المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(32) - (56) - باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة فيه - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطّهارة وسننها

- ‌(1) - (25) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(2) - (26) - بَابٌ: لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌(3) - (27) - بَابٌ: مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ

- ‌(4) - (28) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌(5) - (29) - بَابٌ: الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ

- ‌(6) - (30) - بَابُ ثَوَابِ الطُّهُورِ

- ‌(7) - (31) - بَابُ السِّوَاكِ

- ‌(8) - (32) - بَابُ الْفِطْرَةِ

- ‌(9) - (33) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ

- ‌(10) - (34) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ

- ‌(11) - (35) - بَابُ ذِكْرِ اللهِ عز وجل عَلَى الْخَلَاءِ وَالْخَاتَمِ فِي الْخَلَاءِ

- ‌(12) - (36) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ

- ‌(13) - (37) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا

- ‌(14) - (38) - بَابٌ: فِي الْبَوْلِ قَاعِدًا

- ‌(15) - (39) - بَابُ كَرَاهِيَّةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَالاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

- ‌تتمة

- ‌(16) - (40) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ

- ‌(17) - (41) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(18) - (42) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ وَإِبَاحَتِهِ دُونَ الصَّحَارَى

- ‌(19) - (43) - بَابُ الاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْبَوْلِ

- ‌(20) - (44) - بَابُ مَنْ بَالَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً

- ‌(21) - (45) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلَاءِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ

- ‌(22) - (46) - بَابُ التَّبَاعُدِ لِلْبَرَازِ فِي الْفَضَاءِ

- ‌(23) - (47) - بَابُ الارْتِيَادِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(24) - (48) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ عَلَى الْخَلَاءِ وَالْحَدِيثِ عِنْدَهُ

- ‌(25) - (49) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌(26) - (55) - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ

- ‌(27) - (51) - بَابُ الرَّجُلِ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌تتمة

- ‌(28) - (52) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌(29) - (53) - بَابٌ: مَنْ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الاسْتِنْجَاءِ

- ‌(30) - (54) - بَابُ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ

- ‌(31) - (55) - بَابُ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ

- ‌(32) - (56) - بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَالرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(33) - (57) - بَابُ الرُّخْصَةِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ

- ‌(34) - (58) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌(35) - (59) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(36) - (60) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَتَوَضَّأَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(37) - (61) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌(38) - (62) - بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ

- ‌(39) - (63) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَعِينُ عَلَى وُضُوئِهِ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ

- ‌(40) - (64) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ مِنْ مَنَامِهِ هَلْ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(41) - (65) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌(42) - (66) - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بشارة عظيمة للمؤلف

- ‌(43) - (67) - بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ

- ‌(44) - (68) - بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الاستِنْشَاقِ وَالاسْتِنْثَارِ

- ‌(45) - (69) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌تتمة

- ‌(46) - (70) - بَابُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

- ‌(47) - (71) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا

- ‌(48) - (72) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَصْدِ فِي الْوَضُوءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّعَدِّي فِيهِ

- ‌(49) - (73) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌(50) - (74) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ

- ‌(51) - (75) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الرَأْسِ

- ‌(52) - (76) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ

- ‌(53) - (77) - بَابٌ: الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ

- ‌(54) - (78) - بَابُ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ

- ‌(55) - (79) - بَابُ غَسْلِ الْعَرَاقِيبِ

الفصل: ‌(32) - (56) - باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة فيه

(32) - (56) - بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَالرُّخْصَةِ فِيهِ

(99)

- 363 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، أَنْبَأَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ،

===

(32)

- (56) - (باب الوضوء بسؤر الهرة والرخصة فيه)

والسؤر: ما بقي منها بعد شربها أو أكلها، والهرة: حيوان معروف منه ما يألف البيوت كثير العدوان على الفئران، الذكر منه هو، يُجمع على هررة؛ كقرد وقردة، والأنثى هرة، مثل سدرة. قاله الأزهري، قال ابن الأنباري: الهر يقع على الذكر والأنثى، وقد يُدخلون الهاء في المؤنث، وتصغيرها: هريرة، كذا في "المصباح".

