الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: وَالْحَاكِم أَيْضا كَمَا سلف.
وَأما (الحكم) بِأَن عبد الرَّزَّاق قد وهم (فِي إدراجه) فَفِيهِ نظر؛ لِأَنَّهُ قد وَقعت مُتَابعَة لروايته عَن سُفْيَان من جِهَة مُؤَمل، عَن سُفْيَان - كَمَا (أسلفناه) - من جِهَة أبي عوَانَة.
وَأما قَوْله: نَحن نتوهمه سمع من الْحجَّاج وَأَن هَذِه رِوَايَة الْحجَّاج؛ فقد وَقع ذَلِك مُصَرحًا بِهِ خَارِجا عَن دَرَجَة الْوَهم، كَمَا أسلفناه عَن رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ، وَأَيْضًا فقد جَاءَت الاستدارة من غير جِهَة الْحجَّاج، كَمَا سلفت من (حَدِيث) إِدْرِيس الأودي، عَن عون من جِهَة الطَّبَرَانِيّ.
فَائِدَة: أَبُو جُحَيْفَة - رَاوِي الحَدِيث (و) هُوَ بجيم مَضْمُومَة، ثمَّ حاء مُهْملَة مَفْتُوحَة - صَحَابِيّ مَشْهُور، واسْمه: عبد الله بن وهب السوَائِي - بِضَم السِّين الْمُهْملَة (و) بِالْمدِّ - قَبيلَة نسب إِلَيْهَا - توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ لم يبلغ الْحلم. والأبطح مَوضِع بَين مَكَّة وَمنى يُضَاف إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا وَهُوَ الْبَطْحَاء.
الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يغْفر للمؤذن مدى صَوته) .
هَذَا الحَدِيث لَهُ طرق:
أَحدهَا: عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَنه سَمعه من فَم النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول:
(الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ (مدى) صَوته، وَيشْهد لَهُ كل رطب ويابس) .
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه من حَدِيث شُعْبَة، عَن مُوسَى بن أبي عُثْمَان، عَن أبي يَحْيَى غير (مَنْسُوب) عَن أبي هُرَيْرَة (بِهِ) وَاللَّفْظ للنسائي، وَلَفظ أبي دَاوُد:(الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مدى صَوته، وَيشْهد لَهُ كل رطب ويابس، وَشَاهد الصَّلَاة يكْتب لَهُ خمس وَعِشْرُونَ صَلَاة وَيكفر عَنهُ مَا بَينهمَا) .
(ثَانِيهمَا) : وَلَفظ ابْن مَاجَه: (الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مد صَوته ويستغفر لَهُ كل رطب ويابس) وَالْبَاقِي كَلَفْظِ أبي دَاوُد (إِلَّا) أَنه قَالَ: «حَسَنَة» بدل «صَلَاة» .
قَالَ ابْن الْقطَّان: أَبُو يَحْيَى هَذَا لَا يعرف. قَالَ: وَقد ذكره ابْن الْجَارُود فَلم يزدْ عَلَى مَا أَخذ من هَذَا الْإِسْنَاد من رِوَايَته عَن أبي هُرَيْرَة وَرِوَايَة مُوسَى عَنهُ. قَالَ: وَثمّ جمَاعَة يروون عَن أبي هُرَيْرَة كل وَاحِد مِنْهُم يُقَال لَهُ: أَبُو يَحْيَى، مِنْهُم مولَى جعدة ثِقَة، وَآخر اسْمه: قيس، رَوَى عَنهُ بكير بن الْأَشَج، وَآخر لَا يُسمى رَوَى عَنهُ (صَفْوَان) بن سليم ثِقَة (من) أهل الْمَدِينَة (و) ذكره ابْن أبي حَاتِم.
قَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم فِي «كناه» : خليقًا أَن يكون هَذَا (قيسا)
الَّذِي رَوَى عَنهُ ابْن بكير وَضَعفه بالجهالة أَيْضا الْمُنْذِرِيّ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَبُو يَحْيَى هَذَا لم ينْسب فَيعرف حَاله - يَعْنِي فَيكون مَجْهُولا ويضعف الحَدِيث من أَجله (وَكَذَا) .
قَالَ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» : فِي إِسْنَاده مَجْهُول. وَضَعفه فِي «خلاصته» أَيْضا لَكِن قد عرفه غَيرهم. وَوَثَّقَهُ (قَالَ) ابْن حبَان فِي «ثقاته» : أَبُو يَحْيَى هَذَا اسْمه: سمْعَان الْأَسْلَمِيّ (وَنَقله) عَنهُ الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي فِي «تهذيبه» (وَأقرهُ) .
و (قد) أخرج ابْن حبَان الحَدِيث فِي «صَحِيحه» من جِهَته فَذكره (من حَدِيث)(أبي) الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، نَا شُعْبَة، عَن مُوسَى بن أبي عُثْمَان سَمِعت أَبَا يَحْيَى يَقُول: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذكره بِلَفْظ أبي دَاوُد (إِلَّا) أَنه قَالَ: «حسَنة» بدل: «صَلَاة» كَمَا ذكره ابْن مَاجَه، ثمَّ قَالَ: أَبُو يَحْيَى هَذَا اسْمه سمْعَان مولَى أسلم من أهل الْمَدِينَة وَالِد أنيس وَمُحَمّد (ابْني) أبي يَحْيَى الْأَسْلَمِيّ من جلة التَّابِعين (وَابْن ابْنه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي يَحْيَى تَالِف فِي
الرِّوَايَات) ومُوسَى بن أبي عُثْمَان من سَادَات أهل الْكُوفَة وعبادهم، وَاسم أَبِيه عمرَان.
وَأخرجه أَيْضا شَيْخه ابْن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» عَن (بنْدَار (عَن) مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن،) عَن شُعْبَة بِلَفْظ أبي دَاوُد.
وَذكره ابْن السكن فِي «صحاحه» أَيْضا فصح الحَدِيث إِذا - وَللَّه الْحَمد - وزالت الْجَهَالَة (عَنهُ) .
وَله (طرق) أُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا.
وَله طَرِيق ثَان رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث الْأَعْمَش، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:(الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ (مد) صَوته، وَيشْهد لَهُ كل رطب ويابس سَمعه) .
وَطَرِيق ثَالِث: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا من حَدِيث الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:(يغْفر للمؤذن مدى صَوته، وَيشْهد لَهُ كل رطب ويابس سَمعه) .
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : وَالْأَشْبَه (بِهِ) عَن مُجَاهِد مُرْسل.
وَله طَرِيق رَابِع (رَوَاهُ أَحْمد) من حَدِيث معمر، عَن مَنْصُور، عَن [عباد] بن أنيس، عَن أبي هُرَيْرَة رَفعه:(إِن الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مدى صَوته، ويصدقه كل رطب ويابس سمع صَوته، وَالشَّاهِد عَلَيْهِ خمس وَعِشْرُونَ دَرَجَة) .
وَله طَرِيق خَامِس: رَوَاهُ ابْن أبي (أُسَامَة) من حَدِيث شيخ من الْأَنْصَار، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِلَفْظ الْبَيْهَقِيّ.
وَفِي «علل ابْن أبي حَاتِم» سُئِلَ أَبُو زرْعَة عَن حَدِيث رَوَاهُ (أَبُو) أُسَامَة، عَن الْحسن بن الحكم عَن أبي (هُبَيْرَة) يَحْيَى بن عباد الْأنْصَارِيّ، عَن شيخ من الْأَنْصَار، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا:(إِن الْمُؤَذّن يغْفر لَهُ مدى صَوته، ويصدقه كل رطب ويابس) .
وَرَوَاهُ وهيب، عَن مَنْصُور، عَن يَحْيَى بن عباد، عَن عَطاء، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا (وَكَذَلِكَ) رَوَاهُ جرير، عَن (مَنْصُور) عَن يَحْيَى بن عباد، عَن عَطاء رجل من أهل الْمَدِينَة، عَن أبي (هُرَيْرَة) مَوْقُوفا
وَلم يرفعهُ، فَقَالَ أَبُو زرْعَة: الصَّحِيح حَدِيث مَنْصُور، قيل لأبي زرْعَة: قَالَ عبد الرَّزَّاق عَن معمر، عَن مَنْصُور، عَن عباد بن أنيس، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا (فَقَالَ:) [حَدِيث معمر وهم] .
أَنا أَبُو مُحَمَّد، ثَنَا أبي، عَن الْمُعَلَّى بن أسيد، عَن وهيب أَنه قَالَ لمنصور:[من] عَطاء هَذَا؛ أهوَ ابْن (أبي) رَبَاح؟ قَالَ: لَا. قلت: فَهُوَ عَطاء بن يسَار؟ قَالَ: (لَا) قلت: من هُوَ؟ قَالَ: (وَهُوَ) رجل.
(الطَّرِيق الثَّانِي) : عَن الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ عَلَى الصَّفّ الْمُقدم، والمؤذن يغْفر لَهُ (مد) صَوته، ويصدقه من سَمعه من رطب ويابس، وَله مثل أجر من صَلَّى مَعَه) .
رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» عَن عَلّي بن عبد الله، وَالنَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى (قَالَا) : ثَنَا معَاذ بن هِشَام، حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أبي إِسْحَاق الْكُوفِي، عَن الْبَراء بِهِ، وَهَذَا إِسْنَاد جيد. وَذكره ابْن السكن فِي «صحاحه» أَيْضا.
(الطَّرِيق الثَّالِث) عَن ابْن عمر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
(يغْفر للمؤذن مُنْتَهى أَذَانه، ويستغفر لَهُ كل رطب ويابس (سمع) صَوته) ، وَفِي لفظ:(يغْفر للمؤذن (مد) صَوته، وَيشْهد لَهُ كل رطب ويابس سمع صَوته) رَوَى الأول: أَحْمد، وَالثَّانِي: الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث عمار بن رُزَيْق، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر. قَالَ (الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ ابْن طهْمَان، عَن الْأَعْمَش، عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر أَنه قَالَ) :(الْمُؤَذّن يغفر له (مد) صَوته، ويصدقه كل رطب ويابس) وسمعته يَقُول: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (الإِمَام ضَامِن، والمؤذن مؤتمن، اللَّهُمَّ أرشد الْأَئِمَّة واغفر للمؤذنين) .
(و) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» : اخْتلف فِي هَذَا الحَدِيث فَقيل: عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عمر، وَقيل: عَن رجل، عَن ابْن عمر، وَقيل: عَن مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس. وَالصَّحِيح الأول.
(الطَّرِيق الرَّابِع) عَن أنس رضي الله عنه (قَالَ) : رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَد الله تبارك وتعالى عَلَى رَأس الْمُؤَذّن حَتَّى يفرغ من أَذَانه (وَإنَّهُ) ليغفر لَهُ مد صَوته وَأَيْنَ بلغ) .
رَوَاهُ ابْن عدي فِي (كَامِله) من حَدِيث أبي حَفْص الْعَبْدي، (عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس، ثمَّ قَالَ: قَالَ عبد الله بن أَحْمد: سَأَلت أبي عَن
أبي حَفْص الْعَبْدي،) فَقَالَ: تركت حَدِيثه وخرقناه. وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ البُخَارِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوك الحَدِيث.
(الطَّرِيق الْخَامِس) : عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله: (يغْفر للمؤذن (مد) صَوته، وَيشْهد لَهُ كل رطب ويابس سَمعه) (و) سُئِلَ عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ، فَقَالَ فِي «علله» : يرويهِ عَطاء، عَن أبي سعيد مَرْفُوعا مُتَّصِلا، وَيَرْوِيه أَيْضا عَطاء مُرْسلا، وَهُوَ الصَّحِيح.
الطَّرِيق السَّادِس: عَن جَابر بن عبد الله رضي الله عنه (قَالَ) قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (يغْفر للمؤذن (مد) صَوته وَيشْهد لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كل من سمع صَوته من شجر أَو حجر أَو بشر أَو رطب أَو يَابِس، وَيكْتب لَهُ مثل أجر من صَلَّى بأذانه
…
) الحَدِيث، وَهُوَ طَوِيل نَحْو ورقة، رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب فِي كِتَابه «موضح أَوْهَام الْجمع والتفريق» (فِيمَا رَأَيْته) بِخَطِّهِ من حَدِيث عَلّي بن حَرْب، نَا يَحْيَى بن عبد الحميد، نَا عَلّي بن سُوَيْد، عَن نفيع ابْن دَاوُد، عَن جَابر (بِهِ) .
فَائِدَة: المدى - بِفَتْح الْمِيم - مَقْصُور يكْتب بِالْيَاءِ، وَهُوَ غَايَة الشَّيْء، وَهُوَ مَنْصُوب عَلَى الظّرْف، وَرِوَايَة «مد صَوته» مَرْفُوع عَلَى الفاعلين - كَمَا نبه عَلَيْهِ (المطرزي) فِي «الْمغرب» - وَالْمعْنَى: أَن