الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(37) - (61) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ
(116)
- 380 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِيهِ
===
(37)
- (61) - (باب الوضوء بالنبيذ)
والنبيذ -بفتح النون وكسر الباء-: ما يُعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير والذرة وغير ذلك، يقال: نبذت التمر والعنب إذا سكبت عليه الماء وتركته فيه ليصير نبيذًا، فهو فعيل بمعنى مفعول، سواء كان مسكرًا أو غير مسكر، فإنه يقال: نبيذ، ويقال للخمر المعتصر من العنب: نبيذ، كما يقال للنبيذ: خمر. قاله صاحب "النهاية"، و"لسان العرب". انتهى من "البذل".
أي: هذا باب بيان جواز الوضوء بالنبيذ.
* * *
واستأنس المؤلف رحمه الله تعالى له بحديث ابن مسعود رضي الله عنه، فقال:
(116)
- 380 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي -بفتح المهملة وتخفيف النون وبعد الألف فاء ثم مهملة- الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: ابن ماجه.
(قالا: حدثنا وكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبيه) الجراح بن مليح بن عدي الرؤاسي -بضم الراء بعدها واو بهمزة
ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي فَزَارَةَ الْعَبْسِيِّ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ،
===
وبعد الألف مهملة- صدوق يهم، من السابعة، مات سنة خمس، ويقال: ست وسبعين ومئة. يروي عنه: (م د ت ق).
(ح وحدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله الذهلي النيسابوري.
(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سفيان) بن سعيد الثوري الكوفي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).
كلاهما؛ أي: كل من جراح بن مليح وسفيان الثوري رويا:
(عن أبي فزارة) -بفتح فاء وزاي خفيفة فألف فراء- راشد بن كيسان -بفتح الكاف- (العبسي) -بموحدة- الكوفي.
قال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح، وقال الدارقطني: ثقة كيّس، ولم أر له في كتب أهل النقل ذكرًا بسوء.
قلت: وقال ابن حبان: مستقيم الحديث إذا كان فوقه ودونه ثقة، فأما مثل أبي زيد مولى عمرو بن حريث الذي لا يعرفه أهل العلم .. فلا، قال أحمد: أبو فزارة في حديث عبد الله بن مسعود .. مجهول، وتعقبه ابن عبد الهادي، فقال: هذا النقل عن أحمد غلط من بعض الرواة عنه، وكأنه اشتبه عليه أبو زيد بأبي فزارة. انتهى "تهذيب التهذيب"، وقال في "التقريب": ثقة، من الخامسة. يروي عنه:(م د ت ق).
(عن أبي زيد) المخزومي مولاهم (مولى عمرو بن حريث) ويقال: أبو زائد. يروي عنه: (د ت ق).
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الْجِنِّ:
===
هو مجهول، من الثالثة، لا يصح حديثه، ذكره البخاري في "الضعفاء"، وقال أبو أحمد الحاكم: هو رجل مجهول، وقال الترمذي في "جامعه": وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث، لا نعرف له رواية غير هذا الحديث، وقال الزيلعي: قال ابن حبان في كتاب "الضعفاء": أبو زيد شيخ، يروي عن ابن مسعود ليس يُدرَى من هو، ولا يعرف أبوه، ولا بلده، ومن كان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبرًا واحدًا خالف فيه الكتاب والسنة والقياس .. استحق مجانبة ما رواه، وقال ابن أبي حاتم في كتاب "العلل": سمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي فزارة في الوضوء بالنبيذ ليس بصحيح، وأبو زيد مجهول، وحديثه في الوضوء بالنبيذ منكر لا أصل له، ولا رواه من يوثق به ولا يثبت، وقال ابن عبد البر: اتفقوا على أن أبا زيد مجهول، وحديثه منكر. انتهى من "البذل"، ومن "العون".
(عن عبد الله بن مسعود) بن غافل بن حبيب الهذلي الكوفي رضي الله عنه.
وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الضعف جدًّا؛ لأن مدارهما على أبي زيد، وهم اتفقوا على ضعفه، وهو مجهول.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له) أي: لعبد الله (ليلة الجن) أي: ليلة جاءت فيها الجن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليتعلموا منه الدين والإسلام والأحكام والقرآن وهو في مكة، فاستمعوا منه القرآن، ورجعوا به إلى قومهم، فعلّموهم به وآمنوا به، كما بيّن في (سورة الجن).
