الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(34) - (58) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ
(105)
- 369 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُودَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي حَاجِبٍ،
===
(34)
- (58) - (باب النهي عن ذلك)
أي: عن التوضؤ بفضل طهور المرأة، لما ذكر المصنف رحمه الله تعالى جواز التوضؤ بفضل طهور المرأة، وساق أحاديثه .. عقّبه بما يدل على النهي عنه، فعقد باب النهي، ثم ساق الأحاديث التي تدل على النهي عن التطهر بفضل طهور المرأة، وغرضه: أن النهي في هذا الباب يشمل كلتا صورتي الفضل اختلاف الأيدي في الإناء، واستعمال أحدهما بعد فراغ الآخر، ولم يبق الجواز إلا لمجرد الاغتراف معًا. انتهى "ابن رسلان".
واستدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث الحكم بن عمرو رضي الله عنه، فقال:
(105)
- 369 - (1)(حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو داوود) الطيالسي.
(حدثنا شعبة عن عاصم) بن سليمان (الأحول) التميمي أبي عبد الرحمن البصري الحافظ.
قال أحمد: ثقة، من الحفاظ، قال ابن سعد: مات سنة إحدى وأربعين ومئة (141 هـ) وقال في "التقريب": من الرابعة، لم يتكلم فيه أحد إلا القطان، وكأنه بسبب دخوله في الولاية. يروي عنه:(ع).
(عن أبي حاجب) سوادة -بفتح المهملة والواو المخففة آخره هاء- ابن عاصم العنزي -بالنون والزاي- البصري.
عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍ وأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ.
===
قال ابن أبي خيثمة: سألت ابن معين عن أبي حاجب، فقال: اسمه سوادة، وهو بصري ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال النسائي: ثقة، وقال: ربما أخطأ، وقال في "التقريب": صدوق، يقال: إن مسلمًا أخرج له، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).
(عن الحكم بن عمرو) بن مجدّع -بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الدال المهملة المفتوحة وبالعين المهملة -الغفاري- بكسر الغين المعجمة والفاء المخففة -ويقال له: الحكم بن الأقرع، صحب النبي صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم تحول إلى البصرة فنزلها، مات بمرو سنة (50 هـ)، وقيل قبلها، الصحابي المشهور رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة) المراد بالفضل: المستعمل في الأعضاء، لا الباقي في الإناء، قال في "البذل": فأحاديث هذا الباب تدل على عدم جواز تطهر الرجل بفضل المرأة، وعدم جواز تطهر المرأة بفضل الرجل، فإما أن يُحمل النهي على كراهة التنزيه، أو يقال: إن النهي مختص بالأجانب إذا خيف الفتنة.
والأولى في الجمع بين أحاديث النهي وبين أحاديث الجواز .. أن يقال: إن أحاديث النهي محمولة على ما تساقط من الأعضاء، وأحاديث الجواز محمولة على ما بقي في الإناء من الماء، وبذلك جمع الخطابي، أو يُحمل النهي على التنزيه جمعا بين الأدلة. انتهى من "العون".
وهذا الحديث أخرجه أبو داوود في كتاب الطهارة، في باب (40) النهي عن
(106)
- 370 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ،
===
الوضوء بفضل المرأة، رقم (82)، والترمذي في كتاب الطهارة (47)، باب ما جاء في كراهية فضل طهور المرأة، رقم (64) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وأبو حاجب اسمه: سوادة بن عاصم، والنسائي في كتاب المياه، باب النهي عن فضل وضوء المرأة، رقم (342)، قال السندي في "شرح السنة": لم يصحح محمد بن إسماعيل حديث الحكم بن عمرو، إن ثبت .. فهو منسوخ، قال الحافظ في "فتح الباري" (1/ 260): أخرجه أصحاب "السنن"، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان، وأغرب النووي، فقال: اتفق الحفاظ على تضعيفه.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، والنهي فيه محمول على التنزيه، أو أن المراد بوضوء المرأة: المتقاطر من أعضائها؛ لأنه مستعمل، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث الحكم بن عمرو بحديث عبد الله بن سرجس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(106)
- 370 - (2)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله الذهلي.
(حدثنا المعلى بن أسد) العمي -بفتح المهملة وتشديد الميم- أبو الهيثم البصري أخو بهز بن أسد، قال في "التقريب": ثقة ثبت، من كبار العاشرة، مات سنة ثماني عشرة ومئتين (218 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).
(حدثنا عبد العزيز بن المختار) الأنصاري مولاهم مولى حفصة بنت سيرين الدبّاغ البصري، ثقة، من السابعة. يروي عنه:(ع).
حَدَّثَنَا عَاصمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِفَضلِ الرَّجُلِ، وَلكِنْ يَشْرَعَانِ جَمِيعًا، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ مَاجَهِ: الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَلُ، وَالثَّانِي وَهَمٌ.
===
(حدثنا عاصم) بن سليمان (الأحول) البصري.
(عن عبد الله بن سرجس) -بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم بعدها مهملة- المزني، وقيل: المخزومي، حليف لبني مخزوم، البصري الصحابي رضي الله عنه، له سبعة عشر حديثًا.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(قال) عبد الله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل وضوء المرأة)، وهو المنفصل من أعضائها بعد استعمالها فيها؛ وهو المستعمل لا الباقي في الإناء بعد اغترافها، والنهي حينئذ للتحريم؛ لعدم طهوريته.
(و) نهى أيضًا أن تغتسل (المرأة بفضل) وضوء (الرجل، ولكن يشرعان) في الاغتسال منه ويردان عليه (جميعًا) أي: مجتمعين، أو يغترفان منه معًا.
