الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِغَيْرِهِ من الْوُجُوه الَّتِي ذَكرنَاهَا، وأجمل القَوْل عبد الْحق فِي تَضْعِيف الحَدِيث، فَقَالَ: هَذَا حَدِيث مُنْقَطع الْإِسْنَاد. وَقَالَ ابْن الصّلاح: هَذَا حَدِيث ضَعِيف عِنْد أهل الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ، ضعفه الشَّافِعِي وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو زرْعَة وَالتِّرْمِذِيّ، وَغَيرهم.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ: واعتماد الشَّافِعِي فِي هَذَا الحكم عَلَى مَا رَوَاهُ فِي الْقَدِيم عَن ابْن عمر رضي الله عنه «أَنه كَانَ يمسح أَعلَى الْخُف وأسفله» .
قلت: وَرَوَاهُ الْمُزنِيّ فِي مُخْتَصره أَيْضا وَهُوَ من (الْجَدِيد) .
الحَدِيث الْخَامِس
قَالَ الرَّافِعِيّ: اسْتِيعَاب الْكل لَيْسَ بِسنة «مسح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عَلَى خفيه خُطُوطًا من المَاء» .
هَذَا الحَدِيث تبع فِي إِيرَاده الْغَزالِيّ فِي «وسيطه» ، فَإِنَّهُ قَالَ: قصد الِاسْتِيعَاب لَيْسَ بِسنة؛ إِذْ لم ينْقل عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ إِلَّا «أَنه مسح عَلَى الْخُف خُطُوطًا» (وَتبع فِي ذَلِك إِمَامه، فَإِنَّهُ قَالَ فِي «نهايته» : فِي الحَدِيث الصَّحِيح «أَنه عليه السلام مسح عَلَى خفيه خُطُوطًا» ) ، والخطوط إِنَّمَا تكون بالأصابع. وَتبع فِي ذَلِك القَاضِي (حُسَيْنًا)، فَإِنَّهُ قَالَ: رَوَى حَدِيث عَلّي أَي الَّذِي فِي أبي دَاوُد «كنت أرَى أَن بَاطِن الْقَدَمَيْنِ أَحَق بِالْمَسْحِ من ظاهرهما
…
» الحَدِيث، فَحَكَى عَنهُ أَنه قَالَ: وَلَكِنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ يمسح عَلَى (ظهر) الْخُف خُطُوطًا بالأصابع» .
وَاعْترض ابْن الصّلاح (عَلَى الإِمَام) فَقَالَ فِي كَلَامه عَلَى «الْوَسِيط» : لَيْسَ مَا (ذكره) من الْمسْح خُطُوطًا ثَابتا (فِي الرِّوَايَة) - فِيمَا علمناه - وَلَا وجدنَا لَهُ أصلا فِي كتب الحَدِيث. قَالَ: وَقَول إِمَام الْحَرَمَيْنِ: إِنَّه حَدِيث صَحِيح (غير صَحِيح) . وَتَبعهُ عَلَى ذَلِك النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي «شرح الْمُهَذّب» : هَذَا الحَدِيث ضَعِيف، رُوِيَ عَن عَلّي مَرْفُوعا، وَعَن الْحسن أَنه قَالَ:«من السّنة أَن يمسح عَلَى الْخُفَّيْنِ خُطُوطًا بالأصابع» قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِحجَّة؛ لِأَن قَول التَّابِعِيّ: من السّنة (كَذَا) لَا يكون مَرْفُوعا بل (هُوَ) مَوْقُوف عَلَى الصَّحِيح، وَقيل إِنَّه مَرْفُوع مُرْسل. وَقَالَ فِي «تنقيحه» : هَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكره الْغَزالِيّ مَرْوِيّ من حَدِيث عَلّي، وَهُوَ حَدِيث مُنكر لَا يعرف. وَأما قَول إِمَام الْحَرَمَيْنِ: إِنَّه حَدِيث صَحِيح. فغلط فَاحش.
(قلت) : انْتَهَى مَا (ذكره) . وَقد ظَفرت بِالْحَدِيثِ من ثَلَاث طرق - بِفضل الله ومنته - الأولَى: من حَدِيث جَابر بن عبد الله (أَنه) قَالَ: «مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ بِرَجُل يتَوَضَّأ فَغسل خفيه فنخسه (بِرجلِهِ) وَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا السّنة، أمرنَا بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ هَكَذَا. وأمَرَّ بيدَيْهِ عَلَى خفيه» وَفِي لفظ: «مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ بِرَجُل يتَوَضَّأ وَهُوَ يغسل خفيه
فنخسه بِيَدِهِ، وَقَالَ: إِنَّمَا أمرنَا بِهَذَا. ثمَّ أرَاهُ بِيَدِهِ من مقدم الْخُفَّيْنِ إِلَى أصل السَّاق مرّة وَفرج بَين أَصَابِعه» .
رَوَاهُمَا الطَّبَرَانِيّ فِي «أَوسط معاجمه» من حَدِيث بَقِيَّة، عَن جرير بن يزِيد، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، ثمَّ قَالَ: لَا يرْوَى هَذَا الحَدِيث عَن جَابر إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد.
(قلت: وَجَرِير) هَذَا لَيْسَ بالمشهور، لم يرو عَنهُ غير بَقِيَّة - فِيمَا أعلم.
وَقَالَ الذَّهَبِيّ فِي «مِيزَانه» : لَا يعْتَمد عَلَيْهِ لجهالته.
وَرَوَاهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي «تَحْقِيقه» (وَعَزاهُ) إِلَى ابْن مَاجَه، وَلم أره فِي «سنَنه» عَن مُحَمَّد بن (المصفي) ، ثَنَا بَقِيَّة، عَن جرير بن يزِيد، قَالَ: حَدَّثَني مُنْذر، قَالَ: حَدَّثَني مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر قَالَ:«مرّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ بِرَجُل يتَوَضَّأ وَيغسل خفيه فَقَالَ بِيَدِهِ - كَأَنَّهُ دَفعه -: إِنَّمَا أمرت بِالْمَسْحِ هَكَذَا (بأطراف) الْأَصَابِع إِلَى أصل السَّاق. وخطط بالأصابع» ، وَلم يعقبه بتصحيح وَلَا تَضْعِيف، وَقَالَ فِي «إِعْلَامه» : إِنَّه حَدِيث الْعَمَل عَلَيْهِ.
قلت: وَمُنْذِر هَذَا كَأَنَّهُ ابْن زِيَاد الطَّائِي، وَقد كذبه الفلاس، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مَتْرُوك.
الطَّرِيقَة الثَّانِيَة: من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: «رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ: بَال، ثمَّ جَاءَ حتَّى تَوَضَّأ وَمسح عَلَى خفيه، وَوضع يَده الْيُمْنَى عَلَى خفه الْأَيْمن وَيَده اليُسرى عَلَى خفه الْأَيْسَر، ثمَّ مسح أعلاهما مسحة وَاحِدَة حتَّى (كَأَنِّي) أنظر إِلَى أَصَابِع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ عَلَى الْخُفَّيْنِ» .
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدَّين فِي «إِمَامه» : رَوَاهُ (أَبُو أُسَامَة) ، عَن الْأَشْعَث، عَن الْحسن، عَن الْمُغيرَة (بِهِ) . قَالَ: وَبَلغنِي (عَن) أبي عَامر الخزاز، عَن الْحسن، عَن الْمُغيرَة:«أَنه عليه السلام مسح مَوضِع يَده الْيُمْنَى عَلَى خفه الْأَيْمن وَيَده الْيُسْرَى عَلَى خفه الْأَيْسَر، ثمَّ مسح أعلاهما مسحة وَاحِدَة» .
الطَّرِيقَة الثَّالِثَة: من حَدِيث ابْن عمر، سُئِلَ الدَّارَقُطْنِيّ عَن حَدِيث رَوَاهُ زيد بن أسلم، عَن ابْن عمر «أَنه عليه السلام تَوَضَّأ مرّة وَغسل هَكَذَا - قَالَ عبد الله: كَأَنَّهُ يَعْنِي الْمسْح - (يَأْخُذ) مَاء من قبل (عَقِبَيْهِ فَيردهُ) إِلَى أَطْرَاف رجلَيْهِ مَعَ ظهر قَدَمَيْهِ» فَقَالَ فِي «علله» : اخْتلف فِيهِ عَلَى زيد بن أسلم فَرَوَاهُ مرّة عَن ابْن عمر، وَمرَّة عَن أَبِيه، عَن عمر مَرْفُوعا، وَالصَّوَاب: عَن زيد بن أسلم، عَن عَطاء بن يسَار، عَن ابْن عَبَّاس.