المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(48) - (72) - باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطّهارة وسننها

- ‌(1) - (25) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(2) - (26) - بَابٌ: لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌(3) - (27) - بَابٌ: مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ

- ‌(4) - (28) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌(5) - (29) - بَابٌ: الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ

- ‌(6) - (30) - بَابُ ثَوَابِ الطُّهُورِ

- ‌(7) - (31) - بَابُ السِّوَاكِ

- ‌(8) - (32) - بَابُ الْفِطْرَةِ

- ‌(9) - (33) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ

- ‌(10) - (34) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ

- ‌(11) - (35) - بَابُ ذِكْرِ اللهِ عز وجل عَلَى الْخَلَاءِ وَالْخَاتَمِ فِي الْخَلَاءِ

- ‌(12) - (36) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ

- ‌(13) - (37) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا

- ‌(14) - (38) - بَابٌ: فِي الْبَوْلِ قَاعِدًا

- ‌(15) - (39) - بَابُ كَرَاهِيَّةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَالاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

- ‌تتمة

- ‌(16) - (40) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ

- ‌(17) - (41) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(18) - (42) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ وَإِبَاحَتِهِ دُونَ الصَّحَارَى

- ‌(19) - (43) - بَابُ الاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْبَوْلِ

- ‌(20) - (44) - بَابُ مَنْ بَالَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً

- ‌(21) - (45) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلَاءِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ

- ‌(22) - (46) - بَابُ التَّبَاعُدِ لِلْبَرَازِ فِي الْفَضَاءِ

- ‌(23) - (47) - بَابُ الارْتِيَادِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(24) - (48) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ عَلَى الْخَلَاءِ وَالْحَدِيثِ عِنْدَهُ

- ‌(25) - (49) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌(26) - (55) - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ

- ‌(27) - (51) - بَابُ الرَّجُلِ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌تتمة

- ‌(28) - (52) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌(29) - (53) - بَابٌ: مَنْ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الاسْتِنْجَاءِ

- ‌(30) - (54) - بَابُ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ

- ‌(31) - (55) - بَابُ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ

- ‌(32) - (56) - بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَالرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(33) - (57) - بَابُ الرُّخْصَةِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ

- ‌(34) - (58) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌(35) - (59) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(36) - (60) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَتَوَضَّأَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(37) - (61) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌(38) - (62) - بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ

- ‌(39) - (63) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَعِينُ عَلَى وُضُوئِهِ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ

- ‌(40) - (64) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ مِنْ مَنَامِهِ هَلْ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(41) - (65) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌(42) - (66) - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بشارة عظيمة للمؤلف

- ‌(43) - (67) - بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ

- ‌(44) - (68) - بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الاستِنْشَاقِ وَالاسْتِنْثَارِ

- ‌(45) - (69) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌تتمة

- ‌(46) - (70) - بَابُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

- ‌(47) - (71) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا

- ‌(48) - (72) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَصْدِ فِي الْوَضُوءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّعَدِّي فِيهِ

- ‌(49) - (73) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌(50) - (74) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ

- ‌(51) - (75) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الرَأْسِ

- ‌(52) - (76) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ

- ‌(53) - (77) - بَابٌ: الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ

- ‌(54) - (78) - بَابُ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ

- ‌(55) - (79) - بَابُ غَسْلِ الْعَرَاقِيبِ

الفصل: ‌(48) - (72) - باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه

(48) - (72) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَصْدِ فِي الْوَضُوءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّعَدِّي فِيهِ

(153)

- 417 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُودَ، حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بْنُ مُصْعَب،

===

(48)

- (72) - (باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه)

أي: هذا باب معقود في بيان ما جاء وورد من الأحاديث في الأمر بالقصد والتوسط في استعمال الماء في الوضوء والغسل، وبيان كراهة التعدي والإسراف في استعماله؛ بأن زاد على ثلاث مرات، أو زاد في الصب.