(قال أبو عبد الله بن ماجه) يريد نفسه على سبيل التجريد البياني، فهو من كلامه، أو من كلام الراوي عنه، وهو الظاهر: الحديث (الصحيح) من حيث السند (هو) الحديث (الأول) يعني: حديث الحكم بن عمرو المذكور قبل هذا؛ لأنه رواه أصحاب "السنن الأربعة"، كما مر آنفًا، (و) الحديث (الثاني) يعني: حديث عبد الله بن سرجس .. (وهم) أي: خطأ من حيث الرفع؛ لأنه حديث موقوف.
وقال البيهقي في "السنن الكبرى": بلغني عن أبي عيسى الترمذي عن
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سَلَمَةَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ
===
البخاري أنه قال: حديث عبد الله بن سرجس في هذا الباب .. القول الصحيح فيه: أنه هو موقوف، ومن رفعه .. فقد أخطأ.
قلت: وحديث عبد الله بن سرجس له شاهد من حديث أبي هريرة، رواه أبو بكر بن أبي شيبة موقوفًا، وإن انفرد به ابن ماجه.
فدرجته: أنه صحيح لغيره، وغرضه: الاستشهاد به لحديث الحكم بن عمرو.
قلت: وعبد الله بن سرجس هذا .. صحابي. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عُمر، وأبي هريرة، ويروي عنه: عاصم الأحول، وقتادة، فهو صحابي له سبعة عشر حديثًا، فحديثه مرفوع لا موقوف، وذكر البخاري في "تاريخه" وابن حبان في التابعين من كتاب "الثقات" عبد الله بن سرجس. يروي عن: أبي هريرة. روى عنه: عثمان بن حكيم.
قلت: مفهوم هذا أن البخاري وابن حبان لم يذكرا عبد الله بن سرجس في الصحابة، وليس كذلك؛ فقد ذكراه فيهم، لكنهما أفردا الذي روى عن أبي هريرة بترجمة، فكأنهما عندهما اثنان. انتهى من "التهذيب".
قلت: وظن من قال: إن رفع هذا الحديث وهم أن عبد الله بن سرجس هنا هو التابعي الذي روى عن أبي هريرة، فالحديث مرسل، وليس كذلك، بل المذكور هنا هو عبد الله بن سرجس الصحابي، فالحديث مرفوع بسنده، فهو صحيح، والله أعلم، كما يفهم من كلام "التهذيب"، والله أعلم.
(قال أبو الحسن) علي بن إبراهيم (بن سلمة) بن بحر القطان القزويني: (حدثنا أبو حاتم) محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، ثقة، من الحادية عشرة.
وَأَبُو عُثْمَانَ الْبُخَارِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ نَحْوَهُ.
(107)
- 371 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ،
===
(وأبو عثمان البخاري) ولعله عبد الرحمن بن محمد، كما في "التهذيب".
(قالا: حدثنا المعلى بن أسد). غرضه بهذا السند: بيان متابعة أبي حاتم وأبي عثمان لمحمد بن يحيى الذهلي في الرواية عن المعلى، وساقا (نحوه) أي: نحو حديث محمد بن يحيى.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث الحكم بن عمرو بحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقال:
(107)
- 371 - (3)(حدثنا محمد بن يحيى) الذهلي.
(حدثنا عبيد الله) بن موسى بن أبي المختار العبسي، أبو محمد الكوفي، ثقة كان يتشيع، من التاسعة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن) جده (أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن الحارث) بن عبد الله الأعور الهمداني الكوفي أبي زهير صاحب علي بن أبي طالب.
كذبه الشعبي في رأيه وعلي ابن المديني وغيرهما، ورُمي بالرفض، وفي
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُهُ يَغْتَسِلُونَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَغْتَسِلُ أَحَدُهُمَا بِفَضْلِ صَاحِبِهِ.
===
حديثه ضعف. يروي عنه: (عم)، وليس له عند النسائي سوى حديثين، مات في خلافة ابن الزبير، من الثانية.
(عن علي) بن أبي طالب رضي الله عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه الحارث الأعور.
(قال) علي: (كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهله) أي: أزواجه (يغتسلون من) ماء (إناء واحد) بالاغتراف منه، (ولا يغتسل أحدهما) أي: أحد من النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أزواجه (بفضل صاحبه) والمراد بالفضل: المستعمل في الأعضاء، لا الباقي في الإناء بعد الاغتراف منه.
قال السندي: (يغتسلون من إناء واحد) أي: معًا، (ولا يغتسل
…
) إلى آخره، هو محمول على ما هو المعلوم، وهو بيان ما هو الغالب، وإلا .. فقد ثبت في حديث ابن عباس السابق خلافه من قوله:(اغتسل النبي صلى الله عليه وسلم من فضل وضوئها)، والمثبت مقدم على النافي؛ لما عنده من زيادة العلم.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه ابن أبي شيبة عن عبد الله عن إسرائيل به، فذكره، والمتن في "البخاري" من حديث نافع عن ابن عمر، رقم (250)، وفي "الصحيحين" من حديث عائشة، انظر تخريج الحديث التالي لهذا الحديث في "ابن ماجه"، رقم (376).
فإذًا؛ هذا الحديث: صحيح المتن؛ لأن له شاهدًا، ضعيف السند، وغرضه: الاستشهاد به.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول: حديث الحكم بن عمرو، ذكره للاستدلال.
والثاني: حديث عبد الله بن سرجس، ذكره للاستشهاد.
والثالث: حديث علي، ذكره للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم