الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَا أُجِيب بِهِ مَعَ تَصْحِيح ابْن حبَان لَهُ وَتَصْحِيح التِّرْمِذِيّ الرِّوَايَة المختصرة، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
الحَدِيث السَّابِع
عَن (أبي بن) عمَارَة رضي الله عنه وَكَانَ مِمَّن صَلَّى إِلَى الْقبْلَتَيْنِ - قلت: «يَا رَسُول الله، أَمسَح عَلَى الْخُف؟ قَالَ: نعم. قلت: يَوْمًا. قَالَ: نعم ويومين. قلت: وَثَلَاثَة؟ قَالَ: نعم وَمَا شِئْت» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْن مَاجَه فِي «سُنَنهمَا» .
أما أَبُو دَاوُد فَرَوَاهُ من حَدِيث يَحْيَى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن رزين، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن أَيُّوب (بن) قطن، عَن أبي بن عمَارَة - وَكَانَ قد صَلَّى مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ الْقبْلَتَيْنِ - أَنه قَالَ:«يَا رَسُول الله، أَمسَح عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: نعم. قَالَ: يَوْمًا؟ قَالَ: ويومين. قَالَ: وَثَلَاثَة؟ قَالَ: نعم وَمَا شِئْت» .
قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ ابْن أبي مَرْيَم الْمصْرِيّ، عَن يَحْيَى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن بن (يزِيد) ، عَن مُحَمَّد بن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عبَادَة بن نسي، عَن أبي بن (عمَارَة) قَالَ فِيهِ: «حتَّى بلغ سبعا، قَالَ
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ: نعم، وَمَا بدا لَك» .
وَأما ابْن مَاجَه فَرَوَاهُ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي ذكره أَبُو دَاوُد ثَانِيًا، وَاللَّفْظ أَيْضا، وَمن هَذَا الْوَجْه (رَوَاهُ) الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» ، وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف، بِشَهَادَة غير وَاحِد من الْحفاظ لَهُ بذلك.
قَالَ أَبُو دَاوُد فِي «سنَنه» : هَذَا الحَدِيث اخْتلف فِي إِسْنَاده وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: (وَبِمَعْنَاهُ) قَالَ البُخَارِيّ، وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: رِجَاله لايعرفون. نَقله عَنهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» (وَعلله) وَصَاحب «الإِمَام» ، وَنَقله عَنهُ أَيْضا أَبُو زرْعَة الدِّمَشْقِي، فَقَالَ: سَأَلت أَحْمد عَنهُ: أَتُحِبُّ الْعَمَل بِهِ؟ فَقَالَ: رِجَاله لَا يعْرفُونَ. وَقَالَ: لست أعْتَمد عَلَى إِسْنَاد خَبره. وَسَيَأْتِي مناظرته مَعَه فِي ذَلِك، وَقَالَ الْأَزْدِيّ: فِيهِ نظر متْنا وإسنادًا، وَهُوَ حَدِيث لَيْسَ بالقائم.
وَقَالَ ابْن حبَان فِي «ثقاته» : أبي بن عمَارَة الْأنْصَارِيّ لست أعْتَمد عَلَى إِسْنَاد خَبره. ثمَّ سَاقه من حَدِيث يَحْيَى، عَن (عبد الله) بن رزين، عَن مُحَمَّد بن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن أَيُّوب بن قطن، عَن عبَادَة، عَن أبي: «أَنه عليه السلام صَلَّى فِي بَيته قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، أَمسَح
عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: نعم. قلت: يَوْمًا؟ قَالَ: ويومين. قلت: وَثَلَاثَة؟ قَالَ: نعم، وَمَا بدا لَك» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فِي «محلاه» : فِيهِ يَحْيَى بن أَيُّوب، وَآخر كُوفِي، وأُخر مَجْهُولُونَ.
وَقَالَ ابْن الْقطَّان أَيْضا: علته أَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة مَجْهُولُونَ، (قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ) . قَالَ: وَقَالَ الْموصِلِي أَيْضا: أَيُّوب بن قطن مَجْهُول، وَذكر حَدِيثه هَذَا وَالِاخْتِلَاف فِيهِ، وَقَالَ: كل لَا يَصح.
قَالَ ابْن الْقطَّان: وَمُحَمّد بن يزِيد هُوَ ابْن أبي زِيَاد صَاحب حَدِيث الصُّور، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم: مَجْهُول. وَعبد الرَّحْمَن بن رزين أَيْضا لَا يعرف لَهُ حَال فَهُوَ مَجْهُول. قَالَ: وَيَحْيَى بن أَيُّوب مُخْتَلف فِيهِ، وَهُوَ مِمَّن عيب عَلَى مُسلم إِخْرَاج حَدِيثه.
