الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحَدِيث السَّادِس بعد الْأَرْبَعين
أنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: (يَا بني عبد منَاف، من ولي مِنْكُم من أُمُور (النَّاس) شَيْئا فَلَا يمنعن أحدا طَاف بِالْبَيْتِ، وَصَلى أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار) .
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ الْأَئِمَّة: الشَّافِعِي وَأحمد فِي «مسنديهما» وَأَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة من حَدِيث جُبَير بن مطعم رضى الله عَنهُ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة.
أما الشَّافِعِي فَأخْرجهُ عَن سُفْيَان، عَن أبي الزبير الْمَكِّيّ، عَن عبد الله بن باباه، عَن جُبَير مَرْفُوعا بِهِ سَوَاء.
وَأما أَحْمد فَأخْرجهُ عَن مُحَمَّد بن بكر، نَا ابْن جريج، أَنا أَبُو الزبير، أَنه سمع عبد الله بن (بابيه) عَن جُبَير بن مطعم بِلَفْظ:(يَا بني عبد منَاف، وَيَا بني عبد الْمطلب، إِن كَانَ (لكم) من الْأَمر شَيْء (فَلَا اعرفن) مَا منعتم أحدا (أَن) يطوف بِهَذَا الْبَيْت (أَيَّة) سَاعَة شَاءَ
من ليل أَو نَهَار» .
وَأما أَبُو دَاوُد فَأخْرجهُ فِي الْحَج، عَن ابْن السَّرْح، عَن سُفْيَان إِلَى جُبَير يبلغ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَا تمنعوا أحدا يطوف بِهَذَا الْبَيْت، وَيُصلي أَي سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» . (وَترْجم عَلَيْهِ بَاب الطّواف بعد الْعَصْر) .
وَأما التِّرْمِذِيّ فَأخْرجهُ فِي الْحَج أَيْضا عَن أبي عمار وَعلي بن خشرم، عَن سُفْيَان بِهِ بِلَفْظ: (يَا بني عبد منَاف، لَا تمنعوا أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت وَصَلى
…
) الحَدِيث.
وَأما (النَّسَائِيّ) فَأخْرجهُ فِي الْحَج أَيْضا عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، عَن سُفْيَان (قَالَ) : «لَا يمنعن
…
» وَفِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور بِلَفْظ التِّرْمِذِيّ سَوَاء.
وَأما ابْن مَاجَه فَأخْرجهُ فِي الصَّلَاة عَن يَحْيَى بن حَكِيم عَن سُفْيَان بِهِ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَقد رَوَاهُ عبد الله بن أبي نجيح، عَن عبد الله بن باباه أَيْضا.
وَأخرجه ابْن حبَان فِي «صَحِيحه» عَن شَيْخه ابْن خُزَيْمَة
(وَعمر) بن مُحَمَّد بن بجير قَالَا: ثَنَا عبد الْجَبَّار بن الْعَلَاء، ثَنَا سُفْيَان بِهِ بِلَفْظ:(يَا بني عبد الْمطلب، إِن كَانَ إِلَيْكُم من الْأَمر شَيْء فَلَا أَعرفن أحدا (مِنْكُم) أَن يمْنَع من يُصَلِّي عِنْد الْبَيْت أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
قَالَ: وَأَنا عبد الله بن مُحَمَّد بن سلم، ثَنَا حَرْمَلَة بن يَحْيَى، (نَا) ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، أَن أَبَا الزبير حَدثهُ، عَن ابْن باباه (أَنه) سمع جُبَير بن مطعم يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: «يَا بني عبد منَاف، لَا تمنعوا أحدا طَاف (بِهَذَا الْبَيْت) وَصَلى (أَيَّة) سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
قَالَ: وَأَنا أَبُو يعْلى، نَا هَارُون بن مَعْرُوف وَأَبُو خَيْثَمَة، نَا سُفْيَان، عَن (أبي) الزبير بِهِ. قَالَ ابْن حبَان: وَهَذَا الحَدِيث بِطرقِهِ دَال عَلَى أَن الزّجر الْمُطلق فِي حَدِيث عقبَة - يَعْنِي: السالف - عَام، وَيُرَاد بِهِ خَاص.
وَأخرجه الْحَاكِم فِي «مُسْتَدْركه» فِي الْحَج عَن أبي بكر بن إِسْحَاق (و) هُوَ ابْن خُزَيْمَة، نَا بشر بن مُوسَى، نَا الْحميدِي نَا
سُفْيَان بِهِ إِلَّا أَنه قَالَ: «أَيَّة سَاعَة أحب» بدل «أَيَّة سَاعَة شَاءَ» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط مُسلم، وَلم يخرجَاهُ.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث عَمْرو بن عَلّي، عَن سُفْيَان بِهِ بِلَفْظ:«يَا بني عبد منَاف، إِن وليتم من هَذَا الْأَمر شَيْئا فَلَا تمنعن طَائِفًا طَاف بِهَذَا الْبَيْت وَصَلى أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
وَمن حَدِيث الْجراح بن الْمنْهَال، عَن أبي الزبير، عَن نَافِع بن جُبَير، سمع أَبَاهُ جُبَير بن مطعم يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (يَا بني عبد منَاف - أَو يَا بني قصي - لَا تمنعوا أحدا أَن يطوف بِالْبَيْتِ وَيُصلي أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
وَمن حَدِيث عمر بن قيس، عَن عِكْرِمَة بن خَالِد، عَن نَافِع، عَن أَبِيه رَفعه:«يَا بني عبد منَاف، لَا (تمنعن) أحدا يُصَلِّي عِنْد هَذَا الْبَيْت (أَيَّة) سَاعَة من ليل أَو نَهَار» .
وَمن حَدِيث عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد، عَن عَطاء، عَن نَافِع، عَن أَبِيه رَفعه:«يَا بني عبد الْمطلب، لَا تمنعن مُصَليا عِنْد هَذَا الْبَيْت فِي سَاعَة من ليل أَو نَهَار» .
وَمن حَدِيث عَمْرو بن دِينَار، عَن نَافِع، عَن أَبِيه رَفعه: (يَا بني عبد منَاف، يَا بني هَاشم، إِن وليتم هَذَا الْأَمر يَوْمًا فَلَا يمنعن طَائِفًا بِهَذَا الْبَيْت أَو مُصَليا أَي سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
(و) قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي «سنَنه» بعد إِيرَاد حَدِيث سُفْيَان أَقَامَ ابْن عُيَيْنَة إِسْنَاده وَمن خَالفه فِي الْإِسْنَاد لَا يقاومه؛ فرواية ابْن عُيَيْنَة أولَى أَن تكون مَحْفُوظَة، وَكَذَا قَالَ فِي «الْمعرفَة» أَن سُفْيَان رَوَاهُ، وَهُوَ حَافظ ثِقَة، وَالَّذين خالفوه دونه فِي الْحِفْظ والمعرفة.
تَنْبِيهَات: أَحدهَا: رُوِيَ من حَدِيث جَابر بن عبد الله وَابْن عَبَّاس مثل حَدِيث جُبَير بن مطعم، أما حَدِيث جَابر (فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي «سنَنه» من حَدِيث معقل بن عبيد الله، عَن أبي الزبير، عَن جَابر) قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا بني عبد منَاف، أَلا لَا تمنعوا أحدا صَلَّى عِنْد هَذَا الْبَيْت أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
وَرَوَاهُ أَيْضا من حَدِيث عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، نَا أَيُّوب، عَن أبي الزبير - أَظُنهُ عَن جَابر - أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا بني عبد منَاف، لَا تمنعوا أحدا (يطوف) بِهَذَا الْبَيْت أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَيْضا من حَدِيث. شُرَيْح بن النُّعْمَان، نَا أَبُو الْوَلِيد الْعَدنِي، نَا رَجَاء أَبُو سعيد، أَنا مُجَاهِد، عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا بني عبد الْمطلب - أَو يَا بني عبد منَاف - لَا تمنعوا أحدا يطوف بِالْبَيْتِ وَيُصلي؛ فَإِنَّهُ لَا صَلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَلَا صَلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس إِلَّا [بِمَكَّة] عِنْد (هَذَا) الْبَيْت يطوفون وَيصلونَ» .
قَالَ الضياء الْمَقْدِسِي: أَبُو الْوَلِيد (الْعَدنِي) لم أر لَهُ (ذكرا) فِي «الكنى» لأبي أَحْمد الْحَاكِم، ورجاء هُوَ ابْن الْحَارِث ضعفه ابْن معِين.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي «أَصْغَر معاجمه» عَن أَحْمد بن زَكَرِيَّا العابدي، نَا عبد الْوَهَّاب بن فليح (الْمَكِّيّ) ، نَا سليم بن مُسلم الخشاب، نَا ابْن جريج، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَا بني عبد منَاف، يَا بني عبد الْمطلب، إِن وليتم هَذَا الْأَمر فَلَا تمنعوا أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت أَن يُصَلِّي أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
قَالَ الطَّبَرَانِيّ: يَعْنِي رَكْعَتَيْنِ بعد طواف السَّبع (و) يُصَلِّي بعد الصُّبْح قبل طُلُوع الشَّمْس، وَبعد الْعَصْر قبل غرُوب الشَّمْس، وَفِي كل النَّهَار، قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لم يروه عَن ابْن جريج إِلَّا سليم بن مُسلم. وَرَوَاهُ فِي «أكبر معاجمه» من حَدِيث إِبْرَاهِيم الصَّائِغ، عَن عَطاء، عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:«يَا بني عبد منَاف، إِن وليتم من هَذَا الْأَمر بعدِي فَلَا تمنعوا أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت أَو صَلَّى أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار» .
وَفِي «كَامِل ابْن عدي» من حَدِيث سعيد بن أبي رَاشد، عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: «لَا صَلَاة بعد الْفجْر حَتَّى تطلع
الشَّمْس، وَلَا (صَلَاة) بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، من طَاف فَليصل أَي حينٍ طَاف» .
وَقَالَ ابْن عدي: وَهَذَا يرويهِ عَن عَطاء سعيد، وَزَاد فِي مَتنه:«من طَاف فَليصل أَي حِين طَاف» قَالَ: (وَهُوَ يحدث) عَن عَطاء وغَيره بِمَا لَا يُتَابع عَلَيْهِ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: ذكره (البُخَارِيّ فِي «التَّارِيخ» ) وَقَالَ: لَا يُتَابع عَلَيْهِ.
التَّنْبِيه الثَّانِي: وهم صَاحب «الْمُنْتَقَى» فعزى هَذَا الحَدِيث إِلَى «صَحِيح مُسلم» فَقَالَ: رَوَاهُ الْجَمَاعَة إِلَّا البُخَارِيّ، وَهُوَ غلط (فَاحش)، وَتَبعهُ عَلَى هَذَا الْوَهم الْمُحب فِي «أَحْكَامه» فَقَالَ: رَوَاهُ السَّبْعَة إِلَّا البُخَارِيّ فاحذر التَّقْلِيد، وَقد عثر فِي ذَلِك الشَّيْخ نجم الدَّين بن الرّفْعَة فِي «مطلبه» فَقَالَ: رَوَاهُ مُسلم وَلَفظه: (لَا تمنعوا أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت وَصَلى (أَي) سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار) وليت شعري من أَيْن أَخذ هَذَا اللَّفْظ، وَكَأَنَّهُ وَالله أعلم لما رَأَى صَاحب «الْمُنْتَقَى» وَهُوَ الْمجد ابْن تَيْمِية عزاهُ إِلَى الْجَمَاعَة دون البُخَارِيّ اقتطع مُسلما من بَينهم، وَاكْتَفَى بِهِ عَنْهُم ثمَّ ذكره بِلَفْظِهِ وَفِي جَوَاز فعل مثل ذَلِك نظر.
التَّنْبِيه الثَّالِث: قَالَ الْبَيْهَقِيّ: يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِالصَّلَاةِ الْمَذْكُورَة فِي هَذَا الحَدِيث صَلَاة الطّواف خَاصَّة، قَالَ: وَهُوَ الْأَشْبَه بالآثار، وَيحْتَمل جَمِيع الصَّلَوَات.