* * *

واستأنس المؤلف رحمه الله تعالى لهذه الترجمة بحديث أُبي بن كعب رضي الله عنه، فقال:

(153)

- 417 - (1)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري الملقب ببندار.

(حدثنا أبو داوود) سليمان بن داوود بن الجارود الطيالسي البصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا خارجة بن مصعب) - بميم مضمومة وسكون مهملة أولى وفتح الثانية - ابن خارجة الضبعي أبو الحجاج السرخسي -بفتحتين وسكون المعجمة ومهملة- نسبة إلى سرخس؛ مدينة بخراسان. روى عن: يونس بن عبيد، ويونس بن يزيد، وعاصم الأحول، وخالد الحذاء، وجماعة، ويروي عنه:(ت ق)، وأبو داوود الطيالسي، وزيد بن الحباب، وشبابة بن سوار، وخلق.

وقال عباس عن ابن نمير: كذاب، وقال النسائي: متروك الأحاديث، وقال مرة: ليس بثقة، وقال مرة: ضعيف، وقال ابن سعد: اتقى الناس حديثه فتركوه،

ص: 476

عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عُتَيِّ بْنِ ضَمْرَةَ السَّعْدِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْب قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِلْوُضُوءِ شَيْطَانًا

===

وقال في "التقريب": متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: إن ابن معين كذّبه، من الثامنة، مات سنة ثمان وستين ومئتين (268 هـ).

(عن يونس بن عبيد) بن دينار العبدي مولاهم أبي عبيد البصري، رأى أنسًا. روى عن: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعبد الرحمن بن أبي بكرة، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، وخارجة بن مصعب، وشعبة، والثوري، ووهيب، والحمادان، وخلق.

قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، قال: ما كتبت شيئًا قط، ووثقه أحمد وابن معين والنسائي، وبالجملة: اتفقوا على توثيقه وبالثناء عليه، وقال في "التقريب": ثقة ثبت، فاضل ورع، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ).

(عن الحسن) بن أبي الحسن - يسار - البصري الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، رأس أهل الطبقة الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ) وقد قارب التسعين. يروي عنه:(ع).

(عن عُتي) بضم أوله مصغرًا (ابن ضمرة) التميمي (السعدي) البصري، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ت س ق).

(عن أُبي بن كعب) رضي الله عنه.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن فيه خارجة بن مصعب، وهو ضعيف يُدلس عن الكذابين، كذبه ابن معين، واتفقوا على تضعيفه.

(قال) أُبي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للـ) ـمتوضئ في (وضوء) هـ (شيطانًا) يوسوسه ويدخل عليه الشك في عدد ما أتى به من المرات

ص: 477

يُقَالُ لَهُ: وَلَهَانُ، فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ".

===

حتى يوقعه في النقص أو في الزيادة، (يقال له) أي: لذلك الشيطان؛ أي: يقال له (ولهان) -بفتحات- أي: مشوش محيّر للإنسان في عمله العبادة، (فاتقوا) أيها الناس واجتنبوا اتباع (وسواسـ) ـه وتشويشه في استعمالكم (الماء) في الوضوء والغسل بأن ألقى الشك في قلوبكم في تكميل العدد أو في وصول الماء إلى جميع محل الفرض.

وفي "تحفة الأحوذي": قوله: "إن للوضوء" أي: إن للوسوسة في غسل أعضائه "شيطانًا يقال له: ولهان" أي: يسمى بولهان؛ يحتمل أن ولهان اسمه، أو مصدر وَلِهَ يَوْلَهُ ولهانًا -بفتحات- وهو ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد وغاية العشق، سُمي به شيطان الوضوء إما لشدة حرصه على طلب الوسوسة في الوضوء، وإما لإلقائه الناس بالوسوسة في مهواة الحيرة حتى يُرى صاحبه حيران ذاهب العقل، لا يدري كيف يلعب به الشيطان، ولم يعلم هل وصل الماء إلى العضو أم لا، وكم مرة غسله؟ فهو؛ أي: لفظ ولهان مصدر بمعنى اسم الفاعل، أو باق على مصدريته للمبالغة؛ كرجل عدل. قاله القاري.

