الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث الثَّانِي عشر
عَن بِلَال: (أَنه أَمر أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة) .
هَذَا الحَدِيث مُتَّفق عَلَى صِحَّته من حَدِيث أبي قلَابَة، عَن أنس رضي الله عنه قَالَ:(أَمر بِلَال أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة إِلَّا الْإِقَامَة)، وَقد غلط من ادَّعَى أَن هَذِه اللَّفْظَة وَهِي:(إِلَّا الْإِقَامَة) لَيست فِي مُسلم، فَهِيَ فِي بعض طرقه وَمَعْنَاهُ إِلَّا قَوْله: قد قَامَت الصَّلَاة فَإِنَّهَا مرَّتَيْنِ، وَاعْلَم أَن قَول الصَّحَابِيّ: أمرنَا، أَو أَمر بِكَذَا مَرْفُوع إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمُخْتَار عِنْد الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء، بل ادَّعَى الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» الِاتِّفَاق عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: هَذَا حَدِيث مُسْند إِذْ لَا خلاف بَين أهل النَّقْل أَن الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ: أَمر أَو نهي أَو من السّنة كَذَا (أَنه) يكون مُسْندًا.
قلت: فعلَى هَذَا (يكون) قَوْله: «أَمر بِلَال» مَعْنَاهُ: (أمره) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَقد ورد مُصَرحًا بذلك، فارتفع الْخلاف.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي سنَنه من حَدِيث أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس:(أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر بِلَالًا أَن يشفع الْأَذَان و (أَن) يُوتر الْإِقَامَة) .
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» من حَدِيث خَالِد الْحذاء، عَن أبي
قلَابَة، عَن أنس:(أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر بِلَالًا أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة) . ثمَّ قَالَ: هَذَا فِيهِ الْبَيَان بِأَن قَول أنس: (أَمر بِلَال) أَرَادَ بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دون غَيره.
قَالَ: وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِك مَا أنبأ ابْن خُزَيْمَة، نَا ابْن عبد الْأَعْلَى، نَا مُعْتَمر قَالَ: سَمِعت خَالِد الْحذاء، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس أَنه حدث «أَنهم التمسوا شَيْئا يُؤذنُونَ بِهِ علما للصَّلَاة، فَأمر بِلَال. أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة) ثمَّ قَالَ:(وَمن) ذَلِك الْخَبَر الْمُصَرّح بِأَنَّهُ عليه السلام هُوَ الَّذِي أَمر بِلَالًا بذلك لَا مُعَاوِيَة - كَمَا توهم من جهل صناعَة الحَدِيث فحرف الْخَبَر عَن جِهَته - حَدِيث عبد الله بن زيد حَيْثُ (قَالَ) : قُم فألق عَلَى بِلَال (مَا رَأَيْت) فليؤذن يَعْنِي: وَكَانَت فِي (الرُّؤْيَا) شفع الْأَذَان (ووتر) الْإِقَامَة كَمَا قدمْنَاهُ.
(وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة فِي «صَحِيحه» من حَدِيث أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس: (أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَمر بِلَالًا أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة) وَمن حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي قلَابَة (بِهِ) .
قلت: وَيرد عَلَيْهِ أَيْضا (أَن) الْمَنْقُول أَن بِلَالًا لم يُؤذن لأحد بعد
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا مرّة وَاحِدَة بِالشَّام لعمر وَلم يتم أَذَانه، وَقيل: إِنَّه أذن للصديق) .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث يَحْيَى بن معِين، عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، عَن أَيُّوب - كَمَا سلف - (و) قَالَ: هَذَا حَدِيث أسْندهُ إِمَام أهل الحَدِيث ومزكى الروَاة بِلَا مدافعة، وَقد تَابعه عَلَيْهِ الثِّقَة الْمَأْمُون قُتَيْبَة بن سعيد، ثمَّ سَاقه كَذَلِك، ثمَّ قَالَ: الشَّيْخَانِ لم يخرجَاهُ (بِهَذَا السِّيَاق) وَهُوَ صَحِيح عَلَى شَرطهمَا.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من طرق، عَن أَيُّوب، عَن أبي قلَابَة، عَن أنس كَمَا سلف، وَمن حَدِيث (خَالِد) عَن أبي قلَابَة، عَن أنس.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» أَيْضا من حَدِيث سُفْيَان، عَن وَكِيع، عَن عبد الْوَهَّاب، عَن أَيُّوب بِهِ، وَمن حَدِيث (وهب) ، عَن خَالِد وَأَيوب بِهِ.
وَلِهَذَا الحَدِيث طَرِيق آخر مُنكر؛ قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» : سُئِلَ أَبُو زرْعَة عَن حَدِيث رَوَاهُ عُثْمَان بن أبي صَالح الْمصْرِيّ، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن عقيل، عَن الزُّهْرِيّ، عَن أنس:(أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَمر بِلَالًا أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة) ؟ فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُنكر.