الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعضهم: هُوَ تَصْحِيف وَإِنَّمَا هُوَ نَائِما؛ أَي: بِالْإِشَارَةِ كَمَا رُوِيَ صلَاته عليه السلام عَلَى ظهر الدَّابَّة يُومِئ إِيمَاء، وَحمل الَّذِي قَالَ أَنه تَصْحِيف النّوم عَلَى ظَاهره، وَاسْتدلَّ بِأَمْر النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمُصَلِّي إِذا غَلبه النّوم أَن يقطع الصَّلَاة، وَإِذا حمل عَلَى الِاضْطِجَاع كَمَا ذكره الْأَئِمَّة انْدفع مَا أَشَارَ إِلَيْهِ، ذكر هَذَا كُله الْمُنْذِرِيّ فِي حَوَاشِيه، قَالَ الْعلمَاء: والْحَدِيث الْمَذْكُور فِي صَلَاة النَّافِلَة مَعَ الْقُدْرَة عَلَى الْقيام، فَأَما الفَرْضُ فَلَا يجوز قَاعِدا مَعَ الْقُدْرَة بِالْإِجْمَاع؛ فَإِن عجز لم ينقص ثَوَابه (و) لَا ينقص ثَوَاب فعل الْعَاجِز أَيْضا.
الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين
حَدِيث عَلّي رضي الله عنه: «فِي دُعَاء الاستفتاح» .
وَهُوَ حَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» مُنْفَردا بِهِ (عَنهُ) عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ: «أَنه كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة قَالَ: وجَّهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَاوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين، إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ، وَبِذَلِك أمرت وَأَنا (من) الْمُسلمين، اللَّهُمَّ أَنْت الْملك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أَنْت رَبِّي وَأَنا عَبدك، ظلمت نَفسِي وَاعْتَرَفت بذنبي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي جَمِيعًا [إِنَّه] لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، واهدني لأحسن الْأَخْلَاق لَا يهدي
لأحسنها إِلَّا أَنْت، واصرف عني سيئها، لَا يصرف عني سيئها إِلَّا أَنْت، لبيْك وَسَعْديك، وَالْخَيْر كُله فِي يَديك، وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك، أَنا بك وَإِلَيْك، تَبَارَكت وَتَعَالَيْت، أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك. وَإِذا ركع قَالَ: اللَّهُمَّ لَك ركعت وَبِك آمَنت وَلَك أسلمت، خشع لَك سَمْعِي وبصري ومخي وعظمي وعصبي. وَإِذا رفع قَالَ: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ملْء السَّمَاوَات وملء الأَرْض [وملء مَا بَينهمَا] وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد. وَإِذا سجد قَالَ: اللَّهُمَّ لَك سجدت وَبِك آمَنت وَلَك أسلمت، سجد وَجْهي للَّذي خلقه (وصوره) وشقَّ سَمعه وبصره، تبَارك الله أحسن الْخَالِقِينَ. ثمَّ يكون من آخرهَا يَقُول بَين التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم: اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخَّرت، وَمَا أسررتُ وَمَا أعلنت (وَمَا أسرفت) وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني، أَنْت المقدِّم وَأَنت المؤخِّر. لَا إِلَه إِلَّا أَنْت» .
وَفِي رِوَايَة لَهُ: «كَانَ إِذا افْتتح الصَّلَاة كبر ثمَّ قَالَ: وجهت وَجْهي. وَقَالَ: وَأَنا [أول] الْمُسلمين (قَالَ) : وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَالَ: سمع الله لمن حَمده، رَبنَا وَلَك الْحَمد. وَقَالَ: وصوره فَأحْسن صوره. وَقَالَ: إِذا سلَّم (قَالَ) : اللَّهُمَّ اغْفِر (لي) مَا قدمت
.. إِلَى آخِره، وَلم يقل: بَين التَّشَهُّد وَالتَّسْلِيم» .
وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ: «وَإِذا فرغ من صلَاته وسلَّم قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لي
…
» فَذكره، وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان فِي «صَحِيحه» بعد «حَنِيفا» ، «مُسلما» وَقَالَ فِي أَوله:«كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة» قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «الْمعرفَة» : قَالَ الشَّافِعِي عقب هَذَا الحَدِيث: وَبِهَذَا أَقُول (وآمر) وَأحب أَن يَأْتِي بِهِ كَمَا يرْوَى عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يُغَادر مِنْهُ شَيْئا، وَيجْعَل مَكَان «وَأَنا أول الْمُسلمين» :«وَأَنا من الْمُسلمين» ، لِأَن « (وَأَنا) أول الْمُسلمين» لَا تصلح لغير رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَبِذَلِك أَمر مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر وَجَمَاعَة من (فُقَهَاء) الْمَدِينَة.
