصحيح.
(حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ أبو سعيد (القطان) التميمي البصري، ثقة، من أئمة الجرح، من كبار التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ)، وله ثمان وسبعون سنة. يروي عنه:(ع).
عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ، وَلكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ
===
(عن زهير) بن معاوية بن حديج الجعفي أبي خيثمة الكوفي، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين ومئة (173 هـ)، أو أربع وسبعين ومئة، وكان مولده سنة مئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي إسحاق) الهمداني السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(قال) أبو إسحاق: (ليس أبو عبيدة) عامر بن عبد الله بن مسعود الكوفي الهذلي، من كبار الثالثة، مات بعد ثمانين. يروي عنه:(ع) .. (ذكره) أي: ذكر هذا الحديث، ولم يسمعه من أبيه، وإن رويته عنه .. فليست روايتي عنه مقصودة لي؛ لأنها منقطعة.
(ولكن عبد الرحمن بن الأسود) بن يزيد النخعي الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وتسعين (99 هـ). يروي عنه:(ع). روى (عن): أبيه (الأسود) بن يزيد النخعي الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه، فرواية عبد الرحمن موصولة، فهي المقصودة لي.
قال السندي: قوله: (قال: ليس أبو عبيدة ذكره) قال الحافظ: ما حاصله: أنه روى أبو إسحاق هذا الحديث عن أبي عبيدة وعن عبد الرحمن جميعًا، لكن أبو عبيدة لم يسمع من أبيه ابن مسعود على الصحيح، فتكون روايته منقطعة، فمراد أبي إسحاق بقوله:(فليس أبو عبيدة ذكره) أي: لست أرويه
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْخَلَاءَ فَقَالَ: "ائْتِنِي بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ"، فَأَتَيْتُهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ:"هِيَ رِجْسٌ".
===
الآن عنه، وإنما أرويه عن عبد الرحمن؛ لأن روايته موصولة. انتهى.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الخلاء) أي: موضع قضاء الحاجة، (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ائتني بثلاثة أحجار) أي: اطلب لي ثلاثة أحجار، وائتني بها؛ لأستنجي بها، فطلبتها، وفقدت الثالثة، (فأتيته) أي: فجئته (بحجرين وروثة) أي: بعرة بدل الحجر المفقود، (فأخذ) مني (الحجرين وألقى الروثة وقال) لي:(هي) أي: الروثة (رجس) أي: نجس، فلا يصح الاستنجاء بها.
قال السندي: والرجس: القذر، وفي بعض النسخ:"هي ركس" -بكسر الراء وسكون الكاف- والمراد: أنها نجس من ذوات النجاسة، قيل: ليس فيه أنه اكتفى بحجرين، فلعله زاد عليه ثالثًا، ولا يقال: لم تكن الأحجار حاضرة عنده حتى يزيد، وإلا لم يطلب من غيره، ولم يطلب من ابن مسعود إحضار ثالث أيضًا، فيدل هذا على اكتفائه بهما؛ لأنا نقول: قد طلب من ابن مسعود عند رمي الروثة؛ لأن الرمي يكفى في طلب الثالث، ولا حاجة إلى طلب جديد على أنه قد جاء في رواية أحمد:(اكتفى باثنين)، ورجاله ثقات أثبات، وعلى تقدير أنه اكتفى باثنين ضرورة .. لا يلزم الرخصة فيهما بلا ضرورة، ولا يلزم ألا يكون التثليث سنة، بل الترك بلا ضرورة أحيانًا لا يستلزم ذلك، فليتأمل. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، والنسائي رقم (7) عن سلمان
(49)
- 313 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ جَمِيعًا، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي خُزَيْمَةَ،
===
في كتاب الطهارة، باب ما ينهى عن الاستطابة بالروث، وأحمد بن حنبل (2/ 247 - 250). انتهى "تحفة الأشراف".
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنهما، فقال:
(49)
- 313 - (3)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي المدني، مولى عمر بن عبد العزيز.
(أنبأنا سفيان بن عيينة ح وحدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(حدثنا وكيع) بن الجراح (جميعًا) كلاهما، أي: كل من سفيان ووكيع رويا:
(عن هشام بن عروة) بن الزبير الأسدي المدني، ثقة، من الخامسة، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي خزيمة) عمرو بن خزيمة المزني حديثه في أهل المدينة. روى عن: عمارة بن خزيمة عن خزيمة بن ثابت في الاستطابة، ويروي عنه:(دق)، وهشام بن عروة.
قال في "التقريب": مقبول، من السادسة.
عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فِي الاسْتِنْجَاءِ ثَلَاثَةُ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ".
===
(عن عمارة بن خزيمة) بن ثابت الأنصاري الأوسي أبي عبد الله المدني.
