المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الحادي عشر - البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير - جـ ٣

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌بَاب الْمسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌بَاب الْحيض

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر)

- ‌(الحَدِيث) التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس وَالْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس وَالْعشْرُونَ

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب أَوْقَات الصَّلَاة

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌(الحَدِيث التَّاسِع)

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي (بعد الثَّلَاثِينَ)

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث (بعد الثَّلَاثِينَ)

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الْخَمْسُونَ

- ‌بَاب الْأَذَان

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد (الثَّلَاثِينَ)

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌بَاب اسْتِقْبَال الْقبْلَة

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌بَاب صفة الصَّلَاة

- ‌الحَدِيث الأول

- ‌الحَدِيث الثَّانِي

- ‌الحَدِيث الثَّالِث

- ‌الحَدِيث الرَّابِع

- ‌الحَدِيث الْخَامِس

- ‌الحَدِيث السَّادِس

- ‌الحَدِيث السَّابِع

- ‌الحَدِيث الثَّامِن

- ‌الحَدِيث التَّاسِع

- ‌الحَدِيث الْعَاشِر

- ‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّانِي عشر

- ‌الحَدِيث الثَّالِث عشر

- ‌الحَدِيث الرَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الْخَامِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّادِس عشر

- ‌الحَدِيث السَّابِع عشر

- ‌الحَدِيث الثَّامِن عشر

- ‌الحَدِيث التَّاسِع عشر

- ‌الحَدِيث الْعشْرُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّاني بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث السابعُ بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الْعشْرين

- ‌الحَدِيث الثَّلَاثُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي و (الثَّانِي وَالثَّالِث بعد) الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الثَّلَاثِينَ

- ‌الحَدِيث الْأَرْبَعُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الْأَرْبَعين

- ‌الحَدِيث الْخَمْسُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث:

- ‌الحَدِيث الرَّابِع:

- ‌الحَدِيث الْخَامِس:

- ‌الحَدِيث السَّادِس:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي:

- ‌الحَدِيث الثَّالِث:

- ‌الحَدِيث الرَّابِع:

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الْخمسين

- ‌الحَدِيث السِّتُّونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد السِّتين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد السِّتين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد السِّتين

- ‌(الحَدِيث الرَّابِع بعد السِّتين

- ‌الحَدِيث (الْخَامِس) بعد السِّتين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد السِّتين

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد السِّتين

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد السِّتين

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد السِّتين

- ‌الحَدِيث السبعون

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد (السّبْعين)

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد السّبْعين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد السّبْعين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد السّبْعين

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد السّبْعين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد السّبْعين

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد السّبْعين

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد السّبْعين

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد السّبْعين

- ‌الحَدِيث الثَّمَانُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث الثَّامِن بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث التَّاسِع بعد الثَّمَانِينَ

- ‌الحَدِيث التِّسْعُونَ

- ‌الحَدِيث الْحَادِي بعد التسعين

- ‌الحَدِيث الثَّانِي بعد التسعين

- ‌الحَدِيث الثَّالِث بعد التسعين

- ‌الحَدِيث الرَّابِع بعد التسعين

- ‌الحَدِيث الْخَامِس بعد التسعين

- ‌الحَدِيث السَّادِس بعد التسعين

- ‌الحَدِيث السَّابِع بعد التسعين

الفصل: ‌الحديث الحادي عشر

الله - تَعَالَى -: (ويسألونك عَن الْمَحِيض) إِلَى آخر الْآيَة، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ: اصنعوا كل شَيْء إِلَّا النِّكَاح» .

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظ: «غير» بدل «إِلَّا» . وَرَوَاهُ الدَّارمِيّ فِي «مُسْنده» بِلَفْظ: «فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ أَن يؤاكلوهن ويشاربوهن و (أَن) يكن مَعَهم فِي الْبيُوت، وَأَن يصنعوا كل شَيْء مَا خلا النِّكَاح» . وَرَوَاهَا النَّسَائِيّ (أَيْضا) بِلَفْظ: «ويجامعوهن فِي الْبيُوت وَأَن يصنعوا كل شَيْء مَا خلا النِّكَاح» .

فَائِدَة: مَعْنَى المجامعة هُنَا: المخالطة. وروينا عَن الْوَاقِدِيّ أَن السَّائِل هُوَ أَبُو الدحداح.

‌الحَدِيث الْحَادِي عشر

عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ: «من أَتَى امْرَأَته حَائِضًا فليتصدق بِدِينَار وَمن أَتَاهَا وَقد أدبر الدَّم فليتصدق بِنصْف دِينَار» وَفِي رِوَايَة: «إِذا وَطئهَا فِي إقبال الدَّم فدينار، وَإِن وَطئهَا فِي إدبار الدَّم بعد انْقِطَاعه وَقبل الغسيل فَعَلَيهِ نصف دِينَار» وَفِي رِوَايَة: «إِذا وَقع بأَهْله وَهِي حَائِض (إِن) كَانَ دَمًا أَحْمَر فليتصدق بِدِينَار، وَإِن كَانَ أصفر فليتصدق

ص: 75

بِنصْف دِينَار» وَفِي رِوَايَة: «من أَتَى حَائِضًا تصدق بدينارٍ أَو نصف دِينَار» .

هَذَا الحَدِيث مدون بِكُل هَذِه الرِّوَايَات.

أما الرِّوَايَة الأولَى فرواها الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث (ابْن) جريج عَن أبي أُميَّة الْبَصْرِيّ، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا:«إِذا أَتَى أحدكُم امْرَأَته فِي الدَّم فليتصدق بِدِينَار، وَإِذا وَطئهَا وَقد رَأَتْ الطُّهْر وَلم تَغْتَسِل فليتصدق بِنصْف دِينَار» .

(وَرَوَاهَا) أَيْضا من حَدِيث ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا:«فِي الرجل يَأْتِي امْرَأَته وَهِي حَائِض، قَالَ: إِن أَتَاهَا فِي الدَّم تصدق بِدِينَار، وَإِذا أَتَاهَا فِي غير الدَّم تصدق بِنصْف دِينَار» .

وَأما الرِّوَايَة الثَّانِيَة: فرواها الْبَيْهَقِيّ أَيْضا لَكِن (من) تَفْسِير مقسم الرَّاوِي، عَن ابْن عَبَّاس رَوَاهَا (من حَدِيث) روح بن عبَادَة، عَن (سعيد بن) أبي عرُوبَة، عَن عبد الْكَرِيم بن (أبي) أُميَّة، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس «أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ (أمره أَن يتَصَدَّق) بِدِينَار أَو نصف دِينَار» وَفسّر ذَلِك مقسم فَقَالَ:«إِن غشيها فِي الدَّم فدينار، وَإِن غشيها بعد انْقِطَاع الدَّم قبل أَن تَغْتَسِل فَنصف دِينَار» .

ص: 76

وَرَوَاهُ (الدَّارمِيّ) من حَدِيث سُفْيَان، عَن ابْن جريج، عَن عبد الْكَرِيم، عَن رجل، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«إِذا أَتَاهَا فِي دم فدينار، وَإِذا أَتَاهَا وَقد انْقَطع الدَّم فَنصف دِينَار» .

وَأما الرِّوَايَة الثَّالِثَة: فرواها التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الْكَرِيم عَن مقسم أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ: «إِذا كَانَ دَمًا أَحْمَر فدينار و (إِذا) كَانَ دَمًا أصفر فَنصف دِينَار» .

