الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شعْبَان فَبَاتَ عِنْدِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا كَانَ جَوف اللَّيْل فقدته فَلم أَجِدهُ، فأخذني مَا يَأْخُذ النِّسَاء من الْغيرَة، فتلففت بمرطي وطلبته فِي حجر نِسَائِهِ فَلم أَجِدهُ، فَانْصَرَفت إِلَى حُجْرَتي فَإِذا بِهِ كَالثَّوْبِ السَّاقِط عَلَى وَجه الأَرْض سَاجِدا وَهُوَ يَقُول فِي سُجُوده: اللَّهُمَّ سجد لَك سوَادِي
…
» الحَدِيث. ذكره كَذَلِك ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «النُّور فِي فَضَائِل الْأَيَّام والشهور» وَلم يعله، نعم أعله فِي «علله» وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث لَا يَصح.
قَالَ ابْن عدي: سُلَيْمَان هَذَا عَامَّة أَحَادِيثه مَنَاكِير.
قلت: وَضَعفه أَيْضا - أَعنِي سُلَيْمَان. وَفِي «الضُّعَفَاء» لأبي حَاتِم بن حبَان من حَدِيث أم سَلمَة «أَنه عليه السلام كَانَ إِذا قَامَ يُصَلِّي ظن الظَّان أَنه جَسَد لَا روح فِيهِ» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث لَا أصل لَهُ.
الحَدِيث الثَّانِي بعد السّبْعين
عَن وَائِل بن حجر رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا سجد وضع رُكْبَتَيْهِ قبل يَدَيْهِ، وَإِذا نَهَضَ رفع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من حَدِيث يزِيد بن هَارُون، عَن شريك، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أَبِيه، عَن وَائِل بن حجر قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا
سجد
…
» الحَدِيث. ثمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، لَا نَعْرِف أحدا رَوَاهُ [مثل هَذَا](عَن) شريك، وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْد (أَكثر) أهل الْعلم. وَقَالَ الْخطابِيّ: هُوَ أثبت من حَدِيث تَقْدِيم الْيَدَيْنِ، وَهُوَ أرْفق بالمصلي وَأحسن فِي الشكل ورأي الْعين. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قَالَ ابْن أبي دَاوُد وضع (الرُّكْبَتَيْنِ قبل الْيَدَيْنِ) تفرد بِهِ شريك القَاضِي، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، وَشريك لَيْسَ بِقَوي فِيمَا ينْفَرد بِهِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَلم يحدث بِهِ عَن عَاصِم غير شريك. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا الحَدِيث يعد (فِي) أَفْرَاد شريك القَاضِي، وَإِنَّمَا تَابعه همام مُرْسلا، هَكَذَا ذكره البُخَارِيّ وَغَيره من الْحفاظ الْمُتَقَدِّمين. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: لَا نَعْرِف أحدا رَوَاهُ غير شريك.
قلت: وَشريك هَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» فِي بَاب الرجل يَأْخُذ حَقه مِمَّن يمنعهُ: لم يحْتَج بِهِ أَكثر أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ. هَذَا كَلَامه وَهُوَ من رجال مُسلم وَالْأَرْبَعَة (وَثَّقَهُ) ابْن معِين وَغَيره. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَأخرج هَذَا الحَدِيث الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من هَذَا الْوَجْه، ثمَّ قَالَ: شريك احْتج بِهِ مُسلم، قَالَ: وَكَذَا عَاصِم بن كُلَيْب.
قلت: وَفِيه أَيْضا مقَال قريب كَمَا ستعلمه فِي الحَدِيث الْمِائَة. وَأخرجه أَيْضا من هَذَا الْوَجْه ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان فِي (صَحِيحَيْهِمَا) وَابْن السكن فِي (سنَنه الصِّحَاح» ، وَقَالَ: إِنَّه (مُخْتَلف) فِيهِ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لم يقل هَذَا عَن شريك غير يزِيد بن هَارُون. قلت: وَهَذَا لَا يقْدَح فِي تَصْحِيحه لجلالة يزِيد وَحفظه. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: وَرَوَاهُ همام، عَن عَاصِم مُرْسلا وَلم يذكر فِيهِ وَائِل بن حجر.
قلت: وَهَذَا لَا يقْدَح فِيهِ أَيْضا لجلالة همام وثقته، وَنِهَايَة مَا فِيهِ تعَارض الْوَصْل والإرسال، وَقد علم مَا فِيهِ، وَيلْزم التِّرْمِذِيّ تَصْحِيحه؛ لِأَنَّهُ صحّح حَدِيث عَاصِم عَن أَبِيه، عَن وَائِل: «لأنظرن إِلَى صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جلس للتَّشَهُّد
…
» الحَدِيث. وَادَّعَى الْحَازِمِي أَن الْمَحْفُوظ رِوَايَة الْإِرْسَال، فَقَالَ فِي «ناسخه ومنسوخه» : هَذَا حَدِيث حسن عَلَى شَرط د ت ق أَخْرجُوهُ فِي كتبهمْ من حَدِيث يزِيد بن هَارُون، عَن شريك. وَرَوَاهُ همام بن يَحْيَى، عَن مُحَمَّد بن جحادة، عَن عبد الْجَبَّار بن وَائِل، عَن أَبِيه مَرْفُوعا. قَالَ همام: ونا شَقِيق - يَعْنِي أَبَا اللَّيْث - عَن عَاصِم بن كُلَيْب (عَن) أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسلا وَهُوَ الْمَحْفُوظ. انْتَهَى كَلَامه. ويقابل كَلَامه بِأَن جماعات من الْحفاظ صححوه متصلًّا كَمَا سلف. ثمَّ ننبه بعد ذَلِك لأمور وَقعت فِي كَلَام التِّرْمِذِيّ - رحمنا الله وإياه.
أَولهَا: قَوْله: لَا نَعْرِف أحدا رَوَاهُ غير شريك وَقد علمت من (حَال) كَلَام الْحَازِمِي الْحَافِظ أَن همام بن يَحْيَى رَوَاهُ من طَرِيقين، وَأخرج أَبُو دَاوُد الطَّرِيق الثَّانِي، وَقد قَالَ التِّرْمِذِيّ نَفسه بعد ذَلِك: وَرَوَاهُ عَاصِم عَن همام مُرْسلا.
ثَانِيهَا: قَوْله إِن عَاصِمًا رَوَاهُ عَن همام غير مَعْرُوف، إِنَّمَا رَوَاهُ همام عَن شَقِيق، عَن عَاصِم. وَكَذَا ذكره أَبُو دَاوُد وَهُوَ نَفسه فِي علله.
ثَالِثهَا: نقل مثل ذَلِك عَن يزِيد بن هَارُون أَن شَرِيكا لم يرو عَن عَاصِم بن كُلَيْب إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَأقرهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَجِيب مِنْهُمَا، فقد رَوَى شريك عَن عَاصِم بن كُلَيْب عدَّة أَحَادِيث: أَحدهَا: حَدِيث « (رَأَيْت) النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حِيَال أُذُنَيْهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، عَن شريك، عَن عَاصِم، عَن (أَبِيه، عَن) وَائِل.
ثَانِيهَا: حَدِيث «أتيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الشتَاء فَرَأَيْت أَصْحَابه يرفعون أَيْديهم فِي ثِيَابهمْ فِي الصَّلَاة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا من حَدِيث وَكِيع عَن شريك، عَن عَاصِم، عَن عَلْقَمَة، عَن أَبِيه. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث شريك، عَن عَاصِم، عَن أَبِيه، عَن وَائِل.