أو المعنى: ليلة ذهب الجن بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى قومهم؛ ليتعلموا منه الدين، وكان معه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود؛ أي:
"عِنْدَكَ طَهُورٌ"، قَالَ: لَا، إِلَّا شَيْءٌ مِنْ نَبِيذٍ فِي إِدَاوَةٍ، قَالَ:"تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ"، فَتَوَضَّأَ، هَذَا حَدِيثُ وَكِيعٍ.
===
قال له: هل (عندك طهور) -بفتح الطاء- أي: ماء مطهر أتطهر وأتوضأ به؟ (قال) عبد الله في جواب سؤاله: (لا) أي: ما عندي شيء من الماء (إلا شيء) مختلط (من) ماء و (نبيذ) كائن ذلك الشيء (في إداوة) -بكسر الهمزة-: إناء صغير من جلد يُتخذ للماء، وجمعها: أداوي، وفي رواية زيد بن ثابت:(ما في إداوتك) أي: أي شيء في مطهرتك؟ قال عبد الله: في إداوتي نبيذ فـ (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم النبيذ (تمرة طيبة) أي: طاهرة (وماء طهور) أي: مطهر، مختلطان فلا يضر اختلاطهما، ولا بأس في الوضوء به، فهات لي، فأعطيته (فتوضأ) منه، وأقام الصلاة فصلى بنا.
قال ابن ماجه: (هذا) اللفظ المذكور من الحديث لفظ (حديث وكيع)، وروايته عن أبيه، وأما عبد الرزاق .. فروى معناه عن سفيان بلفظ آخر.
قال ابن الهمام: ورواه ابن أبي شيبة مطولًا، وفيه:(هل معك من وضوء؟ قلت: لا، قال: فما في إداوتك؟ قلت: نبيذ تمر، قال: تمرة حلوة وماء طيب، ثم توضأ، وأقام الصلاة) انتهى. قال على القاري: اختلف العلماء في جواز التوضؤ بالنبيذ وعدم جوازه: فعند أبي حنيفة يتوضأ به ولا يتيمم، بشرط أن يكون حلوًا رقيقًا يسيل على الأعضاء كالماء، وما اشتد منه صار .. حرامًا لا يجوز التوضؤ به؛ لحديث عبد الله بن مسعود، فترك القياس بالنص، وبه قال الحسن البصري والأوزاعي، وقال عكرمة: هو وضوء من لم يجد الماء، كما في "المغني"، وعند أبي يوسف: يتيمم ولا يتوضأ به؛ وبه قالت الأئمة الثلاثة، وهي الرواية المرجوع إليها عند أبي حنيفة وقوله الأخير، وعليه الفتوى، واختاره الطحاوي وهو المذهب المصحّح المختار عندنا؛
(117)
- 381 - (2) حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ،
===
لأن الحديث وإن صح لكن آية التيمم ناسخة له، وهي مدنية. انتهى من "البذل".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطهارة (42)، باب الوضوء بالنبيذ، رقم (84)، والترمذي في كتاب الطهارة، باب (65) ما جاء في الوضوء بالنبيذ، رقم (88)، وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وابن الأعرابي في "معجمه" بإسناد ضعيف، ومدار الحديث على أبي زيد، وهو مجهول عند أهل الحديث، كما ذكره الترمذي.
فدرجة الحديث: أنه حديث ضعيف جدًّا متنًا وسندًا (17)(61)، وغرضه: الاستئناس به.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا للترجمة بحديث ابن عباس رضي الله عنهما، فقال:
(117)
- 381 - (2)(حدثنا العباس بن الوليد) بن صبح -بضم المهملة وسكون الموحدة- الخلال -بالمعجمة وتشديد اللام- السلمي أبو الفضل (الدمشقي) صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وأربعين ومئتين (248 هـ). روى عن: مروان بن محمد الطاطري، وأبي مسهر، وعبد السلام بن عبد القدوس الشامي، وآخرين، ويروي عنه:(ق)، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وعثمان بن خرزاد، وغيرهم. وذكره ابن حبان في "الثقات".