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظ: «إِن كَانَ الدَّم عبيطًا فليتصدق بِدِينَار، وَإِن كَانَ الدَّم أصفر فليتصدق بِنصْف دِينَار» .

وَرَوَاهُ ابْن (الْجَارُود) فِي «الْمُنْتَقَى» مُخْتَصرا بِلَفْظ أَنه عليه السلام قَالَ: «فليتصدق بِدِينَار أَو نصف دِينَار» .

وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِلَفْظ: «من أَتَى امْرَأَته وَهِي حَائِض فَعَلَيهِ دِينَار، وَمن أَتَاهَا فِي الصُّفْرَة فَنصف دِينَار» .

رَوَاهُ من حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن عبد الْكَرِيم وَعلي بن بذيمة وخصيف، عَن مقسم بِهِ.

وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من هَذَا الْوَجْه بِلَفْظ: «من أَتَى امْرَأَته فِي الدَّم فَعَلَيهِ دِينَار، وَفِي الصُّفْرَة نصف دِينَار» .

ص: 77

و (رَوَاهُ) أَبُو يعْلى فِي «مُسْنده» عَن عَلّي بن الْجَعْد، عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس رَفعه «فِي رجل جَامع امْرَأَته وَهِي حَائِض، فَقَالَ: إِن كَانَ دَمًا عبيطًا فليتصدق بِدِينَار، وَإِن كَانَ فِيهِ صفرَة فَنصف دِينَار» .

رَوَاهُ (الدَّارمِيّ) فِي «مُسْنده» عَن عبيد الله بن مُوسَى، عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن عبد الْكَرِيم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ:«إِذا أَتَى الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض فَإِن كَانَ الدَّم عبيطًا فليتصدق بِدِينَار، وَإِن (كَانَ) صفرَة فليتصدق بِنصْف دِينَار» .

وَأما الرِّوَايَة الرَّابِعَة فقد اسلفناها عَن رِوَايَة ابْن الْجَارُود وَلها طرق أُخْرَى:

إِحْدَاهَا - وَهِي أَقْوَى طرق الحَدِيث -: عَن شُعْبَة، عَن الحكم، عَن عبد الحميد (بن عبد الرَّحْمَن) ، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ «فِي الَّذِي (أَتَى) امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ: يتَصَدَّق بِدِينَار أَو نصف دِينَار» .

رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ،

ص: 78

وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمْ» ، وَابْن الْجَارُود فِي «الْمُنْتَقَى» وَالْحَاكِم فِي «الْمُسْتَدْرك» وَالْبَيْهَقِيّ فِي «السّنَن» وَرَوَاهُ (الدَّارمِيّ) مَوْقُوفا، ثمَّ قَالَ: قَالَ شُعْبَة: أما حفظي فَهُوَ مَرْفُوع، وَأما فلَان وَفُلَان [فَقَالَا] غير مَرْفُوع، فَقَالَ بعض الْقَوْم: حَدثنَا بحفظك و [دع] مَا قَالَ فلَان وَفُلَان) قَالَ: وَالله مَا أحب أَنِّي عمرت فِي الدُّنْيَا عمر نوح وَأَنِّي حدثت بِهَذَا أَو سكت عَن هَذَا.

ثَانِيهَا: عَن المكفوف، عَن أَيُّوب بن خوط - بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة - عَن قَتَادَة، عَن ابْن عَبَّاس، رَفعه:«فليتصدق بِدِينَار (أَو بِنصْف دِينَار) » .

رَوَاهُ عبد الْملك بن حبيب الْمَالِكِي فِيمَا حَكَاهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين الْقشيرِي فِي (الإِمَام) عَنهُ.

ثَالِثهَا: عَن يَعْقُوب بن عَطاء، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا «فِي الَّذِي يَقع عَلَى امْرَأَته وَهِي حَائِض يتَصَدَّق بِدِينَار أَو نصف دِينَار» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ.

ص: 79

رَابِعهَا: عَن شريك، عَن خصيف، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا «فِي الرجل يَقع عَلَى امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ: يتَصَدَّق بِنصْف دِينَار» .

رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، عَن عَلّي بن حُجر، عَن شريك بِهِ، وَفِي بعض نسخه:«دِينَار أَو نصف دِينَار» ، وَعَلَيْهَا اعْتمد صَاحب الإِمَام. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد، عَن مُحَمَّد بن الصَّباح، عَن شريك بِهِ بِلَفْظ:«إِذا وَقع الرجل بأَهْله وَهِي حَائِض فليتصدق بِنصْف دِينَار» . (و) رَوَاهُ الدَّارمِيّ عَن أبي الْوَلِيد وَغَيره عَن شريك بِهِ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيث شريك، عَن خصيف، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، وَمن حَدِيث شريك، عَن خصيف، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، وَمن حَدِيث الْحجَّاج عَن خصيف، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس.

قلت: وَرُوِيَ أَيْضا (عَلَى) نمط آخر رَوَاهُ أَحْمد فِي «مُسْنده» ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث عَطاء الْعَطَّار، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا «فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته وَهِي حَائِض: يتَصَدَّق بِدِينَار، فَإِن لم يجد فبنصف دِينَار» .

ص: 80

وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي كتاب «الصَّلَاة» عَن سُفْيَان، عَن عَلّي بن بذيمة بِهِ، عَن مقسم، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ «فِي الَّذِي يَقع عَلَى امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ: نصف دِينَار» ثمَّ قَالَ: وحَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن خصيف، عَن مقسم، عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ مثله.

إِذا عرفت هَذِه الطّرق فقد أعلت الرِّوَايَة الأولَى بمقسم. (قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم الظَّاهِرِيّ: مقسم) لَيْسَ بِالْقَوِيّ فَسقط الِاحْتِجَاج بِهِ.

قلت: وَأَبُو أُميَّة الْبَصْرِيّ الْمَذْكُور فِي إِسْنَاده هُوَ عبد الْكَرِيم الْمَذْكُور فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة وستعلم مَا فِيهِ، وأعلت أَيْضا بالاختلاف كَمَا سَيَأْتِي، وَأما الرِّوَايَة الثَّانِيَة (وَالثَّالِثَة) فقد (أعلتا) بِعَبْد الْكَرِيم، رَوَاهُ عَن مقسم وَاخْتلف فِيهِ، فَقيل: إِنَّه ابْن أبي الْمخَارِق. وَبِه صرح أَبُو يعْلى فِي «مُسْنده» كَمَا سلف، وَكَذَا الْبَيْهَقِيّ فَإِنَّهُ صرح بِأَنَّهُ أَبُو أُميَّة، و (نَقله) عَن الْحَاكِم عَن الْفَقِيه أبي بكر بن إِسْحَاق كَمَا سَيَأْتِي، وَجزم (بِهِ أَيْضا) ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» و «جَامع المسانيد» وَقد أخرج لَهُ البُخَارِيّ تَعْلِيقا فِي بَاب التَّهَجُّد من «صَحِيحه» فَقَالَ: قَالَ سُفْيَان. وَزَاد: عبد الْكَرِيم أَبُو أُميَّة. وَأخرج لَهُ مُسلم مُتَابعَة، وَقَالَ صَاحب «الْكَمَال» : اسْتِقْلَالا. وَأما (أَبُو) أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ فَإِنَّهُ كذبه، وَضرب أَحْمد عَلَى حَدِيثه، وَقَالَ: إِنَّه شَبيه بالمتروك. وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. وَقَالَ السَّعْدِيّ: غير ثِقَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ: مَتْرُوك. وَقَالَ ابْن حبَان:

ص: 81

كثير الْوَهم فَاحش الْخَطَأ، فَلَمَّا كثر ذَلِك مِنْهُ (بَطل) الِاحْتِجَاج بِهِ. وَقيل:(إِنَّه) ابْن مَالك الْجَزرِي. قَالَ صَاحب «الإِمَام» : بَلغنِي عَن الوقشي أَنه قَالَ: عبد الْكَرِيم هَذَا هُوَ ابْن مَالك أَبُو سعيد الْجَزرِي. قَالَ: وَرِوَايَة الْبَيْهَقِيّ (يَعْنِي الَّتِي قدمناها تضعف قَول الوقشي فَإِن فِيهَا التَّصْرِيح بِأَنَّهُ أَبُو أُميَّة، قلت: لَا) وَرِوَايَة أبي يعْلى الَّتِي أسلفناها أصرح مِنْهَا؛ فَإِنَّهُ قَالَ: فِيهَا عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق، وَلَو صحت هَذِه الْمقَالة لَكَانَ الحَدِيث من هَذَا الْوَجْه صَحِيحا؛ لِأَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي من الثِّقَات الْحفاظ المكثرين، خرج حَدِيثه فِي «الصَّحِيحَيْنِ» وَبَاقِي الْكتب السِّتَّة، وَلَا يضر توقف ابْن حبَان فِيهِ، وَإِن كَانَ لَهُ مَا يُنكر، فقد احْتج بِمن هُوَ دونه، ثمَّ رَأَيْت الْحَافِظ جمال الدَّين الْمزي جزم بِهَذِهِ الْمقَالة فَذكر هَذَا الحَدِيث فِي «أَطْرَافه» فِي تَرْجَمَة عبد الْكَرِيم الْجَزرِي، فَقَوِيت هَذِه الْمقَالة، فَلَعَلَّ الحَدِيث عَنْهَا وَالله أعلم بِالصَّوَابِ، وَالْقلب إِلَى الأول أميل، وأعلتا أَيْضا بالاختلاف حَيْثُ رَوَاهُ هِشَام الدستوَائي عَن عبد الْكَرِيم فَوَقفهُ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَنهُ، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس «فِي الَّذِي يَأْتِي امْرَأَته وَهِي حَائِض قَالَ: يتَصَدَّق بِدِينَار أَو بِنصْف دِينَار» قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهَذَا أشبه بِالصَّوَابِ، وَعبد الْكَرِيم غير مُحْتَج بِهِ.

قَالَ: وَرَوَاهُ ابْن أبي عرُوبَة عَن عبد الْكَرِيم. فَجعل التَّفْسِير من قَول مقسم، قَالَ: وَقيل: عَن سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن عبد الْكَرِيم، (عَن

ص: 82

عِكْرِمَة) ، عَن ابْن عَبَّاس. قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ، عَن عبد الْكَرِيم، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا. قَالَ: وَرُوِيَ هَذَا مَوْقُوفا عَلَى ابْن عَبَّاس.

وَفِي «علل» أَحْمد، عَن عبد الله قَالَ: حَدَّثَني أبي، حَدثنَا سُفْيَان، عَن عبد الْكَرِيم [أبي] أُميَّة، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس:«إِذا أَتَى امْرَأَته وَهِي حَائِض» قيل لِسُفْيَان: يَا أَبَا مُحَمَّد، هَذَا مَرْفُوع. فَأَبَى أَن يرفعهُ، وَقَالَ: أَنا أعلم بِهِ (يَعْنِي أَبَا أُميَّة) . وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي «علله» : لَيْسَ لَهُم مَا يعتلون بِهِ عَلَى رِوَايَة عبد الْكَرِيم، غير أَن مِنْهُم من يرفعهُ كَمَا (نقل) الثَّوْريّ عَنهُ، وَمِنْهُم من يقفه كَمَا فعل ابْن جريج عَنهُ، وَعِنْدِي أَنه غير قَادِح.

وَأما الرِّوَايَة الرَّابِعَة فَفِيهَا مَا فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة.

الطَّرِيقَة الثَّانِيَة: فأعلت بالمكفوف، وَقيل: لَا يعرف من هُوَ. كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «الإِمَام» .

وَأَيوب بن خوط أَبُو أُميَّة الْبَصْرِيّ تَرَكُوهُ، قَالَ يَحْيَى: ضَعِيف لَا يكْتب حَدِيثه. وَكَذَا قَالَ النَّسَائِيّ بِزِيَادَة: لَيْسَ بِثِقَة. وَقَالَ الفلاس: لم يكن

ص: 83

من أهل الحَدِيث، كَانَ كثير الْغَلَط كثير الْوَهم، يَقُول بِالْقدرِ، مَتْرُوك الحَدِيث.

وَأما الطَّرِيقَة الثَّالِثَة مِنْهَا؛ فأعلها الْبَيْهَقِيّ بِيَعْقُوب بن عَطاء فَقَالَ عقب إِخْرَاجه لَهُ: يَعْقُوب هَذَا لَا يحْتَج بحَديثه. قَالَ الشَّيْخ (تَقِيّ) الدَّين فِي «الإِمَام» : قد قَالَ ابْن عدي: ليعقوب هَذَا أَحَادِيث صَالِحَة، وَهُوَ مِمَّن يكْتب حَدِيثه، وَعِنْده غرائب. قلت: وَأخرج لَهُ ابْن حبَان (وَالْحَاكِم) فِي «صَحِيحَيْهِمَا» .

وَأما الطَّرِيقَة الرَّابِعَة: فأعلت بِأُمُور: أَحدهَا بِشريك، وَهُوَ القَاضِي، قَالَ ابْن حزم فِي «محلاه» : شريك رَوَاهُ عَن خصيف، وَكِلَاهُمَا ضَعِيف، فَسقط الِاحْتِجَاج بِهِ.

قلت: شريك هَذَا وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَا بَأْس بِهِ. وَقَالَ الْعجلِيّ: ثِقَة حسن الحَدِيث. وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ، وَرَوَى لَهُ مُسلم مُتَابعَة، وَأخرج لَهُ أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة، نعم قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ الْقطَّان: مَا زَالَ مخلطًا. وَقَالَ أَبُو حَاتِم لَهُ (أغاليط) .

ثَانِيهَا: خصيف بن عبد الرَّحْمَن الْجَزرِي الَّذِي ضعفه ابْن حزم وَهُوَ مقارب الْأَمر، ضعفه أَحْمد فَقَالَ: لَيْسَ بِقَوي فِي الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة عَنهُ: ضَعِيف الحَدِيث. وَقَالَ يَحْيَى الْقطَّان: كُنَّا نجتنبه. وَقَالَ

ص: 84

أَبُو حَاتِم: تكلم فِي سوء حفظه وَهُوَ صَالح. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: غير مُحْتَج بِهِ. وَقَالَ فِي كتاب الْحَج: إِنَّه غير قوي. وَقَالَ النَّسَائِيّ مرّة: لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَقَالَ مرّة: صَالح. وَقَالَ ابْن الْقطَّان فِي «علله» : ضَعِيف (وَإِن) كَانَ يخلط فِي محفوظه.

(وَوَثَّقَهُ) جماعات، قَالَ يَحْيَى بن معِين: هُوَ ثِقَة. وَقَالَ مرّة: صَالح. وَقَالَ مرّة: لَا بَأْس (بِهِ) . وَقَالَ ابْن سعد: كَانَ ثِقَة. وَكَذَا قَالَ أَبُو زرْعَة أَيْضا، وَقَالَ ابْن عدي: إِذا حدث عَنهُ ثِقَة فَلَا بَأْس بحَديثه. وَصحح الْحَاكِم حَدِيثه فِي «الْمُسْتَدْرك» وَلما نقل (النَّوَوِيّ) فِي «شرح الْمُهَذّب» فِي كتاب الْحَج عَن الْبَيْهَقِيّ تَضْعِيفه خصيف قَالَ: قد قَالَه غَيره، وَلَكِن قد خَالفه فِيهِ كَثِيرُونَ من الْحفاظ وَالْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين فِي هَذَا الشَّأْن، ثمَّ نقل توثيقه عَن ابْن معِين وَابْن سعد وَالنَّسَائِيّ.

وَالْأَمر الثَّالِث: الِاخْتِلَاف، قَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد أَن رَوَاهُ فِي «سنَنه» فِي (هَذِه) الطَّرِيق: رَوَاهُ شريك مرّة فَشك فِي رَفعه، وَرَوَاهُ (الثَّوري) عَن عَلّي بن (بذيمة)(وخصيف) لَا يحْتَج بِهِ، وَقَالَ ابْن الْقطَّان

ص: 85

فِي «علله» : (يُزَاد) إِلَى تَضْعِيف خصيف اضْطِرَاب متن هَذَا الحَدِيث الَّذِي من رِوَايَته، وَبَيَان اضطرابه هُوَ أَن ابْن جريج وَأَبا خَيْثَمَة وَغَيرهمَا روياه عَن خصيف فَقَالَا فِيهِ:«بِنصْف دِينَار» وَرَوَاهُ شريك وَغَيره عَنهُ فَقَالَ فِيهِ «بِدِينَار» وَكَذَا قَالَ عَنهُ الثَّوْريّ إِلَّا أَنه أرْسلهُ فَلم يذكر ابْن عَبَّاس، وَعَن شريك فِيهِ رِوَايَة أُخْرَى قَالَ فِيهِ: عَن خصيف، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ فِيهِ:«بِنصْف دِينَار» أَيْضا هَكَذَا جعله فِي هَذِه الرِّوَايَة عَن عِكْرِمَة لَا عَن مقسم، والْحَدِيث إِنَّمَا هُوَ عَن مقسم وَحمل فِيهِ النَّسَائِيّ عَلَى شريك وَخطأ قَوْله عَن عِكْرِمَة. قَالَ: وَهَذَا الِاضْطِرَاب عِنْدِي مُمكن أَن يكون من خصيف لَا من أَصْحَابه (لما) عهد من سوء حفظه.

وَأما الطَّرِيقَة الَّتِي أوردناها من طَرِيق أَحْمد وَالْبَيْهَقِيّ فاحتج بهَا ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» لما أوردهُ من مُسْند الإِمَام أَحْمد (وأعلها) الْبَيْهَقِيّ بعطاء وَقَالَ: هُوَ ابْن عجلَان وَهُوَ ضَعِيف مَتْرُوك (وَقَالَ) وَقد قيل عَنهُ عَن عَطاء وَعِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس وَلَيْسَ بِشَيْء. قَالَ: وَرُوِيَ عَن عَطاء (وَعِكْرِمَة أَنَّهُمَا قَالَا: «لَا شَيْء عَلَيْهِ ويستغفر الله» قَالَ: وَقد قيل: عَن ابْن جريج، عَن عَطاء) ، عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا، فَإِن كَانَ

ص: 86

مَحْفُوظًا (فَهُوَ) من قَول ابْن عَبَّاس يَصح. ثمَّ سَاقهَا - وَقد ذَكرنَاهَا فِي آخر الرِّوَايَة الأولَى - قَالَ: وَرُوِيَ عَن عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء قَالَ:«لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء إِلَّا أَن يسْتَغْفر الله» قَالَ (الْبَيْهَقِيّ) : وَالْمَشْهُور عَن ابْن جريج، عَن عبد الْكَرِيم أبي أُميَّة، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس كَمَا سلف. هَذَا آخر كَلَامه، وَاعْترض الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين الْقشيرِي فَقَالَ فِي «الإِمَام» : قَوْله فِي الْمَوْقُوف عَن ابْن عَبَّاس «إِن كَانَ مَحْفُوظًا» تمريض عَجِيب؛ فَإِن رُوَاته عَن آخِرهم ثِقَات. قَالَ: وَقَوله: رُوِيَ عَن عبد الرَّزَّاق، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء قَالَ:«لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا أَن يسْتَغْفر الله» . لَعَلَّه يُشِير إِلَى الاستضعاف بمخالفة الرَّاوِي، وَذَلِكَ مفتقر إِلَى تَصْحِيح الرِّوَايَة عَن عبد الرَّزَّاق وَبعد صِحَّته، فقد علم مَا فِي مُخَالفَة الرَّاوِي. قَالَ: وَقَوله: «وَالْمَشْهُور

» إِلَى آخِره. كَأَنَّهُ يقْصد بِهِ أَيْضا الاستضعاف، وَلَيْسَ تتعارض (تِلْكَ) الرِّوَايَة مَعَ هَذِه.

وَأما الطَّرِيقَة الأولَى من طرق الرِّوَايَة الرَّابِعَة وَهِي طَريقَة شُعْبَة عَن الحكم (فإسنادها) صَحِيح من غير شكّ وَلَا مرية، وكل رُوَاته مخرج لَهُم فِي «الصَّحِيحَيْنِ» خلا مقسم بن بجرة (بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَالْجِيم كشجرة، وَقيل: ابْن بجوة) وَقيل: ابْن نجدة. فَانْفَرد بِإِخْرَاج حَدِيثه البُخَارِيّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حَاتِم فِي حَقه: صَالح الحَدِيث لَا بَأْس بِهِ.

ص: 87

و (لَا أسلم) لِابْنِ حزم قَوْله فِيهِ فِي «محلاه» إِثْر هَذَا الحَدِيث: (مقسم) لَيْسَ (هُوَ) بِالْقَوِيّ (فَسقط) الِاحْتِجَاج بِهِ. فَإِنَّهُ من أَفْرَاده، فَهَذَا الْإِسْنَاد إِذن عَلَى شَرط «الصَّحِيح» لَا جرم أَن الْحَاكِم لما (خرج) الحَدِيث فِي «مُسْتَدْركه» ) من الطَّرِيق الْمَذْكُورَة قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح. (فَقَالَ) : فقد احتجا بمقسم بن نجدة.

قلت: لَا، بل البُخَارِيّ (فَقَط) ، وَقد عده جمَاعَة من أَفْرَاده كَابْن طَاهِر وَصَاحب «الإِمَام» والمزي والذهبي.

قَالَ الْحَاكِم: فَأَما عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن فَإِنَّهُ ثِقَة مَأْمُون. قَالَ: وَشَاهده وَدَلِيله مَا حدّثنَاهُ، فَذكر من حَدِيث أبي الْحسن الْجَزرِي، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:«إِذا أَصَابَهَا فِي الدَّم فدينار، وَإِذا أَصَابَهَا فِي انْقِطَاع الدَّم فَنصف دِينَار» ثمَّ قَالَ: قد أرسل هَذَا الحَدِيث وأوقف أَيْضا. قَالَ: وَنحن عَلَى أصلنَا (الَّذِي أصلناه) وَأَن القَوْل قَول الَّذِي يسند ويصل إِذا كَانَ ثِقَة.

