الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّرِيق السَّابِع: من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا ركع لَو صب عَلَى ظَهره مَاء اسْتَقر» ذكره ابْن أبي حَاتِم فِي «علله» وَقَالَ: سَأَلت أبي عَنهُ فَقَالَ: ذكر الْبَراء لَيْسَ بِمَحْفُوظ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ ابْن أبي لَيْلَى مُرْسلا.
الطَّرِيق الثَّامِن: من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى عَن عَلّي قَالَ: «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا ركع لَو وضع قدح من مَاء عَلَى ظَهره لم يهراق» رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» قَالَ وَلَده عبد الله: وجدت فِي كتاب أبي: أخْبرت عَن سِنَان بن هَارُون، عَن بَيَان، عَن عبد الرَّحْمَن بِهِ. وَذكره الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» فَقَالَ: رَوَاهُ أَحْمد عَمَّن أخبرهُ، عَن (سِنَان) بِهِ، وَخَالفهُ [سلم] بن سَلام أَبُو الْمسيب الواسطى؛ فَرَوَاهُ عَن سِنَان بن هَارُون، عَن بَيَان، عَن ابْن أبي لَيْلَى، عَن الْبَراء قَالَ: وَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ.
الحَدِيث السَّادِس بعد الْأَرْبَعين
رُوِيَ أنَّه صلى الله عليه وسلم «نهَى عَن التدبيح فِي الصَّلاة» . وَفِي رِوَايَة: «نهَى أَن يدبح الرجل فِي الرُّكُوع كَمَا يدبح الْحمار» .
هَذَا الحَدِيث ذكره أَبُو (عبيد) فِي «غَرِيبه» بِاللَّفْظِ الثَّانِي سَوَاء، وَلم يسْندهُ، وأسنده الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي نعيم النَّخعِيّ عبد الرَّحْمَن بن هَانِئ، ثَنَا أَبُو مَالك النَّخعِيّ [عَن] عبد الْملك بن حُسَيْن قَالَ: حَدثنِي أَبُو إِسْحَاق السبيعِي، عَن الْحَارِث الْأَعْوَر، عَن عَلّي قَالَ أَبُو مَالك: وَأَخْبرنِي عَاصِم بن كُلَيْب الْجرْمِي، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى. قَالَ أَبُو نعيم: وَأَخْبرنِي [مُوسَى] الْأنْصَارِيّ، عَن عَاصِم بن كُلَيْب، عَن أبي بردة، عَن أبي مُوسَى (كِلَاهُمَا) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلّي، إِنِّي أَرْضَى لَك مَا أَرْضَى لنَفْسي (وأكره لَك مَا أكره لنَفْسي) لَا تقْرَأ الْقُرْآن وَأَنت جنب، وَلَا وَأَنت رَاكِع وَلَا وَأَنت ساجد، وَلَا تصل وَأَنت عاقص شعرك، وَلَا تدبح تدبيح الْحمار» .
وَهَذَا إِسْنَاد ضَعِيف، أَبُو نعيم النَّخعِيّ قَالَ ابْن معِين: كَذَّاب. وَقَالَ أَحْمد: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ ابْن عدي: عَامَّة مَا يرويهِ لَا يُتَابع عَلَيْهِ، وَأَبُو مَالك النَّخعِيّ أَيْضا ضَعَّفُوهُ. والْحَارث الْأَعْوَر مُخْتَلف فِيهِ، وَأطلق ابْن الْمَدِينِيّ عَلَيْهِ اسْم الْكَذِب. وَعَاصِم بن كُلَيْب (بن شهَاب)(من فرسَان مُسلم) ، وَهُوَ صَدُوق، وَإِن كَانَ عَلّي
بن الْمَدِينِيّ قَالَ: لَا يحتجُّ بِهِ إِذا انْفَرد.
قلت: وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث من طَرِيق آخر، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة (عَن أبي سُفْيَان طريف بن شهَاب، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - قَالَ أَبُو مُعَاوِيَة)(أرَاهُ) رَفعه -: «إِذا ركع أحدكُم فَلَا يدبح كَمَا يدبح الْحمار، وليقم صلبه» سكت عَنهُ الْبَيْهَقِيّ وَقد علمت حَال طريف بن شهَاب فِي أثْنَاء الحَدِيث الثَّالِث من هَذَا الْبَاب.
قلت: ويغني عَن هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي قبله فِي الدّلَالَة حَدِيث عَائِشَة الثَّابِت فِي (صَحِيح مُسلم)«أنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا ركع لم يُشخص رَأسه وَلم يصوبه، وَلَكِن بَين ذَلِك» يشخص - بِضَم أَوله وَكسر ثالثه -: أَي يرفع، وَمِنْه الشاخص للمرتفع (ويصوبه بتَشْديد) الْوَاو - أَي يخْفض، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:(أَو كصيِّب من السَّمَاء) أَي: مطر نَازل، وَكَذَا حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ الثَّابِت فِي «سنَن أبي دَاوُد» فِي صفة صلَاته عليه السلام فَقَالَ:«ثمَّ يرْكَع وَيَضَع راحتيه عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثمَّ يعتدل؛ فَلَا يصب رَأسه وَلَا يقنع» مَعْنَى لَا يصب: لَا يُبَالغ فِي خفض رَأسه و (تنكيسه) وَمَعْنى لَا يقنع: لَا يرفع.
فَائِدَة: التدبيح أَن يُطَأْطِئ رَأسه. قَالَ الْهَرَوِيّ فِي «غَرِيبه» فِي الحَدِيث: نهي أَن يدبح الرجل فِي الصَّلَاة؛ أَي: يُطَأْطِئ رَأسه. ذكره فِي
بَاب الدَّال الْمُهْملَة ثمَّ قَالَ: وَرُوِيَ بِالذَّالِ - يَعْنِي: الْمُعْجَمَة - وَالدَّال أعرف، وَاقْتصر الْجَوْهَرِي عَلَى ذكره فِي الدَّال الْمُهْملَة. وَيُقَال: دبح الرجل تدبيحًا إِذا بسط ظَهره وطأطأ رَأسه، فَتكون رَأسه أَشد (انحطاطًا) (من) أليتيه. قَالَ: وَفِي الحَدِيث «أَنه نهَى أَن يدبح الرجل فِي الرُّكُوع كَمَا يدبح الْحمار» . وَعَن أبي عَمْرو و (ابْن) الْأَعرَابِي نَحوه. وَكَذَا اقْتصر ابْن الْجَوْزِيّ فِي «غَرِيبه» عَلَى ذكره فِي الدَّال الْمُهْملَة، فَقَالَ - وَمن خطه نقلت -:(نهي) أَن يدبح الرجل فِي الصَّلَاة وَهُوَ أَن يُطَأْطِئ رَأسه فِي الرُّكُوع حَتَّى يكون أَخفض من ظَهره.
وَقَالَ الرَّافِعِيّ: هَذَا اللَّفْظ يرْوَى بِالدَّال والذال، وَالْأول أشهر. وَكَأَنَّهُ تبع الْهَرَوِيّ فِي ذَلِك، قَالَ: وَهُوَ أَن يبسط ظَهره، ويطأطئ رَأسه فَتكون أَشد انحطاطًا من أليتيه.
قلت: وَرُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، ذكره مُحَمَّد بن أبي بكر النَّيْسَابُورِي فِي (المناهى) فَقَالَ: (وَنهي عَن التدبيح فِي الصَّلَاة» . قَالَ: وَرُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة. ثمَّ قَالَ بعده: التدبيخ أَن يُدِير نَفسه أَو رَأسه فِي الصَّلَاة كدوران الْحمار [فِي] الرَّحَى. وَقَالَ: «نهَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يدبخ الرجل فِي صلَاته كَمَا يدبخ الْحمار فِي الرَّحَى» . قَالَ: وَقيل: مَعْنَاهُ: أَن يرفع رَأسه فِي الصَّلَاة كَمَا يرفع [الْحمار رَأسه إِلَى] السَّمَاء إِذا شم الْبَوْل.