قوله: "فاتقوا وسواس الماء" قال الطيبي: أي: وسواسه هل وصل الماء إلى أعضاء الوضوء أم لا؟ وهل غسل مرتين أو مرة؟ وهل هو طاهر أو نجس أو بلغ قلتين أو لا؟ وقال ابن الملك وتبعه ابن حجر: أي: فاتقوا وسواس الولهان، وضع الماء موضع ضميره مبالغة في كمال الوسواس في شأن الماء، أو لشدة ملازمته له، كذا في "المرقاة".

والحديث يدل على كراهة الإسراف في الماء للوضوء، وقد أجمع العلماء على النهي عن إسراف الماء، ولو على شاطئ النهر أو البحر. انتهى "تحفة الأحوذي".

ص: 478

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال السندي: قوله: "إن للوضوء" أي: إن لأجل إلقاء الوسوسة في الوضوء وفيما يتعلق به، والمشهور: ضم الواو في (الوضوء) على إرادة هذا الفعل، ويحتمل الفتح على إرادة الماء، وهو أنسب بآخر الحديث على بعض الاحتمالات.

وقوله: "ولهان" -بفتحتين- مصدر (وَلِهَ) - بالكسر - إذا تحير الشيطان؛ لإلقاء الإنسان في التحير، سُمي بهذا الاسم مبالغة.

قوله: "وسواس الماء" أي: فاتقوا وسواسًا يفضي إلى كثرة إراقة الماء حالة الوضوء والاستنجاء، أو المراد بالوسواس: التردد في طهارة الماء ونجاسته بلا ظهور علامات النجاسة، ويحتمل أن المراد بالماء: البول؛ أي: وساوس البول المفضية إلى الماء.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في الطهارة (43)، باب ما جاء في كراهية الإسراف في الوضوء بالماء، رقم (57) قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن مغفل، قال أبو عيسى: حديث أُبي بن كعب حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، ولا بالصحيح عند أهل الحديث؛ لأنا لا نعلم أحدًا أسنده غير خارجة، وقد روي هذا الحديث عن الحسن من غير وجه قوله، ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا، وضعفه ابن المبارك.

فهذا الحديث درجته: أنه ضعيف سندًا ومتنًا (24)(68)، وغرضه: الاستئناس به.

* * *

واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 479

(154)

- 418 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ،

===

(154)

- 418 - (2)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.

(حدثنا خالي يعلى) بن عبيد بن أبي أمية الإيادي مولاهم أبو يوسف الطنافسي الكوفي. روى عن: الثوري، وإسماعيل بن أبي خالد، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويروي عنه:(ع)، وابن أخته علي بن محمد الطنافسي، وأخوه محمد بن عبيد، وإسحاق بن راهويه، وابنا أبي شيبة.

قال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وقال عثمان الدارمي: ضعيف في سفيان ثقة في غيره؛ ففي حديثه عن سفيان لين، وقال في "التقريب": ثقة، من كبار التاسعة، مات سنة بضع ومئتين، وله تسعون سنة.

(عن سفيان) بن سعيد الثوري.

(عن موسى بن أبي عائشة) المخزومي الهمداني - بسكون الميم - أبي الحسن الكوفي، مولى آل جعدة بن هبيرة. روى عن: عمرو بن شعيب، وعبد الله بن شداد بن الهاد، وعمرو بن الحارث، ويروي عنه:(ع)، وسفيان الثوري، وكان الثوري أكثر الثناء عليه، وشعبة، وإسرائيل، وآخرون.

وثقه ابن عيينة وابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة عابد، من الخامسة، وكان يرسل.