قلت: أما يَحْيَى بن أَيُّوب، فدعوى جهالته لَيست (بجيدة) فقد احْتج بِهِ مُسلم، وقرنه البُخَارِيّ، وَرَوَى عَنهُ جمَاعَة من الْأَئِمَّة: كالليث وَأَشْهَب وَغَيرهمَا، قَالَ ابْن معِين: ثِقَة. وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْس. وَقَول ابْن حزم إِنَّه كُوفِي، (وهم) فِي ذَلِك، وَإِنَّمَا هُوَ مصري قَاضِي مصر.
وَأما عبد الرَّحْمَن بن رزين: فروَى عَن جمَاعَة، وَعنهُ العطاف بن خَالِد، وَيَحْيَى بن أَيُّوب الْبَصْرِيّ، وَأخرج لَهُ البُخَارِيّ خَارج الصَّحِيح فِي الْأَدَب، وَأَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه، وَعَن ابْن حبَان أَنه قَالَ فِي «ثقاته» فِي حَقه: عداده فِي أهل الشَّام.
وَأما مُحَمَّد بن يزِيد فروَى عَنهُ جمَاعَة، وَقَالَ ابْن يُونُس: كُوفِي قدم مصر، وَكَانَ يُجَالس يزِيد بن أبي حبيب، رَوَى لَهُ (د ت ق) .
وَأما أَيُّوب بن قطن فَلَا أعلم لَهُ حَالا، وأعل الحَدِيث بِوَجْه آخر، وَهُوَ الِاخْتِلَاف فِي إِسْنَاده.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» : هَذَا الْإِسْنَاد لَا يثبت، وَقد اخْتلف فِيهِ عَلَى يَحْيَى بن أَيُّوب اخْتِلَافا كثيرا قد (بَينته) فِي مَوضِع آخر، قَالَ: وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد، وَأَيوب بن قطن مَجْهُولُونَ كلهم.
قَالَ ابْن الْقطَّان (ثمَّ) صَاحب «الإِمَام» : وَهَذَا الِاخْتِلَاف الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ هُوَ أَنه ورد عَن يَحْيَى بن أَيُّوب عَلَى وُجُوه: مِنْهَا: عَنهُ عَن عبد الرَّحْمَن بن رزين،
عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن أَيُّوب (بن) قطن، عَن أبي بن عمَارَة. وَمِنْهَا:(عَنهُ) عَن عبد الرَّحْمَن بن رزين، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن عبَادَة بن نسي، عَن أبي بن عمَارَة. وَمِنْهَا: عَن عبد الرَّحْمَن بن (زرين) ، عَن مُحَمَّد (بن) يزِيد، عَن أَيُّوب بن قطن، عَن عبَادَة بن نسي، عَن أبي بن عمَارَة (وَمِنْهَا: عَنهُ هَكَذَا إِلَى عبَادَة بن نُسي من غير ذكر أبي بن عمَارَة) وَلَكِن يُرْسِلهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ. وَمِنْهَا: عَن يَحْيَى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن، (عَن) مُحَمَّد، عَن وهب بن قطن، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ، ذكر ابْن الْقطَّان أَن ابْن السكن أَشَارَ إِلَيْهِ، وَلم يُوصل بِهِ إِسْنَادًا، وَإِنَّمَا قَالَ: وَيُقَال عَن يَحْيَى بن أَيُّوب، عَن عبد الرَّحْمَن، عَن مُحَمَّد (عَن وهب) بن قطن، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ.
وَبَين بعضه ابْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَابه «الْإِعْلَام فِي نَاسخ الحَدِيث ومنسوخه» : هَذَا حَدِيث مُضْطَرب، اخْتلف فِيهِ عَلَى يَحْيَى بن أَيُّوب، وَبَعْضهمْ يَقُول: عَن (ابْن) عمَارَة، وَبَعْضهمْ يَقُول: عَن أبي بن عمَارَة.
وَقَالَ أَبُو زرْعَة عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الدِّمَشْقِي النصري - بالنُّون - (فِي «تَارِيخه» ) : سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول: حَدِيث أبي بن عمَارَة لَيْسَ بِمَعْرُوف الْإِسْنَاد. ثمَّ قَالَ أَبُو زرْعَة: فناظرت أَبَا عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل فِي حَدِيثه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - يَعْنِي حَدِيث (أبي بن) عمَارَة - فَلم (يقنع) بِهِ.
قلت (لَهُ) : فَحَدِيث عَطاء بن يسَار، عَن مَيْمُونَة حدثت بِهِ أَبَا عبد الله - أَعنِي فِي الْمسْح أَيْضا - قَالَ: ذَلِك من كتاب. قَالَ أَبُو زرْعَة: قلت لأبي عبد الله: (فَإلَى) أَي شَيْء ذهب أهل الْمَدِينَة فِي الْمسْح أَكثر من ثَلَاث وَيَوْم وَلَيْلَة؟ قَالَ: لَهُم فِيهِ أثر. وَقَالَ لي أَبُو عبد الله أَحْمد بن حَنْبَل: حَدِيث خُزَيْمَة (مِمَّا لَعَلَّه) يدل عَلَى مَعْنَى حجَّة لَهُم قَوْله: «وَلَو استزدته لزادني» .
و (ضعف) هَذَا الحَدِيث من الْمُتَأَخِّرين الْحَافِظ أَبُو بكر الْحَازِمِي فَقَالَ: رَوَى مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة التَّمِيمِي عَن البُخَارِيّ قَالَ: يُقَال: لأبي بن عمَارَة صُحْبَة، لَا يَصح حَدِيثه فِي الْمسْح، إِسْنَاده مَجْهُول، وَلَيْسَ يرْوَى عَنهُ غير هَذَا الحَدِيث.
وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «علله» : هَذَا (حَدِيث) لَا يَصح. وَقَالَ فِي «الْإِعْلَام» : مُضْطَرب - كَمَا أسلفناه - وَضَعفه أَيْضا فِي «تَحْقِيقه» وَقَالَ ابْن الصّلاح: هَذَا حَدِيث ضَعِيف. وَأبي بن عمَارَة قيل: لم يثبت لَهُ ذكر فِي الصَّحَابَة، وَلذَلِك لم يذكرهُ البُخَارِيّ فِي «تَارِيخه الْكَبِير» ، و (نقل) النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» وَغَيره الِاتِّفَاق عَلَى ضعفه واضطرابه، وَأَنه لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ.
وَخَالف هَؤُلَاءِ كلهم الْحَاكِم أَبُو عبد الله فَأخْرج الحَدِيث فِي
«مُسْتَدْركه» بِسَنَد أبي دَاوُد الثَّانِي وَلَفظه الأول، لكنه قَالَ:«عبد الرَّحْمَن بن رزين» بدل «يزِيد» ثمَّ قَالَ: أبي بن عمَارَة صَحَابِيّ مَعْرُوف، وَهَذَا إِسْنَاد مصري لم ينْسب وَاحِد مِنْهُم إِلَى جرح.
قلت: لَكِن نسبوا إِلَى الْجَهَالَة كَمَا مرّ لَك، قَالَ: وَإِلَى هَذَا ذهب مَالك، وَلم يخرجَاهُ.
قلت: (عُذْرهمَا) لائح فِي عدم تَخْرِيجه، وَهُوَ الْجَهَالَة السالفة، وغلا ابْن بدر الْموصِلِي فَذكر هَذَا الحَدِيث فِي «مَوْضُوعَاته» وَهَذَا تبَاين عَظِيم بَينه وَبَين الْحَاكِم، ثمَّ رَأَيْت لَهُ فِي ذَلِك سلفا وَهُوَ الجورقاني فَإِنَّهُ ذكره فِي «مَوْضُوعَاته» وَقَالَ: إِنَّه حَدِيث مُنكر. ثمَّ أعله بِجَهَالَة من سلف، وَالصَّوَاب (أَن) لَا يذكر هَذَا فِي الموضوعات بل فِي الضُّعَفَاء.
وَقَالَ الْحَاكِم: إِن أبي بن عمَارَة صَحَابِيّ مَعْرُوف، قد (أنكرهُ) بعض الْعلمَاء.
قَالَ أَبُو عمر: واضطرب حَدِيثه، وَلم يذكرهُ البُخَارِيّ فِي «تَارِيخه الْكَبِير» لأَنهم يَقُولُونَ إِنَّه خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو أبي بن أم حرَام و (اسْمه) عبد الله.
وَقَالَ (أَبُو) حَاتِم: من قَالَ أبي بن عمَارَة أَخطَأ، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو أبي واسْمه: عبد الله بن عَمْرو بن أم حرَام.