(حدثنا مروان بن محمد) بن حسان الأسدي الدمشقي الطاطري -بمهملتين مفتوحتين- قال الطبري: كل من يبيع الكرابيس بدمشق يقال له: الطاطري،
حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ،
===
أبو بكر الدمشقي. روى عن: ابن لهيعة، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الله بن العلاء بن زبر، وغيرهم، ويروي عنه:(م عم)، والعباس بن الوليد، وبقية بن الوليد وهو أكبر منه، وابنه إبراهيم بن مروان، وآخرون.
وقال الدارقطني: ثقة، وضعفه أبو محمد بن حزم فأخطأ؛ لأنا لا نعلم له سلفًا في تضعيفه إلا ابن قانع، وقول ابن قانع غير مقنع، وقال في "التقريب": ثقة، من التاسعة، مات سنة عشر ومئتين (210 هـ)، وله ثلاث وستون سنة.
(حدثنا) عبد الله (بن لهيعة) -بفتح اللام وكسر الهاء- ابن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري، القاضي صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه فتُرك، ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه .. أعدل من غيرهما، مات سنة أربع وسبعين ومئة (174 هـ)، وقد ناف على الثمانين. يروي عنه:(م د ت ق).
(حدثنا قيس بن الحجَّاج) بن خلّي بن معدي كرب الكلاعي -بفتح الكاف- السلفي -بضم المهملة وفتح اللام- المصري، وقيل: الصنعاني، من صنعاء دمشق. روى عن: حنش الصنعاني، وأبي عبد الرحمن الحُبلي، وعدة، ويروي عنه:(ت ق)، وابن لهيعة، وأخوه عبد الأعلى، والليث، وغيرهم. قال في "التقريب": صدوق، من السادسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ).
(عن حنش) بن عبد الله السبئي -بفتحتين- نسبة إلى سبأ؛ عامر بن يشجب (الصنعاني) من صنعاء دمشق سكن إفريقية. روى عن: ابن عباس، وابن مسعود، وعلي، وأبي سعيد، وغيرهم، ويروي عنه:(م عم)، وقيس بن الحجاج، وبكر بن سوادة، وابنه الحارث.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لابْنِ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ الْجِنِّ: "مَعَكَ مَاءٌ"، قَالَ: لَا، إِلَّا نَبِيذًا فِي سَطِيحَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ، صُبَّ عَلَيَّ"، قَالَ: فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ بِهِ.
===
وثقه يعقوب بن سفيان وابن حبان، وقال في "التقريب": ثقة، من الثالثة، مات سنة مئة (100 هـ).
(عن عبد الله بن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لضعف ابن لهيعة.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود ليلة الجن) أي: ليلة حضرت إليه الجن، وذهبوا به إلى قومهم؛ ليتعلّموا منه الدين: هل (معك ماء) أتوضأ به؟ (قال) ابن مسعود: (لا) أي: ليس معي ماء (إلا نبيذًا) نُبذ (في سطيحة) قال السندي: هي من أواني الماء ما كان من جلدين، قوبل أحدهما بالآخر فسُطح عليه، وتكون صغيرة وكبيرة. انتهى.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النبيذ هو (تمرة طيبة) أي: طاهرة (وماء طهور) أي: مطهر، أي ة هو مختلط منهما، فلا مانع من الوضوء به، فـ (صبـ) ـه (عليّ) لأتوضأ به (قال: فصببتـ) ـه (عليه، فتوضأ به) أي: بالنبيذ.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وله شاهد من حديث ابن مسعود المذكور قبله، رواه أبو داوود والترمذي، انظر التخريج السابق قبله، رقم (382)، وأحمد أيضًا في "مسنده"، ولكنه ضعيف أيضًا، كما عرفت آنفًا، ولا يصلح لأن يكون شاهدًا له.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهو أيضًا: ضعيف السند، لكون ابن لهيعة فيه، وضعيف المتن (18)(62)، وغرضه: الاستئناس به أيضًا.
* * *
وجملة ما ذكره في هذا الباب: حديثان:
الأول: لابن مسعود.
والثاني: لابن عباس.
كلاهما ضعيفان، غرضه بسوقهما: الاستئناس بهما للترجمة.
والله سبحانه وتعالى أعلم