الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مربعًا، ثمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أخرجه مُسلم فِي «الصَّحِيح» وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم) أحد من رَوَاهُ عَنهُ مُسلم فَهُوَ إِذن (مربع) فِيهِ التَّكْبِير فَاعْلَم ذَلِك. انْتَهَى كَلَامه.
وَقَالَ ابْن عبد الْبر: قَالَ الشَّافِعِي: تربيع التَّكْبِير فِي أول الْأَذَان مَحْفُوظ من رِوَايَة الْحفاظ الثِّقَات فِي حَدِيث عبد الله بن زيد وَأبي مَحْذُورَة، وَهِي زِيَادَة يجب قبُولهَا، وَالْعَمَل (عِنْدهم) بِمَكَّة فِي آل أبي مَحْذُورَة بذلك إِلَى زَمَانه.
فَائِدَة: اخْتلف فِي اسْم أبي مَحْذُورَة ووالده، فَاخْتَارَ التِّرْمِذِيّ أَنه سَمُرَة بن (معير)، وَقَالَ غَيره:(ابْن) عُمَيْر، وَقيل: أَوْس بن (معير) ، وَقيل غير ذَلِك، أسلم يَوْم الْفَتْح وَكَانَ من أحسن النَّاس صَوتا كَمَا سَيَأْتِي. وَالله أعلم.
الحَدِيث الْحَادِي عشر
أَن تربيع التَّكْبِير فِي أول الْأَذَان مَذْكُور فِي قصَّة رُؤْيا عبد الله بن زيد فِي الْأَذَان وَهِي مَشْهُورَة.
هُوَ كَمَا قَالَ، وَهِي قصَّة جليلة ركن من أَرْكَان الْبَاب، وَادَّعَى
ابْن دحْيَة فِي (تنويره) تَوَاتر طرقها فلنذكرها بكمالها، فَنَقُول: رَوَاهَا أَحْمد فِي «مُسْنده» من طرق: أَحدهَا: عَن يَعْقُوب، نَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ: ذكر الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قَالَ: «لما أجمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يضْرب بالناقوس (يجمع النَّاس للصَّلَاة) وَهُوَ لَهُ كَارِه (لموافقته) النَّصَارَى! طَاف بِي من اللَّيْل طائف وَأَنا نَائِم رجل عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران وَفِي يَده ناقوس يحملهُ، (فَقلت) لَهُ: يَا عبد الله، أتبيع الناقوس؟ قَالَ: وَمَا تصنع بِهِ؟ قلت: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاة. قَالَ: أَفلا أدلك عَلَى خير من ذَلِك؟ (قَالَ)، (فَقلت: بلَى. قَالَ:) تَقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر (الله أكبر) أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مرَّتَيْنِ حَيّ عَلَى الصَّلَاة، حَيّ عَلَى الصَّلَاة، حَيّ عَلَى الْفَلاح، حَيّ عَلَى الْفَلاح، الله أكبر الله أكبر، لَا إِلَه إِلَّا الله. ثمَّ اسْتَأْخَرَ عني غير بعيد قَالَ: ثمَّ تَقول إِذا أَقمت الصَّلَاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ عَلَى الصَّلَاة، حَيّ عَلَى الْفَلاح [قد قَامَت الصَّلَاة قد قَامَت الصَّلَاة] الله أكبر الله أكبر، لَا إِلَه إِلَّا الله. فَلَمَّا أَصبَحت أتيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته بِمَا رَأَيْت [قَالَ] فَقَالَ: إِنَّهَا لرؤيا حق إِن شَاءَ الله. ثمَّ أَمر بِالتَّأْذِينِ، فَكَانَ بِلَال
مولَى أبي بكر يُؤذن بذلك (وَيَدْعُو) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاة. قَالَ: فَجَاءَهُ فَدَعَاهُ ذَات (غَدَاة) إِلَى صَلَاة الْفجْر، فَقيل لَهُ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نَائِم، قَالَ: فَصَرَخَ بِلَال بِأَعْلَى صَوته: الصَّلَاة خير من النّوم» . قَالَ سعيد بن الْمسيب: فأدخلت هَذِه الْكَلِمَة فِي التأذين إِلَى صَلَاة الْفجْر.
