المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(44) - (68) - باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطّهارة وسننها

- ‌(1) - (25) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(2) - (26) - بَابٌ: لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌(3) - (27) - بَابٌ: مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ

- ‌(4) - (28) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌(5) - (29) - بَابٌ: الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ

- ‌(6) - (30) - بَابُ ثَوَابِ الطُّهُورِ

- ‌(7) - (31) - بَابُ السِّوَاكِ

- ‌(8) - (32) - بَابُ الْفِطْرَةِ

- ‌(9) - (33) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ

- ‌(10) - (34) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ

- ‌(11) - (35) - بَابُ ذِكْرِ اللهِ عز وجل عَلَى الْخَلَاءِ وَالْخَاتَمِ فِي الْخَلَاءِ

- ‌(12) - (36) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ

- ‌(13) - (37) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا

- ‌(14) - (38) - بَابٌ: فِي الْبَوْلِ قَاعِدًا

- ‌(15) - (39) - بَابُ كَرَاهِيَّةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَالاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

- ‌تتمة

- ‌(16) - (40) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ

- ‌(17) - (41) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(18) - (42) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ وَإِبَاحَتِهِ دُونَ الصَّحَارَى

- ‌(19) - (43) - بَابُ الاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْبَوْلِ

- ‌(20) - (44) - بَابُ مَنْ بَالَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً

- ‌(21) - (45) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلَاءِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ

- ‌(22) - (46) - بَابُ التَّبَاعُدِ لِلْبَرَازِ فِي الْفَضَاءِ

- ‌(23) - (47) - بَابُ الارْتِيَادِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(24) - (48) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ عَلَى الْخَلَاءِ وَالْحَدِيثِ عِنْدَهُ

- ‌(25) - (49) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌(26) - (55) - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ

- ‌(27) - (51) - بَابُ الرَّجُلِ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌تتمة

- ‌(28) - (52) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌(29) - (53) - بَابٌ: مَنْ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الاسْتِنْجَاءِ

- ‌(30) - (54) - بَابُ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ

- ‌(31) - (55) - بَابُ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ

- ‌(32) - (56) - بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَالرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(33) - (57) - بَابُ الرُّخْصَةِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ

- ‌(34) - (58) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌(35) - (59) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(36) - (60) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَتَوَضَّأَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(37) - (61) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌(38) - (62) - بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ

- ‌(39) - (63) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَعِينُ عَلَى وُضُوئِهِ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ

- ‌(40) - (64) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ مِنْ مَنَامِهِ هَلْ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(41) - (65) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌(42) - (66) - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بشارة عظيمة للمؤلف

- ‌(43) - (67) - بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ

- ‌(44) - (68) - بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الاستِنْشَاقِ وَالاسْتِنْثَارِ

- ‌(45) - (69) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌تتمة

- ‌(46) - (70) - بَابُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

- ‌(47) - (71) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا

- ‌(48) - (72) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَصْدِ فِي الْوَضُوءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّعَدِّي فِيهِ

- ‌(49) - (73) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌(50) - (74) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ

- ‌(51) - (75) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الرَأْسِ

- ‌(52) - (76) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ

- ‌(53) - (77) - بَابٌ: الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ

- ‌(54) - (78) - بَابُ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ

- ‌(55) - (79) - بَابُ غَسْلِ الْعَرَاقِيبِ

الفصل: ‌(44) - (68) - باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار

(44) - (68) - بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الاستِنْشَاقِ وَالاسْتِنْثَارِ

(138)

- 402 - (1) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ،

===

(44)

- (68) - (باب المبالغة في الاستنشاق والاستنثار)

والاستنثار: استفعال من النثر -بالنون والمثلثة- وهو طرح الماء الذي يستنشقه المتوضئ؛ أي: يجذبه بريح أنفه؛ لتنظيف ما في داخله، فيخرج بريح أنفه، سواء كان بإعانة يده أم لا.

* * *

(138)

-204 - (1)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي: نسبة إلى ضبة -بفتح الضاد المعجمة وتشديد الباء- أبو عبد الله البصري.

وثقه أبو حاتم والنسائي، وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا حماد بن زيد) بن درهم الأزدي أبو إسماعيل البصري، ثقة، من كبار الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ)، وله إحدى وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).

(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي أبو عتاب -بمثناة ثقيلة- الكوفي. يروي عنه: (ع)، وقال في "التقريب": ثقة ثبت، وكان لا يدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ).

(ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي.

(حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 433

عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يِسَافٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا تَوَضأْتَ .. فَانْثُرْ،

===

(عن منصور) بن المعتمر السلمي الكوفي.

(عن هلال بن يساف) -بكسر التحتانية ثم مهملة ثم فاء- ويقال: ابن إساف الأشجعي مولاهم أبي الحسن الكوفي. روى عن: سلمة بن قيس، والبراء، وعمران بن حصين، والحسن بن علي، وجماعة، ويروي عنه:(م عم)، ومنصور بن المعتمر، والأعمش، وغيرهم.

وثقه ابن معين، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، وقال في "التقريب": من الثالثة.

(عن سلمة بن قيس) الأشجعي الغطفاني الكوفي الصحابي رضي الله عنه. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم في الوضوء، ويروي عنه:(ت س ق)، وهلال بن يساف، وأبو إسحاق السبيعي، ذكر أبو الفتح الأزدي وأبو صالح المؤذن أن هلالًا تفرّد بالرواية عنه، وقال أبو القاسم البغوي: روى ثلاثة أحاديث، وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح أن عمر استعمله على بعض مغازي فارس.

وهذان السندان من خماسياته، وحكمهما: الصحة؛ لأن رجالهما كلهم ثقات.

(قال) سلمة بن قيس: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا توضأت) أي: أردت الوضوء .. (فانثر) -بضم المثلثة بعد النون الساكنة- من باب (نصر)، يقال: نثر الرجل وانتثر إذا حرك النثرة -وهي طرف الأنف- في الطهارة؛ لإخراج ما فيه من الأذى والوسخ بعد الاستنشاق.

قال الحافظ: ظاهر الأمر أنه للوجوب، فيلزم من قال بوجوب الاستنشاق؛

ص: 434

وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ .. فَأَوْتِرْ".

===

لورود الأمر فيه؛ كأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر .. أن يقول به في الاستنثار، وظاهر كلام صاحب "المغني" من الحنابلة .. يقتضي أنهم يقولون بذلك، وأن مشروعية الاستنشاق لا تحصل إلا بالاستنثار، وصرح ابن بطال بأن بعض العلماء قال بوجوب الاستنثار، وفيه تعقب على من نقل الإجماع على عدم وجوبه، واستدل الجمهور على أن الأمر فيه للندب بما حسّنه الترمذي وصححه الحاكم من قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي:"توضأ كما أمرك الله"، فأحاله على الآية، وليس فيها ذكر الاستنشاق.

ويحتمل أن يراد بالأمر ما هو أعم من آية الوضوء؛ فقد أمر الله سبحانه وتعالى باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله تعالى، أمره ولم يحك أحد ممن وصف وضوئه صلى الله عليه وسلم على الاستقصاء .. أنه ترك الاستنشاق، بل ولا المضمضة، وهو يرد على من لم يوجب المضمضة أيضًا، وقد ثبت الأمر بها أيضًا في "سنن أبي داوود" من حديث لقيط بإسناد صحيح، ولم يذكر في هذه الرواية عددًا، وقد ورد في رواية سفيان عن أبي الزناد، ولفظه:"إذا استنثر .. فليستنثر وترًا" أخرجه الحميدي في "مسنده" عنه، وأصله لمسلم. انتهى مختصرًا، انتهى من "العون".

(وإذا استجمرت) أي: أردت الاستنجاء بالجمار؛ وهي الأحجار الصغار .. (فأوتر) أي: فاستجمر بها وترًا؛ ثلاثًا، أو خمسًا فصاعدًا إلى أن يحصل الإنقاء، وفي "تحفة الأحوذي": قوله: "وإذا استجمرت" أي: إذا استعملت الجمار - وهي الحجارة الصغار - في الاستنجاء .. "فأوتر" أي: ثلاثًا أو خمسًا، ووقع في رواية أبي هريرة:"من استجمر .. فليوتر، ومن فعل .. فقد أحسن، ومن لا .. فلا حرج" أخرجه أحمد وأبو داوود وابن ماجه.