* * *

واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، فقال:

(99)

-363 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب) -بضم أوله المهمل وبموحدتين- أبو الحسين العكلي -بضم المهملة وسكون الكاف- نسبة إلى بطن من تميم تُسمى عُكل، الخراساني ثم الكوفي، الحافظ الجوال.

قال في "التقريب": صدوق، يخطئ في حديث الثوري، من التاسعة، مات سنة ثلاث ومئتين (203 هـ). يروي عنه:(م عم).

(أنبأنا مالك بن أنس) بن مالك بن أبي عامر الأصبحي: نسبة إلى ذي أصبح؛ وهو الحارث بن عوف بن مالك من يعرب بن قحطان، وأصبح صارت قبيلة، أبو عبد الله المدني الفقيه إمام دار الهجرة، وهو من صغار التابعين؛ لأنه رأى وهو صغير عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، التي قال فيها سعد: وأنا

ص: 323

أَخْبَرَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبٍ -وَكَانَتْ تَحْتَ بَعْضِ وَلَدِ أَبِي قَتَادَةَ- أَنَّهَا صَبَّتْ لِأَبِي قَتَادَةَ مَاءً يَتَوَضَّأُ بِهِ، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ:

===

ذو مال وليس لي إلا ابنة، أفأفرق مالي؟ لأنها عُمِّرت حتى أدركت زمن مالك. انتهى من "الأبي".

قال في "التقريب": ثقة حجة، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ)، وله تسعون سنة، ووُلد سنة ثلاث وتسعين. يروي عنه:(ع).

(أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري) أبو يحيى المدني، ثقة حجة، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة) الأنصارية المدنية، زوج إسحاق بن أبي طلحة، وهي والدة ولده يحيى بن إسحاق. يروي عنها:(عم)، مقبولة من الخامسة.

(عن كبشة بنت كعب) بن مالك الأنصارية المدنية، زوج عبد الله بن أبي قتادة، قال ابن حبان: لها صحبة. يروي عنها: (عم)، (وكانت) كبشة (تحت بعض ولد أبي قتادة) وهو عبد الله المذكور.

(أنها) أي: أن كبشة (صبت لأبي قتادة ماءً يتوضأ به، فجاءت هرة) حالة كونها تريد أن (تشرب) ماءً، (فأصغى) أي: أمال أبو قتادة (لها) أي: لأجل شرب الهرة (الإناء) أي: إناء الماء، قالت كبشة:(فجعلتُ) أي: شرعت (أنظر إليه) أي: إلى أبي قتادة متعجبة من إمالته الإناء للهرة، (فقال) لي أبو قتادة الأنصاري السلمي المدني الحارث بن ربعي رضي الله

ص: 324

يَا بْنَةَ أَخِي؛ أَتَعْجَبِينَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ؛ هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ أَوِ الطَّوَّافَاتِ".

===

عنه: (يا بنة أخي؛ أتعجبين) من إمالة الإناء للهرة؟ لا تعجبي من ذلك؛ فإنه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها) أي: إن الهرة (ليست بنجس؛ هي) أي: ذكورها (من الطوافين) عليكم (أو) إناثها من (الطوافات) عليكم فـ (أو) للشك من الراوي.

قوله: (من الطوافين أو الطوافات) قال السندي: هو شك من الراوي، وبيانه أن ذكورها من الطوافين، والإناث من الطوافات، والجمع بالواو والنون في الذكور تشبيه له بالعبيد والخدم العقلاء الذين يدخلون على الإنسان ويطوفون حوله للخدمة، وهذا إشارة إلى علة الحكم بطهارتها؛ وهي أنها كثيرة الدخول عليكم، ففي الحكم بنجاستها حرج مدفوع.

