المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(31) - (55) - باب غسل الإناء من ولوغ الكلب - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطّهارة وسننها

- ‌(1) - (25) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(2) - (26) - بَابٌ: لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌(3) - (27) - بَابٌ: مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ

- ‌(4) - (28) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌(5) - (29) - بَابٌ: الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ

- ‌(6) - (30) - بَابُ ثَوَابِ الطُّهُورِ

- ‌(7) - (31) - بَابُ السِّوَاكِ

- ‌(8) - (32) - بَابُ الْفِطْرَةِ

- ‌(9) - (33) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ

- ‌(10) - (34) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ

- ‌(11) - (35) - بَابُ ذِكْرِ اللهِ عز وجل عَلَى الْخَلَاءِ وَالْخَاتَمِ فِي الْخَلَاءِ

- ‌(12) - (36) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ

- ‌(13) - (37) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا

- ‌(14) - (38) - بَابٌ: فِي الْبَوْلِ قَاعِدًا

- ‌(15) - (39) - بَابُ كَرَاهِيَّةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَالاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

- ‌تتمة

- ‌(16) - (40) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ

- ‌(17) - (41) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(18) - (42) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ وَإِبَاحَتِهِ دُونَ الصَّحَارَى

- ‌(19) - (43) - بَابُ الاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْبَوْلِ

- ‌(20) - (44) - بَابُ مَنْ بَالَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً

- ‌(21) - (45) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلَاءِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ

- ‌(22) - (46) - بَابُ التَّبَاعُدِ لِلْبَرَازِ فِي الْفَضَاءِ

- ‌(23) - (47) - بَابُ الارْتِيَادِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(24) - (48) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ عَلَى الْخَلَاءِ وَالْحَدِيثِ عِنْدَهُ

- ‌(25) - (49) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌(26) - (55) - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ

- ‌(27) - (51) - بَابُ الرَّجُلِ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌تتمة

- ‌(28) - (52) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌(29) - (53) - بَابٌ: مَنْ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الاسْتِنْجَاءِ

- ‌(30) - (54) - بَابُ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ

- ‌(31) - (55) - بَابُ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ

- ‌(32) - (56) - بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَالرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(33) - (57) - بَابُ الرُّخْصَةِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ

- ‌(34) - (58) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌(35) - (59) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(36) - (60) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَتَوَضَّأَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(37) - (61) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌(38) - (62) - بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ

- ‌(39) - (63) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَعِينُ عَلَى وُضُوئِهِ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ

- ‌(40) - (64) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ مِنْ مَنَامِهِ هَلْ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(41) - (65) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌(42) - (66) - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بشارة عظيمة للمؤلف

- ‌(43) - (67) - بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ

- ‌(44) - (68) - بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الاستِنْشَاقِ وَالاسْتِنْثَارِ

- ‌(45) - (69) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌تتمة

- ‌(46) - (70) - بَابُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

- ‌(47) - (71) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا

- ‌(48) - (72) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَصْدِ فِي الْوَضُوءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّعَدِّي فِيهِ

- ‌(49) - (73) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌(50) - (74) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ

- ‌(51) - (75) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الرَأْسِ

- ‌(52) - (76) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ

- ‌(53) - (77) - بَابٌ: الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ

- ‌(54) - (78) - بَابُ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ

- ‌(55) - (79) - بَابُ غَسْلِ الْعَرَاقِيبِ

الفصل: ‌(31) - (55) - باب غسل الإناء من ولوغ الكلب

(31) - (55) - بَابُ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ

(95)

- 359 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَضْرِبُ جَبْهَتَهُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ؛ أَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنِّي أَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، لِيَكُنْ لَكُمُ الْمَهْنَأُ وَعَلَيَّ الْإِثْمُ،

===

(31)

- (55) - (باب غسل الإناء من ولوغ الكلب)

والولوغ: الشرب بطرف اللسان.

* * *

واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقال:

(95)

- 359 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي رزين) -بفتح الراء وكسر الزاي- مسعود بن مالك الأسدي الكوفي، ثقة، من الثانية، مات سنة خمس وثمانين (85 هـ). يروي عنه:(م عم).

