المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(28) - (52) - باب الاستنجاء بالماء - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطّهارة وسننها

- ‌(1) - (25) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مِقْدَارِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ

- ‌(2) - (26) - بَابٌ: لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌(3) - (27) - بَابٌ: مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ

- ‌(4) - (28) - بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌(5) - (29) - بَابٌ: الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ

- ‌(6) - (30) - بَابُ ثَوَابِ الطُّهُورِ

- ‌(7) - (31) - بَابُ السِّوَاكِ

- ‌(8) - (32) - بَابُ الْفِطْرَةِ

- ‌(9) - (33) - بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ

- ‌(10) - (34) - بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ

- ‌(11) - (35) - بَابُ ذِكْرِ اللهِ عز وجل عَلَى الْخَلَاءِ وَالْخَاتَمِ فِي الْخَلَاءِ

- ‌(12) - (36) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الْبَوْلِ فِي الْمُغْتَسَلِ

- ‌(13) - (37) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا

- ‌(14) - (38) - بَابٌ: فِي الْبَوْلِ قَاعِدًا

- ‌(15) - (39) - بَابُ كَرَاهِيَّةِ مَسِّ الذَّكَرِ بِالْيَمِينِ وَالاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

- ‌تتمة

- ‌(16) - (40) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ وَالنَّهْيِ عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ

- ‌(17) - (41) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(18) - (42) - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ فِي الْكَنِيفِ وَإِبَاحَتِهِ دُونَ الصَّحَارَى

- ‌(19) - (43) - بَابُ الاسْتِبْرَاءِ بَعْدَ الْبَوْلِ

- ‌(20) - (44) - بَابُ مَنْ بَالَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً

- ‌(21) - (45) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَلَاءِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ

- ‌(22) - (46) - بَابُ التَّبَاعُدِ لِلْبَرَازِ فِي الْفَضَاءِ

- ‌(23) - (47) - بَابُ الارْتِيَادِ لِلْغَائِطِ وَالْبَوْلِ

- ‌(24) - (48) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الاجْتِمَاعِ عَلَى الْخَلَاءِ وَالْحَدِيثِ عِنْدَهُ

- ‌(25) - (49) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ

- ‌(26) - (55) - بَابُ التَّشْدِيدِ فِي الْبَوْلِ

- ‌(27) - (51) - بَابُ الرَّجُلِ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌تتمة

- ‌(28) - (52) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌(29) - (53) - بَابٌ: مَنْ دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الاسْتِنْجَاءِ

- ‌(30) - (54) - بَابُ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ

- ‌(31) - (55) - بَابُ غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ

- ‌(32) - (56) - بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الْهِرَّةِ وَالرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌(33) - (57) - بَابُ الرُّخْصَةِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ

- ‌(34) - (58) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌(35) - (59) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(36) - (60) - بَابُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يَتَوَضَّأَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ

- ‌(37) - (61) - بَابُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌(38) - (62) - بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ

- ‌(39) - (63) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَعِينُ عَلَى وُضُوئِهِ فَيُصَبُّ عَلَيْهِ

- ‌(40) - (64) - بَابُ الرَّجُلِ يَسْتَيْقِظُ مِنْ مَنَامِهِ هَلْ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا

- ‌(41) - (65) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌(42) - (66) - بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بشارة عظيمة للمؤلف

- ‌(43) - (67) - بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ مِنْ كَفٍّ وَاحِدٍ

- ‌(44) - (68) - بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الاستِنْشَاقِ وَالاسْتِنْثَارِ

- ‌(45) - (69) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌تتمة

- ‌(46) - (70) - بَابُ الْوُضُوءِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا

- ‌(47) - (71) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا

- ‌(48) - (72) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَصْدِ فِي الْوَضُوءِ وَكَرَاهِيَةِ التَّعَدِّي فِيهِ

- ‌(49) - (73) - بَابُ مَا جَاءَ فِي إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌(50) - (74) - بَابُ مَا جَاءَ فِي تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ

- ‌(51) - (75) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الرَأْسِ

- ‌(52) - (76) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ

- ‌(53) - (77) - بَابٌ: الْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ

- ‌(54) - (78) - بَابُ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ

- ‌(55) - (79) - بَابُ غَسْلِ الْعَرَاقِيبِ

الفصل: ‌(28) - (52) - باب الاستنجاء بالماء

(28) - (52) - بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

(86)

- 350 - (1) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ،

===

(28)

- (52) - (باب الاستنجاء بالماء)

والاستنجاء: انفعال من النجو بمعنى: القطع؛ وهو طلب قطع الأذى، وشرعًا: إزالة الخارج النجس الملوث من الفرج عن الفرج بماء أو حجر بشروطه؛ من كونه طاهرًا، قالعًا، غير محترم، كما هو مبسوط في الفروع، وشُرع مع الوضوء ليلة الإسراء، وقيل: في أول البعثة، وهو بالحجر رخصة.

وهو من خصائص هذه الأمة، وأما بالماء .. فليس من خصائصنا، وأول من استنجى بالماء إبراهيم الخليل عليه السلام، والحكمة في شرعيته: الاستعداد لوطء الحور العين؛ أي: طهارة العضو الذي خرج منه البول لوطء الحور العين في الجنة، كذا قالوا، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى "بيجوري"، ولكن ليس له مستند.

* * *

واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها، فقال:

(86)

- 350 - (1)(حدثنا هناد بن السري) -بفتح المهملة وكسر الراء المخففة بعدها ياء مشددة- ابن مصعب التميمي الدارمي أبو السري الكوفي.

روى عن: أبي الأحوص، وحفص بن غياث، وإسماعيل بن عياش، وخلق، ويروي عنه:(م عم)، وأبو حاتم، وأبو زرعة، ومطين، وآخرون.

وثقه النسائي، وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئتين (243 هـ).

ص: 292

حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ غَائِطٍ قَطُّ إِلَّا مَسَّ مَاءً.

===

(حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم -بتشديد اللام- الحنفي مولاهم الكوفي.

روى عن: منصور بن المعتمر، وأبي إسحاق السبيعي، والأعمش، وجماعة، ويروي عنه:(ع)، وهناد بن السري، وابن مهدي، ويحيى بن يحيى، وخلق.

قال ابن معين: ثقة متقن، وقال في "التقريب": ثقة متقن، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ).

(عن منصور) بن المعتمر بن عبد الله السلمي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132). يروي عنه:(ع).

(عن إبراهيم) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الأسود) بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي. روى عن: ابن مسعود، وعائشة، ويروي عنه:(ع)، وإبراهيم النخعي، وخلق، ثقة مخضرم، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين.

(عن عائشة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(قالت) عائشة: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من غائط) أي: من خلاء (قط) ظرف مستغرق لما مضى من الزمان ملازم للنفي؛ أي: ما رأيته في زمن من الأزمنة الماضية خرج من موضع قضاء الحاجة، وهذا محمول على الخارج من الدبر، فلا يشكل بظاهر ما سبق عن عائشة (أنه بال فتبعه عمر بماء

) الحديث .. (إلا مس ماء) أي: استنجى به أو توضأ، والثاني بعيد،

ص: 293

(87)

- 351 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ،

===

والأول قد جاء مصرحًا به؛ ففي الترمذي عن عائشة أنها قالت: (مُرن أزواجكن أن يتطيبوا بالماء؛ فإني أستحي منهم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله)، وقال الترمذي: حسن صحيح، وعليه العمل عند أهل العلم يختارون الاستنجاء بالماء مع جواز الاكتفاء بالأحجار. انتهى.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أبي الأحوص به.

ودرجة الحديث: أنه صحيح؛ لكون رجاله ثقات، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

واستشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، فقال:

(87)

- 351 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير مصغرًا السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا صدقة بن خالد) الأموي مولاهم مولى أم البنين أخت معاوية، وقيل: أخت عمر بن عبد العزيز أبو العباس الدمشقي. روى عن: عتبة بن أبي حكيم، والأوزاعي، وزيد بن واقد، وغيرهم، ويروي عنه:(خ د س ق)، وهشام بن عمار، والوليد بن مسلم، وسعيد بن منصور، وخلق.

ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري: عنده عجائب، وضعفه ابن وضاح، وقال الساجي: ليس بشيء، وقال في "التقريب": ثقة، من الثامنة، مات سنة إحدى وسبعين، وقيل: ثمانين ومئة، أو بعدها.

ص: 294

حَدَّثَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} قَالَ رَسُولُ اللهِ

===

(حدثنا عتبة بن أبي حكيم) الهمداني أبو العباس الأردني -بضم الهمزة والدال بينهما راء ساكنة وتشديد النون- روى عن: أبي سفيان طلحة بن نافع، والزهري، ومكحول، وقتادة، ويروي عنه:(عم)، وصدقة بن خالد، وابن المبارك، ويحيى بن حمزة، وآخرون.

وثقه ابن معين، وقال تارة: ضعيف الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ضمرة بن ربيعة: مات بصور مدينة بساحل الشام، سنة سبع وأربعين ومئة (147 هـ)، وقال في "التقريب": صدوق يخطئ كثيرًا، من السادسة، مات بصور بعد الأربعين ومئة.

(حدثني طلحة بن نافع أبو سفيان) القرشي مولاهم الواسطي، نزيل مكة، صدوق، من الرابعة. يروي عنه:(ع). (قال) أبو سفيان:

(حدثني أبو أيوب الأنصاري) خالد بن زيد الصحابي الشهير رضي الله عنه.

(وجابر بن عبد الله) بن عمرو الأنصاري الخزرجي رضي الله عنهما.

(وأنس بن مالك) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن عتبة بن أبي حكيم ضعيف، وطلحة لم يدرك أبا أيوب.

(أن هذه الآية نزلت) يعنون: قوله تعالى: ({فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ})(1)؛ أي: نزلت هذه الآية، فـ (قال رسول الله

(1) سورة التوبة: (108).

ص: 295

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ؛ إِنَّ اللهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ، فَمَا طُهُورُكُمْ؟ "، قَالُوا: نَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَنَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ، وَنَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ، قَالَ:"فَهُوَ ذَاكَ فَعَلَيْكُمُوهُ".

===

صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار؛ إن الله) عز وجل (قد أثنى عليكم في الطهور، فما طهوركم؟ )

قال السندي: وتخصيص الأنصار بالخطاب يدل على أن غالب المهاجرين كانوا يكتفون في الاستنجاء بالأحجار.

قوله: "في الطهور" بضم الطاء، وكذا قوله:"فما طهوركم" على الأفصح والأشهر. انتهى.

(قالوا) في جواب سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم: (نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، ونستنجي بالماء) وهذا موضع الترجمة، فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم:(فهو) أي: استنجاؤكم بالماء (ذاك) العمل الذي أثنى الله سبحانه به عليكم (فعليكموه) أي: فالزموا الاستنجاء بالماء، وواظبوا عليه ما استطعتم.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه ابن الجارود في "المنتقى" من طريق عتبة بن أبي حكيم بإسناده ومتنه، ورواه الحاكم في "المستدرك"(2/ 334) في كتاب التفسير في (سورة التوبة) من طريق عتبة بن أبي حكيم كذلك، وصححه ووافقه الذهبي في "التلخيص"، ورواه أيضًا من طريق أبي سورة عن أبي أيوب فقط مقتصرًا من هذا الحديث على الاستنجاء بالماء، وأبو سورة يروي عن أبي أيوب مناكير، وقال الدارقطني: مجهول، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ورواه أبو داوود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة، وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه، وأخرجه الدارقطني (1/ 62) في كتاب

ص: 296

(88)

-352 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ جَابِرٍ،

===

الطهارة، باب في الاستنجاء، رقم (2)، والبيهقي (1/ 105) باب الجمع في الاستنجاء.