الطَّرِيق الثَّانِي: عَن يَعْقُوب، عَن أَبِيه، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، حَدثنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ (كَمَا سَيَأْتِي) من طَرِيق أبي دَاوُد سَوَاء.
الطَّرِيق الثَّالِث: عَن زيد بن الْحباب، (ثَنَا أَبُو سهل مُحَمَّد بن عَمْرو) أَخْبرنِي عبد الله ابْن مُحَمَّد بن زيد، عَن عَمه عبد الله بن زيد «أَنه (أرِي) الْأَذَان
…
» فَذكره مُخْتَصرا كَمَا سَيَأْتِي فِي الحَدِيث الثَّالِث بعد الثَّلَاثِينَ من أَحَادِيث الْبَاب.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث يَعْقُوب، عَن أَبِيه، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، حَدثنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد (بن عبد ربه) حَدثنِي أبي عبد الله بن زيد قَالَ: «لما أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعْمل ليضْرب بِهِ للنَّاس لجمع الصَّلَاة
طَاف بِي وَأَنا نَائِم رجل يحمل ناقوسًا فِي يَده، فَقلت: يَا عبد الله، أتبيع الناقوس؟ فَقَالَ: وَمَا تصنع بِهِ؟ فَقلت: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاة، قَالَ:(أَفلا) أدلك عَلَى مَا هُوَ خير من ذَلِك؟ فَقلت: بلَى. فَقَالَ: تَقول: الله أكبر
…
» الحَدِيث. كَمَا سلف عَن (رِوَايَة) أَحْمد إِلَى قَوْله: (إِن شَاءَ الله (تَعَالَى قَالَ) فَقُمْ مَعَ بِلَال فألق عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فليؤذن بِهِ فَإِنَّهُ أندى (صَوتا مِنْك) . فَقُمْت مَعَ بِلَال فَجعلت ألقيه عَلَيْهِ وَيُؤذن بِهِ، فَسمع بذلك عمر بن الْخطاب رضي الله عنه وَهُوَ فِي بَيته فَخرج يجر رِدَاءَهُ (وَهُوَ) يَقُول: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ يَا رَسُول الله لقد رَأَيْت مثل مَا رَأَى. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَللَّه الْحَمد) .
(و) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث يَحْيَى بن سعيد الْأمَوِي عَن ابْن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ - كَمَا سلف - عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد، عَن أَبِيه قَالَ:(لما أَصْبَحْنَا (أتيت) رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرته بالرؤيا فَقَالَ: إِن هَذِه لرؤيا حَتَّى، فَقُمْ مَعَ بِلَال فَإِنَّهُ أندى - أَو أمد - صَوتا مِنْك، فألق عَلَيْهِ مَا قيل لَك (وليناد) بذلك (قَالَ) فَلَمَّا سمع عمر ابْن الْخطاب نِدَاء بِلَال بِالصَّلَاةِ خرج إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يجر إزَاره وَهُوَ يَقُول: يَا رَسُول الله، وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لقد رَأَيْت مثل الَّذِي قَالَ. قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: فَللَّه الْحَمد فَذَلِك أثبت) .
