الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَعِيف الحَدِيث مُنكر، كَانَ شُعْبَة لَا يرضاه. وَذكر أَنه حَضَره فروَى عَن شيخ فَقَالَ لَهُ شُعْبَة: كم سنك؟ قَالَ: كَذَا، وَإِذا الشَّيْخ قد مَاتَ وَهُوَ ابْن سنتَيْن. وَقَالَ الدولابي فِي «كِتَابه» : حَدَّثَني عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: ترك عبد الرَّحْمَن بن مهْدي حَدِيث أبي الْيَقظَان هَذَا. وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو أَحْمد فِي «كناه» : لَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْدهم. لَا جرم أَن أَبَا دَاوُد قَالَ فِي «سنَنه» : هَذَا حَدِيث ضَعِيف لَا يَصح. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي «علله» وَمِنْهَا نقلت: سَأَلت مُحَمَّدًا - يَعْنِي البُخَارِيّ - عَن هَذَا الحَدِيث فَلم يعرفهُ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه (وَالله أعلم بِالصَّوَابِ) .
الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين
عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت: «كُنَّا نعد الصُّفْرَة والكدرة حيضا» .
قَالَ الرَّافِعِيّ: (وَهَذَا) إِخْبَار عَمَّا عهدته فِي زمن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ.
هَذَا الحَدِيث غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ، وَقَالَ النَّوَوِيّ أَيْضا فِي «شرح الْمُهَذّب» : لَا أعلم من رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ. وَخَالف فِي «خلاصته» فَذكره فِي فصل الضَّعِيف، وَهُوَ فرع مَعْرفَته.
قلت: لَكِن فِي «سنَن الْبَيْهَقِيّ» من حَدِيث (مُحَمَّد) بن إِسْحَاق، عَن عبد الله بن أبي بكر، عَن (عمْرَة) عَن عَائِشَة رضي الله عنها «أَنَّهَا كَانَت تنْهَى النِّسَاء أَن ينظرن إِلَى أَنْفسهنَّ لَيْلًا فِي الْحيض، وَتقول: إِنَّهَا قد تكون الصُّفْرَة والكدرة» .
وَفِي «موطأ» مَالك، عَن عَلْقَمَة بن أبي عَلْقَمَة، عَن أمه مولاة عَائِشَة قَالَت:«كَانَ النِّسَاء يبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَة رضي الله عنها بالدرجة فِيهَا الكرسف فِيهِ الصُّفْرَة من دم الْحيض، فيسألنها عَن الصَّلَاة؟ فَتَقول لَهُنَّ: لَا تعجلن حتَّى تَرين الْقِصَّة الْبَيْضَاء - تُرِيدُ الطُّهْر من الْحَيْضَة» .
وَرَوَى (هَذَا) عَن عَائِشَة: البُخَارِيّ فِي «صَحِيحه» تَعْلِيقا بِصِيغَة جزم، وَخَالف أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَقَالَ: خولفت أم عَلْقَمَة بِمَا هُوَ أَقْوَى من رِوَايَتهَا.
قلت: وَأم عَلْقَمَة اسْمهَا مرْجَانَة سَمَّاهَا ابْن حبَان فِي «ثقاته» ، ووثقها الْعجلِيّ أَيْضا، وَهَذَانِ الأثران عَنْهَا (بِمَعْنى) يقربان مِمَّا أوردهُ الرَّافِعِيّ، وَأما حَدِيثهَا الآخر:«مَا كُنَّا نعد الصُّفْرَة والكدرة شَيْئا وَنحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ» فضعيف بِمرَّة.
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ: إِسْنَاده ضَعِيف، لَا (يسوى) ذكره. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «علله» :(هُوَ) وهم، وَإِنَّمَا هُوَ عَن أم عَطِيَّة. قَالَ: وَرُوِيَ أَيْضا عَن أم سَلمَة وَهُوَ وهم.
فَائِدَة: الدُرْجة فِي رِوَايَة «الْمُوَطَّأ» السالفة - بِضَم الدَّال وَإِسْكَان الرَّاء وبالجيم، وبكسر الدَّال وَفتح الرَّاء، وَمن فتحهَا فقد أبعد عَن الصَّوَاب - وَهِي خرقَة أَو قطنة أَو نَحْو ذَلِك تدخله الْمَرْأَة فرجهَا ثمَّ تخرجه لتنظر هَل بَقِي شَيْء من أثر الْحيض أم لَا.
والكرسف: الْقطن. والقَصَّة - بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الصَّاد (الْمُهْملَة) - وأصل القص الجص، وَمِنْه الحَدِيث:«نهَى عَن تقصيص الْقُبُور» قيل مَعْنَاهُ: أَن تخرج القطنة أَو الْخِرْقَة الَّتِي تحشي بهَا كَأَنَّهَا قصَّة لَا تخالطها صفرَة. وَقيل: إِن الْقِصَّة كالجص الْأَبْيَض يخرج بعد انْقِطَاع الدَّم كُله. وَقيل: هُوَ مَاء أَبيض يخرج فِي آخر الْحيض. حَكَى هَذِه الْأَقْوَال الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» قَالَ: وَشبه ذَلِك بالقص وَهُوَ الجص. وَوَقع فِي «كِفَايَة» الْفَقِيه ابْن الرّفْعَة تَفْسِير الْقِصَّة الْبَيْضَاء بِأَنَّهُ شَيْء كالحيض الْأَبْيَض يخرج عِنْد انْقِطَاع الدَّم، وَصَوَابه كالجص الْأَبْيَض وَالله أعلم.