الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حِين حضر أَذَان، لَكِن فِي تَعْلِيق (للْقَاضِي) حُسَيْن أَنه حضر بعد طُلُوع الْفجْر وَأذن.
ثَالِثهَا: الصدائي - بِضَم الصَّاد وَتَخْفِيف الدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالمد - مَنْسُوب إِلَى صداء (بِالْمدِّ) يصرف وَلَا يصرف (و) هُوَ أَبُو هَذِه الْقَبِيلَة (واسْمه: يزِيد بن حَرْب) . قَالَ البُخَارِيّ فِي «تَارِيخه» : صداء حَيّ من الْيمن.
الحَدِيث الثَّالِث بعد الثَّلَاثِينَ
(أَن عبد الله بن زيد (لما) ألقِي الْأَذَان عَلَى بِلَال قَالَ عبد الله: أَنا رَأَيْته، وَأَنا كنت أريده يَا رَسُول الله! قَالَ: فأقم أَنْت) .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» وَأَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» والسياق لَهُ من حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن (مُحَمَّد بن عبد الله) عَن عَمه عبد الله بن زيد قَالَ:(أَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم (فِي الْأَذَان أَشْيَاء) لم يصنع مِنْهَا (شَيْئا) قَالَ: فأري عبد الله بن زيد فِي الْمَنَام الْأَذَان، فَأَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ، قَالَ: فألقه عَلَى بِلَال. قَالَ: (فَأَلْقَاهُ) عَلَيْهِ فَأذن
(بِلَال) قَالَ عبد الله: (أَنا) رَأَيْته، وَأَنا كنت أريده! قَالَ: فأقم أَنْت) .
وَفِي رِوَايَة لأبي دَاوُد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد قَالَ: (كَانَ جدي عبد الله بن زيد
…
) فَذكر الْخَبَر، قَالَ: فَأَقَامَ جدي، قَالَ الْحَافِظ أَبُو بكر الْحَازِمِي: هَذَا حَدِيث حسن، وَفِي إِسْنَاده مقَال.
قلت: لم يبين ذَلِك (الْمقَال وَهُوَ) من وُجُوه:
أَحدهَا: أَن مُحَمَّد بن عَمْرو الْمَذْكُور هُوَ الوَاقِفِي الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ - كَمَا جَاءَ مُبينًا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ لهَذَا الحَدِيث - وَقد ضعفه يَحْيَى بن سعيد جدًّا، وَقَالَ ابْن نمير: لَا يُسَاوِي شَيْئا. وَقَالَ ابْن معِين: ضَعِيف.
ثَانِيهَا: أَن مُحَمَّد بن عبد الله لَا يعرف حَاله كَمَا (قَالَ) ابْن الْقطَّان، قَالَ: وَكَذَلِكَ عبد الله بن مُحَمَّد الْمَذْكُور فِي الْإِسْنَاد الآخر.
ثَالِثهَا: أَن الْعقيلِيّ نقل فِي «تَارِيخ الضُّعَفَاء» عَن البُخَارِيّ (عقب) هَذَا الحَدِيث: إِن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن (زيد)
عَن أَبِيه، عَن جده لم يذكر سَماع بَعضهم من بعض. قَالَ الْعقيلِيّ - لما ذكر الحَدِيث -: الرِّوَايَة فِي هَذَا الْبَاب فِيهَا لين، وَبَعضهَا أفضل من بعض. انْتَهَى.
وَلِهَذَا الحَدِيث طَرِيق ثَان رَوَاهَا الْبَيْهَقِيّ فِي «خلافياته» من حَدِيث أبي العميس قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ «يحدث» عَن أَبِيه، عَن جده (أَنه رَأَى الْأَذَان مثنى مثنى، وَالْإِقَامَة مثنى مثنى قَالَ: فَأتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ: علمهن بِلَالًا. فعلمتهن بِلَالًا، قَالَ: فتقدمت، فَأمرنِي أَن أقيم فأقمت (بهم)) قَالَ: قَالَ الْحَاكِم: هَذَا الحَدِيث واه إِسْنَادًا ومتنًا، أما الْإِسْنَاد؛ فَإِن الْحفاظ من أَصْحَاب أبي العميس رَوَوْهُ عَن أبي العميس، عَن زيد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد، وَأما الْوَهم الظَّاهِر فِي مَتنه؛ فَإِنَّهُ أَتَى بمعضلة لم يروها أحد، وَذَلِكَ أَنه أخبر أَن بِلَالًا أذن وَأقَام عبد الله بن زيد، وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ:(من أذن فَهُوَ يُقيم) فِي أَخْبَار كَثِيرَة. قَالَ: وَعبد السَّلَام بن حَرْب الْملَائي أعلم الْكُوفِيّين بِحَدِيث أبي العميس وَأَكْثَرهم عَنهُ رِوَايَة، وَقد رَوَى هَذَا الحَدِيث [فَلم فَذكر] فِيهِ تَثْنِيَة الْإِقَامَة. هَذَا آخر كَلَام الْحَاكِم عَلَى مَا نَقله الْبَيْهَقِيّ، وَلَا يَخْلُو من (مشاحة) .
