الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وخلفت - بتَشْديد اللَّام - أَي: جَاوَزت ذَلِك وَجَعَلته خلفهَا.
فَائِدَة ثَانِيَة: (هَذِه) الْمَرْأَة الَّتِي سَأَلت لَهَا أم سَلمَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ (هِيَ) فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش، كَذَا صرح بهَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب فِي هَذَا الحَدِيث.
قَالَه أَبُو دَاوُد وَالله أعلم.
الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين
أَنه صلى الله عليه وسلم َ قَالَ: «دعِي الصَّلَاة أَيَّام أَقْرَائِك» .
هَذَا الحَدِيث مَرْوِيّ بِهَذَا اللَّفْظ من طرق (أَرْبَعَة)
أَولهَا: من حَدِيث أم حَبِيبَة رضي الله عنها، رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ، عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة «أَن أم حَبِيبَة كَانَت تستحاض، فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَأمرهَا أَن تتْرك الصَّلَاة قدر أقرائها وحيضها» .
وَهَذَا من بَاب الْعَطف إِذا تغايرت الْأَلْفَاظ كَقَوْلِه: وَألقَى قَوْلهَا كذبا ومينًا.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ - أَيْضا بِسَنَد كل رِجَاله ثِقَات - عَن عمْرَة، عَن عَائِشَة «أَن أم حَبِيبَة استحيضت، فَذكرت شَأْنهَا لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لتنظر قدر قرئها الَّتِي كَانَت تحيض لَهَا
…
» الحَدِيث.
ثَانِيهَا: من حَدِيث فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش «أَنَّهَا شكت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ الدَّم فَقَالَ: إِذا أَتَاك قرؤك فَلَا تصلي، فَإِذا مرّ قرؤك فتطهري، ثمَّ
صلي مَا بَين الْقُرْء إِلَى الْقُرْء» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ بِسَنَد كل رِجَاله ثِقَات.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم: ثَبت أَنه عليه السلام قَالَ للمستحاضة: «إِذا أَتَاك قرؤك فَلَا تصلي» وَأَنه أمرهَا (أَن) تتْرك الصَّلَاة قدر أقرائها وحيضها، وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الحَدِيث الَّذِي قبله.
ثَالِثهَا: من حَدِيث أم سَلمَة، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي «مُسْنده» عَن يزِيد بن هَارُون، أَنا حجاج، عَن نَافِع، عَن سُلَيْمَان بن يسَار «أَن امْرَأَة أَتَت أم سَلمَة تسْأَل لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عَن الْمُسْتَحَاضَة؟ فَقَالَ: تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها» وَهَذِه الْمَرْأَة هِيَ فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش كَمَا سبق وَصرح بِهِ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» فَإِنَّهُ رَوَى من حَدِيث سُلَيْمَان بن يسَار عَنْهَا «أَنَّهَا استفتت النَّبِي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حُبَيْش فَقَالَ: تدع الصَّلَاة قدر أقرائها، ثمَّ تَغْتَسِل وَتصلي» ثمَّ قَالَ: - أَعنِي الدَّارَقُطْنِيّ - و (رَوَاهُ) وهيب، عَن أَيُّوب، عَن سُلَيْمَان، عَن أم سَلمَة بِهَذَا، وَقَالَ:«تنْتَظر أَيَّام حَيْضهَا وَتَدَع الصَّلَاة» .
ثمَّ رَوَى من حَدِيث سُلَيْمَان «أَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش استحيضت حتَّى كَانَ (المركن) ينْقل من تحتهَا وَأَعلاهُ الدَّم، قَالَ: فَأمرت أم سَلمَة تسْأَل لَهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ فَقَالَ: تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها،
ثمَّ تَغْتَسِل وتستثفر بِثَوْب وَتصلي» .
ثمَّ رَوَى من حَدِيث سُلَيْمَان بن [يسَار] أَيْضا «أَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش استحيضت فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ (أَو سُئِلَ لَهَا النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم فَأمرهَا أَن تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها، وَأَن تَغْتَسِل فِيمَا سُوَى ذَلِك وتستذفر (بِثَوْب) وَتصلي، فَقيل لِسُلَيْمَان: أيغشاها زَوجهَا؟ فَقَالَ: إِنَّمَا نقُول فِيمَا سمعنَا» .