(عن عمرو بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي أبي إبراهيم المد ني، ويقال: الطائفي. روى عن: أبيه شعيب، وأغلب روايته عنه، وعمته زينب بنت محمد، وزينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وجماعة، ويروي عنه:(عم)، وموسى بن أبي عائشة، وعطاء، وعمرو بن دينار، وهما أكبر منه، والزهري، وآخرون.

ص: 480

عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ

===

قال يحيى القطان: إذا روى عنه الثقات .. فهو ثقة يُحتج به، وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: إذا حدّث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .. فهو كتاب، ومن هنا جاء ضعفه، وإن روى عن سعيد بن المسيب، أو سليمان بن يسار، أو عروة .. فهو ثقة عن هؤلاء، وقال العجلي والنسائي: ثقة، وقال في "التقريب": صدوق، من الخامسة، مات سنة ثمان عشرة ومئة (118 هـ).

(عن أبيه) أي: روى عمرو عن أبيه شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص الحجازي السهمي، وقد يُنسب شعيب إلى جده عبد الله بن عمرو. روى شعيب عن: جده عبد الله بن عمرو، وابن عباس، وابن عمر، ومعاوية، وأبيه محمد بن عبد الله إن كان محفوظًا، ويروي عنه:(عم)، وابناه عمرو وعمر، وثابت البناني، ونسبه ثابت إلى جده عبد الله، وغيرهم.

ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، ثبت سماعه من جده عبد الله بن عمرو، من الثالثة.

(عن جده) أي: روى شعيب عن جده عبد الله بن عمرو، والضمير في جده يعود إلى شعيب، وذكر البخاري وأبو داوود وغيرهما أنه سمع من جده عبد الله بن عمرو، ولم يذكر أحد أنه يروي عن أبيه محمد، ولم يذكر أحد منهم لمحمد هذا ترجمة؛ أي: روى شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد - مصغرًا - ابن سعد بن سهم السهمي رضي الله عنه، أحد السابقين المكثرين من الصحابة، وأحد العبادلة الفقهاء، مات في ذي الحجة ليالي الحرة على الأصح بالطائف على الراجح، ورجح أحمد شاكر رحمه الله أنه مات بمصر سنة خمس وستين (65 هـ)، والله أعلم. يروي عنه:(ع).

ص: 481

قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ:"هَذَا الْوُضُوءُ؛ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا .. فَقَدْ أَسَاءَ أَوْ تَعَدَّى أَوْ ظَلَمَ".

===

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة.

(قال) جد شعيب عبد الله بن عمرو: (جاء أعرابي) لم أر من ذكر اسمه (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله) أي: سأل الأعرابي النبي صلى الله عليه وسلم (عن) كيفية (الوضوء) وصفته، (فأراه) أي: فأرى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الأعرابي بوضوئه (ثلاثًا ثلاثًا) من المرات في كل عضو من أعضاء الوضوء غسلًا ومسحًا، وهذا تعليم له بالفعل، وورد في بعض الروايات أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا.

(ثم قال) النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي: (هذا) التثليث الذي أنا فعلته في كل عضو .. هو (الوضوء) أي: أكمل الوضوء وأفضله وأسبغه، (فمن زاد) في وضوئه (على هذا) أي: على الثلاث، وهذا موضع الترجمة؛ لأن في الزيادة إسرافًا في الماء، وفي رواية أبي داوود زيادة:"أو نقص" عن هذا؛ أي: عن الثلاث، وهذا وهم؛ لأن الوضوء مرة أو مرتين جائز ليس فيه إساءة أدب .. (فقد أساء) أي: عمل عملًا سيئًا، أو أساء أدب الشريعة بترك متابعته صلى الله عليه وسلم وبمخالفته، (أو) قال: فقد (تعدى) على نفسه؛ لأنه أتعب نفسه فيما زاد على الثلاث من غير حصول ثواب له، (أو) قال النبي صلى الله عليه وسلم: فقد (ظلم) أي: فعل الظلم؛ لأنه أتلف الماء بلا فائدة، فـ (أو) في الموضعين للشك.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود؛ أخرجه في الطهارة (51)، باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، رقم (135)، والنسائي في الطهارة (105)،

ص: 482

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

باب الاعتداء في الوضوء، رقم (140)، وأحمد بن حنبل (2/ 180)، والبيهقي (1/ 79)، وابن خزيمة في "صحيحه".