(قال) أبو رزين: (رأيت أبا هريرة يضرب جبهته) أي: أعلى وجهه (بيده، ويقول: يا أهل العراق) يعني: الذين يزعمون بطهارة الكلب (أنتم تزعمون) وتظنون (أني أكذب) من باب (ضرب)(على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدّثت عنه بنجاسة الكلب، (ليكن لكم المهنأ) -بفتح الميم وسكون الهاء وفتح النون وبالهمزة في آخره- أي: الثواب والأجر باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما حدّثت، والمهنأ في الأصل: كل ما يأتيك من غير تعب. انتهى "سندي".

(و) يكن (عليّ الأثم) والوزر بكذبي على رسول الله صلى الله عليه وسلم

ص: 314

أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ .. فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ".

===

فيما حدثت على زعمكم، قال السندي: قوله: (أنتم تزعمون

) إلى آخره، كان بعض الناس لسبب إكثاره في الرواية كانوا يتحرون، فيريد أن يمنعهم من أن يظنوا به الوضع والكذب فيما يروي، ويحتمل: أن بعض أهل الكوفة كانوا يرون التثليث في ولوغ الكلب في زمانه أيضًا، ويزعمون تساهله فيما يروي.

وقوله: (ليكن لكم المهنأ) أي: لو كذبت وأنتم أخذتم مني ذلك، وعملتم لاستناده إليه صلى الله عليه وسلم صورة .. كان لكم المهنأ؛ أي: الثواب والأجر، وبقي الوزر عليّ؛ أي: الإثم. انتهى.

(أشهد) وأحلف بالله الذي لا إله غيره على أني (لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا ولغ الكلب) وشرب بطرف لسانه من ماء (في إناء أحدكم .. فلـ) يصب ما في الإناء من الماء على الأرض؛ لنجاسته، وليرقه و (يغسله) أي: يغسل ذلك الإناء (سبع مرات) لتنجسه بفم الكلب.

قوله: (إذا ولغ الكلب) وفي "الصحاح": ولغ الكلب في الإناء يلغ -بفتح اللام فيهما- من باب (وضع) ولوغًا؛ إذا شرب ما فيه بطرف لسانه، كما هو شرب السباع، أو أدخل لسانه فيه فحركه، وحكى أبو زيد ولغ الكلب بشرابنا وفي شرابنا ومن شرابنا، وقال: ليس شيء من الطيور يلغ غير الذباب، وقال ثعلب: هو أن يدخل لسانه في الماء وغيره من كل مائع فيحركه، زاد ابن درستويه: شرب أو لم يشرب كذا في "الفتح".

والمعنى حينئذ: إذا أدخل الكلب طرف لسانه في إناء أحدكم أيها المسلمون .. "فليرقه" كما في رواية مسلم؛ أي: فليصب ذلك الماء على الأرض؛ لتنجسه بولوغ الكلب منه، "ثم ليغسله" كما في رواية مسلم أيضًا؛

ص: 315

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أي: ثم ليغسل ذلك الإناء؛ لتنجسه أيضًا بفم الكلب "سبع مرات" جمع مرة، ولذلك ذكر اسم العدد.

قال ابن عبد الملك: وبهذا الحديث عمل الشافعي رحمه الله تعالى، فأوجب غسله سبع مرات، وقال أبو حنيفة وأصحابه: يكفي غسله ثلاث مرات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "يُغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثًا"، وحملوا حديث أبي هريرة على ابتداء الإسلام؛ زجرًا للعرب عن اقتناء الكلاب، لشدة ائتلافهم بها حتى كانوا يطعمون معها، والأمر فيه للوجوب على كلا القولين، وعند مالك الأمر للندب؛ لاعتقاده طهارة الكلب. انتهى.

وقال في "المبارق": وإنما قال: "في إناء أحدكم" ولم يقل: من إناء أحدكم؛ لأن شرب السباع إنما يكون على وجه الظرفية؛ لتناولها الماء بألسنتها. انتهى.

وعبارة "المفهم" هنا: وقد تمسك الشافعي بظاهر الأمر بالغسل والإراقة، وبقوله: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله

" إلى آخره .. على أن الكلب نجس، وعلى أن ذلك الماء والإناء نجسان بسبب لعابه، ومع ذلك فلا بد عنده من غسل الإناء سبعًا، وذهب أبو حنيفة إلى القول بأن ذلك للنجاسة، ويكفي غسله بالماء مرة واحدة، والمشهور من مذهب مالك: أن ذلك للتعبد لا للنجاسة، وهو قول الأوزاعي وأهل الظاهر. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.