ص: 435

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الحافظ في "الفتح": وهذه الزيادة حسنة الإسناد، وأخذ بهذه الرواية أبو حنيفة ومالك، فقالوا: لا يعتبر العدد، بل المعتبر الإيتار، وأخذ الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث بحديث سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يستنج أحدكم بأقل من ثلاثة أحجار" رواه مسلم، فاشترطوا ألا ينقص من الثلاث مع مراعاة الإنقاء، وإذا لم يحصل بها .. فيزاد حتى ينقي، ويستحب حينئذ الإيتار؛ لقوله "من استجمر .. فليوتر"، وليس بواجب؛ لقوله:"ومن لا .. فلا حرج"، وبهذا يحصل الجمع بين الروايات في هذا الباب. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في الطهارة، باب ما جاء في المضمضة والاستنشاق، الحديث رقم (27)، قال أبو عيسى: حديث سلمة بن قيس حديث حسن صحيح، والنسائي في الطهارة، باب الرخصة في الاستطابة بحجر واحد، الحديث (43)، وأخرجه أيضًا في الكتاب نفسه، باب الأمر بالاستنثار، الحديث (89). انتهى "تحفة الأشراف".

فهذا الحديث درجته: أنه صحيح؛ لكون رجاله ثقات، وله شواهد، كما قال الترمذي: وفي الباب عن عثمان، ولقيط بن صبرة، وابن عباس، والمقدام بن معدي كرب، ووائل بن حجر، وأبي هريرة، كما بينها في "التحفة"، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث سلمة بن قيس بحديث لقيط بن صبرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 436

(139)

-403 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ

===

(139)

-403 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يحيى بن سليم) القرشي (الطائفي) نزيل مكة.

وفي "التقريب": صدوق سيئ الحفظ، من التاسعة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ) أو بعدها، أبو محمد المكي الحذّاء الخرّاز - بمهملة ثم معجمة- روى عن: إسماعيل بن كثير، وموسى بن عقبة، وإسماعيل بن أمية، وآخرين، ويروي عنه:(ع)، وأبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وقتيبة، وجماعة. قال ابن معين: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن إسماعيل بن كثير) الحجازي أبي هاشم المكي. روى عن: عاصم بن لقيط بن صبرة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وغيرهم، ويروي عنه:(عم)، ويحيى بن سليم، وابن جريج، والثوري، ومسعر، وغيرهم.

قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: مكي ثقة، وقال في "التقريب": ثقة، من السادسة.

(عن عاصم بن لقيط بن صبرة) -بفتح المهملة وكسر الموحدة- العقيلي مصغرًا. روى عن: أبيه لقيط، ويروي عنه: إسماعيل بن كثير المكي، و (عم).

قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، له عندهم حديث واحد في المبالغة في الاستنشاق، وقال في "التقريب": ثقة، من الثالثة.

(عن أبيه) لقيط بن صبرة، ويقال: إنه جده، واسم أبيه: عامر، صحابي

ص: 437

قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ:"أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا".

===

مشهور رضي الله عنه؛ وهو أبو رزين العقيلي، والأكثر على أنهما اثنان. انتهى "تقريب".

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لكون رجاله ثقات.

(قال) لقيط: (قلت: يا رسول الله؛ أخبرني عن) كيفية (الوضوء)، فـ (قال) لي في جواب سؤالي:(أسبغ الوضوء) أي: أكمله بالزيادة على المفروض بالتثليث والدلك وتطويل الغرة وغير ذلك، (وبالغ في الاستنشاق) برفع الماء إلى أعلى الخيشوم؛ لتخرج ما فيه من المخاط المتجمد (إلا أن تكون صائمًا) خوفًا من وصول الماء إلى الدماغ فتفطر، زاد ابن القطان في رواية:(والمضمضة) وصححه، والاقتصار على ذكر هذه الخصال مع أن السواك كان من الوضوء .. إما من الرواة بسبب أن الحاجة دعتهم إلى نقل البعض والنبي صلى الله عليه وسلم بيّن كيفية الوضوء بتمامها، أو من النبي صلى الله عليه وسلم؛ بناءً على أنه علم أن مقصود السائل البحث في هذه الخصال، وإن أطلق لفظه في السؤال إما بقرينة حال أو وحي أو إلهام. انتهى "سندي".