قلت: وَهَذَا الشَّاهِد الَّذِي اسْتشْهد بِهِ قد أخرجه أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» فِي موضِعين مِنْهُ، وَصحح الحَدِيث من هَذَا الْوَجْه أَيْضا الْحَافِظ أَبُو الْحسن ابْن الْقطَّان كَمَا سَيَأْتِي، وَكَذَلِكَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين

ص: 88

الْقشيرِي فِي «الإِمَام» فَقَالَ: هَذِه الطَّرِيقَة هِيَ أَقْوَى طرقه. ثمَّ سَاقهَا بِإِسْنَادِهِ (وَعَزاهَا) قَالَ: وَعبد الحميد الْمَذْكُور، قَالَ أَحْمد: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَالَ: وكل من فِي الْإِسْنَاد قبله من رجال «الصَّحِيحَيْنِ» .

قلت: وَهُوَ أَيْضا كَمَا تقدم. قَالَ: ومقسم أخرج لَهُ البُخَارِيّ. وَقَالَ: وَمن هَذَا الْوَجْه صحّح الحَدِيث من صَححهُ. قَالَ: وَذكر الْخلال، عَن أبي دَاوُد أَن أَحْمد قَالَ: مَا أحسن حَدِيث عبد الحميد فِيهِ. قيل لَهُ: (أتذهب) إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعم إِنَّمَا هُوَ (كَفَّارَة) .

قلت: وَيَنْبَغِي أَن يعلم أَن أَحَادِيث الحكم عَن مقسم كتاب إِلَّا خَمْسَة أَحَادِيث، هَذَا أَحدهَا، وَحَدِيث الْوتر والقنوت، وعزمة الطَّلَاق، وَجَزَاء مثل مَا قتل من النعم، كَمَا ذكره الْبَغَوِيّ عَن شُعْبَة. (ثمَّ) من أعل هَذَا الحَدِيث أعله بِوُجُوه (كَمَا نبه عَلَيْهَا صَاحب «الإِمَام» ) أَحدهَا: الِاخْتِلَاف فِي رَفعه وَوَقفه، فرفعه يَحْيَى بن سعيد وَمُحَمّد بن جَعْفَر وَابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، وَمن (جهتهم) أخرجه ابْن مَاجَه (وَرَفعه) أَيْضا وهب بن جرير وَسَعِيد بن عَامر عَن شُعْبَة، وَمن جهتهما أخرجه ابْن الْجَارُود، وَكَذَلِكَ النَّضر بن شُمَيْل، وَمن جِهَته أخرجه الْبَيْهَقِيّ، وَقَالَ عقبه: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بن سعيد الْقطَّان وَعبد الْوَهَّاب بن عَطاء، عَن شُعْبَة، وَلم يرفعهُ عبد الرَّحْمَن وَلَا بهز عَن شُعْبَة،

ص: 89

فِيمَا ذكره الإِمَام أَحْمد. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي عَن حَدِيث مقسم هَذَا؟ فَقَالَ: اخْتلفت الروَاة فِيهِ، فَمنهمْ من يرويهِ عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا، وَمِنْهُم من يرويهِ عَن مقسم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ مُرْسلا، وَأما من حَدِيث شُعْبَة، فَإِن يَحْيَى بن سعيد أسْندهُ، وَحَكَى أَن شُعْبَة قَالَ: أسْندهُ الحكم لي مرّة وَوَقفه مرّة. وَقَالَ أبي: لم يسمع الحكم من مقسم هَذَا الحَدِيث. وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد أَن ذكر الِاخْتِلَاف عَلَى شُعْبَة: إِن شُعْبَة رَجَعَ [عَن] رَفعه. قَالَ: وَقد بَين عبد الرَّحْمَن بن مهْدي (رُجُوعه عَنهُ بَعْدَمَا كَانَ يرفعهُ ثمَّ ذكره بِإِسْنَادِهِ كَذَلِك، قَالَ ابْن مهْدي) قيل لشعبة: إِنَّك كنت ترفعه؟ قَالَ: إِنِّي كنت مَجْنُونا فصححت. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: فقد رَجَعَ شُعْبَة عَن رَفعه وَجعله من قَول ابْن عَبَّاس.

الْوَجْه الثَّانِي: الِاخْتِلَاف فِي إِسْنَاده فَرَوَاهُ (إِبْرَاهِيم) بن طهْمَان، عَن مطر الْوراق، عَن الحكم بن (عتيبة) عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَكَذَا رَوَاهُ جمَاعَة، وَفِي رِوَايَة (شُعْبَة: عَن الحكم، عَن عبد الحميد) ، عَن مقسم، دلَالَة عَلَى أَن الحكم لم يسمعهُ من مقسم إِنَّمَا سَمعه من عبد الحميد عَن مقسم. قَالَ: وَرَوَاهُ عبد الْوَهَّاب (بن) عَطاء، عَن (سعيد) عَن قَتَادَة، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام

ص: 90

أمره أَن يتَصَدَّق بِدِينَار (أَو) نصف دِينَار» ففسره قَتَادَة قَالَ: «إِن كَانَ واجدًا فدينار، وَإِن لم يجد فَنصف دِينَار» .

قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَلم يسمعهُ قَتَادَة من مقسم، وَرَوَاهُ قَتَادَة، عَن عبد الحميد، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس:«أَن رجلا غشي امْرَأَته وَهِي حَائِض، فَسَأَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عَن ذَلِك؟ فَأمره أَن يتَصَدَّق بِدِينَار أَو (نصف) دِينَار» قَالَ: وَلم يسمعهُ أَيْضا قَتَادَة من عبد الحميد (وَرَوَاهُ حَمَّاد بن الْجَعْد عَن قَتَادَة قَالَ: حَدَّثَني الحكم بن عتيبة أَن عبد الحميد) بن عبد الرَّحْمَن حَدثهُ أَن مقسمًا حَدثهُ، عَن ابْن عَبَّاس «أَن رجلا أَتَى نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ فَزعم أَنه أَتَى - يَعْنِي امْرَأَته - وَهِي حَائِض، فَأمره نَبِي الله صلى الله عليه وسلم َ أَن يتَصَدَّق بِدِينَار، فَإِن لم يجد فَنصف دِينَار» .

قَالَ الْبَيْهَقِيّ: كَذَا رَوَاهُ حَمَّاد بن الْجَعْد، عَن قَتَادَة، عَن الحكم مَرْفُوعا، قَالَ: وَفِي رِوَايَة شُعْبَة، عَن الحكم دلَالَة عَلَى أَن ذَلِك مَوْقُوف. قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو عبد الله الشقري مَوْقُوفا إِلَّا أَنه أسقط عبد الحميد من إِسْنَاده. قَالَ: وَقَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَى الْأَوْزَاعِيّ، عَن يزِيد بن أبي مَالك، عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن أَظُنهُ عَن عمر بن الْخطاب عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ قَالَ:«أمره أَن يتَصَدَّق بخمسي دِينَار» . قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهَذَا اخْتِلَاف ثَالِث فِي إِسْنَاده وَمَتنه. قَالَ: وَرُوِيَ هَذَا أَيْضا بِإِسْنَاد مُنْقَطع.

