الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن عبد الْعَزِيز، نَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن شهَاب، عَن مَحْمُود بن الرّبيع، عَن عبَادَة بن الصَّامِت، أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أم الْقُرْآن عوض من غَيرهَا، وَلَيْسَ غَيرهَا مِنْهَا بعوض» ثمَّ قَالَ الْحَاكِم: قد اتّفق الشَّيْخَانِ عَلَى إِخْرَاج هَذَا الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ من أوجه مُخْتَلفَة بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ، ورواة هَذَا الحَدِيث أَكْثَرهم أَئِمَّة وَكلهمْ ثِقَات عَلَى شَرطهمَا. قَالَ: وَلِهَذَا الحَدِيث (شَوَاهِد) بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة لم يخرجَاهُ وأسانيدها مُسْتَقِيمَة. ثمَّ ذكرهَا (بأسانيده) .
الحَدِيث الرَّابِع بعد الْعشْرين
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْأَئِمَّة: الشَّافِعِي وَمَالك فِي «الْمُوَطَّأ» وَأحمد فِي «الْمسند» وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ
وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمْ» وَأَبُو حَاتِم (بن حبَان) فِي صَحِيحه من حَدِيث الزُّهْرِيّ، عَن ابْن أكيمَة - بِضَم الْألف وَفتح الْكَاف - عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن. وَقَالَ الحميديُّ - شيخ البُخَارِيّ -: هَذَا الحَدِيث فِيهِ رجل مَجْهُول لم يرو عَنهُ (غَيره) قطّ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» : تفرد بِهِ ابْن أكيمَة، وَهُوَ مَجْهُول، لم يحدث إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث وَحده (وَلم يحدث عَنهُ غير الزُّهْرِيّ) وَلم يكن عِنْد الزُّهْرِيّ من مَعْرفَته أَكثر من أَن رَآهُ يحدث سعيد بن الْمسيب. ثمَّ نقل كَلَام الْحميدِي السالف.
وَكَذَا قَالَ فِي (مَعْرفَته) : إِن هَذَا الحَدِيث تفرد بِهِ ابْن أكيمَة، وَهُوَ مَجْهُول.
قَالَ: وَاخْتلفُوا فِي اسْمه؛ فَقيل: عمَارَة، وَقيل: عمار، وَكَذَا نصَّ فِي «خلافياته» عَلَى أَنه مَجْهُول.
وَاعْترض الْحَافِظ ضِيَاء الدَّين عَلَيْهِ فِي ذَلِك فَقَالَ فِي «أَحْكَامه» : قَول الْبَيْهَقِيّ: إِن ابْن أكيمَة رجل مَجْهُول، وَلم يحدث إِلَّا بِهَذَا
الحَدِيث وَحده، وَأَنه لم يحدث عَنهُ غير الزُّهْرِيّ. لَيْسَ كَذَلِك؛ فقد قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: صَحِيح الحَدِيث وَحَدِيثه مَقْبُول.
قَالَ: وَحكي عَن أبي حَاتِم البستي أَنه قَالَ: رَوَى عَنهُ الزُّهْرِيّ، وَسَعِيد بن أبي هِلَال وَابْن (ابْنه) عَمْرو بن مُسلم بن عمار بن أكيمَة بن عَمْرو.
قلت: (و) هُوَ كَمَا قَالَ من عدم جهالته، وَعدم تفرد الزُّهْرِيّ عَنهُ.
قَالَ ابْن معِين: رَوَى عَنهُ مُحَمَّد بن عَمْرو وَغَيره. وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَقَالَ: هُوَ (خولاني) يروي عَن أبي هُرَيْرَة واسْمه: عَمْرو بن مُسلم بن عمار بن أكيمَة رَوَى عَنهُ الزُّهْرِيّ، وَأَخُوهُ عمر بن مُسلم بن (عمار) يروي عَن سعيد بن الْمسيب، (وَسَعِيد بن أبي هِلَال، وَمُحَمّد بن عَمْرو بن عَلْقَمَة رَوَى عَنهُ مَالك وَقَالَ: عَمْرو بن مُسلم إِنَّمَا هُوَ عمر بن مُسلم لَا عَمْرو. لِأَن مَالِكًا لم [يدْرك] عَمرًا) وَقَالَ فِي «صَحِيحه» بعد إِخْرَاجه هَذَا الحَدِيث: اسْم ابْن أكيمَة هَذَا. عَمْرو بن مُسلم (بن عمار بن أكيمَة، وهما أَخَوان عَمْرو بن مُسلم وَعمر بن مُسلم) فَأَما عَمْرو فَهُوَ تَابِعِيّ سمع أَبَا هُرَيْرَة: وَسمع عَنهُ
الزُّهْرِيّ، وَأما عمر فَهُوَ من أَتبَاع التَّابِعين سمع سعيد بن الْمسيب. وَرَوَى (عَنهُ) مَالك وَمُحَمّد بن عَمْرو (وهما ثقتان) .