قوله: (إلا أن تكون صائمًا) أي: فلا تبالغ، وإنما كره المبالغة للصائم؛ خشية أن ينزل الماء إلى حلقه، وقال في "التوسط": اقتصر على هذا في الجواب؛ علمًا منه أن السائل لم يسأله عن ظاهر الوضوء، بل عما خفي من باطن الأنف والأصابع؛ فإن الخطاب بأسبغ نحو من علم صفته. انتهى، وفيه دليل على وجوب الاستنشاق.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطهارة (55)،

ص: 438

(140)

- 404 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ،

===

باب في الاستنثار، رقم (142)، وفي كتاب الصوم (27)، باب السواك، رقم (2366)، والترمذي في الطهارة، وفي كتاب الصوم مختصرًا، باب (69) ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، رقم (788) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في الطهارة (71)، باب المبالغة في الاستنشاق (114)، وباب الأمر بتخليل الأصابع، وأحمد (4/ 11172).

فإذًا درجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به لحديث سلمة بن قيس.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث سلمة بحديث ابن عباس رضي الله عنهم، فقال:

(140)

- 404 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا إسحاق بن سليمان) القيسي - بالقاف - مولاهم أبو يحيى الكوفي، نزيل الري. روى عن: ابن أبي ذئب، ومالك، وحنظلة بن أبي سفيان، وأفلح بن حميد، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، وابن أبي شيبة، وقتيبة، وأحمد، وزهير بن حرب، وآخرون.

قال العجلي: ثقة رجل صالح، وقال أبو حاتم: صدوق لا بأس به، وقال محمد بن سعد: كان ثقة له فضل في نفسه وورع، من التاسعة، مات بالري سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ)، وقال ابن قانع: مات سنة مئتين (200 هـ).

(ح وحدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.

(حدثنا وكيع) بن الجراح الكوفي، كلاهما؛ أي: كل من إسحاق ووكيع رويا:

ص: 439

عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ قَارِظِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ الْمُرِّيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

===

(عن) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) هشام بن شعبة القرشي العامري أبي الحارث المدني أحد الأئمة الأعلام. روى عن: قارظ بن شيبة، ونافع، والزهري، وضعفه أحمد فيه، وحديثه في "الصحيحين"، وير وي عنه:(ع)، ووكيع، والثوري، والقطان.

وقال في "التقريب": ثقة فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل: سنة تسع وخمسين ومئة.

(عن قارظ) آخره معجمة (ابن شيبة) بن قارظ الليثي المدني حليف بني زهرة. روى عن: أبي غطفان بن طريف المري، وسعيد بن المسيب، ويروي عنه:(د س ق)، وابن أبي ذئب، وأخوه عمرو.

قال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": لا بأس به، من الثالثة، وقيل: إنه مات في وقعة قديد سنة ثلاثين ومئة (130 هـ).

(عن أبي غطفان) -بفتحات- سعد بن طريف، أومالك (المري) - بالراء - المدني، ثقة، من كبار الثالثة. روى عن: أبيه طريف بن مالك، وسعيد بن زيد بن عمرو، وأبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي هريرة، وابن عباس، ويروي عنه:(م د س ق)، وقارظ بن شيبة الزهري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وغيرهم.

قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات".

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لكون رجاله ثقات.

ص: 440

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا".

===

(قال) ابن عباس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استنثروا) أي: أخرجوا أيها الناس ما في الأنف من الأذى والماء (مرتين بالغتين) أي: أعلى نهاية الاستنثار، (أو) أخرجوا (ثلاثًا) لم يذكر المبالغة في الثلاث، وكأن المبالغة في الثنتين قائمة مقام المرة الثالثة، قال الشوكاني: والحديث يدل على وجوب الاستنثار، والمراد بقوله بالغتين: أنهما في أعلى نهاية الاستنثار من قولهم: بلغت المنزل، وأما تقييد الأمر بالاستنثار بمرتين أو ثلاث .. فيمكن الاستدلال على عدم وجوب الثانية والثالثة بحديث: الوضوء مرة، ويمكن القول بإيجاب مرتين أو ثلاث؛ إما لأنه خاص، وحديث الوضوء مرة عام، وإما لأنه قول خاص بنا، فلا يعارضه فعله صلى الله عليه وسلم، كما تقرر في الأصول، والكلام لا يخلو عن مناقشة في كلا الطرفين. انتهى من "العون".

ومعنى قوله: (استنثروا مرتين

) إلى آخره: أي: نظفوا الأنف بإخراج الماء عنها بعد الإدخال (مرتين أو ثلاثًا) بالمبالغة.