(قلت) : (الْوَجْه) الثَّالِث: الطعْن الْمُطلق؛ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: قَالَ

ص: 91

الشَّافِعِي فِي «أَحْكَام الْقُرْآن» فِيمَن أَتَى امْرَأَته حَائِضًا أَو بعد تَوْلِيَة الدَّم وَلم تَغْتَسِل؛ يسْتَغْفر الله - تَعَالَى - وَلَا يعود حتَّى تطهر وَتحل لَهَا الصَّلَاة.

قَالَ: وَرُوِيَ فِيهِ شَيْء لَو كَانَ ثَابتا أَخذنَا بِهِ، وَلكنه لَا يثبت مثله.

قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَأَنا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ: (قَالَ) أَبُو بكر بن إِسْحَاق الْفَقِيه: جملَة هَذِه الْأَخْبَار مرفوعها وموقوفها يرجع إِلَى عَطاء الْعَطَّار وَعبد الحميد وَعبد الْكَرِيم (ابْن) أبي أُميَّة، وَفِيهِمْ نظر.

وَقَالَ الْخطابِيّ: قَالَ أَكثر الْعلمَاء: لَا شَيْء عَلَيْهِ ويستغفر الله، وَزَعَمُوا أَن هَذَا الحَدِيث مُرْسل وَمَوْقُوف عَلَى ابْن عَبَّاس و (لَا يَصح) مُتَّصِلا وَمَرْفُوعًا، والذمم بريئة إِلَّا أَن تقوم الْحجَّة بشغلها.

وَقَالَ أَبُو عمر: حجَّة من لم يُوجب الْكَفَّارَة (اضْطِرَاب) هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عَبَّاس وَأَن مثله لَا تقوم بِهِ حجَّة، وَأَن الذِّمَّة عَلَى الْبَرَاءَة، وَلَا يجب أَن يثبت فِيهَا شَيْء لمسكين وَلَا غَيره إِلَّا بِدَلِيل لَا مدفع فِيهِ وَلَا مطْعن عَلَيْهِ، وَذَلِكَ مَعْدُوم فِي هَذِه الْمَسْأَلَة. وَلما ذكر الْحَافِظ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» (رِوَايَة) التِّرْمِذِيّ لَهُ من طريقيه، ثمَّ حَكَى

ص: 92

(عَن) التِّرْمِذِيّ أَنه رُوِيَ مَوْقُوفا، قَالَ: وَلم يذكر ضعف الْإِسْنَاد. قَالَ: وَلَا يرْوَى بِإِسْنَاد يحْتَج بِهِ، وَقد رُوِيَ فِيهِ:«يتَصَدَّق بخمسي دِينَار» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُرْسلا، وَرَوَى فِيهِ:«يعْتق نسمَة» (قَالَ) وَقِيمَة النَّسمَة يَوْمئِذٍ دِينَار. وَلم (يخص) فِي إتْيَان الْحَائِض دَمًا (من) دم، ذكره النَّسَائِيّ عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا وَلَا يَصح فِي إتْيَان الْحَائِض إِلَّا التَّحْرِيم. وَقد تعقبه الْحَافِظ أَبُو الْحسن ابْن الْقطَّان فَقَالَ: لَيْسَ لَهُم مَا يعتلون بِهِ عَلَى رِوَايَة عبد الْكَرِيم غير أَنه رُوِيَ مَرْفُوعا وموقوفًا، وَعِنْدِي أَنه غير قَادِح، وَلَكنهُمْ يَزْعمُونَ أَن متن الحَدِيث بِالْجُمْلَةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى رِوَايَة راوٍ بِعَيْنِه مُضْطَرب، وَذَلِكَ عِنْدِي خطأ من الاعتلال، وَالصَّوَاب أَن ينظر رِوَايَة كل راو بحسبها، وَيعلم مَا خرج (عَنهُ) فِيهَا، فَإِن صَحَّ من طَرِيق قُبل وَلَو كَانَت لَهُ طَرِيق آخر ضَعِيفَة، وهم إِذا قَالُوا: هَذَا رُوِيَ فِيهِ «بِدِينَار» ، وَرُوِيَ «نصف دِينَار» وَرَوَى بِاعْتِبَار صِفَات الدَّم (وَرُوِيَ) دون اعْتِبَارهَا، وَرُوِيَ بِاعْتِبَار أول الْحيض وَآخره، وَرُوِيَ غير ذَلِك، وَرُوِيَ «بخمسي دِينَار» وَرُوِيَ بِعِتْق نسمَة، قَامَت من هَذَا (فِي الزهن) صُورَة سوء هُوَ عِنْد التَّبْيِين وَالتَّحْقِيق لَا تضره، وَنحن نذكرهُ الْآن كَيفَ هُوَ

ص: 93

صَحِيح بعد أَن تقدم أَن نقُول يحْتَمل قَوْله: «دِينَار أَو نصف دِينَار» ثَلَاثَة أُمُور، أَحدهَا: أَن يكون (حكمهَا) للتَّخْيِير، وَبَطل هَذَا بِأَن يُقَال (إِنَّمَا يَصح) التَّخْيِير بَين شَيْئَيْنِ أَو أَشْيَاء حكمهَا وَاحِد، فَإِذا (خَيَّر) بَين الشَّيْء وَبَعضه كَانَ بعض أَحدهمَا متروكًا بِغَيْر بدل. ثَانِيهَا: أَن يكون شكا من الرَّاوِي. ثَالِثهَا: أَن يكون بِاعْتِبَار حَالين. وَهَذَا هُوَ الَّذِي يتَعَيَّن مِنْهَا، ونبينه الْآن فَنَقُول: لما رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظ: «دِينَار أَو بِنصْف دِينَار» قَالَ: كَذَا الرِّوَايَة الصحيحية « (بِدِينَار) أَو بِنصْف دِينَار» وَرُبمَا لم يرفعهُ شُعْبَة توهين لَهُ، لاحْتِمَال أَن يكون عِنْده فِيهِ الْمَرْفُوع وَالْمَوْقُوف، وَيكون ابْن عَبَّاس قد رَوَاهُ وَرَآهُ فَحَمله وَأَفْتَى بِهِ، وَكَذَا مَذْهَب التِّرْمِذِيّ فِي رِوَايَة خصيف فَإِنَّهُ لم يعبها بِأَكْثَرَ من أَنَّهَا رويت مَوْقُوفَة، وَطَرِيق خصيف ضَعِيفَة كَمَا بَيناهُ، فَأَما طَرِيق أبي دَاوُد فَصَحِيح، فَإِن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب (الْكُوفِي) ، اعْتَمدهُ أهل الصَّحِيح مِنْهُم البُخَارِيّ وَمُسلم، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ (والكوفي) ، ويحق لَهُ فقد كَانَ مَحْمُود السِّيرَة فِي إمارته عَلَى الْكُوفَة لعمر بن عبد الْعَزِيز ضابطًا لما يرويهِ، وَمن دونه فِي الْإِسْنَاد لَا يسْأَل عَنْهُم (وسيتكرر) عَلَى سَمعك من بعض الْمُحدثين أَن هَذَا الحَدِيث فِي كَفَّارَة من أَتَى حَائِضًا لَا يَصح،

ص: 94

فَليعلم أَنه لَا (عيب) لَهُ عِنْدهم إِلَّا الِاضْطِرَاب - زَعَمُوا - فَمِمَّنْ صرح بذلك: أَبُو عَلّي بن السكن قَالَ: (هَذَا) حَدِيث مُخْتَلف فِي إِسْنَاده وَلَفظه وَلَا يَصح مَرْفُوعا، لم يُصَحِّحهُ البُخَارِيّ، وَهُوَ صَحِيح من كَلَام ابْن عَبَّاس. انْتَهَى كَلَامه.

فَنَقُول لَهُ الرِّجَال الَّذين رَوَوْهُ مَرْفُوعا ثِقَات، وَشعْبَة إِمَام أهل الحَدِيث قد تثبت فِي رَفعه إِيَّاه، فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنهُ مَرْفُوعا يَحْيَى الْقطَّان، وناهيك بِهِ، وغندر وَهُوَ أخص النَّاس بشعبة مَعَ ثقته. وَرَوَاهُ سعيد بن عَامر، عَن شُعْبَة فَقَالَ فِيهِ: عَن الحكم، عَن عبد الحميد، عَن مقسم، عَن ابْن عَبَّاس من قَوْله (وَقفه) عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ شُعْبَة: أما حفظي فمرفوع. وَقَالَ فلَان وَفُلَان أَنه كَانَ لَا يرفعهُ. فَقَالَ لَهُ بعض الْقَوْم: يَا أَبَا بسطَام حَدثنَا حفظك وَدعنَا من فلَان وَفُلَان. فَقَالَ: وَالله مَا أحب أَنِّي حدثت بِهَذَا - وَسكت - أَو أَنِّي عمرت فِي الدُّنْيَا عمر نوح عليه السلام فِي قومه. فَهَذَا غَايَة التثبت فِيهِ، وهبك أَن أوثق أهل الأَرْض خَالفه فِيهِ، فَوَقفهُ عَلَى ابْن عَبَّاس كَانَ مَاذَا؟ أَلَيْسَ إِذا رَوَى (الصَّحَابِيّ) حَدِيثا عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ يجوز لَهُ بل يجب عَلَيْهِ أَن ينْقل مُقْتَضَاهُ فيفتي بِهِ، هَذَا قُوَّة للْخَبَر لَا توهين لَهُ، فَإِن قلت فَكيف بِمَا ذكر ابْن السكن، ثَنَا يَحْيَى وَعبد الله بن سُلَيْمَان وَإِبْرَاهِيم قَالُوا: ثَنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، نَا شُعْبَة بِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدّم مثله مَوْقُوفا، فَقَالَ لَهُ رجل: إِنَّك كنت ترفعه؟ فَقَالَ: إِنِّي كنت مَجْنُونا

ص: 95

فصححت. (قلت: فَظن أَنه لما) أَكثر عَلَيْهِ فِي رَفعه إِيَّاه توقي رَفعه، لَا لِأَنَّهُ مَوْقُوف، لَكِن إبعاد (الظنة) عَن نَفسه، وَأبْعد من هَذَا الِاحْتِمَال أَن يكون شكّ فِي رَفعه فِي ثَانِي حَال فَوَقفهُ، فَإِن كَانَ هَذَا فَلَا يبالى بذلك أَيْضا، بل لَو نسي (الحَدِيث) بعد أَن حدث بِهِ لم يضرّهُ، فَإِن أَبيت إِلَّا أَن يكون شُعْبَة رَجَعَ عَن رَفعه، فَاعْلَم أَن غَيره من أهل (النَّقْد) وَالْأَمَانَة (قد) رَوَاهُ عَن الحكم مَرْفُوعا كَمَا رَوَاهُ شُعْبَة (فِيمَا تقدم، وَهُوَ عَمْرو بن قيس الْملَائي وَهُوَ ثِقَة، قَالَ فِيهِ عَن الحكم مَا قَالَه شُعْبَة)(من رَفعه) إِيَّاه، إِلَّا أَن لَفظه:«فَأمره أَن يتَصَدَّق بِنصْف دِينَار» وَلم يذكر (دِينَارا) وَذَلِكَ لَا يضرّهُ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا حَكَى قَضِيَّة مُعينَة، قَالَ فِيهِ:«وَاقع رجل امْرَأَته وَهِي حَائِض فَأمره عليه السلام أَن يتَصَدَّق بِنصْف دِينَار» ذكره النَّسَائِيّ، فَهَذِهِ حَال يجب فِيهَا نصف دِينَار، وَهُوَ مُؤَكد لما قُلْنَاهُ من أَن دِينَارا و (نصفا) إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار (حالتين) لَا تَخْيِير وَلَا شكّ.

ووراه أَيْضا مَرْفُوعا هَكَذَا عَن عبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور، قَتَادَة وَهُوَ من (هُوَ) رَوَاهُ النَّسَائِيّ من حَدِيثه بِلَفْظ:«بِدِينَار أَو نصف دِينَار» إِلَّا أَن الْأَظْهر فِي هَذَا أَنه شكّ من الرَّاوِي فِي هَذِه (الْقِصَّة) بِعَينهَا فَهَذَا (شَأْن حَدِيث) مقسم وَإِن تقدم عَنهُ فِيهِ وَقفا

ص: 96

وإرسالا وألفاظًا أخر لَا يَصح (مِنْهَا) شَيْء غير مَا ذَكرْنَاهُ، وَأما مَا رُوِيَ فِيهِ من «خمسي دِينَار» أَو «عتق نسمَة» فَمَا مِنْهَا شَيْء يعول عَلَيْهِ، فَلَا يعْتَمد فِي نَفسه، وَلَا يطعن بِهِ عَلَى حَدِيث مقسم فَاعْلَم ذَلِك. هَذَا آخر كَلَامه، وَهُوَ حفيل جليل، وَوَقع فِي أَوَائِل كَلَامه أَن ابْن جريج وَقفه عَن ابْن عَبَّاس، وَقد أسلفت لَك (من رَوَاهُ) عَنهُ، رَفعه من طَرِيق الْبَيْهَقِيّ، وحذا حذوه الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فَقَالَ فِي «الإِمَام» : قد حكم الْحَاكِم أَبُو عبد الله الْحَافِظ بِصِحَّة حَدِيث مقسم عَن ابْن عَبَّاس، وَأخرجه فِي «مُسْتَدْركه» وَكَذَلِكَ الْحَافِظ أَبُو الْحسن بن الْقطَّان حكم بِصِحَّتِهِ - أَعنِي من طَرِيق أبي دَاوُد أَي كَمَا (أسلفناه) ثمَّ نقل كَلَامه كَمَا أسلفناه وَبحث مَعَه فِي بعضه، ثمَّ قَالَ: وَإِذا تنبهت لهَذِهِ الدقائق الْمَذْكُورَة ظهر لَك احْتِيَاج هَذَا الْفَنّ إِلَى جودة التفكر (وَالنَّظَر) وَأَن الْأَمر لَيْسَ بالهين (لَا) كَمَا يَظُنّهُ قوم أَنه مُجَرّد [حفظ] وَنقل لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى غَيرهمَا. ثمَّ أجَاب عَن الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ الِاخْتِلَاف فَقَالَ: رِوَايَة مطر عَن الحكم عَن مقسم تُؤْخَذ بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا فِي رِوَايَة شُعْبَة وَغَيره، وَهِي إِثْبَات عبد الحميد بَينهمَا، وَكَذَلِكَ الرِّوَايَات عَن قَتَادَة يحكم فِيهَا بِالزَّائِدِ، (فَإِنَّهُ) كَانَ يُرْسل وَيقطع ويسند، فَإِذا تبين بِالْأُخْرَى أَن الحكم لم

ص: 97

يسمع من مقسم وسَمعه من عبد الحميد أَخذ بهَا، وَقد أَتَى حَمَّاد بن الْجَعْد بِالْأَمر يَقِينا، وَصرح بِالتَّحْدِيثِ فِيمَا بَين الْقَوْم كَمَا سلف، وَأما مَا قَالَه الْبَيْهَقِيّ فِي الرِّوَايَة عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه اخْتِلَاف ثَالِث فِي إِسْنَاده وَمَتنه فضعيف لوَجْهَيْنِ، أَحدهمَا: أَنَّهَا رِوَايَة لَو سلم راويها من الْكَلَام لم يجْزم بهَا الرَّاوِي، إِنَّمَا قَالَ:«أَظُنهُ عَن عمر» فَلَا يعْتَرض بهَا عَلَى الْمُتَيَقن. الثَّانِي: مَا (أجَاب بِهِ) ابْن الْقطَّان من أَنَّهَا ضَعِيفَة، وَأَنه لَا يطعن بهَا عَلَى حَدِيث مقسم.

ثمَّ أجَاب عَن الْوَجْه الثَّالِث بِأَن مَا قَالَه الشَّافِعِي من كَونه لم يثبت، لَعَلَّه يُشِير بِهِ إِلَى رِوَايَة خصيف وَعبد الْكَرِيم، قَالَ: وَهَذَا كَلَام مُجمل، وَمن صحّح فقد فصل وَبَين مَا عِنْده، وَالْإِثْبَات مقدم عَلَى النَّفْي - قلت: وَقد حَكَى الْمَاوَرْدِيّ عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ فِي الْقَدِيم: إِن صَحَّ قلت بِهِ - وَأما قَول أبي بكر بن أبي إِسْحَاق فِي عَطاء الْعَطَّار وَعبد الْكَرِيم وَعبد الحميد أَن فيهم نظرا؛ فَلَا نعترضه فِي عَطاء وَعبد الْكَرِيم، وَلَكِن أَي نظر (لَهُ) فِي عبد الحميد؟ ! وَقد احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الصَّحِيح، وَوَثَّقَهُ النَّسَائِيّ (والكوفي) وَذكره ابْن حبَان فِي [ثِقَات] أَتبَاع التَّابِعين قَالَ: وَأي دَلِيل عَلَى الْعَدَالَة أعظم من (ولَايَة) أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن عبد الْعَزِيز لَهُ، و (تَقْدِيمه) لَهُ عَلَى الحكم فِي أُمُور الْمُسلمين قَالَ: وَلم

ص: 98

يبلغنَا (شَيْء) يكدر هَذَا إلاما ذكر الْخلاف بعد مَا تقدم من رِوَايَته عَن الْمَيْمُونِيّ عَنهُ فَقَالَ: وَقَالَ غير الْمَيْمُونِيّ عَنهُ، عَن أَحْمد: لَو صَحَّ الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كُنَّا نرَى عَلَيْهِ الْكَفَّارَة. قيل لَهُ: هَل فِي نَفسك مِنْهُ شي؟ قَالَ: نعم، لِأَنَّهُ من حَدِيث (فلَان) أَظُنهُ عبد الحميد.

قَالَ الشَّيْخ: وَهَذَا لَا يلْزم الرُّجُوع إِلَيْهِ لوَجْهَيْنِ:

أَحدهمَا: أَن ذَلِك الْغَيْر مَجْهُول، وَقد رَوَى أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد أَنه قَالَ: مَا أحسن حَدِيث عبد الحميد فِيهِ. قيل لَهُ: أنذهب إِلَيْهِ؟ قَالَ: نعم، إِنَّمَا هُوَ كَفَّارَة.

وَالثَّانِي: أَن ذَلِك الْغَيْر لم يجْزم بِأَن فلَانا هُوَ عبد الحميد، بل قَالَ: أَظُنهُ. و (الظَّن) لَا يقْدَح فِيمَن تَيَقّن تعديله. هَذَا آخر كَلَام الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «إِمَامه» وَأخرج الحَدِيث فِي «إلمامه» .

وَأخرجه أَيْضا ابْن السكن فِي صحاحه بِلَفْظ الْجَزْم «بِنصْف دِينَار» وبلفظ الشَّك قَالَ: وَرِوَايَة قَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس رَفعه عَلَى الشَّك.

قلت: بَين قَتَادَة وَابْن عَبَّاس عبد الحميد ومقسم. قَالَ: فَكَانَ قَتَادَة يَقُول: «إِن كَانَ وَاحِدًا فدينار وَإِلَّا (فنصفه» ثمَّ رَوَاهُ كَذَلِك مَرْفُوعا «أَنه أمره أَن يتَصَدَّق بِدِينَار فَإِن لم يجد) فَنصف دِينَار» .

وَلما ذكر الطَّحَاوِيّ فِي «مشكله» حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا قَالَ:

ص: 99

رُوِيَ عَن عمر «أَنه كَانَت لَهُ امْرَأَة تكرهُ الْجِمَاع، فَوَقع عَلَيْهَا وَهِي حَائِض، فَسَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ عَن ذَلِك؟ فَأمره أَن يتَصَدَّق بخمسي دِينَار» . قَالَ: وَالْأَحَادِيث الأول أولَى من هَذَا لتثبت رواتها ولتجاوزهم فِي الْمِقْدَار.

قلت: وَضعف (هَذَا) الحَدِيث من الْفُقَهَاء بعد الشَّافِعِي: إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزالِيّ، وَقَالَ ابْن الصّلاح فِي «مشكله» : إِنَّه حَدِيث ضَعِيف من أَصله لَا يَصح رَفعه، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْقُوف عَلَى ابْن عَبَّاس من قَوْله. قَالَ: وَقد حكم الْحَاكِم أَبُو عبد الله الْحَافِظ النَّيْسَابُورِي بِأَنَّهُ حَدِيث صَحِيح وَلَا الْتِفَات إِلَى ذَلِك مِنْهُ فَإِنَّهُ خلاف (قَول غَيره من أَئِمَّة الحَدِيث)(وَالْحَاكِم) مَعْرُوف بالتساهل فِي مثل ذَلِك.

قلت: لم يتساهل فِي ذَلِك بل الْحق مَعَه كَمَا (قَرَّرْنَاهُ) وَتَبعهُ عَلَى ذَلِك النَّوَوِيّ كعادته فَقَالَ فِي «خلاصته» بعد أَن ذكره فِي فصل الضَّعِيف: لَا يعْتد بقول الْحَاكِم أَنه حَدِيث صَحِيح، فَإِنَّهُ مَعْرُوف بالتساهل فِي التَّصْحِيح. قَالَ: وَاتفقَ الْحفاظ عَلَى ضعف هَذَا الحَدِيث واضطرابه وتلونه. وَقَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب» أَيْضا: اتّفق المحدثون عَلَى ضعفه واضطرابه، وَرُوِيَ مَوْقُوفا ومرسلاً وألوانًا كَثِيرَة، وَقد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَلَا يَجعله ذَلِك صَحِيحا. قَالَ: وَأما قَول الْحَاكِم أَنه صَحِيح فخلاف مَا قَالَه أَئِمَّة الحَدِيث. قَالَ: وَهُوَ عِنْدهم

ص: 100