وَله طَرِيق ثَالِث رَوَاهَا أَبُو الشَّيْخ الْحَافِظ عَلَى مَا عزاهُ إِلَيْهِ صَاحب
«الإِمَام» من حَدِيث (الحكم) عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ:(كَانَ أول من أذن فِي الْإِسْلَام بِلَال وَأول من أَقَامَ عبد الله بن زيد فَلَمَّا أذن بِلَال أَرَادَ أَن يُقيم فَقَالَ عبد الله بن زيد: أَنا الَّذِي رَأَيْت الرُّؤْيَا؛ فَأذن بِلَال (و) يُقيم أَيْضا! قَالَ: فأقم أَنْت) وستعلم - إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي الْكَلَام عَلَى رفع الْيَدَيْنِ أَن الحكم لم يسمع من مقسم إِلَّا أَرْبَعَة أَحَادِيث؛ فَإِن لم يكن هَذَا من تِلْكَ، فَيكون مُنْقَطِعًا (وأجمل) عبد الْحق فِي «الْأَحْكَام» (القَوْل فِي تَضْعِيف هَذَا الحَدِيث؛ فَقَالَ:) إِقَامَة عبد الله بن زيد لَيست تَجِيء من وَجه قوي - فِيمَا أعلم - و (ضعفها) النَّوَوِيّ أَيْضا، وَخَالف الْمُنْذِرِيّ فحسنها فِي كَلَامه عَلَى أَحَادِيث الْمُهَذّب، وَاحْتج بهَا ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» ، وَمن الرِّوَايَات الغريبة (أَن عمر بن الْخطاب أَقَامَ بعد أَذَان بِلَال) .
رَوَاهَا ابْن شاهين فِي «ناسخه ومنسوخه» من حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو الوَاقِفِي، عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْأنْصَارِيّ، عَن عَمه عبد الله بن زيد (أَنه رَأَى الْأَذَان فِي الْمَنَام، فَأَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذكر ذَلِك لَهُ (قَالَ) : فَأذن بِلَال. قَالَ: فجَاء عمر بن الْخطاب إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَنا أرَى الرُّؤْيَا وَيُؤذن بِلَال! قَالَ: فأقم أَنْت) . قَالَ
ابْن شاهين: هَذَا حَدِيث غَرِيب لَا أعلم (أَن) أحدا قَالَ فِيهِ أَن الَّذِي أَقَامَ الصَّلَاة عمر بن الْخطاب إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث، وَالْمَعْرُوف أَن الَّذِي أَقَامَ عبد الله بن زيد بن عبد ربه.
قلت: وَهُوَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن (عَمْرو) الوَاقِفِي أَيْضا كَمَا سلف، وَقَالَ الْحَازِمِي فِي «ناسخه ومنسوخه» : اتّفق أهل الْعلم فِي الرجل يُؤذن وَيُقِيم غَيره (عَلَى) أَن ذَلِك جَائِز، وَاخْتلفُوا فِي الْأَوْلَوِيَّة، فَذهب أَكْثَرهم (إِلَى) أَنه لَا فرق، وَالْأَمر متسع، وَمِمَّنْ رَأَى ذَلِك: مَالك وَأكْثر أهل الْحجاز، وَأَبُو حنيفَة وَأكْثر أهل الْكُوفَة، وَأَبُو ثَوْر، وَذهب بَعضهم إِلَى أَن الأولَى أَن من أذن فَهُوَ يُقيم، وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: كَانَ يُقَال: من أذن فَهُوَ يُقيم.
وروينا عَن أبي مَحْذُورَة (أَنه) جَاءَ وَقد أذن إِنْسَان، فَأذن وَأقَام، وَإِلَى هَذَا ذهب أَحْمد، وَقَالَ الشَّافِعِي رضي الله عنه فِي رِوَايَة الرّبيع عَنهُ:(وَإِذا أذن الرجل أَحْبَبْت أَن يتَوَلَّى الْإِقَامَة) لشَيْء يرْوَى: (إِن من أذن فَهُوَ يُقيم) .
قَالَ الْحَازِمِي: وَحجَّة هَذَا الْمَذْهَب حَدِيث الصدائي؛ لِأَنَّهُ أقوم إِسْنَادًا من حَدِيث عبد الله بن زيد، ثمَّ حَدِيث عبد الله بن زيد كَانَ فِي أول (شرع) الْأَذَان، وَذَلِكَ فِي السّنة الأولَى، وَحَدِيث الصدائي كَانَ بعده بِلَا شكّ، وَالْأَخْذ بآخر الْأَمريْنِ أولَى. قَالَ: وَطَرِيق الْإِنْصَاف أَن يُقَال: الْأَمر فِي هَذَا الْبَاب عَلَى التَّوسعَة (وادعاء) النّسخ مَعَ إِمْكَان الْجمع