(تَنْبِيهَانِ:) الأول: ذكر الرَّافِعِيّ أَنه عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ يَقُول بعد «حَنِيفا» : «مُسلما» وَقد عَلمته وَبعد: «لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك
…
» (وَبعده)«فالخير كُله (بيديك) » : «وَالْمهْدِي من هديت» .
وَقد رَوَاهُ كَذَلِك الشَّافِعِي فِي السّنَن المأثورة عَنهُ عَن مُسلم بن خَالِد وَعبد الْمجِيد بن أبي رواد قَالَا: ثَنَا ابْن جريج، أَخْبرنِي مُوسَى
بن عقبَة، عَن عبد الله بن الْفضل، عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، عَن عبيد بن أبي رَافع، عَن عَلّي
…
فَذكره سَوَاء، إِلَّا أَنه: قَالَ: «حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين» وَهُوَ فِي الْمسند بِلَفْظ: «وَالْمهْدِي من هديت» وَزَاد بعد ذَلِك قَوْله: «وَأَنا أول الْمُسلمين» (شَككت) أَن أحدهم قَالَ: «وَأَنا من الْمُسلمين، اللَّهُمَّ أَنْت الْملك لَا إِلَه إِلَّا (أَنْت) سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِك أَنْت رَبِّي» وَجزم فِي (رِوَايَته) فِي الْأُم بِرِوَايَة «وَأَنا أول الْمُسلمين» وَفِيه: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك» وَفِيه: « (وأعترف) بذنبي» وَفِيه «وَلَا يهدي لأحسنها إِلَّا أَنْت» وَفِيه «لَا ملْجأ وَلَا منْجَى مِنْك إِلَّا إِلَيْك» وَفِيه: «أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك» (وَفِي) وَرِوَايَة «الْأُم» الَّتِي ذَكرنَاهَا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَرِوَايَة الْمسند من حَدِيث عَلّي. وَجَاءَت أَحَادِيث أخر فِي الاستفتاح - بسبحانك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك - مِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن حُسَيْن بن عِيسَى، (نَا) طلق بن غَنَّام، نَا عبد السَّلَام بن حَرْب، عَن بُدَيل بن ميسرَة، عَن أبي الجوزاء، عَن عَائِشَة قَالَت:«كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا استفتح الصَّلَاة قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وتبارك اسْمك، وَتَعَالَى جدك، وَلَا إِلَه غَيْرك» .
قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بالمشهور عَن عبد السَّلَام
بن حَرْب، لم يروه إِلَّا طلق بن غنَّام، وَقد رَوَى قصَّة الصَّلَاة جمَاعَة غير وَاحِد، عَن بديل بن ميسرَة لم يذكرُوا فِيهِ شَيْئا من هَذَا.
قلت: طلق بن غَنَّام أخرج لَهُ البُخَارِيّ، وَعبد السَّلَام بن حَرْب وثَّقه أَبُو حَاتِم وَأخرج لَهُ الشَّيْخَانِ وَكَذَا من فَوْقه إِلَى عَائِشَة؛ لَا جرم قَالَ الْحَافِظ عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي: مَا علمت فِي هَذَا الْإِسْنَاد مجروحًا.
قلت: لكنه مُرْسل فَإِنَّهُ من رِوَايَة أبي الجوزاء، عَن عَائِشَة، وَقد أسلفنا فِي الحَدِيث أَنه مُرْسل مَعَ مَا فِيهِ من الْبَحْث، وَأما الْحَاكِم فَقَالَ بعد أَن رَوَاهُ فِي «مُسْتَدْركه» : هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم. ثمَّ ذكر لَهُ شَاهدا ثمَّ قَالَ: وَقد صحَّت الروايةُ فِيهِ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الخطَّاب أَنه كَانَ (يَقُوله) وَكَذَا قَالَ ابْن خُزَيْمَة فِي «صَحِيحه» أَنه صَحَّ عَن عمر أَنه كَانَ (يَقُوله) وَفِي أَفْرَاد مُسلم عَنهُ أَنه كَانَ يجْهر بهَا.
الثَّانِي: لما ذكر الرَّافِعِيّ هَذَا الحَدِيث قَالَ: وَذكر بعض الْأَصْحَاب أَن السُّنة فِي دُعَاء الاستفتاح أَن يَقُول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك
…
» إِلَى آخِره، ثمَّ يَقُول: «وجهت وَجْهي
…
» إِلَى آخِره، جمعا بَين الْأَخْبَار انْتَهَى، وَقد عرفت ذَلِك.