فهو في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ص: 316

(96)

-360 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ

===

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة هذا بحديث آخر له أيضًا رضي الله عنه، فقال:

(96)

-360 - (2)(حدثنا محمد بن يحيى) الذهلي.

(حدثنا روح بن عبادة) بن العلاء القيسي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس، أو سبع ومئتين. يروي عنه:(ع).

(حدثنا مالك بن أنس) الإمام في الفروع الأصبحي المدني، ثقة حجة إمام، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الزناد) لقبه، عبد الله بن ذكوان الأموي مولاهم أبي عبد الرحمن المدني، ثقة، من الخامسة، مات فجأة سنة ثلاثين ومئة (130 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الرحمن (الأعرج) بن هرمز الهاشمي مولاهم أبي داوود المدني، ثقة ثبت عالم، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ) بالإسكندرية. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم .. فليغسله) أي: فليغسل ذلك الإناء سبع مرات؛ لتنجسه بولوغ الكلب فيه، والمعنى: أي فليُرِقْ ما في ذلك الإناء من بقايا الماء، ثم ليغسل ذلك الإناء

ص: 317

سَبْعَ مَرَاتٍ".

(97)

-361 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ،

===

(سبع مرات) أي: سبع غسلات، والحكمة في نجاسة الكلب وغسل نجاسته سبعًا .. أمر تعبدي، وقيل: الحكمة في نجاسته أنه خُلق من قوارة طينة آدم عليه السلام الممزوجة ببزاق إبليس؛ لأنه مر على جثة آدم وهو طين، فبزق عليه إهانة له، فوقعت البزاق على موضع السرة من آدم، فقور جبريل بزاقه ورماه، فخُلق الكلب من تلك القوارة، ففي الكلب ثلاث حالات: تأنسه ببني آدم من بين السباع؛ لأنه خُلق من تلك القوارة، وسهره؛ لأنه لمس أصل خلقته يد جبريل، وإيذاؤه لسائر الحيوان وعضه له؛ لأن في أصل خلقته بزاق إبليس، هكذا قالوا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الوضوء (33)، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، رقم (172)، ومسلم في كتاب الطهارة (27)، باب حكم ولوغ الكلب (90 - 279)، وأبو داوود في كتاب الطهارة (37)، باب الوضوء من سؤر الكلب، رقم (73)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب سؤر الكلب، رقم (63).

فالحديث: في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث الأول.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(97)

- 361 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شبابة) بن سوار المدائني أبو عمرو الفزاري مولاهم، قيل: اسمه مروان، وشبابة لقبه.

ص: 318

حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ .. فَاغْسِلُوهُ

===

قال في "التقريب": ثقة حافظ، رُمي بالإرجاء، من التاسعة، مات سنة أربع، أو خمس، أو ست ومئتين. يروي عنه:(ع).

(حدثنا شعبة عن أبي التيّاح) -بفتح الفوقانية وتشديد التحتانية- يزيد بن حميد الضبعي -بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة- نسبة إلى بني ضبيعة مصغرًا، من أنفسهم، يقال: أبو التياح لقبه، وكنيته أبو حماد البصري، ثقة ثبت، مشهور بكنيته، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(قال) أبو التياح: (سمعت مطرفًا) -بضم الميم وتشديد الراء المكسورة- ابن عبد الله بن الشخير -بكسر الشين المعجمة وتشديد الخاء المعجمة المكسورة بعدها تحتانية ثم راء- العامري الحرشي من أنفسهم أبا عبد الله البصري، أحد سادات التابعين، وأبوه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال في "التقريب": ثقة عابد، من الثانية، مات سنة خمس وتسعين (95 هـ). يروي عنه:(ع).

(يُحدّث عن عبد الله بن المغفل) -على صيغة اسم المفعول- ابن عبد نهم -بفتح النون وسكون الهاء- ابن أسحم المزني، أبي عبد الرحمن البصري، الصحابي المشهور، بايع تحت الشجرة، نزل البصرة رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات أثبات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا ولغ الكلب) وأدخل لسانه (في الإناء) المشتمل على المائع؛ كاللبن والماء والخل والعصير .. (فاغسلوه)

ص: 319

سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ".

===

أي: فاغسلوا ذلك الإناء (سبع مرات) كاملة، (وعفروه) -بتشديد الفاء المكسورة- على صيغة الأمر؛ أي: وادلكوا ذلك الإناء (الثامنة) أي: في المرة الثامنة (بالتراب) ومرغوه؛ أي: بالتراب الطهور، قال في "المصباح": العفر -بفتحتين-: وجه الأرض، ويطلق على التراب، وعفرت الإناء عفرًا من باب (ضرب) .. دلكته بالعفر، وعفرته -بالتشديد- مبالغة فيه.