وظاهر هذا الحديث وغيره: أنه لا كراهة في سؤرها وعليه العامة، ومن قال بالكراهة .. فلعله يقول: إن استعمال النبي صلى الله عليه وسلم السؤر .. كان لبيان الجواز، واستعمال غيره لا دليل فيه، وفي "مجمع البحار": الحنفية خالفوه، وقال: لا بأس بالوضوء بسؤر الهرة. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطهارة (38)، باب سؤر الهرة، رقم (75)، والترمذي في كتاب الطهارة، باب (69) ما جاء في سؤر الهرة، رقم (92)، والنسائي في كتاب الطهارة (54)، باب في سؤر الهرة، رقم (68 - 241)، وأحمد والدارمي.

ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح، صححه البخاري والعقيلي وابن خزيمة وابن حبان والحاكلم والدارقطني، كما سيأتي قريبًا، وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.

ص: 325

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال السندي: قوله: (فأصغى لها) أي: أمال لها الإناء (ليست بنجس) -بفتحتين- مصدر نجس الشيء من باب (شرف)، فلذلك لم يؤنث، كما لم يُجمع في قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (1)، (من الطوافين أو الطوافات) هو شك من الراوي، والمعنى: أن ذكورها من الطوافين، أو قال: إن إناثها من الطوافات. انتهى، ويحتمل كونها للتنويع.

قوله: (عن حميدة) قال ابن عبد البر: هي بضم الحاء المهملة وفتح الميم عند رواة "الموطأ" إلا يحيى الليثي، فقال: إنها بفتح الحاء وكسر الميم (بنت عبيد بن رفاعة) الأنصارية الزرقية أم يحيى. عن: خالتها كبشة بنت كعب، وعنها: زوجها إسحاق بن عبد الله المذكور آنفًا، وابنها يحيى بن إسحاق، وثقها ابن حبان، وقال الحافظ في "التقريب": هي مقبولة.

قال في "النيل": الحديث صححه البخاري والعقيلي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني، وأعلّه ابن منده بأن حميدة الراوية عن كبشة مجهولة، وكذلك كبشة، قال: ولم يُعرف لهما إلا هذا الحديث، وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن لحميدة حديثًا آخر في تشميت العاطس رواه أبو داوود، ولها حديث ثالث رواه أبو نعيم في "المعرفة"، وقد روى عنها مع إسحاق ابنه يحيى، وهو ثقة عند ابن معين، فارتفعت الجهالة.

(عن كبشة) بفتح الكاف وسكون الموحدة (بنت كعب بن مالك) الأنصارية، زوج عبد الله بن أبي قتادة (وكانت) كبشة (تحت بعض ولد أبي قتادة) أي: في نكاحه أن أبا قتادة دخل في بيت كبشة وأنها (صبت) أي: سكبت لأبي قتادة (ماء يتوضأ به) أي: صبت كبشة لأبي قتادة (ماء الوضوء في قدح؛ ليتوضأ

(1) سورة التوبة: (28).

ص: 326

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

منه) أي: من الماء الذي في الإناء، (فجاءت هرة، فأصغى لها الإناء) أي: أمال أبو قتادة للهرة الإناء حتى يسهل عليها الشرب، قالت كبشة:(فرآني) أبو قتادة، والحال أني (أنظر إليه) أي: إلى شرب الهرة الماء نظر المنكر أو المتعجب.

(فقال) لي أبو قتادة: (يا بنة أخي) المراد أخوة الإسلام، ومن عادة العرب أن يدعو بيا بن أخي ويا بن عمي وإن لم يكن أخًا أو عمًا له في الحقيقة (أتعجبين) من الهرة أو من إمالتي إليها الإناء؟ لا تعجبي من ذلك؛ فإنه قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إنها) أي: إن الهرة (ليست بنجس) يعني: نجاسة مؤثرة في نجاسة الماء، وهو مصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع والمفرد، ولو قيل: بكسر الجيم .. لقيل: بنجسة؛ لأنها صفة لهرة.