(و) رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث مُحَمَّد بن سَلمَة الْحَرَّانِي، (نَا) مُحَمَّد بن إِسْحَاق، ثَنَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد، عَن أَبِيه قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد هَمَّ بالبوق، وَأمر بالناقوس فنحت، فأري عبد الله بن زيد فِي الْمَنَام قَالَ: رَأَيْت رجلا عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران يحمل ناقوسًا، فَقلت (لَهُ) : يَا عبد الله، تبيع الناقوس؟ قَالَ: وَمَا تصنع بِهِ؟ قلت: أنادي بِهِ إِلَى الصَّلَاة. قَالَ: أَفلا أدلك عَلَى خير من ذَلِك؟ (قلت: وَمَا تَقول) قَالَ: تَقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ عَلَى الصَّلَاة، حَيّ عَلَى الصَّلَاة، حَيّ عَلَى الْفَلاح، حَيّ عَلَى الْفَلاح، الله أكبر الله أكبر، لَا إِلَه إِلَّا الله. (قَالَ) فَخرج عبد الله ابْن زيد حَتَّى أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ بِمَا رَأَى، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، رَأَيْت رجلا عَلَيْهِ ثَوْبَان أخضران يحمل ناقوسًا. فَقص عَلَيْهِ الْخَبَر فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: إِن صَاحبكُم قد رَأَى رُؤْيا، فَاخْرُج [مَعَ] (بِلَال) إِلَى الْمَسْجِد فَأَلْقِهَا عَلَيْهِ (وليناد) بِلَال فَإِنَّهُ أندى صَوتا مِنْك. قَالَ: فَخرجت مَعَ بِلَال إِلَى الْمَسْجِد فَجعلت ألقيها عَلَيْهِ وَهُوَ يُنَادي بهَا، فَسمع عمر بن الْخطاب
بالصوت فَخرج فَقَالَ: يَا رَسُول الله، وَالله لقد رَأَيْت مثل الَّذِي رَأَى) .
قَالَ ابْن ماجة: قَالَ أَبُو عبيد مُحَمَّد بن عبيد بن مَيْمُون: فَأَخْبرنِي أَبُو بكر الْحكمِي أَن عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ قَالَ فِي ذَلِك:
رام حمْدًا عَلَى الْأَذَان كثيرا
هـ فَأكْرم بِهِ لديَّ بشيرًا
كلما جَاءَ زادني توقيرًا
أَحْمد الله ذَا الْجلَال وَذَا الإك
إِذْ أَتَانِي (بِهِ) البشير من الل
فِي ليالٍ والى بِهن (ثَلَاثًا)
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» من حَدِيث يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، عَن أَبِيه، عَن ابْن إِسْحَاق، نَا مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم كَمَا سَاقه أَبُو دَاوُد.
وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» كَمَا سَاقه التِّرْمِذِيّ.
ولهذه الْقِصَّة طرق أُخْرَى فِي أبي دَاوُد وَغَيره حذفناها اختصارًا، وَلما أخرج التِّرْمِذِيّ هَذَا الحَدِيث عقبه بِأَن قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح. قَالَ: وَقد رَوَى هَذَا الحَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن مُحَمَّد (بن إِسْحَاق) أتم من هَذَا (الحَدِيث) وأطول وَذكر فِيهِ قصَّة الْأَذَان مثنى مثنى وَالْإِقَامَة مرّة مرّة. وَهَذِه الرِّوَايَة الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا التِّرْمِذِيّ من هَذَا الْوَجْه هِيَ الَّتِي قدمناها عَن أبي دَاوُد وَمن تبعه.
وَقَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» : هَذَا حَدِيث صَحِيح ثَابت من جِهَة النَّقْل؛ لِأَن مُحَمَّد ابْن عبد الله بن زيد بن عبد ربه سَمعه من أَبِيه، وَمُحَمّد بن إِسْحَاق قد سَمعه من مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم [ابْن الْحَارِث] التَّيْمِيّ وَلَيْسَ (هَذَا) مِمَّا دلسه ابْن إِسْحَاق (قَالَ) :(فَأَما) مَا رَوَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَن عبد الله بن زيد (فَغير ثَابت) من جِهَة النَّقْل وَقد خلطوا فِي أسانيدهم الَّتِي رووها عَنهُ فِي تَثْنِيَة الْأَذَان وَالْإِقَامَة جَمِيعًا.