والمعنى كما في "المبارق": فاغسلوه سبعًا، واحدة منهن مصحوبة بالتراب، سماها ثامنة؛ لكون التراب قائمًا مقام غسله مرة أخرى، يدل عليه ما في الرواية السابقة، قال المناوي: والتعفير بالتراب تعبدي، وقيل: للجمع بين الطهورين، وليس فيه دليل على وجوب غسله ثامنة؛ لأنه إنما سماها ثامنة؛ لاشتمالها على نوعي الطهور.

قال السندي: قوله: "وعفروه" أي: الإناء، وهو أمر من التعفير، وهو التمريغ في التراب، و"الثامنة" بالنصب على الظرفية؛ أي: المرة الثامنة، ومن لم يقل بالزيادة على السبع .. يقول: لأنه عدَّ التعفير في إحدى الغسلات غسلة ثامنة. انتهى.

وقال القاضي عياض: لم يقل مالك بالتعفير؛ لأنه ليس في كل الأحاديث، وللاضطراب في محله؛ ففي حديث أبي هريرة في رواية مسلم:"أولاهن"، وفي رواية الترمذي:"أولاهن أو أخراهن"، وفي حديث عبد الله بن مغفل:"وعفروا الثامنة بالتراب".

وقال النووي: اختلاف هذه الأحاديث يدل على أن القصد أن تكون إحدى الغسلات بالتراب لا بقيد تعيين، ورواية الثامنة معناها عند المحققين: أن تكون إحدى السبع بالتراب، ولكن لما أضيف الماء فيها إلى التراب .. عدَّ التراب كأنه غسلة ثامنة.

ص: 320

(98)

- 362 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ،

===

قال النووي: ويستحب أن يكون التراب في غير الأخيرة؛ ليأتي بعدها ما ينظفه، ولا تكفي الغسلة الثامنة بالماء وحده عن التراب على الأصح، ولا يكفي التراب النجس على الأصح، ولا يكفي الصابون ولا الأشنان عن التراب على الأصح، ويكفي الماء المكدر بالتراب.

قال تقي الدين: وإنما لم يكن -أي: مشروعًا- الصابون والأشنان مثلًا كالغسل؛ لأنه يُفوِّت معه اجتماع طهورين؛ هما: الماء والتراب، وقال: وصورة التعفير: هو أن يجعل التراب في الماء، ثم يغسل به، أو يذر التراب على الإناء، ثم يتبع بالماء، لا أن يحك الإناء بالتراب، كما يعطيه ظاهر اللفظ. انتهى من "الأبي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الطهارة (27)، باب حكم ولوغ الكلب، رقم (93 - 280)، وأبو داوود في كتاب الطهارة (37)، باب الوضوء بسؤر الكلب، رقم (74)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب تعفير الإناء الذي ولغ فيه الكلب بالتراب، رقم (67)، وأحمد وابن أبي شيبة، وسيذكره المصنف برقم (3201).

ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به ثانيًا لحديث أبي هريرة الأول.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فقال:

(98)

- 362 - (4)(حدثنا محمد بن يحيى) الذهلي النيسابوري.

(حدثنا) سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم (بن أبي مريم) الجمحي

ص: 321

أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ .. فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ".

===

مولاهم أبو محمد المصري، ثقة ثبت فقيه، من كبار العاشرة، مات سنة أربع وعشرين ومئتين (224 هـ). يروي عنه:(ع).

(أنبأنا عبد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني، ضعيف، من السابعة، مات سنة إحدى وسبعين ومئة، وقيل: بعدها. يروي عنه: (م عم).

(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه عبد الله بن عمر بن حفص، وهو متفق على ضعفه.

(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم .. فليغسله سبع مرات").

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف سندًا صحيح متنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة الأول.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول: حديث أبي هريرة، ذكره للاستدلال به على الترجمة.

والثاني: حديث أبي هريرة الثاني، ذكره للاستشهاد أولًا.

والثالث: حديث عبد الله بن مغفل، ذكره للاستشهاد ثانيًا.

والرابع: حديث عبد الله بن عمر، ذكره للاستشهاد ثالثًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 322