قال السندي: قوله: (فأراه ثلاثًا ثلاثًا) أي: غير المسح؛ فقد جاء في الحديث إلا المسح كان مرة في رواية سعيد بن منصور، ذكره الحافظ ابن حجر في "شرح البخاري"، قال: فقوله: (فمن زاد على هذا

) إلى آخره .. من أقوى الأدلة على عدم العود إلى المسح، وأن الزيادة غير مستحبة فيه، ويُحمل المسح ثلاثًا - إن ثبت - على الاستيعاب، لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس؛ جمعًا بين الأدلة، وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث:"أو نقص" والمحققون على أنه وهم؛ لجواز الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين.

وقوله: "أساء" أي: في مراعاة أدب الشرع، "أو تعدى" في حدوده، "أو ظلم" نفسه بما فوّتها من ثواب المتابعة، وظاهر رواية المؤلف أن (أو) للشك من الراوي، ولفظ النسائي:"أساء وتعدى وظلم" بالواو بدل (أو). انتهى.

وهذا الحديث درجته: أنه صحيح؛ لأن رجاله كلهم ثقات، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

قال البخاري: رأيت أحمد وعلي بن المديني وإسحاق بن راهويه وأبا عبيدة وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين، قال البخاري: فمن بعدهم. انتهى.

ووثقه النسائي، وقال الحافظ أبو بكر بن زياد: صح سماع عمرو من أبيه، وصح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو. انتهى.

وحاصل الكلام فيه: أن الأكثر على توثيق عمرو بن شعيب، وعلى الاحتجاج

ص: 483

(155)

- 419 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّافِعِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ كُرَيْبًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:

===

بروايته عن أبيه عن جده. انتهى من "غاية المقصود على أبي داوود" باختصار.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عبد الله بن عمرو بحديث ابن عباس رضي الله عنهم، فقال:

(155)

- 419 - (3)(حدثنا أبو إسحاق الشافعي إبراهيم بن محمد بن العباس) بن عثمان بن شافع بن السائب المطلبي المكي ابن عم الإمام الشافعي محمد بن إدريس. روى عن: ابن عيينة، وابن أبي حازم، وحماد بن زيد، وجماعة، ويروي عنه:(س ق)، ومسلم خارج "الصحيح"، وبقي بن مخلد، وغيرهم.

قال أبو حاتم: صدوق، ووثقه النسائي والدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع، أو ثمان وثلاثين ومئتين.

(حدثنا سفيان) بن عيينة.

(عن عمرو) بن دينار الجمحي المكي.

(سمع) عمرو (كريبًا) بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم مولى ابن عباس أبا رشدين المدني.

وثقه النسائي، وقال في "التقريب": ثقة، من الثالثة، مات سنة ثمان وتسعين (98 هـ). يروي عنه:(ع).

(يقول: سمعت ابن عباس) رضي الله عنهما (يقول):

ص: 484

بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنَّةٍ وُضُوءًا يُقَلِّلُهُ، فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ.

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(بت عند خالتي ميمونة) بنت الحارث الهلالية زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنها؛ أي: كنت جميع الليل في بيت أخت أمي ميمونة أم المؤمنين بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: نازلًا عندها ليلة، (فقام النبي صلى الله عليه وسلم أي: استيقظ من نومه جوف الليل، (فتوضأ من) ماء (شنة) أي: قربة بالية (وضوءًا) خفيفًا (يقلله) أي: يتوضأه بماء قليل، وهذا موضع الترجمة، (فقمت) أنا؛ أي: استيقظت من نومي، (فصنعت) أي: ففعلت (كما صنع) رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: مثل ما صنعه من الوضوء الخفيف والقيام جنبه للصلاة معه.