وَلما رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» (فِي) الْعدَد من حَدِيث أَيُّوب، عَن سُلَيْمَان بن يسَار «أَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش استحيضت فَسَأَلت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ فَأمرهَا أَن تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها، وَأَن تَغْتَسِل فِيمَا سُوَى ذَلِك وتستذفر بِثَوْب وَتصلي، فَقيل لِسُلَيْمَان
…
» إِلَى آخِره، قَالَ: كَذَا رَوَاهُ عبد الْوَارِث وَحَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب، إِلَّا أَنَّهُمَا ذكرا أَن أم سَلمَة استفتت لَهَا، وَاحْتج إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل ابْن علية بِهَذِهِ الرِّوَايَة، وَزعم أَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة رَوَاهُ عَن أَيُّوب هَكَذَا، قَالَ الشَّافِعِي: مَا حدث سُفْيَان بِهَذَا قطّ إِنَّمَا قَالَ: سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن سُلَيْمَان، عَن أم سَلمَة، أَنه عليه السلام قَالَ:«تدع الصَّلَاة عدد اللَّيَالِي وَالْأَيَّام الَّتِي كَانَت (تحيض) » أَو قَالَ: «أَيَّام أقرائها» الشَّك من أَيُّوب لَا يدْرِي قَالَ هَذَا أَو هَذَا، فَجعله (هُوَ)
أَحدهمَا عَلَى (نَاحيَة) مِمَّا يُرِيد لَيْسَ هَذَا بِصدق.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَفِي رِوَايَة عَن سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن سُلَيْمَان، عَن أم سَلمَة «أَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش استحيضت فَسَأَلت لَهَا أم سَلمَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ: لَيست بالحيضة إِنَّمَا هُوَ عرق. فَأمرهَا (رَسُول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَن تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها وَأَيَّام حَيْضهَا، ثمَّ تَغْتَسِل وَتصلي، فَإِن غلبها الدَّم استذفرت» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: كَذَا (وجدت) وَالصَّوَاب «أَيَّام أقرائها أَو أَيَّام حَيْضهَا» بِالشَّكِّ. قَالَ: وَكَذَا رَوَاهُ وهيب، عَن أَيُّوب، و (رَوَاهُ) أَبُو (عبد) الله المَخْزُومِي، عَن سُفْيَان فَقَالَ:«لتنظر عدَّة اللَّيَالِي وَالْأَيَّام الَّتِي كَانَت تحيضهن وقدرهن من الشَّهْر (فلتترك) الصَّلَاة» كَذَلِك كَمَا رَوَاهُ نَافِع، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، قَالَ الشَّافِعِي: نَافِع أحفظ عَن سُلَيْمَان من أَيُّوب. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد
رُوِيَ هَذَا اللَّفْظ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فِي أَحَادِيث ذَكرنَاهَا فِي كتاب الْحيض، وَتلك الْأَحَادِيث فِي نَفسهَا مُخْتَلف فِيهَا، فبعض الروَاة قَالَ فِيهَا:«أَيَّام أقرائها» وَبَعْضهمْ قَالَ (فِيهَا) : «أَيَّام حَيْضهَا» أَو فِي مَعْنَاهُ، وكل ذَلِك من جِهَة الروَاة (كل وَاحِد مِنْهُم) يعبر عَنهُ بِمَا يَقع لَهُ.
قَالَ: وَالْأَحَادِيث الصِّحَاح متفقة عَلَى (الْعبارَة) عَنهُ بأيام الْحيض دون لفظ الْأَقْرَاء.
الطَّرِيق الرَّابِع: من حَدِيث عدي بن ثَابت، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَنه قَالَ فِي الْمُسْتَحَاضَة:«تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها الَّتِي كَانَت تحيض فِيهَا، ثمَّ تَغْتَسِل وتتوضأ عِنْد كل صَلَاة وتصوم وَتصلي» .
رَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي «مُسْنده» من حَدِيث شريك، عَن أبي الْيَقظَان، عَن عدي بِهِ إِلَّا أَن الدَّارمِيّ قَالَ:«أَيَّام حَيْضهَا» بدل «أقرائها» .
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث قد تفرد بِهِ شريك، عَن أبي الْيَقظَان. قَالَ: وسَأَلت مُحَمَّدًا عَن هَذَا الحَدِيث، فَقلت: عدي بن ثَابت، عَن أَبِيه، عَن جده، جد عدي بن ثَابت مَا اسْمه؟ فَلم يعرف مُحَمَّد اسْمه، وَذكرت لمُحَمد قَول يَحْيَى بن معِين أَن اسْمه: دِينَار، فَلم يعبأ بِهِ. قلت: وَقَالَ أَحْمد بن زُهَيْر: اسْمه: قيس. حَكَاهُ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى فِي «معرفَة الصَّحَابَة» قَالَ: وَقَالَ أَكْثَرهم: اسْمه عبد الله بن (يزِيد) الخطمي.
قَالَ: وَقيل: إِن عبد الله بن (يزِيد) اسْم جده من قبل الْأُم. انْتَهَى.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يَصح من هَذَا كُله شَيْء. وَقَالَ الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي فِي «تهذيبه» : الصَّحِيح القَوْل الْأَخير. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: هُوَ عدي بن ثَابت بن عبيد بن عَازِب فجده هَذَا هُوَ (أَخُو) الْبَراء بن عَازِب الْأنْصَارِيّ. وَحَكَى الْمزي عَن بَعضهم أَنه عدي بن أبان بن ثَابت بن قيس بن (الخطيم)(الظفري)(الْأنْصَارِيّ) وَصوب هَذَا القَوْل الْحَافِظ شرف الدَّين الدمياطي فِي كِتَابه «قبائل الْأَوْس والخزرج» .
قلت: وَأَبُو الْيَقظَان الْمَذْكُور فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث اسْمه عُثْمَان بن (عُمَيْر) الْكُوفِي، وَيُقَال لَهُ ابْن قيس، وَابْن أبي حميد، وَابْن أبي زرْعَة (أَعْمَى) وأعشى ثَقِيف، (وَقد) ضعفه غير وَاحِد، قَالَ أَحْمد: ضَعِيف الحَدِيث، وَقَالَ يَحْيَى: حَدِيثه لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف. وَقَالَ ابْن حبَان: اخْتَلَط حتَّى لَا يدْرِي مَا يَقُول لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: