الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطُّمَأْنِينَة فِي (الرُّكُوع) وَعدم ذكر التَّسْبِيح فِيهِ وَفِي السُّجُود.
هَذَا الحَدِيث اتّفق الشَّيْخان عَلَى إِخْرَاجه، وَقد ذكرته بِطُولِهِ أَوَّلَ الْبَاب.
الحَدِيث الْخَامِس بعد الْأَرْبَعين
يرْوَى أنَّه صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُسَوِّي ظَهره فِي الرُّكُوع بِحَيْثُ لَو صب المَاء عَلَى ظَهره لاستمسك» .
هَذَا الحَدِيث ذكره الرَّافِعِيّ تبعا للْإِمَام؛ فَإِنَّهُ ذكره فِي «نهايته» فَقَالَ: «وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يمد ظَهره وعنقه فِي الرُّكُوع عَلَى اسْتِوَاء بِحَيْثُ لَو صب المَاء عَلَى ظَهره لاستمسك» . وَالْإِمَام تبع القَاضِي حُسَيْنًا؛ فَإِنَّهُ قَالَ: رَوَت عَائِشَة رضي الله عنها: «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا ركع يُسَوِّي ظَهره وعنقه بِحَيْثُ لَو وضع قدح مَا انْصَبَّ أَو (قَالَ) لم ينصب» . وَهَذَا الحَدِيث يحضرني لَهُ ثَمَان طرق، وَلم أر فِي شَيْء مِنْهَا رِوَايَته عَن عَائِشَة رضي الله عنها.
أَحدهَا: من حَدِيث وابصة بن معبد رضي الله عنه قَالَ: «رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَكَانَ إِذا ركع سوَّى ظَهره حَتَّى لَو صب المَاء عَلَيْهِ لاستقر» . رَوَاهُ ابْن مَاجَه عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ، نَا عبد الله بن عُثْمَان بن عَطاء، نَا طَلْحَة بن زيد، عَن رَاشد قَالَ: سَمِعت وابصة
…
فَذكره.
وَهَذَا إِسْنَاد ضَعِيف؛ عبد الله بن عُثْمَان بن عَطاء لَيْسَ بِذَاكَ الْقوي، سُئِلَ عَنهُ أَبُو حَاتِم فَقَالَ: صَالح. وَقَالَ: سَمِعت مُوسَى بن سهل الرَّمْلِيّ يَقُول: هُوَ أصلح من أبي طَاهِر مُوسَى بن مُحَمَّد الْمَقْدِسِي قَلِيلا، وَكَانَ أَبُو طَاهِر يكذب. وَقَالَ ابْن حبَان: يعْتَبر حَدِيثه إِذا رَوَى عَنهُ غير الضُّعَفَاء. وَطَلْحَة بن زيد - وَقيل: ابْن يزِيد - ضَعَّفُوهُ، قَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَنسبه أَحْمد وَابْن الْمَدِينِيّ إِلَى الْوَضع، وَرَاشِد هَذَا لم يحدث عَنهُ إِلَّا طَلْحَة هَذَا الواهي.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بالسند الْمَذْكُور لكنه قَالَ: عَن رَاشد [بن] أبي رَاشد «رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا ركع فِي صلَاته لَو صب عَلَى ظَهره مَاء لاستقر» .
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث ابْن أبي لَيْلَى قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا ركع لَو صب كوز مَاء عَلَى ظَهره لاستنقع عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي «مراسيله» ، عَن حَفْص بن عمر، عَن شُعْبَة، عَن أبي فَرْوَة، عَن ابْن أبي لَيْلَى بِهِ. وَحَفْص هَذَا كَأَنَّهُ الرفاء، قَالَ أَبُو حَاتِم: كَذَّاب. وَسَيَأْتِي وَصله من حَدِيث عَلّي رضي الله عنه.
الطَّرِيق الثَّالِث: من حَدِيث ابْن عَبَّاس رضي الله عنه «كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا ركع فَلَو صب (كوز) المَاء لاستقر» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر
معاجمه» وَفِي سَنَده: سَلام الطَّوِيل تَرَكُوهُ، وَزيد الْعمي وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ.
وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن أبي الْعَالِيَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«كَانَ يعلمنَا الرُّكُوع كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهُمْ (ثمَّ) يَسْتَوِي لنا رَاكِعا حَتَّى لَو قطرت بَين كَتفيهِ قَطْرَة من مَاء [مَا] تقدّمت وَلَا تَأَخَّرت» وَفِي سَنَده: (عليلة) بن بدر، تَركه الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره.
الطَّرِيق الرَّابِع: من حَدِيث عقبَة بن عَمْرو قَالَ: (كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا ركع عدل ظَهره فَلَو صب عَلَى ظَهره مَاء لركد» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أكبر معاجمه» أَيْضا، وَفِيه عبد الْملك بن عُمَيْر، وَهُوَ من فرسَان (الصَّحِيح) وَإِن تكلم فِيهِ أَحْمد وَنسبه إِلَى اضْطِرَاب الحَدِيث، وَابْن معِين إِلَى الِاخْتِلَاط.
الطَّرِيق الْخَامِس: من حَدِيث أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا ركع لَو صب عَلَى ظَهره مَاء لاستقر» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي
«أكبر معاجمه» أَيْضا، عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ، ثَنَا صَالح بن زِيَاد السُّوسِي، نَا يَحْيَى بن سعيد الْقطَّان، عَن حَمَّاد بن سَلمَة، عَن سعيد بن جمْهَان، عَن أبي بَرزَة بِهِ.
وَهَذَا إِسْنَاد جيد، شيخ الطَّبَرَانِيّ هُوَ مطين الْحَافِظ، وَشَيْخه قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: صَدُوق وَإِن ضعفه مسلمة بن قَاسم فِي «تَارِيخه» . وَيَحْيَى وَحَمَّاد لَا يسْأَل عَنْهُمَا (لجلالتهما) ، وَسَعِيد بن جمْهَان وَثَّقَهُ ابْن معِين وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ ابْن عدي: أَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهِ، وَحسن لَهُ التِّرْمِذِيّ حَدِيث: «الْخلَافَة ثَلَاثُونَ سنة) .
وَأما أَبُو حَاتِم فَقَالَ: لَا يحْتَج بِهِ.
الطَّرِيق السَّادِس: من حَدِيث أنس بن مَالك رضي الله عنه «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا ركع لَو جعل عَلَى ظَهره قدح من مَاء لاستقر من اعتداله» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أَصْغَر معاجمه» ، عَن إِسْحَاق الصَّدَفِي الْمصْرِيّ، ثَنَا عَمْرو بن الرّبيع بن طَارق، نَا يَحْيَى بن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد بن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أَبِيه، عَن أنس بِهِ، ثمَّ قَالَ: لم يروه عَن مُحَمَّد بن ثَابت إِلَّا يَحْيَى، تفرد بِهِ عَمْرو بن الرّبيع.
قلت: هُوَ ثِقَة من فرسَان الصَّحِيح، لَكِن مُحَمَّد بن ثَابت ضعفه جمَاعَة، وَقَالَ الْحَاكِم: لَا بَأْس بِهِ.