سَمِعت مُحَمَّد بن يَحْيَى يَقُول: ابْن أبي لَيْلَى لم يدْرك عبد الله بن زيد، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى لم يسمع من معَاذ وَلَا من عبد الله بن زيد صَاحب الْأَذَان، فَغير جَائِز أَن يحْتَج بِخَبَر (غير) ثَابت عَلَى أَخْبَار ثَابِتَة.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي كتبه الثَّلَاثَة «السّنَن» و «الْمعرفَة» و «الخلافيات» : قَالَ مُحَمَّد بن يحيي: لَيْسَ فِي أَخْبَار عبد الله بن زيد (خبر) أصح من هَذَا - يَعْنِي حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد
بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد؛ لِأَن مُحَمَّدًا سمع من أَبِيه، وَابْن أبي لَيْلَى لم يسمع من عبد الله بن زيد.
قَالَ: وَفِي «كتاب الْعِلَل» لأبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن هَذَا الحَدِيث - يَعْنِي حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ فَقَالَ: حَدِيث صَحِيح.
وَقَالَ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي تَرْجَمَة عبد الله بن زيد رَاوِي هَذَا الحَدِيث: إِنَّمَا لم يخرج الشَّيْخَانِ هَذَا الحَدِيث فِي «صَحِيحَيْهِمَا» لاخْتِلَاف الناقلين فِي أسانيده، وأمثل الرِّوَايَات فِيهِ رِوَايَة سعيد بن الْمسيب، وَقد (توهم) بعض أَئِمَّتنَا فَادَّعَى أَن (سعيدًا) لم يلْحق عبد الله ابْن زيد، وَلَيْسَ كَذَلِك؛ فَإِن سعيد كَانَ (فِيمَن) يدْخل بَين عَلّي وَعُثْمَان فِي التَّوَسُّط، وَإِنَّمَا توفّي عبد الله بن زيد (فِي آخر خلَافَة عُثْمَان) .
قَالَ الْحَاكِم: وَحَدِيث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب مَشْهُور رَوَاهُ يُونُس بن يزِيد وَمعمر بن رَاشد وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَمُحَمّد بن إِسْحَاق قَالَ: واشتهر عبد الله بن زيد بِحَدِيث الْأَذَان الَّذِي تداوله فُقَهَاء الْإِسْلَام بِالْقبُولِ.
قَالَ: وَأما أَخْبَار الْكُوفِيّين فِي هَذَا الْبَاب فمدارها عَلَى حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي لَيْلَى فَمنهمْ من قَالَ: عَن معَاذ بن جبل (عَن) عبد الله
بن زيد، وَمِنْهُم من قَالَ: عَن عبد الرَّحْمَن، عَن عبد الله بن زيد، وَأما ولد عبد الله بن زيد، عَن آبَائِهِ عَنهُ فَإِنَّهَا غير مُسْتَقِيمَة الْإِسْنَاد.
فَائِدَتَانِ: الأولَى: عبد الله بن زيد رَاوِي هَذَا الحَدِيث هُوَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن زيد بن عبد ربه الْأنْصَارِيّ العقبي البدري. وَكَانَ [بداية] الْأَذَان فِي السّنة الأولَى من الْهِجْرَة بعد بِنَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَسْجده، وَتقدم فِي بَاب الْوضُوء فِي الحَدِيث الثَّانِي بعد الْأَرْبَعين مِنْهُ الْفرق بَين عبد الله بن زيد هَذَا وَعبد الله بن زيد رَاوِي حَدِيث صَلَاة الاسْتِسْقَاء وَغَيره إِلَى غير ذَلِك من الْفَوَائِد.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: سَمِعت البُخَارِيّ يَقُول: لَا يعرف لعبد الله بن زيد بن عبد ربه إِلَّا حَدِيث الْأَذَان. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: لَا (نَعْرِف) لَهُ شَيْئا يَصح عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد فِي الْأَذَان.
قلت: لَهُ غير ذَلِك من الْأَحَادِيث.
قَالَ الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي تَرْجَمَة عبد الله بن زيد: قد أسْند عبد الله بن زيد عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هَذَا الحَدِيث. ثمَّ سَاق من حَدِيث الْحميدِي، نَا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن دِينَار وَعبد الله بن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم، عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، عَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الَّذِي أُري (الْأَذَان) : (أَنه أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:
يَا رَسُول الله، حائطي هَذَا صَدَقَة وَهُوَ إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله. فجَاء أَبَوَاهُ فَقَالَا: يَا رَسُول الله، كَانَ قوام (عيشنا) فَرده رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمَا، ثمَّ مَاتَا فورثهما ابنهما بعد.
وَأخرجه بِنَحْوِهِ أَبُو نعيم فِي تَرْجَمته فِي «معرفَة الصَّحَابَة» .
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى فِي «مُسْنده» من حَدِيث عبد الْوَهَّاب، عَن عبيد الله، عَن بشير بن مُحَمَّد، عَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه (أَنه تصدق عَلَى أَبَوَيْهِ، ثمَّ توفيا فَرده إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مِيرَاثا) .
(وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْفَرَائِض عَن ابْن عبد الْأَعْلَى، [ثَنَا] ابْن وهب، عَن عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن أبي بكر بن حزم، عَن عبد الله بِهِ) .
وَله حَدِيث آخر فِي «مُسْند أَحْمد» قَالَ أَحْمد: نَا عبد الصمد بن عبد الْوَارِث، نَا أبان - يَعْنِي: الْعَطَّار - نَا يَحْيَى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الله ابْن زيد أَن أَبَاهُ حَدثهُ «أَنه شهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم (عِنْد) النَّحْر وَرجل من قُرَيْش وَهُوَ يقسم أضاحي، فَلم يصبهُ شَيْء وَلَا صَاحبه، فحلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شعره فِي ثَوْبه (فَأعْطَاهُ) فقسم مِنْهُ عَلَى رجال، وقلم أَظْفَاره فَأعْطَاهُ صَاحبه، قَالَ: فَإِنَّهُ لعندنا (مخضوب) بِالْحِنَّاءِ والكتم - يَعْنِي: شعره) .
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي «طبقاته» وَابْن عَسَاكِر فِي «تَارِيخ دمشق» أَيْضا، فقد عرفت لَهُ (إِذا) ثَلَاثَة أَحَادِيث، فاستفد ذَلِك؛ فَإِنَّهُ من الْمُهِمَّات.
(و) فِي «سنَن النَّسَائِيّ» عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور، أَنا سُفْيَان، عَن عَمْرو بن يَحْيَى، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن زيد - الَّذِي أرِي النداء - قَالَ: (رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأ، فَغسل وَجهه ثَلَاثًا وَيَديه مرَّتَيْنِ، وَغسل رجلَيْهِ مرَّتَيْنِ (وَمسح بِرَأْسِهِ مرَّتَيْنِ» . وَقيل إِنَّه من أَوْهَام سُفْيَان.
الْفَائِدَة الثَّانِيَة: (مَا) قدمنَا ذكره من طرق حَدِيث عبد الله بن زيد صَرِيح فِي أَنه أول (مَا ابتدأه برؤيا) الْأَذَان (وَأخذ) عَنهُ، وَهُوَ يضعف مَا رُوِيَ أَن ابتداءه كَانَ لَيْلَة الْإِسْرَاء وَقد رَوَاهُ كَذَلِك أَبُو الْقَاسِم إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد فِي «ترغيبه وترهيبه» وَقَالَ: إِنَّه غَرِيب لَا أعرفهُ إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَمن (ضَعِيف) هَذَا الْبَاب أَن عبد الله بن زيد هُوَ أذن أَولا، وَأَنه رَأَى الْأَذَان مَعَه بضعَة عشر صحابيًّا كَمَا نبه عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي «خلاصته» وَقد أوضحته فِي «تَخْرِيج أَحَادِيث الْوَسِيط» بِزِيَادَة فَوَائِد، فَرَاجعهَا مِنْهُ.