وَفِي «التَّمْهِيد» كَانَ ابْن أكيمَة يحدث فِي مجْلِس سعيد بن الْمسيب وَهُوَ (يصغى) إِلَى حَدِيثه، وبحديثه [أَخذ] وَذَلِكَ دَلِيل عَلَى جلالته عِنْدهم وثقته.
قلت: فقد زالتْ (عَنهُ) الْجَهَالَة العينية والحالية بِرِوَايَة جمَاعَة عَنهُ وتوثيق أبي حَاتِم بن حبَان إِيَّاه، وَإِخْرَاج الحَدِيث فِي «صَحِيحه» من جِهَته، وَتَصْحِيح أبي حَاتِم (الرَّازِيّ) حَدِيثه وَأَنه مَقْبُول، وتحسين التِّرْمِذِيّ لَهُ، وسكوت أبي دَاوُد عَنهُ فَهُوَ حسن كَمَا قَالَه التِّرْمِذِيّ، بل (هُوَ) صَحِيح كَمَا قَالَه ابْن حبَان، وَتفرد ابْن أكيمَة بِهِ لَا يُخرجهُ عَن كَونه (صَحِيحا) لما علم من أَنه لَا يضر تفرد الثِّقَة بِالْحَدِيثِ، كَيفَ وَقد أخرجه إِمَام دَار الْهِجْرَة فِي (موطئِهِ) مَعَ مَا علم من تشديده وتحرِّيه فِي الرِّجَال، وَقد قَالَ الإِمَام أَحْمد:(مَالك إِذا رَوَى) عَن رجل لَا يعرف فَهُوَ حجَّة. وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: كَانَ مَالك (لَا يبلغ) من الحَدِيث إِلَّا صَحِيحا و (لَا يحدث) إِلَّا عَن (ثِقَات) .
وروينا عَن بشر بن عمر الزهْرَانِي قَالَ: سَأَلت مَالِكًا عَن رجل قَالَ: هَل رَأَيْته فِي كتبي؟ قلت: لَا، قَالَ: لَو كَانَ ثِقَة لرأيته فِي كتبي. فَهَذَا تَصْرِيح من هَذَا الإِمَام (بِأَن) كل من رَوَى عَنهُ فِي موطئِهِ يكون ثِقَة.
تَنْبِيهَات:
أَحدهَا: تبع الْمُنْذِرِيّ فِي «كَلَامه عَلَى أَحَادِيث المهذَّب» الْبَيْهَقِيّ فِي مقَالَته السَّالفة، وَقد علمت مَا فِيهَا، وَبَالغ النَّوَوِيّ فِي «خلاصته» فَقَالَ: اتَّفقُوا عَلَى ضعف هَذَا الحَدِيث؛ لِأَن ابْن أكيمَة مَجْهُول. قَالَ: وَأنكر الْأَئِمَّة عَلَى التِّرْمِذِيّ تحسينه. هَذَا كَلَامه؛ وَلَيْسَ بجيد مِنْهُ.
ثَانِيهَا: تحصلنا فِيمَا مَضَى فِي اسْم (ابْن) أكيمَة عَلَى أَقْوَال: أَحدهَا: عمَارَة. وَثَانِيها: عمار. وَثَالِثهَا: عمر. وَقد ذكر الأول التِّرْمِذِيّ فِي «جَامعه» مقدما الأول، وَفِيه أَقْوَال أخر: أَحدهَا: عَامر. ثَانِيهَا: يزِيد. ثَالِثهَا: عباد. حكاهن الْمُنْذِرِيّ فِي «حَوَاشِيه» وَقَالَ: وكنيته: أَبُو الْوَلِيد. رَابِعهَا: عمر، حَكَاهُ فِي «كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب» وَقد سلف أَيْضا.
ثَالِثهَا: قَوْله: «فَانْتَهَى النَّاس عَن الْقِرَاءَة
…
» إِلَى آخِره، لَيْسَ من كَلَام سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا هُوَ من كَلَام (الزُّهْرِيّ) مدرج فِي الحَدِيث؛ لذَلِك أطبق الْحفاظ عَلَيْهِ كَمَا بَينه الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب فِي كِتَابه «الْفَصْل للوصل المدرج فِي النَّقْل» قَالَ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» :