الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَائِدَة (ثَانِيَة) : من غرائب الْأَحَادِيث رِوَايَة أَرْبَعَة من الصَّحَابَة بَعضهم عَن بعض صلَاته عليه السلام رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، وَهُوَ رِوَايَة عبد الله بن الزبير «أَنه كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، وَقَالَ: أَخْبرنِي بهما أَبُو هُرَيْرَة عَن عَائِشَة، وَقَالَت عَائِشَة: أَخْبَرتنِي أم سَلمَة أَنه عليه السلام كَانَ يُصَلِّيهمَا» .
قَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ الْأَصْبَهَانِيّ فِي جُزْء لَهُ فِي رباعي الصَّحَابَة (وخماستهم) : هَذَا (الحَدِيث) لَهُ عِلّة طَوِيلَة أعيى الْحفاظ الْوُقُوف عَلَى حَقِيقَتهَا من كَثْرَة اخْتِلَاف رُوَاته لَا أعلم ذكر فِي إِسْنَاده رِوَايَة ابْن الزبير، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن عَائِشَة عَن أم سَلمَة، إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
الحَدِيث الثَّانِي بعد الْأَرْبَعين
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْأَئِمَّة الشَّافِعِي، وَأحمد، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَابْن مَاجَه.
أما الشَّافِعِي فَرَوَاهُ فِي «الْأُم» عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن أبي قيس، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن جده قيس قَالَ:«رَآنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَنا أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الصُّبْح فَقَالَ: مَا هَاتَانِ الركعتان يَا قيس؟ ! (فَقلت) : إِنِّي لم أكن صليت رَكْعَتي الْفجْر فَسكت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم» .
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ من جِهَة الشَّافِعِي، عَن سُفْيَان، عَن سعد بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن قيس.
وَأما أَبُو دَاوُد فَرَوَاهُ من حَدِيث عبد الله بن نمير، عَن سعد بن سعيد وَقَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن قيس بن عَمْرو قَالَ:«رَأَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجلا يُصَلِّي بعد صَلَاة الصُّبْح رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: صَلَاة الصُّبْح رَكْعَتَانِ. فَقَالَ الرجل: إِنِّي لم أكن صليت الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قبلهمَا فصليتهما الْآن. فَسكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم» .
وَكَذَا أخرجه (أَحْمد) فِي «الْمسند» (إِلَّا) أَنه قَالَ: «أصلاة (الصُّبْح) مرَّتَيْنِ
…
» الحَدِيث.
قَالَ أَبُو دَاوُد: نَا حَامِد بن يَحْيَى قَالَ: قَالَ سُفْيَان: كَانَ عَطاء بن (أبي) رَبَاح يحدث بِهَذَا الحَدِيث عَن سعد بن سعيد.
قَالَ أَبُو دَاوُد: (و) رَوَى عبد ربه وَيَحْيَى (ابْنا) سعيد هَذَا الحَدِيث مُرْسلا «أَن [جدهم] صَلَّى مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم
…
) بِهَذِهِ الْقِصَّة مُرْسلا.
وَأما التِّرْمِذِيّ فَإِنَّهُ رَوَاهُ من حَدِيث عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن سعد بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن جده قيس قَالَ:«خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصَّلَاة، فَصليت مَعَه الصُّبْح، ثمَّ انْصَرف النَّبِي صلى الله عليه وسلم فوجدني أُصَلِّي قَالَ: مهلا يَا قيس، أصلاتان مَعًا؟ ! قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي لم أكن ركعت رَكْعَتي الْفجْر. قَالَ: فَلَا إِذا» . ثمَّ قَالَ: حَدِيث مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم لَا يعرف إِلَّا من حَدِيث سعد بن سعيد.
وَقَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: سمع عَطاء بن أبي رَبَاح من سعد بن سعيد هَذَا الحَدِيث، وَإِنَّمَا يرْوَى هَذَا الحَدِيث مُرْسلا.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَسعد بن سعيد هُوَ (أَخُو) يَحْيَى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَقيس هُوَ جد يَحْيَى بن سعيد، وَيُقَال: هُوَ قيس بن عَمْرو، وَيُقَال:(قيس) بن قهد. قَالَ: وَإسْنَاد هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِمُتَّصِل، (مُحَمَّد) بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ لم يسمع من قيس.
وَرَوَى بَعضهم هَذَا الحَدِيث عَن سعد بن سعيد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ: «أَنه عليه السلام خرج فَرَأَى قيسا
…
» .
(وَأما) ابْن مَاجَه فَرَوَاهُ من حَدِيث ابْن نمير؛ كَمَا أخرجه أَبُو دَاوُد إِلَّا أَنه قَالَ: (أصلاة الصُّبْح مرَّتَيْنِ) بدل: «صَلَاة الصُّبْح رَكْعَتَانِ» .
إِذا تقرر لَك طرق الحَدِيث؛ فقد أعل بِوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا: (بالانقطاع) بَين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَقيس (كَمَا) أسلفناه عَن التِّرْمِذِيّ، وَتَبعهُ فِيهِ الْحَافِظ عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» .
ثَانِيهمَا: (بالطعن) فِي سعد بن سعيد رَاوِيه، قَالَ ابْن الْقطَّان فِي «الْوَهم وَالْإِيهَام» :(فَإِن) سعد بن سعيد مُخْتَلف فِيهِ. وَقد قَالَ فِيهِ أَحْمد بن حَنْبَل: ضَعِيف. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: مؤد. قَالَ: وَقد اخْتلف فِي ضبط هَذِه اللَّفْظَة؛ فَمنهمْ من خففها - أَي: هَالك - وَمِنْهُم من شددها؛ أَي: حسن الْأَدَاء. قَالَ: والْحَدِيث من أَصله مُخْتَلف فِيهِ، لَا يُقَال فِيهِ: صَحِيح؛ بل حسن. هَذَا كَلَامه.
وَضَعفه بِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ من الْمُتَأَخِّرين: النَّوَوِيّ أَيْضا؛ فَقَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب» : إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث،
وَفِيه انْقِطَاع. وَكَذَا قَالَ ابْن الرّفْعَة فِي «كِفَايَته» أَنه ضَعِيف مُنْقَطع أَو مُرْسل.
وَأَقُول: أما الطعْن فِيهِ من جِهَة سعد بن سعيد (رَاوِيه) فَلَيْسَ بجيد؛ فَإِنَّهُ وَإِن تكلم فِيهِ، فقد أخرج لَهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» محتجًّا بِهِ، وَأخرج لَهُ حَدِيث «من صَامَ رَمَضَان، ثمَّ أتبعه بِسِتَّة من شَوَّال كَانَ كصيام الدَّهْر» وَوَثَّقَهُ ابْن معِين، وَذكره ابْن حبَان فِي «ثقاته» وَوهم ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» حَيْثُ نقل عَن ابْن حبَان توهِينه وَأَنه لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ فقد ذكر فِي «ثقاته» وَقَالَ: كَانَ يُخطئ لم يفحش خَطؤُهُ فَلذَلِك (سلكناه) مَسْلَك الْعُدُول، وَاحْتج بِهِ فِي «صَحِيحه» . نعم ذكر ابْن حبَان ذَلِك فِي سعد بن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري، (وَقد وَقع لَهُ هَذَا الْوَهم فِي «الضُّعَفَاء» أَيْضا، لكنه ذكر كَلَامه فِيهِ وَفِي المَقْبُري) .
وَأما الطعْن فِيهِ من جِهَة الِانْقِطَاع فقد ثَبت اتِّصَاله من طَرِيق صَحِيحَة رَوَاهَا أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي «صَحِيحه» عَن ابْن خُزَيْمَة وَغَيره، نَا الرّبيع بن سُلَيْمَان، نَا أَسد بن مُوسَى، نَا اللَّيْث بن سعد، نَا يَحْيَى بن سعيد، عَن أَبِيه، عَن جده قيس بن قهد «أَنه صَلَّى مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الصُّبْح وَلم يكن (ركع) رَكْعَتي الْفجْر، فَلَمَّا سلم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم[سلم
مَعَه، ثمَّ] قَامَ يرْكَع رَكْعَتي الْفجْر وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إِلَيْهِ فَلم يُنكر ذَلِك عَلَيْهِ» .
وَرَوَاهَا الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» من حَدِيث الْأَصَم عَن الرّبيع بِهِ، وَلَفظه:(أَنه جَاءَ وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاة الْفجْر فَصَلى مَعَه، فَلَمَّا سلم قَامَ فَصَلى رَكْعَتي الْفجْر، فَقَالَ [لَهُ] النَّبِي صلى الله عليه وسلم: مَا هَاتَانِ الركعتان؟ ! فَقَالَ: لم أكن صليتهما قبل الْفجْر. فَسكت وَلم يقل شَيْئا) .
قَالَ الْحَاكِم: إِسْنَاده صَحِيح ذكره (شَاهدا لحَدِيث عمرَان) بن حُصَيْن فِي قصَّة الْوَادي. قَالَ: وَقيس بن (قهد) الْأنْصَارِيّ صَحَابِيّ وَالطَّرِيق إِلَيْهِ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، قَالَ: وَقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، عَن قيس بن قهد ثمَّ رَوَاهُ بِلَفْظ ابْن مَاجَه السالف.
تَنْبِيهَات: الأول: قد ظهر من الرِّوَايَات الَّتِي سقناها الِاخْتِلَاف فِي اسْم وَالِد قيس عَلَى قَوْلَيْنِ؛ وَقد ذكرهمَا التِّرْمِذِيّ كَمَا سلف، أَحدهمَا: قهد، الثَّانِي: عَمْرو، وَعَزاهُ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» إِلَى رِوَايَة الْأَكْثَرين وَأَنه الصَّحِيح عِنْد الْحفاظ، وَعَن العسكري: أَن قهدًا لقب، وَأَن اسْمه عَمْرو.
وَقَالَ ابْن الْقطَّان: فصل ابْن السكن بَينهمَا فجعلهما رجلَيْنِ، وَذكر الْمُحب الطَّبَرِيّ فِي «أَحْكَامه» عَن أبي مُوسَى الْحَافِظ: أَن