وقوله: (أو ثلاثًا) إما للتخيير، فيكون من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، أو للشك من الراوي، فيكون من قول بعض الرواة. انتهى من "البذل".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود؛ أخرجه في كتاب الطهارة (55)، باب في الاستنثار، رقم (141)، وأحمد بن حنبل (1/ 228 - 315 - 352).

فهذا الحديث درجته: أنه صحيح؛ لأن رجاله كلهم ثقات، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ص: 441

(141)

- 405 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَدَاوُودُ بْنُ عَبْدِ اللهِ قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ،

===

ثم استشهد رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث سلمة بن قيس بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(141)

- 405 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب) -بضم المهملة وبموحدتين- العكلي الكوفي، صدوق، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م عم).

(وداوود بن عبد الله) بن أبي الكرام محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي الجعفري أبو سليمان المدني. روى عن: مالك، والدراوردي، وابن أبي يحيى، وغيرهم، ويروي عنه:(ق)، وابنا أبي شيبة، وابن نمير، وأبو حاتم، وغيرهم.

وثقه عثمان بن أبي شيبة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطئ، وقال العقيلي: في حديثه وهم، وقال في "التقريب": صدوق ربما أخطأ، من العاشرة.

(قالا: حدثنا مالك بن أنس) بن أبي عامر الأصبحي المدني، ثقة حجة إمام، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري المدني، ثقة حجة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه:(ع).

(عن أبي إدريس) عائذ الله بن عبد الله بن عمرو (الخولاني) العوذي -بفتح المهملة آخره معجمة- الشامي أحد الأئمة الأعلام. روى عن: أبي هريرة،

ص: 442

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ .. فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ .. فَلْيُوتِرْ".

===

وعمر، ومعاوية، وأُبيّ، وبلال، وأبي ذر، وحذيفة، وجماعة، ويروي عنه:(ع)، ومكحول، والزهري، وربيعة بن يزيد.

قال مكحول: ما رأيت أعلم منه، وقال في "التقريب": من الثانية، وُلد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، ومات سنة ثمانين (80 هـ).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته رجاله كلهم ثقات، وحكمه: الصحة.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من توضأ .. فليستنثر) أي: فلينظف ما في أنفه من الأذى، (ومن استجمر) أي: من استعمل الأحجار في الاستنجاء .. (فليوتر) أي: فليستعمله وترًا ثلاثًا، أو خمسًا فصاعدًا بقدر الحاجة حتى ينقي المحل من الخارج.

وعبارة "الكوكب" هنا: (من توضأ) أي: من أراد الوضوء .. (فليستنثر) أي: فليخرج ما في الأنف من الماء والأذى، (ومن استجمر) أي: ومن استنجى بالأحجار .. (فليوتر) أي: فليجعل عدد المسحات وترًا؛ أي: فردًا؛ لأن الإيتار جعل العدد وترًا، أي: فردًا لا زوجًا، والمراد بالإيتار: أن يجعل عدد المسحات ثلاثًا، أو خمسًا، أو فوق ذلك من الأوتار.

ومذهب الشافعية: أن الإيتار فيما زاد على الثلاث .. مستحب، وحاصل المذهب: أن الإنقاء واجب، واستيفاء ثلاث مسحات واجب، فإن حصل الإنقاء بثلاث .. فلا زيادة، وإن لم يحصل .. وجبت الزيادة، ثم إن حصل بوتر .. فلا زيادة، وإن حصل بشفع كأربع أو ست .. استحب الإيتار، وقال بعضهم: يجب الإيتار مطلقًا؛ لظاهر هذا الحديث، وحجة الجمهور الحديث الصحيح في

ص: 443

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

"السنن" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من استجمر .. فليوتر، من فعل .. فقد أحسن، ومن لا .. فلا حرج" ويحملون حديث الباب على الثلاث وعلى الندب فيما زاد، والله أعلم. انتهى "نووي" انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الوضوء (25)، باب الاستنثار في الوضوء، رقم (161)، ومسلم في كتاب الطهارة (8)، باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار (22)، والنسائي في الطهارة (72)، باب الأمر بالاستنثار، رقم (88)، ومالك في "الموطأ"، وأحمد في "المسند"، والدارمي في "المسند".

فالحديث: في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول: حديث سلمة بن قيس، ذكره للاستدلال.

والثاني: حديث لقيط بن صبرة، ذكره للاستشهاد.

والثالث: حديث ابن عباس، ذكره للاستشهاد.

والرابع: حديث أبي هريرة، ذكره للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 444