روى عن: أبيه خزيمة، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن أبي قراد، وعثمان بن حنيف، وغيرهم، ويروي عنه:(عم)، وأبو خزيمة عمرو بن خزيمة، ومحمد بن زرارة، والزهري، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، وآخرون.
قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من الثالثة، مات سنة خمس ومئة (105 هـ) وهو ابن خمس وسبعين سنة.
(عن خزيمة بن ثابت) بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاري الخطمي -بفتح المعجمة- أبي عمارة المدني، ذي الشهادتين، من كبار الصحابة، شهد بدرًا، وقُتل مع على بصفين رضي الله عنه. يروي عنه:(م عم).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن في رجاله رجلًا مقبولًا؛ وهو أبو خزيمة عمرو بن خزيمة.
(قال) خزيمة بن ثابت: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكفي (في الاستنجاء ثلاثة أحجار) أو ما يقوم مقامهن؛ أي: ينبغي في الاستنجاء استعمال ثلاثة أحجار، وهذا صريح في أن الإيتار مطلوب في الشرع، وأقله الثلاث، وقد جاء ما هو أصرح منه. انتهى "سندي".
(ليس فيها) أي: في تلك الثلاثة (رجيع) أي: روث؛ لأنه نجس، قال السندي: الرجيع: هو الخارج من الإنسان أو الحيوان يشمل الروث والعذرة، سُمي رجيعًا؛ لأنه رجع عن حالته الأولى فصار ما صار بعد أن كان علفًا أو طعامًا، والجملة صفة مؤكدة للأحجار مزيلة لتوهم المجاز فيها. ذكره الطيبي. انتهى.
(50)
- 314 - (4) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ ح
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود؛ أخرجه في كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة، رقم (41)، قال أبو داوود: كذا رواه أبو أسامة وابن نمير عن هشام؛ يعني: ابن عروة، والدارمي (1/ 172 - 180 - 181)، وأحمد بن حنبل. انتهى "تحفة الأشراف".
ودرجته: أنه حسن صحيح؛ أي: حسن من جهة السند، صحيح من جهة المتن.
قوله: (رجيع) والرجيع: روث الدابة؛ لأنه علف دواب الجن، قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار": إذا استنجى بالعظم .. لم يقع موقعه، كما لو استنجى بالرجيع .. لم يقع موقعه، وكما جعل العلة في العظم أنه زاد الجن .. جعل العلة في الرجيع أنه علف دواب الجن، وإن كان في الرجيع أنه نجس .. ففي العظم أنه لا يُنظف؛ لما فيه من الدسومة، وقد نُهي عن الاستنجاء بهما. انتهى من "العون".
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(50)
- 314 - (4)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي.
(حدثنا وكيع عن الأعمش ح) هو علامة التحويل؛ أي: الرجوع من سند إلى آخر، سواء كان الرجوع من أول السند أو وسطه أو آخره. انتهى من "العون".
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمَانَ
===
والأولى: أن يُجعل نحتًا من التحويل، كما بسطنا الكلام عليه في "شرح مقدمة مسلم" لأنه الموافق للقاعدة النحوية، وقد غفل عنها الجلال السيوطي في "تدريب الراوي" مع كونه بحرًا في العلوم، رحمه الله تعالى.
(وحدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري الملقب ببندار.
(حدثنا عبد الرحمن) بن مهدي بن حسان الأزدي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا سفيان) بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
(و) عن سليمان بن مهران (الأعمش) الكاهلي الكوفي، ثقة قارئ، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع)، كلاهما:
(عن إبراهيم) بن يزيد النخعي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات دون المئة سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الرحمن بن يزيد) بن قيس النخعي الكوفي أخي الأسود بن يزيد. روى عن: سلمان، وابن مسعود، ثقة، من كبار الثالثة، مات سنة ثلاث وثمانين (83 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سلمان) الفارسي رضي الله عنه.
وهذان السندان: الأول منهما: من سداسياته، والثاني: من سباعياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما ثقات.
قَالَ: قَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بهِ: إِنِّي أَرَى صَاحِبَكُمْ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخِرَاءَةَ، قَالَ: أَجَلْ، أَمَرَنَا أَلَّا نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ،
===
(قال) سلمان: (قال له) أي: لسلمان (بعض المشركين) من أهل المدينة (وهم) أي: والحال أن بعض المشركين (يستهزئون به) ويسخرون منه ومن النبي صلى الله عليه وسلم ومن الإسلام، ولم أر من ذكر اسم ذلك البعض وعينه؛ أي: قال لي بعض مشركي المدينة طعنًا في دين الإسلام وتنقيصًا له: (إني أرى) وأظن (صاحبكم) أي: نبيكم محمدًا صلى الله عليه وسلم (يعلّمكم كل شيء) أي: جميع ما تحتاجون إليه من أموركم الدينية والدنيوية (حتى الخراءة) أي: حتى يعلمكم هيئة إخراج الحدث وكيفيتها، وحتى عاطفة، والخراءة بالنصب معطوف على كل شيء، وتشكيلها في بعض النسخ بالجر على أنها جارة خطأ، قال الخطابي: الخراءة هي -بكسر الخاء وبمد الألف-: أدب التخلي والقعود عند الحاجة، وأكثر الرواة يفتحون ولا يمدون الألف، فيفحش معناه. انتهى.