فتحصل لنا مما ذكر أن الحديث: صحيح المتن؛ لأن له شواهد، ضعيف السند، والله سبحانه وتعالى أعلم.

* * *

ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها، فقال:

(88)

- 352 - (3)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه: (ق).

(حدثنا وكيع) بن الجراح، ثقة، من التاسعة، مات في آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن شريك) بن عبد الله بن أبي شريك النخعي أبي عبد الله الكوفي القاضي. روى عن: جابر الجعفي، وأبي إسحاق، وإسماعيل بن أبي خالد، ويروي عنه:(م عم)، ووكيع، وابن مهدي، ويحيى بن آدم، وآخرون.

قال ابن معين: ولم يكن شريك عند يحيى -يعني: القطان- بشيء، وهو ثقة ثقة، وقال العجلي: كوفي ثقة، وقال في "التقريب": صدوق يخطئ، وكان عادلًا فاضلًا عابدًا، شديدًا على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة سبع، أو ثمان وسبعين ومئة.

(عن جابر) بن يزيد بن الحارث بن عبد يغوث الجعفي أبي عبد الله

ص: 297

عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ

===

الكوفي. روى عن: زيد العمي، وأبي الطفيل، وأبي الضحى، وعكرمة، وطاووس، وجماعة، ويروي عنه:(د ت ق)، وشريك بن عبد الله، وشعبة، والثوري، ومسعر، ومعمر، وخلق.

قال في "التقريب": ضعيف رافضي، من الخامسة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ)، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومئة.

(عن زيد) بن الحواري، يقال: اسم أبيه مرة أبي الحواري (العمي) البصري قاضي هراة وهو مولى زياد ابن أبيه. روى عن: أبي الصدّيق الناجي، وأنس، وسعيد بن المسيّب، وسعيد بن جبير، وغيرهم، ويروي عنه:(عم)، وجابر الجعفي، والثوري، والأعمش، وآخرون.

قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال في "التقريب": ضعيف، من الخامسة.

(عن أبي الصدّيق) بكسر الصاد والدال المشدد المكسورة (الناجي) -بالنون وكسر الجيم والياء المشددة- بكر بن عمرو، وقيل: ابن قيس البصري.

روى عن: عائشة، وابن عمر، وأبي سعيد، ويروي عنه:(ع)، وقتادة، وعاصم الأحول، ومطرف بن الشخير، وغيرهم.

وثقه ابن معين وأبو زرعة الدمشقي والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، بصري، من الثالثة، مات سنة ثمان ومئة (108 هـ).

(عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه زيد بن مرة العمي، وهو ضعيف، وجابرًا الجعفي، وإن وثقه شعبة والثوري .. فقد كذّبه أيوب

ص: 298

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْسِلُ مَقْعَدَتَهُ ثَلَاثًا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَعَلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ دَوَاءً وَطُهُورًا.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ

===

السختياني وزائدة بن قدامة، بل قال أبو حنيفة: ما رأيت أكذب من جابر الجعفي، وكذّبه غيرهم.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغسل مقعدته) أي: دبره (ثلاثًا) من المرات، قال السندي:(مقعدته) يطلق على أسفل البدن، وعلى موضع القعود لقضاء الحاجة، والمراد هنا: المعنى الأول (ثلاثًا) أي: ثلاث مرات، وفيه: أن النجاسة المرئية يكفي فيها التثليث، ولا يحتاج إلى إزالة العين والأثر، وكان الفقهاء تركوا هذا الحديث؛ لزيد وجابر، فكلاهما ضعيفان. انتهى منه.

(قال ابن عمر) بالسند السابق وهو من كلام المؤلف: (فعلناه) أي: فعلنا غسل المقعدة ثلاثًا (فوجدناه) أي: وجدنا غسلها ثلاثًا (دواءً) من كل الأمراض؛ كالباسور، وورم المسربة (وطهورًا) من كل نجاسة خرجت من الدبر.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف؛ لضعف سنده جدًّا، ولا شاهد له، فنقول: هذا الحديث ضعيف متنًا وسندًا (14)(58).