وقوله: (إنها من الطوافين عليكم) جملة مستأنفة فيها معنى العلة؛ إشارة إلى أن علة الحكم بعدم نجاسة الهرة هي الضرورة الناشئة من كثرة دورانها في البيوت ودخولها فيها بحيث يصعب صون الأواني عنها؛ والمعنى: أنها تطوف عليكم في منازلكم ومساكنكم فتمسحونها بأبدانكم وثيابكم، ولو كانت نجسة .. لأمرتكم بالمجانبة عنها، وفيه: التنبيه على الرفق بها واحتساب الأجر في مواساتها، والطائف: الخادم الذي يخدمك برفق وعناية، وجمعه: الطوافون، وفي رواية أبي داوود:(والطوافات) بالواو، قال السيوطي: يريد أن هذا الحيوان لا يخلو أن يكون من جملة الذكور الطوافين أو الإناث. انتهى من "العون".

* * *

ص: 327

(150)

- 364 - (2) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ تَوْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ حَارِثَةَ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ

===

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي قتادة بحديث عائشة رضي الله عنهما، فقال:

(100)

- 364 - (2)(حدثنا عمرو بن رافع) بن الفرات القزويني البجلي أبو حجر -بضم المهملة وسكون الجيم- ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(ق).

(وإسماعيل بن توبة) بن سليمان بن زيد الثقفي أبو سليمان الرازي، أصله من الطائف ثم نزل قزوين، صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ). يروي عنه:(ق)، كلاهما:

(قالا حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة) خالد بن ميمون الهمداني -بسكون الميم- الوادعي مولاهم أبو سعيد الكوفي. يروي عنه: (ع). ثقة متقن، من كبار التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومئة، وله ثلاث وستون سنة.

(عن حارثة) بن أبي الرجال -بكسر الراء ثم جيم- اسمه محمد بن عبد الرحمن الأنصاري ثم النجاري المدني، ضعيف، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه: الترمذي، وابن ماجه.

(عن عمرة) بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية، أكثرت عن عائشة، ثقة، من الثالثة، ماتت قبل المئة، وقيل بعدها. يروي عنها:(ع).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لضعف حارثة بن أبي الرجال،

ص: 328

قَالَتْ: كُنْتُ أَتَوَضَّأُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، قَدْ أَصَابَتْ مِنْهُ الْهِرَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ.

===

ضغفه أحمد وابن معين، وقال النسائي: متروك، وقال البخاري: منكر الحديث لم يعتد به أحد، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه منكر.

(قالت) عائشة: (كنت أتوضأ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد قد أصابت) أي: شربت (منه) أي: من ماء ذلك الإناء (الهرة قبل ذلك) أي: قبل وضوئنا منه؛ أي: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك؛ إذ سوق الحديث للاستدلال به على طهارة سؤر الهرة، فلا يتم الاستدلال به إلا إذا قدرنا ذلك.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه بهذا اللفظ، ورواه أبو داوود والدارقطني من هذا الوجه بغير هذا اللفظ، وله شاهد من حديث أبي قتادة المذكور قبله؛ رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وهو أحسن شيء في هذا الباب، قال: وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم؛ مثل الشافعي وأحمد هاسحاق لم يروا بسؤر الهرة بأسًا.

قلت: وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وقال أبو حنيفة: بل هو نجس كالسبع، لكن خفف فيه فكره سؤره، واستدل بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن الهرة سبع في حديث أخرجه أحمد والدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة بلفظ:"السنور سبع"، وأجيب: بأن حديث الباب ناطق بأنها ليست بنجس، فيُخصص به عموم حديث السباع بعد تسليم ورود ما يقتضي بنجاسة السباع، وأما مجرد الحكم عليها بالسبعية .. فلا يستلزم بأنها نجس؛ إذ لا ملازمة بين النجاسة والسبعية.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لأن له شاهدًا من حديث أبي قتادة،

ص: 329

(101)

- 365 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ؛ يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ،

===

كما مر، ضعيف السند، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث أبي قتادة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

ثم استطرد المؤلف رحمه الله تعالى في هذه الترجمة ببيان حكم ما لا يقطع الصلاة مستدلًا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقال:

(101)

- 365 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري، الملقب ببندار.

(حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد) قال ابن ماجه: (يعني) ابن بشار بعبيد الله المذكور: عبيد الله المُكنَّى (أبا بكر الحنفي)، وهذا من كلام ابن ماجه زاده بيانًا لعبيد الله، وقوله:(أبا بكر) تحريف من النساخ، والصواب: أبا على الحنفي البصري، كما في "التقريب".

لم يثبت أن يحيى بن معين ضعّفه، ووثقه العجلي والدارقطني وابن قانع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، من التاسعة، مات سنة تسع ومئتين (209 هـ). يروي عنه:(ع)، وبندار، وإسحاق بن منصور الكوسج.

(حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان المدني مولى قريش، صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، وكان فقيهًا، من السابعة، ولي خراج المدينة فحُمد، مات سنة أربع وسبعين ومئة (174 هـ) وله أربع وسبعون سنة. يروي عنه:(م عم)، وأبو علي الحنفي، والنعمان بن عبد السلام، وابن جريج، وزهير بن معاوية، وهما أكبر منه.

قال الآجري عن أبي داوود: كان عالمًا بالقرآن عالمًا بالأخبار، وقال الترمذي

ص: 330

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْهِرَّةُ لَا تَقْطَعُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ".

===

والعجلي: ثقة، وصحح الترمذي عدة من أحاديثه، وقال في اللباس: ثقة حافظ، وقال ابن عدي: هو ممن يكتب حديثه، وقال الشافعي: كان ابن أبي الزناد يكاد يجاوز القصد في ذم مذهب مالك. انتهى من "التهذيب".

(عن أبيه) عبد الله بن ذكوان الأموي مولاهم أبي عبد الرحمن المدني المعروف بأبي الزناد، ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة ثلاثين ومئة (130 هـ)، وقيل: بعدها. يروي عنه: (ع).

(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن عبد الرحمن بن أبي الزناد مختلف فيه؛ لأنه وثقه العجلي والترمذي، وروى عنه أحاديث كثيرة.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الهرة) أي: مرورها بين يدي المصلي (لا تقطع الصلاة) أي: كما يقطعها الكلب الأسود والحمار والمرأة؛ (لأنها) أي: لأن الهرة (من متاع البيت) أي: مما ينتفع به في البيت؛ لأنها تأكل الفيران والحشرات والهوام، ولأن الهرة لا يمكن ضبطها، بخلاف المرأة، وهذا التعليل الثاني لا بد من اعتباره مع الأول، وترك ذكره في الحديث؛ لظهوره، أو لأن المطلوب في الحديث بيان الفرق بين الهرة وبين الكلب الأسود والحمار فقط.

وهذا الحديث قد انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه البيهقي في "سننه الكبرى" من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "الهرة من

ص: 331

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

متاع البيت"، ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"، والحاكم (1/ 255) في كتاب الصلاة من حديث بُندارٍ وهو محمد بن بشار، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم؛ لاستشهاده بعبد الرحمن بن أبي الزناد مقرونًا بغيره ولم يخرجاه، وأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" وأبو نعيم في "أخبار أصبهان".

فالحديث: صحيح المتن، حسن السند، غرضه بسوقه: الاستطراد.

فالحديث استطرادي صحيح؛ لأن محله كتاب الصلاة، ولكن ذكره هنا؛ لمناسبة سؤر الهرة، والله أعلم.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول منها: حديث أبي قتادة، ذكره للاستدلال به على الترجمة.

والثاني: حديث عائشة، ذكره للاستشهاد.

والثالث: حديث أبي هريرة، ذكره للاستطراد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 332