قال السندي: قوله: (من شنة) -بفتح المعجمة وتشديد النون المفتوحة-: هي السقاء العتيق؛ أي: القديم، وقوله:(يقلله) من التقليل، أي: لا يُكثر في استعماله الماء فيه، وهو لا ينافي الإسباغ؛ فإنه يحصل بالدلك والتثليث بلا إكثار في الماء. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري أخرجه في مواضع كثيرة، منها في كتاب الوضوء (52)، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم أخرجه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها (26)، باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالليل، رقم (186)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي ومعه رجل، رقم (232)، والنسائي في كتاب الغسل، باب الأمر بالوضوء من النوم، رقم (441) انتهى "تحفة الأشراف" رقم (6356).

ص: 485

(156)

- 420 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ

===

وهذا الحديث: في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عبد الله بن عمرو.

* * *

ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا للترجمة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(156)

- 420 - (4)(حدثنا محمد بن المصفّى) -بضم الميم وفتح الصاد المهملة وتشديد الفاء وبالف مقصورة بعدها، على صيغة اسم المفعول- ابن بهلول القرشي أبو عبد الله (الحمصي) الحافظ. روى عن: بقية بن الوليد، وأبي ضمرة، وابن أبي فديك، والوليد بن مسلم، وغيرهم، ويروي عنه:(د س ق)، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الدمشقي، وآخرون.

قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: صالح، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة مشهور، حدّث عنه ابن وضاح، وقال في "التقريب": صدوق له أوهام وكان يدلس، من العاشرة، مات سنة ست وأربعين ومئتين (246 هـ).

(حدثنا بقية) بن الوليد بن صائد بن كعب بن حريز الكلاعي -بفتح الكاف- أبو يُحمد -بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم- الحمصي. روى عن: محمد بن الفضل، والأوزاعي، وابن جريجٍ، ومالك، وغيرهم، ويروي عنه:(م عم)، ومحمد بن المصفى، وابن المبارك، وشعبة، والحمادان، وابن عيينة، وخلق.

قال ابن سعد: بقية ثقة فيما رواه عن الثقات، ضعيف فيما روى عن غير المعروفين، وقال في "التقريب": صدوق كثير التدليس عن الضعفاء، من

ص: 486

عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَا يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: "لَا تُسْرِفْ لَا تُسْرِفْ".

===

الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ)، وله سبع وثمانون سنة.

(عن محمد بن الفضل) بن عطية بن عمر العبسي مولاهم الكوفي، نزيل بخاري، كذّبوه، من الثامنة، مات سنة ثمانين ومئة (180 هـ). روى عنه:(ت ق).

(عن أبيه) فضل بن عطية بن عمر بن خالد المروزي مولى بني عبس والد محمد، صدوق ربما وهم، من السادسة. يروي عنه:(س ق).

(عن سالم) بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي أبي عمر المدني، أحد الفقهاء السبعة، كان ثبتًا عابدًا فاضلًا، كان يُشبه بأبيه في الهدي والسمت، من كبار الثالثة، مات في آخر سنة ست ومئة (106 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن محمد بن الفضل كذاب، وأبوه ضعيف، وبقية مدلس.

(قال) ابن عمر: (رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يتوضأ) لَمْ أر من ذكر اسمه، ويُكثر في حب الماء عليه، (فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم: أيها الرجل (لا تسرف)، قال السندي: أي: لا تزد على القدر المعروف في استعمال الماء، وهذا لا يستلزم التحديد في الماء، بل الزيادة، وتظهر بالنسبة إلى القدر المعروف. انتهى منه.

وقوله: (لا تسرف) في المرة الثانية توكيد لفظي للأول مبالغة في النهي عن

ص: 487

(157)

- 421 - (5) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ حُيَيِّ الْمَعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ،

===

الإسراف. وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه ضعيف، بل موضوع (25)(69)؛ لضعف سنده، كما مر آنفًا.

* * *

ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا للترجمة بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(157)

- 421 - (5)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد الذهلي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ) على الصحيح. يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا قتيبة) بن سعيد بن جميل بن طريف الثقفي البلخي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا) عبد الله (بن لهيعة) -بفتح اللام وكسر الهاء- ابن عقبة الحضرمي أبو عبد الرَّحمن المصري، القاضي، صدوق، من السابعة، خلط بعد احتراق كتبه، مات سنة أربع وسبعين ومئة (174 هـ). يروي عنه:(م د ت ق).

(عن حُييّ) -بضم أوله ويائين من تحت؛ الأولى مفتوحة والثانية مشددة- ابن عبد الله بن شريح (المعافري) المصري، صدوق يهم، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن أبي عبد الرَّحمن الحبلي) -بضم المهملة والموحدة- نسبة إلى بني الحبل؛ قبيلة باليمن، عبد الله بن يزيد المعافري، ثقة، من الثالثة، مات سنة مئة (100 هـ) بأفريقية. يروي عنه:(م عم).

ص: 488

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: "مَا هَذَا السَّرَفُ؟ ! "، فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ إِسْرَافٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهَرٍ جَارٍ".

===

(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن عبد الله بن لهيعة ضعيف، وشيخه حُيي بن عبد الله ضعيف، وقيل: حُيي وثقه جماعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال البخاري: فيه نظر، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال النسائي: ليس بالقوي، وحسّن له الترمذي بعض أحاديثه، وقال أحمد: أحاديثه مناكير، ولابن لهيعة عنه بضعة عشر حديثًا، عامتها مناكير.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد) بن معاذ (وهو يتوضأ، فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سعد (ما هذا السرف؟ ! ) أي: ما هذا الإسراف الذي فعلته في ماء وضوئك؟ ! والسرف: -بفتحتين-: مجاوزة الحد المعروف في استعمال الماء، والاستفهام فيه إنكاري، معناه: النهي؛ أي: لا تسرف في الماء، ولا تتجاوز في استعماله الحد المعروف فيه، (فقال) سعد:(أفي) أي: هل في استعمال الماء في (الوضوء إسراف؟ ! ) وهذا استفهام استخباري فيه معنى التعجب، (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب استفهامه:(نعم) في استعماله في الوضوء إسراف إذا كان فيما زاد على المعروف، (وإن كنت على نهر جار) وبحر زاخر، كما قال أحمد بن رسلان في "زبده" ألفية في الفقه الشافعي:

مكروهه في الماء حيث أسرفا

ولو من البحر الكبير اغترفا

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن رواه أحمد في "مسنده"(2/ 221)، وأبو داوود والنسائي في "سننهما" من هذا الوجه، خلا ما ذُكر

ص: 489

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

هنا، فلذلك أوردته، ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" من حديث هلال بن يسار، ورواه أبو يعلى في "مسنده": حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو رجاء، حدثنا ابن لهيعة

فذكره كما رواه ابن ماجة.

وهذا الحديث درجته: أنه ضعيف (26)(70)، لضعف سنده ولا شاهد له، وغرضه: الاستئناس به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: خمسة أحاديث:

الأول: حديث أُبي بن كعب، ذكره للاستئناس.

والثاني: حديث عبد الله بن عمرو، ذكره للاستدلال.

والثالث: حديث ابن عباس، ذكره للاستشهاد.

والرابع: حديث ابن عمر، ذكره للاستئناس.

والخامس: حديث عبد الله بن عمرو، ذكره للاستئناس.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 490