(قال أبو الحسن) علي بن إبراهيم (بن سلمة) بن بحر القطان القزويني تلميذ المؤلف:

(حدثنا أبو حاتم) محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة سبع وسبعين ومئتين (277 هـ). يروي عنه:(خ د س).

(وإبراهيم بن سليمان) بن رزين أبو إسماعيل المؤدِّب (الواسطي) مشهور بكنيته، صدوق يغرب، من التاسعة. يروي عنه:(ق).

ص: 299

قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ نَحْوَهُ.

(89)

- 353 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ الْحَارِثِ،

===

(قالا: حدثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين، ودكين لقب، واسمه: عمرو بن حماد بن زهير بن درهم التيمي مولاهم مولى آل طلحة الملائي الكوفي الأحول.

قال العجلي: كوفي ثقة ثبت في الحديث، مشهور بكنيته، قال في "التقريب": ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة ثمان عشرة ومئتين (218 هـ)، وقيل: تسع عشرة ومئتين. يروي عنه: (ع).

(حدثنا شريك) بن عبد الله، غرضه بسوق هذا السند: بيان متابعة أبي نعيم لوكيع، وساق أبو نعيم (نحوه) أي: نحو حديث وكيع.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث عائشة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(89)

- 353 - (4)(حدثنا أبو كريب) محمد بن العلاء الهمداني الكوفي.

(حدثنا معاوية بن هشام) القصّار أبو الحسن الكوفي مولى ابن أسيد، ويقال له: معاوية بن أبي العباس، صدوق له أوهام، من صغار التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). روى عنه:(م عم).

(عن يونس بن الحارث) الثقفي الطائفي نزيل الكوفة. روى عن: إبراهيم بن أبي ميمونة، وعمرو بن الشريد، ويروي عنه:(د ت ق)، ومعاوية بن هشام، والثوري، ووكيع، وخلق.

قال أحمد: أحاديثه مضطربة، وتارة ضعّفه، وقال الدوري عن ابن معين: لا

ص: 300

عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَزَلَتْ فِي أَهْلِ قُبَاءٍ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} قَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ".

===

شيء، وقال ابن أبي مريم عن ابن معين: ليس به بأس يكتب حديثه، وقال في "التقريب": ضعيف، من السادسة.

(عن إبراهيم بن أبي ميمونة) حجازي، مجهول الحال، من الثامنة. روى عن: أبي صالح السمان، ويروي عنه:(د ت ق)، ويونس بن الحارث الطائفي.

قلت: ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال.

(عن أبي صالح) ذكوان السمان.

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن يونس بن الحارث ضعيف، وإبراهيم بن أبي ميمونة مجهول.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزلت في أهل قباء) -بضم القاف والمد- اسم موضع في المدينة المنورة يُذّكر ويؤنث، ويصرف ويمنع .. آية ({فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} (1) قال) النبي صلى الله عليه وسلم أو أبو هريرة:(كانوا) أي: كان أهل قباء وسكانها (يستنجون بالماء) لا بالأحجار، (فنزلت فيهم هذه الآية) الكريمة.

(1) سورة التوبة: (108).

ص: 301

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال في "الزوائد": حديث أبي هريرة هذا أخرجه أبو داوود في كتاب الطهارة (23)، باب الاستنجاء بالماء، رقم (44)، والترمذي في كتاب تفسير القرآن (10)، باب ومن سورة التوبة، رقم (3100)، قال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، قال: وفي الباب عن أبي أيوب، وأنس بن مالك، ومحمد بن عبد الله بن سلام. انتهى "تحفة الأشراف"، رقم (9/ 1230) و"أطراف الأفراد والغرائب"، رقم (5636).

فالحديث له شواهد، ودرجته: أنه صحيح، وسنده ضعيف.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول: حديث عائشة، ذكره للاستدلال.

والثاني: حديث أبي أيوب وجابر وأنس، ذكره للاستشهاد.

والثالث: حديث عائشة الثاني، ذكره للاستئناس.

والرابع: حديث أبي هريرة، ذكره للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 302