وقال عياض: بكسر الخاء ممدود، وهو اسم فعل الحدث، وأما الحدث نفسه .. فبغير تاء ممدودة وبفتح الخاء، وفي "المصباح": خرئ يخرأ من باب تعب إذا تغوط، واسم الخارج: خرء؛ مثل فلس وفلوس. انتهى.
وقال السندي في "النهاية": الخراءة بالكسر والمد: التخلي والقعود للحاجة، وقال الجوهري: إنما الخراءة بالفتح والمد، يقال: خرئ خراءة، مثل كره كراهة، ويحتمل أن يكون بالفتح المصدر وبالكسر الاسم.
(قال) سلمان: فقلت له (أجل) أي: نعم يُعلّمنا جميع ما نحتاج إليه في ديننا ودنيانا، إنه؛ أي: إن صاحبنا ونبينا (أمرنا ألَّا نستقبل القبلة) ولا نتوجه جهتها ببول ولا غائط، كما هو مزيد في "أبي داوود"، قال تقي الدين في "شرح
وَأَلَّا نَسْتَنْجِيَ بِأَيْمَانِنَا، وَلَا نَكْتَفِيَ بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيهَا رَجِيعٌ وَلَا عَظْمٌ.
===
العمدة": والحديث دل على المنع من استقبالها ببول أو غائط، وهذه الحالة تتضمن أمرين: أحدهما: بخروج الخارج المستقذر، والثاني: كشف العورة، فمن الناس من قال: المنع للخارج؛ لمناسبته لتعظيم القبلة عنه، ومنهم من قال: المنع لكشف العورة، فمن علل بالخارج .. أباحه إذ لا خارج، ومن علل بالعورة .. منعه. انتهى من "العون".
(و) أمرنا بـ (ألَّا نستنجي بأيماننا) أي: أمرنا ألا نستجي باليمين؛ لإكرامها وصيانتها عن محاولة الأقذار؛ لأنها للأكل والشرب، (و) أمرنا أن (لا نكتفي) ولا نجتزئ (بدون ثلاثة أحجار) أي: بأقل منها، وجملة قوله:(ليس فيها) أي: في تلك الثلاث (رجيع ولا عظم) صفة لأحجار؛ أي: بدون ثلاثة أحجار موصوفة بعدم الرجيع والعظم فيها، قال الخطابي: فيه بيان أن الاستنجاء بالأحجار أحد المطهرين، وأنه إذا لم يستعمل الماء .. لم يكن بد من الحجارة أو ما يقوم مقامها، وهو قول سفيان الثوري ومالك بن أنس والشافعي وأحمد بن حنبل، وفيه بيان أن الاقتصار على أقل من ثلاثة لا يجوز، وإن وقع الإنقاء بما دونها، ولو كان المراد به الإنقاء حسب .. لم يكن لاشتراط عدد الثلاث معنىً؛ إذ كان معلومًا أن الإنقاء يقع بالمسحة الواحدة وبالمسحتين، فلما اشترط العدد لفظًا، وعُلم الإنقاء فيه معنىً .. دل على إيجاب الأمرين. انتهى مختصرًا.
وقال المظهري: الاستنجاء بثلاثة أحجار واجب عند الشافعي رحمه الله تعالى، وإن حصل الإنقاء بأقل، وعند أبي حنيفة الإنقاء متعين لا العدد، ولكل منهما حجة، كما هو مذكور في المطولات. انتهى "تحفة الأحوذي".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الإمام مسلم في كتاب الطهارة، باب الاستطابة، رقم (262)، وأبو داوود في كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة عند قضاء الحاجة، رقم (7)، والترمذي في كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة، رقم (16)، قال أبو عيسى: حديث سلمان حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، رأوا الاستنجاء بالحجارة يجزئ، وإن لم يستنج بالماء إذا أنقى أثر الغائط والبول، وبه يقول الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، والنسائي في كتاب الطهارة، باب النهي عن الاستنجاء باليمين، والدارقطني، رقم (1/ 54) في كتاب الطهارة، باب الاستنجاء رقمي (1 - 3)، وأحمد (5/ 439). انتهى "تحفة الأشراف".
ودرجته: أنه حسن صحيح، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة رضي الله عنه.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول: حديث أبي هريرة، ذكره للاستدلال.
والثاني: حديث ابن مسعود، ذكره للاستشهاد.
والثالث: حديث خزيمة بن ثابت، ذكره للاستشهاد.
والرابع: حديث سلمان، ذكره للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم