الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَامر بن سعد، عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذا سجد العَبْد يسْجد عَلَى سَبْعَة آرَاب: وَجهه، وكفيه، وركبتيه، وقدميه، فَمَا لم (يَقع بعد) انْتقصَ» .
فَائِدَة: الْآرَاب: الْأَعْضَاء، وَاحِدهَا: إرب - بِكَسْر الْهمزَة وَإِسْكَان الرَّاء - قَالَ ابْن يُونُس فِي «شرح التَّعْجِيز» : والآراب - بِفَتْح الرَّاء وإسكانها - جمع إرب؛ أَي: عُضْو.
الحَدِيث التَّاسِع بعد السِّتين
عَن خباب بن الْأَرَت رضي الله عنه قَالَ: «شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فِي جباهنا وأكفنا فَلم يشكنا» .
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ كَذَلِك فِي «سنَنه» و «خلافياته» بِإِسْنَاد صَحِيح، قَالَ فِي «خلافياته» : رَوَاهُ زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة، عَن أبي إِسْحَاق كَذَلِك، وزَكَرِيا مجمع عَلَى عَدَالَته، وَكَذَلِكَ الطَّرِيق إِلَيْهِ (سديد) ، وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة. وَهُوَ كَمَا قَالَ.
وَقَالَ الْحَاكِم فِي «أربعينه» : أَنا ابْن خُزَيْمَة، نَا الْعَبَّاس بن الْفضل، نَا أَحْمد بن يُونُس، نَا أَبُو إِسْحَاق، عَن سعيد بن وهب، عَن خباب قَالَ:«شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فِي جباهنا وأكفنا فَلم يشكنا» ثمَّ
قَالَ: رَوَاهُ مُسلم فِي «صَحِيحه» ، عَن أَحْمد بن يُونُس.
قلت: مُرَاده أَصله؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ لفظ «جباهنا وأكفنا» هَذَا لفظ مُسلم: ثَنَا أَحْمد بن يُونُس، نَا أَبُو إِسْحَاق زُهَيْر بن حَرْب، عَن أبي إِسْحَاق السبيعِي، عَن سعيد بن وهب، عَن خباب (بن الْأَرَت) قَالَ:«أَتَيْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فشكونا إِلَيْهِ حر الرمضاء فَلم يشكنا» .
قَالَ زُهَيْر: قلت لأبي إِسْحَاق: أَفِي الظّهْر؟ قَالَ: نعم. قلت: أَفِي تَعْجِيلهَا؟ قَالَ: نعم. وَفِي رِوَايَة لَهُ: (شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (الصَّلَاة فِي) الرمضاء فَلم يشكنا» وَرَوَاهُ (ابْن) الْمُنْذر، عَن عبد الله بن أَحْمد، نَا خَلاد بن يَحْيَى، نَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، نَا سعيد بن وهب، نَا خباب قَالَ:«شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (حر) الرمضاء فَمَا أشكانا، وَقَالَ: إِذا زَالَت الشَّمْس فصلوا» .
وَرَوَى هَذِه الزِّيَادَة أَيْضا الْبَيْهَقِيّ وصححها ابْن الْقطَّان، فَقَالَ فِي «الْوَهم وَالْإِيهَام» : يُونُس بن أبي إِسْحَاق قد شَارك أَبَاهُ فِي أَشْيَاخ، مِنْهُم: نَاجِية بن كَعْب وَغَيره فَلَا بعد فِي قَوْله: نَا سعيد بن وهب. وَهُوَ فِي «كتاب مُسلم» بِدُونِ هَذِه الزِّيَادَة من رِوَايَة أبي إِسْحَاق، عَن سعيد لَكِن من غير رِوَايَة يُونُس، فَلَعَلَّ يُونُس حفظ عَن سعيد الزِّيَادَة الْمَذْكُورَة
مَا لم يحفظ أَبوهُ أَبُو إِسْحَاق. وَيُونُس ثِقَة حَافظ، وخلاد بن يَحْيَى ثِقَة أحد أَشْيَاخ البُخَارِيّ.
قلت: وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث أَيْضا من رِوَايَة أبي إِسْحَاق، عَن حَارِثَة بن (مضرب عَنهُ، رَوَاهُ وَكِيع، عَن الْأَعْمَش قَالَ عبد الرَّحْمَن: سَأَلت أَبَا زرْعَة عَنهُ فَقَالَ: أَخطَأ فِيهِ) وَكِيع بن الْجراح، إِنَّمَا هُوَ عَلَى مَا رَوَاهُ (شُعْبَة وسُفْيَان وَزُهَيْر وَإِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق، عَن) سعيد بن وهب، عَن خباب يرفعهُ، وَقَالَ أَيْضا: سَأَلت أبي وَأَبا زرْعَة عَن حَدِيث رَوَاهُ ابْن (عُيَيْنَة) ، عَن الْأَعْمَش، عَن عمَارَة، (عَن) أبي معمر، عَن خباب قَالَ:«شَكَوْنَا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم (حر الرمضاء) فَلم يشكنا» . قَالَ أبي: هَذَا خطأ، أَخطَأ فِيهِ ابْن عُيَيْنَة، لَيْسَ لهَذَا أصل، مَا نَدْرِي كَيفَ أَخطَأ وَمَا أَرَادَ. وَقَالَ أَبُو زرْعَة: إِنَّمَا أَرَادَ ابْن عُيَيْنَة حَدِيث الْأَعْمَش، عَن عمَارَة، عَن أبي معمر، عَن خباب أَنه قيل [لَهُ] «كَيفَ تعرفُون قِرَاءَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: باضطراب لحيته» . قلت لأبي زرْعَة: عَنهُ الحديثان جَمِيعًا؟ فَقَالَ: أَحدهمَا وَالْآخر خطأ. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الصَّحِيح حَدِيث الْأَعْمَش، عَن أبي إِسْحَاق، عَن حَارِثَة، عَن خباب قَالَ: «شَكَوْنَا
…
» وَابْن عُيَيْنَة وهم فِيهِ (وَفِي)«علل التِّرْمِذِيّ» من حَدِيث
زيد بن جُبَير، عَن خشف بن مَالك، (عَن أَبِيه) عَن عبد الله قَالَ:«شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فَلم يشكنا» ثمَّ قَالَ: سَأَلت مُحَمَّدًا عَنهُ، فَقَالَ: الصَّحِيح عَن عبد الله مَوْقُوف.
تَنْبِيهَات:
أَحدهَا: وَقع فِي «أَحْكَام الْمُحب الطَّبَرِيّ» أَن البُخَارِيّ أخرج حَدِيث خباب هَذَا، وَهُوَ وهم، وَقد شهد عبد الْحق فِي «أَحْكَامه» بِأَن البُخَارِيّ لم يُخرجهُ.
ثَانِيهَا: اسْتدلَّ الرَّافِعِيّ بِهَذَا الحَدِيث عَلَى وجوب كشف الْجَبْهَة فِي السُّجُود تبعا للأصحاب. وَاعْترض بَعضهم عَلَى الِاسْتِدْلَال بِهِ وَقَالَ: (إِنَّه) إِنَّمَا ورد فِي الْإِبْرَاد. وَهَذَا الِاعْتِرَاض ضَعِيف كَمَا نبه عَلَيْهِ النَّوَوِيّ فِي «شرح الْمُهَذّب» ؛ لأَنهم شكوا حر الرمضاء فِي جباههم وأكفهم، وَلَو كَانَ الْكَشْف غير وَاجِب (لقيل) لَهُم استروها، فَلَمَّا لم يقل ذَلِك دلّ عَلَى أَنه لَا بُد من كشفها.
ثَالِثهَا: اخْتلف فِي مَعْنَى (هَذَا) الحَدِيث فَقيل: لم يعذرنا، وَقيل: لم يحوجنا إِلَى الشكوى فِي الْمُسْتَقْبل. وَرِوَايَة ابْن الْمُنْذر السالفة مبينَة للْأولِ. قلت: لَكِن نسخ ذَلِك وَثبتت السّنة (بعده بِالْأَمر بالإبراد كَمَا سلف) فِي كتاب الصَّلَاة فِي عدَّة أَحَادِيث.
رَابِعهَا: خباب بخاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة مُشَدّدَة ثمَّ ألف ثمَّ بَاء مُوَحدَة. والأرت: بِالْمُثَنَّاةِ فَوق كَلَفْظِ الْأَرَت فِي اللِّسَان. والرمضاء: شدَّة حر الأَرْض من وَقع الشَّمْس عَلَى الرمل (وَغَيره) ، ويشكنا - بِضَم أَوله.
خَامِسهَا: هَذَا الحَدِيث رُوِيَ من حَدِيث جَابر أَيْضا، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي «أَصْغَر معاجمه» من حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر قَالَ:«شَكَوْنَا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فَلم يشكنا، وَقَالَ: أَكْثرُوا من قَول لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهَا تدفع (تِسْعَة وَتِسْعين) بَابا من الضّر (أدناها الْهم والفقر) . ثمَّ قَالَ: لم يروه عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر إِلَّا بلهط بن عباد الْمَكِّيّ، وَهُوَ عِنْدِي ثِقَة، تفرد بِهِ ابْن أبي عمر الْعَدنِي، عَن عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، وَلَا يرْوَى عَن جَابر إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلَا يحفظ بلهط حَدِيثا غير هَذَا. وَذكره الْعقيلِيّ فِي «ضُعَفَائِهِ» وَقَالَ: بلهط بن عباد، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر مَجْهُول فِي الرِّوَايَة وَالنّسب، حَدِيثه غير مَحْفُوظ، وَلَا يُتَابع عَلَيْهِ، وَهَذَا اللَّفْظ لَا يَصح، وَالْمَحْفُوظ إِلَى قَوْله:«فَلم يشكنا» . وَتَبعهُ الذَّهَبِيّ فَقَالَ فِي «الْمِيزَان» : بلهط لَا يعرف، وَالْخَبَر مُنكر.